كل يوم تنطلق أفواج من المتطوعين في المسجد النبوي وساحاته لخدمه المصلين بلا كلل وملل، يحومون بين المعتمرين كالفراشات الرقيقة ليقدموا لهم كل ما استطاعوا هدفا في راحتهم، ليؤدوا عباداتهم بسلام مطمئنين، حيث يوزع المتطوعون وجبات الإفطار ويرشدون التائهين، لينثروا الابتسامات على وجوه المتعبدين.
هؤلاء المتطوعون جاءوا من كل مكان لخدمة زوار ثاني أقدس البقاع لدى المسلمين، بلا أي مقابل ولا منة، جل ما يرغبون به هو راحة ضيوف الرحمن، ودعواتهم وأجر مساعدتهم في الشهر المبارك، حيث يقضي المئات منهم وقتهم كله في خدمتهم، حتى أصبحت ستراتهم معروفة بين زوار المسجد عند حاجتهم لأي خدمة.
«هذا العطاء ينبع من حبنا لخدمة ضيوف الرحمن، وواجبنا في المحافظة على راحة المصلين أثناء تجولهم بالمسجد النبوي»، هذا ما علقت به أمجاد النزهة مديرة قسم التطوع في جمعية «فزعة الخيرية» أثناء حديثها لـ«الشرق الأوسط» عن جهود المتطوعين الذين يعملون معها والبالغ عددهم قرابة 500 متطوع ومتطوعة من الأعمار كافة.
وتقول النزهة إن الخدمات التي نقدمها للزوار تشمل مساعدة الجهات الأمنية والخدمية في المسجد النبوي على تنظيم الحشود وتوجيههم للأماكن الأقل ازدحاما في المسجد، بالإضافة إلى توزيع وجبات الإفطار ومساعدة ذوي الإعاقة في تنقلاتهم ودفع عرباتهم إلى أي مكان يرغبون به ومرافقتهم.
يساهم المتطوعون في تنظيم سفر الإفطار في شهر رمضان (جمعية فزعة)
كما يضم الفريق التطوعي التابع لجمعية فزعة عددا من المتطوعات لخدمة المصليات وإدارة الحشود هناك، حيث تذكر النزهة أنه تم تأهيل أكثر من 120 سيدة في مهارات تنظيم الوفود وتوزيعها، ليساهمن في المحافظة على سلامة المصليات وتوجيههن إلى أماكن صلاتهن ومساعدتهن في كل ما يحتاجن إليه من خدمات.
«الدعوات التي أسمعها كل يوم من المصليات تعطيني دافعا أكبر للعطاء والاستمرار فيما أفعله». هكذا عبرت إحدى المتطوعات التي تطوعت منذ بداية شهر رمضان لتقضي وقتها بساحات المسجد لخدمة زواره كل يوم وتساعد على إتمامهم لعباداتهم بيسر وطمأنينة، حيث تكمل قائلة إن أسعد لحظات حياتها هو عندما تشاهد ابتسامة من تساعده وتسمع دعاءه حيث تجد لذة في الخدمة، وتفخر كونها تشارك في هذا العمل مع زملائها المتطوعين.
وتعمل جمعية «فزعة» وغيرها من الجمعيات الخيرية على نشر المتطوعين في المسجد النبوي تحت إشراف الوكالة العامة لشؤون المسجد النبوي، والتي تحرص على تأهيل جميع المتطوعين في مهارات تنظيم الحشود والسبل الأمثل لمساعدة الزوار وكيفية توجيههم، كما تقدم عددا من الدورات التأهيلية للمتطوعين ليقدموا أفضل الخدمات لضيوف الرحمن.
ويعد المتطوعون جزءاً من شبكة عملاقة تضم آلاف العاملين لخدمة المسجد النبوي الذي يزوره قرابة نصف مليون مصلٍ يوميا، حيث تحرص الجهات المختصة على تنظيم الحشود وتأمين ممرات خروجهم ودخولهم وتفويجهم حفاظا على سلامتهم، إضافة إلى الخدمات الإسعافية في كل أركان المسجد، وخدمات توزيع المياه على مدار الساعة، ومئات الإدارات والفرق التي تعمل سوية لخدمة المعتمرين والزوار.
يخضع المتطوعون لدورات تأهيلية قبل البدء في عملهم (جمعية فزعة)