بعد يوم من ظهوره المفاجئ في باخموت، توجه الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، أمس، إلى منطقة خيرسون المحتلة جزئياً من روسيا في جنوب أوكرانيا، وزار خصوصاً بلدة بوساد - بوكروفسكي التي تعرضت لدمار كبير، واحتلتها موسكو حتى انسحاب الجيش الروسي في خريف 2022، ونشر مكتبه لقطات من الزيارة التي تعهد خلالها «باستعادة كل شيء»، من القوات الروسية. ودفع هجوم مضاد أوكراني، أواخر العام الماضي، القوات الروسية للانسحاب من خيرسون، بعد أشهر من الاحتلال.
وتزامناً مع الزيارة، أعلنت أوكرانيا، أمس (الخميس)، أنها تعتزم «الإفادة قريبا جداً» من الإرهاق الروسي في باخموت، حيث تتركز المعارك في شرق البلاد، مع تكبد القوات الروسية و«مجموعة فاغنر» التي تشكل رأس حربة في المواجهات، خسائر كبيرة. واتفقت هيئة الأركان العسكرية الأوكرانية على أن الإمكانات الهجومية الروسية في باخموت آخذة في التراجع، إلا أن تقييم وزارة الدفاع البريطانية يقول إنه لا يزال هناك خطر من احتمال محاصرة القوات الأوكرانية في باخموت، لكن المقاومة الصلبة التي يقوم بها مدافعون أوكرانيون في باخموت التي تشهد أكثر معارك المشاة دموية في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية، دفعت المخابرات العسكرية البريطانية إلى الاعتقاد بأن هجوم روسيا على المدينة ربما يفقد زخمه، وقد يتوقف، بسبب المقاومة الشرسة التي يواجهها.
وقالت الوزارة في تحديثها الاستخباراتي اليومي عبر «تويتر»: «استعادت روسيا جزئياً السيطرة على المداخل الفورية لبلدة كريمنيا التي كانت تتعرض لتهديد أوكراني فوري أوائل العام». وتابعت الوزارة: «حققت روسيا مكاسب في بعض الأماكن لما يصل إلى العديد من الكيلومترات». وأضافت أن القوات الروسية من المرجح أن تقيم حالياً «منطقة أمنية» إلى الغرب من مواقعها الدفاعية المجهزة. وبالقيام بذلك، من المحتمل أن يشملوا نهر أوسكيل بوصفه عائقاً طبيعياً، وأيضاً محاولة استعادة كوبيانسك، وهي مركز لوجيسيتي. غير أن روسيا من حيث المبدأ تواصل نهجاً دفاعياً في شرق أوكرانيا.
ويطوق الجيش الروسي ومقاتلو «مجموعة فاغنر» باخموت من الشمال والشرق والجنوب، الأمر الذي يجعل وصول الإمدادات إلى الأوكرانيين أكثر صعوبة. ورغم أن هذه المدينة التي دُمر جزء كبير منها بالقصف تحولت إلى رمز للمقاومة الأوكرانية للغزو، فإن المحللين يشككون في أهميتها الاستراتيجية. وتقول كييف إن المعركة من أجل هذه المدينة الصناعية التي كان يبلغ عدد سكانها قبل الحرب 70 ألف نسمة، أساسية من أجل صد القوات الروسية على طول الجبهة الشرقية. وأصبحت باخموت هدفاً رئيسياً لموسكو التي تعتبر المدينة نقطة انطلاق نحو استكمال غزوها لمنطقة دونباس شرق أوكرانيا. وفي إظهار للتحدي، نشر مكتب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي مقطع فيديو له وهو يوزع ميداليات على القوات التي قال إنها بالقرب من خط المواجهة في باخموت. وكتب قائد القوات البرية الأوكرانية، أولكسندر سيرسكي، على «تلغرام»: «لا ييأس المعتدي من السيطرة على باخموت بأي ثمن، رغم الخسائر في العناصر والمعدات». وأكد أن القوات الروسية المستنفرة في شكل كبير في باخموت وحولها «تخسر قوة كبيرة، وباتت مستنفدة». وأضاف سيرسكي: «قريباً جداً، سنستفيد من هذه الفرصة كما فعلنا سابقاً قرب كييف وخاركيف وبالاكليا وكوبيانسك»، في إشارة إلى انتصارات عسكرية أوكرانية سابقة. وتأتي هذه التصريحات غداة زيارة ثانية خلال 3 أشهر قام بها الرئيس زيلينسكي لهذه المنطقة التي تشهد معارك شرسة، تعبيراً عن دعمه الكبير للعسكريين الأوكرانيين. وأشاد مجدداً بـ«الشجاعة الخارقة» للجنود الأوكرانيين في مواجهة القوات الروسية.
وقالت هيئة الأركان العامة للجيش الأوكراني في تقرير نشرته صباح أمس (الخميس): «يواصل العدو شن عمليات هجومية، ويعاني من خسائر فادحة، ويفقد كمية كبيرة من الأسلحة والمعدات العسكرية». وأضافت: «المدافعون الأوكرانيون يصدون العديد من هجمات العدو على مدار الساعة في المناطق المجاورة لباخموت وبوهدانيفكا وبريدتشين»، موضحة أن العديد من التجمعات السكنية بالقرب من خط التماس تعرضت للقصف. وذكر الجيش الأوكراني أن 660 جندياً روسياً و13 دبابة ونظام دفاع جوي واحداً و11 ناقلة جند مدرعة دُمرت في اليوم السابق، لكن من الصعب التأكد من صحة التقارير، كما جاء في تقرير «رويترز». وخلال ليل الأربعاء، دوت صفارات الإنذار في أنحاء متفرقة من العاصمة ومناطق من شمال أوكرانيا. وقال الجيش الأوكراني إنه أسقط 16 من أصل 21 طائرة انتحارية إيرانية الصنع من طراز «شاهد».
وقال الأمين العام لـ«حلف شمال الأطلسي» (الناتو) ينس ستولتنبرغ، في حوار مع صحيفة «غارديان» البريطانية نُشر أمس (الخميس) إنه سيتعين على الدول الغربية دعم أوكرانيا لفترة طويلة، في ظل الاجتياح الروسي الشامل للبلاد. وأضاف أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين «لا يخطط للتوصل للسلام، إنما يخطط لمزيد من الحرب». وأوضح أن روسيا تعزز من الإنتاج الصناعي العسكري، كما تتواصل مع الأنظمة السلطوية في محاولة للحصول على مزيد من الأسلحة. ونتيجة لذلك، يتعين على الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا والدول الغربية الأخرى الاستعداد لدعم أوكرانيا بالأسلحة والذخيرة وقطع الغيار لفترة طويلة.
وقال نائب مجلس الأمن القومي الروسي، ديمتري ميدفيديف، إن بلاده تخطط لإنتاج 1500 دبابة العام الحالي من أجل الحرب ضد أوكرانيا. وأضاف ميدفيديف، وهو رئيس سابق للبلاد، في مقابلة نشرت أمس (الخميس)، على قناته، عبر تطبيق «تلغرام»: «المجمع العسكري الصناعي يعمل بلا هوادة». وتابع أن الغرب يحاول قطع روسيا عن المكونات المهمة، ويزعمون أن قذائف المدفعية والدبابات والصواريخ بدأت تنفد من البلاد، مضيفاً: «ولكننا ننتج 1500 دبابة العام الحالي وحده».
وقال ستولتنبرغ: «الحاجة لذلك سوف تستمر، لأن هذه حرب استنزاف؛ هي تتعلق بالقدرة الصناعية على الحفاظ على الدعم». وكانت دول «الاتحاد الأوروبي» قد وافقت، مطلع هذا الأسبوع، على إمداد أوكرانيا بمليون طلقة ذخيرة مدفعية على مدار الـ12 شهراً المقبلة. وفي ظل المعدات التي تحصل عليها من الغرب، سوف يتمكن الأوكرانيون من «شن هجوم واستعادة الأراضي» رغم أن ستولتنبرغ أضاف أن «الناتو» ليس طرفاً في الصراع.
وتعهد المستشار الألماني أولاف شولتز، في مستهل القمة الأوروبية، أمس (الخميس)، بتكاتف «الاتحاد الأوروبي» في دعم أوكرانيا بمواجهة روسيا. وقال شولتز اليوم في بروكسل: «هذا هو ما لم يضعه (الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين مطلقاً في اعتباره؛ أن الدعم لأوكرانيا سيسير بشكل موحد ولفترة طويلة على هذا النحو». وأضاف المستشار الألماني: «ونحن مستعدون أيضاً لدعم أوكرانيا ما دام كان ذلك ضرورياً».
ويعتزم قادة دول وحكومات الاتحاد الأوروبي التشاور خلال القمة بشأن الطريقة التي يمكن من خلالها مواصلة توسيع نطاق الدعم العسكري والاقتصادي لأوكرانيا. ومن المقرر أن يوجه الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي كلمة إلى القمة عبر تقنية «الفيديو كونفرانس».
وفي سياق متصل، حذر المدير العام لـ«الوكالة الدولية للطاقة الذرية»، رافاييل غروسي، من أن الوضع في محطة زابوريجيا للطاقة النووية في جنوب شرقي أوكرانيا لا يزال «محفوفاً بالمخاطر»، بسبب استمرار انقطاع خط كهربائي من جراء ضربة صاروخية روسية. وقال غروسي في بيان إن «آخر خط كهربائي» مخصص للاستخدام في الحالات الطارئة لا يزال «مقطوعاً وقيد الإصلاح»، منذ الأول من مارس (آذار).
ويضمن هذا الخط للمحطة استمرار ربطها بالشبكة الكهربائية إذا ما انقطع خط الكهرباء الأساسي الذي يزودها بالكهرباء. ووافقه في رأيه وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل الذي قال إن «هذا خرق خطير للأمن النووي تسببه روسيا... زابوريجيا أكبر محطة للطاقة النووية في أوروبا. وروسيا تهدد أمن القارة الأوروبية بأكملها، بما في ذلك روسيا». وإذا انقطعت إمدادات الكهرباء عن أنظمة التبريد في المحطة، فيمكن أن يتسبب ارتفاع درجة حرارة وقود المفاعلات في وقوع حادث نووي شبيه بما حدث في فوكوشيما باليابان في 2011.
رئيس أوكرانيا يزور خيرسون بعد يوم من ظهوره المفاجئ في باخموت
تعهد «استعادة كل شيء» و«الإفادة» من الإرهاق الروسي
رئيس أوكرانيا يزور خيرسون بعد يوم من ظهوره المفاجئ في باخموت
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة