أُثيرت تساؤلات أخيراً حول تصعيد رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح، ضد المبعوث الأممي إلى ليبيا عبد الله باتيلي، عقب هجوم شنه صالح على باتيلي، متهماً إياه «بتجاوز صلاحياته». جاء ذلك رغم ثناء «مجلس الأمن» على المبادرة الأممية بشأن الانتخابات الليبية.
انتقادات صالح، جاءت رداً على ما ذكره باتيلي خلال مؤتمر صحافي بالعاصمة طرابلس بشأن «انتهاء صلاحيات مجلس النواب لانتهاء مدة انتخابه». وأبدى بعض السياسيين تخوفهم من أن «يكون ذلك مقدمة لصدام يتصاعد بمرور الوقت بين البرلمان والمبعوث الأممي، بدلاً من تعاونهما ووصولهما معاً لأرضية مشتركة تسمح باستثمار الزخم الدولي الراهن حول العملية الانتخابية».
عضو مجلس النواب الليبي، حسن الزرقاء، استبعد أن «يتم طي صفحة الخلاف الراهن بين البرلمان والمبعوث الأممي سريعاً، رغم إعلان مجلس الأمن الدولي، عبر بيانه الأخير، دعمه الكامل لمبادرة باتيلي بتشكيل فريق رفيع المستوى لتسيير إجراء الانتخابات قبل نهاية العام الجاري»، رافضاً «تصريحات المبعوث الأممي، التي تضمنت انتقادات للبرلمان والتشكيك في شرعيته»، على حد قوله.
ويفرق الزرقاء بين ما شهدته «علاقة البرلمان ببعض المبعوثين السابقين من خلافات وأجواء توتر، والصدام الراهن»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط»، أن «هذه الخلافات لم تمتد يوماً للتشكيك في شرعية المجلس، وإنما انحصر أغلبها في نقاط وقضايا محدودة».
ووفقاً لرؤيته فإن «إعلان باتيلي خلال المؤتمر الصحافي ترحيبه بتوافق (النواب) و(الأعلى للدولة) على التعديل الـ13 للإعلان الدستوري، وتطلعه لقيام اللجنة المشتركة من أعضائهما (6+6) بالتوافق ووضع القوانين الانتخابية خلال مدة زمنية تقارب الثلاثة أشهر، لا يمكن ترجمتها بالتراجع عن الرغبة الرئيسية للمبعوث بتجاوز المجلسين»، مسلطاً الضوء على ما أشار إليه بيان مجلس الأمن الدولي من «أنه سيسمح للفريق الليبي الرفيع المستوى، الذي سيضم شخصيات وممثلي مؤسسات سياسية وزعماء قبائل ومنظمات مدنية والجهات الفاعلة الأمنية، بالمشاركة في إنهاء صياغة الإطار الدستوري والقوانين الانتخابية لضمان قبولها».
أما عضو مجلس النواب الليبي، جلال الشهويدي، فقد انضم للطرح السابق في تحميل البعثة المسؤولية عن «تأجج الخلاف مع البرلمان»، مؤكداً لـ«الشرق الأوسط» أن «موقف أغلبية النواب الرافض لمبادرة باتيلي لا يتأسس فقط على تجاوزها دورهم باعتبارهم أعضاء ممثلين للسلطة التشريعية، وإنما لغموضها واستهدافها إطلاق نسخة مكررة من ملتقى الحوار السياسي الذي عقد نهاية عام 2020 وبداية 2021، الذي اكتفى بانتخاب سلطة تنفيذية، وفشل في إقرار القوانين الانتخابية؛ مما عمق الأزمة السياسية»، مشيراً إلى «تشكك قطاع كبير من السياسيين والنشطاء الممثلين للقوى المتطلعة للتغيير بالبلاد في مصداقية البعثة».
من جهته قال رئيس حزب «تكنوقراط ليبيا»، أشرف بلها، إن «علاقة البرلمان والبعثة سوف تشهد مزيداً من التأزم خلال الفترة المقبلة»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط»: «إن مجلسي النواب و(الأعلى للدولة) يرفضان بشدة أن تقوم البعثة بانتزاع إدارة ملف وضع الإطار القانوني للانتخابات من قبضتيهما».
وحول تشكك البعض في استمرارية اصطفاف (الأعلى للدولة) إلى جانب البرلمان في الخلاف مع البعثة، قال بلها: «بالطبع تحالف المجلسين ليس طويل الأمد، لكن من الصعب تصور انفصالهما خلال الفترة الراهنة، خصوصاً أن رئيس المجلس الأعلى للدولة، خالد المشري، ومجموعة من الأعضاء المقربين منه سايروا البرلمان في الموافقة على التعديل الـ13 للإعلان الدستوري، رغم اعتراض كتلة من أعضاء المجلس عليه».
وعن هدف هذه المسايرة، أكد بلها أن «الهدف هو انفراد المجلسين بوضع الإطار القانوني للانتخابات، ومن ثم تدشين موضع قدم لهما بالمشهد السياسي المستقبلي»، مرجحاً أن يظل «الموقف النهائي لـ(الأعلى للدولة) مرهوناً بتطورات الأحداث ومدى توافق اللجنة المشتركة (6+6) حول القوانين الانتخابية، خصوصاً معضلة ترشح العسكريين ومزدوجي الجنسية للسباق الرئاسي من عدمه، إلى جانب إمكانية طرح أطراف أخرى استقطاب المشري ومجموعته بتضمين مطالبهم».
بينما استبعد عضو المجلس الأعلى للدولة، محمد معزب، أن «يدخل صالح في مواجهة مع باتيلي، بل سوف يكتفي بما أطلقه من تصريحات، ومن المحتمل أيضاً أن يجتمع الاثنان في أقرب فرصة». ويرى معزب أن ما أثار غضب صالح من تصريحات المبعوث الأممي هو «اتهامه لـ(النواب) و(الأعلى للدولة) بعرقلة الانتخابات»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «صالح يحرص بدرجة كبيرة على الظهور أمام الرأي العام بأنه يقوم بكل ما يمكن عمله، من أجل التمهيد لإجراء الانتخابات، من إعداد قوانين وإقرار تعديل دستوري»، مضيفاً أن «هذه القوانين والتشريعات لا يمكن أن تقود للانتخابات، كونها تسمح بترشح كل من سيف الإسلام القذافي وخليفة حفتر، وهو ما أوجد كثيراً من الاعتراضات أمام تمريرها، خصوصاً في المنطقة الغربية، وللأسف صالح يدرك ذلك جيداً»، مستبعداً أن «تتوصل اللجنة المشتركة (6+6) لأي توافق مستقبلي حولها».
هل سيتوقف صالح عن التصعيد ضد باتيلي؟
بعد أن أثنى «مجلس الأمن» على المبادرة الأممية بشأن الاستحقاقات الليبية
هل سيتوقف صالح عن التصعيد ضد باتيلي؟
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة