بهجة رمضان تظهر مبكراً في شوارع القاهرة

بائعو الفوانيس يراهنون على الأيام المقبلة لزيادة عمليات البيع

شوادر بيع الفوانيس في حي باب الشعرية (الشرق الأوسط)
شوادر بيع الفوانيس في حي باب الشعرية (الشرق الأوسط)
TT

بهجة رمضان تظهر مبكراً في شوارع القاهرة

شوادر بيع الفوانيس في حي باب الشعرية (الشرق الأوسط)
شوادر بيع الفوانيس في حي باب الشعرية (الشرق الأوسط)

«هاتوا الفوانيس يا ولاد... هاتوا الفوانيس»، أغنية المطرب المصري الراحل محمد فوزي يمكنك أن تسمع نغماتها تتردد عبر مكبرات الصوت، هي وغيرها من الأغنيات الشهيرة التي ترتبط بشهر رمضان المبارك، إذا أخذتك قدماك هذه الأيام إلى ميدان «باب الشعرية» الشعبي، الكائن في وسط العاصمة المصرية القاهرة، ففي أركانه ظهرت ملامح رمضان مبكراً، واستطلع المصريون هلاله من خلال آلاف من قطع الفوانيس، التي تلألأت أنوارها في سماء الحي، معلنة عن بدء بيعها، كأحد العلامات المميزة للشهر الكريم.
للوهلة الأولى، ومع مشهد الشوادر العديدة التي اصطفت متجاورة ومتقابلة على أرصفة الميدان، التي أقيمت خصيصاً لبيع الفوانيس، يستشعر زائر الميدان أول خيوط بهجة الشهر، لتتحرك شفتاه مردداً: «هاتوا الفوانيس يا ولاد»، إلا أنه لا يلبث وأن يكتشف غياب «الأولاد» عن المشهد هذا العام، حيث حضرت الفوانيس فيما لم يظهر مشتروها من الصغار والكبار، يرفع الباعة أصوات أغنيات رمضان للترويج لبضاعتهم، إلا أن الشوادر لا تزال تبحث عن زوارها، يحافظ الميدان على بضاعته وطقوسه خلال هذه الأيام التي تسبق حلول الشهر، إلا أنه يترقب قدوم زائريه، الذين أحجموا عن الشراء في ظل حالة الغلاء، التي تشهدها البلاد.

وتواجه مصر موجة غلاء منذ بدء الأزمة الروسية - الأوكرانية، تصاعدت وتيرتها عقب انخفاض قيمة الجنيه مقابل الدولار (سعره يساوي 30.5 جنيه)، ووسط ارتفاع معدلات التضخم في مصر، التي بلغت معدلات قياسية هي الأعلى منذ 5 سنوات.
رصدت «الشرق الأوسط» خلال جولتها بميدان باب الشعرية انتشار العديد من موديلات الفوانيس المصنوعة من خامات مختلفة، مثل الصاج والخشب وأقمشة الخيامية وكذلك الورقية، التي كثفّ الباعة من وجودها بجميع الأشكال وتنوع الأحجام لكي تلبي جميع الأذواق، وأيضاً لكي تناسب جميع الطبقات من حيث الأسعار.
يقول رجب حافظ، أحد أصحاب الشوادر بالميدان: «أعرض مختلف أنواع الفوانيس، خصوصاً الفانوس الصاج بأشكاله التراثية المعروفة وأحجامه الكبيرة والصغيرة، التي أقوم بجلبها من ورش التصنيع المتخصصة في صناعتها الفوانيس بالقرب من باب الشعرية، وأسعارها تبدأ من 150 جنيهاً وحتى 800 جنيه، وفق الحجم، وهذه الأسعار زادت عن العام الماضي بسبب زيادة سعر الخامات المستخدمة في التصنيع، كما أعرض أنواعاً عديدة من الفوانيس المستوردة من الصين، التي تتخذ أشكالاً مغايرة وغير تقليدية، وهي الأخرى ارتفعت أسعارها بنسبة 30 في المائة».
ويلفت حافظ إلى أن شوادر بيع الفوانيس حافظت على وجودها مثل الأعوام الماضية، حيث يقصدها الآلاف خلال الأيام السابقة لشهر رمضان بهدف شراء الفوانيس، إلا أن هذا العام يندر تردد المشترين، بفعل حالة الغلاء، التي طالت جميع المنتجات، مضيفاً: «نأمل أن تتغير الأحوال الأيام المقبلة مع بدء العد التنازلي لشهر رمضان، وأن يحضر الزبائن، وتحدث انتعاشه في البيع».

في أحد الشوادر الأخرى، تجد الأخوين زياد وأسامة، اللذين يعرضان فوانيس ورشة والدهما، التي تحمل اسم ورشة «المتوكل على الله»، المتخصصة في تصنيع الفوانيس، يقول أسامة: «نقوم بتصنيع الفوانيس البلدي (التقليدية) في الورشة الخاصة بنا، حيث نقدم فانوس الشمعة ذا اللون الذهبي متوسط الحجم بسعر يصل إلى 160 جنيهاً، والفانوس البرونزي بسعر يصل إلى 200 جنيه، وهي أسعار تزيد عن العام الماضي بنسبة تتراوح بين 30 إلى 40 في المائة، وذلك نتيجة ارتفاع خامات الصاج المكون الأساسي في الفوانيس، ورغم ذلك فهي أسعار تنافسية لا توجد في مكان آخر».
وبسؤالهما عن حالة الشراء هذا العام، أجاب أسامة: «الإقبال حتى الآن ليس كثيفاً، لا توجد زبائن بالشكل الكافي، مقارنة بالأعوام الماضية، وهذا بسبب غلاء المعيشة، الذي تأثرت به الأسر المصرية كافة، ورغم ذلك لدينا تفاؤل أن نرى الزبائن خلال الأيام المقبلة، لأن شراء الفوانيس عادة أصيلة لدى المصريين، فالكل يحرص على شرائها، للحفاظ على ما تربى عليه، وأتوقع أن يكون الإقبال على الأحجام الصغيرة، التي تلبي هذه العادة وبثمن مقبول لا يرهق الميزانية».

«الناس تكتفي بالسؤال عن الأسعار وترحل»... كلمات تعبر بها مها سلامة، صاحبة أحد الشوادر، عن ملامح حالة حركة بيع الفوانيس هذا العام، وتتابع: «تأثرت المبيعات بالوضع الاقتصادي، حيث تفضل الأسر شراء السلع الأساسية الضرورية عن السلع الكمالية ومنها الفانوس»، وتتابع: «لأننا توقعنا قلة الإقبال على شراء الفوانيس، توسعنا بشكل أكبر في عرض الفوانيس المصنوعة من خامات مناسبة وغير مكلفة مادياً، مثل أقمشة الخيامية، التي يكون سعرها أقل بكثير من الفوانيس الصاج والزجاج، حيث يتراوح سعرها بين 40 جنيهاً إلى 100 جنيه وفق الحجم».
توجد الخيامية بشكل أساسي مع الديكورات الرمضانية التي تتخصص السيدة رضا محمد، في صناعتها وبيعها، تقول: «أقوم بتصنيع المنتجات الديكورية مثل أفرع الزينة والهلال والنجوم ومدفع رمضان، التي يقبل عليها كثيرون، لإضفاء البهجة والتجديد على منازلهم، إلا أن هذا العام لم تجد هذه الديكورات رواجاً حتى الآن، خاصة مع ارتفاع أسعارها»، لافتة إلى أن توب (لفة) قماش الخيامية ارتفع سعره من 350 جنيهاً العام الماضي إلى 500 جنيه حالياً، كما ارتفع سعر الشمع اللاصق، وهو ما أدى بدوره لرفع أسعار منتجاتها.


مقالات ذات صلة

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

شمال افريقيا هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

حفلت الجلسة الافتتاحية لـ«الحوار الوطني»، الذي دعا إليه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قبل أكثر من عام، برسائل سياسية حملتها كلمات المتحدثين، ومشاركات أحزاب سياسية وشخصيات معارضة كانت قد توارت عن المشهد السياسي المصري طيلة السنوات الماضية. وأكد مشاركون في «الحوار الوطني» ومراقبون تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أهمية انطلاق جلسات الحوار، في ظل «قلق مجتمعي حول مستقبل الاقتصاد، وبخاصة مع ارتفاع معدلات التضخم وتسببه في أعباء معيشية متصاعدة»، مؤكدين أن توضيح الحقائق بشفافية كاملة، وتعزيز التواصل بين مؤسسات الدولة والمواطنين «يمثل ضرورة لاحتواء قلق الرأي العام، ودفعه لتقبل الإجراءات الحكومية لمعالجة الأز

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

عقد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، اجتماعاً، أمس (الخميس)، مع كبار قادة القوات المسلحة في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية الجديدة، لمتابعة دور الجيش في حماية الحدود، وبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي للبلاد. وقال المستشار أحمد فهمي، المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، في إفادة رسمية، إن «الاجتماع تطرق إلى تطورات الأوضاع على الساحتين الإقليمية والدولية، وانعكاساتها على الأمن القومي في ظل الظروف والتحديات الحالية بالمنطقة». وقُبيل الاجتماع تفقد الرئيس المصري الأكاديمية العسكرية المصرية، وعدداً من المنشآت في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية. وأوضح المتحدث ب

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

قالت مصر إن «استمرار ظاهرة (المقاتلين الأجانب) يهدد أمن واستقرار الدول». وأكدت أن «نشاط التنظيمات (الإرهابية) في أفريقيا أدى لتهديد السلم المجتمعي».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

جدد حادث تصادم في مصر الحديث بشأن مخاطر «السرعة الزائدة» التي تتسبب في وقوع حوادث سير، لا سيما على الطرق السريعة في البلاد. وأعلنت وزارة الصحة المصرية، (الخميس)، مصرع 17 شخصاً وإصابة 29 آخرين، جراء حادث سير على طريق الخارجة - أسيوط (جنوب القاهرة).

منى أبو النصر (القاهرة)
شمال افريقيا مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

بعد 3 أيام عصيبة أمضتها المسنة السودانية زينب عمر، في معبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على


جولة جديدة من «الحوار الاستراتيجي» بين مصر والصين لتعميق التعاون

بدر عبد العاطي خلال لقاء رموز الجالية المصرية في الصين (الخارجية المصرية)
بدر عبد العاطي خلال لقاء رموز الجالية المصرية في الصين (الخارجية المصرية)
TT

جولة جديدة من «الحوار الاستراتيجي» بين مصر والصين لتعميق التعاون

بدر عبد العاطي خلال لقاء رموز الجالية المصرية في الصين (الخارجية المصرية)
بدر عبد العاطي خلال لقاء رموز الجالية المصرية في الصين (الخارجية المصرية)

تشهد العاصمة بكين جولة جديدة من «الحوار الاستراتيجي» بين مصر والصين، على مستوى وزيري خارجية البلدين، وذلك لتعميق التعاون، وتبادل الرؤى بشأن المستجدات الإقليمية والدولية.

ووصل وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، إلى بكين، مساء الأربعاء، وأشارت وزارة الخارجية المصرية في إفادة لها، إلى «عقد الجولة الرابعة من آلية الحوار الاستراتيجي بين مصر والصين».

والتقى عبد العاطي، الخميس، رموز الجالية المصرية في الصين، وأبرز اعتزاز بلاده بأبناء الجاليات المصرية في الخارج؛ «نظراً لدورهم المهم في تعزيز روابط الصداقة مع مختلف الدول، بما يسهم في توطيد تلك العلاقات حكومة وشعباً، خصوصاً مع شريك اقتصادي مهم مثل الصين».

وحثّ الوزير عبد العاطي، رموز الجالية المصرية في بكين، للمشاركة في النسخة المقبلة من «مؤتمر المصريين بالخارج» في أغسطس (آب) 2025، والذي من المقرر أن يشارك فيه عدد من الوزراء، بما يجعله بمثابة «منصة للحوار المستمر بين الجاليات المصرية في الخارج والوزارات الخدمية»، وفق «الخارجية المصرية».

وتُقدر عدد الشركات الصينية العاملة في مصر بنحو 2066 شركة في قطاعات متنوعة، ويصل حجم استثماراتها إلى نحو 8 مليارات دولار، وفق تصريح لنائب رئيس الهيئة العامة للاستثمار المصرية، ياسر عباس، في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. (الدولار الأميركي يساوي 50.8 جنيه في البنوك المصرية).

الرئيس الصيني خلال استقبال نظيره المصري في بكين مايو الماضي (الرئاسة المصرية)

ووفق نائب وزير الخارجية المصري الأسبق، نائب رئيس «جمعية الصداقة المصرية - الصينية»، السفير على الحفني، فإنه «لدى مصر والصين حرص دائم على تعميق العلاقات، واستمرار التشاور فيما يتعلق بعدد من القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك».

وقال لـ«الشرق الأوسط»: «إن الزيارات المتبادلة بين مسؤولي البلدين، تعكس الإرادة المستمرة لتبادل وجهات النظر وتنسيق المواقف بين البلدين».

وأعلن الرئيسان المصري عبد الفتاح السيسي، والصيني شي جينبينغ، في بكين، مايو (أيار) الماضي، عن تدشين عام «الشراكة المصرية - الصينية» بمناسبة مرور 10 سنوات على إطلاق «الشراكة الاستراتيجية الشاملة».

وأكد الحفني أن «(الحوار الاستراتيجي المصري - الصيني) يأتي في ظل مناخ إقليمي ودولي مضطرب»، عادّاً أن «الحوار ضروري بين القاهرة وبكين، من منطلق وضع الصين قوةً دولية، وعضواً دائماً بمجلس الأمن الدولي، وبهدف تنسيق المواقف بشأن التطورات الخاصة بالقضية الفلسطينية، والمستجدات في غزة ولبنان وسوريا والسودان ومنطقة البحر الأحمر».

وتدعم الصين «حل الدولتين» بوصفه مساراً لحل القضية الفلسطينية، ودعت خلال استضافتها الدورة العاشرة للاجتماع الوزاري لـ«منتدى التعاون الصيني - العربي» في مايو الماضي، إلى «عقد مؤتمر للسلام لإنهاء الحرب في غزة».

ويرى خبير الشؤون الآسيوية في المجلس المصري للشؤون الخارجية، ضياء حلمي، أن «الملفات الإقليمية، وتطورات الأوضاع في المنطقة، تتصدر أولويات زيارة وزير الخارجية المصري لبكين»، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «إن اتساع رقعة الصراع بالشرق الأوسط، والتوترات التي تشهدها دول المنطقة، تفرض التنسيق المصري - الصيني في هذه المرحلة، وإطلاع الجانب الصيني على ما تقوم بها مصر على الصعيد السياسي، للتهدئة في المنطقة».

وأشار حلمي إلى أن هناك تقارباً في المواقف المصرية - الصينية تجاه صراعات المنطقة، وضرورة التهدئة، لافتاً إلى أن «الملفات الاقتصادية تحظى باهتمام من جانب الدولة المصرية لزيادة حجم الاستثمارات الصينية، ورفع معدلات التبادل التجاري بين الجانبين».

وبلغ حجم التبادل التجاري بين مصر والصين نحو 13.9 مليار دولار خلال 2023، مقابل 16.6 مليار دولار خلال عام 2022، وفق إفادة جهاز التعبئة والإحصاء المصري، في مايو الماضي.