بيانات التضخم الأميركي تجهض اطمئنان الأسواق

ختام متوتر في «أسبوع الترقب»

متداول يتابع حركة الأسهم في الدور الأرضي لبورصة نيويورك الأميركية (أ.ف.ب)
متداول يتابع حركة الأسهم في الدور الأرضي لبورصة نيويورك الأميركية (أ.ف.ب)
TT

بيانات التضخم الأميركي تجهض اطمئنان الأسواق

متداول يتابع حركة الأسهم في الدور الأرضي لبورصة نيويورك الأميركية (أ.ف.ب)
متداول يتابع حركة الأسهم في الدور الأرضي لبورصة نيويورك الأميركية (أ.ف.ب)

بعد أسبوع شهد ترقبا واسع النطاق لمحضر الاحتياطي الفيدرالي الأخير، كانت الأسواق العالمية تتجه للختام على مكاسب أمس مع توقعات جيدة للشركات وارتفاع كبير لأسهم الرقائق الإلكترونية في آسيا... لكن بيانات التضخم الأميركي أجهضت الصعود.
وسجل مؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي الأساسي في الولايات المتحدة، وهو الأكثر متابعة من مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي)، صعوداً على أساس شهري في يناير (كانون الثاني) بنسبة 0.6 في المائة، فيما كانت التوقعات تشير إلى ارتفاع 0.4 في المائة فقط عقب صعوده 0.3 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي. وصعد المؤشر على أساس سنوي 4.7 في المائة، من 4.4 في المائة في القراءة السابقة، وتوقعات كانت تشير إلى 4.3 في المائة فقط.
وفتحت المؤشرات الرئيسية في وول ستريت على هبوط حاد يوم الجمعة، إذ أثار ارتفاع إنفاق المستهلكين والتضخم في يناير مخاوف من أن يتمسك مجلس الاحتياطي الفيدرالي بموقفه المؤيد للتشديد النقدي لفترة أطول. وتراجع المؤشر داو جونز الصناعي 154.72 نقطة أو 0.47 في المائة إلى 32999.19 نقطة. وفتح المؤشر ستاندرد آند بورز 500 منخفضا 39.08 نقطة يما يعادل 0.97 في المائة إلى 3973.24 نقطة، ونزل المؤشر ناسداك المجمع 186.22 نقطة أو 1.61 في المائة إلى 11404.18 نقطة.
وفتحت الأسهم الأوروبية على ارتفاع يوم الجمعة، مدعومة بتقارير أرباح متفائلة من شركتي سان جوبان الفرنسية لمواد البناء وإليكتا السويدية للمعدات الطبية. وصعد المؤشر ستوكس 600 بنسبة 0.4 في المائة، بحلول الساعة 0811 بتوقيت غرينتش، متتبعا الارتفاع في الأسواق الآسيوية بعد أن أدى استبعاد بنك اليابان لنهاية مبكرة لسياسة التيسير النقدي إلى انخفاض عوائد السندات على مستوى العالم. لكن المؤشر انخفض لاحقا عقب نشر البيانات الأميركية بنسبة 0.74 في المائة في الساعة 1522 بتوقيت غرينتش. ولم تلحق الخسائر بالمؤشرات الآسيوية التي أغلقت قبل صدور البيانات الأميركية، وسجل المؤشر نيكي الياباني أكبر قفزة له في شهر يوم الجمعة متعافيا من أدنى مستوى له خلال شهر، الذي بلغه في الجلسة السابقة مع ارتفاع الأسهم المرتبطة بالرقائق ودعم محافظ بنك اليابان القادم لسياسة التيسير النقدي الحالية.
وأنهى المؤشر مرتفعا 1.29 في المائة إلى 27453.48 نقطة. وكان نيكي قد انخفض إلى أدنى مستوى منذ 23 يناير عند 27046.08 نقطة يوم الأربعاء. وكانت الأسواق اليابانية مغلقة الخميس بمناسبة عطلة وطنية.
وساهم عملاقا صناعة طوكيو إلكترون وأدفانتست بما يقرب من نصف إجمالي مكاسب المؤشر نيكي البالغة 349 نقطة. كان سهم أدفانتست هو الأفضل أداء، إذ ارتفع 8.22 في المائة، يليه سهم طوكيو إلكترون بنسبة 7.13 في المائة، بعد أن قالت نظيرتهما الأميركية نفيديا إن المبيعات ربع السنوية أفضل من المتوقع. وارتفع مؤشر توبكس الأوسع نطاقا بنسبة 0.67 في المائة إلى 1.986.43 نقطة. وبدأ كازو أويدا المرشح لمنصب محافظ بنك اليابان في الإدلاء بإفادته أمام البرلمان لعدة ساعات، قائلا إن السياسة الحالية للبنك المركزي «مناسبة» و«ضرورية».
ومن جانبها، تراجعت أسعار الذهب بشكل طفيف يوم الجمعة مع قلق المستثمرين من أن بيانات اقتصادية أميركية حديثة - جاءت أقوى من المتوقع - قد تدفع مجلس الاحتياطي الفيدرالي لمواصلة رفع أسعار الفائدة لفترة أطول.
وانخفض الذهب في المعاملات الفورية 0.1 في المائة إلى 1821.80 دولار للأوقية (الأونصة)، بحلول الساعة 0745 بتوقيت غرينتش. فيما صعدت العقود الأميركية الآجلة للذهب 0.2 في المائة إلى 1831.00 دولار. ومن المرجح أن يهبط الذهب للأسبوع الرابع على التوالي، وقد هبط بنحو واحد في المائة في هذه الفترة. وأظهرت بيانات مساء الخميس ارتفاع الناتج المحلي الإجمالي الأميركي المعدل، 2.7 في المائة على أساس سنوي في الربع السابق. بينما انخفض عدد الأميركيين الذين تقدموا بطلبات جديدة للحصول على إعانات بطالة على غير المتوقع الأسبوع الماضي.
وعلى نحو منفصل، أظهرت البيانات ارتفاع مؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي في الربع الرابع 3.7 في المائة، بعد تعديله من التقدير السابق البالغ 3.2 في المائة. وتقارير الخميس هي الأحدث في سلسلة بيانات أثارت مخاوف من الإبقاء على أسعار الفائدة في مستويات مرتفعة لفترة أطول. ولم يطرأ تغير يذكر على مؤشر الدولار، ما يجعل السبائك أكثر تكلفة بالنسبة للمشترين في الخارج.
وبالنسبة للعملات الأخرى، تراجعت الفضة في المعاملات الفورية 0.5 في المائة إلى 21.19 دولار للأوقية، كما هبط البلاتين 0.3 في المائة إلى 944.32 دولار، وانخفض البلاديوم 0.8 في المائة ليصل إلى 1438.19 دولار للأوقية.


مقالات ذات صلة

«الفيدرالي» الأميركي يرفع الفائدة للمرة العاشرة في تشدد تاريخي

الاقتصاد «الفيدرالي» الأميركي يرفع الفائدة للمرة العاشرة في تشدد تاريخي

«الفيدرالي» الأميركي يرفع الفائدة للمرة العاشرة في تشدد تاريخي

للمرة العاشرة منذ مارس (آذار) العام الماضي، اتجه البنك الاتحادي الفيدرالي الأميركي إلى رفع سعر الفائدة بمقدار 0.25 نقطة أساس، يوم الأربعاء، في محاولة جديدة لكبح جماح معدلات التضخم المرتفعة، التي يصارع الاتحادي الفيدرالي لخفضها إلى 2 في المائة دون نجاح ملحوظ. وأعلن مجلس الاحتياطي الاتحادي رفع سعر الفائدة الرئيسي 25 نقطة أساس إلى نطاق 5.00 و5.25 في المائة، لتستمر بذلك زيادات أسعار الفائدة منذ مارس 2022 وهي الأكثر تشدداً منذ 40 عاماً، في وقت يثير المحللون الاقتصاديون تساؤلات حول ما إذا كانت هذه الزيادة ستكون آخر مرة يقوم فيها الاتحادي الفيدرالي برفع الفائدة، أم أن هناك مزيداً من الخطوات خلال الفت

هبة القدسي (واشنطن)
الاقتصاد أميركا تعرقل تقدمها في الطاقة الشمسية بـ«الرسوم الصينية»

أميركا تعرقل تقدمها في الطاقة الشمسية بـ«الرسوم الصينية»

لا تتوقف تداعيات الحرب التجارية الدائرة منذ سنوات بين الولايات المتحدة والصين عند حدود الدولتين، وإنما تؤثر على الاقتصاد العالمي ككل، وكذلك على جهود حماية البيئة ومكافحة التغير المناخي. وفي هذا السياق يقول الكاتب الأميركي مارك غونغلوف في تحليل نشرته وكالة بلومبرغ للأنباء إن فرض رسوم جمركية باهظة على واردات معدات الطاقة الشمسية - في الوقت الذي يسعى فيه العالم لمواجهة ظاهرة الاحتباس الحراري ومكافحة تضخم أسعار المستهلك وتجنب الركود الاقتصادي - أشبه بمن يخوض سباق العدو في دورة الألعاب الأوليمبية، ويربط في قدميه ثقلا يزن 20 رطلا. وفي أفضل الأحوال يمكن القول إن هذه الرسوم غير مثمرة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد الدولار يتراجع  في «ساعات الترقب»

الدولار يتراجع في «ساعات الترقب»

هبط الدولار يوم الأربعاء بعد بيانات أظهرت تراجع الوظائف الجديدة في الولايات المتحدة، فيما ترقبت الأنظار على مدار اليوم قرار مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) الذي صدر في وقت لاحق أمس بشأن أسعار الفائدة. وأظهرت بيانات مساء الثلاثاء انخفاض الوظائف الجديدة في الولايات المتحدة للشهر الثالث على التوالي خلال مارس (آذار)، وسجلت معدلات الاستغناء عن الموظفين أعلى مستوياتها في أكثر من عامين، ما يعني تباطؤ سوق العمل، وهو ما قد يساعد الاحتياطي الفيدرالي في مكافحة التضخم.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد النفط يواصل التراجع... والخام الأميركي  أقل من 70 دولاراً للبرميل

النفط يواصل التراجع... والخام الأميركي أقل من 70 دولاراً للبرميل

واصلت أسعار النفط تراجعها خلال تعاملات أمس الأربعاء، بعد هبوطها بنحو 5 في المائة في الجلسة السابقة إلى أدنى مستوى في خمسة أسابيع، فيما يترقب المستثمرون المزيد من قرارات رفع أسعار الفائدة هذا الأسبوع.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد 2022 «عام الجوع»... والقادم غامض

2022 «عام الجوع»... والقادم غامض

أظهر تحليل أجرته منظمات دولية تشمل الاتحاد الأوروبي ووكالات الأمم المتحدة المختلفة أن عدد الأشخاص الذين يعانون من الجوع أو يشهدون أوضاعا تتسم بانعدام الأمن الغذائي ارتفع في مختلف أنحاء العالم في 2022. وتوصل التقرير الذي صدر يوم الأربعاء، وحصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، إلى أن أكثر من ربع مليار شخص عانوا من جوع شديد أو من مجاعات كارثية العام الماضي.

أحمد الغمراوي (القاهرة)

«الفيدرالي» على وشك خفض الفائدة مجدداً يوم الأربعاء

مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
TT

«الفيدرالي» على وشك خفض الفائدة مجدداً يوم الأربعاء

مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)

من المتوقع على نطاق واسع أن يخفض بنك الاحتياطي الفيدرالي تكاليف الاقتراض خلال اجتماعه، يوم الأربعاء المقبل، مع احتمال أن يسلط المسؤولون الضوء على كيفية تأثير البيانات الاقتصادية الأخيرة على قراراتهم بشأن أسعار الفائدة في العام المقبل.

وتضع الأسواق المالية في الحسبان احتمالات بنسبة 97 في المائة أن يخفض بنك الاحتياطي الفيدرالي سعر الفائدة على الأموال الفيدرالية بمقدار ربع نقطة مئوية، ليصبح النطاق بين 4.25 في المائة و4.5 في المائة، وفقاً لأداة «فيد ووتش».

ومع ذلك، تضاءل مبرر بنك الاحتياطي الفيدرالي لخفض الفائدة مؤخراً بعد التقارير التي تشير إلى أن التضخم لا يزال مرتفعاً بشكل مستمر مقارنةً بالهدف السنوي لـ«الفيدرالي» البالغ 2 في المائة، في حين أن سوق العمل لا تزال قوية نسبياً. وكان البنك قد خفض أسعار الفائدة في سبتمبر (أيلول) ونوفمبر (تشرين الثاني) بعد أن أبقاها عند أعلى مستوى في عقدين طوال أكثر من عام، في محاولة للحد من التضخم المرتفع بعد الوباء.

ويؤثر سعر الأموال الفيدرالية بشكل مباشر على أسعار الفائدة المرتبطة ببطاقات الائتمان، وقروض السيارات، وقروض الأعمال. ومن المتوقع أن تكون أسعار الفائدة المرتفعة في الوقت الحالي عقبة أمام النشاط الاقتصادي، من خلال تقليص الاقتراض، مما يؤدي إلى تباطؤ الاقتصاد لتخفيف الضغوط التضخمية والحفاظ على الاستقرار المالي.

لكن مهمة بنك الاحتياطي الفيدرالي لا تقتصر فقط على مكافحة التضخم، بل تشمل أيضاً الحد من البطالة الشديدة. وفي وقت سابق من هذا الخريف، أدى تباطؤ سوق العمل إلى زيادة قلق مسؤولي البنك بشأن هذا الجزء من مهمتهم المزدوجة، مما دفعهم إلى خفض أسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس في سبتمبر. ورغم ذلك، تباطأ التوظيف، فيما تجنب أصحاب العمل تسريح العمال على نطاق واسع.

توقعات الخبراء بتخفيضات أقل في 2025

تدور الأسئلة المفتوحة في اجتماع الأربعاء حول كيفية موازنة بنك الاحتياطي الفيدرالي بين أولويتيه في مكافحة التضخم والحفاظ على سوق العمل، وكذلك ما سيقوله رئيس البنك جيروم باول، عن التوقعات المستقبلية في المؤتمر الصحفي الذي سيعقب الاجتماع. وبينما تبدو التحركات المتعلقة بأسعار الفائدة في الأسبوع المقبل شبه مؤكدة، فإن التخفيضات المستقبلية لا تزال غير واضحة.

وعندما قدم صناع السياسات في بنك الاحتياطي الفيدرالي آخر توقعاتهم الاقتصادية في سبتمبر، توقعوا خفض المعدل إلى نطاق يتراوح بين 3.25 في المائة و4.5 في المائة بحلول نهاية عام 2025، أي بتقليص بنسبة نقطة مئوية كاملة عن المستوى المتوقع في نهاية هذا العام.

وتوقع خبراء الاقتصاد في «ويلز فارغو» أن التوقعات الجديدة ستُظهر ثلاثة تخفيضات ربع نقطة فقط في عام 2025 بدلاً من أربعة، في حين توقع خبراء «دويتشه بنك» أن البنك سيُبقي على أسعار الفائدة ثابتة دون خفضها لمدة عام على الأقل. فيما تتوقع شركة «موديز أناليتيكس» خفض أسعار الفائدة مرتين في العام المقبل.

التغيير الرئاسي وتأثير التعريفات الجمركية

يشكّل التغيير في الإدارة الرئاسية تحدياً كبيراً في التنبؤ بمستقبل الاقتصاد، حيث يعتمد مسار التضخم والنمو الاقتصادي بشكل كبير على السياسات الاقتصادية للرئيس المقبل دونالد ترمب، خصوصاً فيما يتعلق بالتعريفات الجمركية الثقيلة التي تعهَّد بفرضها على الشركاء التجاريين للولايات المتحدة في أول يوم من رئاسته.

وتختلف توقعات خبراء الاقتصاد بشأن شدة تأثير هذه التعريفات، سواء كانت مجرد تكتيك تفاوضي أم ستؤدي إلى تأثيرات اقتصادية كبيرة. ويعتقد عديد من الخبراء أن التضخم قد يرتفع نتيجة لنقل التجار تكلفة التعريفات إلى المستهلكين.

من جهة أخرى، قد تتسبب التعريفات الجمركية في إضعاف الشركات الأميركية والنمو الاقتصادي، مما قد يضطر بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى خفض أسعار الفائدة لدعم الشركات والحفاظ على سوق العمل. كما يواجه البنك تحدياً في فصل تأثيرات التعريفات الجمركية عن العوامل الأخرى التي تؤثر في التوظيف والتضخم.

وتزداد هذه القضايا غير المحسومة وتزيد من تعقيد حسابات بنك الاحتياطي الفيدرالي، مما قد يدفعه إلى اتباع نهج أكثر حذراً بشأن تخفيضات أسعار الفائدة في المستقبل. كما أشار مات كوليار من «موديز أناليتيكس» إلى أن التغيرات المحتملة في السياسة التجارية والمحلية تحت إدارة ترمب قد تضيف طبقة إضافية من عدم اليقين، مما يدعم الحاجة إلى نهج الانتظار والترقب من لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية.