تجددت الاحتجاجات في طهران ومدن إيرانية أخرى؛ إذ أظهرت مقاطع فيديو أمس (الجمعة) خروج مظاهرات ليلية في عدة أحياء في طهران، وفي مدن كرج وأصفهان وقزوين ورشت وأراك ومشهد وسنندج، وغيرها. وأظهرت مقاطع على الإنترنت نُشرت أمس تجدد الاحتجاجات في إيران الليلة السابقة بعدما شهدت الأسابيع الأخيرة ما بدا أنه تباطؤ في حدتها، وردد المشاركون هتافات تطالب بـ«إسقاط النظام الإيراني». وفي مقطع من مدينة مشهد الشيعية المقدسة في الشمال الشرقي، ردد محتجون هتاف: «أخي الشهيد... سنثأر لدمك».
وتزامنت المسيرات التي خرجت في مدن من بينها طهران مساء (الخميس) واستمرت حتى الليل، مع مرور 40 يوماً على إعدام اثنين من المحتجين الشهر الماضي. وبينما بدا أن الاحتجاجات تراجعت في الأسابيع الماضية، ربما بسبب عمليات الإعدام أو القمع الوحشي، فإن فعاليات العصيان المدني استمرت دون انقطاع. وترددت أصداء الهتافات الليلية المناهضة للنظام في أحياء طهران ومدن أخرى. ويرسم شباب تحت غطاء الليل رسومات جدارية تندد بالنظام، أو يحرقون اللوحات الإعلانية أو اللافتات المؤيدة للحكومة على الطرق السريعة الرئيسية.
وقالت 5 ناشطات أفرج عنهن أول من أمس (الخميس)، في بيان مشترك، إنهن مدينات بحريتهن لتضامن «شعب وشباب إيران المحبين للحرية»، بحسب منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي. وأضفن: «اقترب يوم الحرية». ووقف كثير من النساء اللاتي كن من بين عشرات السجناء الذين أفرجت السلطات عنهم أخيراً، أمام الكاميرات دون وضع غطاء للرأس. ولم تظهر السلطات أي تهاون بشأن سياسة الحجاب الإلزامي، التي تمثل إحدى السياسات الرئيسية في البلاد. وأفادت وسائل إعلام إيرانية في الأسابيع الأخيرة بإغلاق العديد من المحال والمطاعم والمقاهي بسبب عدم الالتزام بقواعد الحجاب.
وطالب مسؤولون إيرانيون الأسبوع الماضي النقابات العمالية بتطبيق أكثر صرامة لقواعد الحجاب في المتاجر والشركات في طهران. وتلقت الطالبات اللائي لا يلتزمن بقواعد الحجاب الصارمة تحذيرات الشهر الماضي بمنعهن من دخول جامعة طهران، في حين ذكرت وسائل إعلام محلية أن نحو 50 طالبة مُنعن من دخول جامعة أورميه في الشمال الغربي لمخالفتهن قواعد الحجاب.
ويقول نشطاء حقوقيون إنه منذ بداية الاحتجاجات في سبتمبر (أيلول)، قُتل ما لا يقل عن 529 شخصاً في المظاهرات بينهم 71 قاصراً، وفقاً لنشطاء حقوق الإنسان في إيران. واعتقلت السلطات أكثر من 20 ألفاً آخرين وسط حملة قمع عنيفة في محاولة لإسكات المعارضة. ولم تقدم إيران منذ شهور أي أرقام إجمالية للضحايا على الرغم من اعتراف الحكومة، على ما يبدو، بإجراء «عشرات الآلاف» من الاعتقالات في وقت سابق من هذا الشهر.
وبحسب السلطة القضائية، فقد تم شنق 4 أشخاص على الأقل. وأُدين كرامي، بطل الكاراتيه البالغ من العمر 22 عاماً، وحسيني بقتل أحد عناصر ميليشيا «الباسيج» شبه العسكرية.
وقالت منظمة العفو الدولية، إن المحكمة التي أدانت كرامي اعتمدت على اعترافات قسرية، في حين أشار محاميه إلى أن موكله تعرض للتعذيب. كما تم إعدام شخصين آخرين في 8 و12 ديسمبر (كانون الأول).
في غضون ذلك، نظم إيرانيون من أنصار «مجاهدي خلق» والمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، أمس (الجمعة)، بالتزامن مع مؤتمر «ميونيخ للأمن»، مظاهرة كبيرة في ميونيخ للتعبير عن دعمهم لانتفاضة الشعب الإيراني للإطاحة بنظام الملالي. وردد المتظاهرون تطلعات الشعب الإيراني الرافض لديكتاتورية الملالي، وتعزيز إقامة جمهورية ديمقراطية في إيران. وتحدث ممثلو المجالس التشريعية الفيدرالية والتشريعية للولايات وشخصيات ألمانية في المظاهرة التي نظمها المكتب التمثيلي للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية في ألمانيا وجمعيات إيرانية من جميع أنحاء ألمانيا.
من جانبه، حضّ إمام جمعة زاهدان وأبرز رجال الدين السنّة المتنفذين في إيران عبد الحميد إسماعيل زهي، المسؤولين في إيران على تلبية مطلب أغلبية الشعب في إجراء استفتاء على نظام الحكم، مشدداً على أنه «حل للأزمة الحالية» في إيران. وبعد أسبوع من تأييده مقترحات الزعيم الإصلاحي ميرحسين موسوي لصياغة دستور جديد وعرضِه للاستفتاء وإقامة انتخابات حرة، عاد إسماعيل زهي لتجديد تأييده لدعوات الاستفتاء، مؤكداً أن هذا هو «الحل للأزمة الحالية في إيران».
وصرّح، في خطبة جمعة زاهدان، قائلاً: «ينبغي ألا يصرّ أحد على طريقته ورأيه، ويجب أن نرى النظام الذي تريده الأغلبية. وعلينا الانصياع لرأي الأغلبية لحل الخلاف». وتابع أن «الناس هم من يقررون مصيرهم وينتخبون الحكام»، مشيراً إلى خلاف بين جزء كبير من الشعب الإيراني، والمؤسسة الحاكمة. وفي الوقت نفسه حضّ إسماعيل زهي كبار المسؤولين على الحوار مع المنتقدين والسجناء السياسيين.
وانتقد إسماعيل زهي ما سمّاه «القراءة الواحدة» من الدين الإسلامي «المسيطرة» على البلاد منذ 44 عاماً، وفقاً لما نقله موقعه على «تلغرام». وقال: «في انطباعنا وقراءتنا من الإسلام، لا يوجد إعدام، والاعترافات القسرية مرفوضة ولا قيمة لها». وأشار إسماعيل زهي إلى إطلاق عدد من السجناء؛ بمن في ذلك النشطاء السياسيون وعدد من الموقوفين في الاحتجاجات الأخيرة، بعد عفو اقترحه الجهاز القضائي وحظي بموافقة المرشد الإيراني علي خامنئي. ووصف إسماعيل زهي الخطوة بـ«الإيجابية»، لكنه طالب بإطلاق سراح جميع الناشطين السياسيين، قائلاً: «لقد قلت من قبل إنه إذا كانت لدينا سلطة، فلن نسمح للسجين السياسي بالبقاء في السجن لليلة واحدة. نرحب بالآراء والانتقادات».
تجدد الاحتجاجات الواسعة في عدة مدن إيرانية
بعد أسابيع من تراجع حدتها
تجدد الاحتجاجات الواسعة في عدة مدن إيرانية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة