سوريون في اللاذقية يبحثون تحت ركام منازلهم عن ذاكرتهم وذكرياتهم

امرأة تعبر بين الركام (د.ب.أ)
امرأة تعبر بين الركام (د.ب.أ)
TT

سوريون في اللاذقية يبحثون تحت ركام منازلهم عن ذاكرتهم وذكرياتهم

امرأة تعبر بين الركام (د.ب.أ)
امرأة تعبر بين الركام (د.ب.أ)

يتجمع العشرات من أهالي «حي دمسرخو» في مدينة اللاذقية على الساحل السوري أمام مبنى منهار؛ حيث تزيل آليات هندسية الركام إثر الزلزال... وهم لا يبحثون عن ناجين أو جثث بعد تأكدهم من أن جميع سكان المبنى خرجوا سالمين، لكن كل واحد يبحث عن شيء ما.
يقول أحمد رجب، وهو من سكان أحد المباني المنهارة في الحي: «نتجمع أمام ركام المبنى المكون من 4 طوابق تضم 12 شقة سكنية... كلما رفعت الجرافة قطعة من الإسمنت يبحث الجميع عن قطع من آثار منازلهم المدمرة. نبحث عن ذكرياتنا في مبنى انهار خلال 30 ثانية وأمام أعين الجميع صغاراً وكباراً».
ويضيف رجب لـ«وكالة الأنباء الألمانية»: «بعد الهزة الأولى نزل جميع سكان المبنى بثياب النوم إلى الشارع، ولكن بعد دقائق جاءت الهزة الثانية التي بسببها انهارت عشرات المباني. لقد شاهدت الأبنية كيف تتأرجح. شيء لا يمكن وصفه. حالة لا تصدق... جميع سكان الحي شاهدوا بيوتهم وهي تنهار أمام أعينهم، وهم يصرخون».
وتقول زينب علي (أم سامر)، التي تراقب عمل الآلية الهندسية وتطلب من ولدها (15 عاماً) أن يكون حذراً خشية السقوط من فوق الركام: «منزلنا في الطابق الثاني. لا أريد شيئاً من الأثاث الذي جمعته على مدى أكثر من 30 عاماً؛ أريد فقط (ألبومات الصور). أحب التصوير منذ صغري. لديّ مئات الصور، وصور والدي وصوري عندما كنت طفلة، وذكريات المدرسة والجامعة ويوم زفافي، وصور أولادي في كل مراحل أعمارهم. سافر 3 من أولادي إلى أوروبا منذ سنوات عدة، وتزوجت بناتي، وبقيت لديّ بنت وولد؛ وهذا أصغر أولادي».
وأضافت: «خلال وقت فراغي أشاهد الصور وأعود إلى أيام مضت. أتمنى أن أحصل على بعض من ألبوماتي؛ لأنها ذاكرتي وذكرياتي. لقد أصبحنا من دون ماض».
وتتحدث شادية عيسى، وهي في العقد الرابع من العمر، عن كيفية فقدها ولدها ليلة الزلزال، قائلة: «خرجنا من منزلنا بثياب النوم أنا وابنتي وولدي، وكان الجو بارداً والمطر غزيراً، فقال لي ولدي: سوف أصعد إلى البيت حتى أجلب لك شيئاً تتدفئين به؛ لأنك مريضة. وطلبت منه عدم الصعود إلى المبنى، لكنه أصر خوفاً عليّ من البرد، وبعد أن صعد إلى الطابق الأول كانت هزة الزلزال الثانية، وانهار المبنى بشكل كامل، وعندما جاءت فرق الإنقاذ في اليوم التالي وجدوا جثته وهو متوفى، ومنذ ذلك اليوم أجلس كل يوم أمام المبنى وأنا أبكي ابني الذي فقدته».
في المدينة الرياضية على أطراف مدينة اللاذقية، التي تحولت صالة ملاعب كرة السلة فيها إلى مركز إيواء يضم نحو 3 آلاف شخص من «حي دمسرخو» وأحياء أخرى تضررت جراء الزلزال، يجلس عدد من الرجال والسيدات على رصيف مدخل الملعب وهم يشربون «المته»؛ وهي نبتة يتناولها أبناء مناطق الساحل بشكل كبير.
وتحدث «أبو إياد»؛ وهو موظف في شركة خاصة بمدينة اللاذقية قائلاً: «العامان الماضيان كانا الأقسى على عموم السوريين، ومع نهاية العام الماضي بدأت انفراجات مع تركيا بوساطة عربية ودولية، وكان أملنا أن تنتهي الأزمة ونودع السنوات السوداء، لكن اليوم جاء غضب الطبيعة وسحق كل شيء: تاريخنا ومستقبلنا».
وتقول إحدى السيدات: «خلال الأيام المقبلة لن نبقى في هذه الصالة المزدحمة. لقد ضاعت خصوصية العائلات؛ نساءً ورجالاً وأطفالاً... ينام هنا الجميع، وهذا أمر مزعج».
وأضافت: «كل يوم تصل إلينا كميات كبيرة من الطعام. نحن لسنا بحاجة إلى الطعام؛ نريد حلاً لمستقبلنا... نريد أن نعرف أين سوف نسكن. السؤال الذي يراود الجميع: (بالنسبة لبكرا شو؟). يمكن أن نتدبر أمورنا كما كنا قبل الزلزال بالنسبة إلى الوضع المعيشي وبأقل الحدود، ولكن نريد مساعدات من الدول لإعادة بناء منازلنا؛ لأننا نعلم أن حكومتنا لن تستطيع فعل ذلك».


مقالات ذات صلة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

قال الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، إنَّه «لا يعلم ما إذا كانت سوريا ستعود إلى الجامعة العربية أم لا»، وإنَّه «لم يتسلَّم بصفته أميناً عاماً للجامعة أي خطابات تفيد بعقد اجتماع استثنائي لمناقشة الأمر».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شؤون إقليمية سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

استهلَّ الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، أمس، زيارة لدمشق تدوم يومين بالإشادة بما وصفه «الانتصارات الكبيرة» التي حقَّقها حكم الرئيس بشار الأسد ضد معارضيه. وفي خطوة تكرّس التحالف التقليدي بين البلدين، وقّع رئيسي والأسد اتفاقاً «استراتيجياً» طويل الأمد. وزيارة رئيسي للعاصمة السورية هي الأولى لرئيس إيراني منذ عام 2010، عندما زارها الرئيس الأسبق محمود أحمدي نجاد، قبل شهور من بدء احتجاجات شعبية ضد النظام. وقال رئيسي، خلال محادثات موسَّعة مع الأسد، إنَّه يبارك «الانتصارات الكبيرة التي حققتموها (سوريا) حكومة وشعباً»، مضيفاً: «حقَّقتم الانتصار رغم التهديدات والعقوبات التي فرضت ضدكم».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
العالم العربي أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

استبقت تركيا انعقاد الاجتماع الرباعي لوزراء خارجيتها وروسيا وإيران وسوريا في موسكو في 10 مايو (أيار) الحالي في إطار تطبيع مسار العلاقات مع دمشق، بمطالبتها نظام الرئيس بشار الأسد بإعلان موقف واضح من حزب «العمال الكردستاني» والتنظيمات التابعة له والعودة الطوعية للاجئين والمضي في العملية السياسية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
العالم العربي درعا على موعد مع تسويات جديدة

درعا على موعد مع تسويات جديدة

أجرت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا (جنوب سوريا) اجتماعات عدة خلال الأيام القليلة الماضية، آخرها أول من أمس (الأربعاء)، في مقر الفرقة التاسعة العسكرية بمدينة الصنمين بريف درعا الشمالي، حضرها وجهاء ومخاتير ومفاوضون من المناطق الخاضعة لاتفاق التسوية سابقاً وقادة من اللواء الثامن المدعوم من قاعدة حميميم الأميركية. مصدر مقرب من لجان التفاوض بريف درعا الغربي قال لـ«الشرق الأوسط»: «قبل أيام دعت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا، ممثلةً بمسؤول جهاز الأمن العسكري في درعا، العميد لؤي العلي، ومحافظ درعا، لؤي خريطة، ومسؤول اللجنة الأمنية في درعا، اللواء مفيد حسن، عد

رياض الزين (درعا)
شمال افريقيا مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

أجرى وزير الخارجية المصري سامح شكري اتصالات هاتفية مع نظرائه في 6 دول عربية؛ للإعداد للاجتماع الاستثنائي لوزراء الخارجية العرب بشأن سوريا والسودان، المقرر عقده، يوم الأحد المقبل. وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، السفير أحمد أبو زيد، في إفادة رسمية، الخميس، إن شكري أجرى اتصالات هاتفية، على مدار يومي الأربعاء والخميس، مع كل من وزير خارجية السودان علي الصادق، ووزير خارجية السعودية فيصل بن فرحان، ووزير خارجية العراق فؤاد محمد حسين، ووزير خارجية الجزائر أحمد عطاف، ووزير خارجية الأردن أيمن الصفدي، ووزير خارجية جيبوتي محمود علي يوسف. وأضاف أن «الاتصالات مع الوزراء العرب تأتي في إطار ا

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

ميقاتي: وقف إطلاق النار خطوة أساسية نحو الاستقرار بلبنان

رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي يتحدث خلال مؤتمر صحافي بالقصر الحكومي في بيروت 28 ديسمبر 2021 (رويترز)
رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي يتحدث خلال مؤتمر صحافي بالقصر الحكومي في بيروت 28 ديسمبر 2021 (رويترز)
TT

ميقاتي: وقف إطلاق النار خطوة أساسية نحو الاستقرار بلبنان

رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي يتحدث خلال مؤتمر صحافي بالقصر الحكومي في بيروت 28 ديسمبر 2021 (رويترز)
رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي يتحدث خلال مؤتمر صحافي بالقصر الحكومي في بيروت 28 ديسمبر 2021 (رويترز)

تلقى رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي اتصالاً من الرئيس الأميركي جو بايدن، تشاورا خلاله في الوضع الراهن وقرار وقف إطلاق النار. وشكر ميقاتي الرئيس بايدن على الدعم الأميركي للبنان، والمساعي التي قام بها موفده آموس هوكشتاين، للتوصل إلى وقف إطلاق النار. وعبّر رئيس الحكومة عن ترحيبه بقرار وقف إطلاق النار في لبنان، الذي ساهمت بترتيبه الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا.

وقال: «إن هذا التفاهم الذي رسم خريطة طريق لوقف النار، اطلعت عليه مساء اليوم، وهو يعدّه خطوة أساسية نحو بسط الهدوء والاستقرار في لبنان وعودة النازحين إلى قراهم ومدنهم. كما أنه يساعد على إرساء الاستقرار الإقليمي».

وأضاف ميقاتي أن حكومة لبنان تجدد التزامها «تطبيق القرار الدولي رقم 1701 وتعزيز حضور الجيش في الجنوب، والتعاون مع قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان»، داعياً «دول العالم والمؤسسات الدولية المعنية إلى تحمّل مسؤولياتها في هذا الصدد». وطالب رئيس الحكومة اللبنانية إسرائيل بالالتزام الكامل «بقرار وقف إطلاق النار والانسحاب من كل المناطق والمواقع التي تحتلها».

بناء قدرات الجيش اللبناني

هذا، وتعهّدت باريس وواشنطن، في بيان مشترك، صدر مساء الثلاثاء، «بقيادة ودعم الجهود الدولية من أجل بناء قدرات الجيش اللبناني». ويفترض أن ينتشر الجيش في المنطقة الحدودية في جنوب لبنان بعد انسحاب الجيش الإسرائيلي و«حزب الله» بموجب اتفاق وقف النار. كما تعهدتا دعم «نمو لبنان الاقتصادي» من أجل إعطاء «دفع للاستقرار والازدهار في المنطقة».