الزلزال المدمِّر يربك خطط الانتخابات التركية

مواطن تركي يسير إلى جانب صورة لأتاتورك وأخرى لإردوغان بأحد المواقع التي تعرضت للتدمير جراء الزلزال في غازي عنتاب (إ.ب.أ)
مواطن تركي يسير إلى جانب صورة لأتاتورك وأخرى لإردوغان بأحد المواقع التي تعرضت للتدمير جراء الزلزال في غازي عنتاب (إ.ب.أ)
TT

الزلزال المدمِّر يربك خطط الانتخابات التركية

مواطن تركي يسير إلى جانب صورة لأتاتورك وأخرى لإردوغان بأحد المواقع التي تعرضت للتدمير جراء الزلزال في غازي عنتاب (إ.ب.أ)
مواطن تركي يسير إلى جانب صورة لأتاتورك وأخرى لإردوغان بأحد المواقع التي تعرضت للتدمير جراء الزلزال في غازي عنتاب (إ.ب.أ)

ألقى الزلزال المدمِّر في تركيا بخطط إجراء انتخابات بحلول يونيو (حزيران) في أتون الاضطراب فأثار جدلاً محموماً داخل حكومة الرئيس رجب طيب إردوغان والمعارضة حول إمكانية التأجيل. وحتى قبل الكارثة، وهي الأكثر إزهاقاً للأرواح في تاريخ البلاد الحديث، أشارت استطلاعات الرأي إلى أن الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التركية محتدمة بشدة.
وفيما يلي العوامل المؤثرة والسيناريوهات المحتملة:

ما الذي غيَّره الزلزال؟
أسفرت كارثة يوم الاثنين عن سقوط ما لا يقل عن 35 ألف قتيل في جنوب تركيا، ودمرت عشرات الآلاف من المباني، وأدت إلى نزوح جماعي من المنطقة، مما ألقى بظلال من الشك على جدوى تنظيم انتخابات على المدى القريب.
والصعوبات اللوجيستية كبيرة في منطقة يعيش فيها نحو 13 مليون شخص مع وجود مئات الآلاف في منازل إمّا مدمَّرة وإما غير آمنة. وفي الشهر الماضي قال إردوغان، الذي يسعى لتمديد حكمه وحكم حزب «العدالة والتنمية» الذي يترأسه إلى عقد ثالث، إن الانتخابات ستُجرى في مايو (أيار)، أي قبل شهر من الموعد المحدد. لكنَّ حلفاءه أشاروا في الأيام القليلة الماضية إلى أنه سيسعى إلى التأجيل.
وقال مسؤول في حزب «العدالة والتنمية» لوكالة «رويترز» للأنباء مشيراً إلى حالة الطوارئ: «لا أعتقد أن الوقت مناسب للحديث عن الانتخابات». وأضاف: «يجب أن يكون هناك بعض التأخير».
وقال المسؤول، الذي طلب عدم نشر اسمه لأنه غير مخوّل بالحديث عن القضية، إن نوفمبر (تشرين الثاني) يبدو التوقيت الجديد المعقول، لكن لم يُتخذ أي قرار.
وقال مسؤول آخر، الأسبوع الماضي، إن حجم الدمار تسبب في «صعوبات جسيمة» أمام إجراء التصويت في الوقت المحدد.

هل يمكن تأجيل التصويت؟
تواجه أي محاولة لتأجيل الانتخابات عقبة دستورية كبيرة وهي أن المادة 78 تنص على أنه يمكن للبرلمان تأجيل الانتخابات لمدة عام ولكن فقط في حالة الحرب.
ودعا نائب رئيس الوزراء السابق بولنت أرينتش، وهو أحد مؤسسي حزب «العدالة والتنمية» بزعامة إردوغان، أول من أمس (الاثنين)، إلى تأجيل التصويت وقال إن الدساتير ليست «نصوصاً مقدسة».
وقال أرينتش: «يجب تأجيل الانتخابات على الفور حتى تتمكن أجهزة الدولة من التركيز على مساعدة مواطنينا على تضميد الجراح. هذا ليس خياراً بل ضرورة» في تصريح عدّه بعض المراقبين بالون اختبار لقياس الحالة المزاجية العامة.
وكان من المقرر طرح القضية في اجتماع لمجلس الوزراء ترأسه إردوغان بعد ظهر أمس (الثلاثاء).

ما رأي المعارضة؟
رفض كمال كليتشدار أوغلو، زعيم حزب «الشعب الجمهوري»، التأجيل على أساس أن الدستور واضح بشأن هذه القضية. وتابع خلال مقابلة مع «يتكين ريبورت»: «لا يمكن لأحد أن يستحدث معياراً قانونياً خاصاً به من خلال اختلاق مبررات أخرى غير الدستور والقوانين. هناك دستور. إذا قلنا إن (تركيا دولة قانون)، فلا يمكن أن يكون هناك (تأخير)».
وقال إن الأولوية هي تحديد موعد للانتخابات وجعل المجلس الأعلى للانتخابات يبدأ في الإعداد. غير أن المعارضة أمامها تحدياتها الخاصة. ولم يعلن التحالف السداسي الذي ضم أحزاباً معارضة رئيسية والذي يسعى للإطاحة بإردوغان بعد عن مرشح رئاسي وكان هناك بعض الخلاف بين صفوفه.
وقال مسؤول من حزب «الخير»، وهو مع حزب «الشعب الجمهوري» في التحالف، إنهم سيناقشون قضية المرشح في الأسابيع المقبلة.

مَن سيستفيد من التأخير؟
أشارت استطلاعات الرأي قبل الزلزال إلى أن التصويت سيكون أصعب تحدٍّ انتخابي لإردوغان حتى الآن مع تآكل شعبيته بسبب ارتفاع تكاليف المعيشة وتراجع الليرة.
وتسبب الزلزال في مزيد من الضبابية. وتواجه الحكومة انتقادات بشأن سرعة وتنظيم جهود الإغاثة فور حدوث الزلزال، وقال إردوغان إنها لم تكن بالسرعة المطلوبة، وأعلن حالة الطوارئ ثلاثة أشهر في المناطق المتضررة.
وتوقع مسؤول بحزب «العدالة والتنمية» أن تؤدي الكارثة إلى تآكل الأصوات للتحالف الحاكم في ظل المعاناة والخسائر في الأرواح والممتلكات. وقال المسؤول: «يريدون محاسبة شخص ما».
والمنطقة المنكوبة من الزلزال عادةً ما تدعم إردوغان، فقد حصل على 55 في المائة من الأصوات هناك في الانتخابات الرئاسية 2018، كما فاز حزب «العدالة والتنمية» وشركاؤه بنفس المستوى من الدعم في الانتخابات البرلمانية.
وأثّرت الكوارث على الأصوات في الماضي. فبعد زلزال قوي في 1999 أودى بحياة 17 ألف شخص في شمال غربي تركيا، كانت الانتقادات لجهود الإغاثة من عوامل انهيار شعبية الحكومة آنذاك، مما ساعد حزب «العدالة والتنمية» على الفوز في انتخابات 2002.

هل سيكون إردوغان قادراً على المنافسة؟
هناك أيضاً نقاش حاد بين الحكومة والمعارضة حول ما إذا كان بإمكان إردوغان الترشح مرة أخرى، إذ يتولى الرئاسة منذ 2014 ويؤدي فترة ولايته الثانية.
وقال إبراهيم كاب أوغلو، المتحدث باسم اللجنة الدستورية لحزب «الشعب الجمهوري»، إن إردوغان سيكون مؤهلاً للترشح في الانتخابات فقط إذا أُجريت قبل يونيو.
ويضع الدستور حداً ولايتين للرؤساء، لكن يمكنهم السعي لولاية أخرى إذا دعا البرلمان إلى انتخابات مبكرة قبل انتهاء الولاية الثانية.
وقال كاب أوغلو إنه لو ترشح إردوغان في وقت لاحق، فسيتعين تغيير الدستور.
وقال: «لكن مثل هذا التغيير الدستوري سيكون لفرد فقط. مناقشة مثل هذا التغيير ستكون إشكالية».


مقالات ذات صلة

أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

شؤون إقليمية أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

استبقت تركيا انعقاد الاجتماع الرباعي لوزراء خارجيتها وروسيا وإيران وسوريا في موسكو في 10 مايو (أيار) الحالي في إطار تطبيع مسار العلاقات مع دمشق، بمطالبتها نظام الرئيس بشار الأسد بإعلان موقف واضح من حزب «العمال الكردستاني» والتنظيمات التابعة له والعودة الطوعية للاجئين والمضي في العملية السياسية. وقال المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم كالين إن بلاده تتوقع موقفاً واضحاً من دمشق حيال «تنظيم حزب العمال الكردستاني الإرهابي» والتنظيمات التابعة له، في إشارة إلى وحدات حماية الشعب الكردية، أكبر مكونات قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، التي تنظر إليها أنقرة على أنها امتداد لـ«العمال الكردستاني» في سوريا.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية خصوم إردوغان يتهمونه بـ«مفاوضة» أوجلان في سجنه طلباً لأصوات كردية

خصوم إردوغان يتهمونه بـ«مفاوضة» أوجلان في سجنه طلباً لأصوات كردية

واجه الرئيس التركي رجب طيب إردوغان ادعاءً جديداً من خصومه في المعارضة، بشأن إرساله مبعوثين للتفاوض مع زعيم «حزب العمال الكردستاني» السجين مدى الحياة، عبد الله أوجلان، من أجل توجيه رسالة للأكراد للتصويت لصالحه في الانتخابات الرئاسية المقررة في 14 مايو (أيار) الحالي. وقالت رئيسة حزب «الجيد» المعارض، ميرال أكشنار، إن إردوغان أرسل «شخصية قضائية» إلى أوجلان في محبسه، وإنها تعرف من الذي ذهب وكيف ذهب، مشيرة إلى أنها لن تكشف عن اسمه لأنه ليس شخصية سياسية. والأسبوع الماضي، نفى المتحدث باسم الرئاسة التركية، إعلان الرئيس السابق لحزب «الشعوب الديمقراطية» السجين، صلاح الدين دميرطاش، أن يكون إردوغان أرسل وف

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية دخول تركيا «النادي النووي» مهم... وزوال مخاوف «تشيرنوبل» مسألة وقت

دخول تركيا «النادي النووي» مهم... وزوال مخاوف «تشيرنوبل» مسألة وقت

<div>دفع إقدام تركيا على دخول مجال الطاقة النووية لإنتاج الكهرباء عبر محطة «أككويو» التي تنشئها شركة «روساتوم» الروسية في ولاية مرسين جنوب البلاد، والتي اكتسبت صفة «المنشأة النووية» بعد أن جرى تسليم الوقود النووي للمفاعل الأول من مفاعلاتها الأربعة الخميس الماضي، إلى تجديد المخاوف والتساؤلات بشأن مخاطر الطاقة النووية خصوصاً في ظل بقاء كارثة تشيرنوبل ماثلة في أذهان الأتراك على الرغم من مرور ما يقرب من 40 عاما على وقوعها. فنظراً للتقارب الجغرافي بين تركيا وأوكرانيا، التي شهدت تلك الكارثة المروعة عام 1986، ووقوعهما على البحر الأسود، قوبلت مشروعات إنتاج الكهرباء من الطاقة النووية باعتراضات شديدة في البد</div>

شؤون إقليمية أنقرة: وزراء خارجية تركيا وسوريا وروسيا قد يجتمعون في 10 مايو

أنقرة: وزراء خارجية تركيا وسوريا وروسيا قد يجتمعون في 10 مايو

قال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، اليوم الأربعاء، إن اجتماع وزراء خارجية تركيا وسوريا وروسيا قد يُعقَد بموسكو، في العاشر من مايو (أيار)، إذ تعمل أنقرة ودمشق على إصلاح العلاقات المشحونة. كان جاويش أوغلو يتحدث، في مقابلة، مع محطة «إن.تي.في.»

«الشرق الأوسط» (أنقرة)
شؤون إقليمية «أككويو» تنقل تركيا إلى النادي النووي

«أككويو» تنقل تركيا إلى النادي النووي

أصبحت تركيا رسمياً عضواً في نادي الدول النووية بالعالم بعدما خطت أولى خطواتها لتوليد الكهرباء عبر محطة «أككويو» النووية التي تنفذها شركة «روسآتوم» الروسية في ولاية مرسين جنوب البلاد. ووصف الرئيس التركي رجب طيب إردوغان خطوة تزويد أول مفاعل من بين 4 مفاعلات بالمحطة، بـ«التاريخية»، معلناً أنها دشنت انضمام بلاده إلى القوى النووية في العالم، مشيراً إلى أن «أككويو» هي البداية، وأن بلاده ستبني محطات أخرى مماثلة. على ساحل البحر المتوسط، وفي حضن الجبال، تقع محطة «أككويو» النووية لتوليد الكهرباء، التي تعد أكبر مشروع في تاريخ العلاقات التركية - الروسية.


إيران «لن تعرقل» مفتشي «الطاقة الذرية»

غروسي يجري محادثات مع محمد إسلامي رئيس المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية في فيينا منتصف سبتمبر الماضي (الوكالة الدولية للطاقة الذرية)
غروسي يجري محادثات مع محمد إسلامي رئيس المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية في فيينا منتصف سبتمبر الماضي (الوكالة الدولية للطاقة الذرية)
TT

إيران «لن تعرقل» مفتشي «الطاقة الذرية»

غروسي يجري محادثات مع محمد إسلامي رئيس المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية في فيينا منتصف سبتمبر الماضي (الوكالة الدولية للطاقة الذرية)
غروسي يجري محادثات مع محمد إسلامي رئيس المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية في فيينا منتصف سبتمبر الماضي (الوكالة الدولية للطاقة الذرية)

تعهدت إيران بعدم «عرقلة» مهمة ممثلي الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة لتفتيش مواقعها النووية. وقال رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية محمد إسلامي، السبت، إن إيران لن تعرقل دخول ممثلي الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة إلى مواقعها وتفتيشها. ونقلت وسائل إعلام إيرانية عن إسلامي قوله: «لم ولن نضع أي عقبات أمام عمليات التفتيش والمراقبة التي تنفذها الوكالة (الدولية للطاقة الذرية)».

وأضاف: «نعمل في إطار الضمانات كما تعمل الوكالة وفقاً لضوابط، لا أكثر ولا أقل».

ووفقاً لتقرير صدر عن الوكالة الدولية للطاقة الذرية، الخميس الماضي، قبلت إيران تشديد الرقابة على منشأة فوردو النووية بعدما سرّعت طهران بشكل كبير من تخصيب اليورانيوم ليقترب من مستوى صنع الأسلحة. وقبل أيام ذكرت الوكالة أن إيران ضاعفت وتيرة تخصيب اليورانيوم في منشأة فوردو إلى درجة نقاء تصل إلى 60 بالمائة، أي قريباً من نسبة 90 بالمائة اللازمة لإنتاج أسلحة.

وأعلنت الوكالة أنها ستناقش الحاجة إلى إجراءات وقائية أكثر صرامة، مثل زيادة عمليات التفتيش في منشأة فوردو لتخصيب اليورانيوم، وهي واحدة من منشأتين تصلان إلى هذا المستوى العالي من التخصيب.

وجاء في التقرير السري الموجه إلى الدول الأعضاء: «وافقت إيران على طلب الوكالة زيادة وتيرة وشدة تنفيذ إجراءات الضمانات في منشأة فوردو، وتساهم في تنفيذ هذا النهج المعزز لضمانات السلامة».

ووفقاً للوكالة الدولية للطاقة الذرية، يمكن لـ«فوردو» الآن إنتاج أكثر من 34 كيلوغراماً شهرياً من اليورانيوم المخصب بنسبة تصل إلى 60 في المائة، مقارنة بـ5 إلى 7 كيلوغرامات كانت تنتجها مجتمعة في فوردو ومنشأة أخرى في نطنز فوق الأرض.

ووفقاً لمعايير الوكالة، فإن نحو 42 كيلوغراماً من اليورانيوم المخصب بنسبة 60 في المائة تكفي نظرياً، إذا تم تخصيبها أكثر، لصنع قنبلة نووية. إيران تمتلك بالفعل أكثر من أربعة أضعاف هذه الكمية، بالإضافة إلى ما يكفي لصنع المزيد من الأسلحة عند مستويات تخصيب أقل.

وتؤكد القوى الغربية أنه لا يوجد مبرر مدني لتخصيب إيران إلى هذا المستوى، حيث لم تقم أي دولة أخرى بذلك دون إنتاج أسلحة نووية. فيما تنفي إيران هذه الادعاءات، مؤكدة أن برنامجها النووي ذو أهداف سلمية بحتة.