مصارف لبنان تتجه للإقفال الكامل رداً على «مماطلة الحكومة»

«اهتزازات» طارئة في الأسواق المالية والاستهلاكية

لبنانيون أمام فرع مقفل لأحد المصارف في بيروت (رويترز)
لبنانيون أمام فرع مقفل لأحد المصارف في بيروت (رويترز)
TT

مصارف لبنان تتجه للإقفال الكامل رداً على «مماطلة الحكومة»

لبنانيون أمام فرع مقفل لأحد المصارف في بيروت (رويترز)
لبنانيون أمام فرع مقفل لأحد المصارف في بيروت (رويترز)

بالكاد، يلقى إضراب المصارف اللبنانية القليل من الاهتمام، بعدما استحوذت أهوال الطبيعة واهتزاز المنازل في لبنان عدة مرات هذا الأسبوع على الأولويات، وسط ازدياد المخاوف والبحث عن أنجع سبل الوقاية حال وقوع الأسوأ.
ويأمل المصرفيون، مع الإقبال على الأسبوع الجديد، أن ترتقي محفزات الإضراب المعلن إلى اهتمام حكومة تصريف الأعمال واتصالات رئيسها نجيب ميقاتي، طبقاً للوعود غير المعلنة أثناء لقائه مع وفد من مجلس إدارة جمعية المصارف، بالسعي لدى مرجعيات السلطة القضائية لإرساء صيغة مرنة تراعي الظروف الاستثنائية القائمة في البلاد، وغير القابلة لأي «تجاوز أو تعسّف» في البتّ بدعاوى بعض المودعين ضد مصارفهم، وريثما يصدر مجلس النواب قانون وضع الضوابط الخاصة على السحوبات والتحاويل (كابيتال كونترول) الذي سيصبح السند القانوني لهذه الشكاوى.
ووفقاً لتأكيدات مسؤول مصرفي كبير تحدث لـ«الشرق الأوسط»، فإنه ومع افتراض عدم تحقيق تقدم في ترجمة الوعود الحكومية، يمكن التقدير بأن رجوع المصارف عن قرارها سيصيبها بالضرر في المكانة كنواة للقطاع المالي، وفي السمعة المحلية والخارجية التي تعرضت أساساً لتشوهات كبيرة ومقصودة خلال سنوات الانهيارات المستمرة، منذ خريف عام 2019. وهذا ما قد يدفعها إلى تصعيد أكبر قد يطال وقف تشغيل الصرافات الآلية، وأي مهمات طارئة تم عزلها عن قرار الإضراب العام. علماً بأن فاعلية الإضراب مرشحة للارتفاع من محدودة إلى اضطرابات وتوترات مع اقتراب مواعيد صرف الرواتب قبيل نهاية الشهر؛ حيث يتضاعف حجم الأعمال والمهام الداخلية لمواكبة المصروفات وضخ النقود. وإلى حين نضوج تسويات مرضية تكفل تبرير الاستثناءات الطارئة التي تعتمدها البنوك في إدارة السيولة المتقلّصة بالليرة وبالدولار، رصدت «الشرق الأوسط» أجواء مغايرة في صفوف المواطنين وتجار الأسواق الاستهلاكية، لدرجة أن الكثيرين بينهم اكتفوا بابتسامة مصطنعة تستر ما يشعرون به من خوف وبرد وحزن في وقت واحد. بل إن بعضهم تهكم على إضراب البنوك المستجد، فيما هم أسرى الطوابير أمام أجهزة الصرف الآلي.
ونوّه العديد من الموظفين في القطاعين العام والخاص والمودعين في البنوك، بأن توقيت تنفيذ إضراب المصارف بُعيد أيام من صرف الرواتب، أضاف سبباً جوهرياً لعدم الاكتراث من قِبلهم. إذ ما دامت أجهزة الصرف الآلي عاملة، فهي ستغطي ما تبقى من قليل السحوبات الشهرية المتاحة.
ويستدل من حجم المبادلات النقدية عبر منصة «صيرفة» على انحدار إجمالي التداول من مستويات تتراوح بين 40 و50 مليون دولار، إلى نحو 22 مليون دولار مطلع الأسبوع. ثم إلى 10 و8 ملايين دولار على التوالي، في أول يومين من الإضراب. لكن هذه الأرقام لا تعكس حجم عمليات بيع للدولار لصالح الأفراد عبر البنوك والشركات، باعتبار أن البنك المركزي الذي يدير المنصة يسجل عليها كامل العمليات بيعاً وشراء، وبما يشمل عملياته الخاصة التي يشتري بها الدولار من صرافين محددين وشركات تحويل أموال، علماً بأن سعر الدولار ارتفع أيضاً على المنصة ليصبح 43.6 ألف ليرة.
يضاف إلى أسباب عدم تأثير إضراب المصارف بشكل واسع، أن المؤسسات كانت فعلياً في وضعية شبه إقفال متصاعد قبل إعلان الإضراب، وتقتصر خدماتها على صناديق ضخ السيولة وفق نظام الحصص الشهرية للمودعين وسداد الرواتب للعاملين، ولا سيما منهم نحو 400 ألف من موظفي القطاع العام والمتقاعدين. أما الزيارات المتاحة للعملاء فهي بالأغلب تشمل الشركات التي لا يستطيع مندوبوها إتمام معاملاتهم عبر أجهزة الصرف، أو الأفراد الذين يطلبون إفادات بحساباتهم للحصول على تأشيرات سفر، وكذلك الراغبون بإعادة هيكلة قروضهم القائمة سابقاً، عبر سداد أقساط مستحقة أو كامل المبلغ المتبقي؛ بغية الاستفادة من فروقات أسعار الصرف الرسمية، والتي تماثل حالياً بالليرة، ورغم رفعها 10 أضعاف بدءاً من أول الشهر الحالي، أقل من 25 في المائة من القيمة السوقية للدولار.


مقالات ذات صلة

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

المشرق العربي رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

تُوفّي الموسيقار اللبناني إيلي شويري، عن 84 عاماً، الأربعاء، بعد تعرُّضه لأزمة صحية، نُقل على أثرها إلى المستشفى، حيث فارق الحياة. وأكدت ابنته كارول، لـ«الشرق الأوسط»، أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قبل أن تعلم به العائلة، وأنها كانت معه لحظة فارق الحياة.

المشرق العربي القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

وجّه المجلس التأديبي للقضاة في لبنان ضربة قوية للمدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون، عبر القرار الذي أصدره وقضى بطردها من القضاء، بناء على «مخالفات ارتكبتها في إطار ممارستها لمهمتها القضائية والتمرّد على قرارات رؤسائها والمرجعيات القضائية، وعدم الامتثال للتنبيهات التي وجّهت إليها». القرار التأديبي صدر بإجماع أعضاء المجلس الذي يرأسه رئيس محكمة التمييز الجزائية القاضي جمال الحجار، وجاء نتيجة جلسات محاكمة خضعت إليها القاضية عون، بناء على توصية صدرت عن التفتيش القضائي، واستناداً إلى دعاوى قدمها متضررون من إجراءات اتخذتها بمعرض تحقيقها في ملفات عالقة أمامها، ومخالفتها لتعليمات صادرة عن مرجع

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

رأى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أن فرص انتخاب مرشح قوى 8 آذار، رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، «باتت معدومة»، مشيراً إلى أن الرهان على الوقت «لن ينفع، وسيفاقم الأزمة ويؤخر الإصلاح». ويأتي موقف جعجع في ظل فراغ رئاسي يمتد منذ 31 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث فشل البرلمان بانتخاب رئيس، وحالت الخلافات السياسية دون الاتفاق على شخصية واحدة يتم تأمين النصاب القانوني في مجلس النواب لانتخابها، أي بحضور 86 نائباً في دورة الانتخاب الثانية، في حال فشل ثلثا أعضاء المجلس (86 نائباً من أصل 128) في انتخابه بالدورة الأولى. وتدعم قوى 8 آذار، وصول فرنجية إلى الرئاسة، فيما تعارض القوى المسيحية الأكثر

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

جدد سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان، وليد بخاري، تأكيد موقف المملكة من الاستحقاق الرئاسي اللبناني بوصفه «شأناً سياسياً داخلياً لبنانياً»، حسبما أعلن المتحدث باسم البطريركية المارونية في لبنان بعد لقاء بخاري بالبطريرك الماروني بشارة الراعي، بدأ فيه السفير السعودي اليوم الثاني من جولته على قيادات دينية وسياسية لبنانية. وفي حين غادر السفير بخاري بكركي من دون الإدلاء بأي تصريح، أكد المسؤول الإعلامي في الصرح البطريركي وليد غياض، أن بخاري نقل إلى الراعي تحيات المملكة وأثنى على دوره، مثمناً المبادرات التي قام ويقوم بها في موضوع الاستحقاق الرئاسي في سبيل التوصل إلى توافق ويضع حداً للفراغ الرئا

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

تأتي جولة سفيرة الولايات المتحدة الأميركية لدى لبنان دوروثي شيا على المرجعيات الروحية والسياسية اللبنانية في سياق سؤالها عن الخطوات المطلوبة لتفادي الشغور في حاكمية مصرف لبنان بانتهاء ولاية رياض سلامة في مطلع يوليو (تموز) المقبل في حال تعذّر على المجلس النيابي انتخاب رئيس للجمهورية قبل هذا التاريخ. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر نيابية ووزارية أن تحرك السفيرة الأميركية، وإن كان يبقى تحت سقف حث النواب على انتخاب رئيس للجمهورية لما للشغور الرئاسي من ارتدادات سلبية تدفع باتجاه تدحرج لبنان من سيئ إلى أسوأ، فإن الوجه الآخر لتحركها يكمن في استباق تمدد هذا الشغور نحو حاكمية مصرف لبنان في حال استحال عل

محمد شقير (بيروت)

بارزاني يحذر من مخاطر الانسحاب الأميركي

مسعود بارزاني زعيم «الحزب الديمقراطي الكردستاني» (إكس)
مسعود بارزاني زعيم «الحزب الديمقراطي الكردستاني» (إكس)
TT

بارزاني يحذر من مخاطر الانسحاب الأميركي

مسعود بارزاني زعيم «الحزب الديمقراطي الكردستاني» (إكس)
مسعود بارزاني زعيم «الحزب الديمقراطي الكردستاني» (إكس)

حدد رئيس «الحزب الديمقراطي الكردستاني»، مسعود بارزاني، موقف الكرد من الصراع الجاري في المنطقة بطريقة تبدو مختلفة عن خيارات القوى السياسية في بغداد، لا سيما من الحرب الدائرة في المنطقة.

وفي لقاء له مع قناة «سكاي نيوز عربية»، الثلاثاء، أكد بارزاني أن العراق «هو المتضرر في حال جره للحرب في المنطقة». وأضاف أن «العلاقة بين أربيل وبغداد جيدة، مع أن بعض الملفات العالقة لا تزال طور النقاش لحلها، من بينها حصة الإقليم من النفط».

وقال بارزاني: «ليس من مصلحتنا أي توتر مع إيران وتركيا والعلاقات طبيعية مع الطرفين»، مؤكداً أنه «لم يكن في برنامجنا أبداً توتر العلاقات مع تركيا وإيران، لكن لن نسمح لأي أحد بأن يتدخل في شؤوننا».

ولفت بارازني إلى أن «المعارضة الإيرانية الموجودة في إقليم كردستان لم تتدخل وتستمع للتعليمات، بينما (حزب العمال الكردستاني) يتدخل ولا يستمع للتعليمات».

العراق وطبول الحرب

وبشأن طبول الحرب التي تقرع في المنطقة وطريقة تعاطي العراق الرسمي والعراق الموازي المتمثل بالفصائل المسلحة الموالية لإيران، قال بارزاني إن «العراق هو المتضرر من جره للحرب الحالية في المنطقة».

ومع أن بارزاني لم يخض في تفاصيل موقف العراق من الحرب، لكنه عبَّر عن رأي كردي منسجم مع موقف الحكومة العراقية سواء على لسان رئيس الوزراء محمد شياع السوداني أو وزير الخارجية فؤاد حسين، لكنه انتقد صراحة «الفصائل المسلحة التي لا تزال تهدد بالرد على إسرائيل في حال تنفيذها هجوما على العراق».

وكان رئيس الوزراء محمد شياع السوداني أعلن، الأحد الماضي، خلال كلمة له بمناسبة مرور 100 عام على تأسيس الدبلوماسية العراقية أن إسرائيل باتت تبحث عما سماها «ذرائع واهية لضرب العراق»، مبيناً أنه وجَّه وزارة الخارجية للتعامل مع الأمر، وفق الأطر الدبلوماسية.

مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي والسفيرة الأميركية لدى العراق إلينا رومانسكي خلال لقاء الأحد (واع)

وكانت السفيرة الأميركية إلينا رومانسكي التي انتهت مدة عملها في العراق، قد حذرت من إمكانية أن تقوم إسرائيل باستهداف العراق قائلة: «أود أن أكون واضحة جداً من البداية. الإسرائيليون أدلوا بتحذيرات ردع على الميليشيات المدعومة إيرانياً والموجودة هنا في العراق، والتي تعتدي على إسرائيل».

وأضافت أن «هذه الميليشيات هي من بدأت في الاعتداء على إسرائيل، وأكون واضحة جداً لهذه النقطة وأن الإسرائيليين حذروا حكومة العراق بأن يوقفوا هذه الميليشيات من اعتداءاتها المتكررة والمستمرة على إسرائيل».

وتابعت السفيرة بالقول: «رسالتنا إلى حكومة العراق هي أن تسيطر على هذه الميليشيات المنفلتة التي لا تنصاع لأوامر الحكومة والقائد العام للقوات المسلحة رئيس الوزراء، وأن إسرائيل أمة لها سيادتها، وستقوم بالرد على أي اعتداء من أي مكان ضدها».

خطر الانسحاب الأميركي

وعن موقفه من الوجود الأميركي في العراق، قال بارزاني إن «(داعش) لا يزال يشكل تهديداً جدياً، وانسحاب قوات التحالف مشكلة من دون تجهيز الجيش العراقي والبيشمركة».

ويعد موقف بارزاني أول موقف كردي بهذا الوضوح بعد سلسلة مباحثات أجرتها الحكومة العراقية طوال هذا العام مع الأميركيين بشأن إعادة تنظيم العلاقة بين العراق والولايات المتحدة الأميركية والتي تتضمن انسحاب ما تبقى من القوات الأميركية من العراق والعودة إلى اتفاقية الإطار الاستراتيجي الموقَّعة بين بغداد وواشنطن عام 2008.

وفي هذا السياق، يقول أستاذ العلوم السياسية في الجامعة المستنصرية الدكتور عصام فيلي لـ«الشرق الأوسط» إن «موقف بارزاني من الانسحاب الأميركي يمثل مخاوف كثير من القوى السياسية وحتى الشارع العراقي في أن يكون العراق جزءاً من ساحة حرب».

وأضاف فيلي أن «هذه الحرب لا بد أن يكون لمن يشترك فيها اصطفاف لصالح طرف ضد آخر، وهو ما يتناقض مع الدستور العراقي وتصريحات كبار مسؤوليه في أن العراق لا يمكن أن يكون ساحة للحرب في المنطقة بين قوتين وهما أميركا وإيران».

وأوضح فيلي أن «العراق لا يزال يواجه تحديات داخلية في المقدمة منها التنظيمات الإرهابية، وأن قوات التحالف الدولي تمثل ضمانة أمنية»، وأشار إلى أن «الكرد يخشون من غياب قوات التحالف؛ لأنهم يرون أن وجود بعض الأطراف المسلحة في بعض المناطق المتنازع عليها سيشكل تهديداً لهم بعد الانسحاب الأميركي».