هالاند هداف خطير لكنه أثر سلباً على خطط فريقه التكتيكية

مانشستر سيتي مضطر للتخلي عن طريقته في الاستحواذ من أجل النرويجي العملاق

هالاند يسجل برأسه في مرمى توتنهام بعد 3 مباريات صام فيها عن التهديف (إ.ب.أ)
هالاند يسجل برأسه في مرمى توتنهام بعد 3 مباريات صام فيها عن التهديف (إ.ب.أ)
TT

هالاند هداف خطير لكنه أثر سلباً على خطط فريقه التكتيكية

هالاند يسجل برأسه في مرمى توتنهام بعد 3 مباريات صام فيها عن التهديف (إ.ب.أ)
هالاند يسجل برأسه في مرمى توتنهام بعد 3 مباريات صام فيها عن التهديف (إ.ب.أ)

دعونا نتفق في البداية على أن المهاجم النرويجي إيرلينغ هالاند ظاهرة في عالم كرة القدم. فلا يقتصر الأمر على أنه سجل 22 هدفاً بالفعل في الدوري الإنجليزي الممتاز هذا الموسم، بالإضافة إلى خمسة أهداف أخرى في دوري أبطال أوروبا، لكنه يجعلك تشعر بأنه لاعب لا يمكن إيقافه، نظراً لأنه يمتلك سرعة فائقة وقوة بدنية هائلة، بالإضافة إلى تركيزه الشديد أمام المرمى وقدرته على إحراز أهداف من أنصاف الفرص.
وعلاوة على ذلك، فإن شخصيته الهادئة تجعله أكثر رعباً للمنافسين. فرغم أنه يحطم الأرقام القياسية المتعلقة بإحراز الأهداف، لكنه يفعل ذلك وهو يستمتع وكأنه طفل في الثامنة من عمره يلعب بدون أي ضغوط. في الحقيقة، لا يوجد في تاريخ كرة القدم ككل سوى عدد قليل للغاية من المهاجمين الذين جمعوا بين هذه القوة البدنية الهائلة والمهارة والإمكانيات الفنية الكبيرة.
كان هناك اللاعب الأرجنتيني برنابي فيريرا، الملقب بـ«مدفع روفينو» نظراً لقوة تسديداته. فعندما تعاقد معه ريفر بليت مقابل 23 ألف جنيه إسترليني في عام 1932، كانت هذه هي المرة الأولى التي يكسر فيها نادٍ من خارج بريطانيا الرقم القياسي لأغلى لاعب في العالم. وكان هناك الظاهرة البرازيلي رونالدو، الذي كان يسجل هدفاً في كل مباراة في المتوسط حتى في فترة التسعينيات من القرن الماضي التي كانت تسيطر عليها كرة القدم الدفاعية، قبل أن تتسبب إصابات الركبة في إنهاء مسيرته الكروية مبكراً. وكان هناك أيضاً إدوارد ستريلتسوف.
يُعرف ستريلتسوف الآن بكونه المهاجم القوي الذي اعتقل عشية كأس العالم 1958 وأدين بالاغتصاب وسُجن لمدة ستة أعوام قبل أن يعود ويقود فريقه توربيدو موسكو للفوز بلقب الدوري السوفياتي. إن الوقت الذي أمضاه في معسكرات الاعتقال، والمحاولات المختلفة لتبرئة اسمه، سيطرت بشكل مفهوم على النقاشات والحوارات حوله، لكن مسيرته الكروية كانت مليئة أيضاً باللمحات الفنية، لأنه كان لاعباً يمتلك قدرات وفنيات هائلة.
وفي نادي دينامو كييف في العقد التالي، اخترع فيكتور ماسلوف المفاهيم الحديثة للضغط على الفريق المنافس. صحيح أن أفكاره لم تكن قد وصلت إلى هذه النقطة عندما أعيد تعيينه مديراً فنياً لتوربيدو موسكو في عام 1957، لكنه كان يتعامل مع الفريق على أنه وحدة واحدة ومتكاملة، مدركاً تماماً أن ما يقوم به أي لاعب في أي جزء من الملعب يمكن أن تكون له آثار تكتيكية كبيرة على مكان آخر داخل المستطيل الأخضر.
لقد اعترف ماسلوف بأن سترلتسوف يمتلك موهبة هائلة، لكنه لم يكن مغرماً به مثل الآخرين، وربما يعود السبب في ذلك جزئياً إلى أنه أدرك مبكراً أن الطريقة التي يلعب بها سترلتسوف تؤثر كثيراً على طريقة الفريق ككل، ويبدو في بعض الأحيان أن صبره قد نفد من الطريقة التي كان يلعب بها سترلتسوف في الأشهر الصعبة بين النجاح الأولمبي في عام 1956 واعتقال اللاعب. ومن المثير للملاحظة أن ماسلوف قاد توربيدو موسكو للفوز بلقب الدوري السوفياتي لأول مرة في عام 1960، بعد دخول ستريلتسوف السجن!
وعندما عاد سترلتسوف من معسكر الاعتقال، كان قد أصبح لاعباً مختلفاً تماماً، حيث أصبح أقل سرعة، وكان يعود للخلف كثيراً للقيام بواجباته الدفاعية. وبدأ المهاجم الذي كان مشهوراً بقوته البدنية الهائلة يتحدث عن أنه يُفضل التسديدات التي تدخل المرمى ببطء على التسديدات القوية التي تكاد تمزق الشباك! لقد خارت قواه البدنية كثيراً، وبالتالي كان يتعين عليه أن يتعلم طريقة جديدة للعب لا تعتمد كثيراً على القوة البدنية، وقد نجح في ذلك إلى حد ما، وساعد توربيدو موسكو على الفوز بلقب الدوري للمرة الثانية في عام 1965.

غوارديولا غير خططه من أجل هالاند

لكن اللعبة كانت قد تغيرت كثيراً ولم يستطع سترلتسوف أن يتغير بالدرجة التي تجعله قادراً على التكيف مع هذا العالم الجديد من الأنظمة المختلفة والمسؤولية. فاز سترلتسوف بجوائز فردية لأنه كان لا يزال قادراً على القيام ببعض المهارات الفردية اللافتة للأنظار (وبسبب التعاطف الكبير الذي اكتسبه اللاعب بعد عودته من معسكرات الاعتقال لمواصلة مسيرته الكروية)، لكنه تسبب في إحباط كبير لنيكولاي موروزوف، الذي يعد واحداً من المديرين الفنيين العظماء والمبتكرين في تاريخ نادي توربيدو موسكو، والذي أشرك سترلتسوف في أول مباراة رسمية له وهو في السادسة عشرة من عمره في عام 1954، قبل أن يعود موروزوف إلى النادي مرة أخرى في عام 1967. وكان من الملاحظ أن موروزوف، عندما كان يتولى قيادة منتخب الاتحاد السوفياتي، لم يقم بأي محاولة للسماح لسترلتسوف بالمشاركة في نهائيات كأس العالم 1966.
وتخبرنا هذه القصة بشكل غير مباشر بأنه منذ أن أصبحت كرة القدم تعتمد على الانضباط التكتيكي والخططي في الستينات من القرن الماضي، فإن اللاعبين الذين لديهم موهبة فردية استثنائية ويمتلكون قدرات فنية وبدنية كبيرة يمكن أن يضروا بالفريق الذي يلعب بطريقة منظمة.
لم يفز كريستيانو رونالدو بأي لقب للدوري حتى عام 2002! ورغم أن المهاجم الهولندي الخطير رود فان نيستلروي لديه معدل تهديفي مذهل يصل إلى هدفين تقريباً كل ثلاث مباريات على مدار خمسة مواسم لعبها بقميص مانشستر يونايتد، فإنه لم يفز ببطولة الدوري إلا مرة واحدة فقط خلال تلك الفترة. وبعد ذلك، كان رونالدو هو الهداف الأول في ثلاثة مواسم مع يوفنتوس، وفي موسم آخر مع مانشستر يونايتد، لكن طريقته جعلت الفريق يلعب بشكل عام أسوأ!
والآن، هناك شعور بأن معدل أهداف هالاند بدأ في الانخفاض، رغم أن مثل هذه الأمور تعد نسبية تماماً: فهل لو فشل أي مهاجم آخر في إحراز أهداف لمدة 333 دقيقة (المدة بين الهدف الذي سجله هالاند في مرمى إيفرتون والهدف الذي سجله في توتنهام) كان سيُقال إنه يعاني من عقم تهديفي؟ في الحقيقة، يسير هالاند بقوة لكسر الرقم القياسي لأكبر عدد من الأهداف لأي لاعب في موسم واحد في تاريخ الدوري الإنجليزي الممتاز.
مع ذلك، سجل مانشستر سيتي ككل 50 هدفاً واستقبل 20 هدفاً ونحن لا نزال في منتصف الموسم، بينما سجل 99 هدفاً واستقبل 26 هدفاً في الموسم الماضي بأكمله. وبالتالي، فإن وجود هالاند، ذلك الهداف العظيم، لم يغير كثيراً من إجمالي عدد الأهداف التي يسجلها مانشستر سيتي في كل مباراة، لكنه في الوقت نفسه يبدو وكأنه قد أثر سلبياً على عدد الأهداف التي يستقبلها الفريق.
ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد، إذ تشير الإحصائيات إلى أن هالاند لم يلمس الكرة سوى 20 مرة فقط أمام مانشستر يونايتد الأسبوع الماضي. بينما عندما فاز سيتي على يونايتد على ملعب «أولد ترافورد» الموسم الماضي كان معدل لمس اللاعبين للكرة لا يقل عن 71 مرة. دائماً ما يعتمد المدير الفني الإسباني جوسيب غوارديولا على الاستحواذ على الكرة، لكن هالاند يطالب بتمرير الكرات إليه بشكل مباشر وبطريقة تتعارض تماماً مع رغبة المدرب في بناء الهجمة ببطء من أجل تجنب شن الفريق المنافس لهجمات مرتدة سريعة وخطيرة في حال قطعه للكرة. كما أن عدم مشاركة هالاند في بناء الهجمات بهذا الشكل تعني في حقيقة الأمر أن الفريق يلعب بنقص عددي أثناء استحواذه على الكرة.
كانت هناك لحظة خلال الشوط الثاني من مباراة ديربي مانشستر عندما توقف اللعب وصرخ غوارديولا وهو يكاد يدخل إلى أرض الملعب في وجه هالاند ويطالبه على ما يبدو بالعودة للخلف من أجل المشاركة في اللعب بشكل أكبر، حتى لا يظل معزولاً في الأمام. لقد بدا المهاجم النرويجي منزعجاً من هذه المطالب، لكنه ظهر في عدة حالات بعد ذلك وهو يتراجع للخلف - على طريقة هاري كين - ويمرر كرات إلى زملائه الذين ينطلقون إلى الأمام في المساحات الخالية. هذا لا يعني أن هالاند لن ينجح مع مانشستر سيتي، كما أن التعارض بين رؤيتين مختلفتين قد يؤدي إلى الوصول إلى حلول بها قدر كبير من الإبداع. وعلاوة على ذلك، فإن فعالية هالاند أمام المرمى قد تمنح سيتي الأفضلية في المواجهات الأوروبية الكبيرة التي عادة ما كان يخسرها في السابق. لكن بصفة عامة، هناك ميل إلى المبالغة في التأكيد على دور اللاعب الهداف. لكن لا يمكن أن نُسلم بأن اللاعب الهداف الذي يمتلك فنيات وقدرات كبيرة سيجعل فريقه بالضرورة أفضل!


مقالات ذات صلة

بوستيكوغلو: غوارديولا في طريقه لأن يصبح أحد عظماء التدريب

رياضة عالمية بوستيكوغلو مدرب توتنهام (رويترز)

بوستيكوغلو: غوارديولا في طريقه لأن يصبح أحد عظماء التدريب

قال أنجي بوستيكوغلو مدرب توتنهام هوتسبير إن بيب غوارديولا رفع سقف المنافسة مع مدربي الدوري الإنجليزي الممتاز.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية غوارديولا (أ.ف.ب)

غوارديولا بعد تجديد عقده: لم يحن وقت الرحيل

قال المدرب الإسباني بيب غوارديولا الخميس عقب تمديد عقده مع مانشستر سيتي بطل إنجلترا لعامين اضافيين حتى العام 2027 إنّه «لم يستطع الرحيل الآن».

«الشرق الأوسط» (مانشستر)
رياضة عالمية غوارديولا مدد عقده لعامين مقبلين (أ.ف.ب)

ماذا يعني بقاء بيب غوارديولا لمانشستر سيتي؟

في وقت تسود فيه حالة كبيرة من عدم اليقين حول مانشستر سيتي والدوري الإنجليزي الممتاز، فإن العقد الجديد لبيب غوارديولا يمثل دفعة كبيرة للنادي.

The Athletic (مانشستر)
رياضة عالمية غوارديولا مدد تعاقده مع سيتي معلنا التحدي بإعادة الفريق للقمة سريعا (رويترز)

غوارديولا أكد قدرته على التحدي بقرار تمديد عقده مع مانشستر سيتي

يُظهر توقيع جوسيب غوارديولا على عقد جديد لمدة عام واحد مع مانشستر سيتي أن المدير الفني الإسباني لديه رغبة كبيرة في التغلب على التحديات الكثيرة التي تواجه فريقه

جيمي جاكسون (لندن)
رياضة عالمية رودريغو بينتانكور خلال مشاركته مع منتخب الأوروغواي في مواجهة البرازيل الأخيرة بالتصفيات (د.ب.أ)

بوستيكوغلو: سندعم بينتانكور بالطرق الصحيحة للمضي قُدماً

وصف أنجي بوستيكوغلو، مدرب فريق توتنهام هوتسبير، لاعب خط وسط الفريق، رودريغو بينتانكور بأنه «شخص استثنائي»، بعد معاقبة الأوروغواياني؛ لاستخدامه لغة عنصرية.

«الشرق الأوسط» (لندن)

«خليجي 26»... السعودية والعراق وجهاً لوجه في المجموعة الثانية

الكويت ستحتضن كأس الخليج بنهاية العام الحالي (الشرق الأوسط)
الكويت ستحتضن كأس الخليج بنهاية العام الحالي (الشرق الأوسط)
TT

«خليجي 26»... السعودية والعراق وجهاً لوجه في المجموعة الثانية

الكويت ستحتضن كأس الخليج بنهاية العام الحالي (الشرق الأوسط)
الكويت ستحتضن كأس الخليج بنهاية العام الحالي (الشرق الأوسط)

أسفرت قرعة بطولة كأس الخليج (خليجي 26) لكرة القدم التي أجريت السبت، وتستضيفها الكويت خلال الفترة من 21 ديسمبر (كانون الأول) 2024، وحتى 3 يناير (كانون الثاني) 2025، عن مجموعتين متوازنتين.

فقد ضمت الأولى منتخبات الكويت، وقطر، والإمارات وعمان، والثانية العراق والسعودية والبحرين واليمن.

ويتأهل بطل ووصيف كل مجموعة إلى الدور نصف النهائي.

وسُحبت مراسم القرعة في فندق «والدورف أستوريا» بحضور ممثلي المنتخبات المشارِكة في البطولة المقبلة.

وشهد الحفل الذي أقيم في العاصمة الكويت الكشف عن تعويذة البطولة «هيدو»، وهي عبارة عن جمل يرتدي قميص منتخب الكويت الأزرق، بحضور رئيس اتحاد كأس الخليج العربي للعبة القطري الشيخ حمد بن خليفة، إلى جانب مسؤولي الاتحاد وممثلين عن الاتحادات والمنتخبات المشاركة ونجوم حاليين وسابقين.

السعودية والعراق وقعا في المجموعة الثانية (الشرق الأوسط)

وجرى وضع الكويت على رأس المجموعة الأولى بصفتها المضيفة، والعراق على رأس الثانية بصفته حاملاً للقب النسخة السابقة التي أقيمت في البصرة، بينما تم توزيع المنتخبات الستة المتبقية على 3 مستويات، بحسب التصنيف الأخير الصادر عن الاتحاد الدولي (فيفا) في 24 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وتقام المباريات على استادي «جابر الأحمد الدولي» و«جابر مبارك الصباح»، على أن يبقى استاد علي صباح السالم بديلاً، ويترافق ذلك مع تخصيص 8 ملاعب للتدريبات.

وستكون البطولة المقبلة النسخة الرابعة التي تقام تحت مظلة اتحاد كأس الخليج العربي بعد الأولى (23) التي استضافتها الكويت أيضاً عام 2017. وشهدت النسخ الأخيرة من «العرس الخليجي» غياب منتخبات الصف الأول ومشاركة منتخبات رديفة أو أولمبية، بيد أن النسخة المقبلة مرشحة لتكون جدية أكثر في ظل حاجة 7 من أصل المنتخبات الثمانية، إلى الاستعداد لاستكمال التصفيات الآسيوية المؤهلة إلى كأس العالم 2026 المقررة في الولايات المتحدة وكندا والمكسيك.

وباستثناء اليمن، فإن المنتخبات السبعة الأخرى تخوض غمار الدور الثالث الحاسم من التصفيات عينها، التي ستتوقف بعد الجولتين المقبلتين، على أن تعود في مارس (آذار) 2025.

ويحمل المنتخب الكويتي الرقم القياسي في عدد مرات التتويج باللقب الخليجي (10) آخرها في 2010.

الكويت المستضيفة والأكثر تتويجا باللقب جاءت في المجموعة الأولى (الشرق الأوسط)

ووجهت اللجنة المنظمة للبطولة الدعوة لعدد من المدربين الذين وضعوا بصمات لهم في مشوار البطولة مع منتخبات بلادهم، إذ حضر من السعودية ناصر الجوهر ومحمد الخراشي، والإماراتي مهدي علي، والعراقي الراحل عمو بابا، إذ حضر شقيقه بالنيابة.

ومن المقرر أن تقام مباريات البطولة على ملعبي استاد جابر الأحمد الدولي، الذي يتسع لنحو 60 ألف متفرج، وكذلك استاد الصليبيخات، وهو أحدث الملاعب في الكويت، ويتسع لـ15 ألف متفرج.

وتقرر أن يستضيف عدد من ملاعب الأندية مثل نادي القادسية والكويت تدريبات المنتخبات الـ8.