المبعوث الأوروبي للسلام: المزيد من المستوطنات يمنع التوصل لحل سلمي

قال لـ«الشرق الأوسط» إن بروكسل تبني على المبادرة العربية التي قدّمتها السعودية

سفين كوبمانس في الرياض (الشرق الأوسط)
سفين كوبمانس في الرياض (الشرق الأوسط)
TT

المبعوث الأوروبي للسلام: المزيد من المستوطنات يمنع التوصل لحل سلمي

سفين كوبمانس في الرياض (الشرق الأوسط)
سفين كوبمانس في الرياض (الشرق الأوسط)

يطرح مبعوث الاتحاد الأوروبي لعملية السلام في الشرق الأوسط، سفين كوبمانس، مفهوماً جديداً لإحياء عملية السلام في الشرق الأوسط، عبر ما يسميه «الهندسة العكسية للسلام»، وتخيل اليوم الذي يتحقق فيه السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، والمصالح الناجمة عنه لمختلف الأطراف في المنطقة والعالم.
وقال كوبمانس، في حوار مع «الشرق الأوسط»، إن عملية السلام في الشرق الأوسط تحتاج إلى الطاقة وأفكار جديدة وأشخاص شجعان، مبدياً دعم الاتحاد الأوروبي للمبادرة العربية التي تبنتها المملكة العربية السعودية قبل نحو 20 عاماً. وأشار المبعوث الأوروبي، الذي يزور الرياض، إلى أن بناء مزيد من المستوطنات الإسرائيلية يؤثر بشكل سلبي على التوصل لحل سلمي، عاداً ذلك «غير قانوني، ويتعارض مع القانون الدولي». وتحدث كوبمانس أيضاً عن الجهود الجارية لإحياء عملية السلام في خضم صراعات دولية كثيرة، على رأسها الحرب الروسية الأوكرانية.
وأوضح سفين كوبمانس أن زيارته للسعودية، التي تعد الثالثة منذ توليه المنصب في مايو (أيار) 2021، تركزت على مناقشة الأهداف المشتركة بشأن إعادة إحياء عملية السلام في الشرق الأوسط، مشيراً إلى أن «الجميع يحتاج للعمل على إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة التي تعيش بحرية وأمان جنباً إلى جنب مع دولة إسرائيلية آمنة، ويعيش الجميع في سلام، بما في ذلك لبنان وسوريا والسعودية من بين أطراف أخرى، ما يعني أننا نحتاج إلى أن نعمل على السلام في المنطقة».
وأضاف: «كما تعلمون، السعودية كانت أصل المبادرة العربية للسلام قبل أكثر من 20 عاماً، وممثلاً للاتحاد الأوروبي يسعدني القول إننا دعمنا هذه المبادرة منذ إطلاقها، والآن ندعمها، ونود أن نراها تنجح، إنني أعمل عن قرب مع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي، ومع السيد جوزيب بوريل الممثل السامي للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية في بروكسل، نريد أن نرى كيف يمكننا أن نساهم في عملية السلام في المنطقة، ونبني على مبادرة السلام العربية».
ولفت سفين، الذي عمل سابقاً مفاوض سلام في مالي والسودان وسوريا وفنزويلا، إلى أن زياراته للمنطقة تهدف إلى استلهام الأفكار لتحقيق الاستقرار، وقال: «أنا هنا اليوم، وسوف أذهب لأبوظبي وعمّان والقاهرة، وكنت في الجزائر والكويت والدوحة، وأود مواصلة الزيارات لكل هذه العواصم، أعتقد أن عملية السلام في الشرق الأوسط تحتاج إلى الطاقة وأفكار جديدة وأشخاص شجعان (...) احتلال الأراضي الفلسطينية طال أمده، وهناك كثير من الضحايا واللاجئين، هناك أشخاص ولدوا لاجئين، لا يمكننا أن ننساهم».
وتابع: «كما أن هناك كثيراً من الأشخاص قتلوا في أعمال عنف وأعمال إرهاب، سواء من الإسرائيليين أو الفلسطينيين، بما في ذلك من أوروبا، لذلك لدينا التزام للتأكد من أن الفلسطينيين والإسرائيليين والعرب بشكل عام والأشخاص حول العالم يعيشون في أمان وحرية، وكل هذا بفضل التوصل لحل لعملية السلام في الشرق الأوسط».
- هندسة عكسية للسلام
يرى المبعوث الأوروبي للسلام في الشرق الأوسط أن هنالك كثيراً من الأشخاص الذين يعتقدون بعدم إمكانية الوصول إلى حل، لكنه يؤكد أن مهمته تتمثل في تخيل حدوث هذا السلام، والعمل على إيجاده.
هذا، وحصل كوبمانس على درجة الدكتوراه عام 2007 من جامعة أكسفورد حول الوساطة في حل النزاعات بين الدول، ونشر كتاب «التفاوض على السلام» عام 2018 عن دليل الممارسة والسياسة وقانون الوساطة الدولية.
وشرح سفين مفهومه بقوله: «وظيفتي أن أقوم بهندسة عكسية لهذا السلام، دعنا نتخيل كيف سيبدو اليوم الذي سيحل فيه السلام، يمكن لهذا اليوم أن يأتي مبكراً أو متأخراً، لكن إذا ما تخيلنا هذا اليوم، هناك كثير من الأشياء التي يمكننا تحديدها، وسوف تكون جزءاً منه».
وأضاف: «سوف يكون هناك اتفاق سلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين حول القدس واللاجئين وكثير من الأمور، لكن أيضاً سوف تكون هناك مبادرة السلام العربية، وسوف تعترف الدول العربية بإسرائيل وتعيش في سلام، وهناك المزيد لا شك، لكن في هذا اليوم سوف تعترف إسرائيل بفلسطين، إلى جانب جميع الدول الأخرى حول العالم التي لم تعترف بها».
ويواصل كوبمانس تفسير فكرته لهندسة السلام العكسية، بقوله: «أعتقد أنه في هذا اليوم سيكون هناك تعاون في المنطقة في الاقتصاد والأمن والمياه والطاقة وكثير من الأشياء، وإذا ما تخيلنا ذلك اليوم (...) فسيكون هناك مزيد من فرص العمل والتجارة، وحرية للشعب الفلسطيني وأمان وسلام، هذا أمر متفق عليه، لذلك ما يمكننا القيام هو أن نتخيل مثل هذه الأشياء، ونقول ما الذي يتعين علينا فعله للوصول إلى هذه النقطة».
- لا فرصة أخيرة للسلام
يشير سفين كوبمانس إلى أن هناك كثيراً من المحاولات من أجل حلّ النزاع الفلسطيني الإسرائيلي، «وعادة يقول الناس؛ هذه آخر فرصة للسلام»، لكن المبعوث الأممي يرفض قول مثل ذلك، ويضيف: «إذا كان هؤلاء على حق فلا توجد أي فرصة للسلام الآن، دعني أقول إنها ليست آخر فرصة للسلام، هذا الصراع لا يمكنه أن يستمر، هناك كثير من الأشخاص يعيشون في خوف ويعانون من تواصل الصراع والفرص الضائعة للتعاون الإقليمي والعمل سوياً، ولا يمكننا قول لننتظر، أو تأخر الوقت، علينا العمل الآن بكل طاقتنا والأفكار الموجودة، ربما علينا بذل موارد أكبر، أو أن نكون أقوياء ضد هذا الشخص أو هذا الطرف أو الدفع نحو المزيد. نحن الأوروبيين أو الأميركيين أو العرب علينا مساعدة ضحايا هذا الصراع بالتعامل بالوسائل المتاحة، وهذا ما أحاول القيام به، بألا أطلب المستحيل، لكن أنظر للممكن».
ويؤكد سفين أن الاتحاد الأوروبي يمتلك نوعاً مختلفاً من التأثير على الأطراف في عملية السلام، قائلاً إن «الاتحاد الأوروبي ليس فقط الداعم الأكبر للفلسطينيين، ولكن أكبر شريك تجاري لإسرائيل، ولدينا كثير من البرامج مع الحكومة الإسرائيلية، وهذا يعطينا منصة يمكننا فيها التواصل والتعاون، (...) وسياستنا خلال السنوات الأربعين الماضية كانت مستقرة. نحن الآن في مرحلة نود أن يكون لدينا جزء أكبر من المسؤولية في التعامل مع الصراع، إلى جانب الولايات المتحدة والدول العربية، نود البناء على علاقاتنا الجيدة مع الأطراف لإحراز تقدم في السلام».
إلى ذلك، أوضح سفين كوبمانس أن الاتحاد الأوروبي يعارض بناء المستوطنات «بشكل قاطع»، معتبراً أن كل المستوطنات غير قانونية وضد القانون الدولي، وأن بناء مزيد من المستوطنات يؤثر بشكل سلبي على الوصول إلى حل سلمي، وقال: «نحن ندعو إلى المساءلة عن أعمال العنف ضد الأشخاص، يجب أن تكون هناك سيادة للقانون في كل مكان، وهذا ينطبق على الجميع. موقف الاتحاد الأوروبي واضح. لدينا قواعد وقوانين ضد الملصقات على المنتجات المصنوعة في فلسطين، المكتوب عليها (صنع في إسرائيل)، هذا غير مسموح».


مقالات ذات صلة

مجلس الأمن يؤكد احترام سيادة الصومال ووحدته

العالم السفير البريطاني لدى مجلس الأمن جيمس كاريوكي خلال الجلسة (إ.ب.أ)

مجلس الأمن يؤكد احترام سيادة الصومال ووحدته

السفير البريطاني جدد أمام مجلس الأمن تأكيد بلاده على دعم سيادة الصومال وسلامة أراضيه واستقلاله السياسي ووحدته.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
العالم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش (أ.ف.ب - أرشيفية)

بمناسبة رأس السنة... غوتيريش يدعو قادة العالم لجعل الإنسان أولوية

دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، الاثنين، قادة العالم إلى إعطاء الأولوية للإنسان والكوكب، في رسالة بمناسبة رأس السنة الجديدة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
آسيا المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بحالة حقوق الإنسان في أفغانستان ريتشارد بينيت (أ.ب)

مقرر أممي يطلب فتح تحقيق في «اغتيال» مسؤولين أفغان سابقين بإيران

طالب المقرر الخاص للأمم المتحدة لحقوق الإنسان بأفغانستان ريتشارد بينيت بفتح تحقيق مستقل بشأن اغتيالات طالت مؤخراً في إيران عناصر سابقين في قوات الأمن الأفغانية.

«الشرق الأوسط» (باريس)
شمال افريقيا مهاجرون غير نظاميين من غانا قبيل ترحيلهم من طرابلس (وزارة الداخلية بغرب ليبيا)

اتهامات بـ«انتهاكات جسيمة» ضد مهاجرين تلاحق ميليشيا ليبية

تلاحق ميليشيا مسلحة في غرب ليبيا اتهامات حقوقية متزايدة بارتكاب «انتهاكات جسيمة» ضد مهاجرين غير شرعيين من جنسيات متعددة تشمل المصرية والسورية والعراقية.

علاء حموده (القاهرة)
شمال افريقيا فتاة سودانية نازحة في مخيم بمدينة القضارف شرق البلاد (أ.ف.ب) play-circle

أول بعثة أممية إلى الفاشر في السودان تتحدث عن مدنيين في حالة «صدمة» وظروف عيش «مُهينة»

حذّرت منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية بالسودان دينيس براون، الاثنين، عقب عودتها من الفاشر بغرب البلاد، عن حالة «صدمة» يعيشها السكان في «ظروف مُهينة».

«الشرق الأوسط» (بورت سودان (السودان))

مسؤولان يمنيان لـ«الشرق الأوسط»: قرارات العليمي لحماية سيادة الدولة

اجتماع لمجلس الدفاع الوطني اليمني برئاسة العليمي (سبأ)
اجتماع لمجلس الدفاع الوطني اليمني برئاسة العليمي (سبأ)
TT

مسؤولان يمنيان لـ«الشرق الأوسط»: قرارات العليمي لحماية سيادة الدولة

اجتماع لمجلس الدفاع الوطني اليمني برئاسة العليمي (سبأ)
اجتماع لمجلس الدفاع الوطني اليمني برئاسة العليمي (سبأ)

أكَّد مسؤولانِ يمنيان أنَّ القرارات الأخيرة الصادرة عن رئيس مجلس القيادة الرئاسي، رشاد العليمي، تمثل تحولاً سياسياً مفصلياً يهدف إلى حماية المركز القانوني للدولة ومنع تفكّكها، في لحظة إقليمية وأمنية بالغة الحساسية.

وقالَ بدر باسلمة، مستشار رئيس المجلس، إنَّ اليمن يشهد محاولة جادة لـ«هندسة عكسية» تعيد للدولة زمام المبادرة بدعم إقليمي، وفي مقدمته الموقف السعودي.

من جهته، شدّد متعب بازياد، نائب مدير مكتب رئيس الوزراء اليمني على أنَّ القرارات استندت إلى صلاحيات دستورية لمواجهة أخطار داهمة تهدّد وحدة البلاد، محذراً من تكرار نماذج استخدام السّلاح خارج إطار الدولة.

وأكّد بازياد أنَّ دعم السعودية يأتي في سياق حماية الاستقرار، وخفض التصعيد، وصون الأمن يمنياً وإقليمياً، بما يتَّسق مع مخرجات الحوار الوطني ومسار السلام.


استكمال رئاسة برلمان العراق

أعضاء في البرلمان العراقي الجديد في طريقهم إلى مكان انعقاد جلستهم الأولى في بغداد (أ.ف.ب)
أعضاء في البرلمان العراقي الجديد في طريقهم إلى مكان انعقاد جلستهم الأولى في بغداد (أ.ف.ب)
TT

استكمال رئاسة برلمان العراق

أعضاء في البرلمان العراقي الجديد في طريقهم إلى مكان انعقاد جلستهم الأولى في بغداد (أ.ف.ب)
أعضاء في البرلمان العراقي الجديد في طريقهم إلى مكان انعقاد جلستهم الأولى في بغداد (أ.ف.ب)

أنهى البرلمان العراقي سريعاً أزمة سياسية، أمس، بعد استكمال انتخاب رئيسه ونائبيه، وذلك بالتصويت للنائب عن الحزب الديمقراطي الكردستاني فرهاد الأتروشي، نائباً ثانياً لرئيس البرلمان، بعد جولة ثالثة من التصويت.

جاء الحسم عقب استبدال الحزب الديمقراطي مرشحَه السابق شاخوان عبد الله، الذي أخفق خلال جولتين متتاليتين في نيل الأغلبية المطلقة.

واكتمل عقد رئاسة المجلس، بعد انتخاب هيبت الحلبوسي رئيساً للبرلمان بـ208 أصوات، وفوز عدنان فيحان بمنصب النائب الأول بـ177 صوتاً.

وعقب إعلان النتائج، تسلَّمتِ الرئاسة الجديدة مهامَّها رسمياً، وأعلن الحلبوسي فتح باب الترشح لمنصب رئيس الجمهورية، إيذاناً ببدء الاستحقاقات الدستورية التالية التي تنتهي بمنح الثقة لرئيس الحكومة الذي من المقرر أن يختاره تحالف الإطار التنسيقي الشيعي، الذي أعلن نفسه، رسمياً، الكتلة الكبرى في البرلمان.


الجيش الإسرائيلي يعلن قتل رجل حاول دهس جنود في الضفة الغربية المحتلة

جنود إسرائيليون في الضفة الغربية (رويترز)
جنود إسرائيليون في الضفة الغربية (رويترز)
TT

الجيش الإسرائيلي يعلن قتل رجل حاول دهس جنود في الضفة الغربية المحتلة

جنود إسرائيليون في الضفة الغربية (رويترز)
جنود إسرائيليون في الضفة الغربية (رويترز)

أعلن الجيش الإسرائيلي، الثلاثاء، أنه قتل رجلاً حاول دهس مجموعة من الجنود بسيارته في شمال الضفة الغربية المحتلة.

ووفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية، قال الجيش، في بيان: «ورد بلاغ عن إرهابي حاول دهس جنود من الجيش الإسرائيلي كانوا ينفّذون نشاطاً في منطقة عينابوس»، مضيفاً أنه «ردّاً على ذلك، أطلق الجنود النار على الإرهابي وتم تحييده».

ولم يقدّم البيان تفاصيل إضافية عن الحادث الذي وقع بعد أيام من إقدام مهاجم فلسطيني على قتل رجل وامرأة إسرائيليين دهساً وطعناً، قبل أن يُقتل، في الضفة الغربية المحتلة.

وعقب ذلك الحادث، الذي وقع الجمعة، نفّذ الجيش عملية استمرت يومين في بلدة قباطية، التي ينحدر منها المنفّذ، واعتقل عدداً من سكانها، بينهم والده وإخوته.

وارتفعت وتيرة العنف في الضفة الغربية المحتلة بعد اندلاع الحرب في قطاع غزة إثر الهجوم الذي شنّته «حماس» على جنوب الدولة العبرية في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

ومذاك، قُتل ما لا يقل عن 1028 فلسطينياً، بينهم مسلحون، على أيدي جنود أو مستوطنين إسرائيليين في الضفة الغربية، وفق أرقام وزارة الصحة الفلسطينية.

ومنذ بداية الحرب في غزة، قُتل ما لا يقل عن 44 شخصاً، بينهم أجنبيان، في هجمات نفّذها فلسطينيون أو خلال عمليات عسكرية إسرائيلية، وفق إحصاء لوكالة الصحافة الفرنسية استناداً إلى أرقام رسمية.