بلينكن يؤكد انخفاض التوتر مع الصين رغم القلق على تايوان

بلينكن خلال مؤتمر صحافي في وزارة الخارجية بواشنطن في 11 يناير الحالي (رويترز)
بلينكن خلال مؤتمر صحافي في وزارة الخارجية بواشنطن في 11 يناير الحالي (رويترز)
TT

بلينكن يؤكد انخفاض التوتر مع الصين رغم القلق على تايوان

بلينكن خلال مؤتمر صحافي في وزارة الخارجية بواشنطن في 11 يناير الحالي (رويترز)
بلينكن خلال مؤتمر صحافي في وزارة الخارجية بواشنطن في 11 يناير الحالي (رويترز)

عشية زيارته المرتقبة إلى الصين، أعلن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، الجمعة، أن هناك انخفاضاً في التوتر مع بكين، لكنه عبّر مجدداً عن قلقه حيال تايوان.
جاء ذلك خلال مشاركة بندوة في جامعة شيكاغو، سئل فيها عما إذا كان التوتر قد انخفض بين البلدين، فأجاب: «أعتقد ذلك؛ لأنك عندما تتحدث وتنخرط يميل ذلك إلى أن يكون له هذا التأثير»، وأضاف: «باقي العالم يتوقع منا أن ندير هذه العلاقة بمسؤولية»؛ لأن الدول الأخرى «تعلم أن ذلك سيؤثر عليها أيضاً».
في المقابل، وجه الرئيس الصيني شي جينبينغ، تحذيراً مبطناً للولايات المتحدة في رسالته بمناسبة العام الصيني الجديد، مؤكداً أن الصين ستنخرط في «صراعات جادة» ضد الانفصاليين والتدخل في علاقات بلاده مع تايوان.
وقال شي في حفل استقبال، بمناسبة رأس السنة القمرية الجديدة، في قاعة الشعب الكبرى، وحضره كبار قادة الحزب في المكتب السياسي، إن حزبه والجيش ارتقيا في العام الماضي إلى مستوى التحدي المتمثل في «الرياح العاتية»، و«المياه المتقلبة في الوضع الدولي»، مكرراً التعابير نفسها التي استخدمها في خطابه أمام المؤتمر العشرين للحزب.
ويتوجه بلينكن إلى بكين يومي 5 و6 فبراير (شباط)، في أول زيارة بهذا المستوى إلى الصين منذ زيارة سلفه الجمهوري مايك بومبيو، عام 2018. وقد اتفق الرئيسان الأميركي جو بايدن، والصيني شي جينبينغ، على هذه الزيارة على هامش قمة مجموعة العشرين التي عقدت في إندونيسيا في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. وعبّر بلينكن عن قلقه بشأن تايوان، مشيراً إلى محاولات بكين عزل الجزيرة التي تعتبرها جزءاً من أراضيها، لافتاً إلى سلسلة من المناورات العسكرية التي أجرتها الصين أخيراً. وقال: «ما رأيناه خلال السنوات القليلة الماضية هو، على ما أعتقد، أن الصين قررت أنها لم تعد تشعر بالارتياح للوضع الراهن» في الجزيرة، وأضاف بلينكن: «هذا ما نقوله للصينيين: أنتم تقولون إنها مسألة تتعلق بسيادتكم، ونحن نجيبكم بأن هذا يتعلق مباشرة بالولايات المتحدة وببقية العالم»، مشيراً إلى الدور المهم لتايوان بالنسبة إلى الاقتصاد العالمي، نظراً لكونها أحد أكبر المنتجين لأشباه الموصلات، التي تدخل في صميم العديد من المنتجات المدنية والعسكرية.
وفي إشارة إلى علاقة الولايات المتحدة بتايوان، تعهد الزعيم الصيني «بتنفيذ النضالات الرئيسية بحزم ضد الانفصالية والتدخل» و«الإمساك بحزم بالمبادرة في العلاقات عبر المضيق». كما تعهد بـ«تكوين صداقات أكثر» على الساحة الدولية، والمشاركة بنشاط في «دبلوماسية الدول الكبرى ذات الخصائص الصينية»؛ لضمان الاستقرار في «بيئة دولية مضطربة». وفيما يتعلق بالدفاع الوطني، قال شي إن الصين اتخذت «خطوات صلبة» لتحديث الدفاع والقوات المسلحة في العام الماضي. كما طلب شي، بصفته رئيس اللجنة العسكرية المركزية للحزب، من الجيش المسؤول عن الدفاع عن الحدود، زيادة يقظته خلال العام الجديد والاستعداد للقتال. وبينما خففت الصين من خطابها العدواني منذ المؤتمر العشرين للحزب في أكتوبر (تشرين الأول)، يرى محللون أن التحول في اللهجة ينبغي ألا يُنظر إليه على أنه تغير أساسي في موقفها.
من جهة أخرى، قالت خيم هسياو، كبيرة مبعوثي جزيرة تايوان إلى الولايات المتحدة، إن بلادها تعلمت دروساً مهمة من حرب أوكرانيا، قد تساعدها في حال حدوث أي عدوان من الصين. وقالت في مقابلة، الجمعة، مع وكالة «أسوشيتد برس»، إن من بين الدروس، بذل المزيد من الجهد لإعداد جنود الاحتياط العسكريين، وكذلك المدنيون، لهذا النوع من القتال. وأوضحت أن «كل ما نقوم به الآن هو منع تكرار ألم الأوكرانيين ومعاناتهم للتايوانيين». وفي أسوأ السيناريوهات، قالت هسياو علينا أن نكون «مستعدين بشكل أفضل». وتحدثت عن مجموعة من القضايا العسكرية والدبلوماسية والعلاقات التجارية بين تايوان والولايات المتحدة التي شكلتها المنافسات المتزايدة مع الصين.


مقالات ذات صلة

بايدن يستضيف رئيس الفلبين لمواجهة تصاعد التوترات مع الصين

الولايات المتحدة​ بايدن يستضيف رئيس الفلبين لمواجهة تصاعد التوترات مع الصين

بايدن يستضيف رئيس الفلبين لمواجهة تصاعد التوترات مع الصين

في تحول كبير نحو تعزيز العلاقات الأميركية - الفلبينية، يستضيف الرئيس الأميركي جو بايدن، الرئيس الفلبيني فرديناند ماركوس جونيور، في البيت الأبيض مساء الاثنين، في بداية أسبوع من اللقاءات رفيعة المستوى، تمثل تحولاً في العلاقة بين البلدين التي ظلت في حالة من الجمود لفترة طويلة. زيارة ماركوس لواشنطن التي تمتد 4 أيام، هي الأولى لرئيس فلبيني منذ أكثر من 10 سنوات.

هبة القدسي (واشنطن)
العالم الحرب الباردة بين أميركا والصين... هل تتغيّر حرارتها؟

الحرب الباردة بين أميركا والصين... هل تتغيّر حرارتها؟

من التداعيات المباشرة والأساسية للحرب في أوكرانيا عودة أجواء الحرب الباردة وبروز العقلية «التناحرية» التي تسود حالياً العلاقة بين الولايات المتحدة والصين. ومع كل ما يجري في العالم، نلمح الكثير من الشرارات المحتملة التي قد تؤدي إلى صدام بين القوتين الكبريين اللتين تتسابقان على احتلال المركز الأول وقيادة سفينة الكوكب في العقود المقبلة... كان لافتاً جداً ما قالته قبل أيام وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين وشكّل انعطافة كبيرة في مقاربة علاقات واشنطن مع بكين، من حيّز المصالح الاقتصادية الأميركية إلى حيّز الأمن القومي.

أنطوان الحاج
الاقتصاد الشركات الأميركية في الصين  تخشى مزيداً من تدهور علاقات البلدين

الشركات الأميركية في الصين تخشى مزيداً من تدهور علاقات البلدين

تخشى الشركات الأميركية في الصين بشكل متزايد من مزيد من التدهور في العلاقات بين البلدين، وفقاً لدراسة استقصائية أجرتها غرفة التجارة الأميركية في الصين. وأعرب 87 في المائة من المشاركين في الدراسة عن تشاؤمهم بشأن توقعات العلاقة بين أكبر الاقتصادات في العالم، مقارنة بنسبة 73 في المائة في استطلاع ثقة الأعمال الأخير. ويفكر ما يقرب من ربع هؤلاء الأشخاص، أو بدأوا بالفعل، في نقل سلاسل التوريد الخاصة بهم إلى دول أخرى.

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد دعوات أميركية للحد من اعتماد الدول الغنية على السلع الصينية

دعوات أميركية للحد من اعتماد الدول الغنية على السلع الصينية

من المتوقع أن يبحث قادة مجموعة الدول السبع الصناعية الكبرى في قمتهم المقررة باليابان الشهر المقبل، الاتفاق على تحديد رد على التنمر الاقتصادي من جانب الصين.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد الصين تنتقد «الإكراه الاقتصادي» الأميركي

الصين تنتقد «الإكراه الاقتصادي» الأميركي

انتقدت بكين الجمعة، عزم واشنطن فرض قيود جديدة على استثمارات الشركات الأميركية في نظيرتها الصينية، معتبرة أن خطوة كهذه هي أقرب ما يكون إلى «إكراه اقتصادي فاضح وتنمّر تكنولوجي». وتدرس إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، برنامجاً لتقييد استثمارات خارجية أميركية، بما يشمل بعض التقنيات الحسّاسة التي قد تكون لها آثار على الأمن القومي. وتعاني طموحات الصين التكنولوجية أساساً من قيود تفرضها الولايات المتحدة ودول حليفة لها، ما دفع السلطات الصينية إلى إيلاء أهمية للجهود الرامية للاستغناء عن الاستيراد في قطاعات محورية مثل أشباه الموصلات. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية وانغ ونبين، إن «الولايات المتحد

«الشرق الأوسط» (بكين)

كيف كسرت الحرب في أوكرانيا المحرّمات النووية؟

نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)
نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)
TT

كيف كسرت الحرب في أوكرانيا المحرّمات النووية؟

نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)
نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)

نجح الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في خلق بيئة مواتية لانتشار أسلحة نووية جديدة في أوروبا وحول العالم، عبر جعل التهديد النووي أمراً عادياً، وإعلانه اعتزام تحويل القنبلة النووية إلى سلاح قابل للاستخدام، وفق تحليل لصحيفة «لوفيغارو» الفرنسية.

في عام 2009، حصل الرئيس الأميركي، باراك أوباما، على «جائزة نوبل للسلام»، ويرجع ذلك جزئياً إلى دعوته إلى ظهور «عالم خالٍ من الأسلحة النووية». وفي ذلك الوقت، بدت آمال الرئيس الأميركي الأسبق وهمية، في حين كانت قوى أخرى تستثمر في السباق نحو الذرة.

وهذا من دون شك أحد أخطر آثار الحرب في أوكرانيا على النظام الاستراتيجي الدولي. فعبر التهديد والتلويح المنتظم بالسلاح الذري، ساهم فلاديمير بوتين، إلى حد كبير، في اختفاء المحرمات النووية. وعبر استغلال الخوف من التصعيد النووي، تمكن الكرملين من الحد من الدعم العسكري الذي تقدمه الدول الغربية لأوكرانيا منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير (شباط) 2022، ومن مَنْع مشاركة الدول الغربية بشكل مباشر في الصراع، وتخويف جزء من سكان هذه الدول، الذين تغلّب عليهم «الإرهاق والإغراءات بالتخلي (عن أوكرانيا) باسم الأمن الزائف».

بدأ استخفاف الكرملين بالأسلحة النووية في عام 2014، عندما استخدم التهديد بالنيران الذرية للدفاع عن ضم شبه جزيرة القرم من طرف واحد إلى روسيا. ومنذ ذلك الحين، لُوّح باستخدام السلاح النووي في كل مرة شعرت فيها روسيا بصعوبة في الميدان، أو أرادت دفع الغرب إلى التراجع؛ ففي 27 فبراير 2022 على سبيل المثال، وُضع الجهاز النووي الروسي في حالة تأهب. وفي أبريل (نيسان) من العام نفسه، استخدمت روسيا التهديد النووي لمحاولة منع السويد وفنلندا من الانضمام إلى «حلف شمال الأطلسي (ناتو)». في مارس (آذار) 2023، نشرت روسيا صواريخ نووية تكتيكية في بيلاروسيا. في فبراير 2024، لجأت روسيا إلى التهديد النووي لجعل النشر المحتمل لقوات الـ«ناتو» في أوكرانيا مستحيلاً. وفي الآونة الأخيرة، وفي سياق المفاوضات المحتملة مع عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، جلبت روسيا مرة أخرى الخطاب النووي إلى الحرب، من خلال إطلاق صاروخ باليستي متوسط ​​المدى على أوكرانيا. كما أنها وسعت البنود التي يمكن أن تبرر استخدام الأسلحة الذرية، عبر مراجعة روسيا عقيدتها النووية.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع مع قيادة وزارة الدفاع وممثلي صناعة الدفاع في موسكو يوم 22 نوفمبر 2024 (إ.ب.أ)

التصعيد اللفظي

تأتي التهديدات النووية التي أطلقتها السلطات الروسية في الأساس ضمن الابتزاز السياسي، وفق «لوفيغارو». ولن تكون لدى فلاديمير بوتين مصلحة في اتخاذ إجراء عبر تنفيذ هجوم نووي تكتيكي، وهو ما يعني نهاية نظامه. فالتصعيد اللفظي من جانب القادة الروس ورجال الدعاية لم تصاحبه قط تحركات مشبوهة للأسلحة النووية على الأرض. ولم يتغير الوضع النووي الروسي، الذي تراقبه الأجهزة الغربية من كثب. وتستمر الصين أيضاً في لعب دور معتدل، حيث تحذّر موسكو بانتظام من أن الطاقة النووية تشكل خطاً أحمر مطلقاً بالنسبة إليها.

إن التهوين من الخطاب الروسي غير المقيد بشكل متنامٍ بشأن استخدام الأسلحة النووية ومن التهديد المتكرر، قد أدى إلى انعكاسات دولية كبيرة؛ فقد غير هذا الخطاب بالفعل البيئة الاستراتيجية الدولية. ومن الممكن أن تحاول قوى أخرى غير روسيا تقليد تصرفات روسيا في أوكرانيا، من أجل تغيير وضع سياسي أو إقليمي راهن محمي نووياً، أو إنهاء صراع في ظل ظروف مواتية لدولة تمتلك السلاح النووي وتهدد باستخدامه، أو إذا أرادت دولة نووية فرض معادلات جديدة.

يقول ضابط فرنسي: «لولا الأسلحة النووية، لكان (حلف شمال الأطلسي) قد طرد روسيا بالفعل من أوكرانيا. لقد فهم الجميع ذلك في جميع أنحاء العالم».

من الجانب الروسي، يعتبر الكرملين أن الحرب في أوكرانيا جاء نتيجة عدم الاكتراث لمخاوف الأمن القومي الروسي إذ لم يتم إعطاء روسيا ضمانات بحياد أوكرانيا ولم يتعهّد الغرب بعدم ضم كييف إلى حلف الناتو.

وترى روسيا كذلك أن حلف الناتو يتعمّد استفزاز روسيا في محيطها المباشر، أكان في أوكرانيا أو في بولندا مثلا حيث افتتحت الولايات المتحدة مؤخرا قاعدة عسكرية جديدة لها هناك. وقد اعتبرت موسكو أن افتتاح القاعدة الأميركية في شمال بولندا سيزيد المستوى العام للخطر النووي.