ترحيب إيراني بالتقارب التركي ـ السوري... ورفض أميركي

مصادر لـ«الشرق الأوسط»: لا تأثير لتصريحات الأسد على مسار التطبيع مع دمشق

مناطق المعارضة شمال سوريا تشهد منذ أسابيع تظاهرات منددة بالتقارب بين أنقرة ودمشق (د.ب.أ)
مناطق المعارضة شمال سوريا تشهد منذ أسابيع تظاهرات منددة بالتقارب بين أنقرة ودمشق (د.ب.أ)
TT

ترحيب إيراني بالتقارب التركي ـ السوري... ورفض أميركي

مناطق المعارضة شمال سوريا تشهد منذ أسابيع تظاهرات منددة بالتقارب بين أنقرة ودمشق (د.ب.أ)
مناطق المعارضة شمال سوريا تشهد منذ أسابيع تظاهرات منددة بالتقارب بين أنقرة ودمشق (د.ب.أ)

في ظل غياب أي تعليق رسمي في أنقرة على تصريحات الرئيس السوري بشار الأسد بشأن مسار تطبيع العلاقات مع تركيا، اعتبرت مصادر دبلوماسية أن ما جاء في كلامه لا يحمل جديداً يختلف عن الشروط السورية التي أعلنت من قبل، والتي جرى النقاش حولها في اجتماعات سابقة لأجهزة المخابرات ووزراء دفاع تركيا وروسيا وسوريا، بحضور رؤساء أجهزة المخابرات بالدول الثلاث في موسكو، في 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.
وكان الأسد، فيما يُعدّ أول تعليق رسمي على اللقاءات الخاصة بتطبيع العلاقات بين أنقرة ودمشق، قد اشترط، أول من أمس، إنهاء «الاحتلال» و«وقف دعم الإرهاب»؛ في إشارة إلى الوجود العسكري التركي في شمال سوريا ودعم أنقرة فصائل سورية مسلّحة منضوية تحت مظلة ما يُعرف بـ«الجيش الوطني السوري». ووفق بيان للرئاسة السورية صدر عقب لقاء الأسد المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى سوريا ألكسندر لافرنتييف في دمشق، الخميس، اعتبر الرئيس السوري أن هذه اللقاءات حتى تكون مثمرة فإنها يجب أن تُبنى على تنسيق وتخطيط مسبق بين سوريا وروسيا من أجل الوصول إلى الأهداف والنتائج التي تريدها سوريا من هذه اللقاءات؛ «انطلاقاً من الثوابت والمبادئ الوطنية للدولة والشعب المبنية على إنهاء الاحتلال ووقف دعم الإرهاب».
وقالت مصادر دبلوماسية، لـ«الشرق الأوسط»، إن الاجتماعات التي تجرى مع النظام السوري، برعاية روسيا، والتي دخلت مرحلتها الثانية بلقاء وزراء الدفاع، تناقش مختلف القضايا الأمنية والسياسية، وإن تركيا لا تهدف إلى «احتلال» أية منطقة في سوريا، وهي أكدت مراراً احترامها لسيادة سوريا ووحدة أراضيها وأنها ليست لها أطماع في أراضيها أو أراضي غيرها من الدول المجاورة، وأن تواجدها العسكري في شمال سوريا هدفه مكافحة الإرهاب فقط.
ولفتت المصادر إلى التصريحات التي أدلى بها وزير الخارجية مولود جاويش أوغلو، عقب اجتماع وزراء الدفاع، والتي أشار فيها إلى أن القوات التركية ستنسحب من سوريا عندما يجري التوصل إلى حل سياسي ويتحقق الاستقرار، وكذلك تصريحات وزير الدفاع خلوصي أكار التي أكد فيها أن الجانب التركي لم يقدم أية تنازلات بالنسبة لمسألة مكافحة الإرهاب، وأن هذا هو هدف تركيا في سوريا، وأن تركيا تدعم وحدة سوريا.
ورأت المصادر أنه لم يطرأ حتى الآن ما يمكن أن يعرقل السير في مسار محادثات التطبيع بين أنقرة ودمشق، وأن الاستعدادات تجري لعقد لقاء ثلاثي بين وزراء الخارجية التركي والروسي والسوري، مؤكدة في الوقت نفسه أن تركيا تُبقي جميع الخيارات مفتوحة بالنسبة لحماية حدودها ومكافحة التنظيمات الإرهابية التي تهددها، في إشارة إلى عملية عسكرية هددت بها تركيا لإبعاد «وحدات حماية الشعب» الكردية، أكبر مكونات «قوات سوريا الديمقراطية (قسد)»، عن حدودها، وهي عملية عارضتها روسيا وأميركا وإيران والاتحاد الأوروبي.
في الوقت نفسه عبّر وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان عن ترحيب بلاده بالحوار بين أنقرة والنظام السوري. وقال عبد اللهيان، في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره اللبناني عبد الله بو حبيب في بيروت، الجمعة، حول الحوار بين تركيا والنظام السوري: «نرحب بالمفاوضات لحل المشكلات بين البلدين.. نعتقد أن المحادثات يمكن أن تنعكس بشكل إيجابي على مصالح البلدين».
في المقابل جددت الولايات المتحدة رفضها أية محاولات للتقارب من جميع الدول مع نظام الأسد. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس إن الأسد ارتكب فظائع ضد شعبه، وكذلك ارتكبت قواته جرائم حرب.
وأضاف برايس، في مؤتمر صحافي، الخميس، أن واشنطن ستستمر في ثنْي شركائها حول العالم عن تطبيع أو تحسين العلاقات مع نظام الأسد، وستستمر في تبنّي مبادئ قرار مجلس الأمن رقم 2254، التي لا تزال تعتقد أنه يشكل الأساس الأنسب لإنهاء الحرب الأهلية بطريقة دائمة تحترم وتعزز تطلعات الشعب السوري. وتابع: «نحن بالطبع لا نعرف ما الذي كان يمكن لنظام الأسد أن يفعله لولا إجراءات المساءلة التي فُرضت عليه، لا نعرف ما الذي كان يمكن أن يفعله لولا تصرفات الولايات المتحدة ودول العالم لمصادرة وتدمير مخزون سوريا من الأسلحة الكيماوية».
وفي الوقت الذي يتصاعد فيه الحديث عن تقارب تركيا مع النظام السوري، وإعادة العلاقات إلى طبيعتها قبل عام 2011، بشكل تدريجي عبر اللقاءات التي ترعاها روسيا، تُواصل القوات التركية هجماتها على عناصر وضباط قوات النظام عبر استهداف مواقعها في شمال سوريا المتواجدة في مناطق سيطرة «قسد»، براً وجواً. وأحصى «المرصد السوري لحقوق الإنسان» مقتل 32 عنصراً وضابطاً في قوات النظام على أيدي القوات التركية منذ بدء التصعيد التركي على مناطق «قسد» في 19 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، ضمن العملية العسكرية التي عُرفت بـ«المخلب – السيف»؛ على خلفية تفجير إرهابي وقع في شارع الاستقلال بمنطقة تقسيم في إسطنبول. وقالت السلطات التركية إن مخططي الاعتداء ومنفّذيه تلقّوا الأوامر من قياديين في «الوحدات» الكردية في عين العرب (كوباني).
إلى ذلك، استهدفت طائرة مسيّرة تركية بصاروخ، الجمعة، سيارة في قرية قرملتو الواقعة على طريق عامودا - الحسكة، ما أسفر عن أضرار مادية. وأفاد «المرصد» بأن هذا الاستهداف يُعدّ الثاني في أقل من 48 ساعة، حيث تعرضت إحدى السيارات على الطريق الدولي «إم 4» الواصل بين مدينتي الحسكة والقامشلي، الثلاثاء، للاستهداف بطائرة تركية مسيّرة، مما أدى لسقوط جرحى. ونفّذت المسيّرات التركية، منذ مطلع العام الحالي، 4 استهدافات أخرى في مناطق سيطرة «قسد» بشمال وشمال شرقي سوريا، ما أسفرت عن مقتل 3 من عناصر «قسد» وأحد المدنيين وإصابة 3 آخرين.


مقالات ذات صلة

أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

العالم العربي أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

استبقت تركيا انعقاد الاجتماع الرباعي لوزراء خارجيتها وروسيا وإيران وسوريا في موسكو في 10 مايو (أيار) الحالي في إطار تطبيع مسار العلاقات مع دمشق، بمطالبتها نظام الرئيس بشار الأسد بإعلان موقف واضح من حزب «العمال الكردستاني» والتنظيمات التابعة له والعودة الطوعية للاجئين والمضي في العملية السياسية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
العالم العربي درعا على موعد مع تسويات جديدة

درعا على موعد مع تسويات جديدة

أجرت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا (جنوب سوريا) اجتماعات عدة خلال الأيام القليلة الماضية، آخرها أول من أمس (الأربعاء)، في مقر الفرقة التاسعة العسكرية بمدينة الصنمين بريف درعا الشمالي، حضرها وجهاء ومخاتير ومفاوضون من المناطق الخاضعة لاتفاق التسوية سابقاً وقادة من اللواء الثامن المدعوم من قاعدة حميميم الأميركية. مصدر مقرب من لجان التفاوض بريف درعا الغربي قال لـ«الشرق الأوسط»: «قبل أيام دعت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا، ممثلةً بمسؤول جهاز الأمن العسكري في درعا، العميد لؤي العلي، ومحافظ درعا، لؤي خريطة، ومسؤول اللجنة الأمنية في درعا، اللواء مفيد حسن، عد

رياض الزين (درعا)
شمال افريقيا مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

أجرى وزير الخارجية المصري سامح شكري اتصالات هاتفية مع نظرائه في 6 دول عربية؛ للإعداد للاجتماع الاستثنائي لوزراء الخارجية العرب بشأن سوريا والسودان، المقرر عقده، يوم الأحد المقبل. وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، السفير أحمد أبو زيد، في إفادة رسمية، الخميس، إن شكري أجرى اتصالات هاتفية، على مدار يومي الأربعاء والخميس، مع كل من وزير خارجية السودان علي الصادق، ووزير خارجية السعودية فيصل بن فرحان، ووزير خارجية العراق فؤاد محمد حسين، ووزير خارجية الجزائر أحمد عطاف، ووزير خارجية الأردن أيمن الصفدي، ووزير خارجية جيبوتي محمود علي يوسف. وأضاف أن «الاتصالات مع الوزراء العرب تأتي في إطار ا

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
المشرق العربي الأردن يوسّع مشاورات «عودة سوريا»

الأردن يوسّع مشاورات «عودة سوريا»

أطلق الأردن سلسلة اتصالات مع دول عربية غداة استضافته اجتماعاً لبحث مسألة احتمالات عودة سوريا إلى الجامعة العربية، ومشاركتها في القمة المقبلة المقرر عقدها في المملكة العربية السعودية هذا الشهر. وقالت مصادر أردنية لـ«الشرق الأوسط»، إن اجتماع عمّان التشاوري الذي عُقد (الاثنين) بحضور وزراء خارجية مصر والسعودية والعراق والأردن وسوريا، ناقش احتمالات التصويت على قرار عودة سوريا إلى الجامعة العربية ضمن أنظمة الجامعة وآليات اعتماد القرارات فيها. وفي حين أن قرار عودة سوريا إلى الجامعة ليس مقتصراً على الاجتماعات التشاورية التي يعقدها وزراء خارجية مصر والسعودية والعراق والأردن، فإن المصادر لا تستبعد اتفاق

شؤون إقليمية الأسد ورئيسي يتفقان على «تعاون استراتيجي طويل الأمد»

الأسد ورئيسي يتفقان على «تعاون استراتيجي طويل الأمد»

بدأ الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي أمس (الأربعاء) زيارة لدمشق تدوم يومين واستهلها بجولة محادثات مع نظيره السوري بشار الأسد تناولت تعزيز العلاقات المتينة أصلاً بين البلدين. وفيما تحدث رئيسي عن «انتصارات كبيرة» حققتها سوريا، أشار الأسد إلى أن إيران وقفت إلى جانب الحكومة السورية مثلما وقفت هذه الأخيرة إلى جانب إيران في حرب السنوات الثماني مع إيران في ثمانينات القرن الماضي. ووقع الأسد ورئيسي في نهاية محادثاتهما أمس «مذكرة تفاهم لخطة التعاون الاستراتيجي الشامل الطويل الأمد». وزيارة رئيسي لدمشق هي الأولى التي يقوم بها رئيس إيراني منذ 13 سنة عندما زارها الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد.

«الشرق الأوسط» (دمشق)

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.