موريتانيا تبدأ إجراءات محاكمة الرئيس السابق بـ«تهم فساد»

البرلمان شكل لجنة تحقيق في فترة حكمه أصدرت تقريراً مطولاً حول «استغلاله نفوذه»

الرئيس الموريتاني السابق محمد ولد عبد العزيز (الشرق الأوسط)
الرئيس الموريتاني السابق محمد ولد عبد العزيز (الشرق الأوسط)
TT

موريتانيا تبدأ إجراءات محاكمة الرئيس السابق بـ«تهم فساد»

الرئيس الموريتاني السابق محمد ولد عبد العزيز (الشرق الأوسط)
الرئيس الموريتاني السابق محمد ولد عبد العزيز (الشرق الأوسط)

بدأت السلطات القضائية في موريتانيا، أمس، إجراءات محاكمة الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز، و10 شخصيات أخرى مقربة منه، بتهم عديدة؛ منها الفساد، وغسل الأموال، والإثراء غير المشروع، واستغلال النفوذ، في ملف بدأ منذ أن غادر السلطة في انتخابات شهدت أعمال شغب عام 2019. وفي غضون ذلك؛ شكل البرلمان الموريتاني لجنة تحقيق في فترة حكم ولد عبد العزيز، أصدرت تقريراً مطولاً حول ما قالت إنها «عمليات فساد واسعة» تورط فيها الرئيس السابق، بالإضافة إلى أكثر من مائتي شخصية أخرى، وسلم البرلمان التقرير إلى العدالة الموريتانية التي أحالته بدورها إلى شرطة الجرائم الاقتصادية للتحقيق فيه.
وفي شهر مارس (آذار) 2021، وجهت النيابة العامة تهماً بالفساد والإثراء غير المشروع واستغلال النفوذ، وتبديد موارد الدولة، إلى 13 متهماً؛ من بينهم الرئيس السابق وصهره، بالإضافة إلى وزراء سابقين ورجال أعمال. فيما أوقفت النيابة العامة متابعة شخصيات عدة أخرى؛ كانت لجنة التحقيق البرلمانية قد تحدثت عن تورطهم في الفساد. وبعد إحالة الملف إلى قاضي التحقيق، تقلص عدد المتهمين إلى 11 شخصية فقط، مثل عدد منهم، أمس، أمام المحكمة الجنائية، على أن يمثل الباقون اليوم الجمعة؛ تمهيداً لمحاكمتهم في 25 يناير (كانون الثاني) الحالي، وهي المحاكمة التي يترقبها جميع الموريتانيين، بوصف أنه لم يسبق أن وجهت تهمة الفساد إلى رئيس سابق، أو إلى جنرال متقاعد من الجيش.
وخلال السنوات الثلاث، التي «تدرج» خلالها ما أصبح يُعرف لدى الموريتانيين باسم «ملف العشرية»، ظل ولد عبد العزيز يصر على أن الهدف من الملف هو «تصفية الحسابات» معه شخصياً، ومنعه من ممارسة السياسة في بلده، كما ظل يتهم أطرافاً داخل النظام باستهدافه، نتيجة عداوات سابقة حين كان الممسك بزمام الحكم في البلد.
وحين مُنع ولد عبد العزيز من التحكم في الحزب الحاكم، الذي كان هو مؤسسه عام 2009، تحالف مع «حزب الرباط الوطني»؛ وهو حزب معارض له ميول قومية، ولكنه لا يملك قواعد شعبية. كما أجرى اتصالات مع حركة «أفلام» المعارضة، وهي حركة زنجية تسعى منذ ثمانينات القرن الماضي إلى انفصال الجنوب الموريتاني، وإقامة دولة مستقلة خاصة بالموريتانيين الأفارقة، وحملت السّلاح ضد الدولة المركزية لسنوات عدة من أجل تحقيق هدفها، وتصنف من طرف موريتانيين «حركة متطرفة»، رغم أنها قامت بمراجعات عديدة خلال العقود الأخيرة. وعلاوة على ذلك؛ ظهر ولد عبد العزيز في أنشطة سياسية خلال الأسابيع الأخيرة، كما أصبح يستخدم وسائل التواصل الاجتماعي لمخاطبة الموريتانيين، وقال في بث مباشر على «فيسبوك» قبل يومين إنه مستعد للمحاكمة المرتقبة، لكنه وصفها بأنها «محاكمة سياسية»، مؤكداً أن مشكلته ليست مع السلطة القضائية؛ بل مع السلطة التنفيذية المتحكمة في القضاء؛ على حد تعبيره.
ووجه ولد عبد العزيز انتقادات لاذعة إلى الرئيس ولد الغزواني، ووصفه بأنه «رئيس ضعيف وغائب»، وقال إنه ترك السلطة في يد وزير الداخلية محمد أحمد ولد محمد الأمين، الذي اتهمه بالرشوة والانتماء إلى حركة «الإخوان المسلمين»، وقال إنه حينما كان سفيراً لموريتانيا لدى تركيا حول السفارة إلى «ملجأ لقادة (الإخوان)».
وأضاف ولد عبد العزيز أنه ندم على مساندة ولد الغزواني خلال انتخابات 2019، واصفاً ذلك بأنه «خطأ كبير»، مشيراً إلى أن وضعية البلد «بائسة ولا يمكن أن يغيرها سوى الشعب»، وعادّاً أن الانتخابات المقبلة تمثل «فرصة ذهبية لإحداث التغيير».
وفي حديثه الأخير على «فيسبوك»؛ طلب ولد عبد العزيز من الموريتانيين الانتساب إلى «حزب الرباط الوطني» المعارض، متهماً بقية أحزاب المعارضة بأنها تلقت رشوة من النظام الحاكم للصمت حيال معاناة الموريتانيين؛ على حد تعبيره.
وهكذا يصر ولد عبد العزيز على البقاء في الساحة السياسية، والظهور معارضاً شرساً لنظام صديقه السابق، معبراً عن ثقته بإطاحته في الانتخابات الرئاسية المقبلة (2024)، رغم أن بعض تأويلات الدستور الموريتاني تمنعه من الترشح للانتخابات، لكنه سبق أن لمّح مرات عدة إلى أنه سيقدم مرشحه الخاص في هذه الرئاسيات المقبلة.
لكن قبل الانتخابات، يتوجب على ولد عبد العزيز أن يتجاوز تهماً خطيرة موجهة إليه؛ أبرزها الفساد، ومصدر ثروته التي توصف بالضخمة، والتي جمدت العدالة الموريتانية منها حتى الآن أكثر من 100 مليون دولار أميركي، كانت داخل البلاد على شكل أصول وعقارات وشركات، فيما تتحدث تقارير كثيرة عن أموال موجودة في الخارج.


مقالات ذات صلة

الرئيس الموريتاني السابق يؤكد استهدافه لـ«أسباب سياسية»

العالم العربي الرئيس الموريتاني السابق يؤكد استهدافه لـ«أسباب سياسية»

الرئيس الموريتاني السابق يؤكد استهدافه لـ«أسباب سياسية»

قال الرئيس الموريتاني السابق، محمد ولد عبد العزيز، الذي يحاكم بتهم فساد، إنه «مستهدف لأسباب سياسية بحتة». وأضاف ولد عبد العزيز خلال استجوابه أمام المحكمة المختصة بجرائم الفساد أمس، أنه «مستهدف لأنه سياسي ويعمل ضده سياسيون ورجال أعمال، كانوا يستفيدون من الدولة قبل توليه الرئاسة»، وفق ما أوردته وكالة الأنباء الألمانية. وأوضح الرئيس السابق في أول حديث له حول أصل التهم الموجهة إليه، ومتابعته من قبل القضاء، أنه سجن انفرادياً لستة أشهر، وسجن بعد ذلك مع عائلته ثمانية أشهر في بيته. ويمثل الرئيس السابق أمام المحكمة المختصة بالفساد منذ 25 من يناير (كانون الثاني) الماضي بتهم تتعلق بالفساد وسوء استغلال ال

«الشرق الأوسط» (نواكشوط)
العالم 25 حزباً موريتانياً تتنافس في انتخابات «توافقية» مبكرة

25 حزباً موريتانياً تتنافس في انتخابات «توافقية» مبكرة

انطلقت فجر اليوم (الجمعة) الحملة الانتخابية للاستحقاقات التشريعية والجهوية والمحلية، التي تنظم بشكل متزامن في موريتانيا يوم 13 مايو (أيار) المقبل، والتي يتنافسُ فيها 25 حزباً سياسياً ضمن أكثر من ألفي لائحة انتخابية، لنيل ثقة 1.7 مليون ناخب موريتاني. وكان من المفترض أن تنظم الانتخابات في شهر أغسطس (آب) المقبل، لكن جرى تعجيلها إلى شهر مايو، بموجب اتفاق سياسي بين أحزاب الموالاة والمعارضة، تفادياً لتنظيمها في موسم الأمطار، حين تكثر الفيضانات والعواصف، ما يمنع الوصول إلى مناطق نائية من البلاد، وهو ما تسبب في مشكلات كبيرة خلال الانتخابات السابقة (2018). وبموجب الاتفاق السياسي نفسه الذي أشرفت عليه وز

الشيخ محمد (نواكشوط)
شمال افريقيا وزير الخارجية الجزائري في مالي بعد موريتانيا

وزير الخارجية الجزائري في مالي بعد موريتانيا

بحث وزير خارجية الجزائر أحمد عطاف، أمس، بمالي، مع المسؤولين الحكوميين وممثلين عن حركات التمرد في الشمال، حل خلافاتهم السياسية بشكل عاجل والتقيد بـ«اتفاق السلام» المتعثر، وفق مصادر تتابع الموضوع، وذلك بهدف قطع الطريق أمام الجماعات المتطرفة، التي عادت إلى واجهة الأحداث الأمنية في الأيام الأخيرة، باغتيال مسؤول بارز في السلطة الانتقالية. وبحسب المصادر نفسها، حل عطاف بباماكو مساء الثلاثاء آتيا من موريتانيا، بغرض تسليم رسالة من الرئيس عبد المجيد تبون، لرئيس الحكم الانتقالي العقيد عاصيمي غويتا، تتضمن «أهمية الخروج من المأزق السياسي الذي يتخبط فيه هذا البلد الحدودي مع الجزائر، وتشدد على تطبيق اتفاق ال

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا وزير خارجية الجزائر يبحث في موريتانيا أمن التجارة عبر الحدود

وزير خارجية الجزائر يبحث في موريتانيا أمن التجارة عبر الحدود

يبحث وزير الخارجية الجزائري، أحمد عطاف، منذ يومين في نواكشوط التبادل التجاري النشط عبر المركز الحدودي منذ عام، والوضع الأمني بالمناطق الحدودية، حيث تعرضت قوافل تجار جزائريين لاعتداءين بين نهاية 2021 ومطلع 2023، أسفرا عن قتلى، وتدمير شاحناتهم، وتسببا في نشر حالة من الخوف. وذكرت «الخارجية» الجزائرية، في بيان، أن لقاء جمع عطاف بالرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني، «وفر فرصة لاستعراض التقدم المحرز، ضمن متابعة وتنفيذ التوجيهات السامية لقائدي البلدين، ومخرجات مشاوراتهما بمناسبة زيارة الدولة التي قام بها الغزواني إلى الجزائر في شهر ديسمبر (كانون الأول) 2021، والتي أعطت انطلاقة لحقبة جديدة في تا

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
العالم العربي رئيس موريتانيا السابق ينفي تورطه في «أي فساد»

رئيس موريتانيا السابق ينفي تورطه في «أي فساد»

نفى الرئيس الموريتاني السابق محمد ولد عبد العزيز، خلال مثوله أمام المحكمة الجنائية المختصة في جرائم الفساد، جميع التهم الموجهة إليه، التي من أبرزها تهمة الفساد وغسل الأموال والإثراء غير المشروع واستغلال النفوذ. وقال ولد عبد العزيز، الذي تحدث للمرة الأولى أمام هيئة المحكمة، مساء أول من أمس، إنه حكم موريتانيا عشر سنوات وغير وضعيتها من الأسوأ إلى الأحسن، مشيراً إلى أن السياسة التي تبناها لا يمكن أبدا أن يتورط صاحبها في أي نوع من «تبديد الأموال العمومية».

الشيخ محمد (نواكشوط)

قاسم يعلن «انتصار» «حزب الله» ويتعهّد صون الوحدة الوطنية وانتخاب رئيس

الأمين العام لـ«حزب الله» نعيم قاسم معلناً «الانتصار الكبير» (رويترز)
الأمين العام لـ«حزب الله» نعيم قاسم معلناً «الانتصار الكبير» (رويترز)
TT

قاسم يعلن «انتصار» «حزب الله» ويتعهّد صون الوحدة الوطنية وانتخاب رئيس

الأمين العام لـ«حزب الله» نعيم قاسم معلناً «الانتصار الكبير» (رويترز)
الأمين العام لـ«حزب الله» نعيم قاسم معلناً «الانتصار الكبير» (رويترز)

قال الأمين العام لـ«حزب الله» إن الحزب حقّق «انتصاراً كبيراً يفوق النصر الذي تحقق عام 2006»، وذلك «لأن العدو لم يتمكن من إنهاء وإضعاف المقاومة».

وجاءت مواقف قاسم في الكلمة الأولى له بعد سريان اتفاق وقف إطلاق النار يوم الأربعاء الماضي. وقال قاسم: «قررت أن أعلن كنتيجة (...) بشكل رسمي وواضح أننا أمام انتصار كبير يفوق الانتصار الذي حصل في يوليو (تموز) 2006»، في إشارة إلى الحرب الأخيرة بين الجانبين. وأضاف: «انتصرنا لأننا منعنا العدو من تدمير (حزب الله)، انتصرنا لأننا منعناه من إنهاء المقاومة أو إضعافها إلى درجة لا تستطيع معها أن تتحرك، والهزيمة تحيط بالعدو الإسرائيلي من كل جانب» .

وتوجّه قاسم في مستهل كلمته إلى مناصري الحزب، قائلاً: «صبرتم وجاهدتم وانتقلتم من مكان إلى آخر، وأبناؤكم قاتلوا في الوديان، وعملتم كل جهدكم لمواجهة العدو». وأضاف: «كررنا أننا لا نريد الحرب، ولكن نريد مساندة غزة، وجاهزون للحرب إذا فرضها الاحتلال. والمقاومة أثبتت بالحرب أنها جاهزة والخطط التي وضعها السيد حسن نصر الله فعّالة وتأخذ بعين الاعتبار كل التطورات، و(حزب الله) استعاد قوّته ومُبادرته، فشكّل منظومة القيادة والسيطرة مجدداً ووقف صامداً على الجبهة».

 

ولفت إلى أن إسرائيل فشلت في إحداث فتنة داخلية، قائلاً: «الاحتلال راهن على الفتنة الداخلية مع المضيفين، وهذه المراهنة كانت فاشلة بسبب التعاون بين الطوائف والقوى». وعن اتفاق وقف إطلاق النار، قال قاسم: «الاتفاق تمّ تحت سقف السيادة اللبنانية، ووافقنا عليه ورؤوسنا مرفوعة بحقنا في الدفاع، وهو ليس معاهدة، بل هو عبارة عن برنامج إجراءات تنفيذية لها علاقة بالقرار 1701، يؤكد على خروج الجيش الإسرائيلي من كل الأماكن التي احتلها، وينتشر الجيش اللبناني جنوب نهر الليطاني لكي يتحمل مسؤوليته عن الأمن وعن إخراج العدو من المنطقة».

وأكد أن «التنسيق بين المقاومة والجيش اللبناني سيكون عالي المستوى لتنفيذ التزامات الاتفاق، ونظرتنا للجيش اللبناني أنه جيش وطني قيادة وأفراداً، وسينتشر في وطنه ووطننا».

وتعهّد بصون الوحدة الوطنية واستكمال عقد المؤسسات الدستورية، وعلى رأسها انتخاب رئيس للجمهورية في الجلسة التي حدّدها رئيس البرلمان نبيه بري، في 9 يناير (كانون الثاني) المقبل، واعداً بإعادة الإعمار بالتعاون مع الدولة، «ولدينا الآليات المناسبة»، قائلاً: «سيكون عملنا الوطني بالتعاون مع كل القوى التي تؤمن أن الوطن لجميع أبنائه، وسنتعاون ونتحاور مع كل القوى التي تريد بناء لبنان الواحد، في إطار اتفاق الطائف، وسنعمل على صون الوحدة الوطنية وتعزيز قدرتنا الدفاعية، وجاهزون لمنع العدو من استضعافنا».