فيما اعتبرت «الحكومة السورية المؤقتة» (التابعة للمعارضة) أن التقارب بين تركيا ونظام الرئيس بشار الأسد سيعطي دفعة للحل السياسي للأزمة السورية، أظهر استطلاع للرأي تأييد غالبية الأتراك للقاء رئيسهم رجب طيب إردوغان بنظيره السوري.
وكشف استطلاع للرأي أجرته شركة «متروبول» لبحوث الرأي العام، في الفترة ما بين 13 و18 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، وسط تصاعد التصريحات حول لقاء إردوغان والأسد، ونشرت نتائجه السبت، أن 59 في المائة من الأتراك يؤيدون لقاء القمة التركي - السوري، فيما يرفضه 28.9 في المائة منهم، فيما قال 12.1 في المائة ممن شملهم الاستطلاع إنه لا فكرة لهم عن الموضوع.
وعقب لقاء وزراء دفاع ورؤساء أجهزة مخابرات كل من تركيا وروسيا وسوريا في موسكو يوم 28 ديسمبر الماضي، وإعلان وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو أن لقاء مماثلاً سيعقد بين وزراء خارجية الدول الثلاث في النصف الثاني من يناير (كانون الثاني) الحالي، قال الرئيس إردوغان إن اجتماعاً ثلاثياً يجمعه بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين والأسد قد يعقد عقب لقاء وزراء الخارجية، الذي سيعقد قريباً.
وقال إردوغان، الخميس: «بصفتنا روسيا وتركيا وسوريا، بدأنا عملية باجتماع لوزراء دفاعنا... وسيجتمع وزراء خارجيتنا معاً، وبحسب المستجدات سنلتقي كقادة. ما يهمنا هو ضمان الهدوء وتحقيق السلام في المنطقة».
وظهرت أصوات معارضة للتقارب بين أنقرة ودمشق داخل تركيا، عبّر عنها عدد من الجمعيات الإسلامية في بيان مشترك دعا الحكومة التركية إلى عدم التطبيع مع النظام السوري؛ لأنه «رمز لظلم واضطهاد الشعب السوري» و«لا يريد التوصل إلى حل سياسي للأزمة»، بحسب البيان الذي شدد على ضرورة الحفاظ على موقف تركيا «التي وقفت دوماً إلى جانب الشعب السوري ضد السياسات والممارسات الظالمة التي ينتهجها نظام الأسد منذ عام 2011».
في الوقت ذاته، جدد رئيس «الحكومة السورية المؤقتة»، عبد الرحمن مصطفى، دعمه لموقف تركيا، قائلاً إنها «تتصرف بما يتماشى مع توقعات الشعب السوري... وبالنسبة للاجتماع الثلاثي في موسكو، فقد تم التأكيد لنا دائماً أن هذه المحادثات لن تتم أبداً بما يتجاوز توقعات الشعب السوري والمعارضة السورية. نحن نعلم هذا بالفعل، لذلك في الواقع نحاول التوصل إلى توافق... ونحن نؤمن بالفعل بالحل السياسي». ولفت مصطفى، في مقابلة مع قناة «تي آر تي خبر» الحكومية التركية، السبت، إلى اجتماع وزير الخارجية مولود جاويش أوغلو مع قادة المعارضة السياسية السورية في أنقرة، الثلاثاء الماضي، والذي أكدت تركيا خلاله تمسكها بالحل السياسي واستمرار دعمها للمعارضة. وقال: «تركيا هي حليفنا الرئيسي ونحن نثق بها... بالطبع لدينا علاقات مع دول أخرى، لكن تركيا والشعب السوري هما من يتحملان العبء الأكبر؛ لذا فإن هذه العملية (التطبيع مع الأسد) لن تكون أبداً بما يتجاوز توقعات الشعب السوري والمعارضة السورية».
و«الحكومة السورية المؤقتة» التي يقودها مصطفى مرتبطة بـ«الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة» المدعوم من تركيا. وتنشط في شمال سوريا أيضاً حكومة أخرى للمعارضة هي «حكومة الإنقاذ» المحسوبة على «هيئة تحرير الشام» التي اعتبر زعيمها أبو محمد الجولاني، قبل أيام، أن اللقاء التركي - السوري في موسكو، يمثّل «انحرافة خطيرة عن أهداف الثورة السورية».
وعقد وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو اجتماعاً، الثلاثاء الماضي، مع رئيس «الائتلاف الوطني السوري» سالم المسلط، ورئيس «هيئة التفاوض» بدر جاموس، ورئيس «الحكومة المؤقتة» عبد الرحمن مصطفى، لشرح موقف تركيا من قضية التقارب مع النظام السوري. وقال مصطفى، عقب الاجتماع، إن الوزير التركي أكد استمرار دعم تركيا لمؤسسات المعارضة السورية والسوريين في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة، وأن المحادثات التي أجرتها تركيا مع المسؤولين السوريين في موسكو ركزت بشكل أساسي على القتال ضد «وحدات حماية الشعب» الكردية، في شمال شرقي البلاد.
وشدد مصطفى، أمس، على أن المعارضة السورية تدعم تركيا في أي خيار؛ سواء العملية العسكرية التي أعلنت أنها تريد القيام بها ضد «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد)، أو حل المشكلة من خلال القنوات الدبلوماسية، موضحاً أنه تم التفاوض على حل مع الأميركيين (لقضية «قسد») في عام 2019، لكنه لم يتحقق، فقامت تركيا بعملية «نبع السلام»، وتم توقيع مذكرة تفاهم مع روسيا، لكن لم يتم الوفاء بها. وقال: «تركيا وجيشنا (الجيش الوطني السوري) يعارضان إقامة دولة إرهابية في شمال سوريا». وأضاف أن مساري جنيف ثم أستانا توقفا، لكن العمليات الدبلوماسية يجب أن تستمر من أجل التوصل إلى حل.
وعن جهود تركيا لضمان الاستقرار في المنطقة وعودة اللاجئين، قال مصطفى إن 600 ألف سوري عادوا من تركيا إلى بلادهم، مضيفاً: «بالطبع نريد أن يعود باقي أهلنا إلى قراهم».
في السياق ذاته، كشف رئيس تحرير صحيفة «أيدينلك» التركية، مصطفى يوجال، خلال مقابلة تلفزيونية شارك فيها مع رئيس «حزب الوطن» التركي دوغو برينتشيك الذي بدأ منذ أكثر من 5 سنوات لقاءات مع نظام الأسد بعلم الحكومة التركية، أن رئيس «الحكومة السورية المؤقتة» عبد الرحمن المصطفى، الذي يتزعم نحو 12 فصيلاً من المعارضة المسلحة في شمال سوريا، اجتمع معهم في غازي عنتاب (جنوب تركيا) منذ أيام، وأبلغهم بأنه قد حان الوقت للمصالحة مع بشار الأسد، وطلب منهم التجهز للمرحلة الجديدة. وأضاف يوجال أنه يجري حالياً تجهيز الفصائل المسلحة على الأرض لهذه المرحلة. ونقل عن القيادي في حزب «البعث» السوري، بسام أبو عبد الله، أن حكومة النظام لا تثق بالمباحثات مع المعارضة السورية في تركيا؛ لأنها لا تمانع وجود القوات الأميركية في سوريا، وأن حزب «الوطن» هو المؤسسة التركية الموثوقة لدى النظام؛ لأن موقفه يعد الأكثر صواباً منذ بداية الأزمة السورية.
على صعيد آخر، كشف استطلاع الرأي، الذي أجرته شركة «متروبول»، عن مواقف مؤيدي الأحزاب السياسية في تركيا من العملية العسكرية التي لوّحت بها الحكومة ضد «قسد» خلال الأشهر الأخيرة، مشيراً إلى أن ما يقرب من 59 في المائة من مؤيدي «حزب الشعب الجمهوري»، أكبر أحزاب المعارضة، يعتقدون أن حزبهم يجب ألا يدعم تلك العملية، في حين أيّدها 38.1 في المائة. وقال 11.8 في المائة إنهم ليست لديهم فكرة عن الموضوع.
وأوضح الاستطلاع، الذي أجري على عيّنة مكوّنة من 2000 شخص في 77 ولاية من ولايات تركيا وعددها 81 ولاية، أن 58.5 في المائة من أنصار حزب «العدالة والتنمية» الحاكم يؤيدون العملية و27 في المائة يرفضونها.
«حكومة المعارضة» السورية تدعم التطبيع بين تركيا والنظام
استطلاع رأي: 59 % من الأتراك يؤيدون لقاء إردوغان بالأسد
«حكومة المعارضة» السورية تدعم التطبيع بين تركيا والنظام
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة