«حكومة المعارضة» السورية تدعم التطبيع بين تركيا والنظام

استطلاع رأي: 59 % من الأتراك يؤيدون لقاء إردوغان بالأسد

مايا مرعي البالغة 12 عاماً (الثالثة من اليمين) مع عائلتها في مخيم للنازحين قرب معبر باب الهوى على الحدود السورية - التركية. وُلدت مايا، كوالدها، من دون ساقين نتيجة تشوهات خلقية، وكانت تعاني أثناء التنقل داخل مخيم النازحين قبل تركيب أطراف اصطناعية لها في تركيا. ولديها الآن أخ صغير وُلد أيضاً من دون ساقين (أ.ف.ب)
مايا مرعي البالغة 12 عاماً (الثالثة من اليمين) مع عائلتها في مخيم للنازحين قرب معبر باب الهوى على الحدود السورية - التركية. وُلدت مايا، كوالدها، من دون ساقين نتيجة تشوهات خلقية، وكانت تعاني أثناء التنقل داخل مخيم النازحين قبل تركيب أطراف اصطناعية لها في تركيا. ولديها الآن أخ صغير وُلد أيضاً من دون ساقين (أ.ف.ب)
TT

«حكومة المعارضة» السورية تدعم التطبيع بين تركيا والنظام

مايا مرعي البالغة 12 عاماً (الثالثة من اليمين) مع عائلتها في مخيم للنازحين قرب معبر باب الهوى على الحدود السورية - التركية. وُلدت مايا، كوالدها، من دون ساقين نتيجة تشوهات خلقية، وكانت تعاني أثناء التنقل داخل مخيم النازحين قبل تركيب أطراف اصطناعية لها في تركيا. ولديها الآن أخ صغير وُلد أيضاً من دون ساقين (أ.ف.ب)
مايا مرعي البالغة 12 عاماً (الثالثة من اليمين) مع عائلتها في مخيم للنازحين قرب معبر باب الهوى على الحدود السورية - التركية. وُلدت مايا، كوالدها، من دون ساقين نتيجة تشوهات خلقية، وكانت تعاني أثناء التنقل داخل مخيم النازحين قبل تركيب أطراف اصطناعية لها في تركيا. ولديها الآن أخ صغير وُلد أيضاً من دون ساقين (أ.ف.ب)

فيما اعتبرت «الحكومة السورية المؤقتة» (التابعة للمعارضة) أن التقارب بين تركيا ونظام الرئيس بشار الأسد سيعطي دفعة للحل السياسي للأزمة السورية، أظهر استطلاع للرأي تأييد غالبية الأتراك للقاء رئيسهم رجب طيب إردوغان بنظيره السوري.
وكشف استطلاع للرأي أجرته شركة «متروبول» لبحوث الرأي العام، في الفترة ما بين 13 و18 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، وسط تصاعد التصريحات حول لقاء إردوغان والأسد، ونشرت نتائجه السبت، أن 59 في المائة من الأتراك يؤيدون لقاء القمة التركي - السوري، فيما يرفضه 28.9 في المائة منهم، فيما قال 12.1 في المائة ممن شملهم الاستطلاع إنه لا فكرة لهم عن الموضوع.
وعقب لقاء وزراء دفاع ورؤساء أجهزة مخابرات كل من تركيا وروسيا وسوريا في موسكو يوم 28 ديسمبر الماضي، وإعلان وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو أن لقاء مماثلاً سيعقد بين وزراء خارجية الدول الثلاث في النصف الثاني من يناير (كانون الثاني) الحالي، قال الرئيس إردوغان إن اجتماعاً ثلاثياً يجمعه بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين والأسد قد يعقد عقب لقاء وزراء الخارجية، الذي سيعقد قريباً.
وقال إردوغان، الخميس: «بصفتنا روسيا وتركيا وسوريا، بدأنا عملية باجتماع لوزراء دفاعنا... وسيجتمع وزراء خارجيتنا معاً، وبحسب المستجدات سنلتقي كقادة. ما يهمنا هو ضمان الهدوء وتحقيق السلام في المنطقة».
وظهرت أصوات معارضة للتقارب بين أنقرة ودمشق داخل تركيا، عبّر عنها عدد من الجمعيات الإسلامية في بيان مشترك دعا الحكومة التركية إلى عدم التطبيع مع النظام السوري؛ لأنه «رمز لظلم واضطهاد الشعب السوري» و«لا يريد التوصل إلى حل سياسي للأزمة»، بحسب البيان الذي شدد على ضرورة الحفاظ على موقف تركيا «التي وقفت دوماً إلى جانب الشعب السوري ضد السياسات والممارسات الظالمة التي ينتهجها نظام الأسد منذ عام 2011».
في الوقت ذاته، جدد رئيس «الحكومة السورية المؤقتة»، عبد الرحمن مصطفى، دعمه لموقف تركيا، قائلاً إنها «تتصرف بما يتماشى مع توقعات الشعب السوري... وبالنسبة للاجتماع الثلاثي في موسكو، فقد تم التأكيد لنا دائماً أن هذه المحادثات لن تتم أبداً بما يتجاوز توقعات الشعب السوري والمعارضة السورية. نحن نعلم هذا بالفعل، لذلك في الواقع نحاول التوصل إلى توافق... ونحن نؤمن بالفعل بالحل السياسي». ولفت مصطفى، في مقابلة مع قناة «تي آر تي خبر» الحكومية التركية، السبت، إلى اجتماع وزير الخارجية مولود جاويش أوغلو مع قادة المعارضة السياسية السورية في أنقرة، الثلاثاء الماضي، والذي أكدت تركيا خلاله تمسكها بالحل السياسي واستمرار دعمها للمعارضة. وقال: «تركيا هي حليفنا الرئيسي ونحن نثق بها... بالطبع لدينا علاقات مع دول أخرى، لكن تركيا والشعب السوري هما من يتحملان العبء الأكبر؛ لذا فإن هذه العملية (التطبيع مع الأسد) لن تكون أبداً بما يتجاوز توقعات الشعب السوري والمعارضة السورية».
و«الحكومة السورية المؤقتة» التي يقودها مصطفى مرتبطة بـ«الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة» المدعوم من تركيا. وتنشط في شمال سوريا أيضاً حكومة أخرى للمعارضة هي «حكومة الإنقاذ» المحسوبة على «هيئة تحرير الشام» التي اعتبر زعيمها أبو محمد الجولاني، قبل أيام، أن اللقاء التركي - السوري في موسكو، يمثّل «انحرافة خطيرة عن أهداف الثورة السورية».
وعقد وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو اجتماعاً، الثلاثاء الماضي، مع رئيس «الائتلاف الوطني السوري» سالم المسلط، ورئيس «هيئة التفاوض» بدر جاموس، ورئيس «الحكومة المؤقتة» عبد الرحمن مصطفى، لشرح موقف تركيا من قضية التقارب مع النظام السوري. وقال مصطفى، عقب الاجتماع، إن الوزير التركي أكد استمرار دعم تركيا لمؤسسات المعارضة السورية والسوريين في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة، وأن المحادثات التي أجرتها تركيا مع المسؤولين السوريين في موسكو ركزت بشكل أساسي على القتال ضد «وحدات حماية الشعب» الكردية، في شمال شرقي البلاد.
وشدد مصطفى، أمس، على أن المعارضة السورية تدعم تركيا في أي خيار؛ سواء العملية العسكرية التي أعلنت أنها تريد القيام بها ضد «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد)، أو حل المشكلة من خلال القنوات الدبلوماسية، موضحاً أنه تم التفاوض على حل مع الأميركيين (لقضية «قسد») في عام 2019، لكنه لم يتحقق، فقامت تركيا بعملية «نبع السلام»، وتم توقيع مذكرة تفاهم مع روسيا، لكن لم يتم الوفاء بها. وقال: «تركيا وجيشنا (الجيش الوطني السوري) يعارضان إقامة دولة إرهابية في شمال سوريا». وأضاف أن مساري جنيف ثم أستانا توقفا، لكن العمليات الدبلوماسية يجب أن تستمر من أجل التوصل إلى حل.
وعن جهود تركيا لضمان الاستقرار في المنطقة وعودة اللاجئين، قال مصطفى إن 600 ألف سوري عادوا من تركيا إلى بلادهم، مضيفاً: «بالطبع نريد أن يعود باقي أهلنا إلى قراهم».
في السياق ذاته، كشف رئيس تحرير صحيفة «أيدينلك» التركية، مصطفى يوجال، خلال مقابلة تلفزيونية شارك فيها مع رئيس «حزب الوطن» التركي دوغو برينتشيك الذي بدأ منذ أكثر من 5 سنوات لقاءات مع نظام الأسد بعلم الحكومة التركية، أن رئيس «الحكومة السورية المؤقتة» عبد الرحمن المصطفى، الذي يتزعم نحو 12 فصيلاً من المعارضة المسلحة في شمال سوريا، اجتمع معهم في غازي عنتاب (جنوب تركيا) منذ أيام، وأبلغهم بأنه قد حان الوقت للمصالحة مع بشار الأسد، وطلب منهم التجهز للمرحلة الجديدة. وأضاف يوجال أنه يجري حالياً تجهيز الفصائل المسلحة على الأرض لهذه المرحلة. ونقل عن القيادي في حزب «البعث» السوري، بسام أبو عبد الله، أن حكومة النظام لا تثق بالمباحثات مع المعارضة السورية في تركيا؛ لأنها لا تمانع وجود القوات الأميركية في سوريا، وأن حزب «الوطن» هو المؤسسة التركية الموثوقة لدى النظام؛ لأن موقفه يعد الأكثر صواباً منذ بداية الأزمة السورية.
على صعيد آخر، كشف استطلاع الرأي، الذي أجرته شركة «متروبول»، عن مواقف مؤيدي الأحزاب السياسية في تركيا من العملية العسكرية التي لوّحت بها الحكومة ضد «قسد» خلال الأشهر الأخيرة، مشيراً إلى أن ما يقرب من 59 في المائة من مؤيدي «حزب الشعب الجمهوري»، أكبر أحزاب المعارضة، يعتقدون أن حزبهم يجب ألا يدعم تلك العملية، في حين أيّدها 38.1 في المائة. وقال 11.8 في المائة إنهم ليست لديهم فكرة عن الموضوع.
وأوضح الاستطلاع، الذي أجري على عيّنة مكوّنة من 2000 شخص في 77 ولاية من ولايات تركيا وعددها 81 ولاية، أن 58.5 في المائة من أنصار حزب «العدالة والتنمية» الحاكم يؤيدون العملية و27 في المائة يرفضونها.


مقالات ذات صلة

أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

العالم العربي أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

استبقت تركيا انعقاد الاجتماع الرباعي لوزراء خارجيتها وروسيا وإيران وسوريا في موسكو في 10 مايو (أيار) الحالي في إطار تطبيع مسار العلاقات مع دمشق، بمطالبتها نظام الرئيس بشار الأسد بإعلان موقف واضح من حزب «العمال الكردستاني» والتنظيمات التابعة له والعودة الطوعية للاجئين والمضي في العملية السياسية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
العالم العربي درعا على موعد مع تسويات جديدة

درعا على موعد مع تسويات جديدة

أجرت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا (جنوب سوريا) اجتماعات عدة خلال الأيام القليلة الماضية، آخرها أول من أمس (الأربعاء)، في مقر الفرقة التاسعة العسكرية بمدينة الصنمين بريف درعا الشمالي، حضرها وجهاء ومخاتير ومفاوضون من المناطق الخاضعة لاتفاق التسوية سابقاً وقادة من اللواء الثامن المدعوم من قاعدة حميميم الأميركية. مصدر مقرب من لجان التفاوض بريف درعا الغربي قال لـ«الشرق الأوسط»: «قبل أيام دعت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا، ممثلةً بمسؤول جهاز الأمن العسكري في درعا، العميد لؤي العلي، ومحافظ درعا، لؤي خريطة، ومسؤول اللجنة الأمنية في درعا، اللواء مفيد حسن، عد

رياض الزين (درعا)
شمال افريقيا مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

أجرى وزير الخارجية المصري سامح شكري اتصالات هاتفية مع نظرائه في 6 دول عربية؛ للإعداد للاجتماع الاستثنائي لوزراء الخارجية العرب بشأن سوريا والسودان، المقرر عقده، يوم الأحد المقبل. وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، السفير أحمد أبو زيد، في إفادة رسمية، الخميس، إن شكري أجرى اتصالات هاتفية، على مدار يومي الأربعاء والخميس، مع كل من وزير خارجية السودان علي الصادق، ووزير خارجية السعودية فيصل بن فرحان، ووزير خارجية العراق فؤاد محمد حسين، ووزير خارجية الجزائر أحمد عطاف، ووزير خارجية الأردن أيمن الصفدي، ووزير خارجية جيبوتي محمود علي يوسف. وأضاف أن «الاتصالات مع الوزراء العرب تأتي في إطار ا

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
المشرق العربي الأردن يوسّع مشاورات «عودة سوريا»

الأردن يوسّع مشاورات «عودة سوريا»

أطلق الأردن سلسلة اتصالات مع دول عربية غداة استضافته اجتماعاً لبحث مسألة احتمالات عودة سوريا إلى الجامعة العربية، ومشاركتها في القمة المقبلة المقرر عقدها في المملكة العربية السعودية هذا الشهر. وقالت مصادر أردنية لـ«الشرق الأوسط»، إن اجتماع عمّان التشاوري الذي عُقد (الاثنين) بحضور وزراء خارجية مصر والسعودية والعراق والأردن وسوريا، ناقش احتمالات التصويت على قرار عودة سوريا إلى الجامعة العربية ضمن أنظمة الجامعة وآليات اعتماد القرارات فيها. وفي حين أن قرار عودة سوريا إلى الجامعة ليس مقتصراً على الاجتماعات التشاورية التي يعقدها وزراء خارجية مصر والسعودية والعراق والأردن، فإن المصادر لا تستبعد اتفاق

شؤون إقليمية الأسد ورئيسي يتفقان على «تعاون استراتيجي طويل الأمد»

الأسد ورئيسي يتفقان على «تعاون استراتيجي طويل الأمد»

بدأ الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي أمس (الأربعاء) زيارة لدمشق تدوم يومين واستهلها بجولة محادثات مع نظيره السوري بشار الأسد تناولت تعزيز العلاقات المتينة أصلاً بين البلدين. وفيما تحدث رئيسي عن «انتصارات كبيرة» حققتها سوريا، أشار الأسد إلى أن إيران وقفت إلى جانب الحكومة السورية مثلما وقفت هذه الأخيرة إلى جانب إيران في حرب السنوات الثماني مع إيران في ثمانينات القرن الماضي. ووقع الأسد ورئيسي في نهاية محادثاتهما أمس «مذكرة تفاهم لخطة التعاون الاستراتيجي الشامل الطويل الأمد». وزيارة رئيسي لدمشق هي الأولى التي يقوم بها رئيس إيراني منذ 13 سنة عندما زارها الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد.

«الشرق الأوسط» (دمشق)

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.