مصر: إنشاء صندوق لـ«قناة السويس» يثير جدلاً سياسياً وشعبياً

البرلمان والحكومة ينفيان أن يكون «باباً خلفياً لبيعها»

رئيس مجلس النواب (البرلمان) المصري المستشار حنفي جبالي (الموقع الرسمي للبرلمان)
رئيس مجلس النواب (البرلمان) المصري المستشار حنفي جبالي (الموقع الرسمي للبرلمان)
TT

مصر: إنشاء صندوق لـ«قناة السويس» يثير جدلاً سياسياً وشعبياً

رئيس مجلس النواب (البرلمان) المصري المستشار حنفي جبالي (الموقع الرسمي للبرلمان)
رئيس مجلس النواب (البرلمان) المصري المستشار حنفي جبالي (الموقع الرسمي للبرلمان)

أثار مشروع قانون أقره البرلمان المصري بشكل مبدئي، يوم (الاثنين) بشأن تعديل قانون عمل «هيئة قناة السويس» وإنشاء صندوق خاص يدير أصولها، لغطاً وجدلاً سياسياً وشعبياً في البلاد، وبينما انتقده نواب وشخصيات عامة في البلاد، دافعت عنه الحكومة والبرلمان ممثلاً في رئيسه، وقالوا في إفادتين مختلفتين إنه «لا يستهدف (التفريط) في الممر الملاحي الاستراتيجي للبلاد أو بيعه».
وفي تعليق حكومي، قال «المركز الإعلامي لمجلس الوزراء» المصري، إنه تواصل مع «هيئة قناة السويس» بشأن شائعات متداولة عن «اعتزام الحكومة إنشاء صندوق هيئة قناة السويس كباب خلفي لبيع القناة»، ونقل عن الهيئة نفيها، وتشديدها أن «قناة السويس وإدارتها ستظل مملوكة بالكامل للدولة المصرية وتخضع لسيادتها، كما سيظل كامل طاقم هيئة القناة من موظفين وفنيين وإداريين من المواطنين المصريين».
وأوضح البيان الحكومي أن «الهدف من إنشاء صندوق مملوك لهيئة القناة هو زيادة قدرة الهيئة على المساهمة في التنمية الاقتصادية المستدامة لمرفق هيئة القناة وتطويره من خلال الاستغلال الأمثل لأمواله وفقاً لأفضل المعايير والقواعد الدولية لتعظيم قيمتها» مُؤكداً أن «الصندوق سيسهم في تمكين الهيئة من مجابهة الأزمات والحالات الطارئة التي تحدث نتيجة أي ظروف استثنائية أو سوء في الأحوال الاقتصادية»، ومُشيراً، نقلاً عن الهيئة أن «كافة حسابات الصندوق تخضع لرقابة الجهاز المركزي للمحاسبات».
وأقر مجلس النواب المصري، يوم (الاثنين) بشكل مبدئي التعديلات على قانون «هيئة قناة السويس»، غير أن ساعات ليل الثلاثاء، اشتعلت بالجدل في مصر بشأن تلك الموافقة، وسط تشكيك بشأن هدفها.
وخلال الجلسة العامة للبرلمان، صباح (الثلاثاء)، تحدث رئيس مجلس النواب المستشار الدكتور حنفي جبالي، مخاطباً النواب والمواطنين، بالتأكيد على أن «قناة السويس مال عام لا يمكن التفريط فيه». ومشدداً على أن «مشروع القانون المقدم من الحكومة بتعديل بعض أحكام القانون رقم 30 لسنة 1975 بنظام هيئة قناة السويس، لا يتضمن أي أحكام تمس قناة السويس؛ لكونها من أموال الدولة العامة، ولا يجوز التصرف فيها أو بيعها».
وأضاف رئيس مجلس النواب: «تابعت من كثب الأخبار المتداولة، سواء بالوسائط الإعلامية المختلفة أو على مواقع التواصل الاجتماعي، بشأن مناقشة مجلس النواب لمشروع القانون المقدم من الحكومة»، وتابع: «الكلمة سلاح ذو حدين، فرب كلمة تفتح أبواباً من الأمل والصدق، ورب كلمـة يرسلها إنسان دون علم وبيان تكون معولاً للهدم لا البناء، وقد هالني ما رأيته وسمعتهُ أمس - من بعض المحسوبين على النخبة المثقفة - من أن ما تضمنه مشروع القانون من أحكام تجيز تأسيس شركات لشراء وبيع وتأجير واستغلال أصول الصندوق والذي يعد - على حد وصفهم - تفريطاً في قناة السويس».
وأضاف رئيس مجلس النواب، أنه «إزاء التخوفات المشروعة لبعض المواطنين تجاه هذا الأمر، والمقدر من جانبنا بشدة، والتي تؤججها الادعاءات والمغالطات التي صدرت عن أُناسٍ لهم مكانتهم العلمية والأدبية والثقافية بل والقانونية في المجتمع، وجدت لزاماً عليّ ضرورة توضيح الأمر».
واستكمل: «مشروع القانون لا يتضمن أي أحكام تمس قناة السويس؛ لكونها من أموال الدولة العامة، ولا يجوز التصرف فيها أو بيعها، بل ويزيد على ذلك أن الدولة ملزمة، وفق المادة (٤٣) من الدستور، بحمايتها وتنميتها، والحفاظ عليها بصفتها ممراً مائياً دولياً مملوكاً لها، كما تلتزم بتنمية قطاع القناة، باعتباره مركزاً اقتصادياً متميزاً».
وواصل جبالي: «ما تضمنه مشروع القانون من حق الصندوق المزمع إنشاؤه، في بيع أو شراء أو استئجار أو استغلال أصوله الثابتة أو المنقولة، فهو أمر طبيعي يتفق مع طبيعة الصناديق كوسيلة من وسائل التمويل والاستثمار، ولا يمس بشكل مباشرٍ أو غير مباشر بـ«قناة السويس»، لأن لفظ «الأصول» لا يمكن أن ينصرف، بأي حال من الأحوال، إلى القناة ذاتها؛ فهي كما سلف أن ذكرنا مال عام لا يمكن التفريط فيه».
وكان الفريق أسامة ربيع، رئيس «هيئة قناة السويس» قد أكد أمام البرلمان، أن الهيئة «حققت طفرات في عام 2022 بعبور أكثر من 23 ألف سفينة بنسبة زيادة 15 في المائة، مقارنة بـ21 ألفاً و700 سفينة العام الماضي، بإجمالي حمولة بلغ ملياراً و420 مليون طن، مشيراً إلى أنه من المتوقع أن تصل إيرادات القناة إلى 8 مليارات دولار مع نهاية السنة المالية الحالية 2022 /2023».


مقالات ذات صلة

«قناة السويس» تسجل ثاني أعلى معدل عبور يومي في تاريخها

شمال افريقيا «قناة السويس» تسجل ثاني أعلى معدل عبور يومي في تاريخها

«قناة السويس» تسجل ثاني أعلى معدل عبور يومي في تاريخها

أعلن الفريق أسامة ربيع رئيس «هيئة قناة السويس» بمصر، أن «حركة الملاحة بالقناة سجلت (الجمعة) رقماً قياسياً جديداً على صعيد إحصاءات العبور اليومية محققة ثاني أعلى معدل عبور يومي في تاريخ القناة حيث عبرت 95 سفينة من الاتجاهين بإجمالي حمولات صافية قدرها 5.6 مليون طن». وكانت الهيئة أعلنت في 13 مارس (آذار) الماضي، عن تسجيل «أعلى معدل عبور يومي في تاريخها حيث عبرت 107 سفن من الاتجاهين دون انتظار، بإجمالي حمولات صافية قدرها 6.3 مليون طن». وقال ربيع في بيان (الجمعة) إن «عدد السفن العابرة للقناة من اتجاه الشمال بلغ 43 سفينة بحمولات صافية قدرها 2.8 مليون طن فيما عبرت 52 سفينة من اتجاه الجنوب بالمجرى المل

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا «قناة السويس» لتطوير أسطولها البحري

«قناة السويس» لتطوير أسطولها البحري

ضمن خطة تطوير «متكاملة»، أضافت مصر 6 قاطرات جديدة إلى الأسطول البحري لقناة السويس بهدف «دعم» حركة التجارة العالمية، وتلبية الاحتياجات الناتجة عن زيادة المتوسط اليومي لأعداد السفن العابرة للقناة. ووفقاً لرئيس هيئة قناة السويس الفريق أسامة ربيع، الذي تفقد مشروعات التطوير، فإن «تطوير الأسطول البحري للقناة يتصدر أولويات العمل ضمن استراتيجية التطوير بالهيئة بما يتماشى مع توجيهات القيادة السياسية بضرورة مواكبة التطور التكنولوجي المتسارع في مجال صناعة الوحدات البحرية المعاونة».

عصام فضل (القاهرة)
شمال افريقيا هل تكون قناة السويس ذراع مصر لجذب استثمارات «الاقتصاد الأزرق»؟

هل تكون قناة السويس ذراع مصر لجذب استثمارات «الاقتصاد الأزرق»؟

فيما بدأت مصر إضافة خدمة جديدة للسفن العابرة لقناة السويس، تتضمن جمع المخلفات الصلبة والسائلة وإعادة تدويرها وفقاً لأحدث المعايير البيئية الدولية؛ اعتبر خبراء أن تلك الخطوة «تعطي قيمة مضافة لمجموعة الخدمات اللوجيستية المقدمة للسفن، إلى جانب تنمية مفاهيم الاقتصاد الأزرق والأخضر، وتعزيزها كونها من مصادر الدخل لمصر». ووقّعت مصر، اليوم (الاثنين)، اتفاقية بين قناة السويس وإحدى المجموعات اليونانية، لإنشاء شركة مساهمة جديدة تختص بتقديم خدمات متكاملة لإدارة المخلفات عبر جمع المخلفات الصلبة والسائلة، كخدمة جديدة ضمن الخدمات اللوجيستية المقدمة للسفن العابرة للقناة، وفقاً لأحدث المعايير البيئية الدولية.

محمد عجم (القاهرة)
شمال افريقيا الحكومة المصرية تعزز مكانة «اقتصادية السويس» بمشروعات جديدة

الحكومة المصرية تعزز مكانة «اقتصادية السويس» بمشروعات جديدة

سعت الحكومة المصرية إلى تعزيز مكانة «المنطقة الاقتصادية لقناة السويس»، عبر الإعلان عن عدد من المشروعات الجديدة التي زارها رئيس الوزراء مصطفى مدبولي. وقال مدبولي إن «المنطقة الاقتصادية لقناة السويس تبذل جهداً كبيراً لجذب الاستثمارات المختلفة»، منوها بحرص الدولة على «تشجيع القطاع الخاص ودعم مشروعاته الصناعية؛ إذ إن هناك صناعات استراتيجية، تعلم الدولة جيداً أن القطاع الخاص لن يستطيع تنفيذها؛ لذا تحرص على تنفيذها بعينها؛ مثل مشروع الأسمدة الآزوتية». وأضاف مدبولي، خلال مؤتمر صحافي، على هامش تفقده عدداً من المشروعات في المنطقة (الخميس)، أن «هناك دائماً ما يثار حول عدم تركيز الدولة على قطاعي الصناعة

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا قناة السويس... هل تكون قاطرة مصر لتجاوز أزمتها الاقتصادية؟

قناة السويس... هل تكون قاطرة مصر لتجاوز أزمتها الاقتصادية؟

بعد أسابيع قليلة من تمكنها من تحقيق أعلى إيراد شهري في تاريخها خلال يناير (كانون الثاني) 2023؛ أعلنت قناة السويس المصرية أن حركة الملاحة سجلت، اليوم الإثنين، «أرقاما قياسية على صعيد أرقام العبور اليومية، محققة أعلى معدل عبور يومي في تاريخ القناة، بعبور 107 سفن من الاتجاهين دون انتظار، بحمولات صافية مقدارها 6.3 مليون طن». وبلغ عدد السفن العابرة للقناة من اتجاه الشمال 56 سفينة، بحمولات صافية مقدارها 3.4 مليون طن، فيما عبرت 51 سفينة من اتجاه الجنوب بالمجرى الملاحي الجديد للقناة، بحمولات صافية إجمالية مقدارها 2.9 مليون طن. وأوضح الفريق أسامة ربيع، رئيس هيئة قناة السويس، في إفادة رسمية، أن «الطفرة

محمد عجم (القاهرة)

جولة جديدة من «الحوار الاستراتيجي» بين مصر والصين لتعميق التعاون

بدر عبد العاطي خلال لقاء رموز الجالية المصرية في الصين (الخارجية المصرية)
بدر عبد العاطي خلال لقاء رموز الجالية المصرية في الصين (الخارجية المصرية)
TT

جولة جديدة من «الحوار الاستراتيجي» بين مصر والصين لتعميق التعاون

بدر عبد العاطي خلال لقاء رموز الجالية المصرية في الصين (الخارجية المصرية)
بدر عبد العاطي خلال لقاء رموز الجالية المصرية في الصين (الخارجية المصرية)

تشهد العاصمة بكين جولة جديدة من «الحوار الاستراتيجي» بين مصر والصين، على مستوى وزيري خارجية البلدين، وذلك لتعميق التعاون، وتبادل الرؤى بشأن المستجدات الإقليمية والدولية.

ووصل وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، إلى بكين، مساء الأربعاء، وأشارت وزارة الخارجية المصرية في إفادة لها، إلى «عقد الجولة الرابعة من آلية الحوار الاستراتيجي بين مصر والصين».

والتقى عبد العاطي، الخميس، رموز الجالية المصرية في الصين، وأبرز اعتزاز بلاده بأبناء الجاليات المصرية في الخارج؛ «نظراً لدورهم المهم في تعزيز روابط الصداقة مع مختلف الدول، بما يسهم في توطيد تلك العلاقات حكومة وشعباً، خصوصاً مع شريك اقتصادي مهم مثل الصين».

وحثّ الوزير عبد العاطي، رموز الجالية المصرية في بكين، للمشاركة في النسخة المقبلة من «مؤتمر المصريين بالخارج» في أغسطس (آب) 2025، والذي من المقرر أن يشارك فيه عدد من الوزراء، بما يجعله بمثابة «منصة للحوار المستمر بين الجاليات المصرية في الخارج والوزارات الخدمية»، وفق «الخارجية المصرية».

وتُقدر عدد الشركات الصينية العاملة في مصر بنحو 2066 شركة في قطاعات متنوعة، ويصل حجم استثماراتها إلى نحو 8 مليارات دولار، وفق تصريح لنائب رئيس الهيئة العامة للاستثمار المصرية، ياسر عباس، في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. (الدولار الأميركي يساوي 50.8 جنيه في البنوك المصرية).

الرئيس الصيني خلال استقبال نظيره المصري في بكين مايو الماضي (الرئاسة المصرية)

ووفق نائب وزير الخارجية المصري الأسبق، نائب رئيس «جمعية الصداقة المصرية - الصينية»، السفير على الحفني، فإنه «لدى مصر والصين حرص دائم على تعميق العلاقات، واستمرار التشاور فيما يتعلق بعدد من القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك».

وقال لـ«الشرق الأوسط»: «إن الزيارات المتبادلة بين مسؤولي البلدين، تعكس الإرادة المستمرة لتبادل وجهات النظر وتنسيق المواقف بين البلدين».

وأعلن الرئيسان المصري عبد الفتاح السيسي، والصيني شي جينبينغ، في بكين، مايو (أيار) الماضي، عن تدشين عام «الشراكة المصرية - الصينية» بمناسبة مرور 10 سنوات على إطلاق «الشراكة الاستراتيجية الشاملة».

وأكد الحفني أن «(الحوار الاستراتيجي المصري - الصيني) يأتي في ظل مناخ إقليمي ودولي مضطرب»، عادّاً أن «الحوار ضروري بين القاهرة وبكين، من منطلق وضع الصين قوةً دولية، وعضواً دائماً بمجلس الأمن الدولي، وبهدف تنسيق المواقف بشأن التطورات الخاصة بالقضية الفلسطينية، والمستجدات في غزة ولبنان وسوريا والسودان ومنطقة البحر الأحمر».

وتدعم الصين «حل الدولتين» بوصفه مساراً لحل القضية الفلسطينية، ودعت خلال استضافتها الدورة العاشرة للاجتماع الوزاري لـ«منتدى التعاون الصيني - العربي» في مايو الماضي، إلى «عقد مؤتمر للسلام لإنهاء الحرب في غزة».

ويرى خبير الشؤون الآسيوية في المجلس المصري للشؤون الخارجية، ضياء حلمي، أن «الملفات الإقليمية، وتطورات الأوضاع في المنطقة، تتصدر أولويات زيارة وزير الخارجية المصري لبكين»، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «إن اتساع رقعة الصراع بالشرق الأوسط، والتوترات التي تشهدها دول المنطقة، تفرض التنسيق المصري - الصيني في هذه المرحلة، وإطلاع الجانب الصيني على ما تقوم بها مصر على الصعيد السياسي، للتهدئة في المنطقة».

وأشار حلمي إلى أن هناك تقارباً في المواقف المصرية - الصينية تجاه صراعات المنطقة، وضرورة التهدئة، لافتاً إلى أن «الملفات الاقتصادية تحظى باهتمام من جانب الدولة المصرية لزيادة حجم الاستثمارات الصينية، ورفع معدلات التبادل التجاري بين الجانبين».

وبلغ حجم التبادل التجاري بين مصر والصين نحو 13.9 مليار دولار خلال 2023، مقابل 16.6 مليار دولار خلال عام 2022، وفق إفادة جهاز التعبئة والإحصاء المصري، في مايو الماضي.