تصعيد ليبي ضد القاهرة بشأن ترسيم الحدود البحرية الغربية

«حكومة الدبيبة» تدعو لإطلاق محادثات... ومصدر مصري يعتبره «قراراً سيادياً»

صورة وزعها المنفي لحضوره حفل عشاء البيت الأبيض في واشنطن
صورة وزعها المنفي لحضوره حفل عشاء البيت الأبيض في واشنطن
TT

تصعيد ليبي ضد القاهرة بشأن ترسيم الحدود البحرية الغربية

صورة وزعها المنفي لحضوره حفل عشاء البيت الأبيض في واشنطن
صورة وزعها المنفي لحضوره حفل عشاء البيت الأبيض في واشنطن

صعَّدت «حكومة الوحدة» الليبية المؤقتة برئاسة عبد الحميد الدبيبة ضد مصر، بسبب ترسيم الحدود البحرية الغربية، بينما ظهر خلاف علني بين الدبيبة ومحمد المنفي، رئيس المجلس الرئاسي في ليبيا، بشأن تسليم أبو عجيلة مسعود ضابط الاستخبارات السابق، المتهم بـ«التورط في صنع قنبلة طائرة لوكربي» للسلطات الأميركية، في حين هدد عبد الله باتيلي، رئيس بعثة الأمم المتحدة، بتجاوز مجلسي «النواب» و«الدولة»، واستخدام آليات بديلة ما لم تتمكن الأطراف المتنافسة من إيجاد حل للأزمة السياسية في البلاد.
وحثت «حكومة الدبيبة» في بيان لوزارة خارجيتها، الحكومة المصرية، على «النظر في إطلاق المحادثات حول الحدود البحرية معها في البحر المتوسط». ووصفت القرار بأنه «ترسيم (غير عادل) بموجب القانون الدولي، لإعلانه من جانب واحد»، على حد وصف البيان. وأضافت أن «ترسيم الحدود البحرية بين الدولتين الجارتين يجب أن يتم من خلال اتفاق عبر مفاوضات تضمن مصالح الطرفين».
ولم يصدر أي رد رسمي من وزارة الخارجية المصرية حيال هذا البيان الذي يأتي بعد يوم واحد فقط من إشادة المنفي «بالجهود الكبيرة التي تبذلها مصر بهدف تحقيق الاستقرار في ليبيا، في ظل العلاقات الأخوية والتاريخية التي تربط البلدين الشقيقين».
وقال مصدر مصري في المقابل لـ«الشرق الأوسط» -مشترطاً عدم تعريفه- إن «ما وقَّعه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي (الأحد) بشأن تحديد الحدود البحرية الغربية للبلاد، هو (قرار سيادي)».
وطبقاً للواء محمد عبد الواحد، خبير الأمن القومي المصري، فإن القرار المصري «هو قرار في (قمة الرشد) وجاء في الوقت المناسب»؛ مشيراً إلى أنه «عبارة عن مد خط الحدود البرية بين البلدين إلى الأمام، ليحدد الخطوط البحرية بين الدولتين»، كما أنه «لم يشر من قريب أو بعيد للمياه الاقتصادية المشتركة».
وقال عبد الواحد لـ«الشرق الأوسط» إن «القرار المصري حدد الإحداثيات الخاصة بالحدود البحرية بأسلوب علمي، وبالتالي لا توجد (انتهاكات) للحدود البحرية الليبية كما ادعت (حكومة الدبيبة) المنتهية ولايتها»، لافتاً إلى أن «الأخيرة لم تذكر أي إحداثيات علمية». وتابع: «من حق ليبيا التحفظ على القرار طبقاً لقواعد القانون الدولي والاتفاقيات الدولية». وأوضح أن «مصر نأت بنفسها عن إبرام اتفاقيات مشتركة، كما فعلت دول أخرى».
واعترفت مصر بـ«حكومة الاستقرار» الموازية برئاسة فتحي باشاغا، باعتبارها المكلفة من مجلس النواب الليبي، وجمدت علاقتها بـ«حكومة الدبيبة» في العاصمة طرابلس، بشكل غير معلن، لانتهاء فترة ولايتها قانونياً.
من جهة أخرى، وفي إشارة إلى تسليم أبو عجيلة للسلطات الأميركية. اعتبر المنفي في بيان وزعه مكتبه أمس، أن «عملية تسليم مواطن ليبي لأي جهة خارج حدود الولاية القانونية للدولة الليبية، هو إجراء ينبغي أن يتم التعامل معه من الناحية القانونية قبل السياسية». وقال إنه وجَّه رسالة إلى النائب العام لاستجلاء الوضع القانوني الخاص بتسليم أبو عجيلة. وأكد المجلس أن سيادة ليبيا واستقلال قضائها وسلامة مواطنيها هي مبادئ لا يمكن الحياد عنها، وهو ما تم التشديد عليه خلال لقاء المنفي بالمسؤولين في واشنطن.
وكان المجلس قد تراجع عن بث فيديو مصور للناطقة باسمه نجوى وهيبة، طالبت خلاله السلطات الأميركية بإعادة أبو عجيلة.
في المقابل، استغل الدبيبة مشاركته، أمس، باعتباره وزير الدفاع، في احتفال قوات ما تسمى «عملية البنيان المرصوص» بمدينة مصراتة، غرب البلاد، بالذكرى السادسة لانتصارها على تنظيم «داعش» في سرت، لتأكيد موقفه مجدداً من تسليم أبو عجيلة. وقال: «لا مجال في ليبيا للإرهاب، ولا حرية فيها للإرهابيين». وأضاف أن «سيادة ليبيا الحقيقية في أن تنتزع عنها وصمة الإرهاب التي سببتها ممارسات ومغامرات سابقة»، موضحاً أن «الليبيين الأحرار لا يقبلون بأي حال من الأحوال من يدعم قتل الأبرياء تحت أي حجة أو تبرير»، لافتاً إلى أن «ليبيا دفعت ثمناً باهظاً بتهمة الإرهاب، ودفعت أموالاً طائلة بالمليارات» في إشارة إلى التعويضات التي دفعها العقيد الراحل معمر القذافي لتسوية قضية لوكربي. وتابع: «المطلوب اليوم تعزيز الشراكة بملف مكافحة الإرهاب، وسنتخذ كل المواقف الضرورية دون الالتفات للمزايدين والمتطرفين من أصحاب الشعارات الوهمية».
وكان المنفي قد نقل عن الرئيس الأميركي جو بايدن الذي التقاه على هامش القمة الأميركية الأفريقية، إعرابه عن «التزام بلاده بدعم استقرار ليبيا وإنجاح التداول السلمي للسلطة». وأوضح المنفي أنه عرض خلال ما وصفه بـ«مشاورات خاصة مع عدد من المسؤولين الأميركيين» بمن فيهم عضو لجنة القوات المسلحة بالكونغرس جون جاراميندي، ورئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي، «سُبل الاستقرار في ليبيا، ورؤية المجلس الرئاسي للحل على الجانب السياسي والاقتصادي»، لافتاً إلى «دعمهم جهود الاستقرار في ليبيا، وإيلاء الولايات المتحدة أهمية للملف الليبي، ودعمهم لجهود بناء السلم والأمن في ليبيا».
كما نقل المنفي الذي شارك في حفل عشاء أقيم بالبيت الأبيض بواشنطن، عن الجانب الأميركي، إعرابه على مستوى السلطتين التنفيذية والتشريعية عن حرصه والتزامه بالثوابت التي تحكم العلاقة بين البلدين، وتقوم على مبادئ السيادة الوطنية والمصالح المشتركة بينهما.
لكن وسائل إعلام محلية نقلت في المقابل عن مصدر بالبعثة الليبية في نيويورك، أن حديث المنفي مع بايدن «استغرق 3 دقائق فقط على هامش القمة الأميركية- الأفريقية»، نافياً إجراء أي لقاءات أو مباحثات ثنائية بين الطرفين في القاعة المغلقة.
وبعدما أوضح أن «اللقاءات اقتصرت على مصافحات وأحاديث جانبية مع بايدن وبيلوسي في أروقة قاعة القمة»، لفت إلى إعراب «الإدارة الأميركية عن امتنانها للمنفي على دعم المجلس الرئاسي وحكومته لمحاسبة المتورطين في جرائم النظام السابق».
من جانبه، أرجع باتيلي، في تقرير قدمه مساء أول من أمس إلى مجلس الأمن الدولي، النزاع السياسي في ليبيا، إلى عقيلة صالح رئيس مجلس النواب، وخالد المشري رئيس مجلس الدولة، بوصفهما الهيئتين التشريعيتين في البلاد. وقال باتيلي: «لم يعد الخلاف المستمر بين شخصين اثنين، حول عدد محدود للغاية من الأحكام في القاعدة الدستورية، مبرراً كافياً لإبقاء البلاد بأكملها رهينة». وأضاف: «إذا لم يتمكن المجلسان من التوصل إلى اتفاق سريع، يمكن اللجوء -بل ينبغي اللجوء- لاستخدام آليات بديلة للتخفيف من المعاناة التي تسببها الترتيبات السياسية المؤقتة التي عفا عنها الزمن ومفتوحة بلا سقف زمني»؛ لكنه لم يذكر أي تفاصيل.


مقالات ذات صلة

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

شمال افريقيا هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

حفلت الجلسة الافتتاحية لـ«الحوار الوطني»، الذي دعا إليه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قبل أكثر من عام، برسائل سياسية حملتها كلمات المتحدثين، ومشاركات أحزاب سياسية وشخصيات معارضة كانت قد توارت عن المشهد السياسي المصري طيلة السنوات الماضية. وأكد مشاركون في «الحوار الوطني» ومراقبون تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أهمية انطلاق جلسات الحوار، في ظل «قلق مجتمعي حول مستقبل الاقتصاد، وبخاصة مع ارتفاع معدلات التضخم وتسببه في أعباء معيشية متصاعدة»، مؤكدين أن توضيح الحقائق بشفافية كاملة، وتعزيز التواصل بين مؤسسات الدولة والمواطنين «يمثل ضرورة لاحتواء قلق الرأي العام، ودفعه لتقبل الإجراءات الحكومية لمعالجة الأز

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

عقد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، اجتماعاً، أمس (الخميس)، مع كبار قادة القوات المسلحة في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية الجديدة، لمتابعة دور الجيش في حماية الحدود، وبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي للبلاد. وقال المستشار أحمد فهمي، المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، في إفادة رسمية، إن «الاجتماع تطرق إلى تطورات الأوضاع على الساحتين الإقليمية والدولية، وانعكاساتها على الأمن القومي في ظل الظروف والتحديات الحالية بالمنطقة». وقُبيل الاجتماع تفقد الرئيس المصري الأكاديمية العسكرية المصرية، وعدداً من المنشآت في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية. وأوضح المتحدث ب

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

قالت مصر إن «استمرار ظاهرة (المقاتلين الأجانب) يهدد أمن واستقرار الدول». وأكدت أن «نشاط التنظيمات (الإرهابية) في أفريقيا أدى لتهديد السلم المجتمعي».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

جدد حادث تصادم في مصر الحديث بشأن مخاطر «السرعة الزائدة» التي تتسبب في وقوع حوادث سير، لا سيما على الطرق السريعة في البلاد. وأعلنت وزارة الصحة المصرية، (الخميس)، مصرع 17 شخصاً وإصابة 29 آخرين، جراء حادث سير على طريق الخارجة - أسيوط (جنوب القاهرة).

منى أبو النصر (القاهرة)
شمال افريقيا مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

بعد 3 أيام عصيبة أمضتها المسنة السودانية زينب عمر، في معبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على


«النواب» المصري يواجه «طعوناً» جديدة على نتائج الدوائر الملغاة

ناخبون في محافظة بورسعيد المصرية خلال المرحلة الثانية لانتخابات مجلس النواب (تنسيقية شباب الأحزاب)
ناخبون في محافظة بورسعيد المصرية خلال المرحلة الثانية لانتخابات مجلس النواب (تنسيقية شباب الأحزاب)
TT

«النواب» المصري يواجه «طعوناً» جديدة على نتائج الدوائر الملغاة

ناخبون في محافظة بورسعيد المصرية خلال المرحلة الثانية لانتخابات مجلس النواب (تنسيقية شباب الأحزاب)
ناخبون في محافظة بورسعيد المصرية خلال المرحلة الثانية لانتخابات مجلس النواب (تنسيقية شباب الأحزاب)

تواجه نتائج انتخابات مجلس النواب المصري «طعوناً» جديدة أمام القضاء الإداري، تخص نتائج دوائر سبق إلغاؤها وإعادة الاقتراع بها، في وقت أظهرت فيه المؤشرات الأولية لجولة الإعادة بالمرحلة الثانية، التي أُجريت، الأسبوع الماضي، على مدار يومين «منافسة قوية» وتقدّماً ملحوظاً لمرشحين مستقلين.

وينظر مراقبون إلى هذه الانتخابات بوصفها الأطول والأكثر جدلاً، بعدما جرى التصويت عبر 7 جولات متتالية، ترافقت مع ازدياد أعداد الطعون.

وقد ازداد الجدل بشأنها عقب إلغاء نتائج نحو 30 دائرة بحكم من المحكمة الإدارية العليا، و19 دائرة أخرى بقرار من «الهيئة الوطنية للانتخابات» بسبب «مخالفات انتخابية»؛ ما أدى إلى تأجيل إعلان النتيجة النهائية من 25 ديسمبر (كانون الأول) الحالي إلى 10 يناير (كانون الثاني) المقبل.

وحددت المحكمة الإدارية العليا، السبت، جلسة 22 ديسمبر الحالي موعداً للفصل في 32 طعناً على نتائج 30 دائرة انتخابية، من بين الدوائر التي أعيد التصويت فيها بعد إلغاء نتائجها قضائياً ضمن المرحلة الأولى من انتخابات مجلس النواب.

ومن منظور أستاذ القانون الدستوري بجامعة المنصورة، الدكتور صلاح فوزي، فإنه «من الصعب الجزم بمآلات الطعون المنظورة حالياً، نظراً لاحتمال انطوائها على أخطاء في أثناء فرز الأصوات تخضع للإثبات»، مؤكداً لـ«الشرق الأوسط» أن الطعون «حق قضائي أصيل كفله الدستور والقانون».

غير أنه استبعد أن «تؤثر هذه الطعون في مجمل العملية الانتخابية»، في ظل ما وصفه بأنه «التزام من جانب (الهيئة الوطنية للانتخابات) بتنفيذ أحكام المحكمة الإدارية العليا التزاماً كاملاً»، واصفاً هذا المسار بأنه «سابقة قضائية وإجرائية مهمة» في تاريخ الانتخابات المصرية.

مصريون في انتظار الإدلاء بأصواتهم في انتخابات إعادة إحدى الدوائر الملغاة بالإسكندرية الأربعاء الماضي (تنسيقية شباب الأحزاب)

وخلال الأسبوعين الماضيين، رفضت المحكمة الإدارية العليا عدداً من الطعون التي تنوعت أسبابها بين «التشكيك في سلامة إجراءات الفرز والتجميع، والاعتراض على الأرقام المعلنة، والادعاء بوجود أخطاء في المحاضر أو تجاوزات خلال عملية الاقتراع». وقضت برفض 26 طعناً على نتائج الجولة الأولى من المرحلة الأولى، وقبلها رفضت، في 10 ديسمبر الحالي 211 طعناً على نتائج الجولة الأولى من المرحلة الثانية.

ويذهب فوزي مع آخرين إلى تأييد «ضرورة مراجعة البرلمان بعض القوانين المنظِّمة للعملية الانتخابية».

وعلى صعيد نتائج جولة الإعادة في محافظات المرحلة الثانية، فقد أظهرت المؤشرات الأولية لهذه الجولة التي أجربت، يومي الأربعاء والخميس الماضيين، فوز المستقلين بـ46 مقعداً، من أصل 101 مقعد جرى التنافس عليها بنظام الفردي في 13 محافظة، بينما من المقرر أن تعتمد «الهيئة الوطنية للانتخابات» النتائج رسمياً في 25 ديسمبر الحالي. وبذلك ارتفع عدد مقاعد المستقلين إلى 67 مقعداً من أصل 484 حُسمت حتى الآن، بنسبة 13.8 في المائة، في ظل نظام انتخابي «مختلط» يجمع بين الفردي والقائمة المغلقة.

وينظر سياسيون إلى هذه النتائج بأنها تعكس واقعاً جديداً أصبح فيه المستقلون «قوة فعلية»، وهي أيضاً رؤية البرلماني والإعلامي المصري مصطفى بكري، الذي رأى أن «الناخب المصري بات يختار المرشح القادر على إقناعه، بصرف النظر عن انتمائه الحزبي»، وأن «المقاعد لا تُمنح بل تُنتزع بالصندوق»، وفق ما قال في برنامج تليفزيوني يقدمه بقناة محلية.

مصريات أمام مركز اقتراع في انتخابات الإعادة لمجلس النواب المصري (تنسيقية شباب الأحزاب)

في المقابل، رأى أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، الدكتور مصطفى كامل السيد، أن «المستقلين لن يشكّلوا كتلة متماسكة داخل البرلمان، في ظل غياب برنامج سياسي موحد». ورجح في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن يكون كثير من هؤلاء المستقلين «أقرب إلى التوافق مع سياسات الحكومة، خاصة أولئك المنتمين إلى شرائح رجال الأعمال أو من خاضوا الانتخابات بوصفهم مستقلين بعد أن استبعدتهم اختيارات الترشح من جانب الأحزاب ذات الأغلبية البرلمانية في مجلس النواب السابق»، في إشارة إلى حزبي «مستقبل وطن» و«حماة الوطن».

ولم تخلُ المؤشرات الأولية لجولة الإعادة بالمرحلة الثانية من اتهامات بـ«مخالفات انتخابية»، علماً بأن «الهيئة الوطنية للانتخابات» سوف تستمر في تلقي الطعون حتى الثلاثاء المقبل.

وتحدث حزب «العدل» (المعارض) عما وصفها بـ«وقائع مست نزاهة العملية في محافظتي الشرقية والغربية»، وأكد تسليم تظلمات رسمية لـ «الهيئة الوطنية للانتخابات» بشأنها. وقالت المرشحة سحر عثمان (حزب العدل) عبر حسابها بموقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» إن «الحق سيعود بالقانون»، بينما أعلن المرشحان المستقلان بمحافظة القاهرة محمد زهران وعاطف رمضان، عزمهما التقدم بطعون قانونية.

وأُجريت جولة إعادة المرحلة الثانية لانتخابات مجلس النواب في الداخل، يومي الأربعاء والخميس الماضيين، وشملت 4494 لجنة فرعية موزعة على 13 محافظة، و55 دائرة انتخابية، للتنافس على 101 مقعد.


تقرير: شركات في بريطانيا تجنّد مرتزقة كولومبيين لصالح «الدعم السريع»

خبراء يقولون إن الأسلحة عالية التقنية التي تستخدمها قوات الدعم السريع تحتاج إلى مساعدة خارجية لتشغيلها (أ.ف.ب)
خبراء يقولون إن الأسلحة عالية التقنية التي تستخدمها قوات الدعم السريع تحتاج إلى مساعدة خارجية لتشغيلها (أ.ف.ب)
TT

تقرير: شركات في بريطانيا تجنّد مرتزقة كولومبيين لصالح «الدعم السريع»

خبراء يقولون إن الأسلحة عالية التقنية التي تستخدمها قوات الدعم السريع تحتاج إلى مساعدة خارجية لتشغيلها (أ.ف.ب)
خبراء يقولون إن الأسلحة عالية التقنية التي تستخدمها قوات الدعم السريع تحتاج إلى مساعدة خارجية لتشغيلها (أ.ف.ب)

كشف تحقيق حصري لصحيفة «الغارديان» البريطانية عن وجود شركات مسجّلة في المملكة المتحدة، أسسها أشخاص خاضعون لعقوبات أميركية، يُشتبه في تورطها بتجنيد مئات المقاتلين الكولومبيين للقتال إلى جانب «قوات الدعم السريع» في السودان.

ويربط التحقيق بين شقة سكنية متواضعة في شمال لندن وشركة تُدعى «Zeuz Global» (زيوس غلوبال) مسجّلة رسمياً لدى السجل التجاري البريطاني، وبين شبكة عابرة للحدود عملت على تجنيد مقاتلين كولومبيين سابقين ونقلهم إلى السودان.

وتشير الوثائق الرسمية إلى أن مؤسسي الشركة وصفوا أنفسهم كمقيمين في بريطانيا، رغم خضوعهم لعقوبات أميركية بسبب دورهم في دعم عمليات التجنيد. ووفقاً للتحقيق، شارك مرتزقة كولومبيون بشكل مباشر في الهجوم على مدينة الفاشر في إقليم دارفور في 26 أكتوبر (تشرين الأول)، وهو الهجوم الذي أعقبه تصعيد دموي واسع النطاق. كما يسلّط التقرير الضوء على تحركات مثيرة للريبة للشركة، من بينها تغيير عنوانها المسجّل إلى رموز بريدية لفنادق فاخرة في وسط لندن من دون أي صلة فعلية بها.

صورة بالأقمار الاصطناعية لمستشفى الأطفال تعرض للدمار في الفاشر 30 أكتوبر (أ.ف.ب)

ويطرح التحقيق تساؤلات جدية حول آليات الرقابة على تسجيل الشركات في المملكة المتحدة، وكيفية تمكّن أفراد معاقَبين دولياً من تأسيس وإدارة شركات نشطة داخل لندن. كما ينقل آراء خبراء أمميين حذّروا من أن استخدام واجهات قانونية بريطانية يسهّل تمرير أنشطة مرتبطة بنزاعات مسلّحة، ويقوّض الجهود الدولية لمساءلة المتورطين في الانتهاكات الجسيمة في السودان.

وأدانت وزيرة الخارجية البريطانية، إيفيت كوبر، «قوات الدعم السريع» لارتكابها «جرائم قتل ممنهجة وتعذيباً وعنفاً جنسياً» عقب سيطرتها على الفاشر. كما اتهمت الولايات المتحدة «قوات الدعم السريع» بارتكاب إبادة جماعية.

عقوبات أميركية

كان مكتب مراقبة الأصول الأجنبية في وزارة الخزانة الأميركية فرض في التاسع من ديسمبر (كانون الأول) الحالي، عقوبات على شبكة عابرة للحدود تضم 4 أفراد و4 شركات، تجند عسكريين كولومبيين سابقين، وتدرِّب مقاتلين، بينهم أطفال، للقتال ضمن صفوف «قوات الدعم السريع» في السودان.

وقال وكيل وزارة الخزانة الأميركية لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية جون كيه. هيرلي: «لقد أثبتت (قوات الدعم السريع) مراراً استعدادها لاستهداف المدنيين، بمن فيهم الرضع والأطفال، وقد عمّقت وحشيتُها الصراعَ، وزعزعت استقرار المنطقة، مهيّئة الظروف لنمو الجماعات الإرهابية».

وحسب التحقيقات الأميركية التي استندت إليها العقوبات، سافر مئات العسكريين الكولومبيين السابقين إلى السودان منذ سبتمبر (أيلول) 2024 للقتال إلى جانب «قوات الدعم السريع». وأشارت إلى أن هؤلاء المقاتلين «يزوّدون القوات بمهارات تكتيكية وتقنية، ويعملون كمشاة ومدفعيين وطياري مسيّرات وسائقي مركبات ومدرّبين، بل يدرب بعضهم الأطفال على القتال».

وأكدت التحقيقات مشاركة المقاتلين الكولومبيين «في معارك عديدة في أنحاء السودان، بما فيها الخرطوم وأم درمان وكردفان والفاشر. ولم يكن وجودهم في السودان ممكناً لولا دعم العديد من الأفراد والشركات، معظمها كولومبية».

قناصة ومشغلو مسيّرات

في كولومبيا، تُعد وكالة «إيه 4 إس آي» للتوظيف، ومقرها بوغوتا، العقدة الأساسية في عمليات التجنيد؛ إذ أطلقت حملات عبر موقعها وغرف محادثة واجتماعات عامة لملء شواغر تشمل مشغّلي الطائرات المسيّرة والقناصة والمترجمين.

وتعتمد هذه الشركة على شركة «غلوبال ستافينغ» في بنما التي بات اسمها «تالنت بريدج» بهدف «الحد من مسؤوليتها القانونية، وإخفاء علاقتها بالشركة التي تستقدم المقاتلين»؛ إذ تتولى الشركة البنمية «توقيع العقود وتسلُّم الأموال نيابة عنها». وحسب التحقيقات الأميركية، فإن مساعدة المرتزقة الكولومبيين مكنت «الدعم السريع» من السيطرة على الفاشر في 26 أكتوبر 2025 بعد حصار دام 18 شهراً.


رئيس وزراء السودان يتوجه إلى نيويورك للقاء مسؤولين في الأمم المتحدة

رئيس وزراء السودان كامل الطيب إدريس خلال إلقاء كلمته حول الأزمة السودانية على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة (إ.ب.أ)
رئيس وزراء السودان كامل الطيب إدريس خلال إلقاء كلمته حول الأزمة السودانية على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة (إ.ب.أ)
TT

رئيس وزراء السودان يتوجه إلى نيويورك للقاء مسؤولين في الأمم المتحدة

رئيس وزراء السودان كامل الطيب إدريس خلال إلقاء كلمته حول الأزمة السودانية على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة (إ.ب.أ)
رئيس وزراء السودان كامل الطيب إدريس خلال إلقاء كلمته حول الأزمة السودانية على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة (إ.ب.أ)

توجّه رئيس الوزراء السوداني، كامل إدريس، إلى نيويورك، اليوم السبت، للاجتماع بالأمين العام للأمم المتحدة ومسؤولين آخرين ومناقشة سبل تسهيل وصول المساعدات الإنسانية ووقف محتمل لإطلاق النار، وفق ما أفاد مصدران في الحكومة.

وتأتي هذه الزيارة في ظلّ احتدام المعارك بين الجيش السوداني و«قوّات الدعم السريع» في جنوب كردفان، ما يثير مخاوف من فظائع جديدة شبيهة بتلك التي ارتكبت في مدينة الفاشر في أواخر أكتوبر (تشرين الأول).

وترافقت سيطرة «قوّات الدعم السريع» على آخر معقل للجيش في إقليم دارفور (غرب) مع تقارير عن عمليات قتل جماعي واغتصاب واختطاف.

وقال مصدر في الحكومة السودانية، طلب عدم الكشف عن هويته، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، إن اجتماع إدريس بالأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، «يهدف لوضع حدّ للأزمة الإنسانية المتفاقمة» في السودان.

وكشف مستشار رئيس الوزراء السوداني، محمد عبد القادر، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، أن الاجتماعات في نيويورك «تركّز على ضرورة تخفيف المعاناة الإنسانية عن السودانيين، وتسهيل وصول المساعدات للمتضرّرين».

كما تعكس «التزام الحكومة بخريطة الطريق التي سلمتها للمنظمة الدولية، والتي تتضمّن وقفاً لإطلاق للنار مشروطاً بانسحاب (قوّات الدعم السريع) من المناطق والمدن التي تحتلّها»، حسب عبد القادر.

وفي وقت سابق هذا الشهر، قال غوتيريش إن الأمم المتحدة تحضّر لمحادثات مع الطرفين في جنيف، لكن من دون تحديد موعد انعقادها.

وتجدّدت المساعي الدبلوماسية حول الأزمة في السودان، الشهر الماضي، بعد تعهّد الرئيس الأميركي دونالد ترمب بإنهاء الصراع إثر لقائه ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان الذي طلب منه التدخّل لحلحلة الوضع.

وأعرب قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان، الأسبوع الماضي، عن استعداده للعمل مع ترمب لإنهاء النزاع، إثر محادثات في الرياض مع الأمير محمد بن سلمان.

وتقوم السعودية بوساطة لحلّ الأزمة في السودان إلى جانب الولايات المتحدة والإمارات ومصر. وقد كثّفت الجهود الدبلوماسية في الأشهر الأخيرة.

وتقول «قوّات الدعم السريع» إنها تؤيّد الخطّة الدولية لوقف إطلاق النار، غير أن المعارك المحتدمة متواصلة، لا سيّما في كردفان.

والخميس، حذّرت مصر وهي حليف كبير للجيش السوداني، من أن تصعيد العنف عند حدودها الجنوبية «يمسّ مباشرة الأمن القومي المصري الذي يرتبط ارتباطاً مباشراً بالأمن القومي السوداني».