لم توفّر يمنى شامي كليمنصو، أي فرصة خلال أسفارها لالتقاط صور معرضها الفوتوغرافي «ترافلر» (Traveller) الذي يستضيفه غاليري «آرت ديستريكت» في منطقة الجميزة. فهي تشعر أن موهبتها تتفتح وتنضج خلال السفر فتحلق معها عالياً. تعرفها إلى بلدان ومناطق وشعوب جديدة تحفزها على التصوير. «بينما في البلدان أو الأماكن التي أسكن فيها تذبل موهبتي ولا أشعر بما يحمسني لتصويرها». هكذا تصف يمنى تأثير رحلات السفر على عدسة كاميرتها. يمنى تخصصت في الهندسة الداخلية، ويعد «ترافلر» معرضها الأول في بيروت. وهي المقيمة في باريس. «هناك أقمت معارض كثيرة، وعندما راسلت ماهر عطار صاحب الغاليري وأخبرته عن نيتي بإقامة معرض لأعمالي عنده، جاءني الجواب سلبياً فأحبطت. بعدها بيومين اتصل بي من جديد ليقول لي إنه وعن طريق الخطأ أرسل لي جوابه السلبي. فرحت لأنني كنت متحمسة لإخراج صوري من الحاسوب الآلي كي تتنفس تحت شمس بلادي الأم».
تشبه أعمال يمنى شخصيتها الحقيقية البسيطة والواضحة والقريبة من القلب. سعادتها في إقامة أول معرض لها في مدينتها بيروت ترك أثره الكبير عليها. واغرورقت عيناها بالدموع أكثر من مرة فرحاً وهي تستقبل زوار المعرض. وتعلق: «هو حلم كان يراودني بالعودة إلى بلدي وإقامة معرض فيه، واليوم تحقق».
عنونت يمنى أعمالها المصورة بـ«حوار»، و«ذهب»، و«عائلة من الهند»، و«ذا لوك»، و«المثلثات» وغيرها، وتدل مباشرة على موضوع كل منها. بينها ما التقطته في بلاد الهند، ومدغشقر، والفلبين، وأخرى في اليونان، وكوبا وغيرها من البلدان. انتقت من كل بلد ما طبع عينها من طبيعة شعبه وسحر طبيعته وهندسة عماراته.
فتحت الأبواب المغلقة في الهند، ولحقت بمواء هرّ في اليونان، وركضت وراء منحوتة رخامية في مقبرة في بوينس آيرس. أوقفت الزمن أكثر من مرة لتسرق منه تلك اللحظات وتلتقط صورة لمشهد أغرمت به. كاميرتها تتحرك عن سابق حب وعشق لموهبتها، وعن إحساس مرهف يغمرها في كل مرة وضعت فيها عينها على عدستها بعفوية مطلقة. تقول لـ«الشرق الأوسط»: «لا أحب اتباع تقنية المصور المحترف الذي يقيس زوايا صورته ويلحق بالنور من هنا، وبالعتمة من هناك. فأفضل أن أتبع إحساسي، وما تدلني عليه عيناي من دون تردد. أسرق اللحظة من دون تخطيط مسبق، وأوثقها بصورة تخاطب الروح وتغذي ثقافة الرؤيا الفنية».
يتضمن معرض «ترافلر» أكثر من 20 صورة فوتوغرافية تميل إلى موضوعات الطبيعة والإنسان. هنا نشاهد عائلة هندية سعيدة تصيب ناظرها بعدوى الابتسامة تلقائياً. وهناك تأخذك يمنى إلى عالم الصلاة في مدرسة للبودا. وتتنقل بين صورة لتشققات حائط، تحاور رسم شخص حددت ملامحه بالأسود. وتتوقف أمام أخرى تكتشف فيها الطبيعة الذهبية لمدغشقر. فيما أشخاص يمثلون أبطال الغرب، وآخرون من أفريقيا لفتها الـ«لوك» المختلف الذي يتمتعون به. وفي مجموعة صور بالأبيض والأسود تبرز يمنى حرفيتها الفطرية، فندخل معها عالم الـ«باباراتزي»، وفي ثانية نلج عالم الطفولة، وفي أخرى تتعرف إلى الزي الهندي الأنثوي التقليدي، وكذلك إلى رجل «كاوبوي» يدخن السيجار الكوبي. محطات منوعة تؤلف معرض «ترافلر» ليمنى شامي، ستحب أن تعود إلى مشاهدتها أكثر من مرة كي تغوص في عالم السفر التصويري.
حالياً تمكث يمنى نحو شهر كامل في لبنان بعد غياب، عنه وتخطط للتجول في عدد من بلداته وقراه، كي تسير عين كاميرتها في مساحاته الشاسعة كما تقول. وتضيف: «أفكر أيضاً في منطقة الجميزة القديمة الموازية بموقعها للشارع الرئيسي فيها. فهي غنية ببيوت تراثية وأزقة وأحياء عريقة فتحت شهيتي على تصويرها». وماذا بعد بيروت؟ «سأعود قريباً بعد أن أنهي جولة سفر إلى السنغال. فقد فضلتها على رحلة نيوزلندا، لأن ناسها مختلفون ودافئون، وفيهم الكثير من البراءة. فأنا باحثة دائمة عن المختلف الذي لم تعتد عيني على مشاهدته في أوروبا حيث أقيم».