شراكات عملاقة سعودية ـ صينية في الطاقة والكيميائيات والإنشاءات

«أرامكو» تبرم مذكرة تفاهم لتوريد النفط الخام... و«أكوا باور» توقّع مع 9 جهات في الطاقة المتجددة... واتفاقيات لتطوير سكني وعقاري

ممثلو «أكوا باور» والشركات الصينية خلال توقيع الاتفاقية بحضور وزير الاستثمار السعودي أمس (الشرق الأوسط)
ممثلو «أكوا باور» والشركات الصينية خلال توقيع الاتفاقية بحضور وزير الاستثمار السعودي أمس (الشرق الأوسط)
TT

شراكات عملاقة سعودية ـ صينية في الطاقة والكيميائيات والإنشاءات

ممثلو «أكوا باور» والشركات الصينية خلال توقيع الاتفاقية بحضور وزير الاستثمار السعودي أمس (الشرق الأوسط)
ممثلو «أكوا باور» والشركات الصينية خلال توقيع الاتفاقية بحضور وزير الاستثمار السعودي أمس (الشرق الأوسط)

تزامناً مع اختتام الرئيس الصيني شي جينبينغ زيارته الرسمية إلى السعودية وحضوره القمتين (الخليجية - الصينية والعربية - الصينية) للتعاون والتنمية، أعلنت كبرى الشركات السعودية في مجال الطاقة والكيميائيات والإنشاءات عن عقدها شراكات عملاقة مع صينية للتعاون وبدء العمل في مشروعات مشتركة.

- التكرير والبتروكيماويات
وكشفت عملاق الطاقة السعودية (أرامكو) إحدى كبرى الشركات العالمية المتكاملة في مجال الطاقة والكيميائيات، ومجموعة «شاندونغ» للطاقة، عن استكشاف فرص للتعاون في مجال التكرير والبتروكيميائيات المتكاملة في الصين. ووقّعت الشركتان مذكرة تفاهم تتضمن اتفاقية محتملة لتوريد النفط الخام، واتفاقية شراء منتجات كيميائية، لدعم دور «أرامكو السعودية» في بناء قطاع مزدهر للتكرير والبتروكيميائيات في مقاطعة شاندونغ الصينية.
ويمتد نطاق مذكرة التفاهم ليشمل التعاون عبر التقنيات المتعلقة بالهيدروجين، ومصادر الطاقة المتجددة، واحتجاز الكربون وتخزينه.
وأكّد محمد القحطاني، النائب الأعلى للرئيس للتكرير والمعالجة والتسويق في «أرامكو السعودية»، سعي «أرامكو» من خلال هذا التعاون، الذي يتمركز في عمق قطاع الطاقة الصيني، إلى خلق مسارات جديدة للنّمو في بلد يقود التكامل المتزايد لعمليات التكرير والبتروكيميائيات، متمنياً أن يمتد هذا التعاون في مجالات الهيدروجين، ومصادر الطاقة المتجددة، واحتجاز الكربون، ولمزيد من التعاون المحتمل في هذه المجالات الرئيسة التي ستشكل مستقبلنا المشترك.
وتعزز هذه الاتفاقية جهود «أرامكو السعودية» لدعم الطلب على الطاقة والبتروكيميائيات والمواد اللامعدنية في الصين مع سعي الشركة لتوسيع طاقتها في مجال تحويل السوائل إلى مواد كيميائية لتبلغ 4 ملايين برميل في اليوم بحلول عام 2030.

- توقّع 9 اتفاقيات
كما وقّعت شركة «أكوا باور» السعودية مجموعة من مذكّرات التفاهم مع تسع جهات صينية، وتهدف هذه الاتفاقيات إلى البدء بالتعاون المشترك للاستثمار في مشاريع «أكوا باور» العالمية للطاقة النظيفة والمتجدّدة في السعودية والدول الملتزمة بمبادرة الحزام والطريق الصينية وتمويلها وتنفيذها.
وقال محمد أبو نيان، رئيس مجلس إدارة شركة «أكوا باور»: «عاماً بعد عام، تواصل (أكوا باور) من خلال ما حققته من شراكات ثابتة وعلاقات متجددة مع كبرى الجهات الصينية البارزة في مجالها، العمل على تعزيز دورها الريادي ومساهمتها في الحراك العالمي نحو التحوّل في قطاع الطاقة، بما يعكس متانة الروابط التي تجمع ما بين السعودية والصين». وأضاف «من المكانة التي حققناها كواحدة من الشركات الرائدة في مجال توليد الطاقة وتحلية المياه وإنتاج الهيدروجين الأخضر على مستوى العالم، وانسجاماً مع التزام المملكة بمبادرة الحزام والطريق الصينية، نؤكد في (أكوا باور) مواصلتنا تسخير كامل إمكانات ومواردنا وخبراتنا لدعم التحوّل في مجال الطاقة والتحوّل الاقتصادي المنشودين، بما يعزز من مساهمتنا في دعم تحقيق مستهدفات (رؤية السعودية 2030) وتطلعاتها الطموحة وأهداف مبادرة الحزام والطريق الصينية، حيث نتطلع إلى الإسهام بدور محوري لتحقيق هذه الأهداف الوطنية لكلا الطرفين بشكل تكاملي».
ووقعت «أكوا باور» مذكّرات تفاهم للاستثمار في مشاريعها الجديدة المرتبطة بالطاقة النظيفة والمتجدّدة وتمويلها وتوقيع عقود المقاولات الهندسية والمشتريات والبناء وشراء معدات الطاقة المتجدّدة الضرورية لتنفيذ تلك المشاريع.
والشركاء الصينيون الاستراتيجيون المعنيون بمذكّرات التفاهم: البنك الصناعي والتجاري الصيني وبنك الصين وشركة «سبيس هوانغي لتنمية الطاقة الكهرومائية» وشركة «تشاينا ساوثرن باور جريد إنترناشيونال» و«مجموعة باور تشاينا إنترناشيونال» و«مجموعة إنرجي تشاينا إنترناشيونال» و«شركة جينكو سولار» و«شركة صن جرو لإمدادات الطاقة» و«شركة جوليوود سولار تكنولوجي».
يذكر، أنّ التعاون بين «أكوا باور» والصين يعود إلى عام 2009، عندما افتتحت «أكوا باور» أول مكاتبها في العاصمة الصينية بكين. واليوم، تملك الشركة علاقات استراتيجية مع الشركات الصينية في مجال مقاولات الهندسة والمشتريات والبناء وتزويد المعدات ومؤسسات التمويل وشركاء الاستثمار، علماً بأن هذه الشركات تسهم اليوم في تنفيذ 47 مشروعاً ضمن محفظة «أكوا باور» الاستثمارية في 12 دولة حول العالم.
وطوال السنوات الماضية، بلغت قيمة هذا التعاون المشترك عشرة مليارات دولار أميركي مع المستثمرين وجهات التمويل و33 مليار دولار إضافية مع شركات مقاولات الهندسة والمشتريات والبناء في مجموعة من أبرز مشاريع الطاقة المتجدّدة وتحلية المياه على مستوى العالم.

- مشاريع إنشاءات
إلى ذلك، وقّعت وزارة الشؤون البلدية والقروية والإسكان في السعودية ممثلة بوكالة الوزارة لتحفيز المعروض السكني والتطوير العقاري، والشركة الوطنية للإسكان، مُذكرة تفاهم للتعاون مع 3 شركات صينية للإسهام في توفير أكثر من 100 ألف وحدة سكنية، عن طريق خلق فُرص الشراكة مع المُطورين العقاريين والمُقاولين العاملين في مجال الإسكان، وإنشاء مصانع لتقنيات البناء الحديثة، والمتوقع وصول قيمة الاستثمار الإجمالية إلى أكثر من 10.5 مليار ريال (2.8 مليار دولار).
ووقّع المُذكرة عن الجانب السعودي وكيل الوزارة لتحفيز المعروض السكني والتطوير العقاري عبد الرحمن الطويل، والرئيس التنفيذي للشركة الوطنية للإسكان محمد البطي، وعن الجانب الصيني رئيس شركة «ما وراء البحار» الصينية للمقاولات وانق كاي، ورئيس شركة «ساينو هايدرو كوربوريشن ليمتد» زاو جينق، ورئيس شركة «ميتاليرجيكال كوربوريشن أوف تشاينا ليمتد» زانق زان.
وتأتي هذه الاتفاقية امتداداً لشراكة استراتيجية تعقدها الوزارة مع عدد من الجهات الإقليمية والدولية لتبادل الخبرات، والعمل على تنفيذ مشاريع مُشتركة؛ لرفع المعروض العقاري، وتطوير الأعمال وتحسين كفاءة الأداء؛ لتحقيق مُستهدف 70 في المائة تملّك للأُسر السعودية في 2030.

- الاقتصاد الرقمي
وقَّعت السعودية شراكة استراتيجية للتعاون في مجالات الاقتصاد الرقمي، مع الصين، ووقع الاتفاقية المهندس عبد الله السواحة، وزير الاتصالات وتقنية المعلومات، ومن الجانب الصيني وزير الصناعة وتقنية المعلومات وانغ تشيغانغ، بحضور عدد من مسؤولي الجانبين.
وتضع الشراكة إطاراً للتعاون بين البلدين، يشمل مجالات الاقتصاد الرقمي والاتصالات وتقنية المعلومات، وتعزيز البحث والابتكار في مجال التقنيات الناشئة، إضافة إلى تحسين جوانب البنية التحتية للاتصالات، وتمكين نمو ريادة الأعمال الرقمية من خلال نماذج الأعمال الناشئة كالتقنية المالية والتجارة الإلكترونية.
وتشمل التعاون في مجالات الذكاء الصناعي، والحوسبة المتقدمة وتقنية المعلومات الكمية، بالإضافة إلى الروبوتات والمعدات الذكية، والعمل على تطوير تقنياتها وتطبيقاتها للأغراض الصناعية والتجارية، إلى جانب ذلك سيعززان تعاونهما بموجب المذكرة في مجالي الجيل الحديث من تكنولوجيا الاتصالات المتنقلة والتقنيات الناشئة.
وفي إطار هذه الشراكة سيتعاون الجانبان في مجال تطبيقات التقنيات الرقمية، وإدارة طيف الترددات الراديوية، علاوة على تعاونهما في تطوير وبناء القدرات المحلية في مراكز الاتصال والبيانات، وتطوير المنصات الرقمية وخدمات الحوسبة السحابية، وتوسيع مشاريع الكابلات البحري.
وسيعمل الجانبان السعودي والصيني على تنفيذ بنود شراكتهما من خلال تبادل المعلومات والخبرات، وتنشيط الزيارات بين الخبراء والمختصين من الجانبين، وتنظيم المؤتمرات والندوات وجلسات العمل.


مقالات ذات صلة

«فيلا الحِجر» بالعلا... استثمار في الإبداع

يوميات الشرق «فيلا الحجر» أول مؤسّسة ثقافية سعودية - فرنسية مشتركة (حساب الأمير بدر على «إكس»)

«فيلا الحِجر» بالعلا... استثمار في الإبداع

وصف وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو «فيلا الحِجر» الإبداعية في العلا بأنها «مثل زهرة تتشكَّل من رمال الصحراء للمبدعين».

عبد الهادي حبتور (العلا)
يوميات الشرق ستندرج «فيلا الحجر» ضمن البيئة الثقافية للمملكة والمنطقة (الهيئة الملكية للعلا)

«فيلا الحجر»... جسر ثقافي بين السعودية وفرنسا يُزهر من رمال العلا

المشروع يُجسّد متانة العلاقات الفرنسية - السعودية، خصوصاً في مجالات السلام وتعزيز الحوار والثقافة على مستوى العالم.

عبد الهادي حبتور (العلا)
العالم العربي باتريك ميزوناف السفير الفرنسي لدى السعودية (الشرق الأوسط) play-circle

سفير فرنسا لدى السعودية لـ«الشرق الأوسط»: العمل المشترك وراء إنجاح مؤتمر نيويورك

شدد مسؤول فرنسي على ضرورة العمل لإنهاء المذبحة وإنقاذ الرهائن وحماية المدنيين في غزة، محذراً من أن أي ضمّ للضفة الغربية يشكل خطاً أحمر.

فتح الرحمن يوسف (الرياض)
يوميات الشرق جانب من مراسم توقيع البرنامج التنفيذي في باريس الجمعة (واس)

تعاون سعودي - فرنسي في مجال الموسيقى

وقَّعت هيئة الموسيقى السعودية مع «فيلهارموني باريس»، برنامجاً تنفيذياً لترسيخ التعاون في عدة مجالات، بحضور الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان، وزير الثقافة السعودي

«الشرق الأوسط» (باريس)
المشرق العربي رئيس الوزراء الفلسطيني محمد مصطفى خلال حديث مع «الشرق الأوسط» (تصوير: تركي العقيلي)

رئيس الوزراء الفلسطيني لـ«الشرق الأوسط»: جهود السعودية أنضجت الاعترافات الدولية

في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، قال رئيس الوزراء الفلسطيني صاغت مع فرنسا ورقة مفاهيمية حددت أن الاعتراف بالدولة الفلسطينية «متطلب للسلام وليس نتيجةً له».

غازي الحارثي (الرياض)

«الفيدرالي» محاصر بين ضغوط خفض الفائدة وتصاعد الانقسامات

مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
TT

«الفيدرالي» محاصر بين ضغوط خفض الفائدة وتصاعد الانقسامات

مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)

يدخل مجلس «الاحتياطي الفيدرالي» اجتماعه الأخير لعام 2025 وسط حالة من عدم اليقين الاقتصادي والسياسي. هذا الاجتماع لا يقتصر على تحديد مصير أسعار الفائدة في ظل انقسام حاد بين صانعي السياسة النقدية، بل يأتي قبل أشهر معدودة من تغيير رئاسة البنك المركزي الأميركي المقرر في مايو (أيار) المقبل، الأمر الذي يضع مصير السياسة النقدية الأميركية لعام 2026 وما بعده على المحك.

قرار صعب في ظل مؤشرات متضاربة

الاجتماع، الذي يستمر يومي الثلاثاء والأربعاء، يضع «الاحتياطي الفيدرالي» أمام خيارين متناقضين: إما خفض الفائدة للمرة الثالثة هذا العام لدعم سوق العمل المتباطئة، أم الإبقاء عليها مرتفعة لمواجهة التضخم المتصلب الذي لا يزال فوق المستهدف، البالغ 2 في المائة. الأمر الذي يتسبب بانقسام حاد بين صانعي السياسة النقدية.

كما أن هذا الاجتماع يأتي قبل كشف الرئيس الأميركي دونالد ترمب النقاب عن مرشحه لخلافة الرئيس الحالي لـ«الاحتياطي الفيدرالي» جيروم باول. إذ أعلن ترمب هذا الأسبوع، عن أنه سيكشف عن مرشحه لمنصب رئيس مجلس «الاحتياطي الفيدرالي» القادم في أوائل عام 2026، ولمَّح إلى أنه يريد ترشيح كبير مستشاريه الاقتصاديين كيفن هاسيت (وهو من أكثر المطالبين بخفض الفائدة) ليحل مكان باول الذي تنتهي ولايته في مايو.

باول خلال مشاركته في سلسلة محاضرات جورج بي. شولتز التذكارية في جامعة ستانفورد (أ.ف.ب)

توقعات السوق

في الأسابيع الأخيرة، شهدت التوقعات حول قرار الفائدة في اجتماع اللجنة يومّي 9 و10 ديسمبر (كانون الأول)، تقلبات حادة، لكنها استقرت حالياً. وتشير أسواق السندات الآجلة، وتحديداً أداة «فيدووتش» من مجموعة «سي إم إيه»، إلى أن احتمالات خفض الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية تبلغ نحو 87 في المائة.

وفي حال إقرار هذا الخفض، سيكون الثالث على التوالي، ليصل نطاق سعر الفائدة على الأموال الفيدرالية إلى 3.50 في المائة - 3.75 في المائة.

معضلة الولاية المزدوجة

قرار اللجنة الفيدرالية يزداد تعقيداً؛ بسبب المهمة المزدوجة التي منحها الكونغرس للفيدرالي: تحقيق استقرار الأسعار، ومنع ارتفاع البطالة. البيانات الأخيرة التي أظهرت ارتفاع معدل البطالة إلى 4.4 في المائة ترجِّح كفة المطالبين بخفض الفائدة، لكن التضخم لا يزال أعلى من الهدف البالغ 2 في المائة.

الواضح أن الصورة الاقتصادية مشوشة بشكل غير عادي، فبعض المؤشرات تشير إلى نمو قوي ومخاطر تضخمية، بينما أخرى توحي ببداية تباطؤ اقتصادي. وزاد الإغلاق الحكومي في أكتوبر (تشرين الأول) التشويش على البيانات الرسمية، في الوقت الذي أثرت فيه السياسات التجارية والقيود على الهجرة سلباً على التوظيف، في حين دفعت التعريفات الجمركية الأسعار إلى الأعلى.

متداول في بورصة نيويورك (أ.ف.ب)

صراع الحمائم والصقور

هذا التضارب بين المؤشرات والضغوط المتنامية انعكس انقساماً حاداً داخل «الفيدرالي». ففي الخطابات العامة التي سبقت فترة الصمت المعتادة قبل الاجتماع، انقسم مسؤولو «الفيدرالي» إلى معسكرين رئيسيَّين:

فريق يرى أن التضخم هو الخطر الأكبر، ويجب الإبقاء على الأسعار مرتفعة.

فريق لديه ثقة أكبر بأن التعريفات الجمركية تمثل زيادة في الأسعار لمرة واحدة، وليست مصدراً للتضخم المستدام (وهو التعريف الحقيقي للتضخم).

هذا الانقسام يعني أن السوق قد تبالغ في توقعات الخفض، رغم أن تقرير التضخم الأخير الصادر يوم الجمعة، والذي أظهر ارتفاعاً أقل من المتوقع في سبتمبر (أيلول) عزَّز احتمالات الخفض.

باول يلقي كلمةً خلال سلسلة محاضرات جورج بي. شولتز التذكارية في جامعة ستانفورد (أ.ف.ب)

ترجيح كفة «الحمائم»

رغم أن باول كان واضحاً في أن خفض ديسمبر ليس «أمراً مُسلّماً به»، فإن كثيراً من المحللين يتوقعون أن تسود كفة «الحمائم» وأن يتم إقرار الخفض، مدعومين بارتفاع معدل البطالة، وضعف مقاييس نمو الوظائف الخاصة.

ويتوقَّع الخبراء أن يتمكَّن باول من إقناع الأعضاء المترددين بالتصويت لصالح الخفض، مقابل الإشارة القوية إلى أن التخفيضات المستقبلية ستكون محدودة، مما يعني فترة توقف طويلة بعد خفض ديسمبر.

ومن المقرر أن يصدر الفيدرالي «مخطط النقاط» (Dot Plot) لتوقعات أسعار الفائدة والاقتصاد، لكن لا يُتوقع تغييرات مادية عن توقعات سبتمبر.

تركيبة المجلس

يذكر أنه رغم أنه من المقرر أن يرأس باول 3 اجتماعات للجنة الفيدرالية في يناير (كانون الثاني) ومارس (آذار) وأبريل (نيسان) قبل انتهاء ولايته، فإن ولايته محافظاً لبنك الاحتياطي الفيدرالي لن تنتهي حتى يناير 2028. وهو ما يعني أنه قد يكسر التقاليد ويبقى في بنك الاحتياطي الفيدرالي لسنوات أخرى عدة، وهو ما قد يثير استياء المكتب البيضاوي على الأرجح.

لكن ترمب قد يستفيد من مقاعد في اللجنة ليسمي موالين له. إذ من المقرر أن يتقاعد رئيس بنك أتلانتا الفيدرالي رفائيل بوستيك في فبراير (شباط) 2026، مما يمثل فراغاً إضافياً في اللجنة. في حين لا تزال هناك قضية المحافظة ليزا كوك، التي حاول ترمب عزلها، ومن المقرر أن تنظر المحكمة العليا في قضيتها في يناير، ما قد يفتح الباب لتعيين آخر يختاره البيت الأبيض.

آفاق عام 2026

رغم التوقعات الحالية التي تشير إلى فترة توقف طويلة بعد خفض ديسمبر، فإن المشهد قد يتغير جذرياً في منتصف العام المقبل إذا تولى كيفن هاسيت رئاسة «الاحتياطي الفيدرالي» خلفاً لجيروم باول. فهاسيت معروف بمواقفه الداعمة لخفض أسعار الفائدة بشكل أسرع، وهو ما يتماشى مع توجهات ترمب.

وبالتالي، في حال فوزه، فمن المرجح أن يدفع «الاحتياطي الفيدرالي» نحو مزيد من التخفيضات في أسعار الفائدة، حتى مع وجود مؤشرات على تحسن سوق العمل أو استمرار التضخم فوق المستهدف.

إذا تحقق هذا السيناريو، فإن التوقعات التي تشير حالياً إلى تخفيضين فقط في صيف 2026 قد تصبح متحفظة للغاية، إذ قد نشهد دورة جديدة من التيسير النقدي أكثر جرأة، ما سيؤثر على عوائد السندات، وأسواق الأسهم، وحتى الدولار الأميركي.


«لوبريف» تتلقى إشعاراً من «أرامكو السعودية» لتوريد اللقيم إلى مرفق جدة

شعار «أرامكو السعودية» على لافتة بأحد المصانع (رويترز)
شعار «أرامكو السعودية» على لافتة بأحد المصانع (رويترز)
TT

«لوبريف» تتلقى إشعاراً من «أرامكو السعودية» لتوريد اللقيم إلى مرفق جدة

شعار «أرامكو السعودية» على لافتة بأحد المصانع (رويترز)
شعار «أرامكو السعودية» على لافتة بأحد المصانع (رويترز)

تلقت شركة «أرامكو السعودية لزيوت الأساس» (لوبريف) إشعاراً رسمياً من «أرامكو السعودية» بشأن اتفاقية جديدة لتوريد اللقيم إلى مرفق الشركة بجدة، وستحل اتفاقية توريد اللقيم الجديدة محل الاتفاقية الحالية والتي من المقرر أن تنتهي في 28 أغسطس (آب) 2026.

وأوضحت الشركة في بيان على السوق المالية السعودية (تداول) أن الإشعار يأتي انسجاماً مع موافقة وزارة الطاقة على تخصيص اللقيم للمرفق، ما يمثل خطوة محورية تؤكد استمرار التعاون بين أرامكو السعودية ولوبريف، وبما يدعم الهدف الاستراتيجي المشترك المتمثل في استمرارية عمليات مرفق جدة لما بعد عام 2026.

وأضافت «لوبريف» أنه مع استمرار العمليات في مرفق جدة، ستواصل الشركة الحفاظ على طاقتها الإنتاجية القصوى الحالية البالغة 275 ألف طن متري سنوياً من زيوت الأساس من الفئة الأولى.

ومع استكمال مشروع التوسعة الثانية في ينبع، سترتفع الطاقة الإنتاجية القصوى الإجمالية للشركة إلى 1.53 مليون طن متري سنوياً.

وأكدت الشركة أنها ستعلن عن أي تطورات جوهرية فور الانتهاء من توقيع واعتماد الاتفاقية الجديدة وفق الأنظمة المعمول بها.

وأشارت «لوبريف» إلى أن نشرة الطرح الأولي كانت قد نصّت على خطط لإغلاق مرفق جدة بحلول منتصف 2026، إلا أن تخصيص اللقيم الجديد سيضمن استمرارية تشغيل المرفق بعد هذا التاريخ.


هل يواصل الذهب اندفاعه في 2026؟ 3 سيناريوهات تحكم مصيره بعد قفزة الـ60 %

سبائك ذهب وزنها أونصة واحدة معروضة بـ«ويتر كوينز» في سان فرانسيسكو (أ.ف.ب)
سبائك ذهب وزنها أونصة واحدة معروضة بـ«ويتر كوينز» في سان فرانسيسكو (أ.ف.ب)
TT

هل يواصل الذهب اندفاعه في 2026؟ 3 سيناريوهات تحكم مصيره بعد قفزة الـ60 %

سبائك ذهب وزنها أونصة واحدة معروضة بـ«ويتر كوينز» في سان فرانسيسكو (أ.ف.ب)
سبائك ذهب وزنها أونصة واحدة معروضة بـ«ويتر كوينز» في سان فرانسيسكو (أ.ف.ب)

شهد الذهب عام 2025 أداءً استثنائياً، وصفه تقرير توقعات الذهب لعام 2026، الصادر عن «مجلس الذهب العالمي» في ديسمبر (كانون الأول) 2025 بـ«الطفرة المدهشة». وحقَّق المعدن الأصفر عوائد تجاوزت 60 في المائة، مسجلاً ما يزيد على 50 رقماً قياسياً جديداً على الإطلاق.

هذا الأداء القوي جاء مدعوماً بمزيج من العوامل التي رسّخت مكانة الذهب ملاذاً آمناً: تصاعد حالة عدم اليقين الجيوسياسي والاقتصادي، وضعف مستويات الدولار الأميركي، بالإضافة إلى الزخم الإيجابي في الأسعار، وفق ما جاء في تقرير «مجلس الذهب العالمي». وشهد عام 2025 زيادةً ملحوظةً في مخصصات الذهب، حيث كثف كل من المستثمرين والبنوك المركزية عمليات الشراء؛ بحثاً عن التنويع والاستقرار.

وبالنظر إلى عام 2026، يطرح التقرير سؤالاً محورياً يشكل توقعات المستثمرين: «هل يندفع الذهب للأمام أم يتراجع؟». ففي ظل استمرار حالة عدم اليقين الجيو-اقتصادي، ورغم أن التوقعات الأولية قد تبقي الأسعار في نطاق محدود إذا استمرّت الظروف الحالية، فإن العام المقبل يحمل في طياته «مفاجآت» قد تدفع الأسعار بقوة في اتجاهين متعاكسين، يتراوحان بين «الحلقة الكارثية» التي تدفع الأسعار للارتفاع، ونجاح سياسات إدارة ترمب الذي قد يهدد مكاسب الذهب.

طفرة عام 2025

لم يكن الأداء القياسي للذهب في عام 2025 مجرد صدفة، بل كان انعكاساً لتوجهات استثمارية عالمية. إذ دعمت حالة عدم اليقين الجيوسياسي والاقتصادي المتزايدة أداء الذهب بشكل قوي. كما أسهم تراجع الدولار الأميركي في جعل الذهب أكثر جاذبيةً للمشترين من العملات الأخرى. وأظهر كل من المستثمرين والبنوك المركزية زيادةً واضحةً في مخصصاتهم للذهب، حيث سعوا للحصول على التنويع والاستقرار في محافظهم الاستثمارية ضد تقلبات السوق.

ويشير تقرير «مجلس الذهب العالمي» إلى أن طلب القطاع الرسمي (البنوك المركزية) كان ولا يزال مساهماً كبيراً في أداء الذهب العالمي. وعلى الرغم من أن البنوك المركزية تراجعت قليلاً عن مستويات الشراء القياسية التي سجَّلتها في السنوات الـ3 السابقة، فقد استمرّت في عام 2025 بـ«موجة الشراء»، حيث بقي الطلب أعلى بكثير من المتوسط التاريخي.

ويُظهر التحليل أن البنوك المركزية تشتري الآن بمستويات مرتفعة بشكل هيكلي:

  • متوسط ما قبل «كوفيد» (2010 - 2019): كان الشراء الصافي في حدود 500 طن سنوياً.
  • متوسط ما بعد «كوفيد» (2020 - 2024): ارتفع بشكل حاد إلى نحو 800 طن سنوياً.
  • التقديرات السنوية لـ2025: تتراوح التقديرات بين 750 و 900 طن، مما يمثل استمراراً للزخم القوي.

رغم دورها بصفها قوةً داعمةً، يصنف التقرير البنوك المركزية بأنها «عامل مجهول» لأن عملية قرار الشراء غالباً ما تُملى بواسطة السياسة وليس ظروف السوق وحدها. لذلك، يمكن أن يتحول هذا العامل إلى ضاغط على الأسعار في 2026 في حالة واحدة، وهي سيناريو الخطر. إذ قد يؤدي تراجع كبير في مشتريات البنوك المركزية إلى مستويات تقع عند متوسط ما قبل «كوفيد» (أو أقل) إلى خلق ضغوط إضافية على سعر الذهب، خصوصاً في ظل حالة عدم اليقين السائدة.

امرأة هندية تجرب الحلي الذهبية بمتجر للمجوهرات في بنغالور (إ.ب.أ)

سيناريوهات ثلاثة في 2026

يشير تقرير «مجلس الذهب العالمي» إلى أن النظرة المستقبلية للذهب في 2026 تتشكَّل بفعل استمرار حالة عدم اليقين الجيو-اقتصادي، ويحدد 3 سيناريوهات رئيسية محتملة يمكن أن يتبعها سعر الذهب:

1- الانزلاق الضحل: مكاسب معتدلة

هذا السيناريو يمثل توقعات أكثر اعتدالاً، حيث يُتوقع أن يشهد الذهب مكاسب متوسطة. يحدث ذلك إذا تباطأ النمو الاقتصادي العالمي واستمرت معدلات الفائدة في الانخفاض. في هذه البيئة، سيعمل انخفاض الفوائد على تقليل جاذبية الأصول المدرة للعائد (مثل السندات)، مما يقلل من تكلفة الفرصة البديلة لحيازة الذهب ويزيد من الطلب عليه بوصفه تحوطاً، دافعاً الأسعار للأعلى بشكل معتدل.

2- الحلقة الكارثية: اندفاع قوي للأسعار

هذا هو السيناريو الأكثر تفاؤلاً لمشتري الذهب، ويتمثل في حدوث تراجع اقتصادي أكثر حدة في عام 2026، يترافق مع تصاعد في المخاطر العالمية (سواء جيوسياسية أو مالية). في هذه الحالة، سيشهد الذهب أداءً قوياً جداً، حيث يتجه المستثمرون والبنوك المركزية بتركيز أكبر نحو المعدن الأصفر ملاذاً أخيراً.

3- العودة إلى التضخم: خطر التراجع

يمثل هذا السيناريو الخطر الأكبر على أداء الذهب. ويتحقَّق إذا أدت السياسات الاقتصادية التي تنفذها إدارة ترمب إلى نتائج ناجحة بشكل غير متوقع. هذا النجاح سيعمل على تسريع النمو الاقتصادي وتقليل المخاطر الجيوسياسية. ستؤدي هذه البيئة إلى رفع معدلات الفائدة وزيادة قوة الدولار الأميركي، وهما عاملان تاريخيان يؤديان إلى تراجع أسعار الذهب.

مفتاح اللغز في «المفاجآت»

على الرغم من الأداء القياسي لعام 2025، فإن «مجلس الذهب العالمي» يرى أن سعر الذهب قد يظل في نطاقه الحالي في بداية 2026 إذا ظلت التوقعات الاقتصادية ثابتة. ومع ذلك، فإن التحول الكبير في السعر سيعتمد على «المفاجآت» التي سيحملها العام الجديد.

لقد أثبت الذهب قدرته على عكس التوقعات في 2025، ومن المرجح أن يستمر في إظهار حساسية بالغة تجاه أي تغييرات غير متوقعة في مسارات النمو العالمي، واستجابة البنوك المركزية، خصوصاً في ظل استمرار حالة عدم اليقين الجيوسياسي المحيطة بكثير من الملفات الدولية.