السيسي وشي يناقشان التحديات الإقليمية والعالمية على هامش «قمة الرياض»

الرئيس الصيني أشاد بدور مصر في مكافحة «الإرهاب»

الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال لقائه نظيره الصيني شي جينبينغ بالرياض (الرئاسة المصرية)
الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال لقائه نظيره الصيني شي جينبينغ بالرياض (الرئاسة المصرية)
TT

السيسي وشي يناقشان التحديات الإقليمية والعالمية على هامش «قمة الرياض»

الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال لقائه نظيره الصيني شي جينبينغ بالرياض (الرئاسة المصرية)
الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال لقائه نظيره الصيني شي جينبينغ بالرياض (الرئاسة المصرية)

على هامش مشاركته في فعاليات «القمة العربية - الصينية» بالرياض، عقد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، اليوم (الخميس)، جلستَي مباحثات مع قادة الصين والعراق، تناولت المستجدات على الساحة الإقليمية والعالمية، والتحديات التي تواجه الشرق الأوسط، وسبل تعزيز التعاون الثنائي.
وقال السفير بسام راضي، المتحدث الرسمي باسم رئاسة المصرية، في بيان صحافي، إن «الرئيس المصري، اجتمع (الخميس)، مع نظيره الصيني شي جينبينغ، لتبادل الرؤى إزاء تطورات الأوضاع في الشرق الأوسط، لا سيما في ظل التحديات التي تواجهها المنطقة».
وأضاف راضي أن الرئيس الصيني «ثمّن الدور المصري الرائد في صون السلم والأمن والاستقرار في المنطقة، سواء من خلال مكافحة الإرهاب والفكر المتطرف أو عن طريق الجهود الفاعلة في تحقيق التسوية السياسية لمختلف الأزمات الإقليمية»، مشيراً إلى أن «هذا هو الدور الذي تعوِّل عليه الصين في ترسيخ الشراكة الصينية - العربية».
وتناول استعراض أوجه التعاون الثنائي، حيث أشار السيسي إلى وصفه بـ«تكامل» المبادرة الصينية «الحزام والطريق» مع جهود مصر التنموية، لا سيما تلك المتعلقة بتنمية محور قناة السويس، وتطوير البنية الأساسية بالدولة، خصوصاً في مجالات الطرق والموانئ البحرية والطاقة، حسب المتحدث الرسمي.
وأعرب الرئيس المصري عن «تطلعه لتعزيز التدفقات السياحية الصينية إلى مصر، فضلاً عن تشجيع الشركات الصينية على تعظيم استثماراتها في البلاد، لا سيما في مجالات توطين التصنيع المشترك ونقل التكنولوجيا الصينية»، حسب المتحدث الرسمي.
وقدم السيسي التهنئة للرئيس الصيني على إعادة انتخابه مؤخراً أميناً عاماً للحزب الشيوعي الصيني لفترة ثالثة، معرباً عن «ثقته في استمرار الصين في المضي قدماً على طريق التنمية بقيادة الرئيس شي، والتطلع للعمل المشترك معه خلال الفترة المقبلة للارتقاء بالعلاقات بين الجانبين، لا سيما في ظل روابط الصداقة التاريخية والممتدة التي تجمع البلدين والشعبين المصري والصيني»، مؤكداً «حرص بلاده على تطوير التعاون المشترك على مختلف الأصعدة، سواء في الإطار العربي الجماعي، أو في الإطار الثنائي من خلال (الشراكة الاستراتيجية الشاملة) التي تجمع بين البلدين»، حسب البيان الرئاسي.
من جانبه، قدم الرئيس الصيني التهنئة للسيسي على «التنظيم المصري رفيع المستوى للقمة العالمية للمناخ (كوب27)، بشرم الشيخ والنجاح الكبير الذي حققته»، مؤكداً أن «بلاده تعتز بعلاقاتها مع مصر وتسعى دائماً للارتقاء بشراكتها معها في جميع المجالات، لا سيما من خلال توسيع وتنويع أطر التعاون المختلفة، فضلاً عن دعم مصر في مسيرة التنمية الحالية»، مشيراً إلى أن «مصر بها فرص واعدة للاستثمار، ومن ثم هناك آفاق واسعة للارتقاء بالتبادل التجاري والتعاون الاقتصادي بين البلدين».
ووصل الرئيس المصري إلى الرياض (الخميس)، للمشاركة في فعاليات الدورة الأولى من «القمة العربية - الصينية»، وقال المتحدث الرسمي إن مشاركة السيسي في القمة «تأتي في إطار حرص مصر على تدعيم وتطوير أواصر العلاقات التاريخية المتميزة بين الدول العربية والصين، فضلاً عن المساهمة بفاعلية في جهود تعزيز آليات العمل المشترك لتحقيق المصالح المشتركة»، مشيراً إلى أن «القمة تستهدف البناء على الحوار السياسي الممتد بين الجانبين، إلى جانب التشاور والتنسيق بشأن سبل تعظيم آفاق التعاون المتبادل على الصعيدين الاقتصادي والتنموي، وبحث مساعي الحفاظ على الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي».
وعلى هامش القمة، التقى الرئيس المصري، ومحمد شياع السوداني، رئيس وزراء العراق، حيث أكد السيسي «حرص بلاده على دفع أطر التعاون الثنائي بين البلدين إلى آفاق أرحب»، حسب المتحدث الرسمي.


مقالات ذات صلة

الاستقطاب العالمي والأمن الغذائي... ملفات مرتقبة في «القمة العربية» بالسعودية

العالم العربي الاستقطاب العالمي والأمن الغذائي... ملفات مرتقبة في «القمة العربية» بالسعودية

الاستقطاب العالمي والأمن الغذائي... ملفات مرتقبة في «القمة العربية» بالسعودية

تتواصل التحضيرات للقمة العربية الـ32 والمقرر انعقادها بالمملكة العربية السعودية في شهر مايو (أيار) المقبل، ورأى مراقبون ومسؤولون تحدثوا إلى «الشرق الأوسط»، أن «ملفات مرتقبة تفرض نفسها على أجندة القمة، استجابة لمتغيرات إقليمية ودولية ضاغطة على الساحة العربية، في مقدمتها القضية الفلسطينية، وبلورة موقف شامل إزاء تزايد حدة الاستقطاب الدولي بعد عام على اندلاع الحرب الروسية - الأوكرانية»، فضلاً عن ملفات الأمن الغذائي. وكان الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، أكد في تصريحات صحافية خلال زيارته للبنان منتصف الشهر الحالي، أن مؤتمر القمة العربية سيعقد في شهر مايو المقبل في المملكة العربية

العالم العربي المندلاوي مستقبلاً جبالي في بغداد أمس (واع)

بغداد تحتضن أعمال المؤتمر الـ34 للاتحاد البرلماني العربي

تنطلق في العاصمة العراقية بغداد، الجمعة، أعمال مؤتمر الاتحاد البرلماني العربي في دورته الرابعة والثلاثين، وينتظر أن تشارك فيه معظم البرلمانات العربية. ويتوقع المراقبون والمهتمون بالشأن السياسي العراقي أن تساهم استضافة بغداد لأعمال المؤتمر، بعد غياب استمر لأكثر من ثلاثة عقود، في تعزيز دور العراق عربيا وإقليميا، و«تعزيز التعاون البرلماني العربي باعتباره مرتكزاً جوهرياً في التضامن العربي» كما تنص على ذلك ديباجة الأهداف التي تأسس الاتحاد بموجبها عام 1974.

فاضل النشمي (بغداد)
مؤتمر صحافي مشترك للأمين العام للجامعة العربية ووزير الخارجية الجزائري في ختام القمة أمس (أ.ب)

«إعلان الجزائر»: تأكيد الثوابت ورفض التدخلات

أعاد البيان الختامي للقمة العربية، التي عقدت في الجزائر، التأكيد على ثوابت مركزية القضية الفلسطينية والعمل العربي المشترك ورفض التدخلات الخارجية في الشؤون العربية. وأكد «إعلان الجزائر» تبني ودعم سعي دولة فلسطين للحصول على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة، ودعوة الدول التي لم تعترف بعد بدولة فلسطين إلى القيام بذلك، كما شدد على التمسك بمبادرة السلام العربية التي أطلقتها المملكة العربية السعودية وتبنتها قمة بيروت عام 2002 «بكافة عناصرها وأولوياتها، والتزامنا بالسلام العادل والشامل كخيار استراتيجي لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي لكافة الأراضي العربية». وأعلن وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان،

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
العالم العربي القمة العربية اختتمت أعمالها في الجزائر أمس (رويترز)

اختتام قمة الجزائر... والرياض تستضيف النسخة المقبلة

اختتم القادة والزعماء العرب أعمال القمة العربية الـ31 بجلسة ختامية تحدث فيها عدد من الزعماء العرب، عن قضاياهم الوطنية والقضايا العربية ذات الاهتمام المشترك، فيما أعلن أن المملكة العربية السعودية سوف تستضيف القمة التالية. وكان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أول المتحدثين في الجلسة الختامية للقمة، وطالب السيسي بـ«ضرورة تعزيز وحدة الصف العربي لمنع التدخلات الخارجية ومواجهة التحديات الإقليمية والعالمية». وأوضح أن عدم الاستقرار في دول المشرق وفلسطين تمتد آثاره لدول المغرب العربي، مؤكدا أن مصر ترغب في الدعم العربي للتوصل لتسوية سياسية في ليبيا في أسرع وقت.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
الخليج وزير الخارجية السعودي

فيصل بن فرحان: التدخلات في شؤون الدول العربية تؤثر على أمنها واستقرارها

أكدت المملكة العربية السعودية، أن الدول العربية، تواجه تحديات عدة تلقي بظلالها ليس على أمن تلك الدول واستقرارها فحسب، بل تطال المنطقة والإقليم ككل، «من أهمها، التدخلات الخارجية في الشؤون الداخلية، وضعف مؤسسات الدولة، وانتشار الميليشيات الإرهابية والجماعات المسلحة خارج إطار الدولة، مما يحتم تكاتف الجهود من أجل تجنيب دولنا ما قد يترتب على هذه التحديات من مخاطر واضطرابات». جاء ذلك ضمن الكلمة التي ألقاها الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي، أمام القمة العربية في الجزائر، نيابة عن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز. وأشار وزير الخارجية السعودي، إلى أن الأزمات العالمية المتتالية،

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

مصرع الحداد يستحضر إرث أزمات الطيران الليبي منذ سقوط القذافي

من مراسم تشييع الحداد وقادة عسكريين في مدينة مصراتة الليبية (بلدية مصراتة)
من مراسم تشييع الحداد وقادة عسكريين في مدينة مصراتة الليبية (بلدية مصراتة)
TT

مصرع الحداد يستحضر إرث أزمات الطيران الليبي منذ سقوط القذافي

من مراسم تشييع الحداد وقادة عسكريين في مدينة مصراتة الليبية (بلدية مصراتة)
من مراسم تشييع الحداد وقادة عسكريين في مدينة مصراتة الليبية (بلدية مصراتة)

أعاد حادث سقوط طائرة «فالكون 50» الذي أودى بحياة المشير محمد الحداد رئيس أركان القوات التابعة لحكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، وعدد من القيادات العسكرية الأسبوع الماضي، إلى دائرة النقاش ملف إرث الأزمات المتراكمة التي يعاني منها قطاع الطيران في ليبيا منذ سقوط نظام الرئيس السابق معمر القذافي.

علامات استفهام كثيرة

أثار هذا الحادث تساؤلات كثيرة، لا سيما في ظل سفر مسؤول عسكري رفيع المستوى على متن طائرة فرنسية مستأجرة من شركة يوجد مقرها في مالطا، ما سلط الضوء على مشكلات وتعقيدات إدارية وأمنية طالما أحاطت بإدارة الطيران المدني في البلاد منذ سنوات، خاصة في ظل تدهور متوارث في البنية المؤسسية، واستمرار الاعتماد على شركات أجنبية في تنقلات رسمية حساسة، رغم توفر موارد مالية كبيرة من عائدات النفط.

علامات الاستفهام هذه طرحها الباحث الأكاديمي في الدراسات السياسية والاستراتيجية، محمد مطيريد، لكن تحديداً «بشأن أوضاع شركات الطيران الحكومية، من حيث عدد الطائرات الصالحة للخدمة، وإجراءات حماية كبار المسؤولين خلال تنقلاتهم الخارجية، باعتبارها جزءاً من صورة الدولة وسيادتها».

الحداد في اجتماع قادة عسكريين ليبيين قبل سقوط طائرته في تركيا (رئاسة الأركان في غرب ليبيا)

ويستحضر مطيريد في حديثه لـ«الشرق الأوسط» حجم الخسائر التي تكبدها قطاع الطيران المدني منذ إسقاط نظام القذافي، مؤكداً أنه «كان من أكثر القطاعات تضرراً جراء الصراعات السياسية والاضطرابات الأمنية، التي شهدتها البلاد بين عامي 2011 ومنتصف عام 2020، وهو ما ساهم في تقلص حاد للأسطول الجوي العامل بالبلاد».

وذكر مطيريد أن تدمير وحرق مطار طرابلس الدولي منتصف عام 2014 شكّل «ضربة قاسية» لهذا القطاع، بعدما أفضى إلى تدمير نحو 90 في المائة من أسطول الشركتين الحكوميتين، باستثناء الطائرات التي كانت خارج البلاد في مهام تشغيلية، أو لأغراض الصيانة.

أعاد سقوط طائرة «فالكون 50» الذي أودى بحياة الحداد إلى دائرة نقاش ملف إرث الأزمات المتراكمة التي يعاني منها قطاع الطيران في ليبيا (أ.ب)

وتوجد في ليبيا شركتان حكوميتان، هما: «الخطوط الجوية الليبية»، التي تجاوزت ستين عاماً على تأسيسها، و«الخطوط الأفريقية»، التي تأسست عام 2007، إلى جانب عدد محدود من شركات الطيران الخاصة، مثل «البراق» و«أويا» و«سكاي ليبيا»، و«الأجنحة الليبية»، و«برنيق»، و«غدامس».

أزمات متفاقمة

تفاقمت أزمات الطيران الليبي، بحسب مطيريد، مع فرض دول الاتحاد الأوروبي حظراً على الطيران الليبي، ما فاقم من عزلة القطاع، محدداً الوجهات المتاحة في الأردن وتونس وتركيا ومصر والسعودية وإيطاليا، وهو ما أسفر عن أضرار جسيمة للطيران والاقتصاد الوطني.

وأرجع الباحث الليبي هذه الأزمة جزئياً إلى «الانقسام السياسي بين شرق البلاد وغربها، حيث أدى غياب مركزية القرار إلى عدم طرح خطط لإعادة تأهيل الناقل الوطني، سواء بشراء طائرات جديدة، أو صيانة المتبقي من الأسطول، فضلاً عن ضعف الرقابة وتراكم الديون، واتساع الفجوة بين المصروفات والإيرادات، خاصة في ظل التوسع بالتعيينات».

طائرة تابعة للخطوط الجوية الليبية (الصفحة الرسمية للشركة)

وتعيش ليبيا ازدواجية في السلطة بين حكومة «الوحدة» برئاسة عبد الحميد الدبيبة في غرب البلاد، وحكومة «الاستقرار» المكلفة من البرلمان برئاسة أسامة حماد التي تدير المنطقة الشرقية وبعض مدن الجنوب، والمدعومة من قائد «الجيش الوطني» المشير خليفة حفتر.

ويرى مراقبون أن ضعف تعويض التراجع في قطاع الطيران المدني الليبي يعود إلى التجاذبات الأمنية في الغرب، وسيطرة ميليشيا ما تعرف بـ«جهاز الردع» على مطار معيتيقة، بينما اكتفى المسؤولون في شرق البلاد بالاعتماد على شركات طيران خاصة، وطائرات مستأجرة في رحلاتهم الخارجية، نتيجة الاعتراف الدولي المحدود، وتركيزهم على مشاريع إعادة الإعمار.

نموذج من إحدى الطائرات التابعة للخطوط الجوية الليبية (الشرق الأوسط)

لكن رغم تراكم الأزمات، التي تثقل كاهل قطاع الطيران الليبي، فقد عبّر مدير «المركز الليبي للدراسات الأمنية والعسكرية»، الشريف عبد الله، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» عن الاستغراب من «عدم تخصيص طائرة تابعة لرئاسة الأركان لنقل قياداتها، والاكتفاء بالاعتماد على طائرات مستأجرة من شركات أجنبية، رغم توفر طائرات تُستخدم من قبل المجلس الرئاسي، أو حكومة الوحدة لنقل الوفود العسكرية الرفيعة». ولفت إلى أنه «كان من الممكن، على أقل تقدير، اللجوء إلى شركات ليبية خاصة معروفة بنقل كبار الشخصيات، بما يوفّر قدراً أكبر من الانضباط والرقابة».

بدوره، تساءل الخبير في النقل الجوي، محمد عيسى، عن أسباب عدم إعادة تفعيل الطائرات المسجّلة باسم الدولة، والمركونة منذ سنوات في مطارات أوروبية، معتبراً أن «وضع مصير كبار المسؤولين «في عهدة طائرات مستأجرة من شركات أجنبية يثير تساؤلات جدية، في ظل غياب معلومات واضحة حول خلفيات تلك الشركات، أو سجلها الفني والتشغيلي».

في السياق ذاته، وصف الباحث في المعهد الملكي للخدمات المتحدة، جلال حرشاوي، ترتيبات تنقّل كبار السياسيين والضباط العسكريين خلال السنوات الأخيرة بأنها «غير منتظمة وغير كافية»، مذكّراً بأن «فريق خبراء الأمم المتحدة انتقد عام 2023 نقل المشير خليفة حفتر بطائرة خاصة، باعتبار ذلك خرقاً لحظر السلاح». وأوضح حرشاوي أن «التعقيد القانوني، وسوء إدارة المال العام انعكسا سلباً على ترتيبات سفر كبار المسؤولين».

وقدّر تقرير لهيئة الرقابة الإدارية قبل عام إجمالي ديون «الخطوط الليبية» بنحو 1.12 مليار دينار، مع تراجع عدد الطائرات قيد الخدمة من 24 طائرة عام 2011 إلى ثلاث طائرات فقط، نتيجة تداعيات حربي عامي 2014 و2019.

دعوات لإنقاذ الطيران الحكومي

على وقع حادث سقوط طائرة الحداد ورفاقه من القادة العسكريين الليبيين، تجددت الدعوات إلى حلول عاجلة لإنقاذ الطيران الحكومي باعتباره رمزاً سيادياً، علماً بأن حكومة «الوحدة» سبق أن أعلنت قبل عام عن إطلاق شركة طيران جديدة، تهدف إلى معالجة أوضاع شركات الطيران الحالية.

عانى قطاع الطيران في ليبيا مشكلات كثيرة منذ سقوط نظام الرئيس السابق معمر القذافي (متداولة)

وفي هذا السياق، دعا الوكيل السابق لوزارة الخارجية بالحكومة الليبية المؤقتة، حسن الصغير، إلى «وضع خطة عاجلة لإنقاذ الخطوط الجوية الليبية، وعدم التعامل معها بمنطق الربح التجاري فقط»، بينما ذهب مدير «المركز الليبي للدراسات الأمنية والعسكرية»، إلى الحديث عن ضرورة وجود أسطول جوي كبير للدولة الليبية، يراعي البعد الاقتصادي، وقلة عدد السكان مقارنة بدول الجوار».


الجزائر تنفي بشدة اتهامات بـ«الهيمنة» على تونس

من لقاء سابق بين الرئيسين الجزائري والتونسي (الرئاسة الجزائرية)
من لقاء سابق بين الرئيسين الجزائري والتونسي (الرئاسة الجزائرية)
TT

الجزائر تنفي بشدة اتهامات بـ«الهيمنة» على تونس

من لقاء سابق بين الرئيسين الجزائري والتونسي (الرئاسة الجزائرية)
من لقاء سابق بين الرئيسين الجزائري والتونسي (الرئاسة الجزائرية)

أظهر الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، استياء من جدل حاد اندلع منذ أيام بشأن اتفاق أمني - عسكري مع تونس، عدّته المعارضة التونسية والصحافة في فرنسا «مسعى جزائرياً للهيمنة على القرار السياسي والسيادة الوطنية التونسيين».

أكد تبون في خطابه السنوي التقليدي أمام البرلمان، الذي انعقد بغرفتيه في جلسة مشتركة الثلاثاء، وبثه التلفزيون العمومي في ليل اليوم نفسه، أن «الذين يعتقدون أنهم عندما يقطعون صلة تونس بالجزائر فستصبح فريسة سهلة، واهمون... إنهم لا يعرفون التونسيين جيداً»، مندداً بـ«محاولة زعزعة استقرار تونس، والإضرار بالأخوّة والصداقة الجزائرية - التونسية... إنهم يحاولون تقسيمنا وبثّ الفتنة بيننا»، مؤكداً أن أمن الجزائر وتونس «مرتبط بعضه ببعض».

الرئيس عبد المجيد تبون خلال لقائه الرئيس قيس سعيّد في زيارته إلى تونس نهاية 2021 (الرئاسة التونسية)

وشدد تبون على أن الجيش الجزائري «لم يسبق أن دخل إلى التراب التونسي ولن يدخله أبداً... ولم نتدخل يوماً في شؤون تونس الداخلية، والجزائر تحترم القيادة التونسية».

وكان الرئيس الجزائري يتحدث، ضمناً، عن وثيقة تُدوولت على منصات الإعلام الاجتماعي منذ شهر، وقُدمت على أنها «اتفاق عسكري - أمني بين الجزائر وتونس»، وتضمنت أن الجيش الجزائري «بإمكانه التوغّل لمسافة تصل إلى 50 كيلومتراً داخل الأراضي التونسية لملاحقة إرهابيين»، وأيضاً «المشاركة في استعادة الاستقرار للنظام العام في تونس في حال حدوث اضطرابات، من خلال التصدي المحتم لمجموعات الفتنة»، وفُهم ذلك على أنه إشارة إلى احتمال وقوع احتجاجات في الشارع ضد نظام الرئيس قيس سعيّد.

الرئيس الجزائري مع وزيره الأول قبيل الخطاب أمام البرلمان (الرئاسة)

واحتجت المعارضة في تونس على الوثيقة المزعومة، مؤكدة أنها «قد تمنح الجزائر نفوذاً كبيراً على القرار الأمني التونسي»، وأن تونس «بدأت تميل بشكل كامل نحو المحور الجزائري على حساب توازناتها التقليدية». ورأى بعض القراءات أن الأمر يتعلق بـ«محاولة من الجزائر لإنشاء كتلة مغاربية مصغرة، تضم تونس وليبيا، بعيداً عن (اتحاد المغرب العربي) التقليدي»، وذلك في سياق الاجتماعات التي عقدها قادة الدول الثلاث، منذ عام، في شكل «قمة مغاربية مصغرة» نظر مراقبون إليها على أنها «بديل لاتحاد المغرب العربي» المجمد منذ 30 سنة؛ بسبب الخلاف الجزائري - المغربي بشأن الصحراء.

وكتبت صحيفة «لوفيغارو» الفرنسية بهذا الخصوص أنه «وفقاً للمادة السادسة من المعاهدة العسكرية، فإنه يمكن للقوات الجزائرية، على سبيل المثال، التوغّل لمسافة تصل إلى 50 كيلومتراً داخل الأراضي التونسية في حال طلبت تونس ذلك، كما يمكنها الوصول إلى المؤسسات». وقد تعهدت تونس، وفق الوثيقة، بتحمل جميع النفقات اللوجيستية، بما في ذلك إيواء الجنود الجزائريين وتعويضاتهم، إضافة إلى منح الجزائر موارد طبيعية مقابل هذا التدخل.

علاوة على ذلك، يُلزم النص تونس الحصول على موافقة مسبقة من الجزائر قبل توقيع أي اتفاق أمني أو عسكري آخر مع دولة أخرى، وفق ما نشرته صحيفة «جورنال دو ديمانش» الفرنسية، التي لفتت إلى أن «وضع تونس يزداد إشكالية بسبب الاتفاق مع الجزائر؛ نظراً إلى ارتباطها بـ(الاتحاد الأوروبي) منذ عام 2023 عبر شراكة استراتيجية، وحصولها على صفة (حليف رئيسي للولايات المتحدة خارج حلف شمال الأطلسي)».

وفي 18 ديسمبر (كانون الأول) 2025، نفى الرئيس التونسي قيس سعيّد محتوى الوثيقة، التي تناولت «اتفاقاً عسكرياً سرياً مع الجزائر»، مؤكداً أنها «مفبركة ولا أساس لها من الصحة».

وزير الدفاع التونسي والوزير المنتدب للدفاع الجزائري خلال توقيع الاتفاق الأمني المشترك في 7 أكتوبر 2025 (وزارة الدفاع الجزائرية)

من جانبه، استنكر وزير الدفاع التونسي، خالد السهيلي، «توظيف الاتفاقيات العسكرية (مع الجزائر) لبث الإشاعات»، موضحاً أنه «كلما تعزز التعاون التونسي - الجزائري، كثرت المغالطات»، وأبرز أيضاً أن الاتفاق العسكري الذي أثير بشأنه الجدل «قديم؛ حيث يعود إلى سنة 2001، وتم تحيينه فقط، كما لا يحمل أي أبعاد سياسية، بل يندرج ضمن خيار استراتيجي يخدم أمن واستقرار البلدين والمنطقة»، في إشارة إلى زيارته الجزائر في 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، واجتماعه مع الوزير المنتدب للدفاع رئيس أركان الجيش الجزائري الفريق أول سعيد شنقريحة.

وأفاد بيان من وزارة الدفاع الجزائرية، يومها، بأن محادثات السهيلي وشنقريحة «تُوّجت بالتوقيع على اتفاق مشترك للتعاون في مجال الدفاع بين وزارتي دفاع الجزائر وتونس»، الذي وصفه بـ«محطة مفصلية في مسار العلاقات الثنائية، وخطوة نوعية نحو تعزيز التعاون العسكري، وتكريس الشراكة الاستراتيجية بين البلدين».

ونقل البيان نفسه عن شنقريحة أن العلاقات الجزائرية - التونسية «تكتسي طابعاً استراتيجياً، أساسه الروابط الجغرافية والتاريخية والحضارية، وما يرافقها من حوار متواصل وتنسيق بنّاء بين قيادتَي البلدين. كما يتقاسم البلدان نفس التطلعات لتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة، وبناء اقتصاديات ناشئة قادرة على تحقيق التنمية المستدامة».

وزير الدفاع التونسي خلال زيارته الجزائر (وزارة الدفاع الجزائرية)

ووفق قائد الجيش الجزائري، فإن «التحديات الأمنية والاقتصادية والجيوسياسية، التي تواجه المنطقة، تفرض على البلدين تعزيز العمل المشترك، وفق رؤية متكاملة ومتبصّرة»، مشدداً على «حرص الجزائر على ترقية علاقاتها الثنائية مع تونس، لا سيما في مجالَي الدفاع والأمن، بالنظر إلى ما يتطلبه أمن واستقرار البلدين من أعلى مستويات التنسيق والتشاور».


تونس: تثبيت الحكم بسجن المعارِضة عبير موسي سنتين

عبير موسي رئيسة الحزب الدستوري الحر (إعلام حزبي)
عبير موسي رئيسة الحزب الدستوري الحر (إعلام حزبي)
TT

تونس: تثبيت الحكم بسجن المعارِضة عبير موسي سنتين

عبير موسي رئيسة الحزب الدستوري الحر (إعلام حزبي)
عبير موسي رئيسة الحزب الدستوري الحر (إعلام حزبي)

أقرت محكمة الاستئناف في تونس حكماً بسجن رئيسة الحزب الدستوري الحر، عبير موسي، بالسجن لمدة سنتين، في دعوى قضائية قامت بتحريكها ضدها هيئة الانتخابات، وفق تقرير لـ«وكالة الصحافة الألمانية»، اليوم الأربعاء. وتُلاحَق موسي في هذه القضية بتهمة نشر أخبار غير صحيحة، بعد انتقادات علنية وجّهتها للهيئة، عقب الانتخابات التشريعية عبر تصريحين عامّين أدلت بهما في نوفمبر (تشرين الثاني) 2022، ويناير (كانون الثاني) 2023. ولم تحضر موسي، الموقوفة في السجن، منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023، جلسة المحاكمة بسبب موانع صحية، وفق ما أفادت به هيئة الدفاع عنها. ومع ذلك أصدرت محكمة الاستئناف حكمها، مساء أمس الثلاثاء. ومن المتوقع أن تطعن هيئة الدفاع، مرة أخرى، في الحكم أمام محكمة التعقيب. وتقول منظمات حقوقية، مِن بينها منظمة العفو الدولية، إن الحكم يقوّض الحق في حرية التعبير؛ لأنه يستند إلى مرسوم مثير للجدل أصدره الرئيس قيس سعيد في 2022 لتنظيم الجرائم المرتبطة بأنظمة الاتصال والمعلومات. وكان المرسوم سبباً في تحريك عدة دعاوى ضد معارضين وصحافيين وعدد كبير من النشطاء، بتُهم مختلفة، مثل نشر أخبار غير صحيحة أو التشويه. وفي وقت سابق من الشهر الحالي، صدر حكم آخر في دعوى منفصلة ضد موسي بسجنها لمدة 12 عاماً بتُهم «إثارة الهرج والاعتداء المقصود منه تبديل هيئة الدولة». وترتبط القضية بمحاولتها إيداع تظلُّم ضد أوامر رئاسية بمكتب الضبط، التابع لقصر قرطاج الرئاسي، قبل اعتقالها من قِبل قوات الأمن في الثالث من أكتوبر 2023. وكانت موسي مرشحة الحزب الدستوري الحر للانتخابات الرئاسية لعام 2024، التي فاز بها الرئيس قيس سعيد بولاية ثانية، لكن هيئة الانتخابات أسقطت ملفها بعد إيداعها السجن. وإلى جانب عبير موسي يُلاحَق العشرات من سياسيّي المعارضة في قضية التآمر على أمن الدولة. وكانت قد صدرت ضدهم أحكام مشددة يصل أقصاها إلى السجن لمدة 45 عاماً. لكن المعارضة تقول وتؤكد باستمرار أن التهم «سياسية وملفَّقة».