جماعات تبث الرعب في صفوف القوات الأمنية جنوب العراق

«اليماني» في ذي قار و«جند الله ـ المولويين» في البصرة يعيدان شبح هجمات 2008

جماعات تبث الرعب في صفوف القوات الأمنية جنوب العراق
TT

جماعات تبث الرعب في صفوف القوات الأمنية جنوب العراق

جماعات تبث الرعب في صفوف القوات الأمنية جنوب العراق

شهدت مناطق جنوب العراق، وخصوصا البصرة وذي قار، خلال الأيام الماضية، موجة رعب بثتها جماعات مسلحة بعد ورود معلومات عن نيتها مهاجمة منشآت حيوية واغتيال رجال دين وسياسيين في محافظتي البصرة وذي قار، في إعادة لسيناريو هجمات 2008 التي سقط على أثرها قادة أمنيون في المحافظتين.
الأجهزة الأمنية في البصرة، كبرى مدن جنوب العراق ومركزها النفطي، أعلنت اعتقال تنظيم مسلح جديد يدعى «جند الله - المولويين» كانت تخطط لأعمال إرهابية في المدينة، وذي قار (رابع أكبر محافظة عراقية بحسب عدد السكان) رفعت حالة الإنذار إلى التصنيف (ج) ونشرت مدرعات في شوارع مركزها مدينة (الناصرية) على خلفية اعتقال 12 عنصرا ينتمون لجماعة «اليماني» الشبه محظورة والتي لها سجل دامٍ مع القوات الأمنية.
وقال رئيس اللجنة الأمنية في مجلس محافظة البصرة جبار الساعدي في حديث لـ«الشرق الأوسط»، إن «جماعة مسلحة تدعى على نفسها (جند الله - المولويين) ظهرت في مدينة البصرة، وخصوصا بقضاء أبي الخصيب وتتبنى أفكارا متطرفة وتدعي ارتباطها بالله بشكل مباشر، ولديها طقوسها الخاصة بها وجذبت لها أناس من السنة والشيعة، كما أنتمى لها بعض النازحين». وأضاف أن «الجماعة كانت تخطط لتنفيذ عمليات اغتيال لسياسيين ورجال دين في مدينة البصرة وإثارة أعمال شغب». وتابع الساعدي قائلا، إن «قوة من مديرية الاستخبارات ومكافحة الإرهاب في البصرة ألقت القبض بالتزامن في عدد من مناطق قضاء أبي الخصيب على ثمانية متهمين ينتمون إلى الجماعة وتطارد حاليا بقية أعضاء التنظيم».
وفي محافظة ذي قار، تم رفع حالة الإنذار إلى التصنيف (ج) ونشرت القوات الأمنية مدرعات في شوارع مركزها مدينة (الناصرية) على خلفية اعتقال 12 عنصرا ينتمون لجماعة «اليماني».
وقال محافظ ذي قار يحيى الناصري في حديث لـ«الشرق الأوسط»، إن «ذي قار اتخذت سلسلة من التدابير الأمنية الاحترازية تحسبا من خرق أمني محتمل كان يستهدف أمن المحافظة». وأضاف أن «التحركات الأمنية التي شهدتها المحافظة خلال 48 الماضية كانت على خلفية معلومات أمنية واستخباراتية أدت إلى اعتقال 14 مطلوبا كانوا يخططون لتعكير صفو الأمن في المحافظة عبر أعمال تصنف ضمن خانة الإرهاب».
إلى ذلك، نقل بيان لقيادة شرطة ذي قار، أن «الأجهزة الأمنية قامت بممارسة أمنية استباقية تهدف لتنفيذ أوامر قضائية بحق جماعة (الضال المضل أحمد بن الحسن اليماني) التي تتبنى أفكارا منحرفة بعد توفر معلومات استخبارية عن تخطيطهم لتنفيذ عمليات إرهابية بالتزامن مع العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك»، مبينًا أن «العملية أسفرت عن اعتقال 14 مطلوبًا».
وأشار إلى أن «المعلومات الاستخبارية تشير إلى أن هذه الجماعة بدأت تجمع صفوفها من جديد، وتبنيهم لما يوصف بالفكر الإرهابي المنحرف الذي يدينون به وتورطهم بدماء ضباط الشرطة في المحافظة».



خفوت هجمات الحوثيين خلال أسبوع من الضربات الإسرائيلية

الحرائق لا زالت مستمرة في مستودعات الوقود في ميناء الحديدة اليمني رغم مُضيّ أكثر من أسبوع (رويترز)
الحرائق لا زالت مستمرة في مستودعات الوقود في ميناء الحديدة اليمني رغم مُضيّ أكثر من أسبوع (رويترز)
TT

خفوت هجمات الحوثيين خلال أسبوع من الضربات الإسرائيلية

الحرائق لا زالت مستمرة في مستودعات الوقود في ميناء الحديدة اليمني رغم مُضيّ أكثر من أسبوع (رويترز)
الحرائق لا زالت مستمرة في مستودعات الوقود في ميناء الحديدة اليمني رغم مُضيّ أكثر من أسبوع (رويترز)

خفتت هجمات الجماعة الحوثية ضد السفن، خلال أسبوع من الضربات الإسرائيلية على ميناء الحديدة اليمني، الخاضع للجماعة، فيما واصل الجيش الأميركي عملياته الاستباقية الدفاعية؛ للحدِّ من قدرة الجماعة العسكرية.

وعلى الرغم من تهديد زعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي بالرد على قصف إسرائيل مستودعات الوقود في ميناء الحديدة، والاستمرار في مهاجمة السفن، فإن الأسبوع الأخير لم يشهد تسجيل أي هجمات مؤثرة، سواء باتجاه إسرائيل، أو ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

حريق ضخم في ميناء الحديدة اليمني إثر ضربات إسرائيلية استهدفت خزانات الوقود (أ.ف.ب)

ومع انطفاء الحريق الذي أتى على نحو ثلثَي القدرة التخزينية للوقود في ميناء الحديدة، جرّاء الضربات الإسرائيلية، تجدّدت، السبت، الحرائق مع انفجار أحد الخزانات بفعل الحرارة التي انتقلت إليه من الخزانات المجاورة، وسط إفادة مصادر محلية بسقوط 6 مصابين من العمال.

وكانت إسرائيل نفّذت في 20 يوليو (تموز) ضربات انتقامية ضد الحوثيين استهدفت خزانات الوقود والكهرباء في الحديدة، رداً على طائرة مسيّرة استهدفت تل أبيب في 19 يوليو، تبنّت الجماعة الموالية لإيران في اليمن إطلاقها، وأدّت إلى مقتل شخص وإصابة آخرين.

في غضون ذلك، أوضحت القيادة المركزية الأميركية، السبت، أن قواتها نجحت خلال 24 ساعة في تدمير 6 طائرات بدون طيار تابعة للحوثيين المدعومين من إيران، في منطقة تسيطر عليها الجماعة، دون تحديد للمكان.

وبشكل منفصل، أفاد البيان بأن القوات الأميركية دمّرت 3 زوارق حوثية مسيَّرة قبالة سواحل اليمن، مشيراً إلى أن هذه الأسلحة كانت تمثل تهديدًا وشيكًا للولايات المتحدة وقوات التحالف، والسفن التجارية في المنطقة، وأنه تم اتخاذ الإجراءات لحماية حرية الملاحة، وجعل المياه الدولية أكثر أمانًا.

وكانت وسائل إعلام الجماعة الحوثية أقرّت، الجمعة، بالضربات التي وصفتها بـ«الأميركية والبريطانية»، وقالت إن 4 غارات استهدفت مطار الحديدة، وهو مطار جنوب المدينة خارج عن الخدمة منذ سنوات، في حين استهدفت 4 غارات أخرى مواقع في جزيرة كمران قبالة الحديدة.

وأقرّت الجماعة بتلقّي أكثر من 580 غارة منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي، وسقوط 57 قتيلاً و87 جريحاً جرّاء الضربات التي تشنّها واشنطن تحت ما سمّته تحالُف «حارس الازدهار».

وتشنّ الجماعة الحوثية الموالية لإيران منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي هجماتها في البحر الأحمر وخليج عدن والمحيط الهندي؛ إذ تدّعي أنها تحاول منع ملاحة السفن المرتبطة بإسرائيل، بغضّ النظر عن جنسيتها، وكذا السفن الأميركية والبريطانية.

صورة وزّعها الحوثيون للطائرة المسيّرة التي استهدفت تل أبيب (أ.ف.ب)

كما تزعم الجماعة أنها تقوم بهجمات في البحر المتوسط وموانئ إسرائيلية، بالاشتراك مع فصائل عراقية مسلّحة موالية لإيران، ضمن عمليات الإسناد للفلسطينيين في غزة، وهو الأمر الذي تقول الحكومة اليمنية إنه يأتي هروباً من استحقاقات السلام، وخدمةً لأجندة طهران في المنطقة.

تهديد مستمر

كان زعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي عبّر عن سعادة جماعته بالمواجهة المباشرة مع إسرائيل وأميركا وبريطانيا، وتوعّد باستمرار التصعيد البحري ضد السفن ومهاجمة إسرائيل، وأعلن أن الهجوم بالطائرة المسيّرة على تل أبيب هو بداية المرحلة الخامسة من التصعيد.

وهوَّن زعيم الجماعة الانقلابية في اليمن من أهمية الضربة الإسرائيلية على ميناء الحديدة، وقال إن جماعته ستواصل عملياتها، وإن أي ضربات أخرى لن يكون لها أي تأثير على قدراتها العسكرية، مشدّداً على أن الجماعة لن «تتراجع عن موقفها».

وتبنّت الجماعة الحوثية منذ نوفمبر الماضي كثيراً من الهجمات ضد إسرائيل، دون أي تأثير يُذكر، باستثناء هجوم المسيّرة الأخير على تل أبيب، كما تبنّت مهاجمة أكثر من 170 سفينة في البحرين الأحمر والعربي، تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

عناصر حوثيون ضمن تجمّع للجماعة في صنعاء تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة (رويترز)

وأصابت الهجمات الحوثية، حتى الآن، نحو 30 سفينة منذ بدء التصعيد، غرقت منها اثنتان؛ إذ أدى هجوم في 18 فبراير (شباط) إلى غرق السفينة البريطانية «روبيمار» في البحر الأحمر، قبل غرق السفينة اليونانية «توتور»، التي استُهدفت في 12 يونيو (حزيران) الماضي.

كما أدى هجوم صاروخي في 6 مارس (آذار) الماضي إلى مقتل 3 بحّارة، وإصابة 4 آخرين، بعد أن استهدف في خليج عدن سفينة «ترو كونفيدنس» الليبيرية.

وإلى جانب الإصابات التي لحقت بالسفن، لا تزال الجماعة تحتجز السفينة «غالاكسي ليدر» التي قرصنتها في 19 نوفمبر الماضي، واقتادتها مع طاقمها إلى ميناء الصليف، شمال الحديدة، وحوّلتها مزاراً لأتباعها.

مساعٍ أُمَمية

قاد التصعيد الحوثي ضد السفن إلى تجميد عملية السلام في اليمن، بعد أن كانت خريطة الطريق التي تم التوصل إليها بوساطة سعودية وعُمانية، وأعلنها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ نهاية العام الماضي، على وشك أن ترى النور.

وإذ يكافح المبعوث لإنجاز ما يمكن على صعيد التهدئة وخفض التصعيد في اليمن، أفاد في بيان، السبت، أنه اختتم زيارة إلى واشنطن، حيث التقى مسؤولين أميركيين كباراً لمناقشة التطورات في اليمن، واستكشاف سبل دعم عملية سياسية جامعة لحل النزاع.

المبعوث الأُممي إلى اليمن هانس غروندبرغ يكافح لإنجاز اختراق في مسار السلام (د.ب.أ)

وأضاف أنه التقى مع القائم بأعمال وكيل وزارة الخارجية للشؤون السياسية، جون باس، ومساعدة وزير الخارجية لشؤون المنظمات الدولية، ميشيل سيسون، ومساعدة وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى، باربرا ليف، ومنسق مجلس الأمن القومي لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بريت ماكغورك، والمبعوث الأميركي الخاص إلى اليمن، تيم ليندركينغ.

وأوضح غروندبرغ أنه استعرض خلال اجتماعاته التحديات التي تُعيق جهود الوساطة في اليمن، بما في ذلك التطورات الإقليمية، ومسار التصعيد المُقلِق في اليمن منذ بداية العام.

وشدّد المبعوث على ضرورة منح الأولوية مسار السلام والحوار والتهدئة في اليمن. كما أكّد على أهمية الدعم الإقليمي والدولي المتضافر لتحقيق هذا الهدف.