أزمة الكهرباء تعزز الافتراق بين ميقاتي و«الوطني الحر»

TT

أزمة الكهرباء تعزز الافتراق بين ميقاتي و«الوطني الحر»

عمّقت أزمة الكهرباء في لبنان، الخلاف بين رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، ووزير الطاقة وليد فيّاض الذي يدعمه «التيار الوطني الحر» ورئيسه النائب جبران باسيل، ولمح ميقاتي في مقابلته التلفزيونية الأخيرة إلى اتساع الخلاف مع التيار، الذي يمسك بوزارة الطاقة منذ 12 عاماً، عبر رفض الإصلاحات المطلوبة لهذا القطاع، وعلى رأسها تعيين الهيئة الناظمة.
وتبادل الطرفان، في الفترة الأخيرة، الاتهامات بتعطيل محاولات إنقاذ هذا القطاع الحيوي من السقوط التامّ، وأعلن ميقاتي في حديث تلفزيوني أنه «يتعاطى مع فريق سياسي همّه التعطيل».
وقال: «من دون هيئة ناظمة، لا تمويل من البنك الدولي لاستجرار الكهرباء من الأردن، والغاز من مصر». بينما اتهمت مصادر مقرّبة من ميقاتي الوزير وليد فياض بعرقلة شراء الفيول من الجزائر، والالتفاف على المفاوضات التي أجراها رئيس الحكومة مع الرئيس الجزائري خلال القمّة العربية لشراء الفيول لمعمل الإنتاج في لبنان.
وعلى الرغم من الأجواء المشحونة بين الطرفين، فإن مصدراً حكومياً أوضح لـ«الشرق الأوسط»، أن ميقاتي «لن يستسلم لمحاولات العرقلة».
وقال إن رئيس الحكومة «شكّل لجنة وزارية مؤلفة من وزراء العدل هنري الخوري، والطاقة والمياه وليد فياض، والمالية يوسف خليل، والصناعة جورج بوشكيان، وكلّفها إجراء مفاوضات مع شركة (سوناطراك) الجزائرية، والعمل على حلّ المنازعات العالقة بين الشركة والدولة اللبنانية».
وأكد المصدر أن «اللجنة كلّفت اقتراح الحلول التي تعيد تفعيل التعاون مع الشركة الجزائرية بعد ضمان حقوق الدولة اللبنانية، على أن ترفع تقريراً بهذا الشأن إلى رئيس مجلس الوزراء بالسرعة الممكنة».
وكانت شركة «سوناطراك» فسخت العقد الموقّع بينها والحكومة اللبنانية خلال شهر يونيو (حزيران) 2020، وامتنعت عن تزويد لبنان بالفيول لإنتاج الكهرباء؛ ما تسبب في إغراق البلد في العتمة الشاملة، وذلك على خلفية تحريك دعوى قضائية ضدّ الشركة وممثليها في لبنان، بتهمة «تزويد شركة كهرباء لبنان بالفيول المغشوش وغير المطابق للمواصفات»، ولم تنجح الوساطات السياسيّة يومها في إقناع الشركة بالتراجع عن قرارها.
ويأتي الخلاف حول مقاربات حلّ أزمة الكهرباء، استكمالاً للخلاف السياسي الذي ظهر بين ميقاتي ورئيس الجمهورية السابق ميشال عون، جراء إخفاقهما في الاتفاق على تشكيل حكومة جديدة بعد الانتخابات الأخيرة، وأعلن النائب السابق علي درويش المقرّب جداً من رئيس الحكومة، أن «هناك الكثير من علامات الاستفهام حول أداء التيار الوطني الحرّ في ملفّ الكهرباء».
وتحدّث لـ«الشرق الأوسط»، عن «معطيات ستظهر في الأيام أو الأسابيع المقبلة ستوضع في متناول الرأي العام، حيال تصرّف هذا الفريق بمسألة حساسة مثل الكهرباء».
وقال: «لن نستبق الأمور ونتحدث عنها قبل اكتمال المعطيات».
وأشار درويش إلى «وجود تحفّظ لدى كلّ القوى وغالبية الشعب اللبناني على أداء فريق يدعي أنه معني بحلّ أزمة الكهرباء، ويستميت من أجل الاحتفاظ بوزارة الطاقة، بينما يأخذ سلوكه منحى سلبياً».
ورأى أن «هذا الأداء يدلّ على إصرار هذا الفريق على عرقلة حكومة تصريف الأعمال ومنعها من توفير الحدّ الأدنى من التغذية بالتيار الكهربائي للمواطنين». وشدد درويش على أن «الكهرباء خدمة حيوية للناس، وهناك اتفاق بين الرئيس ميقاتي والرئيس نبيه برّي (رئيس مجلس النواب) على تأمين سلفة خزينة لشراء الفيول، ورفع ساعات التغذية مطلع شهر ديسمبر (كانون الأول)، مقابل رفع التعرفة وتحسين وضع الجباية».
ويتمسّك «التيار الوطني الحرّ» برئاسة جبران باسيل، بوزارة الطاقة وبقائها ضمن حصته الوزارية بدءاً من عام 2011 حتى اليوم، ورفض مصدر مقرّب من وزير الطاقة وليد فياض، كلّ هذه الاتهامات المسوقة ضدّ الأخير بعرقلة الحلول، وأكد لـ«الشرق الأوسط»، أن فياض «أوّل من بادر إلى فتح قنوات التواصل مع الجزائر لشراء الفيول لمعامل الكهرباء، وأجرى لقاءات مع نظيره الجزائري، وأجرى اتصالات مكثفة بسفير الجزائر لدى لبنان وسفير لبنان لدى الجزائر؛ لتسريع الاتفاق والبدء بشراء الفيول الجزائري».
واعتبر المصدر أن «من يتهم وزير الطاقة بالعرقلة، هو المعرقل الحقيقي»، لافتاً إلى أن فياض «يقارب ملف الكهرباء تقنياً وعلمياً وليس سياسياً، وهو غير معني بالتجاذبات السياسية القائمة في البلد».
وكشف المصدر المقرب من وزير الطاقة أن الأخير «مستمرّ في اتصالاته لتأمين الغاز المصري لمعامل الإنتاج، واستجرار الكهرباء من الأردن، ويتولى مفاوضات مع الكويت وغيرها من الدول لشراء الفيول عبر مناقصات واضحة وشفافة».
وقال: «لا تزال الوزارة ملتزمة برفع ساعات التغذية خلال الشهر المقبل، بعد رفع قيمة التعرفة، التي تبقى أقلّ بكثير من تسعيرة المولدات على الناس».


مقالات ذات صلة

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

المشرق العربي رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

تُوفّي الموسيقار اللبناني إيلي شويري، عن 84 عاماً، الأربعاء، بعد تعرُّضه لأزمة صحية، نُقل على أثرها إلى المستشفى، حيث فارق الحياة. وأكدت ابنته كارول، لـ«الشرق الأوسط»، أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قبل أن تعلم به العائلة، وأنها كانت معه لحظة فارق الحياة.

المشرق العربي القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

وجّه المجلس التأديبي للقضاة في لبنان ضربة قوية للمدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون، عبر القرار الذي أصدره وقضى بطردها من القضاء، بناء على «مخالفات ارتكبتها في إطار ممارستها لمهمتها القضائية والتمرّد على قرارات رؤسائها والمرجعيات القضائية، وعدم الامتثال للتنبيهات التي وجّهت إليها». القرار التأديبي صدر بإجماع أعضاء المجلس الذي يرأسه رئيس محكمة التمييز الجزائية القاضي جمال الحجار، وجاء نتيجة جلسات محاكمة خضعت إليها القاضية عون، بناء على توصية صدرت عن التفتيش القضائي، واستناداً إلى دعاوى قدمها متضررون من إجراءات اتخذتها بمعرض تحقيقها في ملفات عالقة أمامها، ومخالفتها لتعليمات صادرة عن مرجع

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

رأى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أن فرص انتخاب مرشح قوى 8 آذار، رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، «باتت معدومة»، مشيراً إلى أن الرهان على الوقت «لن ينفع، وسيفاقم الأزمة ويؤخر الإصلاح». ويأتي موقف جعجع في ظل فراغ رئاسي يمتد منذ 31 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث فشل البرلمان بانتخاب رئيس، وحالت الخلافات السياسية دون الاتفاق على شخصية واحدة يتم تأمين النصاب القانوني في مجلس النواب لانتخابها، أي بحضور 86 نائباً في دورة الانتخاب الثانية، في حال فشل ثلثا أعضاء المجلس (86 نائباً من أصل 128) في انتخابه بالدورة الأولى. وتدعم قوى 8 آذار، وصول فرنجية إلى الرئاسة، فيما تعارض القوى المسيحية الأكثر

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

جدد سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان، وليد بخاري، تأكيد موقف المملكة من الاستحقاق الرئاسي اللبناني بوصفه «شأناً سياسياً داخلياً لبنانياً»، حسبما أعلن المتحدث باسم البطريركية المارونية في لبنان بعد لقاء بخاري بالبطريرك الماروني بشارة الراعي، بدأ فيه السفير السعودي اليوم الثاني من جولته على قيادات دينية وسياسية لبنانية. وفي حين غادر السفير بخاري بكركي من دون الإدلاء بأي تصريح، أكد المسؤول الإعلامي في الصرح البطريركي وليد غياض، أن بخاري نقل إلى الراعي تحيات المملكة وأثنى على دوره، مثمناً المبادرات التي قام ويقوم بها في موضوع الاستحقاق الرئاسي في سبيل التوصل إلى توافق ويضع حداً للفراغ الرئا

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

تأتي جولة سفيرة الولايات المتحدة الأميركية لدى لبنان دوروثي شيا على المرجعيات الروحية والسياسية اللبنانية في سياق سؤالها عن الخطوات المطلوبة لتفادي الشغور في حاكمية مصرف لبنان بانتهاء ولاية رياض سلامة في مطلع يوليو (تموز) المقبل في حال تعذّر على المجلس النيابي انتخاب رئيس للجمهورية قبل هذا التاريخ. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر نيابية ووزارية أن تحرك السفيرة الأميركية، وإن كان يبقى تحت سقف حث النواب على انتخاب رئيس للجمهورية لما للشغور الرئاسي من ارتدادات سلبية تدفع باتجاه تدحرج لبنان من سيئ إلى أسوأ، فإن الوجه الآخر لتحركها يكمن في استباق تمدد هذا الشغور نحو حاكمية مصرف لبنان في حال استحال عل

محمد شقير (بيروت)

الشرع: لن نصدّر العنف إلى إسرائيل

الشرع: لن نصدّر العنف إلى إسرائيل
TT

الشرع: لن نصدّر العنف إلى إسرائيل

الشرع: لن نصدّر العنف إلى إسرائيل

رفض الرئيس السوري أحمد الشرع، أمس، مطلب إسرائيل بإقامة منطقة منزوعة السلاح جنوب سوريا، معتبراً أن ذلك من شأنه أن يدخل بلاده في «مكان خطر»، ومؤكداً في الوقت ذاته «(أننا) لسنا معنيين بأن نكون دولة تصدّر العنف، بما في ذلك إلى إسرائيل».

وتعهد الشرع، في حوار على هامش مشاركته في منتدى الدوحة، «محاكمة مرتكبي الجرائم في الساحل والسويداء»، في إشارة إلى مواجهات دموية شهدتها مناطق يقطنها دروز وعلويون في وقت سابق من هذا العام.

وعشية ذكرى مرور سنة على إسقاط حكم الرئيس السابق بشار الأسد، بثت قناة «العربية/ الحدث» تسجيلات مصوَّرة تجمع الرئيس المخلوع بمستشارته لونا الشبل، التي قُتلت في ظروف غامضة عام 2024. وتتضمن «تسجيلات الأسد» ومستشارته سخرية من الجنود السوريين الذين كانوا يقاتلون في صفوف قواته، وشتائم وجهها الرئيس المخلوع لغوطة دمشق (يلعن أبو الغوطة)، كما تتضمن انتقادات للقائد العسكري سهيل الحسن الملقب بـ«النمر»، ولـ«حزب الله» اللبناني.

واعتبر سوريون أن ما كشفت عنه التسريبات بصوت الأسد يشير إلى أنه سقط مرة ثانية الآن في أعين مناصريه والذين قاتلوا إلى جانبه في سوريا ومن دول الجوار، بعدما سقط في المرة الأولى عسكرياً بدخول فصائل المعارضة دمشق، وإطاحة نظامه قبل سنة من الآن.


احتقان متزايد ضد الدولة و«حزب الله»

الدخان يتصاعد في بلدة المجادل في جنوب لبنان إثر استهدافها بقصف إسرائيلي يوم الخميس (أ.ف.ب)
الدخان يتصاعد في بلدة المجادل في جنوب لبنان إثر استهدافها بقصف إسرائيلي يوم الخميس (أ.ف.ب)
TT

احتقان متزايد ضد الدولة و«حزب الله»

الدخان يتصاعد في بلدة المجادل في جنوب لبنان إثر استهدافها بقصف إسرائيلي يوم الخميس (أ.ف.ب)
الدخان يتصاعد في بلدة المجادل في جنوب لبنان إثر استهدافها بقصف إسرائيلي يوم الخميس (أ.ف.ب)

عكست وقفات وتحركات احتجاجية في قرى الحافة الأمامية في جنوب لبنان، احتقاناً شعبياً ضد الدولة و«حزب الله»، على خلفية التأخر في دفع التعويضات للمتضررين، مما اضطر كثيرين إلى الخروج وبدء حياة جديدة خارج قراهم.

تأتي هذه التحركات بعد مرور أكثر من عامين على بدء الحياة المأساوية التي يعيشها سكان البلدات الحدودية، الذين ما زالوا يعانون تجربة النزوح بعدما خسروا منازلهم وممتلكاتهم، ولم يحصلوا على تعويضات إعادة الإعمار بعد، علماً أن الاستهدافات الإسرائيلية لا تزال شبه يوميّة هناك، والأضرار قابلة للازدياد أكثر مع الوقت.

في هذا الإطار، يقول المحلل السياسي علي الأمين، لـ«الشرق الأوسط»، إن بروز مثل هذه التحركات «أمر طبيعي، لأن هذه القرى شبه متروكة»، ويؤكد «أن هذه الاحتجاجات تأتي في وجه من أدار ظهره للناس، وفي ذهن المحتجين أن مواقفه (أي حزب الله) تسهم في إغلاق الأفق أمام أي إمكانية للمعالجة».


انشغال عربي بمنع تهجير سكان غزة عبر رفح

منظر عام لمخيم للنازحين الفلسطينيين في الجامعة الإسلامية بمدينة غزة (أ.ف.ب)
منظر عام لمخيم للنازحين الفلسطينيين في الجامعة الإسلامية بمدينة غزة (أ.ف.ب)
TT

انشغال عربي بمنع تهجير سكان غزة عبر رفح

منظر عام لمخيم للنازحين الفلسطينيين في الجامعة الإسلامية بمدينة غزة (أ.ف.ب)
منظر عام لمخيم للنازحين الفلسطينيين في الجامعة الإسلامية بمدينة غزة (أ.ف.ب)

مع مواصلة إسرائيل تدمير ما تبقّى في المناطق الخاضعة لسيطرتها داخل قطاع غزة، استباقاً للمرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار ووسط مشهد غير واضح، انشغلت دول عربية وإسلامية بالتصدي المسبق لخطر تهجير الغزيين عبر رفح.

وقال وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، خلال منتدى الدوحة، أمس، إن «معبر رفح لن يكون بوابةً لتهجير الفلسطينيين، بل فقط لإغراق غزة بالمساعدات الإنسانية والطبية».

وكان مكتب منسق أنشطة الحكومة الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية قد أعلن، الأربعاء الماضي، فتح معبر رفح «خلال الأيام المقبلة حصرياً لخروج سكان قطاع غزة إلى مصر بالتنسيق مع القاهرة».

إلى ذلك، شدد وزراء خارجية كل من السعودية ومصر والأردن والإمارات وإندونيسيا وباكستان وتركيا وقطر، مساء الجمعة، على «الرفض التام لأي محاولات لتهجير الشعب الفلسطيني من أرضه».