الاتحاد الأوروبي يشدد الضغوط على رئيس الوزراء المجري

أوربان خلال حفل قسم اليمين لجنود متطوعين في 15 أكتوبر (أ.ب)
أوربان خلال حفل قسم اليمين لجنود متطوعين في 15 أكتوبر (أ.ب)
TT

الاتحاد الأوروبي يشدد الضغوط على رئيس الوزراء المجري

أوربان خلال حفل قسم اليمين لجنود متطوعين في 15 أكتوبر (أ.ب)
أوربان خلال حفل قسم اليمين لجنود متطوعين في 15 أكتوبر (أ.ب)

منذ وصول رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان إلى الحكم في عام 2010، تشهد العلاقات بين بروكسل وبودابست حالة من التوتر الدائم، الذي وصل أكثر من مرة إلى فرض عقوبات على الحكومة المجرية بسبب سياساتها المناهضة للمبادئ والقيم الأساسية التي يقوم عليها الاتحاد الأوروبي، وعدم امتثالها للقواعد والضوابط الملزمة التي توافقت عليها الدول الأعضاء في المعاهدات التأسيسية.
وزاد في تدهور هذه العلاقات خلال الأشهر الماضية، الامتناع المجري الممنهج عن السير في خطى الموقف الأوروبي المشترك من الحرب الدائرة في أوكرانيا، والشكوك في أن أوربان، الذي تربطه علاقة وطيدة بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، يتحرّك بتوجيه من سيّد الكرملين لضرب وحدة الصف بين أعضاء الاتحاد.
ويقول مسؤولون في المفوضية إن كيل الصبر مع أوربان يكاد يطفح، بعد انقضاء المهلة التي اتفق عليها الطرفان لإجراء الإصلاحات التي كانت بودابست قد تعهّدت بها مقابل الإفراج عن المساعدات المالية الموعودة، من غير أن تنجز أيّاً منها، وبعد عودة رئيس الوزراء المجري للتلميح مجدداً إلى فكرة «المجر العظمى» التي تراوده منذ سنوات، والتي تستحضر استعادة الأراضي التي اقتطعت من المجر وضمّت إلى البلدان المجاورة بعد الحرب العالمية الأولى.
وأفاد مصدر أوروبي مطلّع بأن المفوضية تتجّه إلى مواصلة الحظر الذي كانت فرضته على المساعدات المالية البالغة 7.5 مليار يورو، حتى إجراء الإصلاحات اللازمة لمكافحة الفساد وضمان استقلالية السلطة القضائية. وقال إن المفوضية باتت ملزمة مواصلة تجميد هذه المساعدات، بعد الاستنتاجات التي تضمنها التقرير الأخير الذي وضعه خبراؤها، والقرار الذي اتخذه البرلمان الأوروبي مساء الخميس، بأكثرية ساحقة، ويطالب فيه المفوضية بعدم الإفراج عن المساعدات، واصفاً المجر مرة أخرى بأنها «نظام انتخابي استبدادي».
ومن المستبعد أيضاً أن تحصل المجر على حصتها من صندوق التعافي من تداعيات جائحة كوفيد، التي تبلغ 5.8 مليار يورو، والمشروطة هي أيضاً بإجراء سلسلة من الإصلاحات الديمقراطية.
لكن رغم اتجاه المفوضية إلى الاستمرار في تجميد المساعدات للمجر، يعود القرار النهائي للدول الأعضاء التي ستبتّ هذا الملفّ في القمة الأخيرة هذا العام أواسط الشهر المقبل. وتقول المصادر إن دولاً وازنة في الاتحاد، مثل فرنسا وألمانيا وإسبانيا، تؤيد بشدة الذهاب في اتجاه تفعيل «آلية الاشتراط» للمرة الأولى، التي تسمح بتجميد المساعدات المالية التي تعطى للدول الأعضاء من الموازنة المشتركة، إذا تبيّن أن موارد الاتحاد في خطر، كما الحال في المجر، حيث رصدت أجهزة المفوضية مخالفات في إرساء العقود الرسمية، لصالح مقرّبين من الحكومة، وخروقات فاضحة في عمليات استدراج العروض لتلزيم مشاريع يمولها الاتحاد الأوروبي. وترى هذه الدول أن مثل هذا القرار يحل أيضاً رسالة غير مباشرة إلى الحكومة الإيطالية الجديدة التي يربط رئيستها جيورجيا كيلوني تحالف وثيق مع أوربان، علماً بأن إيطاليا هي المستفيد الأكبر من صندوق التعافي من جائحة كوفيد بمساعدات تزيد على 220 مليار يورو، كلها مشروطة أيضاً بالإصلاحات.
إلى جانب ذلك، لا تزال المجر تهدد بنقض الخطة التي عرضتها المفوضية الأوروبية مؤخراً لتقديم مساعدات مالية إلى أوكرانيا بمقدار 18 مليار يورو، في الوقت الذي تصرّ فيه على رفض أي عقوبات جديدة على موسكو.
وفي مؤشر إلى مزيد من التصعيد في العلاقات بين المجر والمؤسسات الأوروبية، شنّ نائب رئيس الوزراء المجري غيرغلي غولياس هجوماً عنيفاً أمس على البرلمان الأوروبي، واصفاً القرار الذي يطالب بتجميد المساعدات، بأنه «قرار تشهيري» يحرم الشعب المجري من الموارد التي له الحق في الحصول عليها. ودعت وزيرة العدل المجرية، البرلمان الأوروبي، إلى «تعزيز الثقة بين البلدان الأعضاء، عوضاً عن توسيع الخلافات التي تفصل بينها».
لكن المسؤولين في المفوضية الأوروبية يعترفون بأن توقيت التصعيد في المواجهة مع بودابست، من شأنه تعقيد بتّ ملفات عديدة في الاتحاد، ناهيك بالسياسة الأوروبية تجاه موسكو. ومن بين هذه الملفّات التي لم يعد بتّها يحتمل مزيداً من الانتظار، ميثاق الهجرة واللجوء الذي كان الجمعة، الطبق الرئيسي على مائدة مجلس وزراء الداخلية، حيث انقسمت حوله مواقف الدول الأعضاء بشدّة في ظلّ الأزمة المفتوحة بين باريس وروما.
وليس من الأكيد أن يحصل اقتراح المفوضية بتجميد المساعدات المالية للمجر على التأييد الكافي في القمة، حيث يحتاج لاعتماده إلى دعم 55 في المائة من الدول الأعضاء، على أن تشكّل هذه ما لا يقلّ عن 65 في المائة من مجموع سكان الاتحاد الأوروبي.


مقالات ذات صلة

أوروبان يؤيد تصريحات ماكرون حول الصين

الولايات المتحدة​ أوروبان يؤيد تصريحات ماكرون حول الصين

أوروبان يؤيد تصريحات ماكرون حول الصين

أكد رئيس الوزراء المجري فيكتور أوروبان، اليوم (الجمعة)، تأييده لتصريحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، حول تايوان، حسبما أفادت وكالة الصحافة الفرنسية. قال ماكرون الذي زار الصين الأسبوع الماضي، في مقابلة، نهاية الأسبوع، إنّ أوروبا لا ينبغي أن تكون «تابعاً» لواشنطن أو بكين فيما يتعلق بقضية تايوان. وتمسّك الرئيس الفرنسي بتصريحاته التي أثارت جدلاً قائلاً خلال زيارته لأمستردام، الأربعاء، إنّ التحالف مع الولايات المتحدة لا يعني «التبعية» لها. وقال أوروبان في خطابه الإذاعي الأسبوعي، «الرئيس الفرنسي يبحث عن شركاء محتملين، وليس عن أعداء.

«الشرق الأوسط» (بودابست)
العالم المجر لن تعتقل بوتين على أراضيها تنفيذاً لمذكرة «الجنائية الدولية»

المجر لن تعتقل بوتين على أراضيها تنفيذاً لمذكرة «الجنائية الدولية»

أعلنت المجر أنها لن تعتقل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في حال دخوله أراضيها، وفق ما قاله مدير مكتب رئيس الوزراء فيكتور أوربان، اليوم (الخميس)، حسبما أفادت وكالة الصحافة الفرنسية. وأصدرت المحكمة الجنائية الدولية (الجمعة)، مذكرة توقيف بحق بوتين بتهمة ارتكاب جرائم حرب على خلفية ترحيل غير قانوني لأطفال أوكرانيين. وقال المسؤول الحكومي غيرغلي غولياس، إن المذكرة ليست ملزمة قانوناً في المجر رغم أن الدولة العضو في الاتحاد الأوروبي تتمتع أيضاً بعضوية المحكمة الجنائية الدولية.

«الشرق الأوسط» (بودابست)
العالم العربي السيسي خلال استقباله أوربان في القاهرة (الرئاسة المصرية)

مصر والمجر تدعوان إلى «تسوية سلمية» للأزمة الأوكرانية

دعت مصر والمجر إلى «تسوية سلمية» للأزمة الروسية - الأوكرانية؛ للحد من تبعاتها الاقتصادية والإنسانية. وأشار الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، (اليوم الثلاثاء)، عقب استقباله رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان في القاهرة، إلى «تقارب كبير في وجهات نظر القاهرة وبودابست إزاء الأزمات الدولية والإقليمية، لا سيما الشرق الأوسط وأوروبا».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد معلمون وطلاب بإضراب في العاصمة بودابست (أ.ف.ب)

المجر أكثر دول الاتحاد الأوروبي فساداً في 2022

احتلّت المجر المرتبة الأخيرة بين دول الاتحاد الأوروبي في مؤشر الفساد، وفق تقرير نشرته منظمة الشفافية الدولية، الثلاثاء، واتهم «النخب السياسية» في هذه الدولة بإساءة استخدام أموال الحكومة والتكتل على حدّ سواء. ودخلت بودابست في خلاف طويل مع بروكسل بشأن مخاوف تتعلّق بالفساد وحكم القانون أدت إلى تجميد التكتل تمويلات بمليارات اليوروهات للمجر.

«الشرق الأوسط» (بودابست)
العالم رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان اليوم خلال مؤتمره الصحافي السنوي (أ.ف.ب)

أوربان: «رهاب المجر» يسود دوائر الاتحاد الأوروبي

ندّد رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان اليوم (الأربعاء) ﺑ«رهاب المجر» الذي قال إنه يسود دوائر الاتحاد الأوروبي، ويمنع تمويلاً بالمليارات مخصّصاً لبودابست بانتظار إصلاحات لمكافحة الفساد، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية. وتمّ التوصل إلى حلّ وسط في منتصف ديسمبر (كانون الأول) عندما وافقت الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي على خفض المبلغ المجمّد، لكن ما زال هناك 12 مليار يورو معلّقة، بعدما اعتُبرت الإجراءات التي اتخذتها بودابست «غير كافية». وقال رئيس الوزراء القومي في مؤتمره الصحافي التقليدي في نهاية العام: «توصلنا إلى اتفاق مع الاتحاد الأوروبي، وهو أداء استثنائي من جانبنا بينما كان علينا أن نكافح رها

«الشرق الأوسط» (بودابست)

مسؤول: قراصنة إلكترونيون صينيون يستعدون لصدام مع أميركا

القراصنة قاموا بعمليات استطلاع وفحص محدودة لمواقع إلكترونية متعددة مرتبطة بالانتخابات الأميركية (أرشيفية - رويترز)
القراصنة قاموا بعمليات استطلاع وفحص محدودة لمواقع إلكترونية متعددة مرتبطة بالانتخابات الأميركية (أرشيفية - رويترز)
TT

مسؤول: قراصنة إلكترونيون صينيون يستعدون لصدام مع أميركا

القراصنة قاموا بعمليات استطلاع وفحص محدودة لمواقع إلكترونية متعددة مرتبطة بالانتخابات الأميركية (أرشيفية - رويترز)
القراصنة قاموا بعمليات استطلاع وفحص محدودة لمواقع إلكترونية متعددة مرتبطة بالانتخابات الأميركية (أرشيفية - رويترز)

قال مسؤول كبير في مجال الأمن الإلكتروني في الولايات المتحدة، الجمعة، إن قراصنة إلكترونيين صينيين يتخذون مواطئ قدم في بنية تحتية خاصة بشبكات حيوية أميركية في تكنولوجيا المعلومات تحسباً لصدام محتمل مع واشنطن.

وقال مورغان أدامسكي، المدير التنفيذي للقيادة السيبرانية الأميركية، إن العمليات الإلكترونية المرتبطة بالصين تهدف إلى تحقيق الأفضلية في حالة حدوث صراع كبير مع الولايات المتحدة.

وحذر مسؤولون، وفقاً لوكالة «رويترز»، من أن قراصنة مرتبطين بالصين قد اخترقوا شبكات تكنولوجيا المعلومات واتخذوا خطوات لتنفيذ هجمات تخريبية في حالة حدوث صراع.

وقال مكتب التحقيقات الاتحادي مؤخراً إن عملية التجسس الإلكتروني التي أطلق عليها اسم «سالت تايفون» شملت سرقة بيانات سجلات مكالمات، واختراق اتصالات كبار المسؤولين في الحملتين الرئاسيتين للمرشحين المتنافسين قبل انتخابات الرئاسة الأميركية في الخامس من نوفمبر (تشرين الثاني) ومعلومات اتصالات متعلقة بطلبات إنفاذ القانون في الولايات المتحدة.

وذكر مكتب التحقيقات الاتحادي ووكالة الأمن السيبراني وأمن البنية التحتية أنهما يقدمان المساعدة الفنية والمعلومات للأهداف المحتملة.

وقال أدامسكي، الجمعة، إن الحكومة الأميركية «نفذت أنشطة متزامنة عالمياً، هجومية ودفاعية، تركز بشكل كبير على إضعاف وتعطيل العمليات الإلكترونية لجمهورية الصين الشعبية في جميع أنحاء العالم».

وتنفي بكين بشكل متكرر أي عمليات إلكترونية تستهدف كيانات أميركية. ولم ترد السفارة الصينية في واشنطن على طلب للتعليق بعد.