ميلينا جيسينسكا وفرانز كافكا: حب بالمراسلة أجّجه الغياب والقهر الجسدي

رأى فيها حبل نجاته الأخير ورأت فيه تجسيداً حياً للعبقرية الهالكة

كافكا وفيليس باور  -  ميلينا جيسينسكا
كافكا وفيليس باور - ميلينا جيسينسكا
TT

ميلينا جيسينسكا وفرانز كافكا: حب بالمراسلة أجّجه الغياب والقهر الجسدي

كافكا وفيليس باور  -  ميلينا جيسينسكا
كافكا وفيليس باور - ميلينا جيسينسكا

نادرون هم الكتاب الذين استطاعوا الوقوف على التصدعات العميقة التي تتهدد روح عصرهم في الصميم، كما هي الحال مع فرانز. ومع أن نشأة الكاتب التشيكي الشهير قد ترافقت مع ما يمكن تسميتها «الحقبة الذهبية لصعود الحداثة»؛ حيث أدت التنقيبات المدهشة لسيغموند فرويد في تربة اللاوعي إلى نقل الفن والأدب من طور إلى طور، فإن صاحب «في مستعمرة العقوبات»، كان أحد المبدعين القلائل الذين لم ينخدعوا بحداثة التقنيات المتعاظمة، بل رأوا فيها وأداً حقيقياً لحرية الإنسان وسحقاً لوجوده المستلب تحت سنابك الجشع الرأسمالي وآلياته المعدنية الصماء. وإذا كان مفكرون وكتاب آخرون قد شاطروا كافكا منظوره السوداوي لحضارة الغرب، كما كانت حال غوته وشبنغلر ونيتشه وإيليوت، فإن ثمة عوامل ثلاثة وَسَمَت حياة الكاتب القصيرة، وتركت في الوقت ذاته أثرها البالغ على نتاجه الأدبي ورؤيته إلى العالم الرؤيوي، وهي تتمثل في طفولته الصعبة وصراعه القاسي مع أبيه، كما في تصدعه المرضي، وافتقاره إلى الحب. وإذا أضفنا إلى هذه العوامل الثلاثة اعتقاده الراسخ، في ظل نزوع أوروبي متزايد إلى معاداة الساميّة، بأن شعبه اليهودي هو الصفوة الأخيرة للإنسانية، فإننا نستطيع أن نتبين الأسباب الحقيقية التي جعلت منه شخصية مضطربة ومحكومة بالخوف والهشاشة والتفكك النفسي والعصبي.
وإذا كان ثمة أسباب عديدة لشقاء كافكا، فإن الفقر لم يكن أحدها على وجه التأكيد. ذلك أن والده هيرمان استطاع بكده المتواصل أن يغادر حالة الفقر التي حكمت شبابه الأول ليلتحق بالطبقة الوسطى، موفراً لعائلته قدراً مقبولاً من اليسر والشعور بالأمان. لكن مأزق الطفل كان يتشكل في أماكن أخرى، يتصل بعضها بموت شقيقيه الأكبرين، وبعضها الآخر بتعطشه إلى الحنان إثر ترك أمه له في عهدة المربيات، وبعضها الثالث بالظروف القاسية التي عاشها في مرحلة دراسته المبكرة في براغ؛ الأمر الذي جعله خجولاً وخائفاً ومنزوياً عن أترابه، وعازفاً عن القيام بأي نشاط رياضي. إلا إن أعمق الشروخ التي أصابته، جاءت من جهة أبيه الذي اعتاد تقريعه، وكان دائم الاعتراض على سلوكياته وخياراته الحياتية. وهو ما ظهر جلياً في رسالة لاحقة أرسلها كافكا إلى أبيه، يقول فيها: «كنتُ طفلاً عصبياً ومتجهماً؛ شأن الأطفال جميعاً، ولكن ليس كل طفل يملك الصبر والشجاعة لكي يتمعن في الأمور ويختار الصالح منها. وقد عاملتني كطفل بالشكل الذي خُلقت أنت فيه؛ أي بالعنف والضجيج والطبع الحاد».
ورغم أن كافكا قد اختار لدى دخوله الجامعة، وبتأثير من والده، دراسة القانون، فإن موهبته الأدبية قد بدأت في تلك المدة بالتبلور، إلى حد أن صديقه وزميله في الدراسة ماكس برود، لم يتردد في وصف باكورته الروائية «استعداد لحفلة عرس ريفية» بأنها ليست «ألمعية عادية؛ بل عبقرية تتكلم». ولعل تعيينه كاتباً للتقارير في مؤسسة حكومية للتأمين على الحوادث الخاصة بالعمال، إثر حصوله على دكتوراه في التشريع، قد أسهم هو الآخر في تفاقم نظرته السلبية إلى الواقع، حيث تابع بأم عينه معاناة البشر المطحونين تحت رحى الآلات الجهنمية، أو المتهاوين عن السقالات باتجاه الأرض. وإذ كانت مشاهداته الصادمة، إضافة إلى روتين حياته القاتل، هي الدافع الأقوى لتفكيره خلال تلك المدة في الانتحار، فهي التي شكلت في الوقت ذاته الخلفية المأساوية لكتاباته اللاحقة مثل «تأملات» و«الدينونة»، وصولاً إلى «التحول» و«المحاكمة»، رائعتيه الروائيتين اللتين رسختا حضوره الاستثنائي في عالم السرد، وعُدّتا الأهجيتين الأكثر إقذاعاً لفساد الغرب الرأسمالي وخواء العصور الحديثة.

- العطش إلى الحب
أما في الجانب المتصل بالنساء، فقد بدت علاقة كافكا بهن انعكاساً طبيعياً لتعطشه المفرط إلى الحب والارتواء الجسدي. ومع أن غوستاف يانوش؛ الذي عايشه من كثب، يرسم له في كتابه «كافكا قال لي»، صورة أقرب إلى الوسامة عبر قوله: «كانت له عينان رماديتان كبيرتان، تحت حاجبين أسودين كثيفين، وكان وجهه الأسمر شديد الحيوية، كأنه يتكلم من خلال وجهه»، فإن وسامته الظاهرة لم تكن العنصر الأهم في تحديد علاقته بالمرأة، بل إن تلك العلاقة كانت تخضع لعاملين حاسمين؛ هما تصدعه المرضي والنفسي من جهة؛ وحاجته بصفته مبدعاً إلى كامل حريته ونزقه الشخصي من جهة أخرى. ولعل هذه العوامل مجتمعة هي ما تفسر اندفاعه الغرائزي نحو الحياة في مراهقته ومطالع عشريناته، حيث كان يُمضي معظم أمسياته بصحبة الفتيات الجميلات في البارات والملاهي الليلية.
ولأن روحه اللهفى إلى الحب كانت تتوق إلى ما هو أبعد من الغرائز العابرة، فقد وقع كافكا في غرام فيليس باور التي التقى بها في برلين، والتي بادلته مشاعره بالمثل ووافقت على خطوبته لها بعد إلحاح منه. إلا إن علاقتهما العاطفية ظلت تراوح بين التواصل القلق والانقطاع الطويل التام، قبل أن تخمد تماماً، ليس فقط بسبب مزاج الكاتب الصعب والمتقلب، بل بسبب موقفه السلبي من الزواج وإنجاب الأطفال، وحاجته للإخلاد الكامل إلى الكتابة، كما أسر لها في غير مناسبة. وإذ تضافر اعتلاله الجسدي مع أعطاب روحه، كان يفاتح فيليس بأنه لن ينجب أطفالاً أبداً، كي لا يفسد هؤلاء حياته عليه، وبأنه لا يركن إلى يقين أبداً، بحيث إن ما يريده في لحظة يمقته في اللحظة التالية. ولم يتورع صاحب «القلعة» في تلك المدة عن إقامة علاقة غرامية مشبوبة بماكاغيت بلوخ؛ صديقة خطيبته التي قيل إنها أنجبت منه طفلاً، لم تثبت أبوته له بشكل قاطع. وفي كتابه «محاكمة كافكا الأخرى» يؤكد إلياس كانيتي أن روايته «المسخ» قد خرجت من أحشاء تلك المرحلة التي كان شعر فيها باضمحلاله التام، إلى حد قوله لفيليس: «لن يمكنك العيش معي ولو ليومين يا فيليس. ففي النهاية أنت فتاة، وترغبين رجلاً لا دودة أرض رخوة». وفي عام 1920 عقد كافكا خطوبته على جوليا فويزك، التي كانت تعمل خادمة في أحد الفنادق، ولم تكن متعلمة. لكنه ما لبث أن تخلى عنها بسبب اعتراض أبيه على معتقداتها الصهيونية المتطرفة.

- المترجمة الحسناء
وفي ذلك العام بالذات تعرف إلى المترجمة ميلينا جيسينسكا؛ التي تصغره بثلاثة عشر عاماً، والتي وجدت في عالم الأدب وسيلتها الأكبر نجاعة للكف عن تعاطي المخدرات، ولترويض جموحها الجسدي الذي تسببت فيه علاقتها المضطربة بوالدها الطبيب، المعروف بمزاجه الحاد وتسلطه الذكوري وولعه المرضي بالنساء، وبتهالكه على المقامرة. وهذا الشغف بالأدب هو الذي يقف وراء انضمام الشابة الحسناء إلى عالم الكتاب والمثقفين التشيكيين، وبينهم أيرنس بولاك الذي أغرمت به رغم غضب أبيها العارم، قبل أن تتزوج به وتحمل اسمه في وقت لاحق. وحين أقدمت ميلينا على ترجمة رواية كافكا «الوقاد»، لم يدر في خلدها آنذاك أن ما فعلته لن يكون مجرد حدث عابر في حياتها، بل سيؤسس لعلاقة عاطفية جامحة ستترك ندوبها العميقة لدى الطرفين، خصوصاً لدى كافكا الذي بدأت إصابته بمرض السل تتجه نحو التفاقم التدريجي.
«إنها نار حية لم أرَ في حياتي مثلها قط»؛ يقول كافكا لصديقه ماكس برود، عن مترجمته الحسناء التي سرعان ما وقع في غرامها، رغم أنه لم يلتق بها على الصعيد الجسدي، سوى مرتين اثنتين صيف عام 1920؛ إحداهما في فيينا والأخرى في منطقة غيموند الحدودية. ولكن كافكا وصف ذينك اللقاءين القصيرين، بأنهما أسعد لحظات حياته التي بدت بمثابة «شظايا أيام أربعة انتُزعت من لياليها»، وفق تعبيره الحرفي. ومع أن علاقة كافكا بالنساء لم تكن من النوع الأفلاطوني، فالأرجح أن تفهمه ظروف ميلينا الصعبة وخوفه من فقدانها، كانا يدفعان به إلى كبح شهواته والقبول بالنزر القليل منها، وهو الذي كتب في إحدى يومياته عام 1922: «الجنس يلح علي، يعذبني ليلاً ونهاراً، ويجب علي أن أتغلب على الخوف والخجل والحزن، كي أتمكن من إشباعه». ورغم ندرة اللقاءات بينهما، فإن رسائلهما المتبادلة والعميقة هي التي عصمت علاقتهما من الفتور، وأبقت جذوتها حية لنحو سنوات ثلاث. وإذا كان من حسن حظ قراء كافكا ودارسيه أن تكون رسائله؛ التي عمد صديقه ماكس برود إلى نشرها بعد وفاته بسنوات، قد نجت من الضياع، فإن ما يؤسف له أن تكون رسائل ميلينا إليه قد تعرضت للإتلاف ولم يُعثر لها على أثر.

- الشعور بالخوف
والواقع أن رسائل كافكا إلى ميلينا؛ التي عُثر عليها بعد مرور عشرين عاماً على رحيله، وعدّها ماكس برود أعظم ما كتب من رسائل الحب عبر التاريخ، لم تكن تقتصر على البوح العاطفي وحده؛ بل كانت مزيجاً فريداً من المُسَارَرَة الداخلية والتعبير عن آلام الكاتب الجسدية والنفسية والولوج إلى قضايا العصر ومشكلات الوجود. كما عبرت الرسائل المتلاحقة إلى ميلينا عن تقلبات الكاتب وتصدعات نفسه، حيث يكتب لها تارة: «إنني لا أمتلك القدرة على التفكير في أي شيء أكتبه، لكنني أجول فقط بين الأسطر، تحت ضياء عينيك، وفي الأنفاس المنبعثة من فمك كنسيم جميل في يوم مغمور بالسعادة»، ويكتب تارة أخرى: «لماذا لم أكن خزانة الملابس السعيدة في غرفتك؟»، لكنه لا يلبث أن يعترف بأن الشعور الوحيد الذي يقبض على ناصية روحه هو الخوف. وإذ يتمنى صادقاً لو تستطيع ميلينا منع عالمه من الانهيار؛ يهتف بها قائلاً: «أنا لا أرثي السقوط بصورة منفصلة؛ لأنني كنت في حالة انهيار منذ زمن بعيد، إنما أرثي إعادة البناء؛ أرثي تراجع قوتي، وولادتي، وأرثي نور الشمس».
على أن الوضع الصحي والعصبي المتراجع لكافكا لم يكن على قسوته السبب الوحيد لمعاناة كافكا؛ بل كان ينتابه شعور مزدوج بالذنب، إزاء خطيبته... من جهة، وإزاء... زوج ميلينا الذي كان يشعر بوجود علاقة بين زوجته وبين كافكا، لكنه لم يكن يعلم شيئاً عن طبيعة العلاقة أو عما رافقها من رسائل متبادلة بين الطرفين. وحين كتب كافكا لميلينا: «إنني أخشى من أمر واحد الآن؛ هو حبك لزوجك»، لم تجد الأخيرة حرجاً في القول له، مستخدمة في مخاطبته الحرف الأول من اسمه: «أنت على حق فأنا أحبه فعلاً، لكنني أحبك أنت أيضاً يا (ف)».
كان يمكن لكافكا أن يقبل بتقاسم المرأة التي خفق لها قلبه مع زوجها المغضي هو الآخر على هواجسه، لو لم يتجه وضعه الصحي والعصبي إلى مزيد من التدهور. فقد أشار في رسائله إلى أن مرضه لا يقتصر على داء الرئة؛ بل يتعداه إلى الروح نفسها. وهو إذ عبر بتأثير من طهرانيته الكامنة عن إحساسه الممض بالقذارة، يشير؛ بما يشبه الاستدراك، إلى أن من يسكنون أعماق الجحيم هم القادرون أكثر من سواهم على الغناء بنقاء كلي. لكن اللافت في هذا الصدد هو أن الفتور التدريجي الذي أصاب علاقة كافكا بميلينا، إضافة إلى التدهور المتزايد في وضعه الصحي، لم يمنعاه من الارتباط اللاحق بدورا ديامانت؛ الفتاة العشرينية التي كانت تعمل نادلة في أحد المطاعم اليهودية، والتي قرر من أجلها مغادرة براغ للإقامة معها في برلين.
لم يقدّر لجسد كافكا الممعن في هشاشته أن يصمد طويلاً أمام الأمراض المتنوعة التي فتكت به. وإذا كان قد قُدّر لدورا ديامانت أن تكون رفيقة لحظات حياته الأخيرة عام 1924، إلا إن حب ميلينا... ظل يقبع في المكان الأعمق من قلبه الكسير. وهو إذ دوّن في يومياته، قبيل رحيله بقليل، أنه يغبط المتزوجين على سعادتهم، يستدرك بالقول إن هذا الأمر لم يكن بمقدوره على الاطلاق لأن حياته هي تجسيد نموذجي للتلكؤ السابق على الولادة. ثم يضيف قائلاً: «كل شيء هو من نسج الخيال: العائلة؛ المكتب... الأصدقاء، الشارع، البعيد والقريب، والمرأة أيضاً. أما الحقيقة الأكثر قرباً فهي أنك تضغط برأسك على جدار إحدى النوافذ، وعلى زنزانة بلا أبواب».


مقالات ذات صلة

«تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر في تشجيع الشباب على القراءة

يوميات الشرق «تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر  في تشجيع الشباب على القراءة

«تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر في تشجيع الشباب على القراءة

كشفت تقارير وأرقام صدرت في الآونة الأخيرة إسهام تطبيق «تيك توك» في إعادة فئات الشباب للقراءة، عبر ترويجه للكتب أكثر من دون النشر. فقد نشرت مؤثرة شابة، مثلاً، مقاطع لها من رواية «أغنية أخيل»، حصدت أكثر من 20 مليون مشاهدة، وزادت مبيعاتها 9 أضعاف في أميركا و6 أضعاف في فرنسا. وأظهر منظمو معرض الكتاب الذي أُقيم في باريس أواخر أبريل (نيسان) الماضي، أن من بين مائة ألف شخص زاروا أروقة معرض الكتاب، كان 50 ألفاً من الشباب دون الخامسة والعشرين.

أنيسة مخالدي (باريس)
يوميات الشرق «تيك توك» يقلب موازين النشر... ويعيد الشباب إلى القراءة

«تيك توك» يقلب موازين النشر... ويعيد الشباب إلى القراءة

كل التقارير التي صدرت في الآونة الأخيرة أكدت هذا التوجه: هناك أزمة قراءة حقيقية عند الشباب، باستثناء الكتب التي تدخل ضمن المقرّرات الدراسية، وحتى هذه لم تعد تثير اهتمام شبابنا اليوم، وهي ليست ظاهرة محلية أو إقليمية فحسب، بل عالمية تطال كل مجتمعات العالم. في فرنسا مثلاً دراسة حديثة لمعهد «إبسوس» كشفت أن شاباً من بين خمسة لا يقرأ إطلاقاً. لتفسير هذه الأزمة وُجّهت أصابع الاتهام لجهات عدة، أهمها شبكات التواصل والكم الهائل من المضامين التي خلقت لدى هذه الفئة حالةً من اللهو والتكاسل.

أنيسة مخالدي (باريس)
يوميات الشرق آنية جزيرة تاروت ونقوشها الغرائبية

آنية جزيرة تاروت ونقوشها الغرائبية

من جزيرة تاروت، خرج كم هائل من الآنية الأثرية، منها مجموعة كبيرة صنعت من مادة الكلوريت، أي الحجر الصابوني الداكن.

يوميات الشرق خليل الشيخ: وجوه ثلاثة لعاصمة النور عند الكتاب العرب

خليل الشيخ: وجوه ثلاثة لعاصمة النور عند الكتاب العرب

صدور كتاب مثل «باريس في الأدب العربي الحديث» عن «مركز أبوظبي للغة العربية»، له أهمية كبيرة في توثيق تاريخ استقبال العاصمة الفرنسية نخبةً من الكتّاب والأدباء والفنانين العرب من خلال تركيز مؤلف الكتاب د. خليل الشيخ على هذا التوثيق لوجودهم في العاصمة الفرنسية، وانعكاسات ذلك على نتاجاتهم. والمؤلف باحث وناقد ومترجم، حصل على الدكتوراه في الدراسات النقدية المقارنة من جامعة بون في ألمانيا عام 1986، عمل أستاذاً في قسم اللغة العربية وآدابها في جامعة اليرموك وجامعات أخرى. وهو يتولى الآن إدارة التعليم وبحوث اللغة العربية في «مركز أبوظبي للغة العربية». أصدر ما يزيد على 30 دراسة محكمة.

يوميات الشرق عمارة القاهرة... قصة المجد والغدر

عمارة القاهرة... قصة المجد والغدر

على مدار العقود الثلاثة الأخيرة حافظ الاستثمار العقاري في القاهرة على قوته دون أن يتأثر بأي أحداث سياسية أو اضطرابات، كما شهد في السنوات الأخيرة تسارعاً لم تشهده القاهرة في تاريخها، لا يوازيه سوى حجم التخلي عن التقاليد المعمارية للمدينة العريقة. ووسط هذا المناخ تحاول قلة من الباحثين التذكير بتراث المدينة وتقاليدها المعمارية، من هؤلاء الدكتور محمد الشاهد، الذي يمكن وصفه بـ«الناشط المعماري والعمراني»، حيث أسس موقع «مشاهد القاهرة»، الذي يقدم من خلاله ملاحظاته على عمارة المدينة وحالتها المعمارية.

عزت القمحاوي

كريتي سانون تروي رحلتها من دروس شاروخان إلى شجاعة الاختيار

الفنانة الهندية تحدثت عن تجربتها في السينما (مهرجان البحر الأحمر)
الفنانة الهندية تحدثت عن تجربتها في السينما (مهرجان البحر الأحمر)
TT

كريتي سانون تروي رحلتها من دروس شاروخان إلى شجاعة الاختيار

الفنانة الهندية تحدثت عن تجربتها في السينما (مهرجان البحر الأحمر)
الفنانة الهندية تحدثت عن تجربتها في السينما (مهرجان البحر الأحمر)

في واحدة من أكثر الجلسات جماهيرية في مهرجان البحر الأحمر السينمائي هذا العام، حلّت الممثلة الهندية كريتي سانون في ندوة حوارية تحوّلت سريعاً من حوار تقليدي إلى عرض كامل تفاعل خلاله الجمهور بحماسة لافتة، حتى بدا المشهد وكأنه لقاء بين نجمة في ذروة تألقها وجمهور وجد فيها مزيجاً من الذكاء والعفوية والثقة.

منذ اللحظة الأولى، بدا واضحاً أن الجمهور جاء محملاً بأسئلته، فيما شجع التفاعل الجماهيري الممثلة الهندية على أن تجيب بصراحة عن كل ما يتعلق بمسيرتها، ومن بين كل أسماء الصناعة، لم يلمع في حديثها كما لمع اسم شاروخان. توقفت عند ذكره كما يتوقف شخص أمام لحظة صنعت في داخله تحولاً، وصفته بأنه «الأكثر ذكاءً وخفة ظل» ممن قابلتهم، ومثال حي على أن الفروسية والذوق الرفيع لا يزالان ممكنَين في صناعة صاخبة.

واستعادت كريتي كيف كان شاروخان ينظر إلى من يتحدث معه مباشرة، وكيف يمنح الجميع احتراماً متساوياً، حتى شعرت في بداياتها بأنها تلميذة تقع فجأة في حضرة أستاذ يعرف قواعد اللعبة من دون أن يستعرضها، ومع أن كثيرين يرون أن سانون دخلت عالم السينما من باب الجمال والأزياء، فإنها أكدت أن دراستها للهندسة لعبت دوراً في دخولها مجال الفن باعتبار أنها تعلمت منها أن كل شيء يجب أن يكون منطقياً وقائماً على أسئلة لماذا؟ وكيف؟

وأوضحت أن تحليل الأمور ومراجعتها منحتاها أدوات لم يمتلكها ممثلون آخرون، مروراً بتجارب وورشات تمثيل طويلة، فيما كانت هي تتعلم على أرض الواقع عبر طرح الأسئلة، حتى تلك التي قد يضيق منها البعض أو يعدها دليلاً على التردد.

الممثلة الهندية خلال جلستها الحوارية (مهرجان البحر الأحمر)

توقفت أيضاً في حديثها عند واحدة من أكثر محطاتها صعوبة، شخصية الروبوت «سيفرا» في فيلم «لقد وقعت في شرك كلامك»، شارحة أنها كانت لعبة توازن دقيقة بين أن تكون آلة بما يكفي ليصدّقها المشاهد، وإنسانة بما يكفي ليُصدّقها شريكها في الفيلم، مشيرة إلى أنها لم ترمش في أثناء الحوارات، وضبطت كل حركة لتكون دقيقة ومحسوبة، ورغم أنها معروفة بخفة الحركة و«العثرات الطريفة» كما وصفت نفسها، فإن أكثر ما أسعدها في الفيلم كان مشهد «الخلل» الذي ابتكرته بنفسها، لتمنح الشخصية ملمساً أكثر واقعية.

لكن اللحظة الأكثر دفئاً كانت عندما تحدثت عن الموسيقى، وعن دورها في مسيرتها؛ حيث روت كيف كانت غرف التسجيل التي تعمل فيها مع الملحّنين تشبه «متجر حلوى»، وكيف كان اللحن يُولد من جلسة ارتجال بسيطة تتحول بعد دقائق إلى أغنية جاهزة، ومع أن الجلسة كانت مليئة بالضحك واللحظات الخفيفة، فإنها لم تخفِ الجانب العميق من تجربتها، خصوصاً عندما تحدثت عن انتقالها من الإعلانات والصدفة إلى البطولة السينمائية.

وروت كيف أن فيلم «ميمي» منحها مساحة أكبر مما حصلت عليه في أي عمل سابق، وغيّر نظرتها إلى نفسها بوصفها ممثلة، مؤكدة أن ذلك العمل حرّرها من الحاجة الدائمة إلى إثبات ذاتها، وأعطاها الشجاعة لاختيار أدوار أكثر مجازفة. ومنذ ذلك الحين -كما تقول- لم تعد في سباق مع أحد، ولا تبحث عن لائحة إيرادات، بل عن أن تكون أفضل مما كانت عليه أمس.

وحين سُئلت عن فيلمها الجديد «تيري عشق مين» وعن موجة النقاشات التي أثارها على مواقع التواصل، أكدت أنها تتابع الآراء بشغف، لأن السينما تشبه اللوحة الفنية التي يراها كل شخص من زاوية مختلفة، مشيرة إلى أن الناس يتفاعلون مع قصة الفيلم، لأنهم قد عرفوا في حياتهم شخصاً مثل الممثلين.

وأكدت أن جزءاً من التفاعل يرجع إلى كون العمل يعرض الحب السام من جهة، لكنه يتيح للشخصية النسائية أن تُسمّيه وتواجهه، وهذا ما تعدّه تطوراً مهماً في كتابة الشخصيات النسائية، فلم تعد المرأة مجرد ضحية أو محبوبة مثالية، «فالمرأة المعاصرة على الشاشة يمكن أن تكون معقدة، متناقضة، واقعية، ومحبوبة رغم كل ذلك»، حسب تعبيرها.


جيسيكا ألبا تكشف عن مشروع سينمائي مع هيفاء المنصور

جيسيكا ألبا خلال حضورها مهرجان البحر الأحمر (إدارة المهرجان)
جيسيكا ألبا خلال حضورها مهرجان البحر الأحمر (إدارة المهرجان)
TT

جيسيكا ألبا تكشف عن مشروع سينمائي مع هيفاء المنصور

جيسيكا ألبا خلال حضورها مهرجان البحر الأحمر (إدارة المهرجان)
جيسيكا ألبا خلال حضورها مهرجان البحر الأحمر (إدارة المهرجان)

كشفت الفنانة الأميركية جيسيكا ألبا عن ملامح مشروع سينمائي جديد يجمعها بالمخرجة السعودية هيفاء المنصور، مشيرة خلال ندوتها في «مهرجان البحر الأحمر السينمائي» إلى أن هذا التعاون لم يتشكل بين ليلة وضحاها، بل جاء نتيجة نقاشات طويلة امتدت على مدار سنوات.

وأوضحت في اللقاء الذي أقيم، الجمعة، أن الفكرة التي استقرتا عليها تدور حول قصة إنسانية عميقة تتناول علاقة ابنة بوالدها المتقدّم في العمر، ضمن سردية تقترب من تفاصيل العائلة وتحولاتها، وتسلّط الضوء على هشاشة العلاقات حين تواجه الزمن، وما يتركه ذلك من أسئلة مفتوحة حول الذاكرة والواجب العاطفي والمسؤولية المتبادلة.

وأضافت أن ما شدّها إلى المشروع ليس موضوعه فقط، بل الطريقة التي تقارب بها هيفاء المنصور هذه العلاقات الحسّاسة وتحولها إلى لغة بصرية تتسم بالهدوء والصدق، لافتة إلى أن «هذا التعاون يمثّل بالنسبة لي مرحلة جديدة في اختياراتي الفنية، خصوصاً أنني أصبحت أكثر ميلاً للأعمال التي تمنح الشخصيات النسائية مركزاً واضحاً داخل الحكاية، بعيداً عن الأنماط التقليدية التي سيطرت طويلاً على حضور المرأة في السينما التجارية».

وأشارت إلى أنها تبحث اليوم عن قصص تستطيع فيها المرأة أن تظهر بوصفها شخصية كاملة، تملك مساحتها في اتخاذ القرارات والتأثير في مسار الحكاية، وهو ما تراه في مشروعها مع المنصور، الذي وصفته بأنه «قريب من قلبها»؛ لأنه يعيد صياغة علاقة الأم والابنة من منظور مختلف.

وخلال الندوة، قدّمت ألبا قراءة موسّعة لتغيّر مسارها المهني خلال السنوات الأخيرة، فهي، كما أوضحت، لم تعد تنظر إلى التمثيل بوصفه مركز عملها الوحيد، بل بات اهتمامها الأكبر موجّهاً نحو الإنتاج وصناعة القرار داخل الكواليس.

وأكدت أن دخولها عالم الإنتاج لم يكن مجرد انتقال وظيفي، وإنما خطوة جاءت نتيجة إحساس عميق بأن القصص التي تُقدَّم على الشاشة ما زالت تعكس تمثيلاً ناقصاً للنساء وللأقليات العرقية، خصوصاً للمجتمع اللاتيني الذي تنتمي إليه.

وتحدثت ألبا عن تجربة تأسيس شركتها الإنتاجية الجديدة، معتبرة أن الهدف منها هو خلق مساحة لصناع المحتوى الذين لا يجدون غالباً فرصة لعرض رؤاهم، موضحة أن «غياب التنوّع في مواقع اتخاذ القرار داخل هوليوود جعل الكثير من القصص تُروى من زاوية واحدة، ما أدّى إلى تكريس صور نمطية ضيّقة، خصوصاً فيما يتعلّق بالجاليات اللاتينية التي غالباً ما تظهر في الأعمال ضمن أدوار مرتبطة بالعنف أو الجريمة أو الأعمال الهامشية».

وشددت على أنها تريد أن تساهم في معالجة هذا الخلل، ليس عبر الخطابات فقط، بل من خلال إنتاج أعمال تظهر فيها الشخصيات اللاتينية والعربية والنساء بصورة كاملة، إنسانية، متنوّعة، لافتة إلى أن تنوّع التجارب الحياتية هو العنصر الذي يجعل صناعة السينما أكثر ثراء، وأن غياب هذا التنوع يجعل الكثير من الكتّاب والمخرجين عاجزين عن تخيّل شخصيات خارج ما اعتادوا عليه.

وأضافت أن مهمتها اليوم، من موقعها الجديد، هي فتح المجال أمام أصوات غير مسموعة، سواء كانت نسائية أو تنتمي إلى أقليات ثقافية واجتماعية، لافتة إلى أنها تعمل على تطوير فيلم جديد مع المخرج روبرت رودريغيز، يعتمد على مزيج من الكوميديا العائلية وأجواء أفلام السرقة، مع طاقم تمثيل لاتيني بالكامل.

وأوضحت أن هذا العمل يأتي امتداداً لرغبتها في دعم المواهب اللاتينية، وفي الوقت نفسه تقديم أعمال جماهيرية لا تُختزل في سرديات العنف أو الهوامش الاجتماعية، واصفة المشروع بأنه خطوة مختلفة على مستوى بنية الحكاية؛ لأنه يجمع بين الترفيه والأسئلة العائلية، ويقدّم الشخصيات اللاتينية في إطار طبيعي وغير مصطنع.

وتوقفت جيسيكا عند مشاركتها المرتقبة في فيلم «الشجرة الزرقاء»، ويتناول علاقة أم بابنتها التي تبحث عن استقلاليتها رغم حساسية ظروفها موضحة أن ما جذبها لهذا العمل هو طبيعته الهادئة، واعتماده على بناء علاقة حميمة بين شخصيتين، بعيداً عن الصراعات المفتعلة، معتبرة أن هذا النوع من الحكايات يمثّل مرحلة أصبحت قريبة جداً منها في هذه الفترة من حياتها.


«الآثار المسترَدة»... محاولات مصرية لاستعادة التراث «المنهوب»

جهود مصرية متواصلة لاسترداد الآثار المهرَّبة إلى الخارج (وزارة السياحة والآثار)
جهود مصرية متواصلة لاسترداد الآثار المهرَّبة إلى الخارج (وزارة السياحة والآثار)
TT

«الآثار المسترَدة»... محاولات مصرية لاستعادة التراث «المنهوب»

جهود مصرية متواصلة لاسترداد الآثار المهرَّبة إلى الخارج (وزارة السياحة والآثار)
جهود مصرية متواصلة لاسترداد الآثار المهرَّبة إلى الخارج (وزارة السياحة والآثار)

في إطار الجهود المصرية المستمرة للحفاظ على التراث وحمايته واستعادة الآثار المصرية المنهوبة من الخارج وصيانتها، تعدَّدت الجهود الرسمية والأهلية والبحثية والأكاديمية للعمل على حفظ التراث واستعادة الآثار المُهرَّبة، واستضافت مكتبة الإسكندرية مؤتمراً علمياً، بالتعاون مع مؤسسة ألمانية، تناول استرداد الآثار المصرية من الخارج، وحفظ وصيانة التراث.

وركز المؤتمر على تجارب مصر في استرداد القطع الأثرية التي خرجت من البلاد بطرق غير قانونية، سواء عبر المتاحف الأجنبية أو الأسواق غير المشروعة. وشارك فيه عدد من المسؤولين والخبراء المصريين والدوليين، وتم عرض نماذج بارزة من الآثار المسترَدة حديثاً، مثل التوابيت المذهبة والقطع الخشبية النادرة، مع مناقشة الإجراءات القانونية والدبلوماسية التي اعتمدتها مصر لاستعادة هذه القطع الأثرية وحمايتها بوصفها جزءاً من التراث العالمي.

وأكد عالم الآثار المصرية، الدكتور حسين عبد البصير، أن هذه الجهود تمثل رسالةً قويةً للعالم حول أهمية حماية التراث الثقافي المصري والعربي والعالمي، وأن استعادة كل قطعة أثرية هي خطوة نحو الحفاظ على الهوية الوطنية وإعادة حق الأجيال القادمة في التراث الحضاري لمصر، والعالم العربي، والعالم.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن دور المجتمع المدني والجمعيات الأثرية مهم في دعم هذه الجهود، من خلال التوعية، والبحث العلمي، والتعاون مع المنظمات الدولية؛ لتقوية موقف مصر القانوني في مواجهة التجارة غير المشروعة بالآثار.

جانب من المؤتمر الذي ناقش الآثار المسترَدة وحفظ التراث (الشرق الأوسط)

وتحت عنوان «الاتجار بالآثار سرقة للتاريخ وطمس للهوية»، تحدَّث الدكتور شعبان الأمير، أستاذ ترميم الآثار ومواد التراث بكلية الآثار بجامعة الفيوم، وتناول التنقيب والاتجار بالآثار وتقارير اليونيسكو حول هذه العمليات، التي تُقدَّر بنحو 10 مليارات دولار سنوياً، وهي ثالث أكبر عملية تجارية بعد المخدرات والسلاح على مستوى العالم.

وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «حماية التراث واجب وطني ومجتمعي، والاتجار بالآثار يعدّ سرقةً للتاريخ وطمساً ومحواً وفقداناً للهوية». وأشار إلى أن المؤتمر تناول أبحاثاً حول تطبيقات الذكاء الاصطناعي، والهندسة، والكيمياء، والوعي المجتمعي، وغيرها من الموضوعات التي اهتمت بكيفية حماية التراث والآثار، والحد من عمليات التنقيب غير الشرعي، وعمليات التسجيل والتوثيق والفحص والتحليل تمهيداً لعمليات الترميم والصيانة والحفظ والعرض المتحفي أو بالمواقع الأثرية.

وفي ورقة بحثية بالمؤتمر، تناولت الدكتورة منى لملوم، قوة الميديا ووسائل الإعلام المختلفة في المطالبة باسترداد الآثار، مشيرة إلى الحملات التي تقوم بها وسائل الإعلام من أجل الضغط لاسترداد الآثار المُهرَّبة من مصر بطرق غير مشروعة. وأضافت لـ«الشرق الأوسط» أنها «تناولت كثيراً من النماذج، منها استعادة تمثال من أميركا عام 2019 بجهود رسمية كبيرة، بالإضافة إلى قوة الإعلام، وكذلك الضغط من خلال حملات صحافية وأهلية، إلى جانب الجهود الحكومية لاستعادة آثار مصرية مهمة مثل رأس نفرتيتي من ألمانيا، وجدارية (الزودياك) أو الأبراج السماوية من متحف اللوفر، فضلاً عن استعادة حجر رشيد من المتحف البريطاني».

ولفتت د. منى إلى دور الدراما والسينما في التعامل مع الآثار والتاريخ مثل فيلم «المومياء» من إخراج شادي عبد السلام الذي لعب دوراً إيجابياً وصُنِّف من أهم 100 فيلم مصري في القرن الـ20، وهناك نماذج سلبية مثل مسلسل «كليوباترا» الذي أنتجته «نتفليكس» وقوبل بهجوم شديد لتجسيد الملكة المصرية بممثلة سوداء، و«اضطرت الشبكة إلى تغيير تصنيف الفيلم من (وثائقي) إلى (درامي) تحت ضغط (الميديا)» على حد تعبيرها.