البنك الإسلامي للتنمية يواجه تحديات النمو لأعضائه بخطة من 7 أهداف

الجاسر لـ«الشرق الأوسط»: نتطلع لتطوير تعاوننا مع «ناسداك دبي»

ميناء جدة الإسلامي... وفي الإطار محمد الجاسر رئيس مجموعة البنك الإسلامي للتنمية (الشرق الأوسط)
ميناء جدة الإسلامي... وفي الإطار محمد الجاسر رئيس مجموعة البنك الإسلامي للتنمية (الشرق الأوسط)
TT

البنك الإسلامي للتنمية يواجه تحديات النمو لأعضائه بخطة من 7 أهداف

ميناء جدة الإسلامي... وفي الإطار محمد الجاسر رئيس مجموعة البنك الإسلامي للتنمية (الشرق الأوسط)
ميناء جدة الإسلامي... وفي الإطار محمد الجاسر رئيس مجموعة البنك الإسلامي للتنمية (الشرق الأوسط)

تبرز مؤسسات التمويل الدولية في أوقات الأزمات، خاصة تلك التي يشهدها الاقتصاد العالمي حالياً من ركود اقتصادي مصحوب بتضخم، نتج من اضطراب سلاسل الإمداد العالمية التي ظهرت في أعقاب تراجع الإنتاج نتيجة الإجراءات الاحترازية لـ«كوفيد – 19»؛ مما سبب ارتفاع معدلات الاقتراض الدولية، لتقفز الديون لمستويات قياسية، وسط تحذيرات من أزمة جوع وطاقة تهدد العالم.
لا تنفصل تلك الأسباب والنتائج عن التغيرات الجيوسياسية المتسارعة، والتي تحافظ على عدم استقرار المؤشرات المالية حول العالم؛ مما يصعب معها اتخاذ قرارات تمويلية، ذلك وسط تزايد الضغوط على الدول محدودة الدخل، ومعاناة الدول الفقيرة أشد المعاناة.
تتجه الأنظار هنا إلى البنك الإسلامي للتنمية، الذي يخدم في 57 دولة عضواً فيه، أي أن أي مشاريع وعمليات البنك تمس شخصاً واحداً من كل 5 من سكان العالم.
يقول محمد الجاسر، رئيس البنك الإسلامي للتنمية، في حديث صحافي مع «الشرق الأوسط»، إن «خطط البنك لمواجهة تحديات التنمية في العالم تستهدف (7 بنود): تخفيف الآثار السلبية للأزمات المتعددة، وتعزيز القدرة على الصمود، وكيفية دعم البلدان لإنشاء بنى تحتية مستدامة، وسبل دعم رأس المال البشرى».
أضاف، كما «يعمل البنك مع الشركاء وأصحاب المصلحة على تطوير مسارات التجارة، وجذب تدفقات الاستثمار، وعقد شراكات مبتكرة وإقامة علاقات تجارية تتيح المساهمة في سلاسل القيمة الإقليمية والعالمية».
في هذا الصدد، وافق مجلس المديرين التنفيذيين للبنك، في 4 أبريل (نيسان) 2020، على برنامج مجموعة البنك للتأهب والاستجابة الاستراتيجية من أجل دعم البلدان الأعضاء في الوقاية من الجائحة واحتوائها والتخفيف من آثارها والتعافي منها. واشتمل البرنامج على مكونين رئيسيين، هما: الاستجابة للطوارئ الصحية، والحفاظ على القطاعات الاقتصادية والاجتماعية وإنعاشها من خلال ثلاثة مسارات تنطوي على الاستجابة، والاستعادة، والبدء من جديد. وقد التزم البنك بتقديم أكثر من 4.5 مليار دولار للتعامل مع الجائحة لاستعادة التعافي الاقتصادي للدول الأعضاء.
- آفاق النمو الاقتصادي
يرى الجاسر، أن «آفاق نمو الاقتصاد العالمي وانتعاشه على المدى المتوسط تتسم بقدر كبير من عدم اليقين ومخاطر الانكماش. ففي الوقت الذي لا تزال فيه الآثار السلبية للجائحة تخيم على العديد من الاقتصادات، فإن النزاع الدائر في أوروبا الشرقية والفيضانات المدمرة في عدد من الدول الأعضاء قد أدى إلى انتكاس آفاق التعافي السريع».
وعن آفاق النمو في الدول الأعضاء في البنك، قال الجاسر «بالنسبة للبلدان الأعضاء في البنك الإسلامي للتنمية، فإن الوضع يختلف من اقتصاد لآخر. ففي حين تعمل بعض الاقتصادات المصدرة للنفط على تعزيز أساسيات اقتصادها الكلي وسط انتعاش قوي مدعوم بارتفاع أسعار السلع الأساسية، تواجه البلدان المنخفضة الدخل وتلك التي تستورد السلع الأساسية تحديات كبيرة واحتياجات تمويل متزايدة. وفي هذا السياق، يتمثل دورنا كمؤسسة إنمائية دولية في تعزيز الشراكة والتعاون، وحشد الموارد وتوجيهها إلى تغطية الحاجات الملحة، مع تعزيز قدرة القطاعات الحيوية في الدول الأعضاء على الصمود في المدى المتوسط ودعم خطط التنمية طويلة الأجل».
وعن وضع البنك وخططه للتعامل على رأس المال في هذا الوضع الاقتصادي الحرج، قال الجاسر «نتطلع إلى توسيع أنشطتنا التمويلية المستدامة، ومنها تطوير تعاوننا مع (ناسداك دبي)، البورصة المالية العالمية في المنطقة». مشيراً إلى أن البنك الإسلامي للتنمية أدرج في 29 أبريل الماضي في «ناسداك دبي» صكوكاً بقيمة 1.6 مليار دولار.
وقال «يعزز هذا الإدراج مكانة البنك كأكبر مؤسسة مالية دولية متعددة الأطراف مصدرة للصكوك في ناسداك دبي من خلال 13 إصداراً بقيمة إجمالية قدرها 18.04 مليار دولار».
- دور البنك في حلحلة أزمة الغذاء
وعن دور مجموعة البنك في حلحلة أزمة الغذاء العالمية، قال الجاسر «إن البنك سيساهم بما يصل إلى 5.7 مليار دولار في تمويل إجمالي للبلدان الأعضاء، بما في ذلك موافقات جديدة بقيمة 4 مليارات دولار، وصرف عاجل للمشروعات القائمة بقيمة 1.7 مليار دولار».
أضاف «يتضمن البرنامج مساهمات كبيرة ومباشرة من قِبل كيانات مجموعة البنك الإسلامي للتنمية على النحو التالي: المؤسسة الدولية الإسلامية لتمويل التجارة: 4.5 مليار دولار لتمويل التجارة؛ المؤسسة الإسلامية لتنمية القطاع الخاص: 269 مليون دولار لعمليات تنمية القطاع الخاص، وسيقدم صندوق التضامن الإسلامي للتنمية 75 مليون دولار في شكل قروض ومنح وموارد رأسمالية؛ في حين ستقدم المؤسسة الإسلامية لتأمين الاستثمار وائتمان الصادرات: 500 مليون دولار لتغطية التأمين السياسي والائتماني. وستوفر حزمة التمويل تمويلاً فورياً يصل إلى (3.29 مليار دولار خلال فترة 18 شهراً المقبلة، للتدخلات قصيرة الأجل من خلال توفير الإمدادات الغذائية والزراعية الطارئة والحماية الاجتماعية ودعم سبل العيش لأكثر السكان ضعفاً. في حين سينصب التركيز الأساسي للبرنامج والجزء الأكبر من غلاف التمويل البالغ 7.3 مليار دولار، الذي سيمتد على مدى السنوات الثلاث المقبلة، على تطوير تدخلات مبتكرة متوسطة وطويلة الأجل لمعالجة نقاط الضعف الهيكلية والأسباب الجذرية لمشكلة انعدام الأمن الغذائي في الدول الأعضاء».
كانت مجموعة البنك الإسلامي للتنمية، قد وافقت على حزمة بقيمة 10.54 مليار دولار، لبرنامج الاستجابة الشاملة للأمن الغذائي (FSRP)، لدعم البلدان الأعضاء في معالجة أزمة الغذاء المستمرة.
ومع كل هذا، يرى الجاسر، أن الأمن الغذائي لا يزال يمثل تحدياً رئيسياً يواجه غالبية البلدان الأعضاء في البنك الإسلامي للتنمية، لا سيما البلدان ذات الدخل المنخفض التي تعاني من العجز الغذائي والتي لا تتمتع بسلاسل إمداد جيدة وتعتمد على الواردات. وقد أدى الارتفاع الأخير في أسعار السلع الغذائية بسبب تداعيات الأزمة في أوروبا الشرقية، إلى جانب موجة الجفاف الحادة التي يشهدها شرق أفريقيا، إلى تعريض ملايين البشر لخطر المجاعة.
لذلك «ستركز مجموعة البنك على دعم الزراعة الذكية مناخياً التي تعزز الإنتاجية الزراعية والأمن الغذائي، وتحسين المخزونات الاحتياطية الغذائية الاستراتيجية في بلداننا الأعضاء، وتحسين وصول صغار المزارعين إلى الأسواق، والاستثمار في الزراعة وسلاسل قيمة السلع لدعم ريادة الأعمال الزراعية للشباب والنساء».
- البنك والوقود الأحفوري
وعن مدى نية البنك الاستثمار في الوقود الأحفوري بعد التحذيرات الكثيرة من أن عدم الاستثمار في النفط قد يدخل العالم في أزمات طاقة مستقبلية، قال الجاسر، إن مجموعة البنك الإسلامي للتنمية تعمل بشكل رئيسي على معالجة أمن الطاقة من خلال دعم الطاقات المتجددة. و«الحصول على الطاقة الصديقة للبيئة هي المحرك الرئيسي للتنمية الاجتماعية والاقتصادية للبلدان الأعضاء، وقد قدمت مجموعة البنك الإسلامي للتنمية حتى الآن أكثر من 64 مليار دولار من التمويل لتطوير قطاع الطاقة في البلدان الأعضاء الـ57، أي نحو 41 في المائة من إجمالي تمويلاتها. وأشير إلى أن البنك قام بتحديث سياسته الخاصة بقطاع الطاقة في عام 2019 بما يتماشى مع الهدف 7 من أهداف التنمية المستدامة، توفير طاقة نظيفة وبأسعار معقولة للجميع».
أوضح الجاسر «وبسبب الأحداث العالمية الحالية التي أدت إلى ارتفاع أسعار الطاقة، نستشعر أن هناك حاجة إلى التعاون ووضع خطة عمل عالمية لمساعدة البلدان المتضررة، على بناء المرونة وتحسين قدرتها على مواجهة هذه التحديات».
- الاقتصاد الأخضر
أوضح الجاسر في حديثه مع «الشرق الأوسط»، أن الطاقة المتجددة تستحوذ على الحيز الأكبر من أنشطة البنك بحجم تمويلات يتجاوز 3 مليارات دولار. مع توسع البنك في إصدار الصكوك الخضراء من أجل تمويل المشاريع الخضراء بدوله الأعضاء.
قال الجاسر «يحرص البنك على مراعاة متطلبات الاقتصاد الأخضر والاستدامة في العمليات التي يمولها. وفي هذا الصدد، يستهدف البنك أن تكون 35 في المائة على الأقل من عملياته الجديدة بحلول عام 2025 مراعية للمناخ، أي أنها ستراعي جانبي التكيف مع التغير المناخي والتخفيف من آثاره السلبية». وأشار إلى أن «المبادرات المهمة التي أطلقها البنك للإسهام في التصدي لتغير المناخ وآثاره، اعتمدت أداة تمويلية تتوافق مع أحكام الشريعة تعرف باسم الصكوك الخضراء؛ وذلك لحشد الموارد بهدف تشجيع تطوير المشاريع الخضراء أو تقليل التأثير السلبي للمشاريع الإنمائية الأخرى على المناخ، أو تحقيقاً لكلا الهدفين».
وكشف الجاسر عن تعاون الفريق المختص في البنك مع الجانب الإماراتي في تقديم الدعم الفني اللازم لنجاح مؤتمر تغير المناخ «كوب 28»، كما حدث مع الجانب المصري في مؤتمر تغير المناخ «كوب 27»، من خلال أن تمويل المشاريع الخضراء يمكًن من إيجاد محفظة من المشاريع تسمح بإصدار المزيد من الصكوك الخضراء، وهو ما يشكل «دورة حميدة» في هذا المجال.


مقالات ذات صلة

«ستاندرد تشارترد» يتوقع ارتفاع الأصول الإسلامية حول العالم إلى 7.5 تريليون دولار عام 2028

الاقتصاد العاصمة السعودية الرياض توجد بها مقار رئيسية لأكبر البنوك (رويترز)

«ستاندرد تشارترد» يتوقع ارتفاع الأصول الإسلامية حول العالم إلى 7.5 تريليون دولار عام 2028

توقع بنك ستاندرد تشارترد البريطاني، ارتفاع الأصول الإسلامية حول العالم من 5.5 تريليون دولار حالياً إلى 7.5 تريليون دولار بحلول عام 2028.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد رئيس «مجموعة البنك الإسلامي للتنمية» خلال حفل الإدراج (الشرق الأوسط)

«البنك الإسلامي للتنمية» يدرج صكوكاً خضراء بـ500 مليون يورو في «سوق لندن»

افتتح رئيس «مجموعة البنك الإسلامي للتنمية»، الدكتور محمد الجاسر، بالعاصمة البريطانية لندن، الثلاثاء، «سوق لندن للأوراق المالية».

«الشرق الأوسط» (جدة)
الاقتصاد مستثمر يراقب شاشات التداول في سوق قطر (رويترز)

أسهم الخليج تفتتح مستقرة... وتوجهات «الاحتياطي الفيدرالي» تكبح المعنويات

استقرت الأسواق الخليجية مع ترقب المستثمرين مزيداً من الخفض بأسعار الفائدة، وسط حالة عدم يقين حيال توجهات «الفيدرالي» المستقبلية، ما حدّ من شهية المخاطرة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
خاص رجل يقود دراجة أمام بنك «الإمارات دبي الوطني» الرئيسي (رويترز)

خاص البنوك الخليجية تتكيف مع خفض الفائدة رغم تحديات السيولة

تستعد البنوك الخليجية لمواجهة خفض الفائدة، بقوة وضعها المالي والصكوك طويلة الأجل، بينما ستستفيد القطاعات العقارية والصناعية والاستهلاكية.

عبير حمدي (الرياض)
خاص العاصمة البحرينية المنامة (وكالة أنباء البحرين)

خاص البنوك الإسلامية تتجه لتطوير الصكوك الخضراء والتمويل المرتبط بالاستدامة

مع تولي حمزة باوزير منصبه أميناً عاماً للمجلس العام للبنوك والمصارف الإسلامية تتجه بوصلة المؤسسة نحو مرحلة جديدة تُعيد رسم ملامح مستقبل المالية الإسلامية عالميا


«سبيس إكس» تطرح أسهماً داخلية بتقييم تاريخي يقترب من 800 مليار دولار

إيلون ماسك الرئيس التنفيذي لشركات «سبيس إكس» و«تويتر» وصانع السيارات الكهربائية «تسلا» (أ.ف.ب)
إيلون ماسك الرئيس التنفيذي لشركات «سبيس إكس» و«تويتر» وصانع السيارات الكهربائية «تسلا» (أ.ف.ب)
TT

«سبيس إكس» تطرح أسهماً داخلية بتقييم تاريخي يقترب من 800 مليار دولار

إيلون ماسك الرئيس التنفيذي لشركات «سبيس إكس» و«تويتر» وصانع السيارات الكهربائية «تسلا» (أ.ف.ب)
إيلون ماسك الرئيس التنفيذي لشركات «سبيس إكس» و«تويتر» وصانع السيارات الكهربائية «تسلا» (أ.ف.ب)

تستعد شركة «سبيس إكس» (SpaceX)، عملاق الصواريخ والأقمار الاصطناعية المملوكة لإيلون ماسك، لإجراء صفقة داخلية لبيع حصص من أسهمها، وهي الصفقة التي قد تدفع بتقييم الشركة إلى مستوى تاريخي غير مسبوق.

ووفقاً لأشخاص مطلعين على الأمر، قد يصل تقييم «سبيس إكس» إلى ما يناهز 800 مليار دولار، متجاوزة بذلك الرقم القياسي السابق الذي سجلته شركة «أوبن إيه آي» المالكة لـ«تشات جي بي تي» والذي بلغ 500 مليار دولار في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

هذا التقييم، الذي ناقشه مجلس إدارة الشركة مؤخراً، من شأنه أن يعيد «سبيس إكس» إلى صدارة الشركات الخاصة الأعلى قيمة عالمياً.

قفزة هائلة نحو التريليون وانتظار الطرح العام

يُتوقع أن يتم بيع الأسهم بسعر يزيد عن 400 دولار للسهم الواحد، مما يضع تقييم الشركة بين 750 و800 مليار دولار. ويمثل هذا التقييم زيادة هائلة، ومضاعفة للتقييم السابق للشركة الذي بلغ 400 مليار دولار في يوليو (تموز)، عندما باعت أسهماً بسعر 212 دولاراً للسهم.

وفي حال تأكيد هذا الرقم، فإن «سبيس إكس» ستنضم إلى مجموعة نادرة من أكبر 20 شركة عامة في العالم، متفوقة على العديد من عمالقة السوق، ومحتلة مرتبة أدنى بقليل من «تسلا»، الشركة الأخرى التي يملكها ماسك.

وتشير التكهنات إلى أن «سبيس إكس» قد تتجه نحو طرح عام أولي بحلول أواخر العام المقبل، وإذا تم الطرح بقيمة 800 مليار دولار، وبيع 5 في المائة من أسهمها، فإنه سيكون أكبر طرح عام على الإطلاق.

ريادة الفضاء والإنترنت

يعود هذا التقييم القياسي إلى هيمنة «سبيس إكس» على قطاع الفضاء، حيث تُعد الشركة الأكثر إطلاقاً للصواريخ في العالم بفضل صاروخها «فالكون 9» الذي ينقل الأقمار الاصطناعية والأشخاص إلى المدار. كما تُعد الشركة رائدة في توفير خدمات الإنترنت من المدار الأرضي المنخفض عبر مشروع «ستارلينك»، الذي يضم أكثر من 9000 قمر اصطناعي، متفوقة بفارق كبير على منافسيها، مثل مشروع «أمازون ليو» التابع لشركة «أمازون». وقد أدت هذه الأخبار إلى ارتفاع أسهم الشركات الشريكة، مثل «إيكو ستار»، بنسبة وصلت إلى 18 في المائة.

خيارات الطرح العام والتحول الاستراتيجي

رغم قدرة «سبيس إكس» على جمع التمويل بتقييمات تتجاوز 100 مليار دولار، مع تأجيل خطط الطرح العام، فإن فكرة الانفصال لا تزال قائمة. فقد طفت على السطح مجدداً مقترحات لفصل نشاط «ستارلينك» في شركة مطروحة للاكتتاب العام بشكل منفصل، وهي فكرة سبق أن اقترحتها الرئيسة جوين شوتويل في عام 2020. ومع ذلك، شكك ماسك علناً في هذا الاحتمال على مر السنين، بينما أشار المدير المالي بريت جونسن في عام 2024 إلى أن طرح «ستارلينك» سيكون شيئاً يحدث على الأرجح «في السنوات القادمة». وفي الوقت نفسه، تستمر «سبيس إكس» في تطوير مركبة «ستارشيب»، الصاروخ الأقوى على الإطلاق، والمصمم لحمل أعداد هائلة من أقمار «ستارلينك»، ونقل البضائع والأشخاص إلى القمر، ثم إلى المريخ في نهاية المطاف.


حرب الاستوديوهات... «نتفليكس» تُسقط «وارنر براذرز» في أكبر صفقة إعلامية

شعار شركة «وارنر براذرز ديسكفري» في أحد مكاتبها في كولفر سيتي كاليفورنيا (أ.ف.ب)
شعار شركة «وارنر براذرز ديسكفري» في أحد مكاتبها في كولفر سيتي كاليفورنيا (أ.ف.ب)
TT

حرب الاستوديوهات... «نتفليكس» تُسقط «وارنر براذرز» في أكبر صفقة إعلامية

شعار شركة «وارنر براذرز ديسكفري» في أحد مكاتبها في كولفر سيتي كاليفورنيا (أ.ف.ب)
شعار شركة «وارنر براذرز ديسكفري» في أحد مكاتبها في كولفر سيتي كاليفورنيا (أ.ف.ب)

شهدت هوليوود واحدة من أهم لحظات التحول الاستراتيجي في تاريخها، بعد أن أعلنت شركة «نتفليكس» يوم الجمعة عن إبرام صفقة ضخمة للاستحواذ على استوديوهات الأفلام، والتلفزيون، ووحدة البث التدفقي التابعة لـ«وارنر براذرز ديسكفري» (WBD) بقيمة بلغت 72 مليار دولار.

هذه الصفقة، التي بدأت بمجرد «مهمة استطلاعية»، لم تكن متوقعة علناً من عملاق البث التدفقي الذي كان يقلل من شائعات شراء استوديو كبير في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لتنتهي بـ«نتفليكس» وهي تفوز بأثمن جائزة في هوليوود، متفوقة على منافسين عمالقة، مثل «باراماونت» و«كومكاست».

صورة جوية لشعار «وارنر براذرز» معروض على برج المياه في استوديو «وارنر براذرز» في باربنك كاليفورنيا (أ.ف.ب)

من الفضول إلى الاستحواذ

بدأت مساعي «نتفليكس» نحو «وارنر براذرز» بدافع الفضول لمعرفة المزيد عن أعمالها، لكن التنفيذيين سرعان ما أدركوا الفرصة الاستراتيجية الهائلة التي يوفرها الاستوديو.

تتجاوز الصفقة مجرد إضافة مكتبة محتوى عمرها قرن من الزمان إلى منصة «نتفليكس» (وهي مكتبة تشكل 80 في المائة من مشاهدات البث التدفقي)، حيث أدركت «نتفليكس» أن وحدات أعمال «وارنر براذرز»، خاصة التوزيع المسرحي، والوحدة الإنتاجية، تُعد مكمّلة بشكل مثالي لنماذج أعمالها.

وقد تصاعد الاهتمام بالاستحواذ بعد أن أعلنت «وارنر براذرز ديسكفري» في يونيو (حزيران) عن خططها للانقسام إلى شركتين عامتين، فصلت بموجبها الشبكات التلفزيونية التقليدية عن الأصول الرئيسة، مثل استوديوهات «وارنر براذرز» و«HBO» وخدمة «HBO Max».

سباق المزايدة يشتد

دخلت «نتفليكس» منافسة شرسة للاستحواذ على الأصول، واضعة نفسها في مواجهة مباشرة مع «باراماونت» وشركة «إن بي سي يونيفرسال» الأم «كومكاست». وقد بدأ المزاد علنياً في أكتوبر بعدما قدمت «باراماونت» أول عرض غير مرغوب فيه في سبتمبر (أيلول)، بهدف استباق الانقسام المخطط له.

تواصل العمل بوتيرة محمومة، حيث عقد فريق «نتفليكس» الاستشاري، الذي ضم بنوكاً استثمارية، مثل «مويلس آند كومباني»، و«ويلز فارغو»، مكالمات يومية صباحية على مدى الشهرين الماضيين، بل وعقدوا مكالمات متعددة في يوم عيد الشكر ذاته للتحضير للعرض النهائي في الأول من ديسمبر (كانون الأول).

على الجانب الآخر، اجتمع مجلس إدارة «وارنر براذرز» يومياً خلال الأيام الثمانية الأخيرة التي سبقت اتخاذ القرار. وفضّل المجلس عرض «نتفليكس»، لأنه كان الوحيد الذي وُصف بأنه «ملزم وكامل»، كما أنه سيحقق فوائد فورية للشركة.

وعلى النقيض، تم رفض عرض «كومكاست» لدمج قسم الترفيه الخاص بها مع «وارنر براذرز»، لكونه سيستغرق سنوات عديدة للتنفيذ. ورغم أن «باراماونت» رفعت عرضها لتبلغ القيمة الإجمالية للشركة 78 مليار دولار، فقد أعرب مجلس إدارة «وارنر براذرز» عن قلقه بشأن تمويل هذا العرض.

صورة جوية لشعار «نتفليكس» معروض في استوديوهات «نتفليكس» مع لافتة هوليوود في الأفق (أ.ف.ب)

ثقة «نتفليكس» في اجتياز العقبات التنظيمية

لتأكيد إيمانها بنجاح الصفقة، خاصة في ظل توقعات مراجعة تنظيمية كبيرة، أرفقت «نتفليكس» عرضها بواحد من أكبر رسوم الإنهاء في تاريخ صفقات الاندماج والاستحواذ، بلغ 5.8 مليار دولار.

وقد وصف أحد المستشارين هذا الضمان بأنه دليل على قناعة «نتفليكس» المطلقة بقدرتها على الحصول على الموافقات اللازمة، قائلاً: «لا أحد يحرق 6 مليارات دولار دون اقتناع».

لم تكن «نتفليكس» متأكدة من الفوز حتى اللحظات الأخيرة، حيث اعترف أحد التنفيذيين بأنهم كانوا يعتقدون أن فرصتهم لا تتجاوز 50/50. لكن مع إعلان قبول العرض في وقت متأخر من ليلة الخميس، ساد التصفيق والتهليل على مكالمة جماعية بين فريق «نتفليكس»، إيذاناً ببدء عصر جديد سيعيد تشكيل المشهد الترفيهي العالمي بالكامل.


العقار السعودي ينتقل من الانتعاش «الظرفي» إلى النضج التشغيلي

مشاريع عقارية في الرياض (واس)
مشاريع عقارية في الرياض (واس)
TT

العقار السعودي ينتقل من الانتعاش «الظرفي» إلى النضج التشغيلي

مشاريع عقارية في الرياض (واس)
مشاريع عقارية في الرياض (واس)

شهد القطاع العقاري المُدرج في السوق المالية السعودية (تداول) تحولاً استثنائياً وغير مسبوق في الربع الثالث من عام 2025. فقد تضاعفت أرباح الشركات العقارية بأكثر من ستة أضعاف، مسجلة نمواً تجاوزت نسبته 633.6 في المائة لتبلغ 496 مليون دولار (1.86 مليار ريال).

هذا الارتفاع الصارخ، مقارنة بأرباح بلغت 67.5 مليون دولار في الربع المماثل من العام السابق، يؤكد أن القطاع العقاري السعودي قد دخل مرحلة نضج تشغيلي مستدام، متجاوزاً مرحلة الانتعاش «الظرفي» المؤقت.

كما تعكس هذه القفزة الكبيرة نجاح الشركات في إعادة هيكلة منتجاتها، وتعزيز تدفقاتها النقدية، والانتقال من مجرد النمو «الورقي» إلى نمو حقيقي مدعوم بالإيرادات التشغيلية، والتسليم الفعلي

للمشاريع.

المحركات التشغيلية

وأرجع خبراء ومختصون عقاريون تسجيل الشركات العقارية المُدرجة في السوق هذه القفزة الكبيرة إلى بداية جني الأرباح من إيرادات المشاريع العقارية المحورية في المدن الكبرى، وارتفاع جودة المشاريع العقارية، وتحسن البيئة التمويلية، ومستويات السيولة في القطاع العقاري.

وأشاروا إلى أن هذه القفزة تتواكب مع نمو الاقتصاد غير النفطي في السعودية، ومساهمته بنحو 56 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، ما ساهم بشكل كبير في دعم الطلب على العقار بأنواعه: السكني، والتجاري، والصناعي، والمكتبي، وفي نمو أرباح شركات القطاع العقاري، بالإضافة إلى الإصلاحات الرئيسة التي شهدها القطاع العقاري في السنوات الأخيرة.

العاصمة السعودية الرياض (واس)

تفاصيل أداء الشركات

وكانت أرباح الشركات العقارية المُدرجة في السوق المالية السعودية «تداول» قد تضاعفت لأكثر من 6 أضعاف، خلال الربع الثالث من 2025، لتسجل 496 مليون دولار (1.86 مليار ريال)، بنسبة نمو وصلت إلى 633.67 في المائة، مقارنةً بأرباح بلغت 67.5 مليون دولار (253.32 مليون ريال) في الربع المماثل من العام السابق.

كما بلغت أرباح شركات القطاع خلال الأرباع الثلاثة من 2025 نحو 1.44 مليار دولار (5.4 مليار ريال)، بصدارة من «سينومي سنترز» و«جبل عمر» و«مسار»، وبنسبة نمو 244.2 في المائة عن الفترة ذاتها من العام، والتي حققت خلالها أرباحاً صافية وصلت إلى 419 مليون دولار (1.57 مليار ريال)، وبزيادة قدرها 1.02 مليار دولار (3.83 مليار ريال).

ووفق إعلانات نتائجها المالية في السوق المالية السعودية، حققت 9 شركات ارتفاعاً في أرباحها، من بين 16 شركة تعمل بالقطاع، في حين تحولت 4 شركات للربحية. وتصدرت شركة «أم القرى للتنمية والإعمار» (مسار) أعلى شركات القطاع ربحيةً، خلال الربع الثالث، بعد تحقيقها أرباحاً بلغت 516.57 مليون ريال، بنسبة نمو وصلت إلى 341.9 في المائة عن الربع المماثل من العام السابق. وحلّت شركة المراكز العربية «سينومي سنترز» ثانيةً في أعلى شركات القطاع ربحيةً بعد تحقيقها أرباحاً بنحو 499.8 مليون ريال خلال الربع الثالث من 2025، لتسجل نمواً عن الربع المماثل من العام السابق بنسبة 52.2 في المائة، في حين حلت شركة «دار الأركان» ثالثاً، بنسبة نمو تجاوزت 89 في المائة، بعد أن بلغت أرباحها نحو 255.6 مليون ريال في الربع الثالث من 2025.

صورة محاكية لمشروع «مسار» الذي تقوم بتطويره شركة «أم القرى للتنمية والإعمار» (الشركة)

القطاع أكثر كفاءة

وفي تعليق على نتائج شركات القطاع، قال الخبير والمهتم بالشأن العقاري، عبد الله الموسى لـ«الشرق الأوسط» إن القفزة التاريخية في أرباح شركات العقار المدرجة تؤكد أن السوق دخلت مرحلة نضج تشغيلي، وليس مجرد انتعاش ظرفي، وإن هذه الأرقام تعكس قدرة الشركات على إعادة هيكلة منتجاتها، وتحسين تدفقاتها النقدية، والتحول من النمو الورقي إلى النمو الحقيقي المدعوم بالتسليم، والتشغيل، والإيرادات المتكررة.

وزاد أن القطاع أصبح أكثر كفاءة وربحية من أي وقت مضى، ما ينسجم مع اتجاهات الاقتصاد السعودي، وتطور أدوات التنظيم، والتمويل.

وحدد الموسى ثلاثة محركات رئيسة للقفزة الكبيرة في أرباح شركات القطاع، وهي:

- ارتفاع جودة المشاريع، والتحول للنماذج التشغيلية، كما حدث مع شركات «سينومي سنترز» و«مسار» و«جبل عمر»، والتي بدأت تجني ثمار الاستثمار طويل الأجل في تشغيل الأصول، وزيادة الإشغال، ونمو العوائد الإيجارية، ما انعكس مباشرة على الربحية.

- تحسن البيئة التمويلية، وتقليل الأعباء عبر استقرار أسعار الفائدة، وبداية انخفاضها، وتحسن مستويات السيولة، وهو ما ساعد الشركات على إدارة مديونياتها بكفاءة أكبر، خصوصاً تلك التي كانت تعاني سابقاً من أعباء مالية مرتفعة.

- اكتمال مشاريع محورية، ودخولها مرحلة تحقيق الإيرادات، حيث شهدت شركات عدة تحوّلاً للربحية نتيجة تحسن ملحوظ في عمليات البيع والتطوير في المدن الكبرى، وخاصة في الرياض، ومكة.

ويتوقع الموسى أن تستمر شركات القطاع في أدائها الإيجابي خلال الأرباع القادمة، واستمرار المسار الصاعد، لكن بوتيرة أكثر توازناً، وذلك لوجود عوامل داعمة، أبرزها دخول مشاريع استراتيجية جديدة مرحلة التشغيل، واستمرار الطلب القوي على الإسكان، والمشاريع التجارية في ظل توسع الرياض، وتحولها لوجهة استثمارية عالمية، وتحسن الأداء المالي لشركات كانت تواجه خسائر لسنوات، وهو ما يرفع مستوى المنافسة داخل القطاع، وكذلك استمرار مبادرات التنظيم العقاري التي تقلّل المخاطر، وتزيد من جاذبية الاستثمار المؤسسي، مضيفاً أنه في حال حافظت الشركات على هذا النهج، فمن المتوقع أن تتحول أرباح 2025 إلى نقطة مرجعية جديدة لمستوى ربحية أعلى، وأكثر استدامة خلال السنوات المقبلة.

أحد المراكز التجارية التابعة لشركة «سينومي سنترز» في الرياض (الشركة)

دور الاقتصاد غير النفطي

من جهته، قال المهتم بالشأن العقاري سلمان السعيد، خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط»، إن نمو الاقتصاد غير النفطي في السعودية، ومساهمته بنحو 56 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، ساهما بشكل كبير في دعم الطلب على العقار بأنواعه: السكني، والتجاري، والصناعي، والمكتبي، مما ساهم في نمو أرباح شركات القطاع العقاري، بالإضافة إلى الإصلاحات الرئيسة التي شهدها القطاع العقاري في السنوات الأخيرة، والتي ساهمت في جذب الاستثمارات، مثل توسيع ضريبة الأراضي البيضاء، وخطوات ضبط الإيجارات، مما عزز من المشاريع التنموية، ومن جدوى المشاريع العقارية، وكذلك الدعم الحكومي الكبير لتملك المواطنين للإسكان، والسياسات الداعمة لذلك، ما ساهم في ارتفاع نسبة المواطنين المتملكين للإسكان.

وأضاف أن ارتفاع الطلب على العقار التجاري والمكتبي ساهم في زيادة أرباح الشركات العقارية، خصوصاً في مدينة الرياض، وتحديداً مع تدفق الشركات متعددة الجنسيات والمؤسسات إلى السعودية، وارتفاع الطلب على المكاتب، وزيادة إشغالها بنسب مرتفعة. كما ساعد ذلك شركات التطوير العقاري التي تعمل في العقارات متعددة الاستخدامات على الاستفادة من تنويع مصادر الدخل، وليس الاعتماد فقط على العقارات السكنية في تحقيق الأرباح، وأشار إلى أن بعض الشركات حققت نمواً في أرباحها من المعاملات الاستثمارية في بيع الأراضي، والأصول غير الاستراتيجية، مما أدى إلى تحسين النتائج، والكفاءة التشغيلية.