مشاغل السياسة تغلب التطلعات الاقتصادية في قمة «أبيك»

ماكرون يدعو إلى وقف «المواجهة»... وهاريس تشدد على التزام واشنطن حيال آسيا

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يلقي كلمته في بانكوك أمس (أ.ف.ب)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يلقي كلمته في بانكوك أمس (أ.ف.ب)
TT

مشاغل السياسة تغلب التطلعات الاقتصادية في قمة «أبيك»

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يلقي كلمته في بانكوك أمس (أ.ف.ب)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يلقي كلمته في بانكوك أمس (أ.ف.ب)

خلص أول اجتماعات المنتدى الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادئ «أبيك»، في العاصمة التايلاندية بانكوك، أمس الجمعة، المنعقد للمرة الأولى بشكل حضوري منذ اندلاع جائحة كورونا، إلى تأكيد انفتاح الأسواق وتوسيع الفرص الاقتصادية والأسواق، ودفع الاستدامة، في حين هيمنت أحاديث التطورات السياسية والأزمات العالقة على أجواء الاجتماعات، خصوصاً مع إطلاق كوريا الشمالية صاروخاً بالستياً عابراً للقارات الذي شغل حيزاً كبيراً من اهتمام عدد كبير من القادة المشاركين.
وسط هذه التوترات سعى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى إبراز استراتيجية بلاده في «آسيا - المحيط الهادئ»، عبر دعوته إلى وقف «المواجهة» في المنطقة. وقال ماكرون: «نحن لا نؤمن بالهيمنة والمواجهة... نؤمن بالاستقرار ونؤمن بالابتكار»، مضيفاً أن منطقة آسيا والمحيط الهادئ التي تشهد منافسة متصاعدة بين الصين والولايات المتحدة يجب أن تعتمد على القوى الإقليمية، بما فيها فرنسا؛ لضمان هذا التوازن.

نائبة الرئيس الأميركي كمالا هاريس تلقي كلمتها في بانكوك أمس (أ.ب)

وأحرجت المنافسة بين بكين وواشنطن، خصوصاً فيما يتعلق بموضوع تايوان، عدة دول في المنطقة لا تريد الاختيار بين القوّتين، في وقت عرض الرئيس الفرنسي عليها طريقاً ثالثاً بالقول: «نحن في الغابة ولدينا فيلان كبيران في حالة توتر متزايد. وإذا زادت حِدة توترهما، فسيبدآن محاربة كل منهما الآخر، وهذه ستكون مشكلة كبيرة لبقية الغابة».
وأضاف، وسط ضحك الحضور: «سنحتاج إلى تعاون الكثير من الحيوانات الأخرى؛ النمور، القرود... إلخ، إن المنطقة الممتدة من سواحل شرق أفريقيا إلى السواحل الغربية لأميركا تأخذ أولوية استراتيجية، في وقت تملك فرنسا عدداً من المناطق والمجالات البحرية فيها».
- أميركا والشراكات الاقتصادية
نائبة الرئيس الأميركي كمالا هاريس أكدت أن الولايات المتحدة ملتزمة حيال المنطقة على المدى البعيد، رافضة الشكوك بشأن مدى انخراطها في ظل ازدياد هيمنة الصين.
ووصفت هاريس بلادها بأنها «بكل فخر قوة في منطقة المحيط الهادئ».
وأشارت إلى أن شبكة التحالفات الأمنية التاريخية التي تقيمها الولايات المتحدة سمحت بأن تزدهر آسيا.
وقالت هاريس، لرواد الأعمال، على هامش «أبيك» الذي يحضره الرئيس الصيني شي جينبينغ أيضاً، إن «الولايات المتحدة موجودة هنا لتبقى... رسالتنا واضحة: الولايات المتحدة لديها التزام اقتصادي راسخ تجاه منطقة المحيطين الهندي والهادئ لا يقاس بالسنوات، بل بالعقود والأجيال».
وركّزت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن على دعم الحلفاء، وستتوجه هاريس من تايلند إلى الفلبين؛ حيث ستزور جزيرة قرب مياه متنازَع عليها مع بكين.
وبينما شددت الولايات المتحدة لهجتها بشأن الصين، شكك بعض القادة الآسيويين في مستوى الانخراط الاقتصادي الأميركي.
وسار بايدن إلى حد كبير على خُطى سلفه دونالد ترامب عبر طي صفحة حقبة اتفاقيات التجارة الحرة التي يرى أنها لا تحظى بشعبية في أوساط الناخبين من الطبقة العاملة.
وشددت هاريس على أن الشراكات الاقتصادية في آسيا «على رأس سُلّم الأولويات» بالنسبة لإدارة بايدن. وأشارت إلى أن القطاع الخاص الأميركي يستثمر حوالى تريليون دولار سنوياً في المنطقة. وقالت: «أميركا شريك قوي لاقتصادات وشركات هذه المنطقة؛ لأنها ستبقى محرّك النمو العالمي كما هي الآن، معززة بنهج إدارتنا».
- اليابان. الصين
ودعا رئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا، الرئيس الصيني شي جينبينج، إلى إقامة علاقات بنّاءة ومستقرة بين بلديهما.
وقال كيشيدا، خلال اللقاء الذي عُقد على هامش الاجتماع الـ29 لقادة «أبيك»، إن «من الضروري للجانبين تسريع جهود بناء علاقات بنّاءة ومستقرة بين اليابان والصين... أعبِّر عن قلقي البالغ حيال الوضع في بحر شرق الصين، بما في ذلك جزر سينكاكو، وكذلك إطلاقات الصين الصواريخ البالستية وغيرها من الأنشطة العسكرية، كما أؤكد أهمية السلام والاستقرار في مضيق تايوان».
وقال الرئيس الصيني، خلال اللقاء، إن الصين مستعدة للعمل مع اليابان لفهم الاتجاه العام للعلاقات الثنائية من منظور استراتيجي، وبناء علاقة صينية يابانية تلبي احتياجات العصر الجديد، وفقاً لوكالة أنباء الصين الجديدة «شينخوا».
وفيما يتعلق بالقضايا المتعلقة بالنزاعات البحرية، وعلى الأراضي، أكد الرئيس الصيني ضرورة الالتزام بالمبادئ والتفاهمات المشتركة التي جرى التوصل إليها وإظهار الحكمة السياسية والمسؤولية في إدارة الخلافات بشكل صحيح.
وفي الوقت نفسه، دعا الرئيس الصيني الجانبين إلى مواصلة الاستفادة من القرب الجغرافي والعلاقات الشعبية الوثيقة وغيرها من نقاط القوة الفريدة، وتسهيل التبادلات والتواصل من خلال القنوات بين الحكومات والأحزاب السياسية والهيئتين التشريعيتين والمحليات وغيرها.
وتأتي القمة وسط توتر بين بكين وطوكيو بشأن جزر متنازع عليها تقع في بحر الصين الشرقي، يُطلَق عليها سينكاكو في اليابان، ودياويو في الصين.
- بيان «أبيك»
وكان الوزراء الذين شاركوا في قمة «أبيك» قد ذكروا، في بيان مشترك، أمس الجمعة، أن بعض الأعضاء أدانوا الحرب في أوكرانيا، وتعهّدوا أيضاً بإبقاء سلاسل التوريد والأسواق مفتوحة، والعمل معاً لدعم تحول مستدام للطاقة. وجاء في البيان: «كانت هناك وجهات نظر أخرى وتقييمات مختلفة للوضع والعقوبات»، مضيفاً أن «أبيك» ليس منتدى لحل القضايا الأمنية.
ولم تخلُ الأجندة الاقتصادية من إقحام التطورات السياسية، ولا سيما النزاع في أوكرانيا الذي استنكرته الدول الأعضاء، لكن دون إدانة الغزو الروسي، إلى جانب أحاديث عن النزاعات المتكررة في بحر الصين الجنوبي والشرقي.
وتختتم قمة «أبيك»، التي تنعقد تحت شعار «انفتاح، اتصال، توازن»، أعمالها، اليوم السبت، بعد سلسلة تحركات ولقاءات دبلوماسية من 10 أيام مكثفة في جنوب شرقي آسيا.


مقالات ذات صلة

السلطات الأميركية تلاحق رجلاً يشتبه بقتله 5 أشخاص في تكساس

العالم السلطات الأميركية تلاحق رجلاً يشتبه بقتله 5 أشخاص في تكساس

السلطات الأميركية تلاحق رجلاً يشتبه بقتله 5 أشخاص في تكساس

أعلنت السلطات في ولاية تكساس، اليوم (الاثنين)، أنّها تلاحق رجلاً يشتبه بأنه قتل خمسة أشخاص، بينهم طفل يبلغ ثماني سنوات، بعدما أبدوا انزعاجاً من ممارسته الرماية بالبندقية في حديقة منزله. ويشارك أكثر من مائتي شرطي محليين وفيدراليين في عملية البحث عن الرجل، وهو مكسيكي يدعى فرانشيسكو أوروبيزا، في الولاية الواقعة جنوب الولايات المتحدة، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية. وفي مؤتمر صحافي عقده في نهاية الأسبوع، حذّر غريغ كيبرز شريف مقاطعة سان خاسينتو في شمال هيوستن، من المسلّح الذي وصفه بأنه خطير «وقد يكون موجوداً في أي مكان». وعرضت السلطات جائزة مالية مقدارها 80 ألف دولار لمن يدلي بمعلومات تتيح الوصول إل

«الشرق الأوسط» (هيوستن)
العالم الحرب الباردة بين أميركا والصين... هل تتغيّر حرارتها؟

الحرب الباردة بين أميركا والصين... هل تتغيّر حرارتها؟

من التداعيات المباشرة والأساسية للحرب في أوكرانيا عودة أجواء الحرب الباردة وبروز العقلية «التناحرية» التي تسود حالياً العلاقة بين الولايات المتحدة والصين. ومع كل ما يجري في العالم، نلمح الكثير من الشرارات المحتملة التي قد تؤدي إلى صدام بين القوتين الكبريين اللتين تتسابقان على احتلال المركز الأول وقيادة سفينة الكوكب في العقود المقبلة... كان لافتاً جداً ما قالته قبل أيام وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين وشكّل انعطافة كبيرة في مقاربة علاقات واشنطن مع بكين، من حيّز المصالح الاقتصادية الأميركية إلى حيّز الأمن القومي.

أنطوان الحاج
العالم وكالة تاس: محادثات سلام بين أرمينيا وأذربيجان قريباً

وكالة تاس: محادثات سلام بين أرمينيا وأذربيجان قريباً

نقلت وكالة تاس الروسية للأنباء عن أمين مجلس الأمن الأرميني قوله إن أرمينيا وأذربيجان ستجريان محادثات في المستقبل القريب بشأن اتفاق سلام لمحاولة تسوية الخلافات القائمة بينهما منذ فترة طويلة، حسبما أفادت وكالة «رويترز» للأنباء. ولم يفصح المسؤول أرمين جريجوريان عن توقيت المحادثات أو مكانها أو مستواها.

«الشرق الأوسط» (يريفان)
العالم مقاتلات روسية تحبط تقدم قوات الاحتياط الأوكرانية بصواريخ «كروز»

مقاتلات روسية تحبط تقدم قوات الاحتياط الأوكرانية بصواريخ «كروز»

أعلنت وزارة الدفاع الروسية، اليوم (الجمعة)، أن الطيران الروسي شن سلسلة من الضربات الصاروخية البعيدة المدى «كروز»، ما أدى إلى تعطيل تقدم الاحتياطيات الأوكرانية، حسبما أفادت وكالة الأنباء الألمانية. وقالت وزارة الدفاع الروسية، في بيانها، إن «القوات الجوية الروسية شنت ضربة صاروخية بأسلحة عالية الدقة بعيدة المدى، وأطلقت من الجو على نقاط الانتشار المؤقتة للوحدات الاحتياطية التابعة للقوات المسلحة الأوكرانية، وقد تحقق هدف الضربة، وتم إصابة جميع الأهداف المحددة»، وفقاً لوكالة أنباء «سبوتنيك» الروسية. وأضافت «الدفاع الروسية» أنه «تم إيقاف نقل احتياطيات العدو إلى مناطق القتال».

«الشرق الأوسط» (موسكو)
العالم نائب لرئيس الوزراء الروسي يؤكد أنه زار باخموت

نائب لرئيس الوزراء الروسي يؤكد أنه زار باخموت

أعلن مارات خوسنولين أحد نواب رئيس الوزراء الروسي، اليوم (الجمعة)، أنه زار مدينة باخموت المدمّرة في شرق أوكرانيا، وتعهد بأن تعيد موسكو بناءها، حسبما أفادت وكالة الصحافة الفرنسية. وقال خوسنولين على «تلغرام»ك «لقد زرت أرتيموفسك»، مستخدماً الاسم الروسي لباخموت، مضيفاً: «المدينة متضررة، لكن يمكن إعادة بنائها.

«الشرق الأوسط» (موسكو)

جرائم العنف الأسري تحصد امرأة كل 10 دقائق في العالم

نساء يشاركن في احتجاج لإحياء اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة أمام بوابة براندنبورغ ببرلين (أ.ب)
نساء يشاركن في احتجاج لإحياء اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة أمام بوابة براندنبورغ ببرلين (أ.ب)
TT

جرائم العنف الأسري تحصد امرأة كل 10 دقائق في العالم

نساء يشاركن في احتجاج لإحياء اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة أمام بوابة براندنبورغ ببرلين (أ.ب)
نساء يشاركن في احتجاج لإحياء اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة أمام بوابة براندنبورغ ببرلين (أ.ب)

قُتلت 85 ألف امرأة وفتاة على الأقل عن سابق تصميم في مختلف أنحاء العالم عام 2023، معظمهن بأيدي أفراد عائلاتهنّ، وفقاً لإحصاءات نشرتها، (الاثنين)، الأمم المتحدة التي رأت أن بلوغ جرائم قتل النساء «التي كان يمكن تفاديها» هذا المستوى «يُنذر بالخطر».

ولاحظ تقرير لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة في فيينا، وهيئة الأمم المتحدة للمرأة في نيويورك أن «المنزل يظل المكان الأكثر خطورة» للنساء، إذ إن 60 في المائة من الـ85 ألفاً اللاتي قُتلن عام 2023، أي بمعدّل 140 كل يوم أو واحدة كل عشر دقائق، وقعن ضحايا «لأزواجهن أو أفراد آخرين من أسرهنّ».

وأفاد التقرير بأن هذه الظاهرة «عابرة للحدود، وتؤثر على كل الفئات الاجتماعية والمجموعات العمرية»، مشيراً إلى أن مناطق البحر الكاريبي وأميركا الوسطى وأفريقيا هي الأكثر تضرراً، تليها آسيا.

وفي قارتَي أميركا وأوروبا، يكون وراء غالبية جرائم قتل النساء شركاء حياتهنّ، في حين يكون قتلتهنّ في معظم الأحيان في بقية أنحاء العالم أفرادا من عائلاتهنّ.

وأبلغت كثيرات من الضحايا قبل مقتلهنّ عن تعرضهنّ للعنف الجسدي أو الجنسي أو النفسي، وفق بيانات متوافرة في بعض البلدان. ورأى التقرير أن «تجنّب كثير من جرائم القتل كان ممكناً»، من خلال «تدابير وأوامر قضائية زجرية» مثلاً.

وفي المناطق التي يمكن فيها تحديد اتجاه، بقي معدل قتل الإناث مستقراً، أو انخفض بشكل طفيف فقط منذ عام 2010، ما يدل على أن هذا الشكل من العنف «متجذر في الممارسات والقواعد» الاجتماعية ويصعب القضاء عليه، بحسب مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، الذي أجرى تحليلاً للأرقام التي استقاها التقرير من 107 دول.

ورغم الجهود المبذولة في كثير من الدول فإنه «لا تزال جرائم قتل النساء عند مستوى ينذر بالخطر»، وفق التقرير. لكنّ بياناً صحافياً نقل عن المديرة التنفيذية لهيئة الأمم المتحدة للمرأة، شدّد على أن هذا الواقع «ليس قدراً محتوماً»، وأن على الدول تعزيز ترسانتها التشريعية، وتحسين عملية جمع البيانات.