ما فرص «الجبهات المتصارعة» لتولي قيادة «إخوان مصر»؟

خلافات «مجموعة لندن» جددت طموحات «جبهة تركيا» و«تيار التغيير»

«تيار التغيير» خلال مؤتمره الأول في إسطنبول الشهر الماضي (الشرق الأوسط)
«تيار التغيير» خلال مؤتمره الأول في إسطنبول الشهر الماضي (الشرق الأوسط)
TT

ما فرص «الجبهات المتصارعة» لتولي قيادة «إخوان مصر»؟

«تيار التغيير» خلال مؤتمره الأول في إسطنبول الشهر الماضي (الشرق الأوسط)
«تيار التغيير» خلال مؤتمره الأول في إسطنبول الشهر الماضي (الشرق الأوسط)

ما فرص «الجبهات الثلاث المتصارعة» لتولي قيادة تنظيم «الإخوان» الذي تصنفه السلطات المصرية «إرهابياً»؟ تساؤل يشغل بعض خبراء الحركات الأصولية خاصة بعد رحيل إبراهيم منير، القائم بأعمال مرشد «الإخوان». فالمشهد داخل «الإخوان» الآن يرسم طموحات جديدة لـ«جبهة تركيا أو إسطنبول»، و«تيار التغيير أو الكماليين» خاصة بعدما تردد «وجود خلافات داخل (جبهة لندن) على من يخلف منير في المنصب».
صراع «الإخوان» قد تعمق خلال الأشهر الماضية، خاصة بين جبهتي «لندن» و«إسطنبول» بعد قيام إبراهيم منير بحل المكتب الإداري لشؤون التنظيم في تركيا، وشكل «هيئة عليا» بديلة عن مكتب «إرشاد الإخوان»، كما صعد بتشكيل «مجلس شورى لندن» وإقالة أعضاء «مجلس شورى إسطنبول» من مناصبهم.
وتولى محيي الدين الزايط، مهام القائم بأعمال مرشد «الإخوان» بشكل «مؤقت»، بعد رحيل إبراهيم منير عن عمر ناهز الـ85 عاماً. وقالت الجبهة في وقت سابق إنها «مستمرة في اجتماعاتها لترتيب الأوضاع، وسوف تبقى منعقدة لحين الإعلان عن القائم بأعمال المرشد الجديد».
الباحث المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي بمصر، منير أديب، شرح أوجه التنافس بين «الجبهات المتصارعة» على منصب القائم بأعمال المرشد، مرجحاً أن «يستمر الزايط في قيادة (جبهة لندن) بشكل رسمي، رغم أنه يواجه منافسة قوية مع محمد البحيري؛ لكن البحيري قد تعوقه حالته الصحية، فضلاً عن أن حلمي الجزار فرصته ضعيفة في المنافسة».
وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «هناك (خلافات) داخل (جبهة لندن)؛ لكن ليست بالصورة الكبيرة، وقد يكون الأمر محسوماً لصالح الزايط، وفي حال تقلده المنصب بشكل رسمي قد يختار البحيري نائباً له، لكن لن يختار الجزار».
أما «جبهة إسطنبول» فأكد أديب أنها «تحاول الاستفادة من الوضع (المتصاعد) داخل (مجموعة لندن)، حيث إن هناك (مخالفة لائحية) في اختيار الزايط كقائم بأعمال مرشد (الإخوان)، والشروط التي انطبقت في السابق على إبراهيم منير لا تنطبق الآن على الزايط، لذا فـ(مجموعة إسطنبول) تحاول استغلال هذه (الثغرة)».
ولفت إلى أنه «رغم تشكيل مجموعة محمود حسين في السابق (لجنة للقيام بأعمال المرشد) بقيادة مصطفى طُلبة، فإن المؤشرات ترجح استغلال محمود حسين الفرصة لإعلان نفسه قائماً بأعمال المرشد بشكل صريح، لأن حسين يرى أنه العضو الوحيد لـ(مكتب الإرشاد) خارج السجون، واللائحة التنظيمية تمنحه الحق في أن يتولى منصب القائم بالأعمال، كما يستند حسين أيضاً إلى أنه في حال غياب أو وفاة المرشد، وعدم تمكن نائبه من إدارة شؤون التنظيم، يتولى الأكبر سناً وهو ما ينطبق عليه أيضاً».
وفي وقت سابق قام «مجلس شورى إسطنبول» بتشكيل «لجنة» باسم «اللجنة القائمة بأعمال المرشد»، لتقوم بمهام مرشد «الإخوان» بقيادة طُلبة، وتم عزل إبراهيم منير حينها من منصبه، إلا أن «جبهة لندن» ردت بعزل طُلبة، معلنة في بيان لها «عدم اعترافها بقرارات (جبهة إسطنبول) أو ما يسمى (مجلس الشورى العام)»، مؤكدة أن «(شرعية التنظيم) يمثلها منير فقط».
ويقبع معظم قيادات «الإخوان» داخل السجون المصرية في اتهامات بالتورط في «أعمال عنف وقتل» اندلعت عقب عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي عن الحكم في 3 يوليو (تموز) عام 2013 عقب احتجاجات شعبية، وصدرت بحق مرشد التنظيم محمد بديع، وقيادات «الإخوان» أحكام بـالإعدام والسجن المؤبد والمشدد.
حول موقف «جبهة لندن» حين يُعلن محمود حسين توليه منصب القائم بأعمال المرشد، قال أديب إن «(مجموعة لندن) سوف تختار أيضاً قائماً بأعمال المرشد، وحينها سوف يصبح لدينا اثنان كقائمين بالأعمال».
وبحسب أديب فإن «(تيار التغيير) يُركز الآن في الدعوة إلى العنف، فهو غير مُنشغل بمن سيشغل منصب القائم بأعمال المرشد، لكن وارد في مرحلة متقدمة من (التشظي التنظيمي للإخوان) أن يعلن (تيار التغيير) اختيار نائب لمرشد (الإخوان)، وهذا الطرح فقط عندما يزيد عدد أعضائه، ويحقق المزيد من المساحات داخل التنظيم».
وأكد «تيار التغيير» في وثيقته التي أطلقها نهاية الشهر الماضي «تمسكه بالعمل السياسي عكس (جبهة لندن)». وقال التيار خلال مؤتمره الأول في إسطنبول، إن «السياسة هي إحدى أدواته، وسوف يعمل على السماح لأعضاء التنظيم بالانخراط في العمل السياسي من خلال الانتشار في الأحزاب».
ووفق مراقبين فإن «(تيار التغيير) واصل خلال الفترة الماضية دعوته عبر قناته (الحرية 11 - 11) للتظاهر في مصر».
عودة إلى الباحث المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي بمصر الذي أكد على أنه «سوف تظل هناك 3 جبهات تتصارع على قيادة التنظيم، لكل جبهة لوائحها وقوانينها ونظام العمل داخلها، ليظل تنظيم (الإخوان) بثلاث رؤوس».


مقالات ذات صلة

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

شمال افريقيا هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

حفلت الجلسة الافتتاحية لـ«الحوار الوطني»، الذي دعا إليه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قبل أكثر من عام، برسائل سياسية حملتها كلمات المتحدثين، ومشاركات أحزاب سياسية وشخصيات معارضة كانت قد توارت عن المشهد السياسي المصري طيلة السنوات الماضية. وأكد مشاركون في «الحوار الوطني» ومراقبون تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أهمية انطلاق جلسات الحوار، في ظل «قلق مجتمعي حول مستقبل الاقتصاد، وبخاصة مع ارتفاع معدلات التضخم وتسببه في أعباء معيشية متصاعدة»، مؤكدين أن توضيح الحقائق بشفافية كاملة، وتعزيز التواصل بين مؤسسات الدولة والمواطنين «يمثل ضرورة لاحتواء قلق الرأي العام، ودفعه لتقبل الإجراءات الحكومية لمعالجة الأز

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

عقد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، اجتماعاً، أمس (الخميس)، مع كبار قادة القوات المسلحة في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية الجديدة، لمتابعة دور الجيش في حماية الحدود، وبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي للبلاد. وقال المستشار أحمد فهمي، المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، في إفادة رسمية، إن «الاجتماع تطرق إلى تطورات الأوضاع على الساحتين الإقليمية والدولية، وانعكاساتها على الأمن القومي في ظل الظروف والتحديات الحالية بالمنطقة». وقُبيل الاجتماع تفقد الرئيس المصري الأكاديمية العسكرية المصرية، وعدداً من المنشآت في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية. وأوضح المتحدث ب

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

قالت مصر إن «استمرار ظاهرة (المقاتلين الأجانب) يهدد أمن واستقرار الدول». وأكدت أن «نشاط التنظيمات (الإرهابية) في أفريقيا أدى لتهديد السلم المجتمعي».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

جدد حادث تصادم في مصر الحديث بشأن مخاطر «السرعة الزائدة» التي تتسبب في وقوع حوادث سير، لا سيما على الطرق السريعة في البلاد. وأعلنت وزارة الصحة المصرية، (الخميس)، مصرع 17 شخصاً وإصابة 29 آخرين، جراء حادث سير على طريق الخارجة - أسيوط (جنوب القاهرة).

منى أبو النصر (القاهرة)
شمال افريقيا مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

بعد 3 أيام عصيبة أمضتها المسنة السودانية زينب عمر، في معبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على


اختيار المعارضة المالية قائداً جديداً يصبّ الزيت على نار الخلاف الجزائري - المالي

الرئيس الجزائري مستقبلاً الشيخ المالي المعارض محمود ديكو في 19 ديسمبر 2023 (الرئاسة الجزائرية)
الرئيس الجزائري مستقبلاً الشيخ المالي المعارض محمود ديكو في 19 ديسمبر 2023 (الرئاسة الجزائرية)
TT

اختيار المعارضة المالية قائداً جديداً يصبّ الزيت على نار الخلاف الجزائري - المالي

الرئيس الجزائري مستقبلاً الشيخ المالي المعارض محمود ديكو في 19 ديسمبر 2023 (الرئاسة الجزائرية)
الرئيس الجزائري مستقبلاً الشيخ المالي المعارض محمود ديكو في 19 ديسمبر 2023 (الرئاسة الجزائرية)

بينما تشهد الأزمة بين الجزائر وجارتها الجنوبية مالي تصاعداً مستمراً منذ بداية 2024، يرجّح مراقبون أن تتفاقم الأحداث بعد اختيار المعارضة المالية، رجل الدين محمود ديكو اللاجئ في الجزائر، على رأس تحالف أطلق حملة لإطاحة الرئيس الانتقالي العقيد عاصيمي غويتا.

أطلقت تنظيمات «أزواد» الطرقية المالية، أمس الجمعة، تحالفاً سُمّي «ائتلاف القوى من أجل الجمهورية» بقيادة الشيخ محمود ديكو، الرئيس السابق لـ«المجلس الإسلامي الأعلى» في مالي، ودعت في بيان الماليِّين إلى «المقاومة والعصيان».

الشيخ محمود ديكو (موقع مالي ويب)

وكتب أعضاء «الائتلاف» في بيان: «تمرّ مالي اليوم بإحدى أخطر الأزمات في تاريخها المعاصر. دولتنا ضعيفة، وشعبنا يتألم، ومؤسّساتنا منحرفة، وسيادتنا مُهانة من طرف أشخاص يجمعون بين النهب الاقتصادي، والعسكرة القائمة على الفساد واستغلال الخوف».

ويرى محرّرو البيان أنه «في ظلّ الانهيار الأمني، وانهيار السلطة العامة، ومجازر المدنيين والعسكريين، والرقابة الشاملة، والاعتقالات التعسفية، وإغلاق الحياة السياسية بالكامل، لم تعد المقاومة خياراً أخلاقياً فحسب، بل أصبحت واجباً وطنياً»، وفق ما نشرته مواقع إخبارية مالية، اليوم (السبت).

ويصف هذا الائتلاف نفسه بأنه «حركة مقاومة جمهورية، سلمية وشاملة، أنشأتها القوى الحية في مالي، تهدف إلى جعل العودة إلى النظام الدستوري ممكنة، وحماية السكان، واستعادة الحريات، والتحضير لحوار وطني شامل مع جميع الفاعلين الماليين، بما في ذلك الجماعات المسلحة الوطنية، وفقاً لمخرجات كل الندوات ومؤتمرات السلام منذ 2017».

عنصر «مزعج» في المنطقة

يؤكد أصحاب البيان أنهم «يقاومون لأن مالي تختفي أمام أعيننا... لأن الدولة تقتل جنودها؛ بسبب عدم الكفاءة أو الإهمال أو الكذب، لأن مئات المدنيين يُقتلون في صمت مفروض بالخوف». ويتهمون السلطة العسكرية بأنها «حوّلت السيادة إلى مجرد شعار، وعرّضت أمن بلادنا للمرتزقة»، في إشارة إلى وجود «الفيلق الأفريقي» الروسي في البلاد، الذي يوفر الدعم اللوجيستي لنظام الحكم ضد المعارضة، التي تتحصن بمواقعها في الشمال الحدودي مع الجزائر.

الشيخ محمود ديكو مع عميد جامع الجزائر الشيخ مأمون القاسيمي (الجامع)

ودعا البيان أفراد الجيش إلى «العصيان الأخلاقي عندما يُؤمَرون بالموت في عمليات عبثية بلا وسائل، ولا استراتيجية، ولخدمة طموحات شخصية»، وإلى «وقف مجازر المدنيين والعسكريين عبر فتح حوار وطني مع الفاعلين المسلحين الماليين».

كما دعا القضاة إلى «المقاومة القضائية»، والعمال إلى «العصيان المدني المنظم، السلمي، والمنهجي»، وأيضاً أفراد الجالية في الخارج إلى «التعبئة الدبلوماسية والمالية واللوجيستية». وبحسب البيان نفسه: «لن يُنقذ مالي لا السلاح الأجنبي ولا أكاذيب الدولة ولا الخوف. سينقذها شعبها. ندعو كل مالية وكل مالي إلى الانضمام إلى (ائتلاف القوى من أجل الجمهورية)، ورفض الاستسلام للقدر».

ومن بين أبرز قياديي «الائتلاف»، إتيان فاكابا سيسوكو، وهو أستاذ جامعي يعيش في المنفى وكان مسجوناً في مالي. أما الشيخ محمود ديكو رئيس تكتل المعارضة الجديد، فقد غادر مالي إلى الجزائر نهاية 2021 «بحثاً عن الأمن والعلاج»، بحسب ما أعلن عنه يومها، ومنذ ذلك الحين لم يعد إلى بلاده.

الرئيس الجزائري مستقبلاً وزير خارجية مالي في 16 يناير 2023 (الرئاسة الجزائرية)

لكن تبيَّن لاحقاً أنه قرَّر البقاء في الجزائر «خوفاً من الاعتقال، أو ربما القتل لو عاد إلى مالي»، وفق ما أكده مقربون منه في الجزائر لـ«الشرق الأوسط». وبكلام آخر، تُعدّ الجزائر «أفضل مكان له في الوقت الحالي»، بحسب ما نقل هؤلاء المقربون، الذين أشاروا إلى أن السلطة في مالي «تخشى تأثيره وقدرته على حشد السخط، ما يجعله قوة احتجاجية قد تهدد سلطة المرحلة الانتقالية، وربما تقوضها».

ضغط «جماعة النصرة»

حسب مراقبين لتطورات الأزمة بين الجزائر وباماكو، قد تحمل قيادة ديكو مسعى التغيير في البلاد، الذي تم إطلاقه الجمعة، مزيداً من التوترات، وفي أفضل الحالات يبعد انفراجة محتملة بين البلدين، خصوصاً أن وجوده في الجزائر يعني أن اجتماعات مرتقبة لـ«الائتلاف» المعارض ستكون على أرضها، وهو ما سيُعدّ بحسب مراقبين عملاً موجهاً بشكل مباشر ضد العقيد غويتا وقياديي المجلس الانتقالي العسكري، الذي يواجه منذ أكثر من شهر، ضربات متتالية من طرف «جماعة نصرة الإسلام والمسلمين»، المُصنَّفة «جماعةً إرهابيةً»، بقيادة الطرقي إياد آغ غالي.

اجتماع لوزير خارجية الجزائر السابق مع ممثلي المعارضة المالية في سبتمبر 2022 (الخارجية الجزائرية)

وتفيد مصادر جزائرية بأن الإمام ديكو لا يخضع لأي مذكرة توقيف أو حكم قضائي، في حين تشير بعض التسريبات إلى أن «ذنبه» الوحيد ربما كان إقامته الطويلة في الجزائر، حيث يُشاع أنه التقى خلالها أشخاصاً على خلاف مع السلطة في مالي، بمَن فيهم المتمردون الذين تصفهم بـ«الإرهابيين»، وحتى بعض المسؤولين الجزائريين.

أخذت العلاقات بين الجزائر ومالي ضربةً قويةً مطلع 2024، عندما أعلن العقيد غويتا انسحابه من «اتفاق السلم والمصالحة»، الذي وقَّعته السلطة مع المعارضة في الجزائر 2015. وانبثقت من الاتفاق «لجنة دولية لمتابعة تنفيذه» ترأَّستها الجزائر، لكنها لم تحقق أي تقدم؛ نتيجة انعدام الثقة بين طرفَي الصراع.

الحاكم العسكري في مالي مستقبلاً وفداً دبلوماسياً وأمنياً جزائرياً في أبريل 2023 (الخارجية الجزائرية)

وبرَّر غويتا انسحابه من الاتفاق بـ«تدخل الجزائر في شؤون مالي الداخلية»، مشدداً على أنها «توفر الرعاية للإرهابيين». وعلى أثر ذلك عدّت الجزائر أن مبررات الانسحاب «غير صحيحة، ولا تمتّ للحقيقة بصلة»، محذِّرة من أن هذا القرار «قد يُهدِّد وحدة مالي واستقرار المنطقة برمتها، ويحمل بذور حرب أهلية».

بعد ذلك دخلت العلاقات في حالة احتقان شديد، فجَّرتها حادثة تحطيم سلاح الجو الجزائري طائرةً مسيّرةً مالية على الحدود، ليلة 31 مارس (آذار) إلى 1 أبريل (نيسان) 2025. وأكدت الجزائر أن الطائرة اخترقت مجالها الجوي لمسافة كيلومترين في «مناورة عدائية»، وبرَّرت تحطيمها بـ«تكرار انتهاكات حدودها من طرف الطائرة، التي كانت في منحى عدائي».

بقايا الطائرة المسيّرة المالية بعد تحطيمها من طرف سلاح الجو الجزائري (المعارضة المالية المسلحة)

في المقابل، نفت مالي أن تكون الطائرة قد اخترقت الحدود، وزعمت أنها تحطَّمت في الأراضي المالية؛ بسبب «عطل تقني»، وعدّت إسقاطها «عملاً عدائياً». وانضمت النيجر وبوركينا فاسو إلى باماكو في إدانة الحادث، في إطار «تحالف دول الساحل» الذي يجمع الدول الثلاث، مما زاد من حدة التوتر.


هل تُضخِّم «الوحدة» الليبية أرقام «المهاجرين» سعياً للتمويل الأوروبي؟

الطرابلسي يستعرض في المؤتمر الصحافي نتائج «البرنامج الوطني» لترحيل المهاجرين غير النظاميين (أ.ف.ب)
الطرابلسي يستعرض في المؤتمر الصحافي نتائج «البرنامج الوطني» لترحيل المهاجرين غير النظاميين (أ.ف.ب)
TT

هل تُضخِّم «الوحدة» الليبية أرقام «المهاجرين» سعياً للتمويل الأوروبي؟

الطرابلسي يستعرض في المؤتمر الصحافي نتائج «البرنامج الوطني» لترحيل المهاجرين غير النظاميين (أ.ف.ب)
الطرابلسي يستعرض في المؤتمر الصحافي نتائج «البرنامج الوطني» لترحيل المهاجرين غير النظاميين (أ.ف.ب)

أعاد وزير الداخلية المكلف بحكومة «الوحدة الوطنية» الليبية المؤقتة، عماد الطرابلسي، الحديث عن أزمات ملف المهاجرين غير النظاميين في بلاده، بعدما قدّر عددهم بثلاثة ملايين، مما أثار مخاوف تتعلق بالوضع الأمني والاقتصادي.

مهاجرون سريون جرى توقيفهم في طرابلس بعد حملة تفتيش أمنية (متداولة)

وكان الطرابلسي قد حمَّل المهاجرين الموجودين في ليبيا مسؤولية «ارتفاع معدلات الجريمة». كما حذَّر من «منافستهم الليبيين في سوق العمل، وإضرارهم بالاقتصاد الوطني من خلال تحويل أموال بالعملة الأجنبية لبلادهم بقيمة تتجاوز 600 مليون دولار شهرياً». (الدولار يساوي 5.44 دينار).

إلقاء اللوم على المهاجرين

رغم اتفاق كثير من الليبيين على أن الملف يمثل تحدياً كبيراً لليبيا، ويتجاوز قدراتها، خاصة في ظل الانقسام السياسي والمؤسسي، رأى سياسيون وحقوقيون أن تصريحات الطرابلسي اتسمت بـ«المبالغة»، واقتربت من تحميل المهاجرين مسؤولية أزمات صنعتها الحكومات، التي تعاقبت على إدارة البلاد، بما فيها حكومته.

ووصف عضو المجلس الأعلى للدولة، أحمد بوبريق، تصريحات الطرابلسي بأنها «بهرجة إعلامية»، وقال إنها «تفتقر إلى الإحصائيات وغياب أي تصور للمعالجة»، معتبراً أن «تكرار الحديث عن تعداد المهاجرين يعزز الشكوك حول أن الهدف هو البحث عن تمويل خارجي».

مهاجرون تم توقيفهم على الحدود الليبية (متداولة)

وأكد بوبريق لـ«الشرق الأوسط» أن «معظم المهاجرين يعتبرون ليبيا نقطة عبور إلى أوروبا، لكن فشل محاولاتهم يدفع بعضهم للاستقرار والعمل داخل البلاد». ورأى أن هذا الوضع يفرض على السلطات «تعزيز تأمين الحدود والسواحل، والبدء بحصر شامل للمهاجرين، عبر تسجيل منظم وتحديد جنسياتهم، تمهيداً لترحيلهم، بالتنسيق مع دولهم الأصلية والدول الغربية، التي استفادت تاريخياً من القارة السمراء». ونوه «بإمكانية الاستفادة من خبرات بعض المهاجرين التي تفتقدها السوق الليبية، بعد التأكد من أوضاعهم الأمنية والصحية».

وخلال مؤتمر صحافي حضره بعض سفراء الاتحاد الأوروبي، استعرض الطرابلسي نتائج برنامج وزارته لترحيل المهاجرين لبلادهم، داعياً الأوروبيين لدعمه «إذا أرادوا حماية سواحلهم»، ومؤكداً رفضه «إعادة المهاجرين من البحر إلى ليبيا في ظل رفض شعبي للتوطين».

وانتقد بوبريق «تحميل المهاجرين كامل المسؤولية عن الأزمات، سواء ارتفاع الجريمة أو نقص السيولة»، معتبراً ذلك «هروباً من المسؤولية، وتشويشاً على غياب معالجة علمية». وشدد على أن «جذور هذه الأزمات تعود لازدواج السلطة، وما نتج عنه من ضعف الرقابة وازدهار جرائم التهريب» متسائلاً عمّا إذا كانت داخلية «الوحدة» تملك إحصائيات تثبت تورط المهاجرين في الجرائم، وسبب عدم إعلانها.

وتشهد ليبيا ازدواجية في السلطة بين حكومة «الوحدة» برئاسة عبد الحميد الدبيبة، التي تتخذ من العاصمة في غرب البلاد مقراً لها، وحكومة أسامة حماد المكلفة من البرلمان وتحظى بدعم قائد «الجيش الوطني» المشير خليفة حفتر، وتدير المنطقة الشرقية وبعض مدن الجنوب.

إحصائيات مشكوك في صحتها

شكك رئيس مركز بنغازي لدراسات الهجرة واللجوء، طارق لملوم، في «دقة أرقام الطرابلسي»، خصوصاً أن الوزير أقر بعدم امتلاك إحصائيات رسمية لعدد المهاجرين.

واعتبر لملوم في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «تقديرات الوزير حول التحويلات المالية غير دقيقة»، وقال إنه «جمع العناصر الأجنبية كافة من مهاجرين وعمالة وافدة، ولاجئين من الصراعات في بلدانهم في حزمة واحدة».

وأضاف موضحاً: «لقد افترض الطرابلسي أن الجميع يعملون في السوق الليبية، مقدراً متوسط تحويل كل فرد 200 دولار، مما يجعل الحصيلة نحو 600 مليون دولار شهرياً، أي 7 مليارات سنوياً».

قارب مهاجرين سريين جرى اعتراضه من قبل خفر السواحل الليبية (الوحدة)

وأشار لملوم إلى أن «الطرابلسي تعمّد ربط ملف المهاجرين بأزمة نقص السيولة، وارتفاع سعر صرف العملة الأجنبية، في ظل وطأتهم على الأسر الليبية»، واتهمه بـ«السعي للسيطرة على ملف الهجرة عبر برنامج الترحيل، لتحقيق مكاسب من ورائه، من خلال عقود إعاشة المهاجرين ونقلهم بالطائرات». كما توقع عدم استجابة الأوروبيين لمطالب الطرابلسي بدعمه، نظراً لوجود برنامج العودة الطوعية منذ سنوات بدعم المنظمة الدولية للهجرة، موضحاً في هذا السياق أن سيطرة حكومة «الوحدة» تقتصر على الغرب الليبي فقط، فضلاً عن عدم إعلان الوزير عن أعداد من تم ترحيلهم وفق برنامج وزارته.

تعزيز الحدود

قدَّرت المنظمة الدولية للهجرة بداية العام الحالي أعداد المهاجرين في ليبيا بـ«867 ألفاً من 44 جنسية».

ورغم تزايد أعداد المهاجرين، فإن الناشط المدني محمد عبيد رأى أن الحل يكمن في «تعزيز تأمين الحدود وتنظيم وجودهم، لا في إثارة فزع المواطنين بالأرقام». واعتبر في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «تنظيم سوق العمل ودمج العمالة الوافدة قانونياً يحد من الوجود غير المشروع».

وشهدت ليبيا حملات احتجاجية ومظاهرات ضد ارتفاع أعداد المهاجرين، مع التحذير من المخاطر الصحية لتجمعاتهم العشوائية، وملاحظة البعض لانتشار السلاح بين صفوفهم.

قوات الأمن الليبي خلال اعتقال مهربين للبشر جنوب ليبيا (مديرية الأمن)

من جانبه، يعتقد الباحث في الشؤون الأفريقية، موسى تيهوساي أن «أعداد المهاجرين تفوق ما أعلنه الطرابلسي، نظراً لدخول أعداد كبيرة يومياً من الحدود الجنوبية الوعرة، إضافة إلى من تتم إعادتهم من البحر تحت ضغط أوروبي». ويرى في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «شبكات التهريب تنسج علاقات مع متنفذين في الأجهزة الأمنية شرق ليبيا وغربها»، مقللاً من جدوى «العودة الطوعية» للمهاجرين، معتبراً أنها لا تتجاوز 1 في المائة من العدد الإجمالي للمهاجرين.

ورهن معالجة الملف «بتوحيد السلطة التنفيذية والمؤسسات الأمنية والعسكرية»، مؤكداً أنه «لا يمكن وضع استراتيجية موحدة في ظل وجود حكومتين متنازعتين». واعتبر أن «بعض الأطراف توظف الهجرة وتدفقاتها لتحقيق مكاسب سياسية واقتصادية».


وزير الخارجية المصري يدعو إلى نشر قوة استقرار دولية في غزة «بأسرع وقت»

وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي (د.ب.أ)
وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي (د.ب.أ)
TT

وزير الخارجية المصري يدعو إلى نشر قوة استقرار دولية في غزة «بأسرع وقت»

وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي (د.ب.أ)
وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي (د.ب.أ)

دعا وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي اليوم (السبت) إلى الإسراع في نشر قوة استقرار دولية نصت عليها المرحلة الثانية من اتفاق السلام في قطاع غزة، لمراقبة وقف إطلاق النار.

وقال عبد العاطي خلال منتدى الدوحة: «فيما يتعلق بقوة الاستقرار الدولية، فإننا بحاجة إلى نشر هذه القوة بأسرع وقت ممكن على الأرض؛ لأن أحد الأطراف -وهو إسرائيل- ينتهك وقف إطلاق النار يومياً... لذا نحن بحاجة إلى مراقبين».

وأضاف أن معبر رفح البري بين مصر وغزة «لن يكون بوابة للتهجير؛ بل لإمداد غزة بالمساعدات الإنسانية والطبية فقط».

وحسب مشروع قرار بمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة واقترحته واشنطن، ستستخدم القوة الدولية «جميع التدابير اللازمة» لنزع سلاح غزة، وحماية المدنيين، وإيصال المساعدات، وتأمين حدود القطاع، ودعم قوة شرطة فلسطينية مدربة.