اختتم الحزب الشيوعي الصيني، أمس، مؤتمره الـ20 بالتأكيد على «الموقع المحوري» للرئيس شي جينبينغ، تمهيداً لفوزه رسمياً بولاية ثالثة. كما كشف الحزب عن التشكيلة الجديدة للجنة المركزية، وأدرج «معارضة» استقلال تايوان في ميثاقه للمرة الأولى.
ونص قرار تم تبنّيه بإجماع المندوبين قبيل اختتام المؤتمر في بكين، وتضمّن تعديلات لميثاق الحزب، على «الموقع المحوري للرفيق شي جينبينغ داخل اللجنة المركزية للحزب، والحزب بمجمله». وجاء ذلك عشية فوز شي المتوقّع بولاية ثالثة على رأس الحزب، اليوم (الأحد)، وتجديد ولايته رئيساً للصين بعد انعقاد أول اجتماع للجنة المركزية الجديدة في مارس (آذار) المقبل. ودعا شي المندوبين في ختام المراسم التي جرت في قصر الشعب إلى التحلي بـ«جرأة النضال من أجل النصر»، قائلاً: «اعملوا بجدّ، وكونوا عازمين على المضي قدماً»، كما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية.
- اللجنة المركزية
وأُعلنت، في ختام المؤتمر الذي يعقده الحزب كل خمس سنوات، التشكيلة الجديدة للجنة المركزية التي هي بمثابة «برلمان» داخلي للحزب. ولا تتضمن قائمة الأعضاء التي نشرتها «وكالة أنباء الصين الجديدة» أربعةً من كبار وجوه الحزب الشيوعي، بينهم رئيس الوزراء الحالي لي كه تشيانغ الذي سيغادر مهامه في مارس المقبل. كذلك، سيغيب عن اللجنة المركزية المسؤول الثالث الصيني لي زانشو، ونائب رئيس الوزراء هان تشينغ، ورئيس المؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني وانغ يانغ، وهي جمعية لا تملك سلطة القرار. وكان وانغ يانغ الذي يعتبر من الأصوات الأكثر ليبرالية في الحزب، أحد الأسماء المرجحة لتولي رئاسة الحكومة المقبلة.
وتمّ تعديل أعضاء اللجنة المركزية الجديدة بنسبة 65 في المائة عن التشكيلة السابقة التي تعود إلى عام 2017، وفق وكالة الصحافة الفرنسية. وتعقد اللجنة الجديدة المؤلفة من 205 أعضاء، بينهم 11 امرأة فقط، أول اجتماع لها اليوم (الأحد)، تقوم خلاله بتعيين الأعضاء الـ25 في المكتب السياسي الجديد، هيئة القرار في الحزب الشيوعي، وأعضاء لجنته الدائمة. وتمسك هذه الهيئة الواسعة النفوذ المؤلفة حالياً من سبعة أعضاء بزمام السلطة الفعلية في الصين.
واعتبر نيس غرونبرغ، من معهد «ميركاتور» للدراسات الصينية في برلين، أن اللجنة الدائمة الجديدة ستضم بعد التعديلات «غالبية من الشخصيات الوفية لشي جينبينغ». ولا يتوقع العديد من خبراء الشؤون الصينية أن يبرز أي خلف محتمل للرئيس. ومن شبه المؤكد أن يتم تجديد ولاية شي جينبينغ أميناً عاماً للحزب الشيوعي اليوم، ما سيسمح له بالحصول على ولاية رئاسية جديدة غير مسبوقة من خمس سنوات في مارس.
ورأى نيل توماس، المحلل في مكتب «أوراسيا غروب»، أن «هذه الولاية الثالثة ستضع حداً لثلاثة عقود من التناوب على السلطة» في الصين، كما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية. ومن أجل البقاء في السلطة، ألغى شي جينبينغ حد الولايتين الذي كان ينصّ عليه الدستور عام 2017، ما يمكّنه من البقاء على رأس البلد مدى الحياة نظرياً.
- حادثة هو جينتاو
ورغم التخطيط المحكم لمراسم المؤتمر، فإن إخراج الرئيس الصيني الأسبق هو جينتاو من قاعة المؤتمر، قد فاجأ الحاضرين، وفتح الباب أمام التكهنات.
وتم اقتياد هو جينتاو، الذي ظهر في وضع صحيّ ضعيف، خارج القاعة، رغم اعتراضه. وقام أحد الموظفين بحض هو، البالغ 79 عاماً والذي ترأس الصين بين 2003 و2014، على النهوض من مقعده المجاور لمقعد شي جينبينغ، وإخراجه من القاعة رغم إرادته. وأثارت هذه الحادثة النادرة استغراباً واسعاً. وبعد ساعات، أفادت وسائل إعلام رسمية بأن الرئيس الصيني السابق «لم يكن بخير» حين غادر حفل اختتام مؤتمر الحزب الشيوعي. وقالت «وكالة أنباء الصين الجديدة» عبر «تويتر»: «أصرّ هو جينتاو على حضور حفل الختام... رغم أنه احتاج إلى وقت ليتعافى أخيراً»، مضيفة: «حين شعر بأنه ليس بخير خلال الجلسة، رافقه فريقه إلى قاعة محاذية ليستريح. إنه في حال أفضل بكثير الآن».
وكان هو جينتاو قد لفت الأنظار في افتتاح المؤتمر، الأحد الماضي، بظهوره وقد بدت عليه علامات التقدم بالسن، فيما أصبح شعره أبيض بالكامل. وجرت الوقائع بُعيد دخول الصحافيين إلى قصر الشعب في بكين؛ لتغطية المراسم الختامية لمؤتمر الحزب الشيوعي الصيني، لكن قبل التصويت بالإجماع من قبل نحو 2300 مندوب من الحزب الشيوعي الصيني على إدراج دور شي المركزي في ميثاق الحزب.
ووصفت الصحافة الأميركية اقتياد الرئيس الصيني السابق من قاعة مؤتمر الحزب الشيوعي أمام الكاميرات، فضلاً عن تنحّي لي كه تشيانغ ووانغ يانغ بأنه أوضح تعبير عن الحقبة الجديدة التي دخلتها الصين تحت قيادة الزعيم الصيني شي جينبينغ. واعتبر مراقبون أميركيون خروج تلك الشخصيات القيادية البارزة تأكيداً على أن المزيد من المسؤولين المفضلين لدى شي سيرتقون إلى اللجنة الدائمة للمكتب السياسي، وهي أعلى هيئة لصنع القرار في الحزب. وكان لافتاً أن شي، ورغم دفعه بالقيادات الجديدة التي سيعلن عنها اليوم، لم يقدم أي تلميح للتحضير للتقاعد النهائي عن طريق تعيين خليفة محتمل.
- قضية تايوان
وعقد المؤتمر العشرون منذ إنشاء الحزب الشيوعي عام 1921، في ظل ظروف دقيقة بالنسبة للصين؛ إذ تواجه تباطؤاً في نموها الاقتصادي بسبب تدابير الإغلاق والحجر المتواصلة، وتوتراً دبلوماسياً مع الغرب في عدد من الملفات.
وفي سياقه، أجرى المندوبون الـ2300 تقريباً، الذين اختارتهم مختلف هيئات الحزب، اجتماعات مغلقة على مدى أسبوع بهدف تعديل الفريق القيادي للحزب والبلاد، ورسم التوجهات المقبلة لثاني قوة اقتصادية في العالم.
وصادق الحزب على الخطّة التي قدّمها شي في خطاب الافتتاح، حيث دعا إلى استمرار سياساته. ومن المتوقع بالتالي المضي في سياسة «تصفير كوفيد»، فضلاً عن التمسك بموقف البلاد المعارض لاستقلال تايوان. وقرر الحزب الشيوعي بهذا الصدد أن يدرج للمرة الأولى إشارة في ميثاقه تؤكد «معارضة» بكين لاستقلال الجزيرة البالغ عدد سكانها 23 مليون نسمة.