جرائم الخطف على الهُوية تُعيد الخوف إلى نفوس الليبيين

وسط إدانة حقوقية لـ«حملات التضييق»... ودعوات للإفراج عن الموقوفين

صلاح عبد السلام المدير التنفيذي السابق لمفوضية المجتمع المدني في المجلس الرئاسي الليبي (اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان)
صلاح عبد السلام المدير التنفيذي السابق لمفوضية المجتمع المدني في المجلس الرئاسي الليبي (اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان)
TT

جرائم الخطف على الهُوية تُعيد الخوف إلى نفوس الليبيين

صلاح عبد السلام المدير التنفيذي السابق لمفوضية المجتمع المدني في المجلس الرئاسي الليبي (اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان)
صلاح عبد السلام المدير التنفيذي السابق لمفوضية المجتمع المدني في المجلس الرئاسي الليبي (اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان)

تزايدت في ليبيا بشكل لافت عمليات الخطف على الهوية، بعدما خفّت حدتها قليلاً خلال الأشهر الماضية، في وقت تعلن فيه الأجهزة الأمنية في عموم البلاد من وقت إلى آخر عن ضبط عصابات وأفراد متورطين في جرائم خطف وابتزاز العمالة الوافدة.
ورصدت الجمعيات الحقوقية في ليبيا، ثلاثة حوادث خطف على خلفية سياسية وحقوقية، على مدار الشهر الجاري، آخرها اقتياد مجموعات مسلحة، بوسط العاصمة الليبية، صلاح عبد السلام، المدير التنفيذي السابق لمفوضية المجتمع المدني بالمجلس الرئاسي الليبي، مما أعاد أجواء الخوف لدى قطاع واسع من الليبيين.
وقالت مؤسسة اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بليبيا، إن هناك تقارير عن ضلوع مسلحين تابعين لإحدى الجهات الأمنية بخطف عبد السلام، مساء (الأربعاء)، بمنطقة رأس حسن في وسط مدينة طرابلس.
وأشارت اللجنة في بيان مساء أمس، إلى أن الخاطفين اقتادوا عبد السلام معهم، وقالت إن «المعلومات تفيد بفقدان الاتصال به، ولم يتم التعرف على هوية الجهة الأمنية التي خطفته، وحتى الآن لا يزال مصيره مجهولاً».
وبينما عبّرت اللجنة الوطنية عن «بالغ قلقها»، فإنها حمّلت الأجهزة الأمنية بمدينة طرابلس مسؤولية سلامة المدير التنفيذي السابق لمفوضية المجتمع المدني، مطالبة وزارة الداخلية بالتدخل للكشف عن مصيره وإطلاق سراحه «بشكل عاجل».
ونوّهت اللجنة إلى أن عملية خطف عبد السلام، جاءت بعد أحد عشر يوماً من إطلاق سراحه من قبل النيابة العامة بمكتب النائب العام، معبّرة عن «شديد استنكارها وإدانتها» حيال ما سمته بـ«حملات التضييق على حرية عمل مفوضية المجتمع المدني، ومؤسسات ومنظمات المجتمع المدني في ليبيا».
ودعت اللجنة، النائب العام المستشار الصديق الصور، بـ«فتح تحقيق شامل في ملابسات واقعة الخطف للكشف عن مصير عبد السلام وإخلاء سبيله دون قيد أو شرط».
وعرفت ليبيا الإخفاء القسري مبكراً فور اندلاع الثورة في 17 فبراير (شباط) عام 2011، وما أعقبها من انفلات أمني، لكن هذه الجرائم زادت حدتها على خلفيات سياسية، وتنامت هذه الظاهرة كثيراً بعد الانقسام السياسي الذي ضرب البلاد عام 2014 بهدف «تصفية الحسابات السياسية بين الخصوم».
في السياق ذاته، دعت منظمة «رصد الجرائم الليبية»، السلطة في البلاد، إلى إطلاق سراح المواطن محمد فرج السعيطي، الذي قالت إنه خُطف في مدينة بنغازي (شرق ليبيا) منذ السابع من فبراير 2021.
وأضافت المنظمة في بيانها مساء أمس، أن السعيطي (35 عاماً) مرّ على خطفه على يد مسلحين مجهولين أكثر من 620 يوماً، ولا تزال عائلته تجهل مصيره. وفيما لفتت إلى أنه «واحد من بين مئات المختطفين والمختفين قسرياً والمعتقلين تعسفياً في بنغازي»، جددت مطالبتها للسلطات في شرق ليبيا بكشف مصير السعيطي، وإخلاء سبيله.
وسبق لمنظمة «رصد الجرائم الليبية»، الإعلان عن خطف عمران فرج الفسي، مدير مكتب علاقات مجلس النواب الليبي، بمطار بنينا الدولي بشرق البلاد، في الخامس من الشهر الجاري.
وقالت المنظمة، في حينه، إن مسلحين يرتدون زياً عسكرياً كانوا يستقلون 7 سيارات مدنية مزدوجة ومعتمة ولا تحمل لوحات، خطفوا الفسي (35 عاماً)، من أمام الجامعة الدولية بمدينة بنغازي، مطالبة السلطات الأمنية والقيادة العامة للقوات المسلحة في بنغازي بالعمل على الكشف عن مصيره وإخلاء سبيله دون قيد أو شرط، كما «نحملهم مسؤولية سلامته».
وفي شأن مختلف، قالت الإدارة العامة للعمليات الأمنية في غرب ليبيا، إنها أحبطت عملية تهريب مهاجرين غير نظاميين عبر شواطئ مدينة القرة بوللي (غرب ليبيا)، مساء أمس.
وقالت الإدارة العامة، إن معلومات وردت إلى مكتب التحقيق والتحري التابع لها، بوجود عملية هجرة غير مشروعة على شواطئ القرة بوللي، فتم استنفار الدوريات ومراقبة الشاطئ ليلاً ونهاراً، مشيرة إلى أن دوريات إدارة المهام الخاصة بالإدارة العامة للعمليات الأمنية تمكنت من إحباط تهريب 94 مهاجراً ينتمون إلى دول أفريقية، بينهم 45 سيدة و9 أطفال.
ولفتت الإدارة العامة، إلى أنها بدأت في «ملاحقة المتورطين بهذه الأعمال الإجرامية التي ترتب عليها الكثير من الكوارث الإنسانية بهدف الثراء السريع»، منوهة إلى اتخاذ الإجراءات القانونية كافة، مع عرض القضية على النيابة العامة، كما «يتم إحالة المقبوض عليهم إلى جهاز الهجرة غير المشروعة لاتخاذ ما يلزم من إجراءات».


مقالات ذات صلة

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

شمال افريقيا المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

بحثت نجلاء المنقوش مع نظيرها وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها أمس إلى الجزائر، فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الأشخاص، بعد سنين طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والأمنية في ليبيا. وذكرت الخارجية الجزائرية في بيان أن الوزيرين بحثا قضايا جارية في الساحتين المغاربية والعربية، منها تطورات ملف الصحراء، والمساعي العربية والدولية لوقف الاقتتال وحقن الدماء في السودان. وأكد البيان أن عطاف تلقى من المنقوش «عرضا حول آخر مستجدات العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة، لإنهاء الأزمة في ليبيا».

شمال افريقيا وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

بحث وفدان عسكريان، أميركي وفرنسي، في ليبيا سبل إعادة بناء وتطوير المؤسسة العسكرية المُنقسمة، بين شرق البلاد وغربها، منذ إسقاط النظام السابق، في وقت زار فيه المشير خليفة حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني» روما، والتقى برئيسة الوزراء بالحكومة الإيطالية جورجا ميلوني، وعدد من وزراء حكومتها. وفي لقاءين منفصلين في طرابلس (غرباً) وبنغازي (شرقاً)، التقى الوفدان الأميركي والفرنسي قيادات عسكرية للتأكيد على ضرورة توحيد الجيش الليبي.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

بحثت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش مع نظيرها الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها اليوم الخميس إلى الجزائر، في فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الاشخاص، بعد سنوات طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والامنية في ليبيا.

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا «حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

«حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

لم يكن من قبيل الصدفة أن تقذف أمواج البحر المتوسط كميات متنوعة من المخدرات إلى السواحل الليبية، أو أن تتلقف شِباك الصيادين قرب الشاطئ «حزماً» من «الحشيش والكوكايين وحبوب الهلوسة»، فالبلاد تحوّلت -وفق تقرير أممي- إلى «معبر مهم» لهذه التجارة المجرّمة. وتعلن السلطات الأمنية في عموم ليبيا من وقت لآخر عن ضبط «كميات كبيرة» من المخدرات قبل دخولها البلاد عبر الموانئ البحري والبرية، أو القبض على مواطنين ووافدين وهو يروّجون هذه الأصناف التي يُنظر إليها على أنها تستهدف «عقول الشباب الليبي». غير أنه بات لافتاً من واقع عمليات الضبط التي تعلن عنها السلطات المحلية تزايُد تهريب المخدرات وتعاطيها، خصوصاً «حبوب

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا «النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

«النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

استهلّت اللجنة المُشتركة لممثلي مجلسي «النواب» و«الدولة» (6+6) المكلفة بإعداد قوانين الانتخابات الليبية، اجتماعاتها في العاصمة طرابلس بـ«الاتفاق على آلية عملها». وطبقاً لما أعلنه عبد الله بليحق، المتحدث الرسمي باسم مجلس النواب، فقد شهد الاجتماع ما وصفه بتقارب في وجهات النظر بين أعضاء اللجنة حول القوانين الانتخابية، مشيراً، في بيان مقتضب مساء أول من أمس، إلى أنه «تم أيضاً الاتفاق على التواصل مع الجهات والمؤسسات ذات العلاقة بالعملية الانتخابية».

خالد محمود (القاهرة)

حمدوك يحذر من إبادة جماعية على غرار ما شهدته رواندا

رئيس الوزراء السوداني السابق عبد الله حمدوك (غيتي)
رئيس الوزراء السوداني السابق عبد الله حمدوك (غيتي)
TT

حمدوك يحذر من إبادة جماعية على غرار ما شهدته رواندا

رئيس الوزراء السوداني السابق عبد الله حمدوك (غيتي)
رئيس الوزراء السوداني السابق عبد الله حمدوك (غيتي)

أطلق رئيس وزراء السودان السابق، عبد الله حمدوك، تحذيراً من انزلاق الوضع في السودان إلى ما هو أسوأ من الإبادة الجماعية التي شهدتها رواندا في تسعينات القرن الماضي، مرجعاً ذلك إلى تعدد الجيوش وأمراء الحرب، وتحشيد وتجنيد المدنيين، وتنامي خطاب الكراهية والاصطفاف العرقي والجهوي.

وأعرب حمدوك الذي يرأس تحالف «تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية» (تقدم)، عن تخوفه من أن يتمزق السودان إلى كيانات عديدة تصبح بؤراً جاذبة لجماعات التطرف والإرهاب.

وقالت «تنسيقية تقدم» في بيان، إن حمدوك شارك في الفترة من 3 إلى 6 نوفمبر (تشرين الثاني) في اجتماع مجلس «مؤسسة مو إبراهيم» التي تعنى بالحكم الرشيد في أفريقيا، وتسلط الضوء على نماذج لقيادات ناجحة، ومجلس «مؤسسة أفريقيا وأوروبا»، وهو منتدى مستقل يعنى بالتعاون بين الجانبين تأسس عام 2020. وحضر الاجتماع عدد من الرؤساء الأفارقة والأوروبيين السابقين، إلى جانب قيادة الاتحاد الأوروبي ومنظمات إقليمية ودولية.

تحذير من موجة نزوح الى أوروبا

وقال حمدوك إن الحرب تسببت في قتل أكثر من 150 ألف مواطن، وتشريد 12 مليوناً، نزوحاً ولجوءاً، وتدمير قطاعات الصحة والتعليم والبنية التحتية والقطاعات الإنتاجية. وأضاف: «إن الكارثة الإنسانية الكبرى ما يتعرض له المدنيون من أهوال ومخاطر في انتهاك صارخ للقانون الإنساني الدولي، في مقابل القصور البين من المجتمع الدولي والأمم المتحدة».

الدكتور عبد الله حمدوك خلال ندوة في لندن الأربعاء 30 أكتوبر (موقع «تقدم» على فيسبوك)

وحذر رئيس الوزراء السابق، من أن استمرار الأوضاع كما هي عليه الآن، سيفاجئ الجميع بأكبر أزمة لجوء لم يشهدها العالم من قبل، وعلى أوروبا الاستعداد من الآن لاستقبال الملايين الذين سيطرقون أبوابها عبر البحر الأبيض المتوسط.

وطالب حمدوك المجتمع الدولي باتخاذ تدابير وإجراءات عاجلة لحماية المدنيين، عبر تفعيل قرار الجمعية العمومية المعني بمبدأ مسؤولية الحماية.

وكرر دعوته إلى إنشاء مناطق آمنة، ونشر قوات حماية، والبدء في عملية إنسانية موسعة عبر دول الجوار وخطوط المواجهة كافة دون عوائق، ومحاسبة من يعوقون العون الإنساني المنقذ للحياة.

وطالب مجدداً بفرض حظر الطيران الحربي فوق كل السودان، من أجل حماية المدنيين العزل من القصف الجوي، بما في ذلك المسيّرات.

وقالت «تنسيقية تقدم» في البيان إن المشاركين في الاجتماعات أبدوا اهتماماً وتوافقوا على ضرورة التحرك العاجل لوقف الحرب في السودان.

وذكر البيان أن حمدوك التقى على هامش الاجتماعات بالممثل السامي للاتحاد الأوروبي للعلاقات الخارجية، جوزيف بوريل، ورئيس المجلس الأوروبي شارل ميشيل.

تجدد المعارك

ودارت اشتباكات عنيفة الجمعة بين الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» في منطقة الحلفايا شمال مدينة الخرطوم بحري، استخدما فيها المدفعية الثقيلة والمسيّرات، وهز دوي الانفجارات القوية ضواحي مدن العاصمة الخرطوم.

آثار الدمار في العاصمة السودانية جراء الحرب (د.ب.أ)

وقال سكان في بحري إنهم «شاهدوا تصاعد أعمدة الدخان في سماء المنطقة، مع سماع أصوات الأسلحة الثقيلة وتحليق مكثف لطيران الجيش».

وأفادت مصادر محلية بأن قوات الجيش نفذت فجر الجمعة هجوماً واسعاً على دفاعات «قوات الدعم السريع» في منطقة السامراب.

في المقابل، قالت «الدعم السريع» إنها شنت هجوماً مباغتاً على قوات الجيش المتمركزة في محور الحلفايا، ودمرت عدداً من السيارات القتالية.

وفي يونيو (حزيران) الماضي، تمكن الجيش السوداني من عبور جسر الحلفايا الذي يربط بين مدينتي أم درمان وبحري، والوصول إلى عمق المناطق التي كانت تسيطر عليها «الدعم السريع».

من جهة ثانية، قالت كتلة منظمات المجتمع المدني بدارفور إن الطيران الحربي للجيش السوداني قصف مدينة الكومة شمال غربي الإقليم بـ6 صواريخ استهدف مدرسة لإيواء النازحين، أسفر عن مقتل عدد من الأطفال وتدمير مصدر المياه، وعدد من المنازل السكنية.

واستنكر التجمع في بيان حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه تكرار القصف الجوي الذي يستهدف المدنيين، مطالباً المجتمع الدولي باتخاذ التدابير كافة لحظر الطيران الحربي.