مصر: تجدد الجدل حول الاختلاط في المدارس

تربويون وخبراء اجتماع يحذرون من «الفصل بين الجنسين»

فتيات يدرسن في إحدى المدارس الحكومية المخصصة للبنات (وزارة التربية والتعليم)
فتيات يدرسن في إحدى المدارس الحكومية المخصصة للبنات (وزارة التربية والتعليم)
TT

مصر: تجدد الجدل حول الاختلاط في المدارس

فتيات يدرسن في إحدى المدارس الحكومية المخصصة للبنات (وزارة التربية والتعليم)
فتيات يدرسن في إحدى المدارس الحكومية المخصصة للبنات (وزارة التربية والتعليم)

عاد الجدل في مصر حول «الاختلاط» بين البنين والبنات في مراحل التعليم (المدارس المشتركة)، وتأثير ذلك على الحياة الاجتماعية، بعدما ربط خبراء الفصل بين الجنسين في المراحل الدراسية المختلفة، وبين جرائم العنف ضد الفتيات، التي شهدتها مصر مؤخراً.
وخلال الأشهر الثلاثة الماضية، شهدت مصر مقتل ثلاث فتيات جامعيات، على أيدي شبان، بسبب رفضهن الزواج منهم، في قضايا هزت الرأي العام.
وفتحت تصريحات المحامية الحقوقية نهاد أبو القمصان، رئيسة المركز المصري لحقوق المرأة، نقاشات حول فكرة «الاختلاط» بين الجنسين في المدارس. وقالت في لقاء تلفزيوني إنها «ضد فصل الأولاد عن البنات في مراحل التعليم الإعدادي والثانوي»، مشيرة إلى «تأثير هذا الفصل على مرحلة الجامعة مع عودة الاختلاط». وتابعت: «اشتراك الطلاب أولاد وبنات في مجالات دراسية منذ مراحل مبكرة في الإعدادية والثانوية يسحب من عقولهم فكرة الذكر والأنثى، ويجعل تركيزهم على التعليم فقط».
وتتبنى مصر نظاماً تعليمياً يشكل خليطاً بين فكرتي «الاختلاط» و«الفصل» بين الطلاب، إذ توجد مدراس مشتركة في مرحلتي التعليم الأساسي «الابتدائي والإعدادي» تجمع التلاميذ من الجنسين، في مقابل مدراس أخرى تكون خاصة بكل نوع وتعتمد فكرة الفصل، غير أن معظم مدارس التعليم الثانوي تطبق نظام الفصل بين الجنسين.
ويرى خبراء علوم التربية أن النقاشات حول فكرتي «الاختلاط» أو «الفصل» بين التلاميذ من الجنسين في مراحل التعليم الأساسي تتجدد من وقت لآخر لأسباب اجتماعية ليس لها علاقة بالعملية التعليمية.
وترى الدكتورة بثينة عبد الرؤوف، الخبيرة التربوية لـ«الشرق الأوسط» أن «الاختلاط بين الأولاد والبنات في مراحل التعليم المختلفة يكون جيداً ومفيداً للعملية التعليمية، فعندما يتحدث المدرس إلى تلاميذ من الجنسين فهنا يحدث نوع من التنشئة على فكرة المساواة وعدم وجود فروق بينهما، كما أن وجود الجنسين معاً في فصل واحد يجعل الأولاد الذكور أكثر انتباهاً واهتماماً بالدروس، فهو لا يريد أن يتم توبيخه أمام زميلاته».
وتعتقد عبد الرؤوف أن «وجود الأولاد والبنات معاً في فصل واحد يرسخ لحالة تعود على التعامل مع الجنس الآخر، وبالتالي تختفي فكرة الحساسية في التعامل، فالمدرس مثلاً في المدارس المختلطة يقول للأولاد عند الانصراف (دول اخواتكم البنات... خلوا بالكم منهم) وبالفعل يتعامل الأولاد الذكور مع زميلاتهم وفق هذا المفهوم».
ولا يوجد – بحسب عبد الرؤوف - في القوانين المصرية الخاصة بالتعليم أي قوانين تتعلق بالفصل بين التلاميذ أو الاختلاط، وإنما ما يحدث يكون وفق ضرورات تعليمية، كأن تكون المدرسة مساحتها صغيرة فيتم تخصيصها لجنس من الاثنين، ومثلاً مع ندرة وجود مدارس ثانوية مشتركة فيها اختلاط، لكن قد تجد ذلك في بعض القرى بسبب عدم وجود مدارس ثانوية أخرى فيتم تخصيصها للجنسين.
ويبلغ عدد تلاميذ مرحلة التعليم قبل الجامعي «الابتدائي والإعدادي والثانوي» في مصر نحو 26.3 مليون تلميذ للعام الدراسي 2020-2021 وفقاً للنشرة السنوية للتعليم التي أصدرها الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في يناير (كانون الثاني) من العام الجاري.
وقال الجهاز إن عدد تلاميذ التعليم قبل الجامعي شهد زيادة تقدر بنحو 3.6 في المائة عن العام الدراسي السابق 2019-2020. الذي بلغ عدد التلاميذ فيه 25.3 مليون تلميذ، فيما انخفض – بحسب النشرة - عدد المدرسين بنسبة 1.2 في المائة عن العام السابق.
ويتخوف بعض الأهالي من فكرة «الاختلاط» بين التلاميذ، تحسباً لتعرض (خاصة البنات) لمضايقات. تقول سهير محمود، ربة منزل، لـ«الشرق الأوسط»: «لدي ابن في المرحلة الثانوية، وابنة في التعليم الإعدادي، ولا أحب أن يكون أي منهما في مدارس مشتركة، الفكرة غير مريحة وتثير مشكلات، خاصة في هذه السن المبكرة، فعندما تأتي المرحلة الجامعية سيكون سنهم يمكنهم من التعامل مع زملائهم بدون مشكلات».
لكن الدكتورة هدى زكريا أستاذ الاجتماع السياسي حذرت مما وصفته بـ«الأمراض الاجتماعية» والمشكلات التي تترتب على فكرة الفصل بين الأولاد والبنات في مراحل التعليم. تقول لـ«الشرق الأوسط»: «أحد الأسباب الرئيسية لجرائم العنف التي ارتكبها شباب ضد فتيات مؤخراً هو فكرة الفصل بين الجنسين، فالفصل يولّد تصورات خيالية لدى كل جنس عن الآخر، ويلغي مساحة المعرفة والتفاهم بين الرجل والمرأة، ويغذي التصورات الجنسية البحتة من الطرفين، في حين أن الاختلاط يخلق دائرة تفاهم واعتياد، فالشاب الذي تعلم في مدراس ليس فيها فتيات، عندما يدخل الجامعة يتعرض لصدمة اجتماعية وتكون كل تصوراته عن زميلاته خيالية بحتة».


مقالات ذات صلة

بعد 18 عام زواج... زوجة كيفين كوستنر تتقدم بطلب للطلاق

يوميات الشرق بعد 18 عام زواج... زوجة كيفين كوستنر تتقدم بطلب للطلاق

بعد 18 عام زواج... زوجة كيفين كوستنر تتقدم بطلب للطلاق

تقدمت كريستين باومغارتنر، الزوجة الثانية للممثل الأميركي كيفين كوستنر، بطلب للطلاق، بعد زواجٍ دامَ 18 عاماً وأثمر عن ثلاثة أطفال. وذكرت صحيفة «ديلي ميل» البريطانية أن الانفصال جاء بسبب «خلافات لا يمكن حلُّها»، حيث تسعى باومغارتنر للحضانة المشتركة على أطفالهما كايدين (15 عاماً)، وهايس (14 عاماً)، وغريس (12 عاماً). وكانت العلاقة بين كوستنر (68 عاماً)، وباومغارتنر (49 عاماً)، قد بدأت عام 2000، وتزوجا عام 2004.

«الشرق الأوسط» (لوس أنجليس)
يوميات الشرق متحف «المركبات» بمصر يحيي ذكرى الملك فؤاد الأول

متحف «المركبات» بمصر يحيي ذكرى الملك فؤاد الأول

افتتح متحف المركبات الملكية بمصر معرضاً أثرياً مؤقتاً، اليوم (الأحد)، بعنوان «صاحب اللقبين فؤاد الأول»، وذلك لإحياء الذكرى 87 لوفاة الملك فؤاد الأول التي توافق 28 أبريل (نيسان). يضم المعرض نحو 30 قطعة أثرية، منها 3 وثائق أرشيفية، ونحو 20 صورة فوتوغرافية للملك، فضلاً عن فيلم وثائقي يتضمن لقطات «مهمة» من حياته. ويشير عنوان المعرض إلى حمل فؤاد الأول للقبين، هما «سلطان» و«ملك»؛ ففي عهده تحولت مصر من سلطنة إلى مملكة. ويقول أمين الكحكي، مدير عام متحف المركبات الملكية، لـ«الشرق الأوسط»، إن المعرض «يسلط الضوء على صفحات مهمة من التاريخ المصري، من خلال تناول مراحل مختلفة من حياة الملك فؤاد».

نادية عبد الحليم (القاهرة)
يوميات الشرق وضع تسلسل كامل لجينوم «اللبلاب» المقاوم لتغير المناخ

وضع تسلسل كامل لجينوم «اللبلاب» المقاوم لتغير المناخ

قام فريق بحثي، بقيادة باحثين من المعهد الدولي لبحوث الثروة الحيوانية بكينيا، بوضع تسلسل كامل لجينوم حبة «فول اللبلاب» أو ما يعرف بـ«الفول المصري» أو «الفول الحيراتي»، المقاوم لتغيرات المناخ، بما يمكن أن يعزز الأمن الغذائي في المناطق المعرضة للجفاف، حسب العدد الأخير من دورية «نيتشر كومينيكيشن». ويمهد تسلسل «حبوب اللبلاب»، الطريق لزراعة المحاصيل على نطاق أوسع، ما «يجلب فوائد غذائية واقتصادية، فضلاً على التنوع الذي تشتد الحاجة إليه في نظام الغذاء العالمي».

حازم بدر (القاهرة)
يوميات الشرق «الوثائقية» المصرية تستعد لإنتاج فيلم عن «كليوباترا»

«الوثائقية» المصرية تستعد لإنتاج فيلم عن «كليوباترا»

في رد فعل على فيلم «الملكة كليوباترا»، الذي أنتجته منصة «نتفليكس» وأثار جدلاً كبيراً في مصر، أعلنت القناة «الوثائقية»، التابعة لـ«الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية بمصر»، اليوم (الأحد)، «بدء التحضير لإنتاج فيلم وثائقي عن كليوباترا السابعة، آخر ملوك الأسرة البطلمية التي حكمت مصر في أعقاب وفاة الإسكندر الأكبر». وأفاد بيان صادر عن القناة بوجود «جلسات عمل منعقدة حالياً مع عدد من المتخصصين في التاريخ والآثار والأنثروبولوجيا، من أجل إخضاع البحوث المتعلقة بموضوع الفيلم وصورته، لأقصى درجات البحث والتدقيق». واعتبر متابعون عبر مواقع التواصل الاجتماعي هذه الخطوة بمثابة «الرد الصحيح على محاولات تزييف التار

انتصار دردير (القاهرة)
يوميات الشرق مؤلفا «تحت الوصاية» لـ«الشرق الأوسط»: الواقع أصعب مما طرحناه في المسلسل

مؤلفا «تحت الوصاية» لـ«الشرق الأوسط»: الواقع أصعب مما طرحناه في المسلسل

أكد خالد وشيرين دياب مؤلفا مسلسل «تحت الوصاية»، أن واقع معاناة الأرامل مع «المجلس الحسبي» في مصر: «أصعب» مما جاء بالمسلسل، وأن بطلة العمل الفنانة منى زكي كانت معهما منذ بداية الفكرة، و«قدمت أداء عبقرياً زاد من تأثير العمل». وأثار المسلسل الذي تعرض لأزمة «قانون الوصاية» في مصر، جدلاً واسعاً وصل إلى ساحة البرلمان، وسط مطالبات بتغيير بعض مواد القانون. وأعلنت شركة «ميديا هب» المنتجة للعمل، عبر حسابها على «إنستغرام»، أن «العمل تخطى 61.6 مليون مشاهدة عبر قناة (DMC) خلال شهر رمضان، كما حاز إشادات عديدة عبر مواقع التواصل الاجتماعي». وكانت شيرين دياب صاحبة الفكرة، وتحمس لها شقيقها الكاتب والمخرج خالد د

انتصار دردير (القاهرة)

«الفيوم السينمائي» يراهن على «الفنون المعاصرة» والحضور الشبابي

إلهام شاهين خلال التكريم (إدارة المهرجان)
إلهام شاهين خلال التكريم (إدارة المهرجان)
TT

«الفيوم السينمائي» يراهن على «الفنون المعاصرة» والحضور الشبابي

إلهام شاهين خلال التكريم (إدارة المهرجان)
إلهام شاهين خلال التكريم (إدارة المهرجان)

يراهن مهرجان «الفيوم السينمائي الدولي لأفلام البيئة والفنون المعاصرة» في نسخته الأولى التي انطلقت، الاثنين، وتستمر حتى نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي على الفنون المعاصرة والحضور الشبابي، مع تقديم عدد من العروض في جامعة الفيوم.

وشهد حفل انطلاق المهرجان تكريم الممثلة المصرية إلهام شاهين، والمنتجة التونسية درة بو شوشة، إضافة إلى الممثل المصري حمزة العيلي، مع حضور عدد من الفنانين لدعم المهرجان، الذي استقبل ضيوفه على «سجادة خضراء»، مع اهتمامه وتركيزه على قضايا البيئة.

وتحدثت إلهام شاهين عن تصويرها أكثر من 15 عملاً، بين فيلم ومسلسل، في الفيوم خلال مسيرتها الفنية، مشيدة خلال تصريحات على هامش الافتتاح بإقامة مهرجان سينمائي متخصص في أفلام البيئة بموقع سياحي من الأماكن المتميزة في مصر.

وأبدى محافظ الفيوم، أحمد الأنصاري، سعادته بإطلاق الدورة الأولى من المهرجان، بوصفه حدثاً ثقافياً غير مسبوق بالمحافظة، مؤكداً -في كلمته خلال الافتتاح- أن «إقامة المهرجان تأتي في إطار وضع المحافظة على خريطة الإنتاج الثقافي السينمائي التي تهتم بالبيئة والفنون المعاصرة».

جانب من الحضور خلال حفل الافتتاح (إدارة المهرجان)

وبدأ المهرجان فعالياته الثلاثاء بندوات حول «السينما والبيئة»، ومناقشة التحديات البيئية بين السينما والواقع، عبر استعراض نماذج مصرية وعربية، إضافة إلى فعاليات رسم الفنانين على بحيرة قارون، ضمن حملة التوعية، في حين تتضمن الفعاليات جلسات تفاعلية مع الشباب بجانب فعاليات للحرف اليدوية، ومعرض للفنون البصرية.

ويشهد المهرجان مشاركة 55 فيلماً من 16 دولة، من أصل أكثر من 150 فيلماً تقدمت للمشاركة في الدورة الأولى، في حين يُحتفى بفلسطين ضيف شرف للمهرجان، من خلال إقامة عدة أنشطة وعروض فنية وسينمائية فلسطينية، من بينها فيلم «من المسافة صفر».

وقالت المديرة الفنية للمهرجان، الناقدة ناهد صلاح: «إن اختيارات الأفلام تضمنت مراعاة الأعمال الفنية التي تتطرق لقضايا البيئة والتغيرات المناخية، إضافة إلى ارتباط القضايا البيئية بالجانب الاجتماعي»، مؤكدة لـ«الشرق الأوسط» حرصهم في أن تراعي الاختيارات تيمة المهرجان، بجانب إقامة فعاليات مرتبطة بالفنون المعاصرة ضمن جدول المهرجان.

وأبدى عضو لجنة تحكيم مسابقة الأفلام الطويلة، الناقد السعودي خالد ربيع، حماسه للمشاركة في المهرجان بدورته الأولى، لتخصصه في القضايا البيئية واهتمامه بالفنون المعاصرة، وعَدّ «إدماجها في المهرجانات السينمائية أمراً جديراً بالتقدير، في ظل حرص القائمين على المهرجان على تحقيق أهداف ثقافية تنموية، وليس فقط مجرد عرض أفلام سينمائية».

إلهام شاهين تتوسط عدداً من الحضور في حفل الافتتاح (إدارة المهرجان)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «تركيز المهرجان على تنمية قدرات الشباب الجامعي، وتنظيم ورش متنوعة لتمكين الشباب سينمائياً أمر يعكس إدراك المهرجان للمسؤولية الثقافية والاجتماعية، التي ستُساعد في دعم المواهب الشبابية في الفيوم»، لافتاً إلى أن «اختيارات لجنة المشاهدة للأفلام المتنافسة على جوائز المهرجان بمسابقاته الرسمية ستجعل هناك منافسة قوية، في ظل جودتها وتميز عناصرها».

يذكر أن 4 أفلام سعودية اختيرت للمنافسة في مسابقتي «الأفلام الطويلة» و«الأفلام القصيرة»؛ حيث يشارك فيلم «طريق الوادي» للمخرج السعودي خالد فهد في مسابقة «الأفلام الطويلة»، في حين تشارك أفلام «ترياق» للمخرج حسن سعيد، و«سليق» من إخراج أفنان باويان، و«حياة مشنية» للمخرج سعد طحيطح في مسابقة «الأفلام القصيرة».

وأكدت المديرة الفنية للمهرجان أن «اختيار الأفلام السعودية للمشاركة جاء لتميزها فنياً ومناسبتها لفكرة المهرجان»، لافتة إلى أن «كل عمل منها جرى اختياره لكونه يناقش قضية مختلفة، خصوصاً فيلم (طريق الوادي) الذي تميز بمستواه الفني المتقن في التنفيذ».