مع اقتراب افتتاحه الرسمي عقب انتهاء عمليات الترميم يستعد متحف بن عزرا اليهودي بمنطقة مجمع الأديان بمصر القديمة «جنوب القاهرة» للعودة مرة أخرى إلى خريطة السياحة الدينية وأهم المزارات السياحية بما يحتويه من مقتنيات نادرة ووثائق تؤرخ لليهود في مصر وعاداتهم وشكل حياتهم الاجتماعية، فضلاً عن قيمته المعمارية والأثرية المتميزة ومكانته التاريخية.
وأعلن الدكتور مصطفى وزيري الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، الانتهاء من 95 في المائة من أعمال ترميم المعبد، وقال في تصريحات صحافية إن «افتتاح معبد بن عزرا سيتم في القريب العاجل، وسيكون بمثابة رسالة للعالم أجمع بأن مصر حاضنة للأديان السماوية، وأنها قبلة لجميع السياح من محبي السياحة الدينية بمختلف عقائدهم».
وشملت أعمال ترميم المعبد تجديداً معمارياً دقيقاً، ومعالجة ودرء الخطورة للأسقف، وعزل الأسطح بأفضل أساليب العزل وتنظيف الأحجار ومعالجتها، وإعادة تنسيق الموقع بالشكل الملائم الذي يتيح الرؤية البصرية للأثر، بالإضافة إلى صيانة منظومة الإضاءة بالكامل، وتنظيف الوحدات النحاسية والحديدية وأعمدة الرخام فضلاً عن أعمال ترميم الزخارف الأثرية والمكتبة.
ويعد معبد بن عزرا واحداً من أهم وأقدم المعابد اليهودية في مصر، حيث كان يحوي الكثير من نفائس الكتب المرتبطة بعادات وتقاليد اليهود وحياتهم الاجتماعية في مصر، بالإضافة إلى الجنيزا الخاصة باليهود في مصر وهي مجموعة من الكتب واللفائف والأوراق الخاصة بهم وتمثل أهمية لدى الدارسين والباحثين المهتمين بالحياة الاجتماعية لليهود في مصر.
وإلى جانب قيمته المعمارية ومكانته الدينية يضم المعبد وثائق ومخطوطات تُعرف باسم الجنيزا، والتي تغطي نحو 850 عاماً، وتوثق لشكل حياة اليهود في مصر، وتفاصيل حياتهم الاجتماعية وعاداتهم وتقاليدهم في الأفراح والمآتم والمناسبات المختلفة، وقد تناثر الكثير من هذه الوثائق عبر دول العالم، غير أن الكثير منها ما زال بمخزن المعبد وفقاً للدكتورة فيموني عكاشة الباحثة في التراث، وتقول عكاشة لـ«الشرق الأوسط» إن «الكثير من وثائق الجنيزا تم تهريبها عبر دول العالم، لكن بقي في مصر الكثير من الوثائق الموجودة بمخزن معبد بن عزرا، وهي وثائق نادرة ومهمة تؤرِّخ لشكل حياة اليهود في مصر وبعض الدول العربية وعاداتهم وتقاليدهم، وتعاملاتهم مع المصريين».
وتشير عكاشة إلى أن «هذه الوثائق جزء من التاريخ الاجتماعي والسياسي لمصر خلال القرون الوسطى، وهي متنوعة تشمل أوجه الحياة كافة، فتوجد فيها رسائل من تجار يهود لزوجاتهم كتبوها خلال سفرهم في رحلات التجارة، ورسائل الزوجات لهم، ورسائل بين تجار يهود ومصريين».
ويُنسب بناء المعبد إلى أبراهام بن عزرا في القرن الـ12 الميلادي، وقد أُعيد بناؤه في القرن الـ19، ويحمل قيمة معمارية وفنية كبيرة، فتخطيط المعبد مستطيل الشكل، وتبلغ مساحته نحو 3500 متر، وله واجهات أمامية خالية من الزخارف، بينما صُمم من الداخل على الطراز البازيليكي، حيث ينقسم بواسطة باكيتين إلى ثلاثة أروقة متوازية أوسطها أكثرها اتساعاً، وبالرواق الأوسط توجد منصتان، تُعرف الأولى بأطلس المعجزة أما الثانية فهي منصة الصلاة (البيما)، وبالطابق الثاني توجد شرفة صلاة السيدات وتشغل ثلاثة أضلاع؛ وبطرفيها حجرتان للمقتنيات والجنيزا، كما توجد خلف المعبد بئر للطهارة يتم الوضوء بمائها قبل الدخول للمعبد خصوصاً غسل الأرجل.
وترى عكاشة أن «إعادة افتتاح معبد بن عزرا حدث تراثي مهم سيتيح للباحثين الاطلاع على وثائقه النادرة التي تؤرخ لشكل الحياة الاجتماعية لليهود في مصر وبلاد الشام، وكيف كانوا يقيمون أفراحهم، وتفاصيل اتفاقات الزواج، وكذلك إقامة المآتم، ووثائق تتعلق بتأجير المنازل وشروطها وعقود إيجار موقّعة مع مواطنين مصريين، والكثير من تفاصيل الحياة اليومية».
مقتنيات «معبد بن عزرا» توثق حياة اليهود في مصر
«الآثار» تقترب من افتتاحه عقب الترميم
مقتنيات «معبد بن عزرا» توثق حياة اليهود في مصر
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة