الحوثيون يشرّعون لنهب المدخرات البنكية ورفع أسعار العقارات

البوابة الخارجية للبنك المركزي في صنعاء الخاضع للحوثيين (تويتر)
البوابة الخارجية للبنك المركزي في صنعاء الخاضع للحوثيين (تويتر)
TT

الحوثيون يشرّعون لنهب المدخرات البنكية ورفع أسعار العقارات

البوابة الخارجية للبنك المركزي في صنعاء الخاضع للحوثيين (تويتر)
البوابة الخارجية للبنك المركزي في صنعاء الخاضع للحوثيين (تويتر)

تتجه الميليشيات الحوثية حديثاً نحو إعداد تشريع يجيز لها نهب المدخرات البنكية تحت ذريعة محاربة الأعمال الربوية، ورفع أسعار العقارات، مما سيمكنها من الاستحواذ على بقية البنوك التجارية بعدما وضعت اليد على مجموعة أخرى بمبرر الإفلاس.
يتزامن ذلك مع اتهامات للميليشيات بنهب أكثر من 38 شركة يملكها معارضون لمشروعها في اليمن واستكمالها السيطرة على ملف الأراضي ومصادرتها عشرات الآلاف من الكيلومترات في صنعاء ومحافظات الحديدة وإب وذمار.
في هذا السياق، وجهت حكومة الانقلاب الحوثية غير المعترف بها دولياً، مطلع الأسبوع الحالي، إلى ما يسمى مجلس النواب الذي يضم بين 20 و25 برلمانياً، رسالة طلبت فيها إقرار ما سمته «مشروع قانون منع التعاملات الربوية».
يأتي ذلك، بعد نحو أسبوعين على سحب المشروع ذاته. وشددت الجماعة في طلبها على «وجوب تمرير القانون باعتبار أن منع المعاملات الربوية أمر إلهي»، وبهدف حظر التعاملات الربوية بجميع صورها «الظاهرة والمستترة في التعاملات المدنية والتجارية» طبقاً لما جاء في الرسالة التي اطلعت عليها «الشرق الأوسط».
مصادر مصرفية في صنعاء حذرت خلال تصريحات لـ«الشرق الأوسط» من خطورة الخطوة التي قالوا إنها تمثل تمهيداً للاستيلاء على فوائد المدخرات البنكية لآلاف المواطنين، خصوصاً أن معظم البنوك التجارية ترفض منذ سنوات صرف المدخرات والودائع التي كانت بحوزتها منذ سبتمبر (أيلول) 2014؛ أي ما قبل الانقلاب الحوثي، بحجة الحرب وانعدام السيولة.
ولهذا تمكن بعض المودعين من سحب ودائعهم بعد تحويلها إلى مناطق سيطرة الحكومة ولكن بعدما دفعوا عمولات تصل إلى 30 في المائة، فيما عجز كثيرون عن ذلك على خلفية إيقاف إدارات البنوك هذا النوع من العمليات.
المصادر المصرفية نبهت أيضاً إلى أن الخطوة ستضاعف من تدني الودائع في مناطق سيطرة الميليشيات وستزيد من عزوف المودعين عن التعامل مع البنوك التجارية، وقالت إن ذلك سينعكس على النشاط المصرفي بشكلٍ عام ويهدد بإفلاس بقية البنوك التجارية التي ما زالت تقاوم الجبايات والظروف الاقتصادية المتردية المترتبة على الحرب. ورأت أن الخطوة تصب في صالح شركات الصرافة التي انتشرت بشكل غير مسبوق في مناطق سيطرة الميليشيات ويمتلك أو يشارك في أغلبها قيادات حوثية معروفة؛ إذ أصبحت هذه الشركات تؤدي أدوار البنوك التجارية، وتعمل خلافاً للقانون على فتح اعتمادات للمستوردين كما تفتح حسابات بنكية لكبار التجار.
وترجح مصادر تجارية أن يكون وراء هذه الخطوة مخطط من الميليشيات للاستيلاء على مليارات الريالات كفوائد لجهات حكومية، خصوصاً هيئة ومؤسسة التأمينات والمعاشات اللتين استثمرتا مليارات الريالات من أموال المتقاعدين في أذون الخزانة، ومثلها البنوك التجارية خلال السنوات السابقة للحرب، والسنوات الثلاث الأولى منها، قبل نقل البنك المركزي إلى عدن، حيث استولت عليها الميليشيات في البداية وقيدتها ديوناً داخلية على الحكومة.
وبحسب المصادر، تذهب الخطوة الحوثية الأخيرة إلى أن الجماعة تريد أن تستولي على تلك المليارات بشكل نهائي؛ إذ سبق أن استولت على مائتي مليار ريال يمني من أموال الهيئة العامة للتأمينات والمعاشات (الدولار نحو 560 ريالا في مناطق سيطرة الميليشيات الحوثية).
وقالت المصادر إن الحكومات المتعاقبة استخدمت أذون الخزانة للسيطرة على السيولة النقدية، ولمواجهة التنافس المتزايد على أسعار الأراضي وما ترتب على ذلك من نزاعات مسلحة بسبب ادعاء الملكيات نظراً إلى عدم وجود سجل عقاري موثوق في البلاد. ولهذا ترى المصادر أن خطوة الحوثيين هدفها رفع أسعار العقارات بعدما استكملت السيطرة على مساحات شاسعة في صنعاء والحديدة وإب وذمار، لأنها ستكون الطرف المستفيد من ذلك، في أعقاب إغلاق الباب أمام الجهات والأفراد في استثمار أموالهم في البنوك التجارية.
وفي تبرير آثار السخرية، ذكرت حكومة الميليشيات أن إقرار هذه الخطوة جاء لأن «الدراسات الاقتصادية تذهب إلى تحميل التعاملات الربوية مسؤولية حالة الركود الاقتصادي»؛ إذ يفضل الناس إيداع أموالهم لدى البنوك بدلاً من استثمارها في مشروعات، مع أن الحرب التي أشعلتها الميليشيات الحوثية تسببت في ركود اقتصادي غير معهود وكبدت الاقتصاد اليمني خسائر تزيد على 126 مليار دولار، طبقاً لما ذكره رئيس الوزراء اليمني الدكتور معين عبد الملك مطلع العام الحالي. وفي حين استولت الميليشيات على أكثر من 38 شركة مملوكة لمعارضين لمشروعها الطائفي، ذهبت حكومتهم إلى القول إنها «لو أغلق باب التعاملات الربوية لكان من نتائج ذلك أن تركز الدولة اهتمامها لإصلاح نظام الشركات المساهمة العامة ونظام المرابحة والاهتمام بريادة الأعمال والمنشآت الصغيرة والأصغر».
وتأتي هذه الخطوة في وقت أكدت فيه أحدث التقارير أن ما يسمى «الحارس القضائي» التابع للميليشيات استولى على أكثر من 1.7 مليار دولار من قيمة واردات الأموال والشركات والمؤسسات والجمعيات.
وذكرت التقارير أن إجمالي ما تم الاستيلاء عليه من قيمة الأموال والإيرادات للأصول والعقارات والمنقولات أكثر من ملياري دولار.


مقالات ذات صلة

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي خلال عام أُجريت أكثر من 200 ألف عملية جراحية في المستشفيات اليمنية (الأمم المتحدة)

شراكة البنك الدولي و«الصحة العالمية» تمنع انهيار خدمات 100 مستشفى يمني

يدعم البنك الدولي مبادرة لمنظمة الصحة العالمية، بالتعاون مع الحكومة اليمنية، لمنع المستشفيات اليمنية من الانهيار بتأثيرات الحرب.

محمد ناصر (تعز)

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».