بعد تعديلات جينية... بعوض لا ينقل الملاريا

أثبت فاعليته معملياً قبل نقله للطبيعة لاحقاً

البروفيسور جورج كريستوفيدس يحمل قفصاً من البعوض (جامعة إمبيريال كوليدج للعلوم والتكنولوجيا والطب)
البروفيسور جورج كريستوفيدس يحمل قفصاً من البعوض (جامعة إمبيريال كوليدج للعلوم والتكنولوجيا والطب)
TT

بعد تعديلات جينية... بعوض لا ينقل الملاريا

البروفيسور جورج كريستوفيدس يحمل قفصاً من البعوض (جامعة إمبيريال كوليدج للعلوم والتكنولوجيا والطب)
البروفيسور جورج كريستوفيدس يحمل قفصاً من البعوض (جامعة إمبيريال كوليدج للعلوم والتكنولوجيا والطب)

ينتقل مرض الملاريا بين الناس بعد أن تلدغ أنثى بعوضة شخصاً مصاباً بطفيل الملاريا، ثم يتطور الطفيل إلى مرحلته التالية في أمعاء البعوضة، ويسافر إلى غددها اللعابية، ليكون جاهزاً لإصابة الشخص التالي بعد أن تلدغه البعوضة.
لوقف هذه الحلقة، توصل العلماء في جامعة «إمبيريال كوليدج للعلوم والتكنولوجيا والطب» في لندن قبل نحو ثماني سنوات إلى طريقة حديثة لتعديل جينات بعوض (أنوفليس غامبياي) الناقل للمرض وراثياً، بحيث لا يُنتج سوى الذكور، ولكن فريقاً بحثياً من نفس الجامعة توصل إلى حل آخر أكثر عملية، تم الإعلان عنه أمس (الأربعاء)، في دورية «ساينس أدفانسيد»، وهو إجراء تعديلات جينية على البعوض تبطئ نمو الطفيليات المسببة للملاريا في أمعائهم، مما يمنع انتقال المرض إلى البشر.
ويتسبب التعديل الجيني الذي أجراه الباحثون في قيام البعوض بإنتاج مركبات في أمعائه تعيق نمو الطفيليات، مما يعني أنه من غير المحتمل أن تصل إلى الغدد اللعابية للبعوض، ليتم نقلها عبر اللدغات إلى البشر.
وحتى الآن، ثبت أن هذه التقنية تقلل بشكل كبير من احتمال انتشار الملاريا في بيئة معملية، ولكن إذا ثبت أنها آمنة وفعالة في ظروف العالم الحقيقي، يمكن أن تقدم أداة جديدة قوية للمساعدة في القضاء على الملاريا.
ولا تزال الملاريا أحد أكثر الأمراض فتكاً في العالم، حيث تعرض نصف سكان العالم للخطر، وفي عام 2021 وحده، أصابت 241 مليون شخص وقتلت 627 ألف شخص، معظمهم من الأطفال دون سن الخامسة في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى.
ومنذ عام 2015، توقف التقدم في علاجات الملاريا، وأصبح البعوض والطفيليات التي يحملها، مقاومة للتدخلات المتاحة مثل المبيدات الحشرية والعلاجات، وتوقف التمويل المتاح لتطوير العلاجات، لذلك يحتاج العالم إلى تطوير أدوات جديدة ومبتكرة.
والأداة الجديدة التي أعلن عنها الفريق البحثي هي تعديل وراثي في الأنواع الرئيسية الحاملة للملاريا من بعوض (أنوفليس غامبياي) في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، حيث تمكنوا من إنتاج أنواع جديدة عندما تتناول وجبة من الدم، فإنها تنتج جزيئين يسميان «الببتيدات» المضادة للميكروبات في أحشائها، وهذه الببتيدات، التي تم عزلها في الأصل من نحل العسل والضفادع الأفريقية تُضعف تطور طفيلي الملاريا.
ويتسبب ذلك في تأخير بضعة أيام قبل أن تصل المرحلة التالية من الطفيلي إلى الغدد اللعابية للبعوض، وفي ذلك الوقت من المتوقع أن يموت معظم البعوض في الطبيعة.
وتعمل الببتيدات عن طريق التدخل في استقلاب الطاقة للطفيلي، والذي له أيضاً بعض التأثير على البعوض، مما يتسبب في قصر عمرها وتقليل قدرتها على نقل الطفيل.
ولاستخدام التعديل الوراثي لمنع انتشار الملاريا في العالم الحقيقي، يجب أن ينتشر من البعوض المختبري إلى البعوض البري، وقد يؤدي التهجين الطبيعي إلى انتشاره بدرجة معينة، ولكن نظراً لأن التعديل له «تكلفة ملائمة» في شكل عمر مخفض، فمن المحتمل أن يتم القضاء عليه بسرعة بفضل الانتقاء الطبيعي، وهي المشكلة التي يمكن حلها عبر ما يعرف بـ«الدافع الجيني».
والدافع الجيني هو خدعة وراثية إضافية يمكن إضافتها إلى البعوض والتي من شأنها أن تتسبب في وراثة التعديل الجيني المضاد للطفيليات بشكل تفضيلي، مما يجعله ينتشر على نطاق أوسع بين أي مجموعات طبيعية.
وبالتعاون مع شركاء في تنزانيا، أنشأ الفريق مرفقاً لتوليد البعوض المعدل وراثياً والتعامل معه وإجراء بعض الاختبارات الأولية، وتشمل هذه جمع الطفيليات من تلاميذ المدارس المصابين محلياً، لضمان عمل التعديل ضد الطفيليات المنتشرة في المجتمعات ذات الصلة.
ويقول المؤلف الرئيسي المشارك البروفسور جورج كريستوفيدس، من قسم علوم الحياة بجامعة «إمبيريال كوليدج للعلوم والتكنولوجيا» في تقرير نشره الموقع الرسمي للجامعة بالتزامن مع نشر الدراسة، إن «التاريخ علّمنا أنه لا يوجد حل سحري عندما يتعلق الأمر بمكافحة الملاريا، وبالتالي سيتعين علينا استخدام جميع الأسلحة الموجودة لدينا للتخلص منها».


مقالات ذات صلة

بعد 18 عام زواج... زوجة كيفين كوستنر تتقدم بطلب للطلاق

يوميات الشرق بعد 18 عام زواج... زوجة كيفين كوستنر تتقدم بطلب للطلاق

بعد 18 عام زواج... زوجة كيفين كوستنر تتقدم بطلب للطلاق

تقدمت كريستين باومغارتنر، الزوجة الثانية للممثل الأميركي كيفين كوستنر، بطلب للطلاق، بعد زواجٍ دامَ 18 عاماً وأثمر عن ثلاثة أطفال. وذكرت صحيفة «ديلي ميل» البريطانية أن الانفصال جاء بسبب «خلافات لا يمكن حلُّها»، حيث تسعى باومغارتنر للحضانة المشتركة على أطفالهما كايدين (15 عاماً)، وهايس (14 عاماً)، وغريس (12 عاماً). وكانت العلاقة بين كوستنر (68 عاماً)، وباومغارتنر (49 عاماً)، قد بدأت عام 2000، وتزوجا عام 2004.

«الشرق الأوسط» (لوس أنجليس)
يوميات الشرق متحف «المركبات» بمصر يحيي ذكرى الملك فؤاد الأول

متحف «المركبات» بمصر يحيي ذكرى الملك فؤاد الأول

افتتح متحف المركبات الملكية بمصر معرضاً أثرياً مؤقتاً، اليوم (الأحد)، بعنوان «صاحب اللقبين فؤاد الأول»، وذلك لإحياء الذكرى 87 لوفاة الملك فؤاد الأول التي توافق 28 أبريل (نيسان). يضم المعرض نحو 30 قطعة أثرية، منها 3 وثائق أرشيفية، ونحو 20 صورة فوتوغرافية للملك، فضلاً عن فيلم وثائقي يتضمن لقطات «مهمة» من حياته. ويشير عنوان المعرض إلى حمل فؤاد الأول للقبين، هما «سلطان» و«ملك»؛ ففي عهده تحولت مصر من سلطنة إلى مملكة. ويقول أمين الكحكي، مدير عام متحف المركبات الملكية، لـ«الشرق الأوسط»، إن المعرض «يسلط الضوء على صفحات مهمة من التاريخ المصري، من خلال تناول مراحل مختلفة من حياة الملك فؤاد».

نادية عبد الحليم (القاهرة)
يوميات الشرق وضع تسلسل كامل لجينوم «اللبلاب» المقاوم لتغير المناخ

وضع تسلسل كامل لجينوم «اللبلاب» المقاوم لتغير المناخ

قام فريق بحثي، بقيادة باحثين من المعهد الدولي لبحوث الثروة الحيوانية بكينيا، بوضع تسلسل كامل لجينوم حبة «فول اللبلاب» أو ما يعرف بـ«الفول المصري» أو «الفول الحيراتي»، المقاوم لتغيرات المناخ، بما يمكن أن يعزز الأمن الغذائي في المناطق المعرضة للجفاف، حسب العدد الأخير من دورية «نيتشر كومينيكيشن». ويمهد تسلسل «حبوب اللبلاب»، الطريق لزراعة المحاصيل على نطاق أوسع، ما «يجلب فوائد غذائية واقتصادية، فضلاً على التنوع الذي تشتد الحاجة إليه في نظام الغذاء العالمي».

حازم بدر (القاهرة)
يوميات الشرق «الوثائقية» المصرية تستعد لإنتاج فيلم عن «كليوباترا»

«الوثائقية» المصرية تستعد لإنتاج فيلم عن «كليوباترا»

في رد فعل على فيلم «الملكة كليوباترا»، الذي أنتجته منصة «نتفليكس» وأثار جدلاً كبيراً في مصر، أعلنت القناة «الوثائقية»، التابعة لـ«الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية بمصر»، اليوم (الأحد)، «بدء التحضير لإنتاج فيلم وثائقي عن كليوباترا السابعة، آخر ملوك الأسرة البطلمية التي حكمت مصر في أعقاب وفاة الإسكندر الأكبر». وأفاد بيان صادر عن القناة بوجود «جلسات عمل منعقدة حالياً مع عدد من المتخصصين في التاريخ والآثار والأنثروبولوجيا، من أجل إخضاع البحوث المتعلقة بموضوع الفيلم وصورته، لأقصى درجات البحث والتدقيق». واعتبر متابعون عبر مواقع التواصل الاجتماعي هذه الخطوة بمثابة «الرد الصحيح على محاولات تزييف التار

انتصار دردير (القاهرة)
يوميات الشرق مؤلفا «تحت الوصاية» لـ«الشرق الأوسط»: الواقع أصعب مما طرحناه في المسلسل

مؤلفا «تحت الوصاية» لـ«الشرق الأوسط»: الواقع أصعب مما طرحناه في المسلسل

أكد خالد وشيرين دياب مؤلفا مسلسل «تحت الوصاية»، أن واقع معاناة الأرامل مع «المجلس الحسبي» في مصر: «أصعب» مما جاء بالمسلسل، وأن بطلة العمل الفنانة منى زكي كانت معهما منذ بداية الفكرة، و«قدمت أداء عبقرياً زاد من تأثير العمل». وأثار المسلسل الذي تعرض لأزمة «قانون الوصاية» في مصر، جدلاً واسعاً وصل إلى ساحة البرلمان، وسط مطالبات بتغيير بعض مواد القانون. وأعلنت شركة «ميديا هب» المنتجة للعمل، عبر حسابها على «إنستغرام»، أن «العمل تخطى 61.6 مليون مشاهدة عبر قناة (DMC) خلال شهر رمضان، كما حاز إشادات عديدة عبر مواقع التواصل الاجتماعي». وكانت شيرين دياب صاحبة الفكرة، وتحمس لها شقيقها الكاتب والمخرج خالد د

انتصار دردير (القاهرة)

تجميد الجثث أملاً في إحيائها مستقبلاً لم يعد يقتصر على الخيال العلمي

إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)
إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)
TT

تجميد الجثث أملاً في إحيائها مستقبلاً لم يعد يقتصر على الخيال العلمي

إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)
إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)

قررت بيكا زيغلر البالغة 24 عاماً، تجميد جثتها في برّاد بعد وفاتها عن طريق مختبر في برلين، على أمل محدود بإعادة إحيائها مستقبلاً.

وقّعت هذه المرأة الأميركية التي تعيش وتعمل في العاصمة الألمانية، عقداً مع شركة «توموروو بايوستيتس» الناشئة المتخصصة في حفظ الموتى في درجات حرارة منخفضة جداً لإعادة إحيائهم في حال توصّل التقدم العلمي إلى ذلك يوماً ما.

وعندما تتوفى زيغلر، سيضع فريق من الأطباء جثتها في حوض من النيتروجين السائل عند حرارة 196 درجة مئوية تحت الصفر، ثم ينقلون الكبسولة إلى مركز في سويسرا.

وتقول زيغلر، وهي مديرة لقسم المنتجات في إحدى شركات التكنولوجيا في كاليفورنيا، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «بشكل عام، أحب الحياة ولدي فضول لمعرفة كيف سيبدو عالمنا في المستقبل».

ولم يعد علم حفظ الجسم بالتبريد الذي ظهر في ستينات القرن العشرين، مقتصراً على أصحاب الملايين أو الخيال العلمي كما ظهر في فيلم «ذي إمباير سترايكس باك» الذي تم فيه تجميد هان سولو، وفيلم «هايبرنيتس» حين يعود رجل تحرر من الجليد القطبي، إلى الحياة.

توفّر شركات في الولايات المتحدة هذه الخدمة أصلاً، ويُقدّر عدد الأشخاص الذي وُضعت جثثهم في التبريد الأبدي بـ500 فرد.

50 يورو شهرياً

تأسست «توموروو بايوستيتس» عام 2020 في برلين، وهي الشركة الأولى من نوعها في أوروبا.

وفي حديث إلى «وكالة الصحافة الفرنسية»، يقول إميل كيندزورا، أحد مؤسسي الشركة، إن أحد أهدافها «هو خفض التكاليف حتى يصبح تبريد الجثة في متناول الجميع».

إميل كيندزورا أحد مؤسسي «توموروو بايوستيتس» يقف داخل إحدى سيارات الإسعاف التابعة للشركة خارج مقرها في برلين (أ.ف.ب)

ولقاء مبلغ شهري قدره 50 يورو (نحو 52.70 دولار) تتقاضاه من زبائنها طيلة حياتهم، تتعهد الشركة الناشئة بتجميد جثثهم بعد وفاتهم.

يضاف إلى الـ50 يورو مبلغ مقطوع قدره 200 ألف يورو (نحو 211 ألف دولار) يُدفع بعد الوفاة - 75 ألف يورو (نحو 79 ألف دولار) لقاء تجميد الدماغ وحده - ويمكن أن يغطيه نظام تأمين على الحياة.

ويقول كيندزورا (38 سنة) المتحدر من مدينة دارمشتات في غرب ألمانيا، إنه درس الطب وتخصص في الأبحاث المتعلقة بالسرطان، قبل أن يتخلى عن هذا الاختصاص بسبب التقدم البطيء في المجال.

وتشير «توموروو بايوستيتس» إلى أنّ نحو 700 زبون متعاقد معها. وتقول إنها نفذت عمليات تبريد لأربعة أشخاص بحلول نهاية عام 2023.

ويلفت كيندزورا إلى أنّ غالبية زبائنه يتراوح عمرهم بين 30 و40 سنة، ويعملون في قطاع التكنولوجيا، والذكور أكثر من الإناث.

عندما يموت أحد الزبائن، تتعهد «توموروو بايوستيتس» بإرسال سيارة إسعاف مجهزة خصيصاً لتبريد المتوفى باستخدام الثلج والماء. يتم بعد ذلك حقن الجسم بمادة «حفظ بالتبريد» ونقله إلى المنشأة المخصصة في سويسرا.

دماغ أرنب

في عام 2016، نجح فريق من العلماء في حفظ دماغ أرنب بحال مثالية بفضل عملية تبريد. وفي مايو (أيار) من هذا العام، استخدم باحثون صينيون من جامعة فودان تقنية جديدة لتجميد أنسجة المخ البشري، تبين أنها تعمل بكامل طاقتها بعد 18 شهراً من التخزين المبرد.

لكنّ هولغر رينش، الباحث في معهد «آي إل كاي» في دريسدن (شرق ألمانيا)، يرى أنّ الآمال في إعادة شخص متجمد إلى الحياة في المستقبل القريب ضئيلة جداً.

ويقول لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «نشكّ في ذلك. أنصح شخصياً بعدم اللجوء إلى مثل هذا الإجراء».

ويتابع: «في الممارسة الطبية، إنّ الحدّ الأقصى لبنية الأنسجة التي يمكن حفظها بالتبريد هو بحجم وسمك ظفر الإبهام، والوضع لم يتغير منذ سبعينات القرن العشرين».

ويقرّ كيندزورا بعدم وجود ضمانات، ويقول: «لا نعرف ما إذا كان ذلك ممكناً أم لا. أعتقد أن هناك فرصة جيدة، لكن هل أنا متأكد؟ قطعاً لا».

بغض النظر عما يمكن أن يحدث في المستقبل، تقول زيغلر إنها متأكدة من أنها لن تندم على قرارها. وتضيف: «قد يبدو الأمر غريباً، لكن من ناحية أخرى، البديل هو أن يضعوك داخل تابوت وتأكلك الديدان».