«التحقيق الدولية» المستقلة: سوريا بلد غير آمن لعودة اللاجئين

عناصر من جيش النظام يلقمون مدفعاً في إحدى جبهات الشمال (رويترز)
عناصر من جيش النظام يلقمون مدفعاً في إحدى جبهات الشمال (رويترز)
TT

«التحقيق الدولية» المستقلة: سوريا بلد غير آمن لعودة اللاجئين

عناصر من جيش النظام يلقمون مدفعاً في إحدى جبهات الشمال (رويترز)
عناصر من جيش النظام يلقمون مدفعاً في إحدى جبهات الشمال (رويترز)

خلصت لجنة التحقيق الدولية المستقلة المعنية بسوريا، في تقريرها السادس والعشرين الذي أذاعته الأربعاء، وستقدمه إلى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، في الثاني والعشرين من الشهر الجاري، إلى أن الأوضاع في مناطق سيطرة النظام لا تزال تشكل «عقبات أمام عودة آمنة وكريمة ومستدامة للاجئين». وأشارت في الوقت نفسه إلى «انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان الأساسية والقانون الدولي الإنساني في جميع أنحاء سوريا».
وأعلنت «الشبكة السورية لحقوق الإنسان» أنها راجعت التقرير الدولي الذي جاء في 50 صفحة، وأوردت أبرز ما جاء فيه... ومن ذلك «استمرار مختلف أشكال الانتهاكات على يد أطراف النزاع والقوى المسيطرة، حيث وُصف العام الجاري 2022 بأنه الأسوأ منذ اندلاع الحراك الشعبي على صعيد الوضع الاقتصادي والإنساني، موضحاً أن نحو 14.6 مليون شخص بحاجة إلى المساعدة الإنسانية».
وأشار التقرير إلى «انعدام الأمن في جميع المناطق الخاضعة للنظام السوري»، وقال إن «قوات الأمن والميليشيات المحلية والأجنبية تسيطر على نقاط التفتيش ومراكز الاحتجاز وتسيء استخدام سلطاتها، وتمارس عمليات ابتزاز بحق المواطنين لتحصيل الأموال». كما أكَّد «استمرار عمليات الاعتقال التعسفي والاختفاء القسري والموت بسبب التعذيب ضد المواطنين بمن فيهم اللاجئون أو النازحون العائدون إلى مناطق سيطرة النظام».
وتطرق التقرير إلى أنماط أخرى من الانتهاكات، التي قال إنها «تشكل عقبات أمام عودة آمنة وكريمة ومستدامة للاجئين، مثل الاستخدام التعسفي للتصاريح الأمنية التي يفرضها النظام السوري بهدف تقييد الحريات، وتعد شرطاً مسبقاً للحصول على حقوق الملكية والسكن الأساسية». وفي هذا السياق، أكد أنه «يجب ضمان أن تكون عودة اللاجئين السوريين طوعية وآمنة وألا يترتب عليها أذى جسدي أو انتهاك لحقوقهم الإنسانية الأساسية».
وعن العمليات العسكرية في المناطق الخاضعة لبقية أطراف النزاع، قال التقرير الدولي إن «النظام استمرَّ في استهداف المدنيين في مناطق شمال غرب سوريا، وذلك بدعم من روسيا». وأشار إلى «رصد طيران حربي روسي تزامناً مع غارات استهدفت أعياناً مدنية».
وأضاف التقرير أن «هيئة تحرير الشام قيَّدت الحريات الأساسية بما فيها حرية التعبير، واستمرت في احتجاز صحافيين ونشطاء على خلفية الرأي ممن يناهضون سياساتها، ومنعت المحتجزين من الاتصال بذويهم، كما حرموا من الرعاية الطبية، إضافة إلى استيلاء الهيئة على أملاك خاصة واستخدامها، وتركَّز ذلك على أملاك المعارضين لهيئة تحرير الشام بمن فيهم من النازحين».
كما ذكر أن «فصائل في الجيش الوطني استمرَّت في عمليات الاحتجاز التعسفي والإخفاء القسري، وأن عناصر تابعة له مارست التعذيب بما فيه العنف الجنسي... وبعض حالات التعذيب تسببت في موت المحتجز. وتشكل هذه الممارسات جرائم حرب». وأشار إلى «أن الجيش الوطني قيَّد في مناطق سيطرته حرية التعبير والتجمع، وارتكب هذا النوع من الانتهاكات بحق المرأة على أساس جنساني. ومارست فصائل في الجيش الوطني في مناطق سيطرتها الاستيلاء على الممتلكات تزامناً مع عمليات الاحتجاز». وبحسب التقرير أيضاً «فإنَّ مصادرة الممتلكات من قبل أطراف النزاع ترقى إلى حد النهب، الذي هو جريمة حرب».
وتحدث التقرير عن المخيمات في شمال شرق سوريا. وقال إن «قوات سوريا الديمقراطية استمرت في احتجاز نحو 58 ألف شخص بينهم نحو 17 ألف امرأة و37 ألف طفل في مخيمي الهول وروج»، مشيراً إلى «تدهور الأوضاع الإنسانية، وحرمان قاطني المخيمات من الرعاية الصحية وأبسط مقومات الحياة الأساسية بما فيها المياه الصالحة للشرب، والمرافق الصحية، إضافة إلى انعدام الأمن في مخيم الهول وتكرار حوادث القتل». وفي هذا الصدد، طالب التقرير «قوات سوريا الديمقراطية باتخاذ المزيد من الخطوات لمنع عمليات القتل داخل المخيمات والتحقيق فيها»، معلناً أن «هناك أسباباً معقولة للاعتقاد بأن قوات سوريا الديمقراطية تنتهك الالتزام بمعاملة جميع الأفراد الذين لا يشاركون - أو توقفوا عن المشاركة - في الأعمال العدائية، معاملة إنسانية. وفي بعض الحالات ارتكبت أعمالاً ترقى إلى مستوى الاختفاء القسري». وفي سياقٍ متصل، طالب التقرير الدول بـ«استعادة رعاياها المحتجزين في شمال شرق سوريا بسبب ارتباطهم المزعوم بتنظيم داعش، ولا سيما الأطفال مع أمهاتهم».
وأشار إلى «اعتقال قوات سوريا الديمقراطية معارضين لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي والإدارة الذاتية الكردية، كما قيّدت حرية التعبير في مناطق سيطرتها بشكل خاص على الصحافيين».
وطالب التقرير «أطراف النزاع في سوريا باحترام القانون الدولي، والتوقف عن جميع الهجمات العشوائية والمباشرة على المدنيين والأعيان المدنية، وإجراء تحقيقات مستقلّة وذات مصداقية في الحوادث التي خلّفت إصابات في صفوف المدنيين وتورّطت فيها قواتها، وضمان محاسبة المسؤولين عن الانتهاكات وعدم تكرارها، ونشر نتائج هذه التحقيقات للسوريين».
كما أكد «ضرورة وقف التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، بما في ذلك العنف الجنسي والجنساني، في جميع أماكن الاحتجاز، ووقف جميع أشكال الاحتجاز مع منع الاتصال، والإفراج عن المحتجزين تعسفياً، وضمان محاسبة مرتكبي هذه الانتهاكات من خلال محاكمات عادلة. وفي السياق ذاته، طالب بوقف جميع حالات الاختفاء القسري واتخاذ جميع التدابير الممكنة، وفقاً لقرار مجلس الأمن 2474 (2019)، لتحديد مكان جميع المحتجزين و/أو المختفين، وتحديد مصيرهم أو أماكن وجودهم، وضمان التواصل مع أسرهم».
وأشارت «الشبكة السورية لحقوق الإنسان» إلى أنها ترحب بنتائج التقرير الدولي وما قدَّمه من توصيات، وتدعم «ولاية (لجنة التحقيق الدولية المستقلة)، وعملياتها منذ تأسيسها في صيف 2011. وقد قدمت الكثير للشعب السوري، ووثقت بشكل مهني ونزيه الانتهاكات التي وقعت ضدَّه». وأكدت الشبكة أنها «رحبت دائماً بالنَّقد الموجَّه لبعض النقاط، وقامت بمراجعتها، وتعاونت منذ الأيام الأولى لتأسيس لجنة التحقيق، مع المحققين، وقدمت ما لديها من بيانات ومعلومات وعلاقات تواصل مع الضحايا وذويهم». وشددت على «استمرار دعمنا لعمل لجنة التحقيق الدولية؛ لما له من أهمية استثنائية في ظلِّ استمرار الانتهاكات الفظيعة في سوريا، وبشكل خاص من قبل النظام السوري».


مقالات ذات صلة

لبنان يستأنف تسجيل السوريين الراغبين بالعودة الطوعية

المشرق العربي لبنان يستأنف تسجيل السوريين الراغبين بالعودة الطوعية

لبنان يستأنف تسجيل السوريين الراغبين بالعودة الطوعية

قالت مصادر أمنية في منطقة البقاع اللبناني، أمس لـ«الشرق الأوسط»، إن مكاتب الأمن العام استعادت نشاطها لتسجيل أسماء الراغبين بالعودة، بناء على توجيهات مدير عام الأمن العام بالإنابة العميد إلياس البيسري.

المشرق العربي لبنان يطلق حملة «مسح وطنية» لتعداد النازحين السوريين

لبنان يطلق حملة «مسح وطنية» لتعداد النازحين السوريين

أطلقت وزارة الداخلية اللبنانية حملة مسح وطنية لتعداد وتسجيل النازحين السوريين وتسجيلهم، ضمن إجراءات جديدة لضبط عملهم وتحديد من يوجد في لبنان بصورة قانونية، وذلك في ظل نقاشات سياسية، وضغط أحزاب لبنانية لإعادة النازحين إلى بلادهم. ووجّه وزير الداخلية والبلديات بسام مولوي، كتاباً إلى المحافظين ومن خلالهم إلى القائمقامين والبلديات والمخاتير في القرى التي لا توجد فيها بلديات ويوجد فيها نازحون سوريون، لإطلاق حملة مسح وطنية لتعداد وتسجيل النازحين السوريين، والقيام بتسجيل كل المقيمين، والطلب إلى المخاتير عدم تنظيم أي معاملة أو إفادة لأي نازح سوري قبل ضم ما يُثبت تسجيله، والتشدد في عدم تأجير أي عقار لأ

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي بيروت: لا تسرع في ترحيل السجناء السوريين

بيروت: لا تسرع في ترحيل السجناء السوريين

قال وزير العدل اللبناني هنري الخوري لـ«الشرق الأوسط» إن إعادة السجناء السوريين في لبنان إلى بلدهم «قضية حساسة ولا تعالج بقرار متسرع». ويمكث في السجون اللبنانية 1800 سوري ممن ارتكبوا جرائم جنائية، 82 في المائة منهم لم تستكمل محاكماتهم، فيما وضعت حكومة الرئيس نجيب ميقاتي خطّة لترحيلهم وكلف الخوري البحث في «إمكانية تسليم الموقوفين والمحكومين للدولة السورية بشكل فوري، مع مراعاة القوانين والاتفاقيات ذات الصلة، والتنسيق بهذا الخصوص مع الدولة السورية». وأكد الخوري أن «كل ملف من ملفات السجناء السوريين يحتاج إلى دراسة قانونية دقيقة (...) إذا ثبت أن ثمة سجناء لديهم ملفات قضائية في سوريا فقد تكون الإجراء

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي «اجتماع عمّان» يبحث عودة اللاجئين السوريين من دول الجوار

«اجتماع عمّان» يبحث عودة اللاجئين السوريين من دول الجوار

بحث اجتماع تشاوري جديد حول سوريا عقد الاثنين في عمّان، بمشاركة وزراء الخارجية السعودي فيصل بن فرحان والعراقي فـؤاد محمد حسين والمصري سامح شكري والأردني أيمن الصفدي والسوري فيصل المقداد، سُبل عودة اللاجئين السوريين من دول الجوار وبسط الدولة السورية سيطرتها على أراضيها. وأكد نائب رئيس الوزراء الأردني وزير الخارجية وشؤون المغتربين أيمن الصفدي، أن الاجتماع هو بداية للقاءات ستتابع إجراء محادثات تستهدف الوصول إلى حل الأزمة السورية ينسجم مع قرار مجلس الأمن 2254، ويعالج جميع تبعات الأزمة الإنسانية والسياسية والأمنية. وشدد الوزير الأردني، على أن أولوية إنهاء الأزمة لا تكون إلا عبر حل سياسي يحفظ وحدة سو

المشرق العربي «اجتماع عمّان» التشاوري: العودة الطوعية والآمنة للاجئين السوريين أولوية قصوى

«اجتماع عمّان» التشاوري: العودة الطوعية والآمنة للاجئين السوريين أولوية قصوى

بحث اجتماع تشاوري جديد حول سوريا عقد اليوم (الاثنين)، في عمّان، بمشاركة وزراء خارجية كلّ من السعودية ومصر والأردن والعراق وسوريا، في سُبل عودة اللاجئين السوريين من دول الجوار، وبسط الدولة السورية سيطرتها على أراضيها. ووفقاً لبيان ختامي وزع عقب الاجتماع ونقلته وكالة الصحافة الفرنسية، اتفق المجتمعون على أن «العودة الطوعية والآمنة للاجئين (السوريين) إلى بلدهم أولوية قصوى، ويجب اتخاذ الخطوات اللازمة للبدء في تنفيذها فوراً». وحضّوا على تعزيز التعاون بين سوريا والدول المضيفة للاجئين بالتنسيق مع الأمم المتحدة لـ«تنظيم عمليات عودة طوعية وآمنة للاجئين وإنهاء معاناتهم، وفق إجراءات محددة وإطار زمني واضح»

«الشرق الأوسط» (عمّان)

الخارجية الفلسطينية: قرار إلغاء الاعتقال الإداري للمستوطنين يشجعهم على ارتكاب الجرائم

قوات إسرائيلية تقوم بتأمين مَسيرة للمستوطنين في البلدة القديمة بالخليل (وفا)
قوات إسرائيلية تقوم بتأمين مَسيرة للمستوطنين في البلدة القديمة بالخليل (وفا)
TT

الخارجية الفلسطينية: قرار إلغاء الاعتقال الإداري للمستوطنين يشجعهم على ارتكاب الجرائم

قوات إسرائيلية تقوم بتأمين مَسيرة للمستوطنين في البلدة القديمة بالخليل (وفا)
قوات إسرائيلية تقوم بتأمين مَسيرة للمستوطنين في البلدة القديمة بالخليل (وفا)

قالت وزارة الخارجية الفلسطينية، اليوم الجمعة، إن قرار إسرائيل إلغاء الاعتقال الإداري للمستوطنين يشجعهم على ارتكاب المزيد من الجرائم.

وأضافت الخارجية، في بيان أوردته وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، أنها تنظر بخطورة بالغة لقرار وزير الدفاع الإسرائيلي إلغاء الاعتقال الإداري بحق المستوطنين «الذين يرتكبون جرائم وانتهاكات ضد المواطنين الفلسطينيين، علماً بأن عدد الذين تم اعتقالهم قليل جداً، وعلى مبدأ اعتقالات شكلية بنمط الباب الدوار».

ورأت الوزارة أن هذا القرار يشجع المستوطنين المتطرفين «على ممارسة الإرهاب ضد الفلسطينيين وأرضهم وممتلكاتهم، ويعطيهم شعوراً إضافياً بالحصانة والحماية».

وطالبت الخارجية الفلسطينية «بتحرك دولي فاعل للجم إرهاب ميليشيات المستوطنين، ووضع حد لإفلاتهم المستمر من العقاب، وحماية شعبنا من تغول الاحتلال».

وأعلن وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، اليوم الجمعة، أنه قرر إنهاء استخدام الاعتقال الإداري بحق المستوطنين اليهود في الضفة الغربية المحتلة.

وقال كاتس في بيان إنه قرر «وقف استخدام مذكرات الاعتقال الإداري ضد المستوطنين اليهود في الضفة الغربية، في واقع تتعرض فيه المستوطنات اليهودية هناك لتهديدات إرهابية فلسطينية خطيرة، ويتم اتخاذ عقوبات دولية غير مبررة ضد المستوطنين».

وأضاف: «ليس من المناسب لدولة إسرائيل أن تتخذ خطوة خطيرة من هذا النوع ضد سكان المستوطنات»، وفق ما نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية».