تسبب توافد أعداد كبيرة من الزائرين الإيرانيين القادمين إلى محافظة كربلاء لإحياء زيارة الأربعين الدينية، التي تصادف مطلع الأسبوع المقبل، بإرباك شديد في معظم المنافذ الحدودية شرق البلاد، ما اضطر السلطات الإيرانية، أول من أمس، لإغلاق جميع الطرق الحدودية المؤدية إلى العراق «بسبب الأحداث المقلقة التي وقعت على حدود الشلامجة ومهران والمخاطر الجسيمة التي نشأت على سلامة وصحة الزوار»، طبقاً لما ذكرته وكالة «مهر» للأنباء الإيرانية عن رئيس لجنة الأربعين سيد مجيد مير أحمدي.
وأوضح مير أحمدي، أن «استمرار الوضع الحالي ينطوي بالتأكيد على مخاطر جسيمة على صحة الزوار، وأساس القلق هو غياب الاستعدادات والإمكانات لدى الجانب العراقي في سرعة عملية استقبال الزوار، وسرعة عملية النقل، وعدم كفاية التسهيلات على الجانب الآخر من الحدود، فضلاً عن ازدحام الزوار في ظل الطقس الحار».
وعلى الرغم من زيارة وزير الداخلية الإيراني أحمد وحيدي إلى بغداد، الأسبوع الماضي، ولقائه رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي ونظيره العراقي عثمان الغانمي، إلا أن الجانبين العراقي والإيراني لم يتمكنا من وضع حد لمشكلات دخول الأعداد الكبيرة من الزائرين وبطريقة شبه عشوائية عبر المنافذ البرية، خصوصاً مع عدم قدرة السلطات العراقية وعجزها عن استيعاب أعدادهم الغفيرة التي يتردد أنها تزيد على المليونين أو ثلاثة، وفقاً لبعض التقديرات.
كان مسؤولون عراقيون طالبوا السلطات الإيرانية بالحد من أعداد الزائرين لتجنب مواجهتهم مشاكل الدخول والوصول إلى كربلاء والإقامة والسكن.
وسبق أن صرح وزير الداخلية الإيراني أحمد وحيدي، بأن «العراق لا يستطيع استيعاب أعداد الزائرين من بلاده».
واليوم (السبت) أعلن وحيدي عن موافقة السلطات العراقية على دخول الزائرين بحافلات نقل إيرانية.
وتظهر صور وأفلام فيديو تكدس آلاف الزائرين الإيرانيين في المنافذ الحدودية العراقية بالنظر لعدم قدرة الحافلات العراقية العامة التي خصصتها بعض السلطات الحكومية وسيارات النقل الخاصة في نقل أعدادهم الغفيرة إلى كربلاء. وقد توفي (أمس السبت) ثلاثة إيرانيين وأصيب 15 آخرون في حادث سير بمحافظة واسط التي ترتبط بمنفذ مهران الحدودي مع إيران.
وزار وزير الداخلية الإيراني أحمد وحيدي، أحد المنافذ الحدودية مع عدد من القيادات الأمنية العراقية لتنظيم مسار دخول الزوار.
وأكدت هيئة المنافذ الحدودية العراقية، أمس، خضوع جميع الزائرين للتفتيش وختم الجوازات، وأشارت إلى دخول مليوني زائر إيراني إلى العراق.
وقال رئيس هيئة المنافذ الحدودية اللواء عمر الوائلي، في تصريح لوكالة الأنباء العراقية الرسمية، إن «آلية دخول الزائرين عبر المنافذ الحدودية تم إقرارها ضمن الخطة الأمنية العليا برئاسة وزير الداخلية». وأشار إلى أن «الإجراءات (الدخول) تسير وفق الآلية التي وضعت من خلال تفتيش كافة الزوار الوافدين، وكذلك ختم الجوازات، ولا يسمح بمرور أي زائر إلا بوثيقة رسمية معتمدة تدخل بنظام الجوازات ونظام (البايزز) العراقي، ومن ثم إجراء عملية تفويجهم إلى محافظة كربلاء». وطالب الوائلي، الجانب الإيراني، بـ«إجراء عملية تفويج وليس إرسال الزائرين دفعة واحدة لأنه يؤثر على صحة وسلامة الزائرين، كما ندعوهم أيضاً إلى الالتزام بالأعداد المقررة بين الجانبين على وفق ما نصت عليه الاتفاقية الأمنية العراقية الإيرانية». وكشف عن أن «عدد الزائرين الإيرانيين الذين دخلوا عبر المنافذ الحدودية بلغ مليوني زائر لذلك يحتاج إلى دراسة هذا الموضوع بشكل جيد».
بدوره، اقترح المستشار الثقافي الإيراني لدى العراق غلام رضا أباذري، أول من أمس، تقصير مدة رحلة مواطني بلاده إلى محافظة كربلاء.
وقال أباذري، في تغريدة عبر «تويتر»، «لا ينبغي أن ننسب الضعف إلى العراق، فالعراقي بذل كل ما لديه على أتم وجه».
وأضاف أن «أعداد الزوار مرتفعة جداً، والطقس حار والمدن المقدسة ممتلئة، علينا بتوعية الزوار بتقصير مدة رحلة الأربعين (4 - 5 أيام كحد أقصى)، لتكون مدة الإقامة في كربلاء ليلة واحدة والعودة إلى الجمهورية الإسلامية».
وإلى جانب الإرباك والفوضى في المنافذ الحدودية جراء الأعداد الغفيرة، ما زالت قضية قيام إيرانيين في كربلاء بهدم جدار أحد المدارس تثير جدلاً وانتقادات شعبية واسعة.
هدم السياج جاء بهدف مرور شاحنة محملة بالمواد لإقامة مركز لتقديم الغذاء للزائرين إلى باحة المدرسة، ما دفع النائب المستقل ضياء الهندي، إلى زيارة الموقع، واستنكار ما حدث بوصفه تعدياً على الممتلكات العامة من قبل الجانب الإيراني، وطالب طهران بالاعتذار عن ذلك، وتحدثت أنباء لاحقة عن تعهد الجانب الإيراني بإصلاح الأضرار التي لحقت بالمدرسة.
إلى جانب ذلك، تتعرض السلطات العراقية إلى انتقادات غير قليلة نتيجة ما يبدو أنها عاجزة عن إدارة الزيارة وتوافد الإيرانيين، ويتهمها بعض الناشطين بترك الأمور بيد السلطات الإيرانية. وفي هذا السياق يقول الناشط السياسي غيث التميمي، إن «دخول 10 ملايين إيراني العراق مع أجهزة حكومية إيرانية أمنية وخدمية يتجاوز جميع الأعراف والتقاليد».
ويضيف عبر تغريدة في «تويتر»، ذلك «يؤكد بأن الطائفة الولائية (الجماعات الموالية لإيران في العراق) تحتل الدولة، وتملك القوة والقدرة على انتهاك كل الأعراف والقوانين والدستور متى تشاء، أفواج الهمج والجياع من الزوار الإيرانيين مؤسفة!».
كان مقتدى الصدر، دعا، الأسبوع الماضي، الإيرانيين وبقية الزائرين من البلدان العربية والإسلامية، إلى الالتزام بالقوانين العراقية «تجنباً للفوضى». وقال إن «جميع الدول لها قانونها الخاص، ويجب الالتزام به خلال الزيارات الدينية تجنباً للفوضى، خصوصاً زيارة الأربعين».
وخص الصدر بالذكر الزائرين الإيرانيين باعتبارهم الأكثر عدداً، وشدد على ضرورة أن يدخلوا العراق بـ«تنظيم عال وبإذن وجواز رسمي»، وأن يحترموا القوات الأمنية والجهات المختصة.
ورأى أن «العراق غير ملزم بإدخال ما يفيض عن حاجته». وطالب الصدر، بإبعاد «الحشد الشعبي» عن ملف حماية الزائرين، وتسليمه ليد القوات الأمنية من الجيش والشرطة حصراً.