أوغست كونت... عاشق على حافة الجنون

نشر رسائل كارولين ماسان إلى الفيلسوف الفرنسي بعد 150 سنة على وفاتها

أوغست كونت  -   كارولين ماسان
أوغست كونت - كارولين ماسان
TT

أوغست كونت... عاشق على حافة الجنون

أوغست كونت  -   كارولين ماسان
أوغست كونت - كارولين ماسان

لم يخطر على بالي إطلاقاً أن حياة الفيلسوف أوغست كونت كانت هائجة مائجة إلى مثل هذا الحد. فهي تشبه حياة الشعراء المنحوسين، من أمثال بودلير أو رامبو أو فيرلين، أكثر مما تشبه حياة الفلاسفة الرزينين الرصينين من أمثال ديكارت أو كانط أو هيغل. نقول ذلك، وبخاصة إذا كان الأمر يتعلق بمؤسس الفلسفة الوضعية في فرنسا، أي الفلسفة العقلانية المحضة التي اشتهرت بالدقة العلمية والصرامة الفكرية. إنها أبعد ما تكون عن التحليق في سماوات المثالية الوردية، أو الخيالات المجنَّحة والشطحات الشاعرية أو الصوفية. إنها فلسفة العصر الصناعي والتكنولوجي الذي كان في طور انبثاقه أيام أوغست كونت، إبان القرن التاسع عشر.
وترجع أهمية هذا الفيلسوف بالضبط إلى أنه عرف كيف يستبق هذا العصر الجديد، وينظِّر له حتى قبل أن يولد. هذا على المستوى العام. أما على المستوى الشخصي فقد كانت حياته مناقضة تماماً لفلسفته. لم تكن حياته عقلانية، علمية، محسوبة بدقة على غرار فلسفته، وإنما كانت متقلبة، مليئة بالخضَّات والهزات السيكولوجية المرعبة. كل شيء يحصل كما لو أن فلسفته كانت تعويضاً عن حياته. بمعنى آخر: لقد خسر الحياة وربح الفلسفة. من الصعب أن تربح على كلتا الجبهتين، وعبثاً تحاول. ينبغي أن تضحِّي بإحداهن من أجل الأخرى. وقد كان المبدعون من العباقرة يضحون عادة بكل شيء من أجل النجاح في تأدية رسالتهم. كانوا يعرفون أنه ينبغي عليهم أن يضحوا بحياتهم الشخصية من أجل شيء آخر يعلو عليهم ويتجاوزهم كلياً. العبقري «يحبل» بشيء واحد فقط، هو رسالته أو عبقريته. وما عدا ذلك فتفاصيل ثانوية لا يعتدُّ بها.
ولكن ليس من المؤكد أن العبقري يستطيع التوصل إلى هذه الحقيقة منذ البداية، وإنما بعد المرور بتجارب رهيبة وخطرة أحياناً، تجارب يدفع ثمنها غالياً وقد تودي به. فكثيراً ما يضيع وقته من أجل التفاصيل الثانوية، قبل أن يكتشف في لحظة ما أنه ضل الطريق، وأنه قد خُلق لشيء آخر غير الحب أو الزواج أو النجاح في الحياة أو الوصول إلى المناصب أو تجميع الثروات والأموال... في لحظة ما يشعر العبقري بأنه مدعو لتحقيق شيء واحد فقط: أن يشطب على حياته الشخصية إذا لزم الأمر. بمعنى آخر: عليه أن يفشل لكي ينجح!
لو أن همنغواي نجح في حبه الأول مع الممرضة الرائعة أنييس فون كوروفسكي، هل كان سيكتب «الشمس تشرق أيضاً»، أو «وداعاً أيها السلاح»؟ الأغلب لا. كان ينبغي أن يفشل في أول وأعظم حب في حياته، أن ينكسر شيءٌ ما في داخله، ألا يلتئم جرحه إلا بعد سنوات طويلة؛ هذا إذا التأم، لكي يستطيع أن يكتب ما كتب، ويبدع ما أبدع. وهل كان غيُّوم أبولينير سيكتب إحدى أجمل قصائد الشعر الفرنسي:
«تحت جسر ميرابو
يجري نهر السين
وحبُّنا...».
لولا أن حبيبته ماري لورانسان هجرته فجأة وتخلت عنه؟
لكن لنعد إلى أوغست كونت. فهذا الرجل الذي سيطرت فلسفته الوضعية العقلانية على فرنسا وعموم أوروبا طيلة القرن التاسع عشر، وحتى منتصف هذا القرن، لم يكن عقلانياً على الإطلاق! صدقوا أو لا تصدقوا، أنتم أحرار. علاوة على ذلك فقد عانى الأمرَّين في حياته الزوجية. والواقع أن قصة زواجه غريبة الشكل والمضمون. فقد تزوج من «مومس» محترفة معروفة من قبل الأوساط الباريسية كلها. والدليل على ذلك أنه هو شخصياً كان أحد زبائنها قبل بضعة أشهر فقط! ولم يكن يعرف أنه سيقع عليها يوماً ما في أحد المكاتب المحترمة، وأنه سيسقط في حبها غصباً عنه. هنا يكمن الخطأ الكبير للبروفسور أوغست كونت. فقد أحبها وأشفق عليها، وأراد أن ينقذها من مواصلة هذه «الصناعة» الرديئة: أقدم مهنة في العالم. وهكذا نقلها مباشرة من الرصيف إلى مكتب عمدة البلدية لكي يتزوجها، ويوقع اسمه إلى جانب اسمها! من يصدق ذلك؟ هنا تكمن عظمته ونزعته الإنسانية الحقيقية. ولكن المشكلة هي أن السيدة كارولين لم تستطع أن تتخلى عن عادتها، ولم «تعقل» بعد الزواج كما كان يتوقع أستاذنا الكبير. باختصار شديد: «عادت حليمة إلى عادتها القديمة».
فكلما نقصها فستان جميل أو قبعة زرقاء نزلت إلى الرصيف، وحلَّت المشكلة في أقل من عشر دقائق! وأحس أوغست كونت بالخطر، وخاف من «الشرشحة» والفضيحة. وراح يبكي ويتوسل ويتهدد ويتوعد، لكي تكفّ كارولين عن فعلتها تلك. وهكذا يتصالحان لمدة يومين أو ثلاثة، قبل أن تعود إلى سابق عهدها. بل وكانت تختفي أحياناً أسبوعاً أو أسبوعين متتاليين، ثم تتصل به لكي تعرض عليه إذا كان يقبل باستضافة تاجر غني في البيت... وهكذا يتشكل الزواج من ثلاثة أشخاص بدلاً من شخصين فقط! كان من المتوقع في مثل هذه الحالة أن يتراجع الفيلسوف عن حلمه بإعادتها إلى جادة الصواب، ويطالب بالطلاق فوراً. ولكنه على العكس، راح يتعلق بها أكثر فأكثر. كان يركض في شوارع باريس كالمجنون باحثاً عنها في كل مكان، سائلاً المارة، كلما اختفت. فالحب أعمى، الحب لا يرحم. وقد وصل الأمر بأحد المفجوعين إلى حد القول: أرجوكم مارسوا كل الموبقات، ارتكبوا كل المحرمات، تاجروا حتى بالمخدرات، ولكن إياكم ثم إياكم أن تعشقوا!
كان فيلسوفنا يطرق على كل الأبواب سائلاً عنها، وهو في حالة يرثى لها من الهلع والولع. ثم يعود إلى بيته خاسئاً حسيراً، ويمضي الليل كله في تدبيج الرسائل غير المفهومة إلى أصدقائه ومعارفه، راجياً منهم مساعدته في البحث عن كارولين. أين هي كارولين؟ رجاءً ابحثوا لي عن كارولين، إلخ. وفجأة تظهر كارولين في صبيحة أحد الأيام أمام البيت، وكأن شيئا لم يكن!
ولكن بعد أن تكررت هذه القصص مرات عديدة، راح الفيلسوف يفقد أعصابه شيئاً فشيئاً. حقاً لقد سحقته كارولين وأذلَّته أمام الناس. وراح يهذي ويتخيل أنه يشبه عيسى ابن مريم، وأنه يستطيع أن يمشي على الماء دون أن يغرق. واصطحب مرة كارولين معه في إحدى النزهات، ودخل البحيرة وغطس فيها ودعاها إلى أن تتبعه. ولكنها فضلت أن تنادي الشرطة لكي ينقذوه. فهذا أفضل حل. وهذا ما كان. وانقطعت دروس البروفسور كونت بعد أن وصلت به الأمور إلى هذا الحد من «الشرشحة» والتدهور وفقدان التوازن. نقول ذلك على الرغم من أن «دروسه في الفلسفة الوضعية» كانت تستقطب شخصيات كبيرة، من أمثال الفيلسوف الإنجليزي جون ستيوارت ميل، أو الأب لامنيس، أحد كبار رجالات الكنيسة الفرنسية في عصره، أو الفيلسوف والعالم اللغوي إميل ليتري، صاحب القاموس الشهير الذي يحمل الاسم نفسه، إلخ.
وانتشرت الإشاعة الرهيبة: لقد أصيب الفيلسوف الكبير بلوثة في عقله! فأحالوه إلى المصحات العقلية، وأشرف عليه أحد كبار الأطباء النفسانيين في القرن التاسع عشر: إيسكيرول. ونصحه بالاستحمام بالماء البارد عدة مرات في اليوم، بدلاً من الغطس في مياه البحيرة! ولكن عوضاً عن أن ينسى كارولين ومغامراتها التي لا تنتهي، راح زعيم الفلسفة الوضعية –أي العلمية والمادية الإلحادية- يطالب بالزواج منها شرعاً أمام الكنيسة الكاثوليكية! وجن جنون تلامذته وأتباعه: كيف يمكن لزعيمهم أن يتراجع عن مبادئه إلى مثل هذا الحد؟ كيف يمكن أن يخون قضية الإلحاد التي لا تعترف بالأوهام الميتافيزيقية الماورائية؟ ومعلوم أن الملاحدة يعتبرون الأديان كلها عبارة عن مجرد خيالات وأوهام ليس إلا. كيف يمكن أن يستسلم للكنيسة الرجعية ورجال الدين؟ لقد انتصرت كارولين بجسدها الفتان وعينيها اللتين تذبحان ذبحاً على أحدث النظريات الفلسفية! وتدخل الأب الليبرالي الشهير لامنيس لكي تقبل الكنيسة بهذا الزواج العسير على الهضم. فأرسل مطران باريس أحد كهنته لكي يباركه غصباً عنه. وعندما وصل الفيلسوف إلى الكنيسة ومثل أمام الكاهن مع كارولين، طلبوا منه التوقيع على سجل الزيجات، فوقع باسم «بروتوس-بونابرت»! وأطلق ضحكة مجلجلة مخيفة، أشعرت الكاهن المسكين بالهلع الشديد... باختصار شديد: لقد جن الفيلسوف!
ولكن هل أصبحت كارولين «عاقلة» بعد هذا الزواج الكنسي المهيب والمحترم إلى أقصى الحدود؟ في الواقع أنها أوهمته بذلك لفترة من الزمن. فقد لانت كثيراً وراحت تراعي الأستاذ الهش نفسياً (أو المريض) وتهتم به حتى استعاد توازنه أو كاد. وما إن شعرت بأنه قد هدأ قليلاً حتى راح شيطان المغامرة يعربد في جسدها من جديد. فاختفت فجأة في إحدى «الغزوات» الليلية المحمومة. وعندئذ فضل الفيلسوف هذه المرة الانتحار في ماء النهر على ماء البحيرة. فذهب إلى أقرب جسر على نهر السين ورمى بنفسه فيه. وهو الجسر القريب من معهد العالم العربي حالياً. ولكن يبدو أن الموت لا يريده هذه المرة أيضاً. فقد شاءت الصدفة أن يمر في تلك اللحظة بالضبط أحد ضباط الحرس الجمهوري فغطس عليه وانتشله، واقتاده إلى مقر البوليس، وبعد أن جفّفوا ثيابه وهدَّأوا من روعه اعترف بأنه مذنب، وأنه انصاع لحالة من الضعف المعنوي والنفسي.
وشعر أوغست كونت عندئذ لأول مرة بحقيقته. وأدرك مدى هشاشته أو هشاشة الوجود ذاته. وعرف أن أعماله العلمية أو رسالته الفلسفية بالأحرى هي المبرر الوحيد لوجوده على هذه الأرض. وأدرك أنها هي وحدها القادرة على إنقاذه من حمأة الجنون. وبالتالي فما عليه إلا أن «يشطب» كلياً على كارولين، ويكرس نفسه لتلك المهمة التي خُلق لأجلها في الحياة. وهذا ما كان. فبعد ذلك اليوم لم يسمعه أحد يتحدث عن كارولين أو يذكر اسمها مجرد ذكر. لقد تجاوز الفيلسوف محنته أخيراً، واستطاع أن يبدع ما أبدعه، ويخلد اسمه على صفحة التاريخ.
بقيت كلمة أخيرة عن الست كارولين قبل أن نختتم هذا المقال. يقال بأنها تابت توبة نصوحاً في نهاية المطاف؛ بل وأصبحت تحضر دروس الفيلسوف مع بعض الشخصيات الفرنسية والأجنبية. وكانت تجلس في الصفوف الخلفية وتصغي بكل خشوع لأكبر فيلسوف فرنسي في القرن التاسع عشر، والذي كان زوجها حتى أمد قريب. ولكن للأسف رفض مصالحتها رفضاً باتاً، وأهانها أمام الجميع إلى درجة أن تلميذه إميل ليتري انزعج من موقفه، وترجاه أن يقبل اعتذارها. ولكنه كان قد طوى الصفحة نهائياً بعد أن عذبته كثيراً، ولم تعرف من هو إلا بعد فوات الأوان. يضاف إلى ذلك أنه كان قد وقع في حب عذري صوفي لآنسة جديدة تدعى كلوتيلد دو فو. وهذا الحب الأفلاطوني طهر روحه وصفاها، وجعله يتجاوز كلياً الحب الحسي أو الجسدي.
وقد نشرت مؤخراً في باريس رسائل كارولين له بعد مائة وخمسين سنة على وفاتها! كنا نعرف رسائله الملتهبة إليها منذ زمن طويل، ولكن لم يكن أحد قد اطلع حتى الآن على رسائلها هي. وبعد أن نقرأها نكتشف أنها كانت إنسانة حساسة وتستحق الاحترام أكثر مما نتصور. حقاً لقد شوهت الإشاعات سمعة كارولين ماسان أكثر مما ينبغي. صحيح أنها لم تكن ملاكاً، ولكن من يعرف ظروفها أو من يقدر تلك الظروف؟


مقالات ذات صلة

«تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر في تشجيع الشباب على القراءة

يوميات الشرق «تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر  في تشجيع الشباب على القراءة

«تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر في تشجيع الشباب على القراءة

كشفت تقارير وأرقام صدرت في الآونة الأخيرة إسهام تطبيق «تيك توك» في إعادة فئات الشباب للقراءة، عبر ترويجه للكتب أكثر من دون النشر. فقد نشرت مؤثرة شابة، مثلاً، مقاطع لها من رواية «أغنية أخيل»، حصدت أكثر من 20 مليون مشاهدة، وزادت مبيعاتها 9 أضعاف في أميركا و6 أضعاف في فرنسا. وأظهر منظمو معرض الكتاب الذي أُقيم في باريس أواخر أبريل (نيسان) الماضي، أن من بين مائة ألف شخص زاروا أروقة معرض الكتاب، كان 50 ألفاً من الشباب دون الخامسة والعشرين.

أنيسة مخالدي (باريس)
يوميات الشرق «تيك توك» يقلب موازين النشر... ويعيد الشباب إلى القراءة

«تيك توك» يقلب موازين النشر... ويعيد الشباب إلى القراءة

كل التقارير التي صدرت في الآونة الأخيرة أكدت هذا التوجه: هناك أزمة قراءة حقيقية عند الشباب، باستثناء الكتب التي تدخل ضمن المقرّرات الدراسية، وحتى هذه لم تعد تثير اهتمام شبابنا اليوم، وهي ليست ظاهرة محلية أو إقليمية فحسب، بل عالمية تطال كل مجتمعات العالم. في فرنسا مثلاً دراسة حديثة لمعهد «إبسوس» كشفت أن شاباً من بين خمسة لا يقرأ إطلاقاً. لتفسير هذه الأزمة وُجّهت أصابع الاتهام لجهات عدة، أهمها شبكات التواصل والكم الهائل من المضامين التي خلقت لدى هذه الفئة حالةً من اللهو والتكاسل.

أنيسة مخالدي (باريس)
يوميات الشرق آنية جزيرة تاروت ونقوشها الغرائبية

آنية جزيرة تاروت ونقوشها الغرائبية

من جزيرة تاروت، خرج كم هائل من الآنية الأثرية، منها مجموعة كبيرة صنعت من مادة الكلوريت، أي الحجر الصابوني الداكن.

يوميات الشرق خليل الشيخ: وجوه ثلاثة لعاصمة النور عند الكتاب العرب

خليل الشيخ: وجوه ثلاثة لعاصمة النور عند الكتاب العرب

صدور كتاب مثل «باريس في الأدب العربي الحديث» عن «مركز أبوظبي للغة العربية»، له أهمية كبيرة في توثيق تاريخ استقبال العاصمة الفرنسية نخبةً من الكتّاب والأدباء والفنانين العرب من خلال تركيز مؤلف الكتاب د. خليل الشيخ على هذا التوثيق لوجودهم في العاصمة الفرنسية، وانعكاسات ذلك على نتاجاتهم. والمؤلف باحث وناقد ومترجم، حصل على الدكتوراه في الدراسات النقدية المقارنة من جامعة بون في ألمانيا عام 1986، عمل أستاذاً في قسم اللغة العربية وآدابها في جامعة اليرموك وجامعات أخرى. وهو يتولى الآن إدارة التعليم وبحوث اللغة العربية في «مركز أبوظبي للغة العربية». أصدر ما يزيد على 30 دراسة محكمة.

يوميات الشرق عمارة القاهرة... قصة المجد والغدر

عمارة القاهرة... قصة المجد والغدر

على مدار العقود الثلاثة الأخيرة حافظ الاستثمار العقاري في القاهرة على قوته دون أن يتأثر بأي أحداث سياسية أو اضطرابات، كما شهد في السنوات الأخيرة تسارعاً لم تشهده القاهرة في تاريخها، لا يوازيه سوى حجم التخلي عن التقاليد المعمارية للمدينة العريقة. ووسط هذا المناخ تحاول قلة من الباحثين التذكير بتراث المدينة وتقاليدها المعمارية، من هؤلاء الدكتور محمد الشاهد، الذي يمكن وصفه بـ«الناشط المعماري والعمراني»، حيث أسس موقع «مشاهد القاهرة»، الذي يقدم من خلاله ملاحظاته على عمارة المدينة وحالتها المعمارية.

عزت القمحاوي

شوارع بريطانيا تحمل أسماء الطيور... وسماؤها تفتقدها

الأسماء تتكاثر لكنّ الطيور تختفي من الحقول والسماء (شاترستوك)
الأسماء تتكاثر لكنّ الطيور تختفي من الحقول والسماء (شاترستوك)
TT

شوارع بريطانيا تحمل أسماء الطيور... وسماؤها تفتقدها

الأسماء تتكاثر لكنّ الطيور تختفي من الحقول والسماء (شاترستوك)
الأسماء تتكاثر لكنّ الطيور تختفي من الحقول والسماء (شاترستوك)

تزداد في بريطانيا تسمية الشوارع بأسماء طيور مثل القُبرات والزقزاق والزرازير، في وقت تشهد فيه أعداد هذه الأنواع تراجعاً مقلقاً.

فقد كشف تقرير لجمعية حماية الطيور الملكية، نقلته «الغارديان»، عن أنّ أسماء شوارع من قبيل «ممر القُبرة» و«جادة السمامة» باتت أكثر شيوعاً خلال العقدين الماضيين. وبالاستناد إلى بيانات «أو إس أوبن نيمز» بين عامَي 2004 و2024، تبيَّن أن الشوارع التي تحمل أسماء طائر القُبرة ارتفعت بنسبة 350 في المائة، وتلك التي تحمل اسم الزرزور بنسبة 156 في المائة، فيما ارتفعت أسماء الشوارع المرتبطة بطيور الزقزاق بنسبة 104 في المائة، رغم الانخفاض الكبير في أعداد هذه الطيور في البرّية.

ويشير التقرير إلى أنّ بريطانيا فقدت بين عامَي 1970 و2022 نحو 53 في المائة من القُبرات المتكاثرة، و62 في المائة من الزقزاق، و89 في المائة من العندليب.

وقالت المديرة التنفيذية للجمعية، بيكي سبيت، إنّ التحليل «يكشف عن أن البلديات والمطوّرين العقاريين لا يجدون غضاضة في تسمية الشوارع بأسماء الطبيعة التي نحبّها، بينما تبقى الجهود الرامية إلى منع اختفاء هذه الطيور من سمائنا بعيدة تماماً عن المستوى المطلوب».

ووصف تقرير «حالة الطبيعة 2023» المملكة المتحدة بأنها «واحدة من أكثر الدول استنزافاً للطبيعة على وجه الأرض»، مشيراً إلى الانهيار الحاد في أعداد الطيور البرية منذ سبعينات القرن الماضي.

كما أظهر تحليل الجمعية أنّ استخدام كلمة «مرج» في أسماء الشوارع زاد بنسبة 34 في المائة، في حين اختفت 97 في المائة من المروج البرّية منذ الثلاثينات. ودعت الجمعية الحكومة إلى تعزيز جهود حماية الطبيعة، مع دخول مشروع قانون التخطيط والبنية التحتية في إنجلترا مراحله النهائية.

كانت الحكومة قد تراجعت في أكتوبر (تشرين الأول) عن دعم تعديل يُلزم بتركيب «طوب السمامات» في كلّ منزل جديد، رغم أنّ أسماء الشوارع المرتبطة بالسمامات ارتفعت بنسبة 58 في المائة.

وأكدت الجمعية أنه من «الممكن والضروري» تبنّي نظام تخطيط عمراني يُسهم في استعادة البيئة الطبيعية، مستشهدةً ببحث صادر عن مؤسّسة «مور إن كومون» يفيد بأنّ 20 في المائة فقط من البريطانيين يرون أنه ينبغي خفض المعايير البيئية لتشييد مزيد من المنازل.

من جانبه، قال مؤلّف كتاب «ليا الوقواق» عن تاريخ الطيور في أسماء الأماكن البريطانية، مايكل وارن، إنّ البريطانيين «يعشقون أسماء الطبيعة، ويعرف المطوّرون ذلك جيداً». لكنه أوضح أنّ رواج أسماء الطيور في المشروعات السكنية الجديدة «يخفي انفصالاً عميقاً يعانيه كثيرون عن الطبيعة، ويعطي انطباعاً مضلّلاً بأنّ كلّ شيء على ما يرام».

وأشار وارن إلى أنّ أسماء الأماكن كانت سابقاً تعكس الواقع البيئي، أما الأسماء الحديثة فهي «في أفضل الأحوال جميلة المظهر، لكنها في الحقيقة وسيلة خادعة ورخيصة وسهلة لخلق إيحاء بمعالجة تدهور الطبيعة من دون القيام بأيّ تحرّك فعلي».

وختمت سبيت: «يستحق الناس أن يستمتعوا بصوت العندليب في ذروة غنائه، أو بصيحات السمامات وهي تحلّق فوق رؤوسهم، بدلاً من العيش في شوارع صامتة تحمل أسماء ساخرة».


علي الكلثمي... المخرج السعودي الذي صاغ من السخرية رؤية سينمائية

علي الكلثمي شارك تفاصيل منهجه الإخراجي ورحلته داخل الصناعة السعودية (البحر الأحمر)
علي الكلثمي شارك تفاصيل منهجه الإخراجي ورحلته داخل الصناعة السعودية (البحر الأحمر)
TT

علي الكلثمي... المخرج السعودي الذي صاغ من السخرية رؤية سينمائية

علي الكلثمي شارك تفاصيل منهجه الإخراجي ورحلته داخل الصناعة السعودية (البحر الأحمر)
علي الكلثمي شارك تفاصيل منهجه الإخراجي ورحلته داخل الصناعة السعودية (البحر الأحمر)

للمخرج السعودي علي الكلثمي أسلوب ساخر لا ينفصل عن شخصيته، ولا عن أعماله، ولا حتى عن طريقته في مقاربة أكثر الأسئلة الفنّية جدّية. بدا ذلك واضحاً في حديثه على المسرح خلال الجلسة الحوارية التي تناولت تجربته في مهرجان «البحر الأحمر السينمائي الدولي»، في مزيج بين الخفّة والعمق، وبين اللعب والملاحظة الحادّة، ما يجعله قادراً على قول أكثر الأفكار تعقيداً بأبسط المفردات وأكثرها تلقائية.

الجلسة، التي بيعت تذاكرها بالكامل، وشهدت حضوراً كثيفاً من المهتمّين، لم تكن مجرّد لقاء عابر؛ إذ بدا واضحاً أنّ تجربة الكلثمي باتت اليوم محطَّ متابعة عربية وخليجية، مع حضور لافت لجمهور من الكويت وعُمان ودول أخرى. فهو يُعد أحد أبرز الأصوات التي خرجت من فضاء «يوتيوب» في السعودية، وبدأ رحلته السينمائية عبر الفيلم القصير «وسطي» عام 2016، كما يُعد أحد المساهمين في نقل السينما المحلّية إلى مرحلة جديدة من خلال فيلمه الطويل «مندوب الليل» الذي حصد جوائز عدّة.

من السخرية إلى المنهج

وحملت الجلسة كثيراً من الجدّية في التفاصيل التي قدَّمها الكلثمي عن عمله مع الممثلين. وكان لافتاً أنه بدأ إحدى إجاباته بنصيحة غير معتادة: «أنصح كلّ الخرّيجين أن يُجرّبوا التمثيل ولو في ورشة قصيرة. التجربة تُغيّر فهمك للممثل تماماً!». هذه الجملة وحدها كانت كافية لفتح باب واسع حول علاقته بالممثلين، وكيف أسهمت تجربته القصيرة في التمثيل، التي وصفها بـ«الكراش كورس»، في تغيير طريقته في التعامل مع الممثل أمام الكاميرا.

يرى الكلثمي أنّ الممثل لحظة وصوله إلى موقع التصوير يكون «مكشوفاً بالكامل». هذه النظرة العميقة لطبيعة الوقوف أمام الكاميرا جعلته يؤمن بأنّ المخرج لا يمكنه قيادة الأداء من دون أن يكون قادراً على الشعور بذلك الخوف الإنساني الخام. لذلك، فإنّ أول ما يمنحه للممثل ليس التوجيه، بل الثقة. يضيف: «أول ما يحتاج إليه هو أن يشعر أنك لن تحاكمه. أنك شبكة الأمان التي تحميه حين يُغامر».

علي الكلثمي على السجادة الحمراء في المهرجان (البحر الأحمر)

يُصرّ الكلثمي على أنّ العمل الجوهري لا يتم في موقع التصوير، بل قبله. وهي فكرة تُشكّل أحد أعمدة منهجه الإخراجي. وقدَّم مثالاً على ذلك من خلال علاقته المهنية الطويلة مع الممثل محمد الدوخي (بطل «مندوب الليل»)، التي تمتد لسنوات.

في التحضير للشخصيات، كانا يستحضران أشخاصاً من الماضي، ويقولان: «تتذكر فلان؟ هذا ظله... طيف منه». هنا يظهر الجانب الإنساني عند الكلثمي، الذي يرى في التفاصيل الصغيرة والعلاقات العابرة مادة حقيقية لبناء الشخصية. فليست الحكايات الكبيرة ما تصنع صدق الأداء، بل هشاشة التفاصيل التي لا ينتبه لها أحد.

ويتعمَّق هذا المنهج عبر أداة إضافية يستخدمها تحت إطار البحث عن تفاصيل الشخصية. فهو يرى أنّ الممثل مُطالب بمعرفة دفاتر الشخصية، وكتاباتها، وطريقة تفكيرها، وحتى ما يمكن أن تستمع إليه في عزلتها. ليس ذلك بهدف خلق صورة مُكتملة، بل بهدف فتح مسارات داخلية تُساعد الممثل على الوصول إلى جوهر الشخصية.

النصّ بصوت المُخرج

ومن أكثر جوانب الجلسة إثارة للانتباه، اعتراف الكلثمي بأنه يحب أن يقرأ النصّ للممثل بعد أن ينتهي الأخير من قراءته. ورغم أنه يصرّ على أن ذلك ليس لتلقينه الأداء، فإنه يراه «نافذة إضافية» تمنح الممثل فرصة للدخول إلى العالم الداخلي للشخصية. يقول: «أقرأ النص بصوتي، وأمثّل الشخصية أمامه، ليس لأريه كيف يؤدّي، بل لأفتح له نافذة يُطل من خلالها على عالم الشخصية».

هذا النهج، الذي يجمع بين الحسّ التمثيلي والقدرة على الإصغاء، يعكس رؤية الكلثمي لموقعه في الصناعة، كما ظهر بوضوح في الجلسة التي امتدَّت لنحو ساعة، وحاوره فيها الصحافي أحمد العياد. فهو لا يضع نفسه في موضع السلطة، بل في موضع الشريك الذي يُمهّد للممثل الطريق بدل أن يفرض عليه مساراً واحداً.

من «يوتيوب» إلى السينما

الحضور الواسع للكلثمي في الجلسة يعكس مساراً غير تقليدي في السينما السعودية. فالمخرج الذي خرج من عباءة المحتوى الرقمي لا يحمل عقدة الانتقال إلى السينما، ولا يضع بينهما طبقية، بل يرى أنّ لكل وسيط لغته وجمهوره، والفنان الحقيقي لا ينتمي إلى منصة بقدر ما ينتمي إلى صدق التجربة. وقد بدا هذا المبدأ حاضراً في ردوده، وفي التواضع الذي يتعامل به مع مشواره، سواء في البدايات مع «وسطي»، أو في نجاحات «مندوب الليل» التي نقلته إلى دائرة الضوء السينمائية.

لم تكن الجلسة مجرّد استعراض لسيرة مخرج شاب، وإنما درس في فَهْم الممثل، وفي التحضير، وفي الدور الذي يمكن أن يلعبه التعاون في رفع جودة صناعة كاملة. وربما كانت أيضاً نافذة إلى روح الكلثمي نفسه: فنان يسخر من كلّ شيء، لكنه لا يسخر من الفنّ.


أمير المصري في «البحر الأحمر»... بطولة مزدوجة تقوده إلى لحظة تحوُّل لم يتوقَّعها

مشهد من فيلم افتتاح المهرجان «العملاق» من بطولة أمير المصري (المهرجان)
مشهد من فيلم افتتاح المهرجان «العملاق» من بطولة أمير المصري (المهرجان)
TT

أمير المصري في «البحر الأحمر»... بطولة مزدوجة تقوده إلى لحظة تحوُّل لم يتوقَّعها

مشهد من فيلم افتتاح المهرجان «العملاق» من بطولة أمير المصري (المهرجان)
مشهد من فيلم افتتاح المهرجان «العملاق» من بطولة أمير المصري (المهرجان)

تصدُّر بطولة فيلم افتتاح مهرجان «البحر الأحمر السينمائي الدولي» ليس أمراً بسيطاً، بيد أنْ يترافق ذلك مع اختيار فيلم آخر للبطل نفسه ضمن دورة واحدة، فهذه حالة لا تحدُث كثيراً في مسيرة أي ممثل. هذا ما يعيشه حالياً البريطاني - المصري أمير المصري، بطل فيلم «العملاق» الذي افتتح الدورة الخامسة للمهرجان، وحظي باهتمام واسع، وهو أيضاً بطل فيلم «القصص» للمخرج أبو بكر شوقي، أحد أبرز المنافسين في المسابقة الرسمية للأفلام الطويلة.

أمير المصري، الذي أصبح اسماً مألوفاً في سجل ضيوف المهرجان خلال السنوات الماضية، عاد هذا العام بنبرة مختلفة وحضوراً أكثر نضجاً، ليروي لـ«الشرق الأوسط» تفاصيل التجرية، قائلاً: «عندما تحدَّث معي الرئيس التنفيذي للمهرجان الأستاذ فيصل بالطيور عن فيلم (العملاق)، لم أكن أعرف أنه سيختاره ليكون فيلم الافتتاح. فقد كان من الممكن أن يختار فيلماً تجارياً لبطل هوليوودي مثلاً، لكنه أبدى اهتماماً بإظهار أناس مثلي على المسرح أمام نجوم عالميين مثل مايكل كين وإيشواريا راي».

ويصف المصري تلك اللحظة بأنها علامة فارقة في مسيرته، ويضيف بنبرة إعجاب واضحة: «أنا منبهر بالمهرجان، وعاماً تلو آخر نرى أنّ كلّ دورة أفضل من التي سبقتها». ويتابع موضحاً خصوصية هذا العام: «مستمتع جداً بالمرحلة الحالية التي أعيشها فنّياً، خصوصاً مع ندرة أن يحظى ممثل ببطولة فيلمين مشاركين في مهرجان بحجم (البحر الأحمر)».

أمير المصري... عام مفصلي يُبدّل موقعه بين البطولة والهوية الفنّية (المهرجان)

«العملاق»... المدرّب أم الموهبة؟

وإنما حضور المصري في «العملاق» يتجاوز مجرّد البطولة، فالفيلم نفسه يحمل تركيبة حساسة تستدعي أداءً واعياً لطبيعة الشخصية التي يجسدها: نسيم حميد، المُلاكم الذي أحدث ثورة في صورة الرياضي المُسلم في بريطانيا التسعينات، بقدر ما أثار جدلاً لا ينتهي حول علاقته بمدرّبه الأسطوري الذي يجسّد دوره النجم بيرس بروسنان. وبسؤال أمير المصري عن تقاطعات ذلك مع حياته، يرد بحماسة: «جداً... كلانا يتجاهل الآراء السلبية ويُكمل طريقه بإصرار».

ينطلق الفيلم من مشهد صغير في شيفيلد البريطانية، حيث تطلب والدة طفل في السابعة من المدرّب أن يُعلّم ابنها الدفاع عن نفسه ضدّ التنمُّر، لحظة تبدو عادية لكنها تتحوَّل إلى حجر الأساس لأسطورة. يلتقط المدرّب الموهبة من النظرة الأولى، فيأخذ نسيم مع 3 من إخوته إلى الحلبة، ليكتشف فوراً أن الطفل النحيف يحمل شيئاً لا يُدرَّس. ومن هنا يمتدّ الخطّ الزمني للفيلم عبر محطات تنقل نسيم من شوارع الحيّ إلى لقب بطل العالم، قبل أن تبدأ الانهيارات التي ستفضح هشاشة العلاقة بين المُلاكم ومدرّبه.

يطرح الفيلم بذكاء شديد السؤال: مَن هو «العملاق» الحقيقي، المدرّب أم الموهبة؟ هذا السؤال يصل ذروته في مشهد صادم يتواجه فيه الطرفان، فيقول نسيم: «هذه موهبة من الله، وعليَّ أن أستثمرها من دون أن أدين بالفضل لأحد». فيردّ المدرّب: «موهبتك بلا قيمة لو لم أكتشفها وأطوّرها طوال 16 عاماً».

ولأنّ الفيلم يعيد طرح الأسطورة على الشاشة، كان حضور نسيم حميد الحقيقي في عرض الفيلم حدثاً إضافياً، إذ ظهر المُلاكم المعتزل في المهرجان بعد سنوات من الغياب، مُبتسماً ومُتأثراً، وقال لأمير المصري: «هذا الفيلم يقول لك: (باسم الله... ابدأ مسيرة جديدة!)». وكأنّ الأسطورة سلّمت شعلتها الرمزية للممثل الذي أعاد بناءها.

المصري يتوسّط المُلاكم المعتزل نسيم حميد والرئيس التنفيذي للمهرجان فيصل بالطيور (المهرجان)

مرحلة جديدة... مشروعات بالجُملة

وبالنظر إلى كون الهوية الفنّية لأمير المصري وُلدت من تداخُل الثقافتين العربية والغربية، تماماً كما جاء في فيلم «العملاق»، يبدو السؤال عن تأثير هذا المزج حاضراً بالضرورة، ليُجيب بتأمّل واضح في جوهر اختياراته قائلاً: «الأهم أن أركّز على المشروع، أيّاً كان، في العالم العربي أو خارجه». ويشرح: «دائماً تشغلني الأسئلة: هل هذا العمل من شأنه تحريك شيء داخلي؟ هل يمكنه إيصال رسالة؟»، مشيراً إلى أنّ فيلم «العملاق» يأتي ضمن هذا الإطار بشكل واضح.

الزخم دفعه لاتخاذ خطوة طال تأجيلها، وهي تأسيس شركة إنتاج في بريطانيا، فيكشف: «اتجهت مؤخراً لتأسيس شركة إنتاج افتتحتها قبل نحو 3 أشهر، وأعتزم في المرحلة المقبلة أن أنفّذ أعمالاً ليست لي فقط، بل كذلك لأناس يُشبهنوني». يتحدَّث المصري عن مشروعه الجديد كأنه يضع حجر الأساس لهوية إنتاجية مقبلة تُكمِل ما بدأه أمام الكاميرا.

أمير المصري يتحدّث عن الزخم والتحوّل وبداية مشروعه الإنتاجي (الشرق الأوسط)

وعن أحدث مشروعاته، يقول: «ثمة فيلم أنهيته للتو في ألمانيا، ولو عُرض في مهرجان مثل (البحر الأحمر)، فهذا يعني أننا سلطنا الضوء على قضية مهمة جداً في موضوع لامسني جداً عندما قرأته. فيلم سيكون مهماً جداً». ورغم تحفُّظ المصري على ذكر القضية التي يتناولها، فإنّ حديثه يوحي بموضوع ثقيل لمرحلة أكثر التزاماً في خياراته السينمائية.

وفي ختام حديثه، يفتح نافذة على مشروع جديد ينتظره جمهور الدراما، مؤكداً أنه يستعدّ لبطولة مسلسل «سفّاح» مع المخرج هادي الباجوري، الذي من المنتظر عرضه عبر منصة «شاهد»، وهو عمل يستلهم من قصة حقيقية لقاتل متسلسل حصلت في قلب القاهرة، ليذهب هذه المرة نحو الغموض والعوالم السوداء.