قرار «الدولار الجمركي» يراوح بين بعبدا والسراي

موظفو القطاع العام ما زالوا ينتظرون المساعدات... وأسعار السلع مرشحة للارتفاع

أولاد يلعبون بكرة القدم أمام فرع أحد البنوك المغلقة بسبب الإضراب في بيروت أمس (رويترز)
أولاد يلعبون بكرة القدم أمام فرع أحد البنوك المغلقة بسبب الإضراب في بيروت أمس (رويترز)
TT

قرار «الدولار الجمركي» يراوح بين بعبدا والسراي

أولاد يلعبون بكرة القدم أمام فرع أحد البنوك المغلقة بسبب الإضراب في بيروت أمس (رويترز)
أولاد يلعبون بكرة القدم أمام فرع أحد البنوك المغلقة بسبب الإضراب في بيروت أمس (رويترز)

بعدما كان من المتوقع أن يتم رفع الدولار الجمركي خلال أسبوعين، في محاولة لتأمين إيرادات للدولة لتغطي المساعدات التي أقرتها الحكومة مؤخراً لموظفي القطاع العام، من أجل حثهم على فك إضرابهم المستمر منذ أكثر من شهر ونصف شهر، تشير المعلومات إلى أن هذا الموضوع أيضاً بات جزءاً من الخلاف المستعر بين رئاستي الجمهورية والحكومة، الذي يقوم بشكل أساسي على خلفية تعذر الاتفاق على تشكيل حكومة جديدة.
وما زال الدولار الجمركي يُحتسب حتى الآن على سعر صرف 1507 ليرات لبنانية للدولار الواحد، علماً بأن الدولار في السوق السوداء تجاوز 30 ألفاً. وبينما تردد أنه سيتم رفعه في مرحلة أولى لمستوى 12 ألفاً، على أن يتواصل رفعه بشكل تصاعدي في مراحل لاحقة، تبين أنه لا اتفاق نهائياً بعدُ حول الموضوع. إذ قال رئيس لجنة المال والموازنة النائب إبراهيم كنعان لـ«الشرق الأوسط»: «ليس هناك بعد اتفاق على سعر صرف للدولار الجمركي»، مرجحاً ألا يوقع رئيس الجمهورية المرسوم الذي وصله حول الدولار الجمركي وسعر صرفه، متحدثاً عن «عدة أسباب، في طليعتها القفزة الكبيرة بين 15000 ليرة و25000 كما جاء في المرسوم».
وأوضح كنعان أنه «لا علاقة للموازنة بالدولار الجمركي، إنما بالرسوم والضرائب التي لحظها مشروع الحكومة، والتي تتضمن تفاوتاً كبيراً بين احتساب النفقات والإيرادات نسبة لأسعار صرف تتراوح بين 1500 للرواتب و20 ألفاً للرسوم والضرائب، وهذا ما اعترضنا عليه، ونقوم بمعالجته في لجنة المال».
ورداً على سؤال عن المواد التي من المفترض أن يشملها قرار الدولار الجمركي الجديد، قال كنعان: «على الحكومة تحديدها ونشرها، وتفعيل أجهزة الرقابة لضبط الأسعار؛ لأن التفلت جريمة، وهو ما بدأ يحصل، حتى قبل اعتماد تسعيرة جديدة، أي (على الريحة)، فكيف الحال إذا ما تمّ اعتماد أي رفع للدولار الجمركي من دون رقابة صارمة وفعلية؟!».
وفعلياً، لم ينتظر معظم القطاعات - خصوصاً تلك التي تعتمد كلفتها على الدولار - إعلان التسعيرة التي سيتم اعتمادها للدولار الجمركي؛ بل اجتهدت بتقديرها، واستبقت إقرارها، فرفعت أسعارها بشكل غير قانوني.
وكان رئيس حكومة تصريف ‏الأعمال نجيب ميقاتي، ووزير المال، وقّعا مرسوم رفع تسعيرة الدولار الجمركي، وأحالاه إلى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون لتوقيعه، إلا أن مصادر مطلعة على الملف قالت لـ«الشرق الأوسط»، إن «الرئيس يتروى قبل توقيعه؛ خصوصاً أن مجلس شورى الدولة اعتبر أن الموضوع يتطلب تشريعاً، ولا يمكن أن يحصل بمرسوم عادي؛ لأنه يلحظ فرض رسوم جديدة، وهو لا يدخل في إطار حق التشريع الجمركي المعطى للحكومة»، لافتة إلى أن الرئيس عون «طلب استيضاحاً قانونياً إضافياً، ليتخذ قراراً حيال هذا الموضوع».
وعُقد ‏اجتماعان الأسبوع الماضي؛ الأول في وزارة المال، والثاني في السراي الحكومي، لحسم موضوع الدولار الجمركي. ‏وقالت مصادر رسمية لـ«الشرق الأوسط» إنه «جرى التداول بحجم الأموال المطلوبة لتغطية النفقات المستجدة، وخصوصاً تلك المرتبطة بالمساعدات التي أُقرت للقطاع العام، ليتم تسعير الدولار الجمركي على هذا الأساس، واقتُرح أن يبدأ العمل بدولار الـ12 ألفاً، على أن يصل بعد 6 أشهر إلى إعادة النظر في الموضوع وتقييمه لرفعه من جديد».
وأضافت المصادر: «‏وقد تم تحديد المواد التي لن يشملها الدولار الجمركي، وأبرزها المواد الغذائية الأساسية، والأدوية، والمستلزمات الطبية، وأدوات التنظيف»، موضحة أن زيادة الأسعار التي سيشعر بها المواطن ستتراوح ما بين 10 و15 في المائة.
وكان وزير الصناعة في حكومة تصريف الأعمال، جورج بوشكيان، قد أكد في وقت سابق أن «الدولار الجمركي سيطبّق على الكماليات، وليس على الأمور الحياتية الأساسية، وهناك حوالي 500 منتج لن يشملها الجمرك، واللوائح أصبحت جاهزة».
ويعتبر الخبير المالي والاقتصادي وليد أبو سليمان أن تسعير الدولار الجمركي على 12 ألف ليرة من شأنه أن يكرس «اللاعدالة الاجتماعية؛ خصوصاً أن المودع الذي يدفع الضريبة يسحب وديعته من المصرف على أساس الدولار بـ8 آلاف»، موضحاً أن هذا الإجراء «سيزيد من الكتلة النقدية بالليرة، وبالتالي سيؤدي لارتفاع إضافي في سعر الصرف؛ لأن اقتصادنا متأزم والعملة مرآة الاقتصاد».
ويضيف أبو سليمان لـ«الشرق الأوسط»: «تعددية أسعار سعر الصرف تسبب تشوهاً اقتصادياً، لذلك المطلوب توحيد سعر الصرف، واعتماد معايير موحدة. هكذا نخطو خطوات إصلاحية حقيقية».


مقالات ذات صلة

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

المشرق العربي رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

تُوفّي الموسيقار اللبناني إيلي شويري، عن 84 عاماً، الأربعاء، بعد تعرُّضه لأزمة صحية، نُقل على أثرها إلى المستشفى، حيث فارق الحياة. وأكدت ابنته كارول، لـ«الشرق الأوسط»، أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قبل أن تعلم به العائلة، وأنها كانت معه لحظة فارق الحياة.

المشرق العربي القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

وجّه المجلس التأديبي للقضاة في لبنان ضربة قوية للمدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون، عبر القرار الذي أصدره وقضى بطردها من القضاء، بناء على «مخالفات ارتكبتها في إطار ممارستها لمهمتها القضائية والتمرّد على قرارات رؤسائها والمرجعيات القضائية، وعدم الامتثال للتنبيهات التي وجّهت إليها». القرار التأديبي صدر بإجماع أعضاء المجلس الذي يرأسه رئيس محكمة التمييز الجزائية القاضي جمال الحجار، وجاء نتيجة جلسات محاكمة خضعت إليها القاضية عون، بناء على توصية صدرت عن التفتيش القضائي، واستناداً إلى دعاوى قدمها متضررون من إجراءات اتخذتها بمعرض تحقيقها في ملفات عالقة أمامها، ومخالفتها لتعليمات صادرة عن مرجع

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

رأى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أن فرص انتخاب مرشح قوى 8 آذار، رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، «باتت معدومة»، مشيراً إلى أن الرهان على الوقت «لن ينفع، وسيفاقم الأزمة ويؤخر الإصلاح». ويأتي موقف جعجع في ظل فراغ رئاسي يمتد منذ 31 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث فشل البرلمان بانتخاب رئيس، وحالت الخلافات السياسية دون الاتفاق على شخصية واحدة يتم تأمين النصاب القانوني في مجلس النواب لانتخابها، أي بحضور 86 نائباً في دورة الانتخاب الثانية، في حال فشل ثلثا أعضاء المجلس (86 نائباً من أصل 128) في انتخابه بالدورة الأولى. وتدعم قوى 8 آذار، وصول فرنجية إلى الرئاسة، فيما تعارض القوى المسيحية الأكثر

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

جدد سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان، وليد بخاري، تأكيد موقف المملكة من الاستحقاق الرئاسي اللبناني بوصفه «شأناً سياسياً داخلياً لبنانياً»، حسبما أعلن المتحدث باسم البطريركية المارونية في لبنان بعد لقاء بخاري بالبطريرك الماروني بشارة الراعي، بدأ فيه السفير السعودي اليوم الثاني من جولته على قيادات دينية وسياسية لبنانية. وفي حين غادر السفير بخاري بكركي من دون الإدلاء بأي تصريح، أكد المسؤول الإعلامي في الصرح البطريركي وليد غياض، أن بخاري نقل إلى الراعي تحيات المملكة وأثنى على دوره، مثمناً المبادرات التي قام ويقوم بها في موضوع الاستحقاق الرئاسي في سبيل التوصل إلى توافق ويضع حداً للفراغ الرئا

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

تأتي جولة سفيرة الولايات المتحدة الأميركية لدى لبنان دوروثي شيا على المرجعيات الروحية والسياسية اللبنانية في سياق سؤالها عن الخطوات المطلوبة لتفادي الشغور في حاكمية مصرف لبنان بانتهاء ولاية رياض سلامة في مطلع يوليو (تموز) المقبل في حال تعذّر على المجلس النيابي انتخاب رئيس للجمهورية قبل هذا التاريخ. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر نيابية ووزارية أن تحرك السفيرة الأميركية، وإن كان يبقى تحت سقف حث النواب على انتخاب رئيس للجمهورية لما للشغور الرئاسي من ارتدادات سلبية تدفع باتجاه تدحرج لبنان من سيئ إلى أسوأ، فإن الوجه الآخر لتحركها يكمن في استباق تمدد هذا الشغور نحو حاكمية مصرف لبنان في حال استحال عل

محمد شقير (بيروت)

إسرائيل تملأ غياب هوكستين بالغارات والتوغلات

دبابة إسرائيلية على مثلث مرجعيون - ديرميماس - القليعة قرب نهر الليطاني بجنوب لبنان (متداول)
دبابة إسرائيلية على مثلث مرجعيون - ديرميماس - القليعة قرب نهر الليطاني بجنوب لبنان (متداول)
TT

إسرائيل تملأ غياب هوكستين بالغارات والتوغلات

دبابة إسرائيلية على مثلث مرجعيون - ديرميماس - القليعة قرب نهر الليطاني بجنوب لبنان (متداول)
دبابة إسرائيلية على مثلث مرجعيون - ديرميماس - القليعة قرب نهر الليطاني بجنوب لبنان (متداول)

تملأ إسرائيل غياب الموفد الرئاسي الاميركي آموس هوكستين الذي يحمل مبادرة أميركية لوقف إطلاق النار، بالغارات العنيفة، وتوسعة رقعة التوغل البري الذي وصل إلى مشارف مجرى نهر الليطاني، في محاولة لفصل النبطية عن قضاء مرجعيون.

وفيما انتقل هوكستين إلى واشنطن من دون الإدلاء بتصريحات حول زيارته إسرائيل، أكدت مصادر لبنانية لـ«الشرق الأوسط» أنَّ الموفد الأميركي «بقيَ على تواصل مع المفاوضين اللبنانيين»، مشيرة إلى أنَّ المحادثات لوقف النار «تتقدم ببطء، لكن بثبات في اتجاه إيجابي».

ميدانياً، وصلت القوات الإسرائيلية إلى بلدة ديرميماس، انطلاقاً من بلدة كفركلا، ما يعني أنَّها سارت على طريق لنحو 5 كيلومترات في العمق اللبناني، لتصل إلى مشارف الليطاني، بعد تمهيد ناري بالمدفعية وغارات جوية نفذتها طائرات حربية ومسيّرات. وقال «حزب الله»، في المقابل، إنَّه استهدف تلك القوات في النقاط التي وصلت إليها.

بالموازاة، كثفت إسرائيل غاراتها الجوية على ضاحية بيروت الجنوبية، واستهدفت الأحياء المسيحية المقابلة للضاحية في عين الرمانة والحدت، وهي خطوط التماس السابقة في الحرب اللبنانية، وذلك عقب إنذارات وجهها الجيش للسكان بإخلاء الأبنية.