قصص سوريين عادوا من حدود تركيا بجروح وكدمات

«المرصد» وناشطون وثّقوا وفاة 12 شخصاً منذ مطلع العام

الجدار الحدودي بين سوريا وتركيا (الشرق الأوسط)
الجدار الحدودي بين سوريا وتركيا (الشرق الأوسط)
TT

قصص سوريين عادوا من حدود تركيا بجروح وكدمات

الجدار الحدودي بين سوريا وتركيا (الشرق الأوسط)
الجدار الحدودي بين سوريا وتركيا (الشرق الأوسط)

يتحدث ناشطون وحقوقيون سوريون عن تصاعد عمليات التعذيب والضرب المبرح وسوء المعاملة التي يتعرض لها طالبو لجوء سوريون، بينهم أطفال ونساء، على يد حرس الحدود التركي (الجندرما) أثناء محاولتهم عبور الحدود السورية إلى داخل الأراضي التركية، مشيرين إلى مقتل عدد من السوريين تحت التعذيب وبرصاص «الجندرما» خلال الفترة الأخيرة.
ومع إغلاق تركيا منافذها الحدودية، بشكل نهائي، أمام النازحين السوريين في 2015، وأعقب ذلك على مدى عامين، الشروع ببناء جدار حدودي (إسمنتي) سمته «الجدار الأمني» على طول الحدود السورية - التركية بارتفاع 4 أمتار بطول حوالي 900 كيلومتر على امتداد الولايات الجنوبية والجنوبية الشرقية التركية (ولايات هطاي أو أنطاكيا وكليس وغازي عنتاب وشانلي أورفة وماردين)، لجأ سوريون ممن تقطعت بهم السبل وأنهكهم الجوع والفقر، إلى الهرب من سوريا ومحاولة دخول الأراضي التركية بطرق غير شرعية عبر الجدار والأنفاق، تحت مسمى «طلب اللجوء»، أملاً بالحصول على العيش بأمان. إلا أن ذلك لم يشفع لهم، وكان مصير مئات منهم خلال السنوات الأخيرة الماضية، الضرب والتعذيب الوحشي ومنهم من فقد حياته تحت التعذيب، على يد «الجندرما»، فيما تصاعدت حدة التعذيب والمعاملة السيئة خلال الآونة الأخيرة مع وفاة 6 سوريين تحت التعذيب أو برصاص حرس الحدود التركي، بحسب ناشطين سوريين وحقوقيين.
وقال أحمد (31 عاماً)، وهو مهجر قسراً، من منطقة خان شيخون، جنوب إدلب، بأنه قرر مطلع الشهر الجاري يوليو (تموز) «دخول الأراضي التركية عن طريق التهريب، بالاتفاق مع سماسرة من المناطق الحدودية شمال إدلب، ولدى وصولي إلى الموقع المتفق عليه مع السمسار (المهرب)، وجدت 7 أشخاص بالغين وفتاة وطفلا عمره 14 عاما من مناطق مختلفة من سوريا، جميعهم يرغب بالدخول إلى تركيا، وتم نقلنا إلى منطقة جبلية في منطقة دركوش شمال إدلب، قريبة من الجدار التركي، ومع منتصف الليل أعلمنا السمسار بأن التوقيت بات مناسباً لتسلق الجدار (الإسمنتي التركي) عبر سلم حديد، للدخول إلى الأراضي التركية، وبدأنا الواحد تلو الآخر بالصعود والنزول في الجهة المقابلة داخل الأراضي التركية، وسرعان ما شعر حرس الحدود التركي بوجود أشخاص، واستنفر كل العناصر وانتشروا في المكان، بينما نحن قمنا بالاختباء والتواري عن المصابيح الليلة بين الأعشاب والأشجار، إلا أن الكلاب الخاصة بـ(الجندرما) عثرت علينا وجرى تطويقنا من قبلهم، وانهالوا علينا جميعاً بالضرب بالعصي وقبضات الأسلحة والهراوات، على كل أنحاء الجسم، دون أن يستثنوا الطفل والفتاة، وسط صراخ وسب وشتائم، واستمر ذلك حوالي نصف ساعة، ثم أجبرونا على الصعود إلى سيارة عسكرية، وصادروا هواتفنا وأشياء خاصة، وجرى نقلنا، بعد ذلك إلى أحد المعسكرات التابعة لهم في المنطقة، وحجزنا في مكان لا يصلح بتاتاً للبشر، حتى صباح اليوم التالي، وتم نقلنا بعدها بسيارة عسكرية إلى فتحة في الجدار التركي، وأخرجنا إلى الأراضي السورية، وبدت علينا حينها علامات الضرب والكدمات على الوجه والظهر، بصورة غير مبررة». أما الشاب محمود (28 عاماً)، نازح من ريف حماة الشمالي إلى مخيمات حارم شمال إدلب، فيشكو من آلام في الظهر والمفاصل «نتيجة تعرضي للضرب والتعذيب المبرح، على يد حرس الحدود التركي، عندما حاولت عبور الحدود السورية - التركية، قبل نحو شهرين، وجرى احتجازي مع مجموعة من الشبان السوريين حينها، وجرى تعذيبنا وضربنا جميعاً بطريقة رهيبة».
وقال: «بسبب الفقر وانعدام فرص العمل في شمال غربي سوريا، ووصول عائلتي إلى مرحلة الفقر والجوع، قررت مغادرة الأراضي السورية والدخول إلى تركيا عبر الحدود لتأمين فرصة عمل، وأثناء وصولي إلى الحدود السورية - التركية، وبالاتفاق مع مهرب دفعت له 800 دولار أميركي، قمت و12 شاباً سورياً، بعبور الحدود من خلال نفق جرى حفره مسبقاً من قبل مهربين، في منطقة بشمال إدلب، لنتفاجأ بعد دخولنا الأراضي التركية ببضعة كيلومترات، أن أهالي قرية تركية أبلغوا السلطات بوجود سوريين عبروا الحدود، وقامت حينها عناصر حرس الحدود التركي بمحاصرتنا بأكثر من 20 عنصراً ومجموعة من الكلاب البوليسية، وإلقاء القبض علينا، واقتيادنا إلى مخفر حدودي تركي في المنطقة، وبدأ عناصر المخفر بتعذيبنا بطريقة رهيبة، من خلال الضرب بالعصي على أكتافنا وظهورنا وأضلعنا ورؤوسنا، وهناك من فقد الوعي، وآخرون تعرضوا لإصابات بالرأس تسبب في حدوث جروح عميقة ونزف، وبعدها بساعات قليلة أجبرونا على الذهاب سيراً على الأقدام إلى الجدار الحدودي وإجبارنا أيضاً على صعود السلالم من الجانب التركي فقط، والقفز من ارتفاع 4 أمتار في الجانب السوري، وتعرض بعضنا لكسور ورضوض في الأقدام، وما زلت أعاني من أوجاع وآلام حتى الآن، بالرغم من مراجعة الطبيب أكثر من 4 مرات».
وأكد الناشط (المعارض) بكار حميدي أنه «في ظل العيش في الشمال السوري المحرر، تستمر فئات من الشباب السوري المهجر بمحاولة العبور إلى تركيا عن طريق التهريب ومنها إلى الدول الأوروبية بهدف الحصول على حياة كريمة أفضل من العيش في مخيمات اللاجئين في الشمال، وبهذا الصدد يتعرض اللاجئون السوريون أثناء محاولة الدخول إلى تركيا للضرب والإهانة على يد حرس الحدود التركي أو ما يعرف بالجاندرما التركية، ضرباً مبرحاً، يصل في كثير من الأحيان، إلى تكسر الأضلاع والأيدي ويدمي الجسد بالإضافة إلى الموت أحيانا نتيجة ذلك الضرب، فضلاً عن استهداف البعض بالرصاص الحي من قبل حرس الحدود التركي، وقتلهم، وهذا الأمر يتعرض له السوريون يومياً وبشكل متكرر، بالإضافة إلى سلب الأمتعة والأموال والجوالات التي بحوزتهم أثناء قيامهم بالدخول إلى الأراضي التركية».
وأحصى «المرصد السوري لحوق الإنسان» وناشطون سوريون مقتل 12 شخصاً بينهم 3 أطفال برصاص «الجندرما» منذ مطلع العام 2022 ضمن مناطق سورية متفرقة واقعة قرب وعند الحدود مع تركيا، كما أصيب 20 مدنياً بينهم 3 أطفال أيضاً.
ووثق ناشطون سوريون في21 أبريل (نيسان) «مقتل شاب سوري يدعى حسام الخضر (42 عاماً)، نازح من محافظة حماة وسط سوريا، بعد تعرضه لضرب شديد من قبل الجندرما التركية الذين تناوبوا على تعذيبه حتى فارق الحياة ثم ألقوا بجثته داخل الأراضي السورية».
من جهته، وثّق «المرصد السوري لحقوق الإنسان» مقتل شاب سوري «جراء استهدافه بالرصاص من قِبل «الجندرما»، خلال محاولته اجتياز الحدود من جهة قرية عين ديوار الحدودية مع تركيا في منطقة المالكية بريف الحسكة، حيث تم نقل جثمانه إلى المشفى الوطني في المنطقة»، مشيراً إلى «ارتفاع تعداد القتلى السوريين على برصاص (الجندرما) إلى 12 بينهم 3 أطفال، فيما أُصيب نحو 20 مدنياً بينهم أطفال ونساء برصاص (الجندرما)، بينما أكد ناشطون سوريون، تعرض أكثر من 230 سورياً بينهم نساء وأطفال للتعذيب والضرب المبرح من قبل حرس الحدود التركي، أثناء احتجازهم في المخافر الحدودية التركية، فضلاً عن مصادرة أشياء خاصة بهم» (هواتف ومبالغ مالية وثياب).


مقالات ذات صلة

أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

العالم العربي أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

استبقت تركيا انعقاد الاجتماع الرباعي لوزراء خارجيتها وروسيا وإيران وسوريا في موسكو في 10 مايو (أيار) الحالي في إطار تطبيع مسار العلاقات مع دمشق، بمطالبتها نظام الرئيس بشار الأسد بإعلان موقف واضح من حزب «العمال الكردستاني» والتنظيمات التابعة له والعودة الطوعية للاجئين والمضي في العملية السياسية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
العالم العربي درعا على موعد مع تسويات جديدة

درعا على موعد مع تسويات جديدة

أجرت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا (جنوب سوريا) اجتماعات عدة خلال الأيام القليلة الماضية، آخرها أول من أمس (الأربعاء)، في مقر الفرقة التاسعة العسكرية بمدينة الصنمين بريف درعا الشمالي، حضرها وجهاء ومخاتير ومفاوضون من المناطق الخاضعة لاتفاق التسوية سابقاً وقادة من اللواء الثامن المدعوم من قاعدة حميميم الأميركية. مصدر مقرب من لجان التفاوض بريف درعا الغربي قال لـ«الشرق الأوسط»: «قبل أيام دعت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا، ممثلةً بمسؤول جهاز الأمن العسكري في درعا، العميد لؤي العلي، ومحافظ درعا، لؤي خريطة، ومسؤول اللجنة الأمنية في درعا، اللواء مفيد حسن، عد

رياض الزين (درعا)
شمال افريقيا مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

أجرى وزير الخارجية المصري سامح شكري اتصالات هاتفية مع نظرائه في 6 دول عربية؛ للإعداد للاجتماع الاستثنائي لوزراء الخارجية العرب بشأن سوريا والسودان، المقرر عقده، يوم الأحد المقبل. وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، السفير أحمد أبو زيد، في إفادة رسمية، الخميس، إن شكري أجرى اتصالات هاتفية، على مدار يومي الأربعاء والخميس، مع كل من وزير خارجية السودان علي الصادق، ووزير خارجية السعودية فيصل بن فرحان، ووزير خارجية العراق فؤاد محمد حسين، ووزير خارجية الجزائر أحمد عطاف، ووزير خارجية الأردن أيمن الصفدي، ووزير خارجية جيبوتي محمود علي يوسف. وأضاف أن «الاتصالات مع الوزراء العرب تأتي في إطار ا

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
المشرق العربي الأردن يوسّع مشاورات «عودة سوريا»

الأردن يوسّع مشاورات «عودة سوريا»

أطلق الأردن سلسلة اتصالات مع دول عربية غداة استضافته اجتماعاً لبحث مسألة احتمالات عودة سوريا إلى الجامعة العربية، ومشاركتها في القمة المقبلة المقرر عقدها في المملكة العربية السعودية هذا الشهر. وقالت مصادر أردنية لـ«الشرق الأوسط»، إن اجتماع عمّان التشاوري الذي عُقد (الاثنين) بحضور وزراء خارجية مصر والسعودية والعراق والأردن وسوريا، ناقش احتمالات التصويت على قرار عودة سوريا إلى الجامعة العربية ضمن أنظمة الجامعة وآليات اعتماد القرارات فيها. وفي حين أن قرار عودة سوريا إلى الجامعة ليس مقتصراً على الاجتماعات التشاورية التي يعقدها وزراء خارجية مصر والسعودية والعراق والأردن، فإن المصادر لا تستبعد اتفاق

شؤون إقليمية الأسد ورئيسي يتفقان على «تعاون استراتيجي طويل الأمد»

الأسد ورئيسي يتفقان على «تعاون استراتيجي طويل الأمد»

بدأ الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي أمس (الأربعاء) زيارة لدمشق تدوم يومين واستهلها بجولة محادثات مع نظيره السوري بشار الأسد تناولت تعزيز العلاقات المتينة أصلاً بين البلدين. وفيما تحدث رئيسي عن «انتصارات كبيرة» حققتها سوريا، أشار الأسد إلى أن إيران وقفت إلى جانب الحكومة السورية مثلما وقفت هذه الأخيرة إلى جانب إيران في حرب السنوات الثماني مع إيران في ثمانينات القرن الماضي. ووقع الأسد ورئيسي في نهاية محادثاتهما أمس «مذكرة تفاهم لخطة التعاون الاستراتيجي الشامل الطويل الأمد». وزيارة رئيسي لدمشق هي الأولى التي يقوم بها رئيس إيراني منذ 13 سنة عندما زارها الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد.

«الشرق الأوسط» (دمشق)

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.