في تطور لافت على التصريحات الرسمية الروسية أقر الكرملين للمرة الأولى أمس، بأن الصراع في أوكرانيا قد يمتد لفترة زمنية طويلة. وكان مسؤولون روس قد ألمحوا في وقت سابق إلى استعداد بلاده لمواجهة تداعيات طويلة الأمد، لكن الديوان الرئاسي تجنب حتى الآن، إعطاء تعليقات على التوقعات المتعلقة بذلك، وخصوصاً التي تصدر عن قادة غربيين. وقال الناطق الرئاسي دميتري بيسكوف إن «الأزمة حول أوكرانيا ستطول»، مرجحاً أن التوتر بين روسيا والدول الغربية لن يشهد تراجعاً. وقال بيسكوف في حديث لوسائل إعلام أميركية إن بلاده «لن تثق بالغرب مرة أخرى» مشيراً إلى أن «الأزمة حول أوكرانيا سوف تمتد طويلاً».
وكان رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون قد أعلن في وقت سابق أنه «على العالم الاستعداد لحقيقة أن الصراع في أوكرانيا سيكون طويل المدى وقد يمتد لسنوات».
وفي رسالة بدا أنها موجهة إلى الداخل الأميركي قال بيسكوف رداً على سؤال حول مصير أميركيين قاتلا إلى جانب أوكرانيا، إن بلاده لا يمكنها أن تضمن عدم صدور أحكام بالإعدام عليهما. لافتاً إلى أن هذا «شأن الهيئات القضائية والأمر يعتمد على مجريات التحقيق».
وكانت محكمة في دونيتسك قد أقرت حكماً بالإعدام على البريطانيين شون بينر وإيدن أسلين، والمغربي إبراهيم سعدون، ورجحت مصادر روسية أن يواجه جنديان أميركيان سابقان أسرا بالقرب من خاركوف هما ألكسندر دروك (39 عاما) وآندي وينه (27 عاماً) أحكاماً مماثلة. في الأثناء، لوح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، مجدداً بقبضة بلاده الصاروخية الطويلة، وأعلن أمس، خلال لقائه مع خريجي الأكاديميات العسكرية في موسكو بأن الصاروخ طويل الأمد من طراز «سارمات» سوف يدخل الخدمة في القوات المسلحة الروسية نهاية العام الجاري.
وفي ربط مباشر للقرار مع التطورات الجارية في أوكرانيا، قال بوتين إن «الجميع يعرف الظروف الجديدة التي تضع الصعوبات والعراقيل أمام جميع القطاعات في الدولة، ومن بين ذلك الجيش والأسطول الروسيان، إلا أننا سنواصل التنمية والتطوير العسكري رغم كل هذه الصعوبات والعوائق».
وارتبط الصاروخ الحديث «سارمات» بالحرب الأوكرانية بعدما تم تنفيذ أول إطلاق له من قاعدة بليسيتسك الفضائية في منطقة أرخانغيلسك في 20 أبريل (نيسان) الماضي. وأعلنت القوات الصاروخية الروسية أنها سوف تبدأ قريباً بإدخال الصاروخ إلى الخدمة الميدانية في القطعات العسكرية. ويعد «سارمات» أحدث صاروخ عابر للقارات في روسيا، وهو قادر على توصيل رأس حربي نووي قابل للانشطار يصل وزنه إلى 10 أطنان إلى أي مكان في العالم.
وعلى صعيد آخر، بدا أن انعكاسات الوضع في أوكرانيا برزت بشكل متزايد على الوضع الأمني الداخلي في روسيا. وأفادت هيئة (وزارة) الأمن الفيدرالي الروسي أمس، بأنها أحبطت خلال شهرين عمل 43 ورشة لصناعة الأسلحة، وصادرت ما يقرب من 400 قطعة سلاح ومتفجرات وأكثر من 40 ألف طلقة في عموم البلاد.
ووفقاً لبيان الهيئة فقد تم تنفيذ عملية أمنية واسعة النطاق بالتعاون مع وزارة الداخلية الروسية وقوات الحرس الروسي استهدفت صانعي ومروجي الأسلحة غير الشرعية خلال شهري مايو (أيار) ويونيو (حزيران) الجاري، تم على أثرها اعتقال 116 شخصاً من 38 منطقة وإقليماً في روسيا. وتم خلال الحملة ضبط مئات القطع من الأسلحة النارية أجنبية الصنع، وبنادق آلية ومدافع من طراز «هاون» وقاذفات مضادة للدروع وألغام أرضية. كذلك عثرت القوى الأمنية خلال الحملة على أكثر من 28 كيلوغراماً من المتفجرات ومئات القنابل اليدوية والذخائر المدفعية. ولم تكشف الهيئة تفاصيل إضافية عن حملتها، كما أنها لم تشر مباشرة إلى ارتباطها بالعملية العسكرية في أوكرانيا.
ميدانياً، تواصلت المواجهات الضارية على محاور القتال في إقليمي لوغانسك ودونيتسك، رغم إعلان موسكو المتكرر عن اقتراب القوات الانفصالية في لوغانسك من فرض سيطرة مطلقة على مدينة سيفيرودونيتسك الاستراتيجية وهي المعقل الأخير للمقاومة الأوكرانية في لوغانسك. وكانت موسكو قد تحدثت عن بدء عمليات الاستسلام للقوات الأوكرانية المحاصرة في مجمع «أزوت» الصناعي على أطراف المدينة.
في الوقت ذاته، بدا أن القوات الأوكرانية واصلت تكثيف ضرباتها على دونيتسك ولوغانسك. وأعلنت شرطة دونيتسك أمس، أن الفصائل المسلحة الأوكرانية قصفت خلال اليوم الأخير بشكل مكثف مواقع عدة بينها مراكز سكنية في المنطقة. وأفادت الشرطة في بيان، بأن القوات الأوكرانية أطلقت أكثر من 320 قذيفة على تسع مناطق خلال اليوم الماضي. بدورها، أفادت بعثة لوغانسك في المركز المشترك للإشراف على وقف إطلاق النار بأن القوات الأوكرانية قصفت مدينتي ستاخانوف وزيموغورييه بصواريخ «توتشكا».
في المقابل، أعلنت الدفاع الروسية أن قواتها صدت هجوماً للجيش الأوكراني على جزيرة زمييني (الأفعى)، كما ردت بقصف صاروخي على مطار قرب أوديسا، على الهجوم الأوكراني أول من أمس على منصات حفر بحرية روسية. وأفاد بيان أصدرته الوزارة بأن القوات الأوكرانية نفذت هجوماً قوياً هدف إلى محاولة استعادة السيطرة على الجزيرة من خلال شن ضربات جوية ومدفعية مكثفة تلتها محاولة إنزال للقوات. وأوضح البيان أن أكثر من 15 طائرة مسيرة أوكرانية بينها طائرات استطلاع وأخرى قتالية، شاركت في الهجوم. ورصدت القوات الروسية طائرة استطلاع أميركية حامت على ارتفاعات عالية أثناء محاولة الاقتحام. وأكد البيان أن أنظمة الدفاع الجوي الروسية تصدت للمحاولة. وأسقطت 13 طائرة بدون طيار، وأربعة صواريخ من طراز «توتشكا» و21 قاذفة من راجمات الصواريخ «أوراغان». كما أعلنت القوات الروسية أنها نفذت هجوماً على منصتي إطلاق لمنظومة الصواريخ المضادة للطائرات من طراز «إس 300» في مقاطعة أوديسا.
الكرملين يقر بأن الصراع في أوكرانيا «طويل الأمد»
مواجهات ضارية في دونباس... وموسكو تلوح مجدداً بقبضتها الصاروخية
الكرملين يقر بأن الصراع في أوكرانيا «طويل الأمد»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة