إنزال أميركي «سريع» يخطف «داعشياً» كبيراً شمال سوريا

أنباء عن اعتقال اثنين من مساعديه في العملية قرب الحدود التركية

نقطة أمنية عند مدخل بلدية الحميرية التي شهدت الإنزال (أ.ف.ب)
نقطة أمنية عند مدخل بلدية الحميرية التي شهدت الإنزال (أ.ف.ب)
TT

إنزال أميركي «سريع» يخطف «داعشياً» كبيراً شمال سوريا

نقطة أمنية عند مدخل بلدية الحميرية التي شهدت الإنزال (أ.ف.ب)
نقطة أمنية عند مدخل بلدية الحميرية التي شهدت الإنزال (أ.ف.ب)

أسفرت عملية للتحالف الدولي ضد تنظيم «داعش» والجيش الأميركي فجر أمس (الخميس) في بلدة جرابلس شمال سوريا عن إلقاء القبض على ثلاثة رؤوس أمنية كبيرة في صفوف التنظيم، أحدهم كان يتولى قيادة منطقة الرقة، وفق ما كشفت مصادر عسكرية بارزة لـ«الشرق الأوسط».
وأوضحت مسؤولة في التحالف لاحقاً أن اسم القيادي المعتقل هو هاني أحمد الكردي، ويُعرف بأنه «والي الرقة»، التي كانت تعد معقل للتنظيم الإرهابي في سوريا.
واستناداً إلى وكالة الصحافة الفرنسية والمرصد السوري لحقوق الإنسان، فإن مروحيات تابعة للتحالف حطت لبضع دقائق في قرية الحميرة في منطقة واقعة تحت سيطرة القوات التركية وفصائل سورية موالية لأنقرة في ريف حلب الشمالي الغربي. وأن الوحدات التي كانت على متنها أسرت خلال «عملية ناجحة» شخصاً لم تُفصح عن اسمه وهو «صانع قنابل متمرس وميسِّر عمليات وقد أصبح أحد كبار قادة فرع (داعش في سوريا)»، حسب بيان أصدره التحالف. وأشار فيه إلى أنه «تم التخطيط للمهمة بدقة لتقليل مخاطر الأضرار الجانبية أو الإضرار بالمدنيين».
وقال محمد يوسف، أحد سكان المنطقة ممن توجهوا إلى المنزل المستهدف أن الإنزال الجوي على بيت عند أطراف القرية يعود لنازح من حلب. وأضاف: «حلّقت قرابة ثماني طائرات لأكثر من ساعة ونصف (...) عندما غادرت الأجواء، توجهنا إلى المنزل، وجدنا النساء مقيّدات وأطفالاً في الكرم». ونُقل عن السيدات قولهنّ إن قوات التحالف اعتقلت «شاباً اسمه فواز». وقال سكان آخرون في القرية إن قرابة ست سيدات وثلاثة شبان كانوا يقطنون في المنزل برفقة رجل عجوز، من دون أن يعلموا صلة القرابة بينهم. وقالوا إنهم لم يعتادوا الاختلاط مع سكان القرية، وحسب شهود عيان، فقد اعتقل فصيل سوري موالٍ لأنقرة الشابين الآخرين بعد عملية الإنزال.

طفل ينظر إلى المنزل الذي اعتُقل فيه القيادي «الداعشي» (أ.ف.ب)

وأوضح المرصد السوري لحقوق الإنسان أن مروحيتين حطّتا في القرية الصغيرة بضع دقائق قبل أن تُقلعا مجدداً، مشيراً إلى سماع طلقات نارية محدودة بين المنازل خلال عملية الإنزال.
وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن إن «العملية الأميركية كانت سريعة وسهلة»، مشيراً إلى أن المعتقل يُعد «من قياديي الصف الأول في التنظيم» من دون أن يتمكن من تحديد هويته.
- رواية المصدر العسكري
وحسب رواية المصدر العسكري في القامشلي، فإن قوات التحالف استخدمت قاعدة أميركية مهجورة في ريف مدينة عين العرب (كوباني)، حيث حطت فيها 6 مروحيات قتالية قبل العملية بساعات، بعد انطلاقها من قاعدتين: الأولى في منطقة رميلان النفطية بريف الحسكة الشمالي الشرقي، والأخرى في حقل العمر النفطي في ريف دير الزور الشرقي.
وأكد المصدر الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، في حديث مع «الشرق الأوسط» عبر تطبيق «واتساب» أن «قوات التحالف الدولي وطائراتها المقاتلة ألقت القبض على ما يُعرف بوالي منطقة الرقة واثنين من كبار مرافقيه، في قرية الحميرة التابعة لناحية الغندورة بريف مدينة جرابلس في أقصى ريف حلب الشمالي الشرقي وعلى بعد نحو 4 كيلومترات فقط من الحدود التركية». وهذا القيادي يدعى «هاني أحمد الكردي» ومعروف في تلك المنطقة باسم «مصطفى» وكان «صانع قنابل يدوية وطائرات مسيّرة وميسِّر عمليات إرهابية».
واستهدفت عملية الإنزال الجوي أحد المقرات التي كان يتحصن فيها مع عناصره حيث دارت اشتباكات استمرت نحو 15 دقيقة وأدت إلى القبض عليهم وهم على قيد الحياة.
وأضاف المصدر أن قوات التحالف جاءت من قواعدها في منطقة رميلان بالحسكة وحقل العمر بدير الزور، وحطت في قاعدة خراب عشك «لافارج» المهجورة بريف مدينة عين العرب (كوباني) وكان عددها 6 مروحيات قتالية على متنها مئات الجنود، وبعد إتمام العملية عادت مع غنيمتها إلى قواعدها شرقي سوريا، لافتاً إلى بنك من المعلومات عن إحداثيات أماكن ومقرات هؤلاء القادة الداعشيين وغيرهم ممن استهدفتهم قوات التحالف خلال الفترة الماضية، وكان أبرز ما في ذلك عملية قتل قائد التنظيم سابقاً المدعو «أبو إبراهيم الهاشمي القرشي» في فبراير (شباط) 2022.
وأكد المصدر أن قيادة «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) تبادلت معلومات استخباراتية وتفاصيل مهمة مع القوات الأميركية وغرفة عمليات التحالف الدولي بعد أن جمعتها وقاطعتها من خلال التحقيقات وعمليات الاستجواب مع عناصر تنظيم «داعش» الإرهابي، كان آخرها مع عبد الله إسماعيل أحمد، قائد العمليات العسكرية بالتنظيم في الحسكة وريفها، الذي أُلقي القبض عليه نهاية الشهر الماضي، إلى جانب التحقيقات مع الخلايا النائمة التي شنت هجوماً واسعاً على سجن الصناعة بحي الغويران بداية العام الحالي بمشاركة عناصر جاءت من المناطق الخاضعة للجيش التركي شمالي البلاد وألقي القبض عليهم وهم أحياء من قبل «قسد» والتحالف.
وشهدت قاعدة «خراب عشك» قبل ساعات من تنفيذ العملية انتشاراً كثيفاً لقوات التحالف الدولي والجيش الأميركي، وهذه ثاني عملية نوعية خلال العام الحالي تنطلق من هذه القاعدة المهجورة بعد إخلائها من قِبل التحالف نهاية 2019 قبل علمية «نبع السلام» التركية، وسيطرتها على ريف تل أبيض شمالي الطريق الدولي الرئيسي (إم 4) المحيطة بموقع القاعدة.
من جهتها، كتبت صحيفة «واشنطن بوست»، نقلاً عن مسؤولين أميركيين، أنه تم التعرف على المشتبه به على أنه هاني أحمد الكردي، الذي يُعرف أيضاً باسم (والي الرقة)، في تنظيم (داعش)، فيما أكد قائد القيادة المركزية الأميركية، الجنرال مايكل إريك كوريلا أن «العملية تُظهر التزامنا بأمن المنطقة وإلحاق الهزيمة الدائمة بـ(داعش)».
يُذكر أنه في الثالث من فبراير الماضي، نفّذت القوات الأميركية عملية إنزال جوي، في بلدة أطمة (الحدودية مع تركيا)، شمالي إدلب، وحاصرت حينها منزلاً كان يؤوي زعيم تنظيم «داعش»، المدعو عبد الله قرداش أو (أبو إبراهيم الهاشمي القرشي)، وسط اشتباكات عنيفة بالأسلحة الرشاشة والصواريخ، استمرت لساعات، وقُتل خلالها زعيم (التنظيم)، و13 شخصاً آخرين، بينهم ستة أطفال وأربع نساء. وقبل ذلك نفّذت قوات (التحالف الدولي) في أكتوبر (تشرين الأول) 2019 عملية إنزال مماثلة استهدفت زعيم التنظيم السابق أبو بكر البغدادي، في قرية قريبة من الحدود السورية التركية، ما أدى إلى مقتله وعدد من مرافقيه.
ومنذ عام 2014، يشن التحالف الدولي في العراق وسوريا حملة ضد «داعش» تُوجت في مارس (آذار) 2019 بإعلان قوات سوريا الديمقراطية المدعومة أميركياً وعلى رأسها المقاتلون الأكراد، القضاء على التنظيم الإرهابي بعد انتهاء آخر المعارك ضده في قرية الباغوز الحدودية مع العراق. ومنذ ذلك الحين، انكفأ عناصر التنظيم بشكل رئيسي إلى البادية السورية الممتدة بين محافظتي حمص (وسط) ودير الزور عند الحدود مع العراق، كما يتوارى كثر في قرى ومناطق مختلفة. فيما يلاحق التحالف الدولي القياديين منهم وينفّذ عمليات لاعتقالهم إن كان في دير الزور شرقاً أو في مناطق أخرى في شمال سوريا وشمال غربها.
وسبق للقوات الأميركية أن نجحت في اعتقال قادة في عمليات عدة، وقتل زعيم التنظيم أبو بكر البغدادي في أكتوبر 2019، ثم أبو إبراهيم القرشي في فبراير الماضي، في مخبئيهما في محافظة إدلب (شمال غرب).
وبعد مقتل الأخير أعلن التنظيم المتطرف أن أبو «الحسن الهاشمي القرشي»، سيكون الزعيم الثالث للتنظيم منذ العام 2014 حين أعلن «دولة الخلافة» وسيطر على مساحات واسعة في سوريا والعراق المجاور. وتوعد التنظيم بـ«الثأر» لمقتل زعيمه خصوصاً في أوروبا المنشغلة بالحرب الدائرة في أوكرانيا، والتي تبنّى فيها خلال السنوات الماضية اعتداءات عدة إن كانت تفجيرات أو هجمات بالسكين أو دهساً أو إطلاق نار.
وفي سوريا، لا يزال مقاتلو التنظيم المتوارون يشنون هجمات ضد المقاتلين الأكراد أو قوات النظام السوري غالباً عبر عبوات ناسفة أو اغتيالات. وبالإضافة إلى ملاحقة التحالف الدولي لقياديي التنظيم، تشن الطائرات الروسية الداعمة لقوات النظام غارات جوية ضد عناصر التنظيم في البادية.


مقالات ذات صلة

العراق: إحباط مخطط لـ«داعش» ضد شخصيات أمنية ومواقع حكومية في كركوك

العالم العربي جندي عراقي يقود دبابة (أرشيفية - رويترز)

العراق: إحباط مخطط لـ«داعش» ضد شخصيات أمنية ومواقع حكومية في كركوك

أفادت «وكالة الأنباء العراقية»، اليوم (السبت)، بأن جهاز الأمن الوطني أعلن إحباط مخطط «إرهابي خطير» في محافظة كركوك كان يستهدف شخصيات أمنية ومواقع حكومية.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي نازحون في مخيم حسن شام على بعد نحو 40 كيلومتراً غرب أربيل (أ.ف.ب)

في شمال العراق... تحديات كثيرة تواجه النازحين العائدين إلى ديارهم

تعلن السلطات العراقية بانتظام عن عمليات مغادرة جماعية لمئات النازحين من المخيمات بعدما خصصت مبالغ مالية لكلّ عائلة عائدة إلى قريتها.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
العالم العربي تنظيم «داعش» يتبنّى عملية استهداف حاجز لـ«قسد» في ريف دير الزور الشرقي (مواقع تواصل)

حملات التمشيط العسكري لم تمنع انتعاش «داعش» في سوريا

على رغم أن القوات الحكومية السورية تشن حملات تمشيط متكررة في البادية السورية لملاحقة خلايا تنظيم «داعش» فإن ذلك لم يمنع انتعاش التنظيم.

المشرق العربي قوة مشتركة من الجيش العراقي و«الحشد الشعبي» بحثاً عن عناصر من تنظيم «داعش» في محافظة نينوى (أ.ف.ب)

«داعش» يعلن مسؤوليته عن هجوم أدى لمقتل 3 جنود في العراق

قالت مصادر أمنية وطبية في العراق إن قنبلة زرعت على جانب طريق استهدفت مركبة للجيش العراقي أسفرت عن مقتل 3 جنود في شمال العراق.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي «قوات سوريا الديمقراطية» خلال عرض عسكري في ريف دير الزور (الشرق الأوسط)

أكراد سوريا يتحسبون لتمدد الحرب نحو «إدارتهم الذاتية»

ألقت نتائج الانتخابات الأميركية بظلالها على أكراد سوريا ومصير «إدارتهم الذاتية» بعدما جدد الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، التهديد بشن عملية عسكرية.

كمال شيخو (القامشلي)

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.