«حصار جوي» غربي يدفع لافروف لإلغاء زيارته إلى صربيا

تصريحات أميركية تنذر بمزيد من التدهور الدبلوماسي مع روسيا... وموسكو ترفض نقل أزمة الحبوب إلى مجلس الأمن

زيلينسكي مع جنود أوكرانيين خلال زيارته لمنطقتي باخموت (دونيتسك) وليسيتشانسك (لوغانسك) أمس (أ.ف.ب)
زيلينسكي مع جنود أوكرانيين خلال زيارته لمنطقتي باخموت (دونيتسك) وليسيتشانسك (لوغانسك) أمس (أ.ف.ب)
TT

«حصار جوي» غربي يدفع لافروف لإلغاء زيارته إلى صربيا

زيلينسكي مع جنود أوكرانيين خلال زيارته لمنطقتي باخموت (دونيتسك) وليسيتشانسك (لوغانسك) أمس (أ.ف.ب)
زيلينسكي مع جنود أوكرانيين خلال زيارته لمنطقتي باخموت (دونيتسك) وليسيتشانسك (لوغانسك) أمس (أ.ف.ب)

حملت حادثة منع طائرة وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، من المرور في أجواء دول أوروبية خلال رحلة كان ينوي القيام بها إلى صربيا، تطوراً لافتاً في آليات الحصار والقيود المفروضة على تحركات السياسيين الروس. وعلى الرغم من أن الاتحاد الأوروبي كان أعلن سابقاً، عن إغلاق أجوائه أمام الطيران الروسي، فإن القيود لم تكن مفروضة على تحركات الدبلوماسيين الروس أثناء قيامهم برحلات عمل، وهذا ما أعلنه بشكل واضح جوزيب بوريل مفوض الاتحاد للشؤون الخارجية في وقت سابق، عندما أكد أن التحركات الرسمية للوفود الروسية لا تقع تحت العقوبات المفروضة.
رغم ذلك، وضع منع ثلاثة بلدان أوروبية، هي بلغاريا ومقدونيا الشمالية ومونتينيغرو، الوزير الروسي من المرور في أجوائها ما أسفر عن إفشال رحلة مقررة إلى صربيا، علامات استفهام حول القرارات الأوروبية وآليات تنفيذها، نظراً لأن القرار الأوروبي المشترك لم يشمل تحركات الوزير لافروف، في حين أن القرارات الفردية لكل بلد أوروبي على حدة بدت أكثر تشدداً حياله. وتتمتع الدول الثلاث المعنية بعضوية حلف شمال الأطلسي. وهذه هي المرة الثانية التي يفشل فيها لافروف في تجاوز «الحصار الجوي» الذي فرض على طائرته، بعدما كان ألغى في نهاية فبراير (شباط) زيارة مقررة إلى جنيف للمشاركة في مؤتمر حول نزع السلاح، وجلسة خاصة لمجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، واضطر لافروف في حينها إلى إلقاء كلمة عبر تقنية الفيديو، واتهمت بلاده الأمم المتحدة بالفشل في ضمان وصوله إلى مقرها الدولي في سويسرا.
وأمس، وصف الوزير الروسي قرار «عدد من دول الناتو» بمنع طائرته من المرور عبر أجوائها إلى صربيا، بأنه «غير معقول». وقال إن «القرارات غير المسبوقة التي اتخذها بعض أعضاء حلف شمال الأطلسي، التي حالت دون إتمام الزيارة إلى صربيا لا يمكن تصورها، وتعد عملاً مثيراً للاستياء». وأضاف أن الغرب يرسل إشارة واضحة لموسكو بأنه لن يتورع عن أي وسيلة من أجل مواصلة الضغط على روسيا، مشدداً على أن «محركي الدمى في بروكسل» لم يرغبوا في إعطاء روسيا منبراً في بلغراد للتعبير عن موقفها من عدد من القضايا الإقليمية. ولفت لافروف إلى أن الناتو «يحتاج إلى دول مثل مونتينيغرو ومقدونيا الشمالية لتوسيع موطئ القدم المناهض لروسيا في أوروبا». وشدد لافروف على أن تصرفات الغرب تهدف إلى حرمان صربيا من إمكانية اختيار شركاء لها، ومنعها من ممارسة سياسة خارجية سيادية، ووصف هذا الموقف الغربي بأنه «ضرب من الوقاحة، لم يعد يثير أي دهشة».
وكان رئيس صربيا ألكسندر فوتشيتش، قال إن السفير الروسي في بلغراد أبلغه بتأجيل زيارة لافروف، التي كانت مقررة إلى العاصمة الصربية يومي الاثنين والثلاثاء، وذلك بعد أن رفضت بلغاريا ومقدونيا الشمالية ومونتينيغرو السماح لطائرة الوزير الروسي بالمرور عبر أجوائها. واعتبرت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، أن إغلاق 3 دول أوروبية أجواءها أمام طائرة وزير الخارجية سيرغي لافروف، المتجهة إلى صربيا، «قطع قناة اتصال أخرى مع روسيا».
في غضون ذلك، بدا أمس، أن العلاقات الروسية مع واشنطن قد تتجه نحو مزيد من التدهور على الصعيد الدبلوماسي. ولم يستبعد السفير الأميركي في موسكو جون ساليفان، احتمال أن تغلق روسيا والولايات المتحدة سفارتيهما، لكنه أكد أن واشنطن «لا ترغب في اتخاذ خطوة كهذه». وقال ساليفان لوكالة «تاس» الحكومية الروسية رداً على سؤال عن مدى احتمال إغلاق السفارتين: «هذا أمر ممكن، ومثل هذا الاحتمال وارد، رغم أنني أعتقد أن هذا سيكون خطأ كبيراً». وأضاف أن السبب الوحيد الذي قد يجبر الولايات المتحدة على إغلاق سفارتها هو استحالة مواصلة عملها لاعتبارات أمنية.
وأشار السفير الأميركي إلى أن موسكو سبق أن تحدثت عن خطر قطع العلاقات بين البلدين، وأضاف أن هذا قد يعني إغلاق البعثات الدبلوماسية في كلا البلدين. وأعرب ساليفان عن أمله في ألا يتحقق مثل هذا السيناريو.
على صعيد آخر، أعلن الكرملين عن بعض المحاور التي يحملها لافروف في زيارته إلى تركيا المقررة غداً الأربعاء. وقال الناطق الرئاسي دميتري بيسكوف، إن موضوع العملية التركية المحتملة في سوريا سيكون بين محاور البحث إلى جانب إمدادات الغذاء من أوكرانيا.
بدوره، كشف لافروف أن فريقاً من الدبلوماسيين على مستوى الخبراء توجه أمس، إلى أنقرة، لبحث ملف الإمدادات فيما بدا أنه تحضير لزيارته إلى العاصمة التركية. وقال لافروف إنه يأمل «في أن نتمكن من البحث التفصيلي للخيارات التي تحدث عنها الرئيس الروسي أخيراً، والتي تتوقف فقط على أولئك الذين... يتوجب عليهم إلزام أوكرانيا بإزالة الألغام من موانئها، والذين عليهم أيضاً إزالة العقبات أمام تسليم وتأمين وصيانة السفن التي تنقل الحبوب وغيرها من المنتجات الغذائية إلى موانئ أوروبا، ومن هناك إلى موانئ البلدان النامية».
ورفض لافروف محاولات حل مشكلة تصدير الحبوب من موانئ أوكرانيا من خلال قرار لمجلس الأمن الدولي، ووصف هذا التوجه بـ«الألاعيب القديمة»، مضيفاً أن «الجميع يعرفون جيداً أن حل مشكلة إمدادات الغذاء يتطلب شيئاً واحداً فقط هو إعطاء أمر لـ(الرئيس الأوكراني فلاديمير) زيلينسكي بإزالة الألغام من الموانئ».
في وقت سابق، أشار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، إلى وجود عدة خيارات لتصدير الحبوب الأوكرانية، بما فيها عبر ميناء أوديسا بعد نزع الألغام منه، أو عبر ميناءي ماريوبول وبيردينسك الخاضعين للسيطرة الروسية، أو حتى عبر نهر الدانوب أو أراضي بيلاروسيا. ورأى أن خيار مرور الإمدادات عبر بيلاروسيا يعد «الأسهل والأفضل»، لكنه اشترط لذلك رفع العقوبات الغربية المفروضة على مينسك.
في الأثناء، سارت موسكو خطوة إضافية نحو قطع ما تبقى من آليات التعاون مع أوروبا. وأعلن رئيس مجلس الدوما في الاتحاد الروسي فياتشيسلاف فولودين، أنه من المقرر خلال هذا الأسبوع اعتماد قوانين اتحادية بشأن عدم تنفيذ قرارات المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان. وكتب فولودين على حسابه في موقع «تلغرام» بهذا الشأن: «اعتماد قوانين اتحادية بشأن عدم تنفيذ قرارات المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان مخطط لها في هذا الأسبوع». ولفت فولودين إلى أن «المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان أصبحت أداة سياسية موجهة ضد بلدنا في أيدي السياسيين الغربيين. بعض قراراتها التي تتعارض بشكل مباشر مع دستور الاتحاد الروسي وقيمنا وتقاليدنا».


مقالات ذات صلة

روسيا تتهم أوكرانيا بقصف مطار عسكري بصواريخ أميركية... وتتوعد بالرد

أوروبا أظهرت الأقمار الاصطناعية أضراراً بمطار عسكري روسي في شبه جزيرة القرم جراء استهداف أوكراني يوم 16 مايو 2024 (أرشيفية - رويترز)

روسيا تتهم أوكرانيا بقصف مطار عسكري بصواريخ أميركية... وتتوعد بالرد

اتهمت روسيا أوكرانيا باستخدام صواريخ بعيدة المدى أميركية الصنع لقصف مطار عسكري، اليوم (الأربعاء)، متوعدة كييف بأنها ستردّ على ذلك عبر «إجراءات مناسبة».

«الشرق الأوسط» (موسكو)
الولايات المتحدة​ رجال إنقاذ يعملون في موقع تعرض فيه مبنى لأضرار جسيمة بسبب ضربة صاروخية روسية أمس وسط هجوم روسيا على أوكرانيا في زابوريجيا11 ديسمبر 2024 (رويترز)

أميركا تحذّر روسيا من استخدام صاروخ جديد «مدمر» ضد أوكرانيا

قال مسؤول أميركي إن تقييماً استخباراتياً أميركياً، خلص إلى أن روسيا قد تستخدم صاروخها الباليستي الجديد المتوسط ​​المدى مدمر ضد أوكرانيا مرة أخرى قريباً.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الرئيس الأوكراني زيلينسكي خلال لقائه ترمب في نيويورك الأسبوع الماضي (أ.ب)

ماسك ونجل ترمب يتفاعلان مع صورة تقارن زيلينسكي ببطل فيلم «وحدي في المنزل»

تفاعل الملياردير الأميركي إيلون ماسك ودونالد ترمب جونيور، نجل الرئيس المنتخب دونالد ترمب، مع صورة متداولة على منصة «إكس»

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا ألسنة لهب كثيفة تتصاعد من مبنى مدمر وسيارة محترقة في منطقة زابوريجيا الأوكرانية نتيجة قصف روسي (خدمة الطوارئ الأوكرانية- أ.ف.ب)

4 قتلى و19 جريحاً بضربة روسية على زابوريجيا الأوكرانية

قُتل 4 أشخاص على الأقل وأُصيب 19، الثلاثاء، في ضربة صاروخية روسية «دمَّرت» عيادة خاصة في مدينة زابوريجيا جنوب أوكرانيا، في حصيلة مرشحة للارتفاع.

أوروبا صورة مركبة تابعة للوكالة الدولية للطاقة الذرية تعرضت لأضرار بسبب غارة بطائرة مسيرة على طريق في منطقة زابوريجيا في أوكرانيا 10 ديسمبر 2024 (رويترز)

مسيّرة تستهدف مركبة لوكالة الطاقة الذرية قرب محطة زابوريجيا النووية في أوكرانيا

قال مدير الطاقة الذرية إن مركبة تابعة للوكالة تعرضت لأضرار جسيمة بسبب هجوم بمسيرة على الطريق المؤدي إلى محطة زابوريجيا للطاقة النووية في أوكرانيا، الثلاثاء.

«الشرق الأوسط» (كييف)

«الجمعية العامة» تطالب بأغلبية ساحقة بوقف فوري لإطلاق النار في غزة

من عملية تصويت للجمعية العامة للأمم المتحدة (أرشيفية - إ.ب.أ)
من عملية تصويت للجمعية العامة للأمم المتحدة (أرشيفية - إ.ب.أ)
TT

«الجمعية العامة» تطالب بأغلبية ساحقة بوقف فوري لإطلاق النار في غزة

من عملية تصويت للجمعية العامة للأمم المتحدة (أرشيفية - إ.ب.أ)
من عملية تصويت للجمعية العامة للأمم المتحدة (أرشيفية - إ.ب.أ)

صوتت الجمعية العامة للأمم المتحدة بأغلبية ساحقة يوم الأربعاء لصالح المطالبة بوقف فوري وغير مشروط ودائم لإطلاق النار بين إسرائيل ومقاتلي حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) في قطاع غزة والإفراج الفوري عن جميع الرهائن.

وتمثل المطالبة بوقف إطلاق النار الواردة في القرار الذي جرت الموافقة عليه بأغلبية 158 صوتا تصعيدا من جانب الجمعية العامة التي تضم 193 عضوا والتي دعت في أكتوبر (تشرين الأول) من العام الماضي إلى هدنة إنسانية فورية في غزة ثم طالبت بها بعد شهرين.