لبنان: النواب «التغييريون» يخوضون أول اختبار لتماسكهم ككتلة واحدة

انتقادات من قوى سياسية ودعوات لـ«توحدهم»

TT

لبنان: النواب «التغييريون» يخوضون أول اختبار لتماسكهم ككتلة واحدة

يخوض النواب «التغييريون» في لبنان، أول اختبارات تماسكهم ككتلة واحدة في انتخابات اللجان النيابية التي ستجري يوم الثلاثاء المقبل، وتسمية رئيس جديد للحكومة، بعد انتخابات رئيس مجلس النواب ونائبه، أول من أمس، ما دفع لمضاعفة الاتصالات والحوارات لتشكيل ائتلافات، وفق مقاربات محددة على عناوين اقتصادية وسياسية ومعيشية.
وتصاعدت المخاوف من انقسامات في صفوف «التغييريين»، على ضوء ما تردد عن اختلافات عميقة بالرأي، ظهرت خلال مرحلة اتخاذ القرار بالتصويت بورقة بيضاء في الجولة الأولى من انتخابات نائب رئيس المجلس النيابي الياس بوصعب، وثم التصويت لمنافسه النائب غسان سكاف في الجولة الثانية. كما عكس ترشح اثنين منهم ثم انسحابهما من التنافس على مقعدي أميني سر البرلمان، عدم ثبات في مركزية القرار، رغم الإيضاحات التي تحدث عنها النواب، وهو ما ينفيه «التغييريون»، مؤكدين أن الموقف كان منسقاً.
وتشكل مجموعة النواب المدنيين الذين يُعرفون بـ«التغييريين»، 13 نائباً، ما يناهز 10 في المائة من عدد نواب البرلمان، وهي بهذا المعنى تُعتبر كتلة مؤثرة قادرة على فرض إيقاع في الاستحقاقات المقبلة، مع أن أعضاءها لا يتفقون بالكامل على عناوين اقتصادية ومقاربات موحدة لمعالجة الوضع المالي، ولا سيما ملف الصندوق السيادي.
وتُبذل جهود لتشكيل ائتلاف من القوى المدنية والمستقلين بهدف مواجهة الاستحقاقات، أشار إليه النائب عبد الرحمن البزري في حديث إذاعي، ويضم «النواب‌ التغييريين وبعض النواب المستقلين الذين قد يتراوح عددهم ما‌ بين ‌15 إلى 25‌ نائباً»، لكن هذا الائتلاف يواجه عقبات كثيرة بسبب الخلافات بين الشخصيات على عناوين سيادية وأخرى اقتصادية، لا سيما ملف «تأييد الصندوق السيادي»، وهو الملف الاقتصادي الأكثر حماوة الآن، حسبما قالت مصادر قريبة من نواب تغييريين لـ«الشرق الأوسط»، مشيرة إلى أن هؤلاء «يقومون منذ الأسبوع الماضي باجتماعات، بهدف التنسيق واتخاذ القرارات».
لكن النائب فراس حمدان أكد أن النواب التغييريين والمستقلين «في إطار التنسيق والتشاور والحوار المتواصل»، لافتاً في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إلى «أننا مجموعة متنوعة وموجودة في كل المناطق، ومن خلفيات سياسية متعددة». وقال: «هناك توجه عام لدينا للتوصل إلى اتفاقات مع أكبر قدر ممكن من النواب وفق رؤية سياسية واضحة، ونتقاطع معهم على رؤية موحدة لمعالجة الملف الاقتصادي الاجتماعي والسياسي»، مؤكداً أننا «نتحاور في محاولة للتوصل إلى هذا الائتلاف».
وقال حمدان إن المحاولات «لم تصطدم بأي معوقات بعد، لأن الحوار قائم»، مشيراً في الوقت نفسه إلى أن «هناك ضغطاً بالوقت، وأن هناك عملاً يحتاج إلى جهد ووقت ومتابعة وآليات محددة يتم اعتمادها للوصول إلى هذا المكان». ونفى «التكهنات» حول «تشتّت» مجموعة التغييريين أو وصفها بأنها «غير مترابطة وغير متفاهمة»، مشدداً على أن «هذا التكهن لا أساس له من الصحة».
واتخذ النواب التغييريون قراراً بخوض الانتخابات بشكل فاعل في جميع اللجان كما في هيئة مكتب المجلس وانتخابات نائب الرئيس. وقالت مصادر قريبة من التغييريين إن النواب الذين يبلغ عددهم 13 نائباً «وضعوا آلية عمل لاتخاذ القرار حول كيفية التعاطي بالتمثيل وباللجان، وذلك لتحديد توجهاتهم وأولياتهم».
ويرفض النواب التغييريون المساومات مع القوى السياسية على تمثيلهم في بعض اللجان دون أخرى، وأكدوا إصرارهم على المشاركة في جميع اللجان، خصوصاً لجنتي «المال والموازنة» و«الإدارة والعدل»، التي يرشح لها التغييريون النائب ملحم خلف، وهو نقيب سابق للمحامين في بيروت.
وفي ظل هذه الجهود، تصاعدت الدعوات السياسية، لا سيما من «الحزب التقدمي الاشتراكي» و«القوات اللبنانية»، للنواب التغييريين والمستقلين والقوى «السيادية» للتوحد على المواقف والتنسيق الإضافي.
وقال رئيس «التقدمي الاشتراكي» النائب السابق وليد جنبلاط في تغريدة: «بعد هزيمة أمس (أول من أمس) للأغلبية الجديدة في المجلس النيابي في انتخاب نائب رئيس نتيجة سوء التنسيق، قد يكون من الأفضل صياغة برنامج مشترك يتجاوز التناقضات الثانوية من أجل مواجهة جبهة 8 آذار السورية الإيرانية التي، للتذكير، ستنتقم لهزيمتها في الانتخابات بكل الوسائل ولن ترحم أحداً».
وقابلت عضو تكتل «الجمهورية القوية» (القوات اللبنانية) النائبة غادة أيوب هذه الدعوة بدعوة مشابهة، قائلة في تغريدة لها: «يستحيل الخروج من الأزمة الوطنية والمالية إلا من خلال وحدة موقف ووحدة صفّ حول استراتيجية سيادية وتغييرية تتناسب مع خطورة المرحلة ودقّتها»، آملة أن «يشكل ما حصل حافزاً لتلافي تكراره في الاستحقاقات المقبلة».
ورأى عضو تكتل «الجمهورية القوية» النائب غياث يزبك، بدوره، أنه «إذا توحدت المعارضة المتنوعة تصبح أكثرية، وإذا تفرقت تحولت إلى جزء من المنظومة أو إلى مطايا أو أحصنة طروادة يعتليها (حزب الله)».


مقالات ذات صلة

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

المشرق العربي رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

تُوفّي الموسيقار اللبناني إيلي شويري، عن 84 عاماً، الأربعاء، بعد تعرُّضه لأزمة صحية، نُقل على أثرها إلى المستشفى، حيث فارق الحياة. وأكدت ابنته كارول، لـ«الشرق الأوسط»، أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قبل أن تعلم به العائلة، وأنها كانت معه لحظة فارق الحياة.

المشرق العربي القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

وجّه المجلس التأديبي للقضاة في لبنان ضربة قوية للمدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون، عبر القرار الذي أصدره وقضى بطردها من القضاء، بناء على «مخالفات ارتكبتها في إطار ممارستها لمهمتها القضائية والتمرّد على قرارات رؤسائها والمرجعيات القضائية، وعدم الامتثال للتنبيهات التي وجّهت إليها». القرار التأديبي صدر بإجماع أعضاء المجلس الذي يرأسه رئيس محكمة التمييز الجزائية القاضي جمال الحجار، وجاء نتيجة جلسات محاكمة خضعت إليها القاضية عون، بناء على توصية صدرت عن التفتيش القضائي، واستناداً إلى دعاوى قدمها متضررون من إجراءات اتخذتها بمعرض تحقيقها في ملفات عالقة أمامها، ومخالفتها لتعليمات صادرة عن مرجع

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

رأى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أن فرص انتخاب مرشح قوى 8 آذار، رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، «باتت معدومة»، مشيراً إلى أن الرهان على الوقت «لن ينفع، وسيفاقم الأزمة ويؤخر الإصلاح». ويأتي موقف جعجع في ظل فراغ رئاسي يمتد منذ 31 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث فشل البرلمان بانتخاب رئيس، وحالت الخلافات السياسية دون الاتفاق على شخصية واحدة يتم تأمين النصاب القانوني في مجلس النواب لانتخابها، أي بحضور 86 نائباً في دورة الانتخاب الثانية، في حال فشل ثلثا أعضاء المجلس (86 نائباً من أصل 128) في انتخابه بالدورة الأولى. وتدعم قوى 8 آذار، وصول فرنجية إلى الرئاسة، فيما تعارض القوى المسيحية الأكثر

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

جدد سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان، وليد بخاري، تأكيد موقف المملكة من الاستحقاق الرئاسي اللبناني بوصفه «شأناً سياسياً داخلياً لبنانياً»، حسبما أعلن المتحدث باسم البطريركية المارونية في لبنان بعد لقاء بخاري بالبطريرك الماروني بشارة الراعي، بدأ فيه السفير السعودي اليوم الثاني من جولته على قيادات دينية وسياسية لبنانية. وفي حين غادر السفير بخاري بكركي من دون الإدلاء بأي تصريح، أكد المسؤول الإعلامي في الصرح البطريركي وليد غياض، أن بخاري نقل إلى الراعي تحيات المملكة وأثنى على دوره، مثمناً المبادرات التي قام ويقوم بها في موضوع الاستحقاق الرئاسي في سبيل التوصل إلى توافق ويضع حداً للفراغ الرئا

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

تأتي جولة سفيرة الولايات المتحدة الأميركية لدى لبنان دوروثي شيا على المرجعيات الروحية والسياسية اللبنانية في سياق سؤالها عن الخطوات المطلوبة لتفادي الشغور في حاكمية مصرف لبنان بانتهاء ولاية رياض سلامة في مطلع يوليو (تموز) المقبل في حال تعذّر على المجلس النيابي انتخاب رئيس للجمهورية قبل هذا التاريخ. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر نيابية ووزارية أن تحرك السفيرة الأميركية، وإن كان يبقى تحت سقف حث النواب على انتخاب رئيس للجمهورية لما للشغور الرئاسي من ارتدادات سلبية تدفع باتجاه تدحرج لبنان من سيئ إلى أسوأ، فإن الوجه الآخر لتحركها يكمن في استباق تمدد هذا الشغور نحو حاكمية مصرف لبنان في حال استحال عل

محمد شقير (بيروت)

بايدن وماكرون يعلنان الثلاثاء وقفاً للنار بين لبنان واسرائيل

آثار دمار في جنوب لبنان من الغارات الإسرائلية (أ.ف.ب)
آثار دمار في جنوب لبنان من الغارات الإسرائلية (أ.ف.ب)
TT

بايدن وماكرون يعلنان الثلاثاء وقفاً للنار بين لبنان واسرائيل

آثار دمار في جنوب لبنان من الغارات الإسرائلية (أ.ف.ب)
آثار دمار في جنوب لبنان من الغارات الإسرائلية (أ.ف.ب)

علمت «الشرق الأوسط» من مصادر واسعة الاطلاع أن الرئيسين الأميركي جو بايدن والفرنسي ايمانويل ماكرون سيعلنان صباح الثلاثاء وقفاً للعمليات العدائية بين لبنان واسرائيل لمدة 60 يوماً.

ويأتي هذا التطور المهم بعدما ظهرت في واشنطن مؤشرات الى «تفاؤل حذر» بإمكان نجاح الصيغة الأميركية لـ«وقف العمليات العدائية» بين لبنان واسرائيل لمدة 60 يوماً على أساس إخلاء «حزب الله» للمنطقة الواقعة بين الخط الأزرق ونهر الليطاني «بشكل يمكن التحقق منه» مقابل انسحاب القوات الإسرائيلية من المناطق التي احتلتها منذ بدء الغزو البري المحدود للأراضي اللبنانية.

وأشيع هذه «الأجواء الايجابية نسبياً» على رغم استمرار العمليات العسكرية الواسعة النطاق بين القوات الإسرائيلية ومجموعات «حزب الله» في جنوب لبنان والغارات الجوية في عمق الأراضي اللبنانية بما في ذلك في بيروت وضاحيتها الجنوبية والقصف الصاروخي البعيد المدى في اتجاه وسط اسرائيل، ومنه تل أبيب. ونقلت صحيفة «النيويورك تايمز» الأميركية عن محللين أن الهجمات المكثفة تشير إلى أن «إسرائيل وحزب الله يحاولان تعظيم نفوذهما بينما يجري الدبلوماسيون ما يأملون في أن يكون جولة أخيرة من محادثات وقف النار». وأوضحت أن «الشروط تشمل هدنة مدتها 60 يوماً تنسحب خلالها القوات الإسرائيلية ومقاتلو حزب الله من المناطق الحدودية ويعزز الجيش اللبناني والقوة الموقتة للأمم المتحدة في لبنان، اليونيفيل وجودهما في المنطقة العازلة».

غير أن بعض المعنيين بهذا الملف قال لـ«الشرق الأوسط» إن «كل القضايا جرى حلّها في ما يتعلق بالجانب اللبناني، وظلّت هناك مسائل عالقة عند الجانب الإسرائيلي»، موضحاً أنه على رغم «الموافقة المبدئية » التي أعطاها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو للمبعوثين الأميركيين، وفي مقدمهم المنسق الرئاسي الخاص آموس هوكستين، بما في ذلك مشاركة فرنسا مع الولايات المتحدة في آلية رقابة لعمليات الانسحاب والإخلاء المتبادلة بين الطرفين.