من زمن الأسطورة دي ستيفانو إلى زين الدين زيدان؛ مروراً بالنجوم الخارقين «غالاكتيكوس»، ووصولاً إلى كارلو أنشيلوتي ورجاله، عزز ريال مدريد الإسباني مكانته بصفته النادي الأكثر نجاحاً في أوروبا، بعد تتويجه القياسي بلقب دوري الأبطال للمرة الرابعة عشرة إثر فوزه على ليفربول الإنجليزي 1 - صفر السبت في استاد «بارك دي فرنس» بضاحية العاصمة الإسبانية باريس.
وبلقب جديد ومثير؛ أكد الإيطالي كارلو أنشيلوتي أنه عاشق الكؤوس والأرقام القياسية، بعدما بات أكثر المدربين فوزاً بدوري الأبطال (4 مرات).
وبفضل هدف البرازيلي فينيسيوس جونيور في الدقيقة الـ59 حصد أنشيلوتي لقبه الثاني مع الريال، بعدما سبق أن قاد ميلان الإيطالي للفوز مرتين في 2003 و2007.
وأضاف أنشيلوتي هذا الإنجاز إلى إنجاز قياسي آخر حققه مع الريال هذا الموسم؛ حيث توج مع الفريق قبل أسابيع قليلة بلقب الدوري الإسباني، ليصبح أول مدرب في التاريخ يحرز لقباً واحداً على الأقل في كل من الدوريات الخمسة الكبرى في أوروبا (إسبانيا وإنجلترا وإيطاليا وألمانيا وفرنسا). وقال أنشيلوتي ضاحكاً: «إنني الرجل القياسي... حالفني الحظ بالقدوم إلى هنا في العام الماضي وأن أقدم موسماً رائعاً... كالمعتاد؛ وجدت نادياً رائعاً وفريقاً مميزاً بالفعل يمتلك إمكانات هائلة وشخصية قوية على المستوى الذهني. أعتقد أن الجميع كانوا في القمة».
وأضاف: «لا يمكنني تصديق هذا. أعتقد أننا قدمنا موسماً مثيراً، وأدينا بشكل جيد فعلياً. كانت مباراة صعبة... عانينا كثيراً، وبشكل أكبر في البداية. كنا أفضل في الشوط الثاني. أعتقد أننا فزنا باللقب عن جدارة بعد كل هذه المباريات التي خضناها».
وأشار: «أعتقد أننا اجتزنا اختباراً صعباً بالفعل في كل مباراة. الجماهير ساعدتنا كثيراً، خصوصاً في مواجهة الدور قبل النهائي أمام مانشستر سيتي وفي النهائي أمام ليفربول... نشعر بالسعادة فعلاً... ماذا يمكن أن نقول؟ لا يمكنني قول المزيد».
كورتوا صاحب الفضل الأبرز في تتويج الريال (إ.ب.أ)
ولعب البلجيكي تيبو كورتوا، حارس مرمى الريال، دوراً بارزاً في تحقيق الفوز؛ حيث تصدى لتسع كرات خطيرة للغاية على مدار شوطي المباراة، ليكون الحارس صاحب أكبر عدد من التصديات في نهائي دوري الأبطال منذ موسم 2003 - 2004.
وعن مستوى أداء كورتوا، بدا أنشيلوتي عاجزاً عن إيجاد الكلمات وقال: «ما فعله لا يمكن تصديقه».
وقال كورتوا: «كنت بحاجة للفوز في نهائي من أجل مسيرتي ولاكتساب الاحترام...أنا سعيد حقاً وفخور بأداء الفريق. فزنا على أفضل الفرق في العالم؛ سان جيرمان ومانشستر سيتي وليفربول... النهائي كان صعباً، لكننا حصلنا على فرصة واحدة وسجلنا منها».
ومنع كورتوا، حارس تشيلسي السابق في الفترة من 2011 - 2018، المصري محمد صلاح مهاجم ليفربول من التسجيل في 4 مناسبات بتصديات خيالية، وحول ذلك علق: «هذا مذهل؛ سنوات كثيرة وعمل شاق، الوصول إلى فريق أحلامي، شاهدت كثيرين ينتقدونني. أظهرنا من هو ملك أوروبا. كان شعوري رائعاً في الأسابيع الماضية، وبعد أول إنقاذ لا يمكن لأحد أن ينتزع الرغبة في الفوز بدوري الأبطال».
أما صاحب هدف التتويج فينيسيوس جونيور؛ فقال: «أعجز عن التفسير. ليست لديّ فكرة عما فعلته. حان وقت الاحتفال بما حققناه. ليس هناك ما هو أفضل من الفوز بهذا القميص».
وأضاف: «كان حلماً بالنسبة إليّ... التسجيل في النهائي أفضل شيء يمكن أن يحظى به اللاعب، إنه اللقب الأول، وأود أن أواصل الفوز وصنع التاريخ لفترة طويلة».
من جهته، سيغادر الظهير الأيسر البرازيلي المخضرم مارسيلو ريال مدريد مع ختام الموسم وهو يحمل 25 لقباً، بصفته أكثر اللاعبين فوزاً بالبطولات في تاريخ النادي. ولعب مارسيلو (34 عاماً) في صفوف ريال مدريد منذ عام 2007، وخاض نحو 550 مباراة مع الفريق ليحل ثانياً خلف المهاجم الفرنسي كريم بنزيمة.
وأكد مارسيلو، الذي جلس على مقاعد البدلاء في نهائي دوري أبطال أوروبا، أنه سيرحل عن الريال عقب انتهاء عقده في يونيو (حزيران) المقبل، وأوضح: «كانت آخر مباراة لي مع الريال». ويحق لجماهير النادي الملكي الإسباني الاحتفال بفريقها والاحتشاد حتى الساعات المبكرة فجراً في وسط العاصمة مدريد، بعد التتويج الذي أكد به زعامته أوروبا.
ومن ألفريدو دي ستيفانو؛ أرجنتيني الأصول، الذي وصل إلى ريال مدريد عام 1953 في عهد الرئيس التاريخي سانتياغو برنابيو، بدأت رحلة النادي في صنع التاريخ الذهبي أوروبياً. ونجح دي ستيفانو في قياده الريال لحصد أول كأس للأندية الأوروبية البطلة (دوري أبطال أوروبا راهناً) في يونيو 1956 على حساب رينس الفرنسي. وبعد قدوم ريمون كوبا في أغسطس (آب) 1956، ثم المجري فرينز بوشكاش في 1958 للعب بجوار دي ستيفانو هيمن الثلاثي الهجومي على القارة العجوز بـ5 ألقاب متتالية.
وأكمل ريال عصره الذهبي الأول بلقب سادس عام 1966، بفضل جناحه الأيسر فرنسيسكو خنتو (المتوفي في يناير/ كانون الثاني 2022)، صاحب الرقم القياسي في عدد مرات إحراز اللقب (6).
وبعد صيام 32 عاماً وخيبات عدة في النهائي (1962 و1964 و1981)، عاد ريال مدريد إلى الواجهة مع راؤول غونزاليس، والبرازيلي روبرتو كارلوس، والفرنسي كريستيان كارمبو، ليحرز عام 1998 لقب «دوري أبطال أوروبا» بتسميته الجديدة بقيادة المدرب الألماني يوب هاينكس، على حساب يوفنتوس الإيطالي ونجمه الفرنسي زين الدين زيدان (1 - صفر). وبعدها بدأت حقبة جديدة؛ «الغالاكتيكوس» بقيادة رئيس النادي فلورنتينو بيريز والمدرب فيسنتي دل بوسكي؛ حيث عقد الفريق صفقات كبرى مع كبار النجوم، أمثال البرتغالي لويس فيغو مقابل 58 مليون يورو عام 2000، وزيدان مقابل 77 مليون يورو في 2001، والبرازيلي رونالدو مقابل 43 مليون يورو في 2002، والإنجليزي ديفيد بيكهام مقابل 35 مليون يورو في 2003، لكن هذه المجموعة حصدت لقباً قارياً وحيداً في «غلاسكو» عام 2002 ضد باير ليفركوزن الألماني.
نجح الإيطالي كارلو أنشيلوتي، المدرب الحالي لريال، في مروره الأول على رأس ريال وقاده إلى اللقب العاشر، بعد نهائي مشوق ضد جاره أتلتيكو مدريد 4 - 1 بعد وقت إضافي عام 2014، وكان مساعده آنذاك زيدان في بداية مشواره التدريبي قبل أن يتسلم المهمة الأساسية في 2016، ليكمل المشوار مع النجوم: البرتغالي كريستيانو رونالدو، والويلزي غاريث بيل، والفرنسي كريم بنزيمة. ونجح زيدان في كتابة تاريخ جديد بانتزاع 3 ألقاب متتالية ليصبح أول مدرب في التاريخ يحقق هذا الإنجاز. وعاد أنشيلوتي مع بداية هذا الموسم ليتولى المهمة مجدداً وقاده إلى لقبه الرابع عشر في 2022 على حساب ليفربول وبفضل المخضرم بنزيمة (15 هدفاً) هداف المسابقة.