بحث في «مقايضة» بين انتخابات رئيس البرلمان اللبناني ونائبه

باسيل أمام الاختبار... ولقاء بري وبوصعب أثار التكهنات

الرئيس نبيه بري والنائب إلياس بوصعب خلال لقائهما أمس (الوكالة الوطنية)
الرئيس نبيه بري والنائب إلياس بوصعب خلال لقائهما أمس (الوكالة الوطنية)
TT

بحث في «مقايضة» بين انتخابات رئيس البرلمان اللبناني ونائبه

الرئيس نبيه بري والنائب إلياس بوصعب خلال لقائهما أمس (الوكالة الوطنية)
الرئيس نبيه بري والنائب إلياس بوصعب خلال لقائهما أمس (الوكالة الوطنية)

كسر اللقاء الذي جمع، يوم أمس، الوزير السابق النائب إلياس بوصعب مع رئيس البرلمان نبيه بري، الجمود الذي كان يلف انتخابات نائب رئيس مجلس النواب المحددة، يوم الثلاثاء المقبل، حيث عكست الزيارة جملة دلالات سياسية قد ترجّح كفّة المنصب لصالح بوصعب، مرشّح «التيار الوطني الحر»... «العوني غير الملتزم، الذي تربطه علاقة قديمة ومتينة مع بري»، بحسب ما قالت مصادر مطلّعة على اللقاء لـ«الشرق الأوسط».
وكانت لافتة، يوم أمس، الزيارة التي قام بها بوصعب لرئيس البرلمان الحالي و«المقبل»، نبيه بري، الذي حسم التجديد له في انتخابات رئاسة البرلمان، رغم إعلان عدد من الكتل رفضها انتخابه، أبرزها «حزب القوات اللبنانية» والنواب التغييريون ومعظم المستقلين، إذ أتت هذه الزيارة التي لم يُدلِ بعدها بوصعب بأي تصريح، لتطرح علامات استفهام حول موقف رئيس «التيار»، النائب جبران باسيل، الذي سبق له أن برّر تحالفه مع حركة «أمل» في الانتخابات واصفاً إياه بالتحالف الانتخابي، وقال قبل الاستحقاق: «متحالفون انتخابياً مع (حزب الله)، وهناك حاجة مشتركة معه أدت إلى لوائح واحدة مع مرشحين من حركة (أمل)، ولا تواصل سياسياً مع (أمل)، وكل واحد يذهب في طريقه بعد الانتخابات»، وذكّر بأنه لم ينتخب عام 2018 بري «والآن لا أجد موجباً لذلك». مع العلم أن باسيل كان قد ترك عام 2018 الحرية لنوابه في انتخابات رئيس البرلمان حيث منح نحو نصف نواب الكتلة أصواتهم لبري.
وتكتفي مصادر نيابية في «التنمية والتحرير» التي يرأسها بري بالقول حول اللقاء لـ«الشرق الأوسط» إنه «يندرج ضمن اللقاءات العديدة التي يجريها بري منذ الانتخابات النيابية، ومن ثم إعلانه موعد جلسة الانتخاب، كما أتت بعد ترشيح بو صعب رسمياً من قبل (التيار)»، مشيرةً في الوقت عينه إلى أن كتلة «التنمية والتحرير» ستجتمع، بداية الأسبوع المقبل، لتأخذ الموقف بشأن خيارها في انتخابات نائب رئيس البرلمان.
لكن في المقابل، وفيما بدا واضحاً، فإن الزيارة أتت للبحث في «مقايضة» أو اتفاق بين حليفي «حزب الله»: «التيار الوطني الحر» و«حركة أمل»، حول انتخابات رئيس البرلمان ونائبه، تقول المصادر المطلعة على اللقاء: «بكل بساطة، انتخابات الرئيس تجري قبل انتخابات نائب الرئيس، وبالتالي فإن باسيل سيكون أمام الاختبار... فإذا انتخبت كتلته بري ستنتخب كتلة (التنمية والتحرير) بوصعب لمنصب نائب الرئيس... أي كما تراني أراك»، مذكرة بأن «(الوطني الحر) حصل على نواب نتيجة تحالفه وحصوله على أصوات من قبل حركة (أمل) و(حزب الله) في الانتخابات».
وفي حين سبق أن نقل عن آخر اجتماع لكتلة «التيار الوطني الحر»، أنه لم يحصل اتفاق على انتخاب بري، من دون أن يتم الإعلان رسمياً عن هذا الموقف، تقول المصادر: «بري لا منافس له، وهو سيكون رئيساً للبرلمان، لكن السؤال يبقى: هل ينجح بوصعب في إقناع التيار بالتصويت له مقابل أن يحصل على أصوات التنمية والتحرير؟ مجددةً التأكيد على أن الممر الإلزامي لانتخابات نائب الرئيس هو نتائج انتخابات الرئيس وتوزيعها».
وبانتظار ما ستكشفه الأيام المقبلة من مواقف الكتل النيابية حيال معركة «نائب الرئيس»، في ظل طرح أسماء عدد من المرشحين، من دون أن يعلن رسمياً عنها، باستثناء ترشيح باسيل لبوصعب، فإن تموضع الكتل قد يقلب النتائج رأساً على عقب، وتنتهي بفوز أحدهم بأكثرية ضئيلة. وأبرز الأسماء المطروحة هي نائب رئيس الحكومة السابق، النائب غسان حاصباني، ونقيب المحامين السابق النائب ملحم خلف، المحسوب على «التغييريين»، إضافة إلى النائب سجيع عطية، الذي أعلن قبل أيام بعد لقائه مع بري أنه مستعد لتولي المنصب، وعطية هو عضو في كتلة «إنماء عكار»، التي تضم 11 نائباً.
مع العلم أنه إذا قرّرت كتلة «التيار» منح أصوات نوابها لبري، فعندها سيحصل الأخير على ما يقارب 80 صوتاً، فيما قد يفوز بوصعب بمنصب نائب الرئيس بنحو 60 صوتاً، وتضم بشكل أساسي أصوات «التيار» و«التنمية والتحرير»، و«حزب الله»، لكن تبقى الأنظار متّجهة إلى المرشحين الآخرين، وما سيكون عليه قرار الكتل منها، ما من شأنه أن يقلب المقاييس وميزان الأصوات لصالح أحدهم، لا سيما في ظل وجود كتل صغيرة وعدد كبير من المستقلين والتغييريين.


مقالات ذات صلة

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

المشرق العربي رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

تُوفّي الموسيقار اللبناني إيلي شويري، عن 84 عاماً، الأربعاء، بعد تعرُّضه لأزمة صحية، نُقل على أثرها إلى المستشفى، حيث فارق الحياة. وأكدت ابنته كارول، لـ«الشرق الأوسط»، أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قبل أن تعلم به العائلة، وأنها كانت معه لحظة فارق الحياة.

المشرق العربي القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

وجّه المجلس التأديبي للقضاة في لبنان ضربة قوية للمدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون، عبر القرار الذي أصدره وقضى بطردها من القضاء، بناء على «مخالفات ارتكبتها في إطار ممارستها لمهمتها القضائية والتمرّد على قرارات رؤسائها والمرجعيات القضائية، وعدم الامتثال للتنبيهات التي وجّهت إليها». القرار التأديبي صدر بإجماع أعضاء المجلس الذي يرأسه رئيس محكمة التمييز الجزائية القاضي جمال الحجار، وجاء نتيجة جلسات محاكمة خضعت إليها القاضية عون، بناء على توصية صدرت عن التفتيش القضائي، واستناداً إلى دعاوى قدمها متضررون من إجراءات اتخذتها بمعرض تحقيقها في ملفات عالقة أمامها، ومخالفتها لتعليمات صادرة عن مرجع

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

رأى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أن فرص انتخاب مرشح قوى 8 آذار، رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، «باتت معدومة»، مشيراً إلى أن الرهان على الوقت «لن ينفع، وسيفاقم الأزمة ويؤخر الإصلاح». ويأتي موقف جعجع في ظل فراغ رئاسي يمتد منذ 31 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث فشل البرلمان بانتخاب رئيس، وحالت الخلافات السياسية دون الاتفاق على شخصية واحدة يتم تأمين النصاب القانوني في مجلس النواب لانتخابها، أي بحضور 86 نائباً في دورة الانتخاب الثانية، في حال فشل ثلثا أعضاء المجلس (86 نائباً من أصل 128) في انتخابه بالدورة الأولى. وتدعم قوى 8 آذار، وصول فرنجية إلى الرئاسة، فيما تعارض القوى المسيحية الأكثر

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

جدد سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان، وليد بخاري، تأكيد موقف المملكة من الاستحقاق الرئاسي اللبناني بوصفه «شأناً سياسياً داخلياً لبنانياً»، حسبما أعلن المتحدث باسم البطريركية المارونية في لبنان بعد لقاء بخاري بالبطريرك الماروني بشارة الراعي، بدأ فيه السفير السعودي اليوم الثاني من جولته على قيادات دينية وسياسية لبنانية. وفي حين غادر السفير بخاري بكركي من دون الإدلاء بأي تصريح، أكد المسؤول الإعلامي في الصرح البطريركي وليد غياض، أن بخاري نقل إلى الراعي تحيات المملكة وأثنى على دوره، مثمناً المبادرات التي قام ويقوم بها في موضوع الاستحقاق الرئاسي في سبيل التوصل إلى توافق ويضع حداً للفراغ الرئا

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

تأتي جولة سفيرة الولايات المتحدة الأميركية لدى لبنان دوروثي شيا على المرجعيات الروحية والسياسية اللبنانية في سياق سؤالها عن الخطوات المطلوبة لتفادي الشغور في حاكمية مصرف لبنان بانتهاء ولاية رياض سلامة في مطلع يوليو (تموز) المقبل في حال تعذّر على المجلس النيابي انتخاب رئيس للجمهورية قبل هذا التاريخ. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر نيابية ووزارية أن تحرك السفيرة الأميركية، وإن كان يبقى تحت سقف حث النواب على انتخاب رئيس للجمهورية لما للشغور الرئاسي من ارتدادات سلبية تدفع باتجاه تدحرج لبنان من سيئ إلى أسوأ، فإن الوجه الآخر لتحركها يكمن في استباق تمدد هذا الشغور نحو حاكمية مصرف لبنان في حال استحال عل

محمد شقير (بيروت)

بين تناول الطعام من المراحيض والتعذيب الجسدي... معتقل سابق في صيدنايا يوثّق الفظائع

أشخاص يشاهدون عملية البحث عن معتقلين تحت الأرض في سجن صيدنايا (رويترز)
أشخاص يشاهدون عملية البحث عن معتقلين تحت الأرض في سجن صيدنايا (رويترز)
TT

بين تناول الطعام من المراحيض والتعذيب الجسدي... معتقل سابق في صيدنايا يوثّق الفظائع

أشخاص يشاهدون عملية البحث عن معتقلين تحت الأرض في سجن صيدنايا (رويترز)
أشخاص يشاهدون عملية البحث عن معتقلين تحت الأرض في سجن صيدنايا (رويترز)

أمضى رياض أفلار عشرين عاماً بالسجون السورية، عشرة منها في سجن صيدنايا سيئ السمعة الذي شهد بعض أكثر الانتهاكات وحشية خلال عهد بشار الأسد. وكل تلك السنوات وراء القضبان تركت لديه هاجساً واحداً: توثيق الفظائع التي ارتكبت في الموقع.

قال أفلار، وهو مواطن تركي: «أنا متأكد من أننا سنرى بشار الأسد يحاكم ذات يوم»، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

في عام 2017 بعد أشهر قليلة من إطلاق سراحه، شارك أفلار في تأسيس رابطة معتقلي ومفقودي سجن صيدنايا التي تدافع عن معتقلين تجرأوا على تحدي حكم الأسد.

وقال في مقر المنظمة في غازي عنتاب في جنوب شرقي تركيا: «لا نريد الانتقام، نريد العدالة».

هناك، يقوم أفلار وناجون آخرون من صيدنايا بجمع الوثائق والشهادات المرتبطة بالفظائع التي ارتكبت في هذا السجن الذي وصفته منظمة العفو الدولية بأنه «مسلخ بشري».

وعقب سقوط الأسد بعد سيطرة الفصائل المعارضة السورية على العاصمة الأحد، أُطلق سراح آلاف الأشخاص من السجن الواقع في ريف دمشق، وبعضهم محتجز منذ الثمانينات.

امرأة تسير وسط الأغراض المتناثرة داخل سجن صيدنايا (رويترز)

وانتشرت صور المعتقلين السابقين وهم يسيرون أحراراً، لكنهم منهكون وهزيلون، وبعضهم يحتاج إلى المساعدة حتى للوقوف، في كل أنحاء العالم في رمز لسقوط الأسد.

وقال أفلار الذي سجن في عام 1996 أثناء دراسته في دمشق بسبب رسالة أرسلها إلى أقاربه بشأن انتهاكات ترتكبها الحكومة في السجون السورية: «فرحت جداً عندما رأيتهم (أحراراً) لكن صور الجدران والزنزانات أعادتني فوراً إلى هناك». وأضاف: «ما زلت مصدوماً».

«قتل عدد كبير من الأشخاص»

حتى اليوم، يستيقظ أفلار أحياناً في الليل مرتعداً، معتقداً بأنه ما زال خلف القضبان، إذ احتجز في إحدى المرات داخل زنزانة في ظلام دامس لمدة شهرين.

وأوضح الناشط الذي يحمل ندبة ناجمة عن التعذيب الذي تعرض له قبل 25 عاماً: «رأيت أشخاصاً يموتون أمام عينَي، كثيراً ما كان ذلك بسبب الجوع».

وروى أن الحراس كانوا في كثير من الأحيان يلقون وجبات طعام في المرحاض أمام السجناء الذين يتضورون جوعاً، مضيفاً: «كان السجناء يأكلونها من أجل البقاء على قيد الحياة».

وكان جزء من تعافيه من خلال المسرح، وتعلم العزف على آلة الساز، وهو عود طويل العنق يحظى بشعبية كبيرة في تركيا، لكن أيضاً من خلال عمله في المنظمة التي تمكّن من خلالها من مساعدة عدد لا يحصى من العائلات في الحصول على دليل على أن أقاربهم المحتجزين داخل صيدنايا ما زالوا على قيد الحياة.

وقال أفلار إن ذلك كان بفضل موظفين مطّلعين في السجن مرروا سراً وثائق داخلية للمنظمة، من دون تقديم مزيد من التفاصيل.

«لا سجناء جدداً»

واليوم، فرغ سجن صيدنايا الذي سارع إليه مئات السوريين هذا الأسبوع على أمل في العثور على أحبائهم، من المعتقلين.

وقالت رابطة معتقلي ومفقودي سجن صيدنايا، إن الفصائل المعارضة بقيادة «هيئة تحرير الشام» أطلقوا سراح أكثر من أربعة آلاف سجين.

وتقدر المجموعة أن أكثر من 30 ألف شخص إما أعدموا وإما ماتوا نتيجة التعذيب، أو المجاعة، أو نقص الرعاية الطبية بين عامَي 2011 و2018.

ومع وجود هذا العدد الكبير من الجثث، اضطرت السلطات لاستخدام «غرف ملح» كأنها مشارح مؤقتة لتعويض النقص في الأماكن المبرّدة.

وأمام هذه الفظائع، لا يفكّر أفلار في العودة إلى هناك، لكنه يقر بأنه «كان يحلم دائماً بأن يصبح سجن صيدنايا يوماً ما مكاناً لتخليد الذكرى».

وأضاف: «أنا سعيد جداً، لأنه لم يتبق فيه سجين واحد. آمل ألا يدخله سجناء جدد مطلقاً».