شاشة الناقد

مشهد من فيلم ألفيس
مشهد من فيلم ألفيس
TT

شاشة الناقد

مشهد من فيلم ألفيس
مشهد من فيلم ألفيس

- التاريخ الطبيعي للدمار
- إخراج: سيرغي لوزنيتزا | Sergei Loznitsa
‫- أوكرانيا، ألمانيا (2022) ‬‬
‪- وثائقي‬ | عروض: كان (خارج المسابقة)‬
- ★★
المخرج الوثائقي سيرغي لوزنيتزا سينمائي نشيط في مجال التذكير بالحروب والمآسي التي تتسبب بها، لكن من دون أن يدمج رؤيته بأي مشاعر ذاتية. تتبدّى مشاهده في هذا الفيلم، كما في سواه، كحالات واقعة والرأي فيها ناتج فقط عن العرض وليس عن تفكيك التاريخ على نحو تحليلي قد يؤدي إلى إثراء المحتوى الذي يقدّمه.
«التاريخ الطبيعي للدمار» ينتمي إلى هذا الأسلوب، لكن هناك علاوة على ذلك حقيقة أن الفيلم لا علاقة له بالوضع الأوكراني إلا بما يمكن للناقد النفاذ إليه خارج ما يوفره الفيلم من مشاهد وأعباد. في هذه الحالة هو فعل مقارنة وتذكير لا أكثر. يعود ذلك إلى أن الموضوع الذي ألّفه المخرج من الوثائقيات الكثيرة المتاحة يتناول الدمار الذي حل على المدن البريطانية وتلك الألمانية خلال الحرب العالمية الثانية بسبب الغارات المتبادلة. بالتالي، هي مجرد صدفة أن الحرب الدائرة في أوكرانيا تقع في هذه الأثناء كون الفيلم بوشر العمل عليه قبل الغزو الروسي لأوكرانيا.
يمكن للمرء أن يتابع ما يراه كما لو كان يكتشف ما لم يشاهده مسبقاً على شاشات المحطات التلفزيونية (هناك مشاهد عديدة عرضتها محطات بريطانية مثل BBC وHistory Channel الأميركية)، لكن الأرجح أن أهمية الموضوع تصطدم بالمسافة البعيدة بين الحرب العالمية في الأربعينات واليوم الحاضر. ومن دون تدخل المخرج ليضيف عليها موقفاً ووجهة نظر يتحوّل الأمر إلى مجرد متابعة تريد استشفاف النتائج أكثر مما هي مشغولة بالمعروض أمامها.
يعزز ذلك عدم وجود تعليق صوتي (وهذا ليس غريباً على بعض أفلام المخرج). على ذلك، تبقى اللحظات التي يستطيع المشاهد استشفاف ما يناقض الصورة كالمشهد الذي نرى فيه حفلاً بريطانياً في القصر الملكي بينما البلاد في حرب طاحنة، أو كذلك المشهد الذي نسمع فيه القائد البريطاني سير آرثر هاريس وهو يقول إن قصف ألمانيا بمثابة «تجربة مثيرة للاهتمام».
هذا أفضل ما يتأتى من الفيلم لجانب الاستنتاج النهائي بأن الحرب هي ويلات على المواطنين العاديين والممتلكات والمصائر. بالتالي يصيبنا الشعور بأن هذا الاستعراض الذي ينجزه المخرج في ساعتين إلا قليلاً، ليس كافياً لتكوين أكثر من معرفة تتحدّث فيها الصورة عما حفظناه وعهدناه من أفلام ووثائقيات أخرى الفارق هي أنها الآن ممهورة باسم مخرج ملتزم بالبحث التاريخي عن كل ما هو دمار خلفته الحروب وأسبابها.

- ‫Elvis ‬‬ألفيس
- إخراج: باز لورمان | Baz Luhmann
‫- أستراليا، الولايات المتحدة (2022) ‬‬
- ‪وثائقي‬ | عروض: كان (خارج المسابقة)‬
- ★★
كعادته، يحوّل المخرج الحكاية التي يريد سردها إلى ملهاة بصرية قوامها كاميرا تتحرك بلا كلل ومشاهد ملتقطة من مسافات مختلفة وأخرى تقترب من الهدف أو تشيح عنه ما يؤلّف مشاهد قد تعجب البعض لكنها في العمق تحتاج إلى سبب أهم لحضورها على هذا الوضع.
إنه شيء مختلف فيما لو أن القطع من وإلى والسباحة الجويّة للكاميرات وهي تلتقط المسرح وما عليه تأتي وكل العجقة المتوالية من المشاهد المتوترة، مزوّدة بمنهج فني طريقة مارتن سكورسيزي في أفلامه التسجيلية الغنائية. هناك، كما الحال مثلاً في فيلمه الرائع Shine a Light (حول فريق ذا رولينغ ستونز)، منهج مدروس يضعنا في الحفل الذي يقدّمه كما لو كنا فيه. الكاميرات الموزّعة تعمل بشفرات غير تلك التي تعمل بها تلك التي في أفلام لورمان. هذه تتحرك تبعاً لرغبة إثارة شهوة بصرية محضة.
ما ينقص «ألفيس» الذي يدور حول أيقونة الروك أند رول في الخمسينات وما بعد، هو سيناريو جيد يملأ الفراغات الناتجة عن كتابة غير وافية. الممثل أوستن بتلر يوفر الشخصية بإتقان مرح. تستطيع سريعاً قبوله في دور صعب كون المغني الراحل متوفر لليوم عبر «يوتيوب» ووثائقيات أخرى. تقمّص تلك الشخصية بحركاتها وسلوكها وطريقة كلامها ليس نزهة الممثل الباحث عن المجد، بل جهد كبير يؤتي ثماره.
حقيقة أن السيناريو، الذي يستعرض حياة الممثل منذ أن تعرّف إلى ألحان الكنائس في البلدات التي يقطنها السود في الجنوب الأميركي، إلى بلوغه شهرة فوق شهرة ومجداً تلو مجد، مرتبك في الكثير من الحالات. يقفز قفزاً بين مواضيعه. ليس هناك من محاولة مخلصة للربط بين التاريخ الشخصي والفترة ذاتها، ولا ما يكفي لمنح الفيلم عمقاً فعلياً. هذا قد يعود إلى أن السيناريو في حقيقته عدّة سيناريوهات كتب كل منها أكثر من شخص ثم آل إلى المخرج الذي ربط معالجته بعناصر الإبهار البصرية.
توم هانكس له دور هنا. يؤدي شخصية توم باركر الذي أشرف على مسيرة المغني الشهير وإليه يعود فضل كبير في نجاحه. لكن هانكس في أضعف أداءاته هنا ومشاهده تتجاوز الحجم الضروري منها، خصوصاً أنها متكررة المفادات.

ضعيف ★ وسط ★★ جيد ★★★
ممتاز ★★★★ تحفة ★★★★★


مقالات ذات صلة

بطلة «سنو وايت»: الفيلم يُنصف قِصار القامة ويواجه التنمر

يوميات الشرق مريم شريف في لقطة من فيلم «سنو وايت» (الشركة المنتجة)

بطلة «سنو وايت»: الفيلم يُنصف قِصار القامة ويواجه التنمر

رغم وقوفها أمام عدسات السينما ممثلة للمرة الأولى؛ فإن المصرية مريم شريف تفوّقت على ممثلات محترفات شاركن في مسابقة الأفلام الطويلة بـ«مهرجان البحر الأحمر».

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق وجوه من فيلم «السادسة صباحاً» (غيتي)

من طهران إلى كابل... حكايات نساء يتحدّيْن الظلم في «البحر الأحمر»

«السادسة صباحاً» و«أغنية سيما» أكثر من مجرّد فيلمين تنافسيَّيْن؛ هما دعوة إلى التأمُّل في الكفاح المستمرّ للنساء من أجل الحرّية والمساواة.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق جوني ديب لفت الأنظار بحضوره في المهرجان (تصوير: بشير صالح)

اختتام «البحر الأحمر السينمائي» بحفل استثنائي

بحفل استثنائي في قلب جدة التاريخية ، اختم مهرجان «البحر الأحمر السينمائي الدولي» فعاليات دورته الرابعة، حيث أُعلن عن الفائزين بجوائز «اليُسر». وشهد الحفل تكريمَ

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق ياسمين عبد العزيز في كواليس أحدث أفلامها «زوجة رجل مش مهم» (إنستغرام)

«زوجة رجل مش مهم» يُعيد ياسمين عبد العزيز إلى السينما

تعود الفنانة المصرية ياسمين عبد العزيز للسينما بعد غياب 6 سنوات عبر الفيلم الكوميدي «زوجة رجل مش مهم».

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق رئيسة «مؤسّسة البحر الأحمر السينمائي» جمانا الراشد فخورة بما يتحقّق (غيتي)

ختام استثنائي لـ«البحر الأحمر»... وفيولا ديفيس وبريانكا شوبرا مُكرَّمتان

يتطلّع مهرجان «البحر الأحمر السينمائي» لمواصلة رحلته في دعم الأصوات الإبداعية وإبراز المملكة وجهةً سينمائيةً عالميةً. بهذا الإصرار، ختم فعالياته.

أسماء الغابري (جدة)

8 أفلام عن أزمات الإنسان والوطن المُمزّق

«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬
«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬
TT

8 أفلام عن أزمات الإنسان والوطن المُمزّق

«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬
«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬

تُحرّك جوائز «الأوسكار» آمال العاملين في جوانب العمل السينمائي المختلفة، وتجذبهم إلى أمنية واحدة هي، صعود منصّة حفل «الأوسكار» وتسلُّم الجائزة وإلقاء ما تيسَّر له من تعابير فرحٍ وثناء.

لا يختلف وضع العام الحالي عن الوضع في كل عام، فجميع آمال العاملين في هذه الصّناعة الفنية المبهرة يقفون على أطراف أصابعهم ينتظرون إعلان ترشيحات «الأوسكار» الأولى هذا الشهر. وحال إعلانها سيتراجع الأمل لدى من لا يجد اسمه في قائمة الترشيحات، وترتفع آمال أولئك الذين سترِد أسماؤهم فيها.

يتجلّى هذا الوضع في كل مسابقات «الأوسكار» من دون تمييز، لكنه أكثر تجلّياً في مجال الأفلام الأجنبية التي تتقدّم بها نحو 80 دولة كل سنة، تأمل كل واحدة منها أن يكون فيلمها أحد الأفلام الخمسة التي ستصل إلى الترشيحات النهائية ومنها إلى الفوز.

«ما زلت هنا» لوولتر ساليس (ڤيديو فيلمز)

من المسافة صفر

لا يختلف العام الحالي في شكل التنافس وقيمته بل بأفلامه. لدينا للمناسبة الـ97 من «الأوسكار» 89 دولة، كلّ واحدة منها سبق أن تنافست سابقاً في هذا المضمار. لكن المختلف هو بالطبع الأفلام نفسها. بعض ما شُوهد منها يستحق التقدير، والفرق شاسع بين ما يستحق التقدير وبين ما يستحق الترشيح والوصول إلى التّصفية.

الحلمُ في تحقيق هذه النقلة يسيطر على المخرجين والمنتجين العرب الذين نفّذوا أعمالهم الجديدة خلال هذه السنة وسارعوا لتقديمها.

من بينهم المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي، الذي وفّر خلال العام الحالي فيلمين، واحدٌ من إخراجه بعنوان «أحلام عابرة»، والثاني بتوقيع 22 مخرجاً ومخرجة أشرف مشهراوي على جمع أفلامهم في فيلم طويل واحد بعنوان «من المسافة صفر»، وجميعها تتحدّث عن غزة، وما حدث فيها في الأسابيع الأولى لما يُعرف بـ«طوفان الأقصى». بعض تلك الحكايا مؤثرٌ وبعضها الآخر توليفٌ روائي على تسجيلي متوقع، لكنها جميعها تكشف عن مواهب لو قُدِّر لها أن تعيش في حاضنة طبيعية لكان بعضها أنجز ما يستحق عروضاً عالمية.

لا ينحصر الوضع المؤلم في الأحداث الفلسطينية بل نجده في فيلم دانيس تانوفيتش الجديد (My Late Summer) «صيفي المتأخر». يقدم تانوفيتش فيلمه باسم البوسنة والهرسك، كما كان فعل سنة 2002 عندما فاز بـ«الأوسكار» بصفته أفضل فيلم أجنبي عن «الأرض المحايدة» (No Man‪’‬s Land). يفتح الفيلم الجديد صفحات من تاريخ الحرب التي دارت هناك وتأثيرها على شخصية بطلته.

«صيفي الأخير» لدانيس تانوفيتش (بروبيلر فيلمز)

مجازر كمبودية

تختلف المسألة بالنسبة للاشتراك الصّربي المتمثّل في «قنصل روسي» (Russian Consul) للمخرج ميروسلاڤ ليكيتش. في عام 1973 عندما كانت يوغوسلاڤيا ما زالت بلداً واحداً، عاقبت السلطات الشيوعية هناك طبيباً إثر موت مريض كان يعالجه، وأرسلته إلى كوسوڤو حيث وجد نفسه وسط تيارات انفصالية مبكرة ونزاع حول الهوية الفعلية للصرب. حسب الفيلم (الاشتراك الثاني لمخرجه للأوسكار) تنبأت الأحداث حينها بانهيار الاتحاد السوفياتي و«عودة روسيا كروسيا» وفق قول الفيلم.

التاريخ يعود مجدداً في فيلم البرازيلي والتر ساليس المعنون «ما زلت هنا» (I‪’‬m Still Here) وبطلته، أيضاً، ما زالت تحمل آلاماً مبرحة منذ أن اختفى زوجها في سجون الحقبة الدكتاتورية في برازيل السبعينات.

في الإطار نفسه يعود بنا الاشتراك الكمبودي (التمويل بغالبيته فرنسي) «اجتماع مع بُل بوت» (Meeting with Pol Pot) إلى حقبة السبعينات التي شهدت مجازرعلى يد الشيوعيين الحاكمين في البلاد، ذهب ضحيتها ما بين مليون ونصف ومليوني إنسان.

وفي «أمواج» (Waves) للتشيكي ييري مادل، حكاية أخرى عن كيف ترك حكمٌ سابقٌ آثاره على ضحاياه ومن خلفهم. يدور حول دور الإعلام في الكشف عن الحقائق التي تنوي السلطة (في السبعينات كذلك) طمسها.

تبعات الحرب الأهلية في لبنان ليست خافية في فيلم ميرا شعيب «أرزة»، الذي يدور حول أم وابنها يبحثان عن سارق دراجة نارية ويتقمصان، في سبيل ذلك، شخصيات تنتمي إلى الطائفة التي قد تكون مسؤولة عن السرقة. هما سنّيان هنا وشيعيان هناك ومسيحيان أو درزيان في مواقع أخرى وذلك للتأكيد على أن التربة الطائفية ما زالت تنبض حية.

حتى كوريا الجنوبية ما زالت تحوم حول الانقلاب (وهي تعيش اليوم حالة مشابهة) الذي وقع في مثل هذا الشهر من سنة 1979 عندما اغتيل الرئيس بارك على يد رئيس شعبة الدفاع لي تايدو-غوانغ (أُلقي القبض عليه لاحقاً وأُعدم). هذا هو ثالث فيلم شاهده الناقد كاتب هذه الكلمات حول الموضوع نفسه.