«تفاجأت بقهقهة الجمهور»... كان هذا هو الانطباع الأول الذي سجله المخرج البحريني هاشم شرف تجاه الجمهور السعودي الذي حضر عروض فيلمه «عذر أجمل من ذنب»، الفائز مطلع هذا الشهر بجائزة «النخلة الذهبية» لأفضل فيلم خليجي روائي قصير، في الدورة العاشرة من مهرجان أفلام السعودية، حيث أبدى دهشته من تفاعل الجمهور مع العمل الذي يأتي باللهجة البحرينية البحتة، مضيفاً: «لم أعتقد أن تفاصيل اللهجة ستكون مفهومة».
يبدو غريباً وصف المخرج الحصان ببطل الفيلم، المقتبس من حادثة حقيقية، سمعها المخرج من والدته، الذي تدور أحداثه حول محاولة شاب تصعيد حصان عن طريق درج البناية الضيق، إلى شقته، لكن يعترض طريقه أهالي البناية الذين يرفضون بشكل قاطع صعود الحصان، وهنا يبدأ الصراع.
مضمون الفيلم
يتحدث هاشم شرف لـ«الشرق الأوسط» عن مضمون الفيلم قائلاً: «سياق العمل يعتمد على تجربة كل شخص، فكلٌ منا لديه حلم في حياته، وحين يريد أن يحققه سيواجه المجتمع بمختلف أطيافه، وربما أحياناً نجد أنفسنا بحاجة لكي نقاتل من أجل تحقيق أحلامنا، ولهذا السبب قيلت في نهاية الفيلم جملة (ما كان من البداية!)، حيث إننا نحتاج أحياناً أن نقوم بذلك منذ بداية الأمر، ونجعل حلمنا أمامنا لنتوجّه إليه مباشرة أياً كان الثمن».
وعن إمكانية تأويل الفيلم في سياق البحث عن حرية الفرد، يعترض المخرج على ذلك، مبيناً أنه سمع مثل هذه التفسيرات عن العمل، إلا أنه يعود لنقطة التمسّك بالأحلام الشخصية باعتبارها مرتكز القصة.
الحصان البطل
وفيما يتعلق بأصعب مشاهد الفيلم، يكشف شرف أنها مشاهد الحصان، باعتباره البطل، ويضيف: «أن يكون هناك حيوان في كل مشاهد الفيلم، وهو أيضاً شخصية رئيسية، صعب جداً، وأتوجه بالشكر هنا إلى مدرب الحصان البحريني جلال، الذي يعد الأفضل بمجاله في البحرين، والذي حين تواصلت معه أبدى حماسته، واستغرق نحو أسبوعين في تدريب الحصان»، وحرص على اتباع طرق السلامة كافة، مع مراعاة أساليب الرفق بالحيوان أثناء تصوير المشهد.
مواهب واعدة
وبخصوص فريق عمل «عذر أجمل من ذنب»، يقول المخرج: «هذا العمل من إنتاج أكثر من 30 موهبة محلية عربية تحلم بإنتاج الأفلام، ولكن لا توجد لدينا صناعة أفلام في البحرين، صحيح أنها دولة صغيرة جداً، ولكنها تحمل كثيراً من القصص والثقافات والمواضيع التي تمثل المجتمع الخليجي وتتقاطع معه».
ويأتي هذا الفيلم من بطولة عمر السعيدي ومبارك خميس، وساهم في إنتاجه مركز عيسى الثقافي، وتم تصويره على مدى يومين في منطقة المنامة بالبحرين، ويبلغ طوله 16 دقيقة، ويقتبس اسمه من المثل الشهير «عذر أقبح من ذنب»، وتم توظيفه لكون فكرة صعود الحصان في حد ذاتها هي غير منطقية، ولكن حين معرفة السبب والهدف من القصة يكون العذر أجمل، كما يفيد شرف.
السينما السعودية
وحول مشاركة الفيلم في مهرجان أفلام السعودية، يبدي المخرج دهشته وسعادته بالجمهور السعودي الذي اهتم بتحليل الفيلم وتفاصيله، رغم أن قصته لم تأت بشكل مباشر، وتحدث عن فوزه بـ«النخلة الذهبية»، قائلاً: «هو فوز للقصة البحرينية الحقيقية، لأني أؤمن بأن البحرين فيها قصص غزيرة جداً، تحتاج إلى أن نُظهرها إلى العالم، وأعتقد أن فوزي هذا سيلهم صُناع الأفلام البحرينيين في هذا السياق».
الأفلام الخليجية
لكن كيف يرى هاشم شرف مستقبل صناعة الأفلام الخليجية؟ يجيب: «قبل 5 سنوات كنا لا نؤمن بوجود صناعة، بل كنا نرى أن هناك تجارب يتوجب علينا أن نستمر بها، بعضها ينجح وبعضها الآخر دون ذلك، مثلما يحدث في آسيا وأفريقيا وبعض البلدان الأوروبية، حيث لا توجد لديهم صناعة، ولكن هناك تجارب سينمائية عظيمة، وبعضها فاز بجوائز مرموقة في كبرى المهرجانات».
ويردف: «كنت أظن أننا سنبقى في هذه المرحلة، إلا أن الحركة السينمائية السعودية أمر يبشر بأنه ستكون هناك صناعة في المنطقة، وتحديداً في السعودية، وأعني هنا صناعة سينمائية حقيقية». وأضاف: «السعودية اليوم هي بمثابة (الدينامو) للمنطقة في المجال السينمائي؛ وكون فيلمي يُعرض في مهرجان أفلام السعودية فإن هذا يجعل الكثير من الناس يطلعون عليه، وفعلاً وجدت اهتماماً من المنتجين من دول أخرى شاهدوا الفيلم، مما يفتح لي أبواباً أكبر».
جدير بالذكر أن هاشم شرف هو مخرج بحريني تخرج في جامعة RMIT في أستراليا بتخصص الأفلام والدراسات السينمائية، وحصل على جوائز محلية وعالمية في مجال الأفلام القصيرة والإعلانات والبرامج. منها جائزة لجنة التحكيم في مهرجان بغداد الدولي (2016)، وجائزة أفضل فيلم خليجي في مهرجان الشارقة (2015).