أحداث طرابلس الدامية تكشف مدى سطوة الجماعات المسلحة على العاصمة

باشاغا وجد نفسه معزولاً بعدما اكتشف أن دعمها له «لم يكن في المستوى المطلوب»

قوات موالية لحكومة الدبيبة بعد تمكنها من إفشال محاولة حكومة باشاغا دخول العاصمة طرابلس (أ.ب)
قوات موالية لحكومة الدبيبة بعد تمكنها من إفشال محاولة حكومة باشاغا دخول العاصمة طرابلس (أ.ب)
TT

أحداث طرابلس الدامية تكشف مدى سطوة الجماعات المسلحة على العاصمة

قوات موالية لحكومة الدبيبة بعد تمكنها من إفشال محاولة حكومة باشاغا دخول العاصمة طرابلس (أ.ب)
قوات موالية لحكومة الدبيبة بعد تمكنها من إفشال محاولة حكومة باشاغا دخول العاصمة طرابلس (أ.ب)

(تقرير اخباري)
أثارت محاولة رئيس الوزراء الليبي المكلف من البرلمان، فتحي باشاغا، دخول العاصمة طرابلس لاتخاذها مقراً لمباشرة مهامه، وما ترتب على ذلك من مواجهات مسلحة بين جماعات متناحرة موالية له، وأخرى محسوبة على رئيس حكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها، عبد الحميد الدبيبة، ردود فعل واسعة النطاق. ذلك أن تلك المحاولة، التي أسفرت عن سقوط قتيل واحد على الأقل وعدد من الجرحى، أعادت مشهد الاشتباكات العنيفة إلى قلب طرابلس بعد نحو عامين من الهدوء النسبي، وأثارت مخاوف الكثير من الليبيين والأطراف المعنية بالشأن الليبي.
واستحوذت مستجدات الساحة الليبية على اهتمام الصحافة العالمية، حيث رأت صحيفة «واشنطن بوست» أن ما شهدته طرابلس «يبرز هشاشة الوضع في الدولة التي مزقتها الحرب». وذكرت أن وصول باشاغا إلى طرابلس مع عدد من وزراء حكومته، بعد ثلاثة أشهر من تعيينه على رأس حكومة مؤقتة، «كان من المرجح أن يؤجج المزيد من التوترات بين الإدارات المتنافسة في ليبيا». ونقلت الصحيفة عن الباحث الليبي جليل حرشاوي، أن العنف الذي اندلع خلال وجود باشاغا القصير داخل طرابلس «يعكس فشله الواضح». ورأى حرشاوي أن الدبيبة يتمتع بدعم الجماعات المسلحة «ذات التمويل الجيد».
أما صحيفة «الغارديان» البريطانية، فرأت أن باشاغا لم يمكث في طرابلس سوى سويعات، بعد أن اكتشف أن مستويات دعم الميليشيات، التي وُعد بها، لم تكن في المستوى المطلوب، وأنه «وجد نفسه معزولاً ولم يصل له أي دعم آخر من خارج المدينة»، مضيفة أن «انسحاب باشاغا لا يضر به شخصياً فقط، ولا بجهوده دولياً لتصوير نفسه شخصية موحدة، بل إنه يشكل دفعة للدبيبة، الذي انتقد محاولة دخول باشاغا ومرافقيه إلى طرابلس، ووصفهم بالمجموعة المنتحرة سياسياً».
من جانبها، أكدت البعثة الأممية في ليبيا على «الحاجة الملحة للحفاظ على الهدوء على الأرض وحماية المدنيين»، كما حثت على ضبط النفس، «والامتناع عن الأعمال الاستفزازية، بما في ذلك الكف عن الخطاب التحريضي»، مشددة على أنه «لا يمكن حل النزاع بالعنف، ولكن بالحوار والتفاوض». وفي هذا السياق، شدد السفير الأميركي في طرابلس، ريتشارد نورلاند، على الحاجة إلى الهدوء، مؤكداً أهمية الحوار وسرعة التحرك نحو إجراء الانتخابات. وجدد دعم بلاده لإشراك الأقليات وجميع المكونات الليبية الأخرى في العملية السياسية الجارية. كما أعربت وزارة الخارجية الأميركية عن «قلقها البالغ»، وحثت على لسان المتحدث باسمها نيد برايس، المجموعات المسلحة، على الامتناع عن العنف.
بدورها، قالت السفارة البريطانية لدى ليبيا، إن ما حدث في طرابلس الثلاثاء الماضي «يظهر الحاجة الماسة لإيجاد حل سياسي دائم، وهذا الحل يجب ألا يتم أو يتحقق بالقوة». وحثت جميع الأطراف على نزع فتيل التوتر، والعمل من أجل حوار هادف نحو الاستقرار وإجراء انتخابات ناجحة. فيما شددت السفارة الإيطالية لدى ليبيا على أن طرابلس «لا يجب أن تكون رهينة الصراعات السياسية»، ورأت أنه «لن يؤدي العنف إلا إلى تقويض ليبيا واستقرارها وازدهارها».
من جهتها، عبّرت فرنسا عن الموقف نفسه، داعية الأطراف الضالعة في الاضطرابات إلى العمل معاً لإيجاد حل سياسي، بينما دعت السفارة الألمانية لدى ليبيا إلى الهدوء وضبط النفس، وحثت جميع الجهات الفاعلة على التصرف بمسؤولية، معتبرة أنه «لا بديل عن الحل السياسي».
أما تركيا، فقد عبّرت بدورها عن القلق من «التطورات الجارية في ليبيا»، معتبرة أن «الحفاظ على الهدوء وعدم إعطاء الفرصة لإيقاع الاشتباكات هو من أولويتنا الرئيسية»، وقالت إنه «يجب إعطاء الأولوية للخطوات القانونية التي ستقود ليبيا إلى انتخابات نزيهة وحرة على مستوى البلاد». ودعت جميع الأطراف إلى «ضبط النفس والتحلي بالعقلانية، والامتناع عن الأعمال التي من شأنها أن تعرض الاستقرار للخطر»، مشيرة إلى أن «حل المشكلات من خلال الحوار أمر ضروري في هذه المرحلة الحساسة».
عربياً، شددت مصر على «ضرورة الحفاظ على الهدوء في ليبيا، والحفاظ على الأرواح والممتلكات ومقدرات الشعب الليبي». وحثت وزارة الخارجية المصرية، جميع الأطراف الليبية، على ضبط النفس، والامتناع عن اتخاذ أي خطوات من شأنها تأجيج العنف، مشددة على حتمية الحوار بهدف الوصول إلى إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية بالتزامن وبدون تأخير. بينما حذرت جامعة الدول العربية من اندلاع موجة عنف جديدة.
بدورها، ناشدت الجزائر أطراف الصراع الليبي تجنب التصعيد، وجددت دعمها لإنجاز انتخابات حرة في ليبيا، وذلك خلال استقبال رئيس مجلس المفوضية الوطنية العليا للانتخابات الليبية، عماد السايح، أول من أمس، سفير دولة الجزائر لدى ليبيا، سليمان شنين، والوفد المرافق له، بمقر المفوضية. وقال بيان صادر عن المفوضية، إن اللقاء بحث سبل تدعيم المقترحات والمساعي الوطنية الساعية لإنجاز الانتخابات المرتقبة خلال المدة المقبلة.
ويرى مراقبون أن مغادرة باشاغا، طرابلس، وقراره باتخاذ مدينة سرت الساحلية مقراً لحكومته بعد احتدام المواجهات «حقناً لدماء الليبيين»، أغلق ولو مؤقتاً باباً جديداً للعنف، لكنه أظهر جلياً مدى سطوة الجماعات المسلحة، وحقيقة أن عدم توحيد مؤسسات الدولة سيظل حجر عثرة رئيسياً أمام جهود الخروج من الانسداد السياسي.


مقالات ذات صلة

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

شمال افريقيا المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

بحثت نجلاء المنقوش مع نظيرها وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها أمس إلى الجزائر، فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الأشخاص، بعد سنين طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والأمنية في ليبيا. وذكرت الخارجية الجزائرية في بيان أن الوزيرين بحثا قضايا جارية في الساحتين المغاربية والعربية، منها تطورات ملف الصحراء، والمساعي العربية والدولية لوقف الاقتتال وحقن الدماء في السودان. وأكد البيان أن عطاف تلقى من المنقوش «عرضا حول آخر مستجدات العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة، لإنهاء الأزمة في ليبيا».

شمال افريقيا وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

بحث وفدان عسكريان، أميركي وفرنسي، في ليبيا سبل إعادة بناء وتطوير المؤسسة العسكرية المُنقسمة، بين شرق البلاد وغربها، منذ إسقاط النظام السابق، في وقت زار فيه المشير خليفة حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني» روما، والتقى برئيسة الوزراء بالحكومة الإيطالية جورجا ميلوني، وعدد من وزراء حكومتها. وفي لقاءين منفصلين في طرابلس (غرباً) وبنغازي (شرقاً)، التقى الوفدان الأميركي والفرنسي قيادات عسكرية للتأكيد على ضرورة توحيد الجيش الليبي.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

بحثت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش مع نظيرها الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها اليوم الخميس إلى الجزائر، في فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الاشخاص، بعد سنوات طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والامنية في ليبيا.

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا «حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

«حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

لم يكن من قبيل الصدفة أن تقذف أمواج البحر المتوسط كميات متنوعة من المخدرات إلى السواحل الليبية، أو أن تتلقف شِباك الصيادين قرب الشاطئ «حزماً» من «الحشيش والكوكايين وحبوب الهلوسة»، فالبلاد تحوّلت -وفق تقرير أممي- إلى «معبر مهم» لهذه التجارة المجرّمة. وتعلن السلطات الأمنية في عموم ليبيا من وقت لآخر عن ضبط «كميات كبيرة» من المخدرات قبل دخولها البلاد عبر الموانئ البحري والبرية، أو القبض على مواطنين ووافدين وهو يروّجون هذه الأصناف التي يُنظر إليها على أنها تستهدف «عقول الشباب الليبي». غير أنه بات لافتاً من واقع عمليات الضبط التي تعلن عنها السلطات المحلية تزايُد تهريب المخدرات وتعاطيها، خصوصاً «حبوب

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا «النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

«النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

استهلّت اللجنة المُشتركة لممثلي مجلسي «النواب» و«الدولة» (6+6) المكلفة بإعداد قوانين الانتخابات الليبية، اجتماعاتها في العاصمة طرابلس بـ«الاتفاق على آلية عملها». وطبقاً لما أعلنه عبد الله بليحق، المتحدث الرسمي باسم مجلس النواب، فقد شهد الاجتماع ما وصفه بتقارب في وجهات النظر بين أعضاء اللجنة حول القوانين الانتخابية، مشيراً، في بيان مقتضب مساء أول من أمس، إلى أنه «تم أيضاً الاتفاق على التواصل مع الجهات والمؤسسات ذات العلاقة بالعملية الانتخابية».

خالد محمود (القاهرة)

هل تغادر تشاد دوامة «الانقلابات» وتدخل المسار الديمقراطي؟

مسؤول في مركز اقتراع يقوم بعدِّ الأصوات في مركز الاقتراع بمدرسة أبينا في نجامينا في 6 مايو 2024 خلال الانتخابات الرئاسية في تشاد (أ.ف.ب)
مسؤول في مركز اقتراع يقوم بعدِّ الأصوات في مركز الاقتراع بمدرسة أبينا في نجامينا في 6 مايو 2024 خلال الانتخابات الرئاسية في تشاد (أ.ف.ب)
TT

هل تغادر تشاد دوامة «الانقلابات» وتدخل المسار الديمقراطي؟

مسؤول في مركز اقتراع يقوم بعدِّ الأصوات في مركز الاقتراع بمدرسة أبينا في نجامينا في 6 مايو 2024 خلال الانتخابات الرئاسية في تشاد (أ.ف.ب)
مسؤول في مركز اقتراع يقوم بعدِّ الأصوات في مركز الاقتراع بمدرسة أبينا في نجامينا في 6 مايو 2024 خلال الانتخابات الرئاسية في تشاد (أ.ف.ب)

على وقع أزيز طائرات حربية تطوف سماء حي «شغوا»، على مستويات منخفضة، كانت تشاد تطوي يومها الثاني والأخير من انتخابات رئاسية وُصفت بـ«الاستثنائية» جرت بين 10 مرشحين أبرزهم، رئيس المرحلة الانتقالية محمد إدريس ديبي، ورئيس وزرائه الدكتور سيكسيه مسارا.

وجرت عملية الاقتراع التي اكتنفتها بعض «الخروقات» (الأحد والاثنين) الماضيين، في أجواء «توتر شديدة»، وانتشار أمني في العاصمة نجامينا، ليكون أول ماراثون رئاسي بمنطقة الساحل الأفريقي منذ موجة انقلابات، طارحاً كثيراً من التساؤلات.

وقُبيل إعلان النتائج المبدئية، الخميس، ينقسم جُل التشاديين إلى فريقين رئيسيين كل منهما يأمل لمرشحه حسمها. فهناك من يأمل في فوز الشاب ماسرا، بينما ينتظر آخرون نجاح ديبي «ليستكمل ما بدأه من تنمية»، وكلاهما يتمنى خروج تشاد من «دائرة التوتر»، وفق عمر المهدي بشارة، رئيس «حزب حركة الخلاص الوطني» التشّادية (MSNT).

وعكست الحملات الانتخابية التي شهدتها البلاد طوال الشهر الماضي، حالة من الاحتقان تمثلت في رفع شعارات مبطنة لم تخلُ من التهديد والوعيد، إذا جرى التلاعب بنتائج الاستحقاق، وهو الشعور الذي يراود تشاديين كثيرين.

كما لم يخلُ المشهد الانتخابي من إسالة دماء؛ إذ أفادت تقارير إعلامية تشادية بمقتل ناخب على الأقل في موندو، ثاني أكبر مدينة في الدولة الواقعة في وسط أفريقيا، إلى الجنوب من العاصمة نجامينا، بعد أن فتح مسلحون مجهولون النار على مركز اقتراع.

عمر المهدي بشارة رئيس «حزب حركة الخلاص الوطني» التشّادية «MSNT» (الشرق الأوسط)

وفي ظل أجواء ساخنة، استبق ماسرا وقوع أي تزوير محتمل، موجهاً حديثه إلى مالك منصة «إكس» إيلون ماسك، بمدّ التشاديين بخدمة الإنترنت، بداعي أن «النظام الحاكم سيقطع الإنترنت في حال هزيمته»، كما دعا أنصاره عبر حسابه على «فيسبوك» برصد ومتابعة حالات المخالفة وتوثيقها.

غير أن بشارة، الذي تحدث إلى «الشرق الأوسط» لم يخفِ شكوكه من أن السلطة الانتقالية قد ترفض تسليم الحكم حال إخفاقها في الاستحقاق الذي عدّه «تحصيل حاصل»، متحدثاً لنا على كثير من «الخروقات» التي اكتنفت الانتخابات.

استمارة مسربة لعميلة فرز الأصوات في الانتخابات التشادية (الشرق الأوسط)

ويضع هذا الاستحقاق ديبي في مواجهة ماسرا الذي كان في السابق معارضاً سياسياً، وفرّ إلى خارج البلاد في عام 2022، ولكن سُمِح له بالعودة بعد عام. ويخوض السباق أيضاً رئيس الوزراء السابق ألبرت باهيمي باداكي و7 مرشحين آخرين.

وثمّن ديبي، رئيس الفترة الانتقالية موقف الشعب التشادي، وقال: «بينما تعيش العملية الانتقالية أيامها الأخيرة مع بدء فرز أصوات الناخبين، أشيد بالشعب الذي ذهب إلى صناديق الاقتراع بأعداد كبيرة وبهدوء لترشيح زعيمه، هذا الصفاء يبلور بشكل رائع النضج الديمقراطي للشعب صاحب السيادة».

وعدّد نشطاء تشاديون أشكال التجاوزات والخروقات التي شابت عميلة الاقتراع، من بينها «عدم عثور مواطنين من الأقاليم الجنوبية لم يجدوا بطاقاتهم في مراكز التصويت، مع اكتشاف صناديق معبأة ببطاقات ناخبين جرى حرقها».

صناديق اقتراع محترقة خلال عملية الاقتراع في تشاد (الشرق الأوسط)

ويبلغ عدد الناخبين المسجلين نحو 8.5 مليون شخص. وإذا لم يحصل أي مرشح على أكثر من 50 في المائة من الأصوات سيجري اللجوء إلى جولة ثانية في 22 يونيو (حزيران). وتزامن التصويت مع انسحاب مؤقت للقوات الأميركية من تشاد، الحليف المهم في منطقة غرب ووسط أفريقيا.

ومن بين الأسئلة التي يطرحها الاستحقاق «الاستثنائي» الذي يحلّ على تشاد: ما مدى إمكانيتها مغادرة «دائرة التوتر» والانتقال إلى المسار الديمقراطي؟ وهناك يقول رئيس «حزب حركة الخلاص الوطني»: «لا نعتقد أننا سنغادر هذه الدائرة سريعاً».

وأرجع بشارة ذلك لأسباب من بينها «الصراعات المسلحة في دول الجوار، والنفوذ الدولي في دول الساحل والصحراء... هذه الأسباب بالتأكيد ستكون عقبة أمام المسار الديمقراطي في تشاد الذي ستعلن نتائجه بشكل نهائي في 21 مايو (أيار) الحالي».

ويرجع كثير من التشاديين أسباب تحليق الطائرات العسكرية، صاحبة (الأزيز) إلى أنها كانت تستهدف مراقبة منزل رئيس الوزراء ماسرا في حي «شغوا»، بموازاة دوريات أمنية ومشاهدة مركبات مدرعة وعربات تقل جنوداً، بالإضافة إلى قوات مكافحة الشغب، خصوصاً في الأحياء الجنوبية المؤيدة للمعارضة بالعاصمة نجامينا.

ويرى الصحافي التشادي أبو بكر محمد عبد السلام، أن بلده كغيره من بلدان المنطقة الأفريقية في شريط الساحل والصحراء، مر بصراعات سياسية واجتماعية واقتصادية عدة على مرّ نصف قرن، «ومنذ استقلاله وحتى الآن يعيش في حالات مزرية واضطرابات مختلفة عقّدت عليه الانتقال الديمقراطي».

استمارة مسربة لعملية فرز الأصوات في الانتخابات التشادية (الشرق الأوسط)

ويعتقد عبد السلام في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أنه رغم امتلاك تشاد موارد تجعلها في مصاف الدول الناهضة، «فإن الإدارات المتعاقبة القائمة على الحكم القبلي سعت طويلاً لتغذية أطماع القبائل، واللعب على إثنيات بعينها؛ بينما بقية الشعب تشهد عذابات وويلات الحروب المتقطعة من فترة إلى أخرى».

وهنا يستدرك عبد السلام: «تظل هذه الانتخابات كمثيلاتها من الاستحقاقات الأخرى التي مرت، وبنفس الأدوات والأساليب، والتوقعات بفوز مرشح (التحالف من أجل تشاد موحد)»، في إشارة إلى محمد ديبي ووالده الراحل إدريس.

كان ديبي، الذي أدلى بصوته في ساعة مبكرة من صباح (الاثنين)، قد تعهد بتعزيز الأمن، وسيادة القانون، وزيادة إنتاج الكهرباء. وقال في منشور على «فيسبوك» بعد التصويت: «اليوم أتعهد بتنفيذ التزام رابع، وهو إكمال عملية الانتقال (السياسي) التي بدأت في البلاد منذ 3 سنوات. والأمر الآن في يد الشعب الذي يجب أن يُقبل على التصويت بكثافة لاختيار رئيسه».

وزاد عبد السلام من الحديث عن الخروقات التي شهدتها العملية الانتخابية، وقال إنه في ظل غياب إشراف الجهات الدولية على مراقبة الانتخابات، «شوهد كثير من التجاوزات، ووُثّق بعضها» من بينها نقل صناديق الاقتراع، وملؤها لصالح بعض المرشحين، كما سرق البعض بيانات لناخبين وأوصلوها إلى منازل أحد المرشحين.

مسؤول مركز اقتراع يقوم بإحصاء الأصوات في مركز الاقتراع في مدرسة أبينا بنجامينا في 6 مايو 2024 خلال الانتخابات الرئاسية في تشاد (أ.ف.ب)

ويرى الصحافي التشادي أن هذه التصرفات «لا يمكن أن تجلب ديمقراطية، وأي تحول في الحاضنات الديمقراطية يجب أن يتسم بالنزاهة عبر صناديق الاقتراع»؛ «لذا أستبعد أن ينعم بالديمقراطية بلد مر بكل هذا الخراب في التنظيم والأنظمة».

جلّ التخوفات التشادية تتجسد في تشابه المواقف، حيث يعتقد البعض أن هذه الأجواء تتشابه إلى حد ما مع نفس أجواء ما قبل انتخابات الرئيس الراحل إدريس ديبي. وكانت بعض أحزاب المعارضة ومنظمات المجتمع المدني، قد استبقت الماراثون، ودعت إلى مقاطعة الانتخابات، وأرجعوا هذا إلى مخاوف بشأن احتمال تزويرها.

واعتلى محمد ديبي السلطة، وأصبح زعيماً لتشاد، في أبريل (نيسان) 2021، خلال عملية وُصفت بـ«الانقلاب العسكري» بعد مقتل والده إدريس ديبي، الذي سبق أن تولى السلطة عبر «انقلاب عسكري» عام 1990. ويرأس محمد، الآن، المجلس العسكري الانتقالي المكون من 15 عضواً.


تحرير أكثر من 100 مهاجر من الأسر جنوب شرقي ليبيا

مهاجرون غير شرعيين تم احتجازهم في طرابلس (أ.ب)
مهاجرون غير شرعيين تم احتجازهم في طرابلس (أ.ب)
TT

تحرير أكثر من 100 مهاجر من الأسر جنوب شرقي ليبيا

مهاجرون غير شرعيين تم احتجازهم في طرابلس (أ.ب)
مهاجرون غير شرعيين تم احتجازهم في طرابلس (أ.ب)

قال متحدث باسم قوة أمن ليبية، مساء الاثنين، إن ما لا يقل عن 107 مهاجرين، منهم نساء وأطفال، جرى تحريرهم من الأسر في بلدة بجنوب شرقي ليبيا.

وذكر وليد العرفي، المتحدث باسم الإدارة العامة للبحث الجنائي في بنغازي، أن المهاجرين، ووفقاً لما قاله بعضهم، احتُجزوا لمدة تصل إلى سبعة أشهر، وأنهم «كانوا يرغبون في الهجرة إلى أوروبا». وقال العرفي، بحسب ما أوردته وكالة «رويترز»، إن المهاجرين قادمون من دول مختلفة جنوب الصحراء الكبرى، إلا أن معظمهم من الصومال، مضيفاً: «بعد أن وردت إلينا معلومة عن وجود وكر للهجرة غير الشرعية وسط مدينة الكفرة. تم مداهمة المكان، فعثرنا على 107 مهاجرين غير شرعيين، نساء وأطفال ورجال وشيوخ عليهم آثار تعذيب، ومنهم من يوجد آثار رصاص في جسده... وحالة بعض المهاجرين الصحية سيئة جداً».

ونشرت الإدارة العامة للبحث الجنائي مقطع فيديو لقواتها وهي تهدم المنزل الذي كان المهاجرون محتجزين فيه. وتضمن مقطع آخر لقطات لمهاجرين وعلى أجسادهم آثار تعذيب. وشوهد عمال إغاثة وهم يحملون بعض المهاجرين نحو سيارة إسعاف.

وتظهر إحصاءات الأمم المتحدة أن ليبيا تؤوي 704369 مهاجراً من أكثر من 43 جنسية، بحسب بيانات جُمعت من 100 بلدية ليبية في منتصف عام 2023. وفي مارس (آذار) الماضي، قالت المنظمة الدولية للهجرة إن إدارة البحث الجنائي عثرت على جثث 65 مهاجراً على الأقل في مقبرة جماعية بجنوب غربي ليبيا.


تونس توقف رئيسة جمعية تدافع عن المهاجرين السريين

مهاجرون سريون يقيمون بأحد المخيمات التي نصبوها في صفاقس انتظاراً لفرصة سانحة لركوب البحر للوصول إلى السواحل الأوروبية (إ.ب.أ)
مهاجرون سريون يقيمون بأحد المخيمات التي نصبوها في صفاقس انتظاراً لفرصة سانحة لركوب البحر للوصول إلى السواحل الأوروبية (إ.ب.أ)
TT

تونس توقف رئيسة جمعية تدافع عن المهاجرين السريين

مهاجرون سريون يقيمون بأحد المخيمات التي نصبوها في صفاقس انتظاراً لفرصة سانحة لركوب البحر للوصول إلى السواحل الأوروبية (إ.ب.أ)
مهاجرون سريون يقيمون بأحد المخيمات التي نصبوها في صفاقس انتظاراً لفرصة سانحة لركوب البحر للوصول إلى السواحل الأوروبية (إ.ب.أ)

قرّر القضاء التونسي الاحتفاظ برئيسة منظمة «منامتي» غير الحكومية التي تناهض العنصرية وتدافع عن حقوق المهاجرين بعد توقيفها، حسبما أفادت «الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان»، الثلاثاء. وقال رئيس الرابطة بسام الطريفي لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، اليوم، الثلاثاء، بأنه صدر قرار بـ«الاحتفاظ بسعدية مصباح 5 أيّام على ذمة البحث»، بينما نقلت وسائل إعلام محلية أن الشرطة أوقفت سعدية مصباح ليل الاثنين- الثلاثاء، وأنه يجري التحقيق معها «في جرائم مالية».

ولم تتضح بعد أسباب القرار الذي جاء بعد ساعات من تصريحات الرئيس التونسي قيس سعيّد، التي هاجم فيها منظمات تدافع عن حقوق المهاجرين من دول أفريقيا جنوب الصحراء. وقال سعيّد أمس (الاثنين) خلال اجتماع لمجلس الأمن القومي، إن «الجمعيات التي تتباكى اليوم وتذرف الدموع في وسائل الإعلام تتلقى بدورها أموالاً طائلة من الخارج»، مضيفاً أن «الذين يقومون على هذه الجمعيات أكثرهم خونة وعملاء، وعلى الهيئة المكلفة بالتحاليل المالية أن تقوم بدورها». ولم يتسنَّ لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» الحصول على تعليق من السلطات التونسية.

وأشار سعيّد مراراً إلى «التمويلات المشبوهة» للمنظمات الناشطة في بلاده، داعياً إلى التحقيق فيها.

كما أكد الرئيس التونسي مجدداً، أمس (الاثنين)، أن بلاده «لن تكون أرضاً لتوطين هؤلاء، وتعمل على ألا تكون معبراً لهم»، داعياً دول شمال المتوسط إلى «تحمل مسؤولياتها».

وطُرد كثير من المهاجرين غير القانونيين من منازلهم ووظائفهم، في الأشهر التي أعقبت خطاباً ألقاه سعيّد في فبراير (شباط) 2023، دان فيه وصول «جحافل من المهاجرين غير الشرعيين» من دول أفريقيا جنوب الصحراء، في إطار «مؤامرة لتغيير التركيبة الديموغرافية» للبلاد.

وتُمثِّل تونس إحدى أهم نقاط انطلاق المهاجرين غير النظاميين نحو السواحل الإيطالية، عبر البحر الأبيض المتوسط.


الدبيبة وميلوني يبحثان في طرابلس إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في ليبيا

جانب من مباحثات رئيسة الحكومة الإيطالية مع رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي (إ.ب.أ)
جانب من مباحثات رئيسة الحكومة الإيطالية مع رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي (إ.ب.أ)
TT

الدبيبة وميلوني يبحثان في طرابلس إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في ليبيا

جانب من مباحثات رئيسة الحكومة الإيطالية مع رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي (إ.ب.أ)
جانب من مباحثات رئيسة الحكومة الإيطالية مع رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي (إ.ب.أ)

أجرت رئيسة الحكومة الإيطالية، جورجيا ميلوني، زيارة مفاجئة وقصيرة، اليوم (الثلاثاء)، دامت بضع ساعات فقط إلى ليبيا، استهلتها بمحادثات في العاصمة طرابلس، مع رئيس حكومة «الوحدة» المؤقتة عبد الحميد الدبيبة، قبل أن تنتقل إلى مدينة بنغازي بالشرق الليبي للاجتماع مع المشير خليفة حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني»، المتمركز هناك.

وقالت تقارير إيطالية إن زيارة ميلوني، التي تعكس ما وصفته بالتزام إيطاليا الراسخ بالوجود في جميع أنحاء ليبيا، والعمل مع جميع الجهات الفاعلة، أكدت للدبيبة وحفتر على أهمية دفع العملية السياسية، والحفاظ على وحدة المؤسسات، مشيرة إلى أنها ستطلب من حفتر تقليل وجود القوات الروسية في ليبيا.

الدبيبة وميلوني خلال توقيع اتفاقيات ثنائية على هامش زيارتها لطرابلس (حكومة الوحدة)

بدورها، أعلنت حكومة «الوحدة» أنه جرى بمناسبة زيارة ميلوني، التي تعدّ الثانية من نوعها إلى طرابلس منذ توليها منصبها، بعدما زارتها للمرة الأولى في شهر يناير (كانون الثاني) من العام الماضي، توقيع سلسلة من مذكرات التفاهم والتعاون في قطاع الشباب والرياضة والمجال الصحي وتطوير التعليم الجامعي بين البلدين.

وأوضح بيان حكومي أن الدبيبة وميلوني بحثا خلال اجتماع ثنائي بعض الملفات السياسية والأمنية والاقتصادية، أهمها ضرورة دعم جهود «الأمم المتحدة» لإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في ليبيا، وفق قوانين عادلة، والجهود المبذولة بين البلدين في مكافحة الهجرة غير النظامية، وعقد المنتدى الاقتصادي الإيطالي - الليبي في نهاية أكتوبر (تشرين الأول) المقبل بطرابلس لدعم القطاع الخاص بالبلدين.

ورحّب الدبيبة، في بيان، بحضور ميلوني إلى طرابلس، مشيراً إلى إجراء ما وصفه بمحادثات مثمرة لتعزيز «آفاق التعاون المشترك بين بلدينا»، وتوقيع 3 اتفاقيات في مجالات الصحة، والتعليم العالي والبحث العلمي، والرياضة والشباب، معرباً عن تطلعه لاستكمال العمل معها للارتقاء بالعلاقات بين البلدين في اللقاءات المقبلة.

ووصلت ميلوني إلى مطار معيتيقة بالعاصمة طرابلس، رفقة عدد من وزرائها، في زيارة أدرجتها وسائل إعلام إيطالية، في إطار تأكيد التزام روما باستقرار ليبيا، وأيضاً من خلال دعم جهود الوساطة، التي تقوم بها «الأمم المتحدة» لإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المؤجلة، بالإضافة إلى تعزيز الحوار بين الاتحاد الأوروبي وليبيا.

جانب من مباحثات رئيسة الحكومة الإيطالية مع رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي (إ.ب.أ)

كما التقت ميلوني خلال زيارتها إلى الغرب الليبي بمحمد المنفي، رئيس المجلس الرئاسي، الذي بحث مع محمد تكالة رئيس مجلس الدولة، مساء الاثنين، بطرابلس، الوضع المالي للدولة لهذا العام، والآلية التي سيتم من خلالها تحديد أوجه الصرف طبقاً لنصوص الاتفاق السياسي، بعد القرار الذي اتخذه مجلس الدولة في جلسته الأخيرة، بالإضافة إلى الوضع السياسي، والرؤية المستقبلية لتهيئة الظروف لنجاح العملية السياسية.

من اجتماع المنفي وتكالة (مجلس الدولة)

بدوره، أوضح المنفي أن اللقاء استعرض تطورات الأوضاع السياسية، ومعالجة ما وصفه بحالة الانسداد السياسي، وتقريب وجهات النظر بين الأطراف الليبية، لافتاً إلى مناقشة ضرورة إحياء عمل اللجنة المالية العليا وآليات تفعيلها، بهدف تحقيق الاستقرار في ليبيا، والوصول بها إلى برّ الأمان.

من جهته، قال القائم بأعمال السفارة الأميركية، جيريمي برنت، إنه ناقش مساء الاثنين مع السفير الإماراتي، محمد الشامسي، أهمية استمرار الدعم الأميركي والإماراتي القوي لجهود الوساطة، التي تبذلها «الأمم المتحدة» والعملية السياسية الليبية.


تبون يرفض «تنازل الجزائر» عن «ملف الذاكرة» الخلافي مع فرنسا

الرئيس الجزائري والفرنسي بالجزائر في أغسطس 2022 (الرئاسة الجزائرية)
الرئيس الجزائري والفرنسي بالجزائر في أغسطس 2022 (الرئاسة الجزائرية)
TT

تبون يرفض «تنازل الجزائر» عن «ملف الذاكرة» الخلافي مع فرنسا

الرئيس الجزائري والفرنسي بالجزائر في أغسطس 2022 (الرئاسة الجزائرية)
الرئيس الجزائري والفرنسي بالجزائر في أغسطس 2022 (الرئاسة الجزائرية)

أكد الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون تمسك بلاده بـ«ملف الذاكرة»، الذي يثير خلافاً حاداً مع فرنسا، عاداً أنه «لا يتآكل بالتقادم أو التناسي بفعل مرور السنوات، ولا يقبل التنازل والمساومة». وتعهد بأن «يبقى في صميم انشغالاتنا حتى تتحقق معالجته معالجة موضوعية، جريئة ومنصفة للحقيقة التاريخية».

الرئيس الجزائري والفرنسي بالجزائر في أغسطس 2022 (الرئاسة الجزائرية)

ونشرت الرئاسة على حساباتها بالإعلام الاجتماعي، اليوم الثلاثاء، خطاباً مكتوباً لتبون بمناسبة مرور 79 سنة على «مجازر 8 مايو (أيار) 1945»، ارتكبها الاستعمار الفرنسي بمدن بشرق البلاد، في حق آلاف المتظاهرين الذين خرجوا إلى الشوارع لتذكير فرنسا بوعدها بمنح الاستقلال لمستعمرتها، في حال الانتصار على ألمانيا النازية في الحرب العالمية الثانية. وخلفت الاحتجاجات 45 قتيلاً، حسب كتب التاريخ.

وأوضح تبون في خطابه أن «عناية الدولة بمسألة الذاكرة ترتكز على تقدير المسؤولية الوطنية في حفظ إرث الأجيال من أمجاد أسلافهم، وتنبع من اعتزاز الأمة بماضيها المُشرّف، ومن جسامة تضحيات الشعب في تاريخ الجزائر القديم والحديث لدحر الأطماع، وإبطال كيد الحاقدين، الذين ما انفكوا يتوارثون نوايا النيل من وحدتها وقوتها»، مشيراً إلى أن «المصداقية والجدية مطلب أساسي لاستكمال الإجراءات، والمساعي المتعلقة بهذا الملف الدقيق والحساس، وما يمثله لدى الشعب الجزائري الفخور بنضاله الوطني الطويل، وكفاحه المسلح المرير، والوفي للشهداء ولرسالة نوفمبر الخالدة».

المؤرخ الفرنسي بن جامان ستورا أحد الباحثين بلجنة مصالحة الذاكرتين (حسابه الشخصي على الإعلام الاجتماعي)

المعروف أن الجزائر وفرنسا أطلقتا العام الماضي «لجنتين لمصالحة الذاكرتين»، تضم كل واحدة باحثين في التاريخ من البلدين، مهمتهم إحداث توافق في الرؤية بخصوص «الحقيقة التاريخية»، وذلك بغرض التوصل إلى مساحة مشتركة، تسمح بتجاوز الخلاف حول «الذاكرة وآلام الماضي الاستعماري». وينتظر أن تطرح هذه القضية خلال زيارة تبون المرتقبة إلى باريس الخريف المقبل.

صورة أرشيفية عن مظاهرات 8 مايو 1945 في شرق الجزائر (مؤسسة الأرشيف الجزائري)

وخلاصة المطلب الجزائري في هذا الموضوع نيل اعتراف صريح من فرنسا بأن احتلالها للجزائر (استمر 132 سنة من 1830 إلى 1962)، كان «جريمة ضد الإنسانية»، وأن يتبع ذلك تقديم اعتذار. غير أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عبّر عن رفضه هذا المطلب، وقال في مقابلة صحافية مطلع 2023: «لست مضطراً لطلب الصفح، هذا ليس الهدف. الكلمة ستقطع كلّ الروابط (..) إن أسوأ ما يمكن أن يحصل هو أن نقول نحن نعتذر وكلّ منّا يذهب في سبيله».

وبرأي ماكرون، فإن «عمل الذاكرة والتاريخ ليس جردة حساب، إنّه عكس ذلك تماماً. عمل الذاكرة والتاريخ يعني الاعتراف بأن في طيات ذلك أموراً لا توصف، أموراً لا تُفهم... أموراً لا تُبرهَن، وأموراً ربما لا تُغتفر».

وعن انتفاضة 8 مايو 1945 بمدن سطيف وقالمة وخراطة، ذكر تبون أن «الشعب الجزائري صنع منها مشهداً ملحمياً، أصاب الاستعمار بالذهول والجنون، ودفعه إلى ارتكاب جرائم إبادة وضد الإنسانية، وهو مشهد رهيب ومروع، جسّد لحظة تاريخية مفصلية انعطفت بنضالات الحركة الوطنية ورصيدها عبر عقود من الزمن نحو المواجهة المسلحة».

وأضاف تبون موضحاً: «نحتفي في الثامن من مايو باليوم الوطني للذاكرة، وفي هذه الذكرى تعود إلى أذهاننا المجازر التي أقدم على اقترافها الاستعمار بأقصى درجات الحقد والوحشية، لإخماد سيرورة مد نضالي وطني متصاعد أدى إلى مظاهرات غاضبة عارمة، انتفض خلالها الشعب الجزائري آنذاك ليعبر عن تطلعه إلى الحرية والانعتاق».

صورة أرشيفية لمتظاهرين جزائريين اعتقلتهم الشرطة الفرنسية في باريس التقطتها وكالة الصحافة الفرنسية

وتابع تبون مبرزاً أن المجازر «التي دفع فيها الشعب الجزائري من دماء أبنائه 45 ألف شهيد كانت إعلاناً مدوياً عن قرب اندلاع الكفاح المسلح في الفاتح من نوفمبر (تشرين الثاني) 1954». كما عدها «محطةً من المحطات الدامية التي سجّلها التاريخ الحديث في مصاف النماذج، المُعبرة عن مناهضة الاستعمار والتعلق بالحرية والكرامة، وواحداً من أعظم الأمثلة في العالم على حجم وعمق التضحيات والدماء والمآسي، التي تكبدتها الشعوب المستعمرة ثمناً للتخلص من الظلم والهيمنة، واستعادة السيادة الوطنية».


الجزائر: 20 سنة سجناً لنجل رئيس حكومة سابق لاتهامه بـ«الخيانة» و«بيع أسرار»

علي بن فليس خلال حملة انتخابات الرئاسة 2019 (الشرق الأوسط)
علي بن فليس خلال حملة انتخابات الرئاسة 2019 (الشرق الأوسط)
TT

الجزائر: 20 سنة سجناً لنجل رئيس حكومة سابق لاتهامه بـ«الخيانة» و«بيع أسرار»

علي بن فليس خلال حملة انتخابات الرئاسة 2019 (الشرق الأوسط)
علي بن فليس خلال حملة انتخابات الرئاسة 2019 (الشرق الأوسط)

نفذ القضاء الجزائري التعديلات الجديدة، الخاصة بقانون العقوبات في الأسبوع نفسه، الذي صدرت فيه على نجل رئيس الحكومة ومرشح انتخابات الرئاسة السابق، علي بن فليس، الذي أدانته محكمة الاستئناف بالعاصمة بالسجن 20 سنة مع التنفيذ، بتهم «الخيانة العظمى»، و«إقامة علاقات مع كيانات أجنبية بنية الإضرار بالمصالح الدبلوماسية والأمنية الاقتصادية للبلد، وغسل أموال».

وواجه وافق بن فليس، المحامي والابن الأكبر لبن فليس، ليل الأحد الماضي، ظرفاً عصيباً لما أخرج القاضي قرصاً مضغوطاً، يتضمن مواد مستخرجة من جواله تخص صوراً له مع مسؤولين سياسيين وعسكريين إسرائيليين، ومسؤولين فرنسيين، تقول النيابة إنه «باعهم دفتر أعباء» يخص صفقة كانت الحكومة الجزائرية بصدد التحضير لها، تتعلق بشراء 15 طائرة مدنية. وعرف وافق بن فليس بإدارته مكتب دراسات بكندا، حيث يقيم منذ سنين طويلة، كما أنه يملك الجنسية الكندية.

صورة أرشيفية لاجتماع خصص لصفقة شراء 15 طائرة جرت المصادقة عليها في مجلس الوزراء (مجلس الوزراء)

وشملت الأحكام القضائية متهمين آخرين، هما نائب المدير المكلف بالتطوير بشركة الطيران الحكومية، وهو في الوقت نفسه عضو بلجنة الصفقات بالشركة (سجن سبع سنوات مع التنفيذ)، ومضيفة طيران بالشركة نفسها (سجنت 3 سنوات مع التنفيذ)، وتم اتهامهما بـ«التواطؤ في بيع أسرار مرتبطة بأمن واقتصاد البلاد»، علماً أن وافق بن فليس هو صاحب شركة نشطة في مجال الإطعام لفائدة شركة الطيران الوحيدة في البلاد، الأمر الذي يُفسر اطلاعه على المشروعات الخاصة بها؛ وفق ما ورد في ملف القضية.

ووفق التحقيقات التي أجراها قسم الشرطة المختص بـ«الإجرام الإلكتروني» في هذه القضية التي تعود إلى 2022، فقد «حصل وافق بطرق غير قانونية على معطيات تتضمنها الصفقة بغرض تسليمها إلى شركات أجنبية نشطة في مجال الطيران المدني، مقابل الحصول على أموال». وأثناء مساءلة بن فليس في المحاكمة الابتدائية التي جرت نهاية 2023، قال ممثل النيابة إنه «تسلم عمولة قدرها 50 مليون دولار مقابل تسريب هذه المعلومات». وأكد أن «الأفعال التي تورط فيها السيد بن فليس مصنفة من أسرار الدولة الحساسة، التي تطول الاقتصاد الوطني وأمن البلاد، وعقوبتها الإعدام». وتمت إدانته يومها بالسجن 15 سنة مع التنفيذ، لكن النيابة والدفاع استأنفا الحكم.

واحتج الدفاع خلال المرافعة في الدرجة الثانية من التقاضي على حديث القاضي عن «القرص المضغوط»، بحجة أنه لم يطلع على محتوياته، وشكّك في «احتمال إدراجه في الملف بعد إحالة غرفة الاتهام الملف إلى المحكمة»، ولفت محامو المتهم إلى أن المحكمة الابتدائية لم تأخذ به. أما ممثل النيابة، فتحدث عن «سفريات متكررة لبن فليس إلى مدينة القدس»، وما حملته من شبهات، حسبه، حول «لقاءات جمعته بمسؤولين في الكيان الإسرائيلي، الذين سلمهم معطيات عن صفقة شراء الطائرات».

من جهته، نفى بن فليس قطعياً وقائع «الخيانة والفساد» التي نسبت إليه، وقال للقاضي إن «كل محاضر الشرطة استندت إلى أشياء مفبركة». مؤكداً أن تنقلاته إلى القدس «كانت لتحقيق حلمي بالصلاة في المسجد الأقصى». أما عن علاقاته المفترضة بمسؤولين إسرائيليين، فقد أوضح بأنه «لا يعدو أن يكون محامياً، فبأي صفة أقيم صلات مع شخصيات أجنبية؟». كما رفض بن فليس اتهامه بـ«استخدام عائدات غسل أموال في حملة انتخابات الرئاسة 2019»، التي خاضها والده.

وزير العدل أثناء عرض تعديلات قانون العقوبات الجديد (البرلمان)

وجاءت هذه المحاكمة بعد يوم واحد من صدور قانون العقوبات الجديد، الذي ينص على سجن يصل إلى المؤبد، وأدناه 30 سنة، ضد كل شخص تثبت ضده تهمة «الخيانة الوطنية المتمثلة في تسريب معلومات، أو وثائق سرية تخص الأمن أو الدفاع الوطني أو الاقتصاد الوطني، عبر وسائل التواصل الاجتماعي لفائدة دولة أجنبية، أو أحد عملائها».


الرئيس التونسي يدعو لوقف «تدفق غير طبيعي للمهاجرين على البلاد»

الرئيس التونسي دعا لوقف «تدفق غير طبيعي للمهاجرين على البلاد» (د.ب.أ)
الرئيس التونسي دعا لوقف «تدفق غير طبيعي للمهاجرين على البلاد» (د.ب.أ)
TT

الرئيس التونسي يدعو لوقف «تدفق غير طبيعي للمهاجرين على البلاد»

الرئيس التونسي دعا لوقف «تدفق غير طبيعي للمهاجرين على البلاد» (د.ب.أ)
الرئيس التونسي دعا لوقف «تدفق غير طبيعي للمهاجرين على البلاد» (د.ب.أ)

وصف الرئيس التونسي، قيس سعيد، تدفق المهاجرين من دول أفريقيا جنوب الصحراء على بلاده بـ«غير الطبيعي»، داعياً في اجتماع لمجلس الأمن القومي إلى مواجهة الوضع بـ«طريقة مختلفة»، حسبما أوردته «وكالة الأنباء الألمانية» اليوم.

تونسيون يتظاهرون وسط مدينة العامرة للمطالبة بإجلاء المهاجرين غير الشرعيين (إ.ب.أ)

وقال سعيد، في كلمة له خلال الاجتماع الذي بثته الرئاسة التونسية على صفحتها الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، إن المئات يدخلون البلاد يومياً، موضحاً أنه تم أمس (الاثنين) إعادة 400 مهاجر على الحدود الشرقية، المتاخمة لليبيا.

وتشهد تونس منذ عامين أو ثلاثة أعوام تدفقاً لافتاً للمهاجرين من دول أفريقيا جنوب الصحراء، بنيِّة العبور إلى سواحل الجزر الإيطالية، ومنها إلى دول الاتحاد الأوروبي، بحثاً عن فرص أفضل للحياة.

وقد سجلت الوكالة الأوروبية لحرس الحدود والسواحل (فرونتكس) طفرة قياسية في تدفق المهاجرين عبر سواحل تونس في 2023، بما يعادل ثلثي الواصلين إلى الجزر الإيطالية، والبالغ عددهم أكثر من 150 ألفاً.

مهاجرون سريون داخل أحد المخيمات التي أقاموها بضواحي مدينة جبنيانة (إ.ب.أ)

وتقول تونس إنه لا يمكنها تحمل أعباء الأزمة بمفردها، ولا يمكن أن تتحول إلى بلد لتوطين آلاف من المهاجرين غير النظاميين وطالبي اللجوء. وأضاف سعيد موضحاً أن بلاده «تقوم بالتنسيق المستمر مع الدول المجاورة؛ لكن لا بد من أن نواجه الوضع اليوم بطريقة مختلفة؛ لأنه لا يمكن أن يستمر... فالمهاجرون -وإن كانوا ضحايا- فلسنا نحن سبباً في وضعياتهم؛ بل هم ضحايا نظام عالمي».

وكثفت إيطاليا والاتحاد الأوروبي عمليات التنسيق مع تونس، للحد من التدفقات العالية للمهاجرين، وتقديم مساعدات مالية ولوجيستية. لكن الأعداد الكبيرة للمهاجرين تنذر بأزمة اجتماعية مع السكان المحليين في عدة ولايات، في وقت تواجه فيه البلاد صعوبات اقتصادية.

في هذا السياق، قال خالد الغالي، رئيس «الاتحاد الجهوي للشغل»، أكبر المنظمات الوطنية التونسية في مدينتي جبنيانة والعامرة، بولاية صفاقس التي تشهد تركيزاً كبيراً للمهاجرين في غابات الزيتون، إنه يتعين على الاتحاد الأوروبي أن يشارك في تحمل أعباء الأزمة. وتابع الغالي، في تصريحه لـ«وكالة الأنباء الألمانية»، قائلاً: «يجب أن تكون هناك حلول وتعاون بين جميع الأطراف. وإذا كان التفكير في مخيم للإخوة المهاجرين، فمَن سيشرف عليه. يتعين على الاتحاد الأوروبي والمنظمات الدولية تحمل مسؤولياتهم».

مهاجران أفريقيان داخل خيمة بأحد مخيمات المهاجرين في صفاقس (إ.ب.أ)

والسبت الماضي، تظاهر مئات التونسيين في ولاية صفاقس (وسط) للمطالبة بالإجلاء «السريع» لآلاف المهاجرين من دول أفريقيا جنوب الصحراء الموجودين في المنطقة، حسب تقرير لـ«وكالة الصحافة الفرنسية». كما تظاهر مئات وسط مدينة العامرة. واعتبر النائب البرلماني طارق مهدي أن «الوضع في العامرة غير مقبول، وعلى السلطات إيجاد حل»، مستنكراً وجود عدد كبير من المهاجرين من دول جنوب الصحراء في المدينة الصغيرة.

في منتصف سبتمبر (أيلول) الماضي، أقام آلاف المهاجرين ملاجئ في مخيمات مؤقتة، بعد إجلائهم من وسط مدينة صفاقس، وانضم إليهم آخرون في بساتين الزيتون؛ حيث ينتظرون فرصة الهجرة خلسة إلى إيطاليا من الشواطئ التي تبعد عن المدينة نحو 15 كيلومتراً فقط. وفي الأسابيع الأخيرة، دمَّرت الشرطة الملاجئ في عدة مخيمات، بعد شكاوى من السكان الغاضبين. كما تم الجمعة الماضي إجلاء مئات من المهاجرين قسراً من مخيمات أقيمت أمام مقرات وكالات الأمم المتحدة في العاصمة تونس، ثم «تم ترحيلهم إلى الحدود الجزائرية»، حسب المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية.


الدبيبة ورئيسة وزراء إيطاليا يشددان على دعم الجهود الأممية لإجراء الانتخابات الليبية

عبد الحميد الدبيبة مستقبلاً رئيسة وزراء إيطاليا جورجيا ميلوني الثلاثاء في العاصمة طرابلس (أ.ف.ب)
عبد الحميد الدبيبة مستقبلاً رئيسة وزراء إيطاليا جورجيا ميلوني الثلاثاء في العاصمة طرابلس (أ.ف.ب)
TT

الدبيبة ورئيسة وزراء إيطاليا يشددان على دعم الجهود الأممية لإجراء الانتخابات الليبية

عبد الحميد الدبيبة مستقبلاً رئيسة وزراء إيطاليا جورجيا ميلوني الثلاثاء في العاصمة طرابلس (أ.ف.ب)
عبد الحميد الدبيبة مستقبلاً رئيسة وزراء إيطاليا جورجيا ميلوني الثلاثاء في العاصمة طرابلس (أ.ف.ب)

ناقش رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية، عبد الحميد الدبيبة، مع رئيسة وزراء إيطاليا جورجيا ميلوني، الثلاثاء، في العاصمة طرابلس، دعم جهود الأمم المتحدة لإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في ليبيا، وفق قوانين عادلة. وقالت منصة «حكومتنا» الليبية إن الدبيبة وميلوني بحثا أيضاً جهود البلدين لمكافحة الهجرة غير الشرعية، وعدداً آخر من الملفات السياسية والأمنية والاقتصادية.

عبد الحميد الدبيبة خلال إجراء مباحثات مع رئيسة وزراء إيطاليا جورجيا ميلوني والوفد المرافق لها

وشهد الاجتماع أيضاً توقيع مذكرات تفاهم للتعاون بين وزارة التعليم العالي والبحث العلمي الليبية، ووزارة الجامعات والبحث العلمي الإيطالية، واتفاقية بين وزارتَي الصحة بالبلدين، وأخرى بين وزارة الرياضة الليبية ووزارة الشباب والرياضة الإيطالية، وفق ما أوردته منصة «حكومتنا». وأضافت المنصة أنه «جرى الاتفاق على عقد المنتدى الاقتصادي الإيطالي - الليبي في نهاية أكتوبر (تشرين الأول) في العاصمة طرابلس لدعم القطاع الخاص بالبلدين».

ومن المقرر أن تتوجه ميلوني إلى بنغازي، ثانية المدن الليبية وعاصمة شرق البلاد، حيث ستلتقي القائد العام للقوات المسلحة في الشرق، المشير خليفة حفتر، حسب بعض المصادر الإعلامية. وقال رئيس حزب «صوت الشعب»، فتحي الشبلي: «ما يهم ميلوني في السابق واليوم أيضاً هو المحافظة على ملفي الطاقة والهجرة. أما مسائل مساعدة الليبيين والتوجه نحو الانتخابات فكلها حجج واهية».

جانب من توقيع الاتفاقيات بين البلدين (أ.ف.ب)

وأوضح الشبلي في تصريح لـوكالة الصحافة الألمانية أن «تفسير هذه الزيارة الخاطفة في الوقت الحالي يعود إلى شعور الإيطاليين بأن تأثيرهم في ليبيا بدأ يقل في الوقت الذي يحتدم فيه الصراع بين الروس في شرق ليبيا والأميركيين في غربها». وأضاف الشبلي موضحاً: «تبعاً لذلك فإن ما يهم ميلوني هو أن تعمل على ضمان استمرار تدفق الغاز الليبي إلى بلادها، والعمل بأي شكل من الأشكال على الحد من الهجرة إلى الشواطئ الإيطالية»، لافتاً إلى أن «خطورة هذا الموضوع تكمن في السعي الأوروبي، والإيطالي تحديداً، إلى توطين الأفارقة في ليبيا».

وتابع الشبلي قائلاً إن «الخطير في هذه الزيارة هو توقيع وزراء من الدولتين (إعلان نوايا) لتنفيذ (خطة ماتي)، وهي تسمية اشتُقت من عملاق الطاقة الإيطالي إيني إنريكو ماتي، التي عرضتها ميلوني في اجتماع المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، وفي القمة الإيطالية - الأفريقية التي عُقدت مؤخراً، والتي عدَّها الكثير من النقاد والسياسيين عبارة عن صندوق فارغ».

وحسب الشبلي، فإن الخطة تتركز على «وقف تدفق الهجرة غير النظامية من سواحل شمال أفريقيا، لا سيما ليبيا وتونس، وكذلك تنويع سلاسل الإمداد لضمان أمن الطاقة وتحقيق أكبر مكاسب اقتصادية لإيطاليا». وتعد هذه الزيارة الثانية لميلوني نحو طرابلس، بعدما ترأست في يناير (كانون الثاني) من العام الماضي وفداً رفيع المستوى، وأشرفت مع الدبيبة على توقيع مؤسسة النفط الليبية وشركة «إيني» الإيطالية عقد بقيمة 8 مليارات دولار لغرض الاستثمار في حقلَي غاز بحريين، سيضيفان قرابة 800 مليون قدم مكعبة من الغاز يومياً إلى السلة الليبية.


سجن شخص رشق شاباً بسكين شرق الجزائر

شرطة جزائرية تقبض على أحد المتهمين (أرشيفية)
شرطة جزائرية تقبض على أحد المتهمين (أرشيفية)
TT

سجن شخص رشق شاباً بسكين شرق الجزائر

شرطة جزائرية تقبض على أحد المتهمين (أرشيفية)
شرطة جزائرية تقبض على أحد المتهمين (أرشيفية)

تعيش مدينة العلمة، كبرى مناطق محافظة سطيف شرق الجزائر، على وقع حادثة تثير الرأي العام المحلي، تتعلق بشاب أجريت عليه عملية جراحية دقيقة في رأسه، إثر إصابة بليغة بسبب رمي سكين عليه. وتم سجن شخص بعد اتهامه «بمحاولة قتله».

وأكدت النيابة بالمحكمة المحلية في بيان، أمس الاثنين، أن الشاب القاصر «تعرض للرشق بسكين من طرف أحد الأشخاص»، من دون توضيح هويته، مشيراً إلى أن الحادثة وقعت في الثاني من الشهر الحالي. كما أشار البيان إلى أن النيابة تكفلت بالقضية، بناء على صلاحيات تستمدها من قانون الإجراءات الجزائية.

وجاء في البيان أن السكين «بقيت مغروسة في رأس القاصر، مما استلزم إجراء عملية جراحية دقيقة». وأوضحت النيابة أن شرطة العلمة أطلقت تحقيقاً حول ظروف الحادثة، أفضى حسبها، إلى «توقيف الفاعل بتاريخ 3 مايو (أيار)، وتقديمه أمام النيابة». مبرزة أن المعني وجهت له تهمة «محاولة القتل العمدي مع سبق الإصرار». وعلى أساسها وضعه قاضي التحقيق لدى المحكمة نفسها، الحبس الاحتياطي.


مصر: عملية إسرائيل في رفح تهدد مصير جهود التوصل إلى هدنة

دبابة إسرائيلية تصوب تجاه لافتة ترحب بالقادمين إلى غزة في الجانب الفلسطيني من معبر رفح والذي سيطر عليه الجيش الإسرائيلي (رويترز)
دبابة إسرائيلية تصوب تجاه لافتة ترحب بالقادمين إلى غزة في الجانب الفلسطيني من معبر رفح والذي سيطر عليه الجيش الإسرائيلي (رويترز)
TT

مصر: عملية إسرائيل في رفح تهدد مصير جهود التوصل إلى هدنة

دبابة إسرائيلية تصوب تجاه لافتة ترحب بالقادمين إلى غزة في الجانب الفلسطيني من معبر رفح والذي سيطر عليه الجيش الإسرائيلي (رويترز)
دبابة إسرائيلية تصوب تجاه لافتة ترحب بالقادمين إلى غزة في الجانب الفلسطيني من معبر رفح والذي سيطر عليه الجيش الإسرائيلي (رويترز)

حذرت وزارة الخارجية المصرية في بيان، الثلاثاء، من أن العملية الإسرائيلية في مدينة رفح جنوب قطاع غزة تهدد مصير الجهود المضنية المبذولة للتوصل إلى هدنة مستدامة داخل غزة.

وجاء البيان بعد قليل من سيطرة الجيش الإسرائيلي على معبر رفح الحدودي الحيوي بين القطاع الفلسطيني ومصر.

وذكر البيان أن مصر اعتبرت هذا التصعيد الخطير يهدد حياة أكثر من مليون فلسطيني يعتمدون اعتماداً أساسياً على هذا المعبر باعتباره شريان الحياة الرئيسي لقطاع غزة، والمنفذ الآمن لخروج الجرحى والمرضى لتلقي العلاج، ولدخول المساعدات الإنسانية والإغاثية إلى الأشقاء الفلسطينيين في غزة.

ودعت مصر «الجانب الإسرائيلي إلى ممارسة أقصى درجات ضبط النفس، والابتعاد عن سياسة حافة الهاوية ذات التأثير بعيد المدى، والتي من شأنها أن تهدد مصير الجهود المضنية المبذولة للتوصل إلى هدنة مستدامة داخل قطاع غزة».

كما طالبت مصر جميع الأطراف الدولية المؤثرة بالتدخل، وممارسة الضغوط اللازمة لنزع فتيل الأزمة الراهنة، وإتاحة الفرصة للجهود الدبلوماسية لتحقق نتائجها المرجوة.

وكان راديو الجيش الإسرائيلي قد أفاد اليوم بأن قوات إسرائيلية سيطرت على الجانب الفلسطيني من معبر رفح في جنوب قطاع غزة على الحدود مع مصر، وذلك رغم إعلان حركة «حماس» موافقتها على اقتراح قدمته مصر وقطر لوقف إطلاق النار في القطاع.

وأعلن الجيش الإسرائيلي أنه «سيطر من الناحية التشغيلية على الجانب الفلسطيني من معبر رفح على الحدود مع مصر»، مضيفاً أن «القوات الخاصة تمشط المنطقة».

وأضاف أن قواته كانت تعمل منذ الليلة الماضية في منطقة محددة في شرق رفح، حيث قال إنه جرى إجلاء معظم السكان وبعض المنظمات الدولية.

من جهة أخرى، قال متحدث باسم هيئة المعابر في غزة لـ«رويترز»، اليوم، إن معبر رفح الحدودي بين القطاع ومصر مغلق من الجانب الفلسطيني بسبب وجود الدبابات الإسرائيلية.