عودة حذرة لمفاوضات «النووي» الإيراني

واشنطن: التوصل إلى اتفاق لا يزال «بعيد المنال» رغم التفاؤل الأوروبي

إنريكي مورا وعلي باقري في محادثات فيينا مارس الماضي (إ.ب.أ)
إنريكي مورا وعلي باقري في محادثات فيينا مارس الماضي (إ.ب.أ)
TT

عودة حذرة لمفاوضات «النووي» الإيراني

إنريكي مورا وعلي باقري في محادثات فيينا مارس الماضي (إ.ب.أ)
إنريكي مورا وعلي باقري في محادثات فيينا مارس الماضي (إ.ب.أ)

أعلن مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، أمس (الجمعة)، أنه يعتقد أن التقدم الذي تحقق خلال المشاورات بين مبعوثه والمسؤولين الإيرانيين في طهران مؤخراً، كان كافياً لإعادة إطلاق المفاوضات النووية بعد شهرين من وصولها إلى طريق مسدود، وذلك وسط تفاؤل حذر عبّر عنه دبلوماسيون غربيون. وأشار بوريل إلى نتيجة المحادثات التي تمت بين منسق الاتحاد الأوروبي للمفاوضات النووية الإيرانية إنريكي مورا، وكبير المفاوضين الإيرانيين علي باقري، لإعادة إطلاق اتفاق عام 2015 النووي.
من جانبها، رأت الولايات المتحدة أمس أن التوصل إلى تسوية مع إيران لإحياء الاتفاق حول برنامجها النووي يبقى «بعيد المنال» رغم التفاؤل الذي أبداه الاتحاد الأوروبي بعد زيارة مفاوضه لطهران. وأعرب متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية عن تقديره لزيارة المبعوث إنريكي مورا، لكنه أضاف: «ومع ذلك، فإن الاتفاق في هذه المرحلة ما زال غير مؤكد». وقال المتحدث: «على إيران أن تقرر ما إذا كانت تتمسك بشروط لا علاقة لها» بالنووي «أو ما إذا كانت تريد بلوغ اتفاق سريعاً».
وأضاف: «نحن وشركاؤنا لا نزال مستعدين منذ وقت غير قصير. الكرة في ملعب إيران».
ومن الجانب الأوروبي، قال بوريل أمس (الجمعة)، إنه «أُعيد فتح» المفاوضات بشأن إحياء الاتفاق النووي التي تشهد حالة من الجمود منذ عدة سنوات. وأضاف بوريل، على هامش اجتماعات وزراء خارجية قمة السبع في بلدة فانغلز الألمانية: «أقدّر هذه المحادثات في إيران بشكل إيجابي جداً، بعد أن كانت المفاوضات متوقفة منذ شهرين بسبب هذه الخلافات حول ما يجب فعله مع الحرس الثوري»، إذ كان من بين النقاط الشائكة الرئيسية مطالبة طهران بشطب الحرس الثوري من لائحة المنظمات الإرهابية الأميركية. وأكد بوريل أن «هناك احتمالاً للتوصل إلى اتفاق نهائي»، لكنه أضاف أن «هذا النوع من الأمور لا يمكن حله بين ليلة وضحاها، ولكن يمكننا القول إن الأمور كانت متوقفة وتمت حلحلتها». وتابع: «مضى الأمر بأفضل من المتوقع، توقفت المحادثات والآن أُعيد فتحها».
ولم يكشف مورا بعد عن تفاصيل نتائج لقاءاته في طهران، بينما قال وزير الخارجية الإيراني حسين أميرعبداللهيان إن زيارة مورا كانت «فرصة للتركيز على مبادرات حل الخلافات المتبقية. فثمة اتفاق جيد ويعوَّل عليه في متناول الأيدي إذا اتخذت الولايات المتحدة قراراً سياسياً وانصاعت لالتزاماتها». وزار مورا طهران خلال الأيام القليلة الماضية فيما وُصفت بأنها الفرصة الأخيرة لإنقاذ اتفاق 2015 الذي انسحبت منه الولايات المتحدة عام 2018 خلال رئاسة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب.
وحتى ولو استؤنفت المحادثات، فلن تعود الأطراف المتفاوضة إلى فيينا، وهو ما كانت قد أكدته مصادر دبلوماسية لـ«الشرق الأوسط» قبل زيارة مورا إلى طهران. وقالت المصادر حينها إن المشاورات لو عادت فهي ستتم عبر طرق أخرى من العواصم، وعبر الوسيط الأوروبي، لكن العودة إلى فيينا ستتم فقط في حال التوصل إلى اتفاق وستكون للتوقيع عليه عبر اجتماع يشارك فيه وزراء خارجية الدول المعنية بالاتفاق النووي مع إيران.
ولكنّ الشكوك ما زالت تحيط بمدى إمكانية إعادة إطلاق المحادثات فعلاً، خصوصاً أن وزير الخارجية الإيراني حسين أميرعبداللهيان سارع ليغرّد على «تويتر» بعد كلام بوريل، بقوله: «يمكن التوصل لنتيجة جيدة ومضمونة إذا التزمت الولايات المتحدة بتعهداتها»، مشيراً إلى أن «زيارة مورا ومحادثاته مع باقري كني كانت مناسبة جديدة للتركيز على المبادرات لحل المسائل المتبقية».
وتطرح تغريدة عبداللهيان شكوكاً حول «الإشارات الإيجابية» التي تحدث عنها بوريل أو «التنازلات» التي تعهدت بها إيران لمورا خصوصاً أن واشنطن متمسكة بعدم رفع اسم «الحرس الثوري» من لائحة العقوبات. وصنّفت إدارة ترمب «الحرس الثوري» إرهابياً بعد انسحابها من الاتفاق النووي، لكن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن ترفض رفع اسم «الحرس الثوري» عن لائحة الإرهاب لأن التصنيف لم يكن مرتبطاً بالملف النووي بل بملفات أخرى.
وقبل يومين، سُئل المتحدث باسم الخارجية الأميركية عمّا إذا كانت هناك رغبة لدى الإدارة الأميركية في العودة للاتفاق النووي، فردّ قائلاً: «نعم نحن نسعى لحل القضايا الخلافية المتبقية بهدف العودة للاتفاق، ولكن في الوقت نفسه نُعدّ لسيناريوهات من دون الاتفاق النووي». وتكرر الإدارة الأميركية منذ نهاية العام الماضي أن أمام إيران «أسابيع وليس أشهراً» للقبول بالمطروح أمامها والعودة للاتفاق، وأنه بعد ذلك لن يعود للاتفاق قيمة لأن برنامج إيران النووي سيكون قد تقدم بشكل كبير بحيث تصبح العودة للاتفاق غير مجدية.
وتجنبت واشنطن في الأشهر الماضية تمرير مشروع قرار داخل مجلس المحافظين في الوكالة الدولية للطاقة الذرية يُدين عدم تعاون إيران مع الوكالة وخرق التزاماتها، تفادياً لتصعيد الأزمة مع إيران وللسماح للمحادثات بأن تنتهي بشكل إيجابي. ورغم الإشارات المستمرة التي ترسلها إيران بعدم استعدادها للعودة للاتفاق من دون رفع كامل العقوبات التي فرضتها إدارة ترمب، بما فيها تلك غير المرتبطة بالاتفاق النووي، فإن الإدارة الأميركية ما زالت تتحدث عن «أمل» بالعودة للاتفاق.


مقالات ذات صلة

«الطاقة الذرية» تؤكد وضع كاميرات في إيران

شؤون إقليمية «الطاقة الذرية» تؤكد وضع كاميرات في إيران

«الطاقة الذرية» تؤكد وضع كاميرات في إيران

أكدت الوكالة الدولية للطاقة الذرية التقارير بشأن إعادة وضع كاميرات مراقبة في إيران، في سياق الاتفاق الأخير بين مدير الوكالة التابعة للأمم المتحدة والمنظمة الإيرانية للطاقة الذرية. وقال فريدريك دال، المتحدث باسم الوكالة الدولية للطاقة الذرية، في تصريح لوكالة الأنباء الألمانية، أمس، إن «العمل جار» دون تحديد عدد الكاميرات أو المواقع التي وصلتها الوكالة الدولية. وأفادت «جمعية الحد من التسلح» التي تراقب امتثال لدول لمعاهدة حظر الانتشار النووي ومقرها واشنطن، بأن الوكالة الدولية بدأت في إعادة تركيب كاميرات المراقبة في بعض منشآت إيران التي تقترب من عتبة الأسلحة النووية. وتوصل غروسي في طهران بداية مارس

«الشرق الأوسط» (فيينا)
شؤون إقليمية أنباء عن إعادة كاميرات المراقبة «الأممية» في منشآت نووية إيرانية

أنباء عن إعادة كاميرات المراقبة «الأممية» في منشآت نووية إيرانية

أفادت «جمعية الحد من التسلح» بأن الوكالة الدولية للطاقة الذرية بدأت في إعادة تركيب كاميرات المراقبة في بعض المنشآت النووية الإيرانية بموجب الاتفاق الأخير بين مدير الوكالة رافائيل غروسي، وإيران التي تقترب من عتبة الأسلحة النووية. وتوصل غروسي طهران في بداية مارس (آذار) إلى اتفاق مع المسؤولين الإيرانيين بشأن إعادة تشغيل كاميرات المراقبة في مواقع نووية عدة وزيادة عمليات التفتيش في منشأة فوردو. وتسبب الاتفاق في تفادي مجلس محافظي التابع للوكالة الدولية إصداراً جديداً يدين طهران بسبب عدم تجاوبها مع مطالب الوكالة الدولية للطاقة الذرية، خصوصاً تلك المتعقلة بالتحقيق في ثلاثة مواقع سرية، عثر فيها على آثا

«الشرق الأوسط» (فيينا)
شؤون إقليمية الكشف عن «فوردو»... أبرز تسريبات مسؤول أعدمته إيران بتهمة التجسس

الكشف عن «فوردو»... أبرز تسريبات مسؤول أعدمته إيران بتهمة التجسس

بعد نحو 5 أشهر على إعدام علي رضا أكبري، النائب السابق لوزير الدفاع الإيراني، على خلفية اتهامه بالتجسس لصالح بريطانيا، نقلت صحيفة «نيويورك تايمز» عن مصادر إسرائيلية وإيرانية أن المسؤول السابق «كان جاسوساً غير متوقع» بسبب ولائه الشديد للنظام، لكنه لعب دوراً رئيسياً في الكشف عن منشأة فوردو التي ضمت أنشطة سرية لإيران قبل أن تعترف طهران بوجود موقع تخصيب اليورانيوم الواقع تحت الأرض في عام 2009. وأعدم أكبري (62 عاماً)، الذي يحمل الجنسية البريطانية، فجر 14 يناير (كانون الثاني)، بعد ثلاثة أيام من تسريب قضية اعتقاله لوسائل الإعلام.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية موسكو تُحمل الغرب تعثر إحياء «الاتفاق النووي»

موسكو تُحمل الغرب تعثر إحياء «الاتفاق النووي»

حذر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أمس من ضياع فرص إحياء الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015، وحمّل الغرب مسؤولية تعثر المفاوضات. وقال لافروف خلال مؤتمر صحافي في نيويورك أمس: «سيكون من الخطأ الفادح تفويت فرصة استئناف خطة العمل الشاملة المشتركة بشأن برنامج إيران النووي»، وحمّل «تصرفات الغرب» المسؤولية إذ قال «في هذه المرحلة، لا يعتمد استئناف الاتفاق، على إيران أو روسيا أو الصين... الذين دمروه يجب عليهم إعادته إلى الحياة الآن». وانتقد لافروف «متطلبات جديدة لم يتم ذكرها في المسودة الأولى للاتفاق». وأضاف «لنفترض أنه تم التوصل إلى اتفاق لاستئنافه منذ فترة طويلة.

شؤون إقليمية عبداللهيان يتحدث عن «مبادرات» لاستئناف مفاوضات «النووي»

عبداللهيان يتحدث عن «مبادرات» لاستئناف مفاوضات «النووي»

أعلن وزير الخارجية الإيراني أمير حسين عبداللهيان، أمس أن بلاده تلقت أفكاراً بشأن مفاوضات إحياء الاتفاق النووي لعام 2015 عن إيران، معرباً عن امتنانه للدور البناء لسلطان عمان ونواياه الصادقة في هذا الصدد. وفي اليوم الثاني لزيارته إلى عمان التي اختتمها أمس متوجهاً إلى بيروت، قال عبداللهيان عقب لقائه مع نظيره العماني إن مسقط «تلعب دائماً دوراً بناء» في محادثات النووية، وأضاف «قد أجرينا المشاورات اللازمة في هذا الصدد». وفي وقت لاحق، نقلت وكالة الأنباء العمانية عن عبداللهيان القول إن سلطنة عُمان لديها «مبادرات جدية» فيما يخص الملف النووي الإيراني «ستسهم» في عودة المفاوضات. وذكرت وزارة الخارجية العما

ميرزا الخويلدي (مسقط)

تركيا: القبض على مطلوب متورط في هجوم إرهابي وقع عام 2013

جانب من الدمار الذي خلفه الهجوم المزدوج في ريحانلي عام 2013 (أرشيفية)
جانب من الدمار الذي خلفه الهجوم المزدوج في ريحانلي عام 2013 (أرشيفية)
TT

تركيا: القبض على مطلوب متورط في هجوم إرهابي وقع عام 2013

جانب من الدمار الذي خلفه الهجوم المزدوج في ريحانلي عام 2013 (أرشيفية)
جانب من الدمار الذي خلفه الهجوم المزدوج في ريحانلي عام 2013 (أرشيفية)

ألقت السلطات التركية القبضَ على أحد المسؤولين عن التفجير الإرهابي المزدوج، بسيارتين ملغومتين، الذي وقع في بلدة ريحانلي (الريحانية)، التابعة لولاية هطاي بجنوب تركيا، في 11 مايو (أيار) 2013 وخلّف 53 قتيلاً.

وذكرت ولاية هطاي، في بيان، أنَّه «تمَّ القبض على الإرهابي المطلوب على النشرة الحمراء للإرهاب بوزارة الداخلية التركية، جنجيز سرتل، بالتنسيق بين جهازَي المخابرات والأمن».

ولفت البيان إلى أن «التحريات أظهرت أن سيرتل تولى الإشراف على نقل المتفجرات المستخدَمة في هجوم ريحانلي، من سوريا إلى تركيا».

صورة موزعة من مديرية أمن هطاي للمتهم في هجوم ريحانلي جنجيز سرتل (إعلام تركي)

وفي 30 يونيو (حزيران) 2022، جلبت أجهزة الأمن التركية الإرهابي، محمد غزر، الذي يُعتقد بأنَّه العقل المدبر لهجوم ريحانلي، من أميركا، بالتعاون مع الإنتربول الدولي، في ضوء اعترافات أدلى بها مُخطِّط الهجوم، يوسف نازك، بتلقيه التعليمات من غزر، الذي كان مسجوناً في أميركا بتهمة الاتجار بالمخدرات.

ويستمرّ ضبط المتورطين في الهجوم الإرهابي المزدوج الذي حمّلته السلطات التركية لعناصر موالية لنظام بشار الأسد السابق في سوريا، على الرغم من إعلان المحكمة الجنائية العليا في أنقرة عام 2018 قراراتها ضد المتهمين بتنفيذ الهجوم.

وحوكم في القضية 33 متهماً، حُكم على 9 منهم بالسجن المؤبد المشدد 53 مرة لكل منهم، والحكم على 13 متهماً بالسجن فترات تتراوح من 15 إلى 22 سنة و6 أشهر، في حين حصل 3 على أحكام بالبراءة.

وواجه المتورطون في التفجيرات اتهامات «الإخلال بوحدة الدولة وسلامة البلاد».

وتعرَّضت بلدة ريحانلي، التي يقطنها آلاف السوريين الذين فروا من سوريا عقب اندلاع الحرب الأهلية في 2011 إلى جانب أغلبية من العلويين الأتراك في 11 مايو 2013، لتفجير مزدوج بسيارتين أسفر عن سقوط 53 قتيلاً، واتهمت السلطات التركية عناصر موالية لنظام بشار الأسد بتنفيذه.

والبلدة هي من أقرب نقاط التماس مع محافظة حلب في سوريا على الحدود التركية، وتحوَّلت إلى بؤرة ملتهبة بعدما دعمت تركيا فصائل المعارضة المسلحة ضد نظام الأسد.

وشهدت البلدة، في 5 يوليو (تموز) 2019 هجوماً آخر بسيارة مفخخة أدى إلى مقتل ما لا يقل عن 3 سوريين داخل سيارة كانوا يستقلونها في البلدة.