روسيا تسقط مسيّرات أوكرانية… وترفض {مواعيد مصطنعة} لإنهاء الحرب

تباين بين موسكو وكييف حول الوضع في ماريوبول

أوكرانيات في حالة صدمة بعد إجلائهن من قرية استعادتها القوات الأوكرانية قرب خاركيف أمس (رويترز)
أوكرانيات في حالة صدمة بعد إجلائهن من قرية استعادتها القوات الأوكرانية قرب خاركيف أمس (رويترز)
TT

روسيا تسقط مسيّرات أوكرانية… وترفض {مواعيد مصطنعة} لإنهاء الحرب

أوكرانيات في حالة صدمة بعد إجلائهن من قرية استعادتها القوات الأوكرانية قرب خاركيف أمس (رويترز)
أوكرانيات في حالة صدمة بعد إجلائهن من قرية استعادتها القوات الأوكرانية قرب خاركيف أمس (رويترز)

بدا أمس أن التشديد الروسي على إعطاء الحرب الحالية في أوكرانيا طابعاً مماثلاً للحرب على النازية في الماضي، أثار سجالات واسعة؛ خصوصاً بعدما عمد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف لإجراء مقارنة بين الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي والزعيم النازي أدولف هتلر؛ عبر الإشارة إلى أن الرجلين لهما «جذور يهودية».
وكان لافروف يتحدث في مقابلة صحافية، وسئل عن الوصف الروسي لهدف «اقتلاع النازية»، على الرغم من أن رئيسها يهودي، فقال إن ذلك لا يقوض الهدف الذي أعلنه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين؛ مشيراً إلى أن «زيلينسكي قد يكون يهودياً بالفعل، ولكن أدولف هتلر كان لديه أيضاً دم يهودي».
وأوضح لافروف متحدثاً إلى الصحيفة عبر مترجم: «أعتقد أن هتلر أيضاً له أصول يهودية، لذا فهذا لا يعني شيئا (...) منذ فترة طويلة ونحن نسمع حكماء من اليهود يقولون إن أكبر معادٍ للسامية هم اليهود أنفسهم». وأثارت العبارات استياء في إسرائيل، أسفر عن استدعاء السفير الروسي وتسليمه مذكرة احتجاج.
إلى ذلك، نفى لافروف صحة معطيات متداولة عن توجه موسكو لإعلان انتهاء الحرب في أوكرانيا بحلول التاسع من مايو (أيار) الحالي الذي يصادف ذكرى النصر على النازية. وقال الوزير، إن القوات الروسية «لن ترهن مهامها في أوكرانيا بشكل مصطنع بأي تاريخ محدد»، مضيفاً أن «العملية سوف تتواصل حتى تحقيق النتيجة المرتبطة بتحقيق الأهداف التي تم الإعلان عنها».
وزاد: «إن احتفالات النصر التي تصادف التاسع من مايو تقليد راسخ منذ فترة الاتحاد السوفياتي... وفي هذه الحالة، نركز أعمالنا في أوكرانيا حصرياً على المهام التي ذكرتها، وهي حماية وأمن السكان المدنيين، وألا تكون هناك تهديدات على أراضي أوكرانيا؛ سواء بالنسبة لهم (السكان) أو لروسيا».
وأشار في هذا السياق إلى أن الغرب يحاول التقليل من خطورة «تهديدات النازية» في أوكرانيا، مؤكداً أن الجيش الروسي لن يقوم بضبط مهامه بشكل مصطنع بأي تاريخ، بما في ذلك يوم النصر.
وأوضح لافروف: «سنحتفل بيوم النصر رسمياً كما نفعل دائماً. نتذكر أولئك الذين سقطوا من أجل تحرير روسيا وجمهوريات الاتحاد السوفياتي الأخرى، من أجل تحرير أوروبا من الطاعون النازي».
وتطرق لافروف إلى معركة ماريوبول؛ مشيراً إلى أن سلطات كييف تريد إخراج المسلحين من مصنع «آزوفستال»؛ لأنهم «دليل على وجود مرتزقة وضباط من جيوش دول غربية في أوكرانيا». وقال لافروف في حوار مع قناة «ميدياست» التلفزيونية الإيطالية: «موقف المواجهة في مصنع (آزوفستال) في ماريوبول، والرغبة العنيدة وحتى الهستيرية لـ(الرئيس الأوكراني فلاديمير) زيلينسكي وفريقه وأسياده الغربيين في إخراج كل هؤلاء الناس من هناك وإرسالهم إلى أوكرانيا، يرجع إلى حقيقة أن هناك عديداً من الشخصيات التي تؤكد وجود مرتزقة، ربما يكونون ضباطاً بالوكالة في الجيوش الغربية إلى جانب الراديكاليين الأوكرانيين».
وأكد أنه «ليس لدى روسيا أي خطط لتغيير نظام كييف، والولايات المتحدة وحدها تسعى لتغيير الأنظمة». وتابع لافروف: «زيلينسكي يستطيع تحقيق السلام في أوكرانيا إذا أمر القوات الأوكرانية بالتوقف عن القتال، وإطلاق سراح المدنيين». وقال أيضاً: «كييف تريد الحصول على ضمانات أمنية من الغرب، مع أن الضمانات يجب أن تتوافق مع الجميع بما فيهم روسيا».
وشدد الوزير على أن «روسيا اضطرت لتطوير أسلحة فرط صوتية؛ لأنها تدرك أن منظومة الدفاع الصاروخي الأميركية قد تُوجه ضدها»؛ مشيراً إلى أن «بلاده لن توقف أبداً جهودها لمنع اندلاع حرب نووية».
إلى ذلك، تباينت المعطيات الروسية والأوكرانية حول الوضع في مدينة ماريوبول جنوب أوكرانيا. وفي مقابل تأكيد الجانب الأوكراني استئناف قصف المنطقة التي يتحصن فيها الجنود في مجمع «آزوفستال» بعد إجلاء عشرات الأشخاص خلال الساعات الـ24 الأخيرة منها، أكدت موسكو أنها سهلت عمليات إجلاء النساء والأطفال الذين «كانوا محتجزين كرهائن» لدى الكتائب القومية.
وأكدت وزارة الدفاع أن وحدات الجيش الروسي وشرطة جمهورية دونيتسك التي تحاصر المصنع أنشأت ممراً إنسانياً؛ بغية تأمين عملية إجلاء المدنيين، وكانت تعمل على ضمان «نظام التهدئة».
ونُقل المدنيون الذين تم إجلاؤهم إلى قرية بيزيمينويه في دونيتسك، بينما أكدت الوزارة أن القوات الروسية سلمت إلى ممثلين عن الأمم المتحدة، واللجنة الدولية لـ«الصليب الأحمر» المدنيين الراغبين في التوجه إلى الأراضي الخاضعة لسيطرة حكومة كييف.
وشهدت ماريوبول، أكبر مدينة مطلة على بحر آزوف، منذ بدء العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، معارك شرسة تمكنت خلالها قوات روسيا وجمهورية دونيتسك الشعبية من السيطرة على عموم المدينة، باستثناء «آزوفستال». وتعاني المدينة وفقاً لتقارير دولية من أوضاع إنسانية كارثية.
في غضون ذلك، أعلنت موسكو أمس، أنه تم رفع العلم الروسي بالقرب من مبنى اللجنة التنفيذية المحلية في قرية تشيرنوبيفكا التي يقع فيها مطار خيرسون الدولي. وأزالت قوات الأمن الروسية اللافتات الأوكرانية من مبنى الإدارة المحلية في المدينة التي سيطرت عليها بشكل كامل في بداية الحرب.
ووفقاً لسكان تشيرنوبيفكا، فر الرئيس السابق لإدارة القرية، إيغور دودار، إلى الأراضي التي تسيطر عليها أوكرانيا. وشكلت القوات الروسية بعد سيطرتها على إقليم خيرسون إدارة عسكرية- مدنية، وأطلقت بث القنوات التلفزيونية والإذاعية الروسية. ومنذ مطلع مايو، بدأ الانتقال في المنطقة إلى استخدام الروبل.
إلى ذلك، أعلنت وزارة الدفاع الروسية أن الدفاعات الجوية الروسية أسقطت مقاتلة «ميغ 29» و10 مُسيَّرات أوكرانية وصاروخين من طراز «توتشكا يو»، وتم تدمير 38 منشأة عسكرية أوكرانية، ومعاقل ومستودعات ذخيرة، خلال الساعات الـ24 الأخيرة.
وجاء في الإيجاز اليومي للوزارة أن بين المراكز المدمرة: مراكز قيادة، ومعاقل عسكرية، ومناطق تمركز المسلحين، وثلاثة مستودعات للأسلحة الصاروخية والمدفعية في مناطق بيرفومايسكويه وإليتشيفكا.
كما دمرت وحدات المدفعية الروسية مستودعات للذخيرة والأسلحة والمعدات العسكرية الأوكرانية، وتم استهداف مراكز تجمع عسكرية، وتصفية عشرات المسلحين.


مقالات ذات صلة

«الناتو»: مليون قتيل وجريح في أوكرانيا منذ بدء الحرب

أوروبا من جنازة جندي أوكراني توفي خلال الحرب مع روسيا (أ.ف.ب)

«الناتو»: مليون قتيل وجريح في أوكرانيا منذ بدء الحرب

أعرب حلف شمال الأطلسي (الناتو) عن اعتقاده بأن أكثر من مليون شخص سقطوا بين قتيل وجريح في أوكرانيا منذ شنّت روسيا غزوها الشامل في فبراير (شباط) 2022.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا أظهرت الأقمار الاصطناعية أضراراً بمطار عسكري روسي في شبه جزيرة القرم جراء استهداف أوكراني يوم 16 مايو 2024 (أرشيفية - رويترز)

روسيا تتهم أوكرانيا بقصف مطار عسكري بصواريخ أميركية... وتتوعد بالرد

اتهمت روسيا أوكرانيا باستخدام صواريخ بعيدة المدى أميركية الصنع لقصف مطار عسكري، اليوم (الأربعاء)، متوعدة كييف بأنها ستردّ على ذلك عبر «إجراءات مناسبة».

«الشرق الأوسط» (موسكو)
الولايات المتحدة​ رجال إنقاذ يعملون في موقع تعرض فيه مبنى لأضرار جسيمة بسبب ضربة صاروخية روسية أمس وسط هجوم روسيا على أوكرانيا في زابوريجيا11 ديسمبر 2024 (رويترز) play-circle 02:00

أميركا تحذّر روسيا من استخدام صاروخ جديد «مدمر» ضد أوكرانيا

قال مسؤول أميركي إن تقييماً استخباراتياً أميركياً، خلص إلى أن روسيا قد تستخدم صاروخها الباليستي الجديد المتوسط ​​المدى مدمر ضد أوكرانيا مرة أخرى قريباً.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الرئيس الأوكراني زيلينسكي خلال لقائه ترمب في نيويورك الأسبوع الماضي (أ.ب)

ماسك ونجل ترمب يتفاعلان مع صورة تقارن زيلينسكي ببطل فيلم «وحدي في المنزل»

تفاعل الملياردير الأميركي إيلون ماسك ودونالد ترمب جونيور، نجل الرئيس المنتخب دونالد ترمب، مع صورة متداولة على منصة «إكس»

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا ألسنة لهب كثيفة تتصاعد من مبنى مدمر وسيارة محترقة في منطقة زابوريجيا الأوكرانية نتيجة قصف روسي (خدمة الطوارئ الأوكرانية- أ.ف.ب)

4 قتلى و19 جريحاً بضربة روسية على زابوريجيا الأوكرانية

قُتل 4 أشخاص على الأقل وأُصيب 19، الثلاثاء، في ضربة صاروخية روسية «دمَّرت» عيادة خاصة في مدينة زابوريجيا جنوب أوكرانيا، في حصيلة مرشحة للارتفاع.


روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».