بري يدعو إلى جعل القضاء سلطة «فوق الكيدية»

رئيس «القوات اللبنانية» يتهم باسيل بـ«غش» الناخبين

رئيس مجلس النواب نبيه بري (الوكالة الوطنية)
رئيس مجلس النواب نبيه بري (الوكالة الوطنية)
TT

بري يدعو إلى جعل القضاء سلطة «فوق الكيدية»

رئيس مجلس النواب نبيه بري (الوكالة الوطنية)
رئيس مجلس النواب نبيه بري (الوكالة الوطنية)

انتقد رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري، أداء القضاء اللبناني بشكل غير مباشر، حيث دعا المغتربين اللبنانيين للاقتراع في الأسبوع المقبل لـ«استقلالية القضاء وإصلاحه وجعله سلطة فوق الكيدية وبمنأى عن التدخلات السياسية».
وقال رئيس مجلس النواب في رسالة وجهها إلى المغتربين اللبنانيين الذين يقترعون يومي الجمعة والأحد المقبلين في دول الاغتراب، «كلنا ثقة بأنكم في هذا الاستحقاق، وكما كنتم على الدوام، سوف تستحضرون المناعة الوطنية في مواجهة خطاب التحريض والتشويه الذي استهدف المشروع الذي منحتموه الثقة على مدى السنوات والدورات الانتخابية السابقة».
وأضاف: «ليكن اقتراعكم في السادس والثامن من مايو (أيار) للثوابت الوطنية وليس للوعود الانتخابية، وليكن اقتراعكم للوحدة وليس للشرذمة»، مشدداً على «ضرورة أن يكون الاقتراع للبنان العربي الهوية والانتماء، لبنان الملتزم بأفضل العلاقات مع أشقائه العرب كل العرب، من المحيط إلى الخليج، ومع أصدقائه في كل العالم».
وتابع: «ليكن اقتراعكم لمن يؤمن بالحوار سبيلاً لمقاربة كافة القضايا الخلافية تحت سقف الدستور وحماية السلم الأهلي، وليكن اقتراعكم لاستقلالية القضاء وإصلاحه وجعله سلطة فوق الكيدية وبمنأى عن التدخلات السياسية، سلطة قادرة على إحقاق الحق وإرساء قواعد العدل وفقاً لمنطق الدستور والقانون».
وطالب بري المغتربين بـ«الاقتراع لحوار صريح وشفاف تحت قبة البرلمان لإقرار خطة للتعافي الاقتصادي تكرس حقوق المودعين كل المودعين كاملة كحق مقدس غير خاضع للتفريط به تحت أي عنوان من العناوين». كما دعاهم إلى «الاقتراع للبنان الدولة المدنية وإقرار قانون انتخابي خارج القيد الطائفي على أساس النسبية وفقاً للدوائر الموسعة ومجلس للشيوخ تمثل فيه كل الطوائف بعدالة، وتخفيض سن الاقتراع حتى 18 سنة، وإقرار الكوتا النسائية، وإنشاء وزارتين للمغتربين والتخطيط».
وأضاف بري: «ليكن اقتراعكم لصون عناوين قوة لبنان جيشاً وشعباً ومقاومة من أجل كبح عدوانية إسرائيل واستثمار كل ثروات لبنان في البحر دون أي انتقاص أو تفريط بالحقوق السيادية، ورفض أي من أشكال التطبيع، ولرفض التوطين ودعماً لإعادة النازحين». وقال بري إن «تلك ثوابت لوائح الأمل والوفاء»، وهي القوائم التي أعدها في الانتخابات مع حلفائه ويدعو الناخبين للاقتراع لها.
وتفتح صناديق الاقتراع للمغتربين يوم الجمعة المقبل في 6 مايو (أيار) يليله يوم انتخاب في دول أخرى في 8 مايو، أي الأحد المقبل. وتأتي بموازاة كباش انتخابي وحملات تنافس، كان أبرزها بين «التيار الوطني الحر» و«القوات اللبنانية».
- جعجع - باسيل
ورأى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، أن رئيس التيار النائب جبران باسيل «يسعى في خطاباته إلى تحريض الناس بعضها على بعض بدل الحديث عن الإنماء والمشاريع». وقال إن «استقبال أهالي رحبة (في عكار أقصى شمال لبنان) له يظهر أن المشكلة تكمن فيه كرئيس التيار وفي تياره أيضاً»، في إشارة إلى التوترات التي اندلعت في بلدة رحبة احتجاجاً على زيارة باسيل أول من أمس.
وتطرق إلى وزارات تسلمها وزراء من التيار في وزارة الطاقة والخارجية في وقت سابق، وقال إن «الأخيرة تسعى إلى عرقلة انتخابات المغتربين، وتخفيض نسب اقتراعهم لأنها تدرك جيداً أن معظمهم ضاق ذرعاً من هذه المنظومة ولن يصوت لها». واتهم باسيل بـ«غش» الناخبين، قائلاً: «من يردد عبارة (ما خلونا)، طيلة السنوات الأربع الماضية وينق ويصف من (ما خلوه) بالفاسدين والبلطجية، وفي الوقت عينه يتحالف معهم من جديد في كل لبنان، ما يدل على غشه وكذبه المتكرر والذي أوصلنا إلى هذا الانهيار».
وفي سياق الحملات الانتخابية، قال النائب عن «حزب الله» حسن فضل الله، خلال حوار شعبي في الجنوب، «إن الذين وضعوا استهداف المقاومة كشعار لمعركتهم الانتخابية يغشون اللبنانيين حول حقيقة الأزمة في لبنان، فغالبيتهم كانوا في السلطة وتحكموا بمقدرات البلد وتسببوا بمعاناة الناس، ويحاولون اليوم أن يرموا المسؤولية على غيرهم»، في إشارة إلى «القوات» و«الحزب التقدمي الاشتراكي» و«الكتائب» وبعض الشخصيات السيادية المعارضة للحزب.



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.